الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَرْأَةُ إذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا» يَعْنِي زَانِيَةَ. وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ» . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَصَحَّ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ لَا يَضُرُّ: «أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ بِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَرِيحُهَا يَعْصِفُ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ تُرِيدِينَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ؟ قَالَتْ إلَى الْمَسْجِدِ؛ قَالَ وَتَطَيَّبْت لَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَارْجِعِي فَاغْتَسِلِي فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ إلَى الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ وَرِيحُهَا يَعْصِفُ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ» . وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ إنْ صَحَّ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ صَحَّ عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَنَفْيِ قَبُولِ صَلَاتِهَا إنْ صَلَّتْ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْغُسْلِ بَلْ إذْهَابُ رَائِحَتِهَا. وَابْنُ مَاجَهْ:«بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ تَرْفُلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمْ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرْنَ فِي الْمَسْجِدِ» . تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ لِيُوَافِقَ قَوَاعِدَنَا عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَتْ الْفِتْنَةُ، أَمَّا مَعَ مُجَرَّدِ خَشْيَتِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مَعَ ظَنِّهَا فَهُوَ حَرَامٌ غَيْرُ كَبِيرَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
[الْكَبِيرَةُ الثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نُشُوزُ الْمَرْأَةِ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: نُشُوزُ الْمَرْأَةِ بِنَحْوِ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَرِضَاهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَاسْتِفْتَاءٍ لَمْ يَكْفِهَا إيَّاهُ أَوْ خَشْيَةٍ كَأَنْ خَشِيَتْ فَجَرَةً أَوْ نَحْوَ انْهِدَامِ مَنْزِلِهَا) . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34] لَمَّا تَكَلَّمَ النِّسَاءُ
فِي تَفْضِيلِ الرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَأُجِبْنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] إلَخْ. بَيَّنَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا فَضَلَّهُمْ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَوَّامُونَ عَلَيْهِنَّ، فَالْجَمِيعُ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي التَّمَتُّعِ لَكِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَ الرِّجَالَ بِالْقِيَامِ عَلَى النِّسَاءِ بِإِصْلَاحِهِنَّ وَتَأْدِيبِهِنَّ وَدَفْعِ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ إلَيْهِنَّ. إذْ الْقَوَّامُ الْأَبْلَغُ مِنْ الْقَيِّمِ هُوَ الْقَائِمُ بِأَتَمِّ الْمَصَالِحِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّأْدِيبِ وَالِاهْتِمَامِ بِالْحِفْظِ وَالتَّوَقِّي مِنْ الْآفَاتِ، نَزَلَتْ فِي «سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ أَحَدِ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ، نَشَزَتْ زَوْجَتُهُ فَلَطَمَهَا فَجَاءَ بِهَا أَبُوهَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: افْتَرَشَتْهُ كَرِيمَتِي فَلَطَمَهَا وَإِنَّ أَثَرَ اللَّطْمَةِ بِوَجْهِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اقْتَصِّي مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: اصْبِرِي حَتَّى انْتَظَرَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَرَدْنَا أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَمْرًا وَاَلَّذِي أَرَادَ اللَّهُ خَيْرٌ» ، فَعُلِمَ أَنَّ فِي الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَدِّبُ زَوْجَتَهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسِيءَ عِشْرَتَهَا كَمَا أَفْهَم ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {قَوَّامُونَ} [النساء: 34] .