المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكبيرة الثالثة عشرة بعد الثلاثمائة قتل المسلم أو الذمي المعصوم عمدا أو شبه عمد] - الزواجر عن اقتراف الكبائر - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّبَتُّلُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نَظَرُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِشَهْوَةٍ وَلَمْسُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نَظَرُ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ بِشَهْوَةٍ وَلَمْسُهُ وَالْخَلْوَةُ بِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ الْمَكْرُوهَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِالْمُسْلِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ وَهُوَ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي لَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْبُهُتُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَضْلُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ عَنْ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ الْغَيْرِ الْجَائِزَةِ الصَّرِيحَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَخْبِيبُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمَائِينَ عَقْدُ الرَّجُلِ عَلَى مَحْرَمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ رِضَا الْمُطَلِّقُ بِالتَّحْلِيلِ وَطَوَاعِيَةُ الْمَرْأَةِ وَرِضَا الزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ لَهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ إفْشَاءُ الرَّجُلِ سِرَّ زَوْجَتِهِ وَهِيَ سِرَّهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إتْيَانُ الزَّوْجَةِ أَوْ السُّرِّيَّةِ فِي دُبُرِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ يُجَامِعَ حَلِيلَتَهُ بِحَضْرَةِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَفِي عَزْمِهِ أَلَّا يُوَفِّيَهَا صَدَاقَهَا لَوْ طَلَبَتْهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ مُعَظَّمٍ أَوْ مُمْتَهَنٍ بِأَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ وَالسَّبْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّطَفُّلُ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَرْجِيحُ إحْدَى الزَّوْجَاتِ عَلَى الْأُخْرَى ظُلْمًا وَعُدْوَانًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مَنْعُ الزَّوْجِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّهَاجُرُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا مُتَعَطِّرَةً مُتَزَيِّنَةً وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نُشُوزُ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الدِّيَاثَةُ وَالْقِيَادَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَطْءُ الرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْإِيلَاءُ مِنْ الزَّوْجَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الظِّهَارُ]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ أَوْ الْمُحْصَنَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ وَالتِّسْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ سَبُّ الْمُسْلِمِ وَالِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَبَرُّؤُ الْإِنْسَانِ مِنْ نَسَبِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ الثَّابِتِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْخِيَانَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ خُرُوجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي يَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَدَمُ إحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَطْءُ الْأَمَةِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُمِائَةِ مَنْعُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَوْ كِسْوَتِهَا مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: إضَاعَةُ عِيَالِهِ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مَعَ وجود أقرب مِنْهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوَلِّي الْإِنْسَانِ غَيْرَ مَوَالِيهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إفْسَادُ الْقِنِّ عَلَى سَيِّدِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إبَاقُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ اسْتِخْدَامُ الْحُرِّ وَجَعْلُهُ رَقِيقًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ امْتِنَاعُ الْقِنِّ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَامْتِنَاعُ السَّيِّدِ مِمَّا يَلْزَمُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَتْلُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْمَعْصُومِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَتْلُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْإِعَانَةُ عَلَى الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ ضَرْبُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْوِيعُ الْمُسْلِمِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِسِلَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْعِشْرُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ السِّحْرُ الَّذِي لَا كُفْرَ فِيهِ وَتَعْلِيمُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ حَتَّى الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْكِهَانَةُ وَالْعِرَافَةُ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْبَغْيُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ نكث بيعة الْإِمَام]

- ‌[بَابُ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوَلِّي الْإِمَامَةِ أَوْ الْإِمَارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِخِيَانَةِ نَفْسِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوْلِيَةُ جَائِرٍ أَوْ فَاسِقٍ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ عَزْلُ الصَّالِحِ وَتَوْلِيَةُ مَنْ هُوَ دُونَهُ الْوِلَايَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ جَوْرُ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ أَوْ الْقَاضِي وَغِشُّهُ لِرَعِيَّتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ ظُلْمُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إيوَاءُ الْمُحْدِثِينَ]

