الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ فَمَنْ أَمَّنَ كَافِرًا ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَدْ نَكَثَ أَمَانَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَكَأَنَّ وَجْهَ تَسْمِيَةِ الْأَمَانِ صَفْقَةً أَنَّهُ عَهْدٌ أَفَادَ الْأَمْنَ، فَهُوَ كَعَقْدِ الْبَيْعِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ وَعَقْدُ الْبَيْعِ يُسَمَّى صَفْقَةً، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ إذَا تَبَايَعَا صَفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَى يَدِ الْآخَرِ فَسُمِّيَ الْعَقْدُ بِذَلِكَ تَجَوُّزًا.
[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ]
(الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ) دَلِيلُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ رضي الله عنه كَتَبَ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إلَى حَامِلَةِ الْكِتَابِ عَلِيًّا وَالْمِقْدَادَ رضي الله عنهما فَأَخَذَاهُ مِنْهَا قَهْرًا بَعْدَ أَنْ بَالَغَتْ فِي إنْكَارِهِ وَإِخْفَائِهِ، فَلَمَّا جَاءَا بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقُرِئَ عَلَيْهِ. قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَمَنَعَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَتْلِهِ لِكَوْنِهِ شَهِدَ بَدْرًا» . فَإِنْ تَرَتَّبَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ وَهْنٌ لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِأَهْلِهِ، أَوْ قَتْلٌ أَوْ سَبْيٌ أَوْ نَهْبٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ وَأَقْبَحِهَا لِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَأَهْلَكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ فَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتَعَيَّنُ قَتْلُ فَاعِلِ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]
[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اتِّخَاذُ نَحْوِ الْخَيْلِ تَكَبُّرًا أَوْ نَحْوَهُ]
بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ (الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: اتِّخَاذُ نَحْوِ الْخَيْلِ تَكَبُّرًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ لِلْمُسَابَقَةِ عَلَيْهَا رِهَانًا أَوْ مُقَامَرَةً وَالْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ كَذَلِكَ وَتَرْكُ الرَّمْيِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ رَغْبَةً عَنْهُ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى غَلَبَةِ الْعَدُوِّ وَاسْتِهْتَارِهِ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ) . أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَلِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً - أَيْ بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْمَدِّ مُعَادَاةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ - فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ» الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ:«وَأَمَّا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ فَاَلَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذْخًا عَلَيْهِمْ» : أَيْ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ كِبْرًا. وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ اتَّخَذَ الْخَيْلَ تَكَبُّرًا وَتَعَاظُمًا وَاسْتِعْلَاءً عَلَى ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَفُقَرَائِهِمْ. وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ مَعْقُودٌ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
فَمَنْ ارْتَبَطَهَا عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا احْتِسَابًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ شِبَعَهَا وَجُوعَهَا وَرِيَّهَا وَظَمَأَهَا وَأَرْوَاثَهَا وَأَبْوَالَهَا فَلَاحٌ فِي مَوَازِينِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ ارْتَبَطَهَا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَمَرَحًا فَإِنَّ شِبَعَهَا وَجُوعَهَا وَرَيَّهَا وَظَمَأَهَا وَأَرْوَاثَهَا وَأَبْوَالَهَا خُسْرَانٌ فِي مَوَازِينِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ:«الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ فَفَرَسٌ لِلرَّحْمَنِ وَفَرَسٌ لِلْإِنْسَانِ وَفَرَسٌ لِلشَّيْطَانِ، فَأَمَّا فَرَسُ الرَّحْمَنِ فَمَا اُتُّخِذَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقُتِلَ عَلَيْهِ أَعْدَاءُ اللَّهِ، وَأَمَّا فَرَسُ الْإِنْسَانِ فَمَا اسْتَبْطَنَ - أَيْ أَوْلَدَ وَحَمَلَ عَلَيْهِ - وَأَمَّا فَرَسُ الشَّيْطَانِ فَمَا رُوهِنَ وَقُومِرَ عَلَيْهِ» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: بِمَعْنَاهُ، وَفِيهِ:«وَأَمَّا فَرَسُ الشَّيْطَانِ فَاَلَّذِي يُقَامَرُ عَلَيْهِ وَيُرَاهَنُ» . وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ: «الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ. فَرَسُ يَرْتَبِطُهُ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل فَثَمَنُهُ أَجْرٌ وَرُكُوبُهُ أَجْرٌ وَعَارِيَّتُهُ أَجْرٌ، وَفَرَسٌ يُقَامِرُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَيُرَاهِنُ فَثَمَنُهُ وِزْرٌ وَرُكُوبُهُ وِزْرٌ، وَفَرَسٌ لِلْبِطْنَةِ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ سَدَادًا مِنْ الْفَقْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ» .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ، أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ» . وَمُسْلِمٌ: «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، أَوْ فَقَدْ عَصَى» . وَابْنُ مَاجَهْ: «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَقَدْ عَصَانِي» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ: «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَهُوَ نِعْمَةٌ جَحَدَهَا» .
وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهَا: «إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ صَانِعَهُ مُحْتَسِبًا فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَمُنَبِّلَهُ - أَيْ مُنَاوِلَهُ لِلرَّامِي لِيَرْمِيَ بِهِ أَيْ مُعْطِيَهُ لِلْمُجَاهِدِ مِنْ مَالِهِ إمْدَادًا وَتَقْوِيَةً - وَارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ لِأَنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا أَوْ قَالَ كَفَرَهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: «صَانِعَهُ الَّذِي يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ بِهِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاَلَّذِي يَرْمِي بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، وَصَحَّ:«عَلَيْكُمْ بِالرَّمْيِ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ لَعِبِكُمْ» . وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا: «فَإِنَّهُ خَيْرٌ أَوْ مِنْ خَيْرِ لَهْوِكُمْ» ، وَصَحَّ أَيْضًا:«كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل فَهُوَ لَهْوٌ أَوْ سَهْوٌ إلَّا أَرْبَعَ خِصَالٍ مَشْيَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ» - أَيْ مُثَنَّى غَرَضٍ وَهُوَ مَا يَقْصِدُهُ الرُّمَاةُ بِالْإِصَابَةِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ - «وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ وَتَعَلُّمَ السِّبَاحَةِ» . وَصَحَّ: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّه فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرَةٍ» : أَيْ رَقَبَةٍ مُعْتَقَةٍ. وَصَحَّ: «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَلَغَ الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَانَ لَهُ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ عُضْوًا بِعُضْوٍ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ أَرَهُ لَكِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ وَقِيَاسُهُ الثَّانِي، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَضِيَّةُ لَيْسَ مِنَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي نَظِيرِهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ لِأَنَّ التَّبَرِّي وَعِيدٌ شَدِيدٌ، وَلِعَدَمِ كَوْنِ أَصْحَابِنَا لَا يَسْمَحُونَ بِالْحُرْمَةِ فِيهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كَبِيرَةً أَوَّلْت ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْته فِي التَّرْجَمَةِ مِمَّا يُقَرِّبُهُ مِنْ الْكَبِيرَةِ لِأَنَّ فِي التَّرْكِ حِينَئِذٍ مَفَاسِدَ عَظِيمَةً عَامَّةً.