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ قِوَامِيَّتِهِ بِانْتِفَاءِ إنْفَاقِهِ لِإِعْسَارِهِ، وَإِذَا انْتَفَتْ قِوَامِيَّتُهُ عَلَيْهَا فَلَهَا فَسْخُ الْعَقْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنهم لِزَوَالِ الْمَقْصُودِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ النِّكَاحُ، وقَوْله تَعَالَى:{فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظُ الْقُنُوتِ يُفِيدُ الطَّاعَةَ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَلِلْأَزْوَاجِ بِطَوَاعِيَتِهِمْ فِي حُضُورِهِمْ وَحِفْظِهِمْ عِنْدَ غَيْبَتِهِمْ فِي مَالِهِمْ وَمَنْزِلِهِمْ وَأَبْضَاعِهِنَّ عَنْ الزِّنَا لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِهِ الْعَارُ أَوْ وَلَدُ غَيْرِهِ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، إنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ» ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ". ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - الصَّالِحَاتِ وَبَيَّنَهُنَّ بِذِكْرِ وَصْفَيْ الْقُنُوتِ وَالْحِفْظِ الشَّامِلَيْنِ لِكُلِّ كَمَالٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ وَالدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَإِلَى الزَّوْجِ ذَكَرَ وَصْفَ غَيْرِ الصَّالِحَاتِ بِقَوْلِهِ:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] وَالْخَوْفُ حَالَةٌ تَحْصُلُ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ حُدُوثِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: دَلَالَةٌ تَكُونُ بِالْقَوْلِ كَأَنْ كَانَتْ تُلَبِّيهِ إذَا دَعَاهَا وَتَخْضَعُ لَهُ بِالْقَوْلِ إذَا خَاطَبَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ، وَبِالْفِعْلِ كَأَنْ كَانَتْ تَقُومُ لَهُ إذَا دَخَلَ إلَيْهَا وَتُسَارِعُ إلَى أَمْرِهِ وَتُبَادِرُ إلَى فِرَاشِهِ بِاسْتِبْشَارٍ إذَا لَمَسَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ فَهَذِهِ مُقَدِّمَاتٌ تُوجِبُ
خَوْفَ النُّشُوزِ؛ فَأَمَّا حَقِيقَةُ النُّشُوزِ فَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَمُخَالَفَةٌ، مِنْ نَشَزَ إذَا ارْتَفَعَ فَكَأَنَّهَا بِهِ تَرَفَّعَتْ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ أَنْ لَا تَتَعَطَّرَ لَهُ وَتَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَتَتَغَيَّرَ عَمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهُ مِنْ الطَّوَاعِيَةِ، وَالْوَعْظِ التَّخْوِيفِ بِالْعَوَاقِبِ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ فِي حَقِّي الْوَاجِبِ عَلَيْك وَاخْشِ سَطْوَةَ انْتِقَامِهِ، وَلَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا فِي الْمَضْجَعِ بِأَنْ يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ فِي الْفِرَاشِ وَلَا يُكَلِّمُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْ يَعْتَزِلُ عَنْهَا فِي فِرَاشٍ آخَرَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ، وَالثَّانِي أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إنْ أَحَبَّتْهُ شَقَّ عَلَيْهَا هَجْرُهُ فَتَرْجِعُ عَنْ النُّشُوزِ أَوْ كَرِهَتْهُ فَقَدْ وَافَقَ غَرَضَهَا فَيَتَحَقَّقُ نُشُوزُهَا حِينَئِذٍ.
وَقِيلَ اُهْجُرُوهُنَّ مِنْ الْهَجْرِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ الْقَبِيحُ مِنْ الْقَوْلِ، أَيْ أَغْلِظُوا عَلَيْهِنَّ فِي الْقَوْلِ وَضَاجِرُوهُنَّ لِلْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ شِدُّوهُنَّ وِثَاقًا فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ هَجَرَ الْبَعِيرَ أَيْ رَبَطَهُ بِالْهِجَارِ وَهُوَ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالشُّذُوذِ وَإِنْ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَهَا مِنْ هَفْوَةِ عَالِمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَكِنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ امْرَأَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنهم.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْهَجْرُ غَايَتُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ شَهْرٌ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَسَرَّ إلَى حَفْصَةَ حَدِيثًا أَيْ تَحْرِيمَ مَارِيَةَ أَمَتِهِ النَّازِلُ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] فَأَفْشَتْهُ إلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها. اهـ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ عُلَمَاءَ مَذْهَبِهِ. أَمَّا عُلَمَاؤُنَا فَعِنْدَهُ مَا أَنَّهُ لَا غَايَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لِحَاجَةِ صَلَاحِهَا، فَمَتَى لَمْ تَصْلُحْ تُهْجَرُ، وَإِنْ بَلَغَ سِنِينَ وَمَتَى صَلُحَتْ فَلَا هَجْرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: 