- ‌[كِتَابُ الرِّدَّةِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَوْلُ إنْسَانٍ لِمُسْلِمٍ: يَا كَافِرُ أَوْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ هَتْكُ الْمُسْلِمِ وَتَتَبُّعُ عَوْرَاتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إظْهَارُ زِيِّ الصَّالِحِينَ فِي الْمَلَأِ وَانْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْمُدَاهَنَةُ فِي إقَامَةِ حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الزِّنَا]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِيمَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ وَالسِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ وَطْءُ الشَّرِيكِ لِلْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ السَّرِقَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّبْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالسَّبْعُونَ حَتَّى الثَّانِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ شُرْبُ الْخَمْرِ مُطْلَقًا وَالْمُسْكِرِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الصِّيَالُ عَلَى مَعْصُومٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مَنْ يَطَّلِعَ ثُقْبٍ ضَيِّقٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ عَلَى حُرَمِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ التَّسَمُّعُ إلَى حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ خِتَانِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ التِّسْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ الْجِهَادِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ رَدِّ السَّلَامِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مَحَبَّةُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ لَهُ افْتِخَارًا أَوْ تَعَاظُمًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْفِرَارُ مِنْ الطَّاعُونِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُمِائَةِ وَالْحَادِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالسَّتْرُ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَتْلُ أَوْ غَدْرُ أَوْ ظُلْمُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اتِّخَاذُ نَحْوِ الْخَيْلِ تَكَبُّرًا أَوْ نَحْوَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةَ وَالْعَاشِرَةَ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَالْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ أَوْ بِالصَّنَمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْحَلِفُ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[بَاب النَّذْر]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةَ وَالثَّامِنَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ وَالْعِشْرُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ وَتَوَلِّيهِ وَسُؤَالُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ أَوْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إعَانَةُ الْمُبْطِلِ وَمُسَاعَدَتُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إرْضَاءُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ النَّاسَ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ بِسَبَبِ شَفَاعَتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْخُصُومَةُ بِبَاطِلٍ]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ جَوْرُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ شَهَادَةُ الزُّورِ وَقَبُولُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ كَتْمُ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْكَذِبُ الَّذِي فِيهِ حَدٌّ أَوْ ضَرَرٌ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْجُلُوسُ مَعَ شَرَبَةِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ مُجَالَسَةُ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْقِمَارُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ حَتَّى الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ ضَرْبُ وَتَرٍ وَاسْتِمَاعُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ التَّشْبِيبُ بِغُلَامٍ أَوْ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الشِّعْرُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى هَجْوِ الْمُسْلِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْإِطْرَاءُ فِي الشِّعْرِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إدْمَانُ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ بِحَيْثُ تَغْلِبُ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ تَرْكُ التَّوْبَةِ مِنْ الْكَبِيرَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ وَشَتْمُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعَاوَى] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ دَعْوَى الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ]

- ‌[خَاتِمَةُ فِي ذِكْرِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ] [

- ‌الْأَمْرُ الْأَوَّلُ مَا جَاءَ فِي فَضَائِلِ التَّوْبَةِ]

- ‌الْأَمْرُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ الْحَشْرِ وَالْحِسَابِ وَالشَّفَاعَةِ وَالصِّرَاطِ وَمُتَعَلِّقَاتهَا وَيَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَشْرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْحَوْضِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ وَوَضْعُ الصِّرَاطِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ النَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ فِي الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

الفصل: ‌الكبيرة الثالثة عشرة بعد الثلاثمائة قتل المسلم أو الذمي المعصوم عمدا أو شبه عمد]

[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] [

‌الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَتْلُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْمَعْصُومِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ]

ِ (الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: قَتْلُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْمَعْصُومِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان: 68] أَيْ قَتْلَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَمَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ {يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]{يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 69]{إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] وَقَالَ - تَعَالَى -: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] اخْتَلَفُوا فِي مُتَعَلَّقِ " مِنْ أَجْلِ " وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ " كَتَبْنَا " وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى قَتْلِ ابْنِ آدَمَ لِأَخِيهِ، وَالْأَجْلُ فِي الْأَصْلِ الْجِنَايَةُ، يُقَالُ أَجَلَ الْأَمْرَ أَجْلًا وَإِجْلًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا: إذَا جَنَاهُ وَحْدَهُ، فَمَعْنَى فَعَلْته مِنْ أَجَلِك أَوْ لِأَجْلِك: أَيْ بِسَبَبِك لِأَنَّك جَنَيْت فِعْلَهُ وَأَوْجَبْته، وَكَذَا فَعَلْته مِنْ جَرَّاك وَجَرَّائِك: أَيْ مِنْ أَنْ جَرَرْته ثُمَّ صَارَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى السَّبَبِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «مِنْ جَرَّايَ مِنْ أَجْلِي» وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ: أَيْ نَشَأَ الْكَتْبُ وَابْتُدِئَ مِنْ جِنَايَةِ الْقَتْلِ.

وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ مَا بَعْدَ مِنْ أَجْلِ وَهُوَ كَتْبُ الْقِصَاصِ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَمَا قَبْلَهَا وَهُوَ قِصَّةُ قَابِيلَ وَهَابِيلَ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ أَنَّهُمَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ لَا وَلَدُ آدَمَ صلى الله عليه وسلم لِصُلْبِهِ. وَعَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ لِصُلْبِهِ، فَالْإِشَارَةُ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ قَتْلِ قَابِيلَ لِهَابِيلَ بَلْ لِمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30] أَيْ حَصَلَ لَهُ خَسَارَةُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، قَوْله تَعَالَى:{فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31] أَيْ حَصَلَ لَهُ أَنْوَاعُ النَّدَمِ وَالْحَسْرَةِ وَالْحُزْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِدَ دَافِعًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ وَهَكَذَا كُلُّ قَاتِلٍ ظُلْمًا فَيَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ الْخَسَارُ وَالنَّدَمُ الَّذِي

ص: 143

لَا دَافِعَ لَهُ، وَإِنَّمَا خُصَّ الْكَتْبُ بِبَنِي إسْرَائِيلَ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي أَكْثَرِ الْأُمَمِ تَغْلِيظًا عَلَى الْيَهُودِ وَبَيَانًا لِخَسَارِهِمْ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَا وَقَعَ لِقَابِيلَ مِنْ الْخَسَارِ وَالنَّدَمِ مَعَ أَنَّ أَخَاهُ الْمَقْتُولَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا أَقْدَمُوا عَلَى قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ وَبُعْدِهَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -.

وَأَيْضًا فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَصِ تَسْلِيَةُ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم عَمَّا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى الْفَتْكِ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ فَخُصُّوا بِالذِّكْرِ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَوْله تَعَالَى:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32] اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - تَعَالَى - قَدْ تُعَلَّلُ. وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - تَعَالَى - مُعَلَّلَةٌ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَيَمْتَنِعُ خَلْقُهُ لِلْكُفْرِ وَالْقَبَائِحِ فِيهِمْ وَإِرَادَتُهُ وُقُوعَهَا مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُرَاعِيًا لِمَصَالِحِهِمْ.

وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِاسْتِحَالَةِ تَعْلِيلِ أَحْكَامِهِ - تَعَالَى - بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً لَزِمَ قِدَمُ الْمَعْلُولِ أَوْ مُحْدَثَةً لَزِمَ تَعْلِيلُهَا بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَبِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعَلَّلَةً بِعِلَّةٍ فَوُجُودُ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - إنْ كَانَ سَوَاءٌ امْتَنَعَ كَوْنُهُ عِلَّةً أَوْ غَيْرَ سَوَاءٍ فَأَحَدُهُمَا بِهِ أَوْلَى، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُسْتَفِيدًا تِلْكَ الْأَوْلَوِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَى الدَّوَاعِي وَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ التَّسَلْسُلِ فِي الدَّوَاعِي بَلَى يَجِبُ انْتِهَاؤُهَا إلَى الدَّاعِيَةِ الْأُولَى الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْعَبْدِ لَا مِنْهُ بَلْ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَحِينَئِذٍ فَالْكُلُّ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ تَعْلِيلُ أَحْكَامِهِ - تَعَالَى - وَأَفْعَالُهُ بِرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ حِكْمَةُ شَرْعِ هَذَا الْحُكْمِ لَهُمْ: وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: 17] فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ يَحْسُنُ مِنْ اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَتَوَقَّفُ خَلْقُهُ وَحُكْمُهُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ أَلْبَتَّةَ، وقَوْله تَعَالَى:{أَوْ فَسَادٍ} [المائدة: 32] هُوَ بِالْجَرِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَطْفًا عَلَى نَفْسٍ: أَيْ أَوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ احْتِرَازًا مِنْ الْقَتْلِ لِلْفَسَادِ كَالْقَوَدِ وَالْكُفْرِ وَالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ.

وَجُعِلَ قَتْلُ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ كَقَتْلِ جَمِيعِ النَّاسِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ أَمْرِ الْقَتْلِ الظُّلْمِ وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ: أَيْ كَمَا أَنَّ قَتْلَ جَمِيعِ النَّاسِ أَمْرٌ عَظِيمُ الْقُبْحِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَكَذَلِكَ قَتْلُ الْوَاحِدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، فَالْمُرَادُ مُشَارَكَتُهُمَا فِي أَصْلِ الِاسْتِعْظَامِ لَا فِي قَدْرِهِ، إذْ تَشْبِيهُ أَحَدِ النَّظِيرَيْنِ بِالْآخَرِ لَا يَقْتَضِي مُسَاوَاتَهُمَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَأَيْضًا فَالنَّاسُ لَوْ عَلِمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُمْ جَدُّوا فِي دَفْعِهِ وَقَتْلِهِ، فَكَذَا يَلْزَمُهُمْ إذَا عَلِمُوا مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَ آخَرَ ظُلْمًا أَنْ يَجِدُّوا فِي دَفْعِهِ، وَأَيْضًا مَنْ فَعَلَ قَتْلًا ظُلْمًا

ص: 144

رَجَّحَ دَاعِيَةَ الشَّرِّ وَالشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ عَلَى دَاعِيَةِ الطَّاعَةِ، وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ نَازَعَهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي مَطْلُوبِهِ وَقَدَرَ عَلَى قَتْلِهِ قَتَلَهُ، وَنِيَّةُ الْمُؤْمِنِ فِي الْخَيْرَاتِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ كَمَا وَرَدَ، فَكَذَلِكَ نِيَّتُهُ فِي الشَّرِّ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ، فَمَنْ قَتَلَ إنْسَانًا ظُلْمًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَ جَمِيعَ النَّاسِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ إمَامَ عَدْلٍ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ شَدَّ عَضُدَ أَحَدٍ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً يَصْلَى النَّارَ بِقَتْلِهَا كَمَا يَصْلَاهَا لَوْ قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا: أَيْ مَنْ سَلِمَ مِنْ قَتْلِهَا فَكَأَنَّمَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِ النَّاسِ جَمِيعًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَهَا وَأَعْظَمَ وِزْرَهَا: أَيْ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظُلْمًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا فِي الْإِثْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْلَمُونَ مِنْهُ، وَمَنْ أَحْيَاهَا وَتَوَرَّعَ عَنْ قَتْلِهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا فِي الثَّوَابِ لِسَلَامَتِهِمْ مِنْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ: فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِصَاصِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوْ قَتَلَ الْكُلَّ، وَمَنْ أَحْيَاهَا أَيْ عَفَا عَمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.

قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَهِيَ لَنَا كَمَا كَانَتْ لِبَنِي إسْرَائِيلَ؟ قَالَ: وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا كَانَتْ دِمَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ دِمَائِنَا. وَمَنْ أَحْيَا النَّفْسَ بِتَخْلِيصِهَا مِنْ الْمُهْلِكَاتِ كَالْحَرْقِ وَالْغَرَقِ وَالْجُوعِ الْمُفْرِطِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطَيْنِ. وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] .

اعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ لَهُ أَحْكَامٌ كَالْقَوَدِ وَالدِّيَةِ، وَقَدْ ذُكِرَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي آيَةِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] وَاقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الْإِثْمَ وَالْوَعِيدَ اعْتِنَاءً بِشَأْنِهِمَا، وَبَيَانًا لِعَظِيمِ خَطْبِهِمَا، وَمُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْ سَبَبِهِمَا. وَسَبَبُ نُزُولِهَا «أَنَّ قَيْسَ بْنَ ضَبَابَةَ الْكِنَانِيَّ أَسْلَمَ هُوَ وَأَخُوهُ هِشَامٌ فَوَجَدَ هِشَامًا قَتِيلًا فِي بَنِي النَّجَّارِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ إلَى بَنِي النَّجَّارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَكُمْ إنْ عَلِمْتُمْ قَاتِلَ هِشَامِ بْنِ ضَبَابَةَ أَنْ تَدْفَعُوهُ إلَى قَيْسٍ فَيَقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوهُ أَنْ تَدْفَعُوا إلَيْهِ دِيَتَهُ، فَأَبْلَغَهُمْ الْفِهْرِيُّ ذَلِكَ فَقَالُوا سَمْعًا وَطَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا نَعْلَمُ لَهُ قَاتِلًا وَلَكِنَّا نُؤَدِّي دِيَتَهُ، فَأَعْطَوْهُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ انْصَرَفَا رَاجِعَيْنِ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَى الشَّيْطَانُ قَيْسًا يُوَسْوِسُ إلَيْهِ فَقَالَ تَقْبَلُ دِيَةَ أَخِيك فَتَكُونُ عَلَيْك مَسَبَّةٌ اُقْتُلْ الَّذِي مَعَك فَتَكُونُ نَفْسًا مَكَانَ نَفْسٍ، وَتَفْضُلُ الدِّيَةُ، فَقَتَلَ الْفِهْرِيَّ، فَرَمَاهُ