34] وَ (فِي) إمَّا ظَرْفٌ عَلَى بَابِهِ مُتَعَلِّقٌ بِاهْجُرُوهُنَّ: أَيْ اُتْرُكُوا مُضَاجَعَتَهُنَّ أَيْ النَّوْمَ مَعَهُنَّ، أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ اُهْجُرُوهُنَّ مِنْ أَجْلِ تَخَلُّفِهِنَّ عَنْ الْمُضَاجَعَةِ مَعَكُمْ، قِيلَ: وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ فِي الْمَضَاجِعِ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْهَجْرِ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ. اهـ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الظَّرْفِيَّةُ هُنَا صَحِيحَةٌ، وَالْهَجْرُ وَاقِعٌ فِيهَا، وَقِيلَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِنُشُوزِهِنَّ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا مَعْنًى؛ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ النُّشُوزِ عَلَى الْعِصْيَانِ فِي الْمَضْجَعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَلَا صِنَاعَةَ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَقِيلَ
يُقَدَّرُ مَحْذُوفٌ بَعْدَ نُشُوزِهِنَّ: أَيْ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ وَنَشَزْنَ وَإِنَّمَا يَفِرُّ لِذَلِكَ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْوَعْظِ وَالْهَجْرِ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَمَذْهَبُنَا خِلَافُهُ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْخَوْفَ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَقِيلَ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ وَاضْرِبُوهُنَّ أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَا شَائِنٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مِثْلُ اللَّكْزَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ ضَرْبٌ بِالسِّوَاكِ. وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ وَلَا تَضْرِبْ إلَّا فِي الْبَيْتِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَكُونُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهَا أَقَلُّ حُدُودِ الْحُرِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ دُونَ الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ كَامِلٌ فِي حَقِّ الْقِنِّ وَيُفَرِّقُهَا عَلَى بَدَنِهَا وَلَا يُوَالِيهِ فِي مَوْضِعٍ لِئَلَّا يَعْظُمَ ضَرَرُهُ وَيَتَّقِي الْوَجْهَ وَالْمَقَاتِلَ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَكُونُ بِمِنْدِيلٍ مَلْوِيٍّ أَوْ بِيَدِهِ لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِعَصًا، وَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ عَطَاءٍ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَالتَّخْفِيفُ يُرَاعَى فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: تَرْكُ الضَّرْبِ بِالْكُلِّيَّةِ أَفْضَلُ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ هَلْ هِيَ عَلَى التَّرْتِيبِ أَمْ لَا؟ قَالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: يَعِظُهَا بِلِسَانِهِ فَإِنْ أَبَتْ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ فَإِنْ أَبَتْ ضَرَبَهَا فَإِنْ لَمْ تَتَّعِظْ بِالضَّرْبِ بَعَثَ الْحَكَمَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا التَّرْتِيبُ مُرَاعًى عِنْدَ خَوْفِ النُّشُوزِ، أَمَّا عِنْدَ تَحَقُّقِهِ فَلَا بَأْسَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُلِّ، وَمَعْنَى " لَا تَبْغُوا " أَيْ لَا تَطْلُبُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَيْ لَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَحَبَّتَكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِنَّ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُهُ بِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ لَا تَطْلُبُوا مِنْهُنَّ مَا لَا يَلْزَمُهُنَّ شَرْعًا بَلْ اُتْرُكُوهُنَّ إلَى خِيرَتِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ جُبِلْنَ طَبْعًا عَلَى التَّبَرُّعِ بِكَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْخِدْمَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُنَّ، وَخَتَمَ الْآيَةَ بِذَيْنِك الِاسْمَيْنِ فِي تَمَامِ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّهُ - تَعَالَى - مَعَ عُلُوِّهِ وَكِبْرِيَائِهِ لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ مَا لَا يُطِيقُونَهُ إذْ لَا يُؤَاخَذُ الْعَاصِي إذَا تَابَ فَأَنْتُمْ أَوْلَى أَنْ لَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَا لَا يُطِقْنَ وَأَنْ تَقْبَلُوا تَوْبَتَهُنَّ عَنْ نُشُوزِهِنَّ.