ص: 145

بِصَخْرَةٍ فَشَدَخَهُ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرًا مِنْهَا وَسَاقَ بَقِيَّتَهَا رَاجِعًا إلَى مَكَّةَ كَافِرًا فَنَزَلَ فِيهِ:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] أَيْ بِكُفْرِهِ وَارْتِدَادِهِ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مِمَّنْ أَمَّنَهُ فَقُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ» ، {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] وَذَكَرَ - تَعَالَى - الْعَمْدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالْخَطَأَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ شِبْهَ الْعَمْدِ، فَلِذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي إثْبَاتِهِ؛ فَأَثْبَتَهُ الشَّافِعِيُّ كَالْأَكْثَرِينَ، وَنَفَاهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ وَقَالُوا فِيمَنْ قُتِلَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَعَضَّةٍ وَلَطْمَةٍ وَضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ إنَّهُ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي وَدِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فَقَالَ جَمْعٌ إنَّهَا عَلَى الْجَانِي وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ. فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ قَاتِلَ الْمُؤْمِنِ عَمْدًا لَا تَوْبَةَ لَهُ، فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَتَلُوا وَزَنَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إنَّ الَّذِي تَدْعُو إلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَاهُ كَفَّارَةً فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ. وَأَمَّا الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَالرَّجُلُ إذَا عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ» .

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه: لَمَّا نَزَلَتْ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ: أَيْ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ عَجِبْنَا مِنْ لِينِهَا، فَلَبِثْنَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ نَزَلَتْ الْغَلِيظَةُ: أَيْ آيَةُ النِّسَاءِ بَعْدَ اللَّيِّنَةِ فَنُسِخَتْ اللَّيِّنَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آيَةُ الْفُرْقَانِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَهَذِهِ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ، وَذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ إلَى قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَأَجَابُوا عَمَّا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ وَالزَّجْرَ وَالتَّنْفِيرَ عَنْ الْقَتْلِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَاتِلِ كَافِرٍ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ لِمَا يَأْتِي فَهِيَ فِيمَنْ قَتَلَ مُسْتَحِلًّا لِلْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ بِالْإِجْمَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَاسْتِحْلَالُ ذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ: قِيلَ

ص: 146

جَاءَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ إلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ فَقَالَ هَلْ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إلَخْ فَقَالَ لَهُ مِنْ الْعُجْمَةِ أَتَيْت يَا أَبَا عُثْمَانَ، إنَّ الْعَرَبَ لَا تُعِدُّ الْإِخْلَافَ فِي الْوَعِيدِ خَلْفًا وَذَمًّا وَإِنَّمَا تُعِدُّ إخْلَافَ الْوَعْدِ خَلْفًا وَأَنْشَدَ:

وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْته أَوْ وَعَدْته

لَمُخْلِفٌ إيعَادِي وَمُنْجِزٌ مَوْعِدِي

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الشِّرْكِ لَا يُوجِبُ التَّخْلِيدَ فِي النَّارِ - قَوْله تَعَالَى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» الْحَدِيثَ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ أَصْحَابَهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقُوا وَلَا يَزْنُوا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ، ثُمَّ قَالَ: فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ فَهُوَ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ» .

قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَسَلَكَ الْأَصْحَابُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ طُرُقًا كَثِيرَةً وَلَا أَرْتَضِي شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ إمَّا تَخْصِيصٌ وَإِمَّا مُعَارَضَةٌ وَإِمَّا إضْمَارٌ، وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَاَلَّذِي أَعْتَمِدُهُ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: إجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي كَافِرٍ قَتَلَ مُؤْمِنًا ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] مَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ سَيُجْزَى بِجَهَنَّمَ وَهَذَا وَعِيدٌ وَخَلْفُ الْوَعِيدِ كَرَمٌ.

وَضَعَّفَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَوَّلَ وَجْهَيْهِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَبِالْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]- {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: 2] فَكَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْقَطْعِ وَالْجَلْدِ هُوَ السَّرِقَةُ وَالزِّنَا، فَكَذَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِهَذَا الْوَعِيدِ هُوَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ؛ لِأَنَّهُ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لِلْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لِكَوْنِ الْآيَةِ مَخْصُوصَةً بِالْكَافِرِ، وَجْهٌ أَيْضًا، فَالْمُوجِبُ إنْ كَانَ الْكُفْرُ لَمْ يَبْقَ

ص: 147

لِلْقَتْلِ الْعَمْدِ أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقَتْلَ الْعَمْدَ لَزِمَ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ حَصَلَ هَذَا الْوَعِيدُ فَوَجْهُهُ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ.

وَأَمَّا وَجْهُهُ الثَّانِي فَهُوَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَعِيدَ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْخَبَرِ فَإِذَا جَوَّزْنَا الْخَلْفَ فِيهِ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَدْ جَوَّزْنَا الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَهَذَا خَطَأٌ عَظِيمٌ بَلْ يَقْرَبُ مِنْ الْكُفْرِ لِإِجْمَاعِ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّهُ - تَعَالَى - مُنَزَّهٌ عَنْ الْكَذِبِ. اهـ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّازِيِّ.

وَوَجْهُ الْوَاحِدِيِّ الثَّانِي لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ سَبَقَهُ إلَيْهِ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ كَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ كَمَا مَرَّ عَنْهُ وَغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ ذَلِكَ لِيَسْلَمَ قَائِلُوهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ هَذَا الشَّنِيعِ الْعَظِيمِ بِأَنْ يُقَالَ: لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ وُقُوعَ خَلْفٍ فِي الْخَبَرِ إنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنَّ التَّقْدِيرَ سَيُجَازِيهِ بِجَهَنَّمَ إنْ لَمْ يَحْلُمْ عَلَيْهِ وَيَغْفِرْ لَهُ أَوْ إنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ يُعْفَ عَنْهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَطْعِيُّ الصِّدْقِ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَالسُّنَّةُ قَاضِيَةٌ بِهَا، وَلَيْسَ فِي تَقْرِيرِ الْأَوَّلِ مَا يُخْرِجُ الْآيَةَ عَنْ الْوَعِيدِ، إذْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ لَا عَاقَبْتُك عَلَى كَذَا إلَّا إنْ حَلَمْت عَلَيْك أَوْ فَعَلْت مَا يُكَفِّرُ إثْمَك أَوْ يَشْفَعُ فِيك كَانَ وَعِيدًا، ثُمَّ الْخَلْفُ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إنَّ تِلْكَ التَّقْدِيرَاتِ لَيْسَتْ فِيهَا لَفْظًا وَإِنْ كَانَتْ مُضْمَرَةً فَهُوَ خَلْفٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا خَلْفَ فَاسْتَفِدْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ بِهِ الْجَوَابَ عَمَّا شَنَّعَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيّ عَلَى قَائِلِي تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَمَا أَلْزَمَهُمْ بِهِ مِمَّا لَمْ يَقُولُوهُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِمْ إلَّا غَايَةُ التَّنْزِيهِ عَنْهُ.

ثُمَّ رَأَيْت الْقَفَّالَ حَكَى فِي تَفْسِيرِهِ وَجْهًا آخَرَ فِي الْجَوَابِ غَيْرَ مَا ذَكَرْته كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ فَقَالَ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَزَاءَ الْقَتْلِ هُوَ مَا ذُكِرَ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ - تَعَالَى - يُوصِلُ هَذَا الْجَزَاءَ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ جَزَاؤُك أَنْ أَفْعَلَ بِك كَذَا إلَّا أَنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ. وَضَعُفَ أَيْضًا بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ جَزَاءَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ هُوَ مَا ذُكِرَ وَثَبَتَ بِسَائِرِ الْآيَاتِ أَنَّهُ - تَعَالَى - يُوصِلُ الْجَزَاءَ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ. قَالَ - تَعَالَى -: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] وَقَالَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] وَيَرُدُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ - قَوْله تَعَالَى -: {يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] وَقَوْلُهُ: {يَرَهُ} [الزلزلة: 7] مَا لَمْ يَقَعْ عَفْوٌ بِدَلِيلِ {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فَجَزَاءُ الشَّرْطِ فِي " يُجْزَ " وَ " يَرَهُ " الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ هَذَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى شَرْطِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرَتُّبِ الْوُقُوعُ، وَكَذَا فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ فَجَزَاؤُهُ

ص: 148

جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا مُتَرَتِّبًا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرَتُّبِ الْوُقُوعُ أَلَا تَرَى أَنَّك لَوْ قُلْت: إنْ جِئْتنِي أَكْرَمْتُك لَمْ تَكُنْ مَرِيدًا بِهِ إلَّا أَنَّ الْإِكْرَامَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْمَجِيءِ فَإِذَا حَصَلَ الْمَجِيءُ فَقَدْ يَقَعُ الْإِكْرَامُ وَقَدْ لَا، وَهَذَا لِكَوْنِهِ قَرِيبًا مِمَّا أَجَبْت بِهِ أَيْضًا أَوَّلًا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ مَقَالَةِ الْوَاحِدِيِّ وَغَيْرِهِ السَّابِقَةِ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْخَلْفِ أَنَّ ذَلِكَ التَّرْتِيبَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَدْ يَحْصُلُ إنْ لَمْ يَقَعْ عَفْوٌ وَنَحْوُهُ، وَقَدْ لَا إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْخَلْفِ بِهَذَا الْمَعْنَى خَلْفٌ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يُوهِمُ دُخُولَ الْخَلْفِ فِي خَبَرِ اللَّهِ - تَعَالَى -.

ثُمَّ رَأَيْت الْفَخْرَ الرَّازِيَّ أَجَابَ بِمَا يَرْجِعُ لِمَا ذَكَرْته أَوَّلًا وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ غَيْرَ عُدْوَانٍ كَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ هَذَا الْوَعِيدُ أَلْبَتَّةَ. وَالثَّانِي: الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ إذَا تَابَ مِنْهُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ هَذَا الْوَعِيدُ وَإِذَا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَيَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْعَفْوُ عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] . فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرُوهُ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَهُوَ أَنَّ الْقَاتِلَ هَلْ لَهُ تَوْبَةٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ فَكَيْفَ صَحَّ لَهُ الْجَوَابُ بِذَلِكَ؟ قُلْت: لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمَّا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ وَجَبَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الْمُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِمْ وَسَفْسَافِ طَرِيقَتِهِمْ.

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ - أَيْ الْمُهْلِكَاتِ - قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» . وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِرَ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ» . الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ «ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ

ص: 149

الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قُلْت: إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك، قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك» .

وَالْبُخَارِيُّ: «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» . وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ» . وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ فِيهِ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ: «الْكَبَائِرُ أَوَّلُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَكْلُ الرِّبَا» الْحَدِيثَ. وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ: «اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّبْعَ: الشِّرْكَ بِاَللَّهِ وَقَتْلَ النَّفْسِ وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ» الْحَدِيثَ. وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْكَبَائِرَ: عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَالشِّرْكَ بِاَللَّهِ وَقَتْلَ النَّفْسِ وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ» الْحَدِيثَ. وَالطَّبَرَانِيُّ: «الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: الْإِشْرَاكُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ» الْحَدِيثَ.

وَفِي كِتَابِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «وَإِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ» الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» . قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِيهِ: مِنْ وَرْطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكُ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ وَهِيَ جَمْعُ وَرْطَةٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ: الْهَلَكَةُ وَكُلُّ أَمْرٍ يَعْسُرُ النَّجَاةُ مِنْهُ. وَابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» . زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْأَصْبَهَانِيّ: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَدْخَلَهُمْ النَّارَ» . وَالْبَيْهَقِيُّ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا جَمِيعًا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ دَمٍ سُفِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ» . وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» .

ص: 150

وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: «قَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا» .

وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: مَا أَطْيَبَك وَمَا أَطْيَبَ رِيحَك، مَا أَعْظَمَك وَمَا أَعْظَمَ حُرْمَتَك، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِك مَالِهِ وَدَمِهِ» .

وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ» . وَالْبَيْهَقِيُّ: «قُتِلَ بِالْمَدِينَةِ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعْلَمْ مَنْ قَتَلَهُ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ يُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا فِيكُمْ وَلَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ، لَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُؤْمِنٍ لَعَذَّبَهُمْ اللَّهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ» . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ لَكَبَّهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ» .

وَابْنُ مَاجَهْ وَالْأَصْبَهَانِيّ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوْ شَطْرَ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» . زَادَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ هُوَ أَنْ يَقُولَ: اُقْ، يَعْنِي لَا يُتِمُّ كَلِمَةَ اُقْتُلْ. وَالْبَيْهَقِيُّ:«مَنْ أَعَانَ عَلَى دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ كُتِبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» .

وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُهْرِيقَهُ كَمَا يَذْبَحُ دَجَاجَةً كُلَّمَا تَعَرَّضَ لِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ حَالَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِي بَطْنِهِ إلَّا طَيِّبًا فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا هَكَذَا وَمَوْقُوفًا، وَقَالَ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ إذْ مِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ. وَالشَّيْخَانِ:«لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» .

وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» . وَالنَّسَائِيُّ: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ» ، وَلَا

ص: 151

يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا آكَدُ حُقُوقِهِ، وَأَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُقُوقِهِمْ. وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ:«كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلَّا الرَّجُلَ يَمُوتُ كَافِرًا أَوْ الرَّجُلَ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا» . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ رُوَاةُ الصَّحِيحِ: «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَلْ لِلْقَاتِلِ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ شَأْنِهِ: مَاذَا تَقُولُ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَهُ فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْت نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَأْتِي الْمَقْتُولُ مُعَلَّقًا رَأْسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْعَرْشَ فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ: هَذَا قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ: تَعِسْت وَيُذْهَبُ بِهِ إلَى النَّارِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ آخِذًا قَاتِلَهُ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا عِنْدَ ذِي الْعِزَّةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: فِيمَ قَتَلْته؟ قَالَ قَتَلْته لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، قِيلَ هِيَ لِلَّهِ» .

وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «إذَا أَصْبَحَ إبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ فَيَقُولُ: مَنْ خَذَلَ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أُلْبِسُهُ التَّاجَ قَالَ فَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَيَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُمَا؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى قَتَلَ نَفْسًا فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ» . وَأَبُو دَاوُد: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ، أَيْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْغَسَّانِيِّ أَنَّ مَعْنَى اغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْفِتْنَةِ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَى هُدًى فَلَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

وَأَحْمَدُ: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ يَقُولُ وُكِّلْت الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِي جَمْرِ جَهَنَّمَ» . وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ فَيَقُولُ إنِّي أُمِرْت بِمَنْ جَعَلَ مَعَ

ص: 152

اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ قَبْلَ سَائِرِ النَّاسِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ» . وَالْبُخَارِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ:«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ» - أَيْ بِفَتْحِ الرَّاءِ لَمْ يَجِدْ وَلَمْ يَشُمَّ - «رَائِحَةَ الْجَنَّةِ - وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ» . وَأَبُو دَاوُد: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ أَيْ وَقْتِهِ الَّذِي يَجُوزُ قَتْلُهُ فِيهِ حِينَ لَا عَهْدَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» . زَادَ النَّسَائِيُّ «أَنْ يَشُمَّ رِيحَهَا» . وَالنَّسَائِيُّ: «مَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ عَامًا» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ أَرْبَعِينَ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ فِي رِوَايَةٍ مَرَّتْ بِاخْتِلَافِ وُجْدَانِ رِيحِهَا بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَمَرَاتِبِهِمْ. وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ:«أَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَهَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا»

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي قَتْلِ مُعَاهَدٍ وَهُوَ الْكَافِرُ الْمُؤَمَّنُ إلَى مُدَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَمَا ظَنُّك بِقَاتِلِ الْمُسْلِمِ؟ .

تَنْبِيهٌ:

عَدُّ هَذَا هُوَ مَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ كَمَا عَلِمْت، وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ أَكْبَرَهَا بَعْدَ الشِّرْكِ الْقَتْلُ. وَقِيلَ الزِّنَا. وَمَا ذَكَرْته مِنْ عَدِّ شِبْهِ الْعَمْدِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ، وَعِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَتَبِعَهُ الثَّانِي: وَحَدُّ الْكَبِيرَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا مَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قَتْلًا أَوْ قُدْرَةً مِنْ الْفِعْلِ وَالْعُقُوبَةُ سَاقِطَةٌ لِلشُّبْهَةِ وَهُوَ عَامِدٌ. ثُمَّ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: قَوْلُهُ أَوْ قَتْلًا يَعْنِي قَتْلَ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى حَدًّا إلَّا قَتْلَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ فِي الْمُغَلَّبِ فِيهِ خِلَافًا، هَلْ هُوَ مَعْنَى الْقِصَاصِ أَوْ مَعْنَى الْحَدِّ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِحَسْبِ مَا يُقَوِّي النَّظَرَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قُدْرَةً إلَخْ يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ يَدْخُلُ الْفِعْلُ فِيهِ بِحَسَبِ اسْمِ الْكَبِيرَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِاخْتِيَارِهِ.

وَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهِ لِلشُّبْهَةِ كَبِيرَةٌ، وَإِنَّمَا سَقَطَ

ص: 153