وَقِيلَ: إنَّهُنَّ إنْ ضَعُفْنَ عَنْ دَفْعِ ظُلْمِكُمْ فَاَللَّهُ عَلِيٌّ كَبِيرٌ قَادِرٌ يَنْتَصِفُ لَهُنَّ مِنْكُمْ. وَمَرَّ آنِفًا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى بَعْضِ صُوَرِ النُّشُوزِ، وَيُقَاسُ بِهِ بَاقِيهَا، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ:«إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا وَلِلنَّسَائِيِّ: «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» . وَفِي
رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى إلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ - أَيْ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ - سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا زَوْجُهَا» . وَمَرَّتْ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ الَّتِي يَسْخَطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا لَا تُقْبَلُ صَلَاتُهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا. وَجَاءَ عَنْ «الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَوَّلُ مَا تُسْأَلُ الْمَرْأَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ صَلَاتِهَا وَعَنْ بَعْلِهَا» . وَمَرَّ فِي خَبَرٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ.
وَمَحَلُّهُ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ أَوْ فَرْضٍ مُوَسَّعٌ فَلَا تَصُومُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ بِالْبَلْدَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ وَهُوَ عِنْدَ ضَرَّتِهَا يَوْمَهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِي الْمَجِيءِ إلَى عِنْدَهَا لِلتَّمَتُّعِ بِهَا حَتَّى يَأْذَنَ لَهَا أَوْ تَعْلَمَ رِضَاهُ،؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا فَيَمْتَنِعُ مِنْهُ لِأَجْلِ صَوْمِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَإِفْسَادُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ. وَمَرَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَمَرَ أَحَدًا بِالسُّجُودِ لِأَحَدٍ لَأَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا» . «وَذَكَرَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّهُ جَنَّتُك وَنَارُك» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَمَرَّ خَبَرُ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» . وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ؟ فَإِنِّي امْرَأَةٌ أَيِّمٌ فَإِنْ اسْتَطَعْت وَإِلَّا جَلَسْت أَيِّمًا؟ قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ إنْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ أَنْ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا، وَمِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ لَا تَصُومَ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ جَاعَتْ وَعَطِشَتْ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْجِعَ» ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ وُجُوبًا مُتَأَكَّدًا عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَحَرَّى رِضَا زَوْجِهَا وَتَجْتَنِبَ سَخَطَهُ مَا أَمْكَنَ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَوَطْءِ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله.
وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهَا كَالْمَمْلُوكِ لِلزَّوْجِ فَلَا تَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، بَلَى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إنَّهَا لَا تَتَصَرَّفُ أَيْضًا فِي مَالِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ كَالْمَحْجُورَةِ لَهُ، وَيَلْزَمُهَا أَنْ تُقَدِّمَ حُقُوقَهُ عَلَى حُقُوقِ أَقَارِبِهَا بَلْ وَعَلَى حُقُوقِ نَفْسِهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَأَنْ تَكُونَ مُسْتَعِدَّةً لِتَمَتُّعِهِ بِهَا بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ النَّظَافَةِ، وَلَا تَفْتَخِرُ عَلَيْهِ بِجَمَالِهَا وَلَا تَعِيبُهُ بِقَبِيحٍ فِيهِ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: " دَخَلْت الْبَادِيَةَ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ لَهَا بَعْلٌ قَبِيحٌ، فَقُلْت لَهَا كَيْفَ تَرْضِينَ لِنَفْسِك أَنْ تَكُونِي تَحْتَ هَذَا؟ قَالَتْ اسْمَعْ يَا هَذَا: لَعَلَّهُ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِقِهِ فَجَعَلَنِي ثَوَابَهُ، وَلَعَلِّي أَسَأْت فَجَعَلَهُ عُقُوبَتِي ".
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَوْ تَعْلَمْنَ بِحَقِّ أَزْوَاجِكُنَّ عَلَيْكُنَّ لَجَعَلَتْ الْمَرْأَةَ مِنْكُنَّ تَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ قَدَمَيْ زَوْجِهَا بِحُرِّ وَجْهِهَا. وَفِي حَدِيثٍ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ إذَا أَغْضَبَتْ أَوْ أُسِيءَ إلَيْهَا أَوْ غَضِبَ زَوْجُهَا قَالَتْ هَذِهِ يَدِي فِي يَدِك لَا أَكْتَحِلُ بِغَمْضٍ حَتَّى تَرْضَى» .
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ دَوَامُ الْحَيَاءِ مِنْ زَوْجِهَا وَغَضُّ طَرْفِهَا قُدَّامَهُ وَالطَّاعَةُ لِأَمْرِهِ وَالسُّكُوتُ عِنْدَ كَلَامِهِ، وَالْقِيَامُ عِنْدَ قُدُومِهِ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ وَعَرْضُ نَفْسِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ النَّوْمِ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ لَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فِي فِرَاشِهِ أَوْ مَالِهِ، وَطِيبُ الرَّائِحَةِ لَهُ، وَتَعَاهُدُ الْفَمِ بِالسِّوَاكِ وَالطِّيبِ، وَدَوَامُ الزِّينَةِ بِحَضْرَتِهِ، وَتَرْكُهَا فِي غَيْبَتِهِ، وَإِكْرَامُ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ وَتَرَى الْقَلِيلَ مِنْهُ كَثِيرًا. اهـ. قَالَ: وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ الْخَائِفَةِ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ تَجْتَهِدَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ زَوْجِهَا وَتَطْلُبَ رِضَاهُ جَهْدَهَا فَهُوَ جَنَّتُهَا وَنَارُهَا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» . وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: «إذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْت» .
قَالَ: وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّهُ قَالَ: «يَسْتَغْفِرُ لِلْمَرْأَةِ الْمُطِيعَةِ لِزَوْجِهَا الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مَا دَامَتْ فِي رِضَا زَوْجِهَا، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ عَصَتْ زَوْجَهَا فَعَلَيْهَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ كَلَحَتْ فِي وَجْهِ زَوْجِهَا فَهِيَ فِي سَخَطِ اللَّهِ إلَى أَنْ تُضَاحِكَهُ وَتَسْتَرْضِيَهُ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ دَارِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» .
وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعَةٌ مِنْ النِّسَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَأَرْبَعَةٌ فِي النَّارِ، وَذَكَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ اللَّوَاتِي فِي الْجَنَّةِ امْرَأَةً عَفِيفَةً طَائِعَةً لِلَّهِ وَلِزَوْجِهَا وَلُودًا صَابِرَةً قَانِعَةً بِالْيَسِيرِ مَعَ زَوْجِهَا ذَاتَ حَيَاءٍ إنْ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا حَفِظَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهُ، وَإِنْ حَضَرَ أَمْسَكَتْ لِسَانَهَا عَنْهُ، وَامْرَأَةً مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَحَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَوْلَادِهَا وَرَبَّتْهُمْ وَأَحْسَنَتْ إلَيْهِمْ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ خَشْيَةَ أَنْ يَضِيعُوا. وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ
اللَّوَاتِي فِي النَّارِ فَامْرَأَةٌ بَذِيئَةُ اللِّسَانِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ غَابَ عَنْهَا لَمْ تَصُنْ نَفْسَهَا وَإِنْ حَضَرَ آذَتْهُ بِلِسَانِهَا، وَامْرَأَةٌ تُكَلِّفُ زَوْجَهَا مَا لَا يُطِيقُ، وَامْرَأَةٌ لَا تَسْتُرُ نَفْسَهَا مِنْ الرِّجَالِ وَتَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا مُتَبَهْرِجَةً، وَامْرَأَةٌ لَيْسَ لَهَا هَمٌّ إلَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ وَلَيْسَ لَهَا رَغْبَةٌ فِي صَلَاةٍ وَلَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا طَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي طَاعَةِ زَوْجِهَا» .
فَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَتْ مَلْعُونَةً مِنْ أَهْلِ النَّارِ إلَّا أَنْ تَتُوبَ، وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«اطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ قِلَّةِ طَاعَتِهِنَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ وَكَثْرَةِ تَبَهْرُجِهِنَّ، وَالتَّبَهْرُجُ هُوَ إذَا أَرَادَتْ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا لَبِسَتْ أَفْخَرَ ثِيَابِهَا وَتَجَمَّلَتْ وَتَحَسَّنَتْ وَخَرَجَتْ تَفْتِنُ النَّاسَ بِنَفْسِهَا، فَإِنْ سَلِمَتْ فِي نَفْسِهَا لَمْ يَسْلَمْ النَّاسُ مِنْهَا. وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهَا» . وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَاحْبِسُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ لِلطَّرِيقِ قَالَ لَهَا أَهْلُهَا أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ قَالَتْ أَعُودُ مَرِيضًا أُشَيِّعُ جِنَازَةً فَلَا يَزَالُ بِهَا الشَّيْطَانُ حَتَّى تُخْرِجَ ذِرَاعَهَا، وَمَا الْتَمَسَتْ الْمَرْأَةُ وَجْهَ اللَّهِ بِمِثْلِ أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِهَا وَتَعْبُدَ رَبَّهَا وَتُطِيعَ بَعْلَهَا» .
وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا خَيْرُ لِلْمَرْأَةِ؟ قَالَتْ أَنْ لَا تَرَى الرِّجَالَ وَلَا يَرَوْهَا. وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَقُولُ: أَلَا تَسْتَحُونَ أَلَا تَغَارُونَ؟ يَتْرُكُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ تَخْرُجُ بَيْنَ الرِّجَالِ تَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهَا. «وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ جَالِسَتَيْنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَأَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ، فَقَالَتَا: إنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِ» ، فَكَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ عَنْ النِّسَاءِ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَغُضَّ طَرْفَهَا عَنْ الرِّجَالِ. وَإِذَا اضْطَرَّتْ امْرَأَةٌ لِلْخُرُوجِ لِزِيَارَةِ وَالِدٍ أَوْ حَمَّامٍ خَرَجَتْ بِإِذْنِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُتَبَهْرِجَةٍ فِي مِلْحَفَةٍ وَثِيَابٍ بَذْلَةٍ وَتَغُضُّ طَرْفَهَا فِي مِشْيَتِهَا وَلَا تَنْظُرُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَإِلَّا كَانَتْ عَاصِيَةً. وَمَاتَتْ مُتَبَهْرِجَةً فَرَآهَا بَعْضُ أَهْلِهَا فِي النَّوْمِ وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى اللَّهِ فِي ثِيَابٍ رِقَاقٍ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْهَا فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَقَالَ خُذُوا بِهَا ذَاتَ الشِّمَالِ إلَى النَّارِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مِنْ الْمُتَبَهْرِجَاتِ فِي الدُّنْيَا.
وَإِذَا أُمِرَتْ الزَّوْجَةُ بِبَذْلِ تَمَامِ الطَّاعَةِ وَالِاسْتِرْضَاءِ لِزَوْجِهَا فَهُوَ مَأْمُورٌ أَيْضًا بِالْإِحْسَانِ إلَيْهَا بِإِيصَالِهَا حَقَّهَا نَفَقَةً وَمُؤْنَةً وَكِسْوَةً بِرِضًا وَطِيبِ نَفْسٍ وَلِينِ قَوْلٍ وَبِالصَّبْرِ عَلَى نَحْوِ سُوءِ خُلُقِهَا. وَمَرَّ فِي الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِالْوَصِيَّةِ بِهِنَّ وَأَنَّهُنَّ عَوَانٌ أُخِذْنَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ جَمْعُ عَانِيَةٍ وَهِيَ الْأَسِيرَةُ، شَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَرْأَةَ فِي دُخُولِهَا تَحْتَ حُكْمِ الرَّجُلِ وَقَهْرِهِ بِالْأَسِيرِ. وَمَرَّ فِي الْحَدِيثِ:«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «أَلْطَفُكُمْ بِأَهْلِهِ» . وَكَانَ صلى الله عليه وسلم شَدِيدَ اللُّطْفِ بِالنِّسَاءِ، قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا رَجُلٍ صَبَرَ عَلَى سُوءِ خُلُقِ امْرَأَتِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ مِثْلِ مَا أَعْطَى أَيُّوبَ عليه الصلاة والسلام عَلَى بَلَائِهِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ صَبَرَتْ عَلَى سُوءِ خُلُقِ زَوْجِهَا أَعْطَاهَا اللَّهُ مِنْ الْأَجْرِ مَا أَعْطَى آسِيَةَ بِنْتَ مُزَاحِمٍ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ» .
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ رضي الله عنه لِيَشْكُوَ إلَيْهِ خُلُقَ زَوْجَتِهِ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ فَسَمِعَ امْرَأَتَهُ تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا فَانْصَرَفَ قَائِلًا: إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ حَالِي، فَخَرَجَ عُمَرُ فَرَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ مَا حَاجَتُك؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جِئْت أَشْكُو إلَيْك خُلُقَ زَوْجَتِي وَاسْتِطَالَتَهَا عَلَيَّ فَسَمِعْت زَوْجَتَك كَذَلِكَ فَرَجَعْت وَقُلْت: إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَكَيْفَ حَالِي؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا أَخِي إنِّي احْتَمَلْتُهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ، إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي مُرْضِعَةٌ لِوَلَدِي وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا وَيَسْكُنُ قَلْبِي بِهَا عَنْ الْحَرَامِ فَأَنَا أَحْتَمِلُهَا لِذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُومِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِي قَالَ: فَاحْتَمِلْهَا يَا أَخِي فَإِنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ.
وَكَانَ لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ أَخٌ صَالِحٌ يَزُورُهُ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَجَاءَ مَرَّةً لِزِيَارَتِهِ فَطَرَقَ بَابَهُ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: مَنْ؟ فَقَالَ: أَخُو زَوْجِك فِي اللَّهِ جَاءَ لِزِيَارَتِهِ فَقَالَتْ ذَهَبَ يَحْتَطِبُ لَا رَدَّهُ اللَّهُ وَبَالَغَتْ فِي شَتْمِهِ وَسَبِّهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا بِأَخِيهِ قَدْ حَمَّلَ الْأَسَدَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَهُوَ مُقْبِلٌ بِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ الْحَطَبَ عَنْ ظَهْرِ الْأَسَدِ وَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك ثُمَّ أَدْخَلَ أَخَاهُ وَهِيَ تَسُبُّهُ فَلَا يُجِيبُهَا فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَانْصَرَفَ عَلَى غَايَةِ التَّعَجُّبِ مِنْ صَبْرِهِ عَلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: مَنْ؟ قَالَ أَخُو زَوْجِك جَاءَ يَزُورُهُ. قَالَتْ: مَرْحَبًا وَبَالَغَتْ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِمَا وَأَمَرَتْهُ بِانْتِظَارِهِ، فَجَاءَ أَخُوهُ وَالْحَطَبُ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَدْخَلَهُ وَأَطْعَمَهُ وَهِيَ تُبَالِغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا أَرَادَ مُفَارَقَتَهُ سَأَلَهُ عَمَّا رَأَى مِنْ تِلْكَ وَمِنْ هَذِهِ وَمِنْ حَمْلِ الْأَسَدِ حَطَبَهُ زَمَنَ تِلْكَ الْبَذِيئَةِ اللِّسَانِ الْقَلِيلَةِ الْإِحْسَانِ، وَحَمْلِهِ لَهُ عَلَى ظَهْرِهِ زَمَنَ هَذِهِ السَّهْلَةِ اللَّيِّنَةِ الْمُثْنِيَةِ الْمُؤْمِنَةِ فَمَا السَّبَبُ؟ قَالَ يَا أَخِي تُوُفِّيَتْ تِلْكَ الشَّرِسَةُ وَكُنْت صَابِرًا عَلَى شُؤْمِهَا وَتَعَبِهَا فَسَخَّرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِي الْأَسَدَ الَّذِي رَأَيْته يَحْمِلُ الْحَطَبَ لِصَبْرِي عَلَيْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْت هَذِهِ الصَّالِحَةَ وَأَنَا فِي رَاحَةٍ مَعَهَا فَانْقَطَعَ عَنِّي الْأَسَدُ فَاحْتَجْت أَنْ أَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِي لِأَجْلِ رَاحَتِي مَعَ هَذِهِ الصَّالِحَةِ.
تَنْبِيهٌ: عَدُّ النُّشُوزِ كَبِيرَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَلَمْ يُرِدْ الشَّيْخَانِ بِقَوْلِهِمَا: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا بِلَا سَبَبٍ كَبِيرَةٌ خُصُوصَةً، بَلْ نَبَّهَا بِهِ عَلَى سَائِرِ صُوَرِ النُّشُوزِ وَقَدَّمْت مَا يَشْمَلُهُ، لَكِنْ لِمَا فِي هَذَا مِمَّا بَسَطْته فِيهِ أَفْرَدْته بِالذِّكْرِ. وَمَرَّ أَنَّ فِيهِ وَعِيدًا شَدِيدًا كَلَعْنِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا إذَا أَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَانَ