الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّبْعَةِ لِأَنَّ بُيُوتَهُ اثْنَا عَشَرَ كَالْبُرُوجِ وَنَقَّطَهُ مِنْ جَانِبَيْ الْقَصْرِ سَبْعًا كَالْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ فَعَدَلَ بِهِ إلَى تَدْبِيرِ الْكَوَاكِبِ وَالْبُرُوجِ.
[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ]
(الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا عِنْدَ مَنْ قَالَ بِحِلِّهِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ قِمَارٌ أَوْ إخْرَاجُ صَلَاةٍ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ سِبَابٍ أَوْ نَحْوُهَا) . أَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فِي جَامِعِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً إلَى خَلْقِهِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الشَّاهِ فِيهَا نَصِيبٌ» . وَفُسِّرَ صَاحِبُ الشَّاهِ بِلَاعِبِ الشِّطْرَنْجِ لِأَنَّهُ يَقُولُ شَاهٍ. وَأَبُو بَكْرٌ الْآجُرِّيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا مَرَرْتُمْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهَذِهِ الْأَزْلَامِ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَمَا كَانَ مِنْ اللَّهْوِ فَلَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا وَأَكَبُّوا عَلَيْهَا جَاءَهُمْ الشَّيْطَانُ بِجُنُودِهِ فَمَا يَزَالُونَ يَلْعَبُونَ حَتَّى يَتَفَرَّقُوا كَالْكِلَابِ اجْتَمَعَتْ عَلَى جِيفَةٍ فَأَكَلَتْ مِنْهَا حَتَّى مَلَأَتْ بُطُونَهَا ثُمَّ تَفَرَّقَتْ» . وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَاحِبُ الشَّاهِ - يَعْنِي صَاحِبَ الشِّطْرَنْجِ - أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ قَتَلْته وَاَللَّهِ مَاتَ وَاَللَّهِ افْتِرَاءً وَكَذِبًا عَلَى اللَّهِ» .
قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ الْأَعَاجِمِ، وَمَرَّ رضي الله عنه عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ الشِّطْرَنْجَ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ لَأَنْ يَمَسَّ أَحَدُكُمْ جَمْرًا حَتَّى يُطْفَأَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لِغَيْرِ هَذَا خُلِقْتُمْ. وَقَالَ أَيْضًا رضي الله عنه: صَاحِبُ الشِّطْرَنْجِ أَكْثَرُ النَّاسِ كَذِبًا يَقُولُ أَحَدُهُمْ قَتَلْت وَمَا قَتَلَ وَمَاتَ وَمَا مَاتَ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه: لَا يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ إلَّا خَاطِئٌ. وَقِيلَ لِإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ: أَتَرَى فِي اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ بَأْسًا؟ فَقَالَ: الْبَأْسُ كُلُّهُ فِيهِ. فَقِيلَ لَهُ أَهْلُ الثُّغُورِ يَلْعَبُونَ بِهَا لِأَجْلِ الْحَرْبِ فَقَالَ هُوَ فُجُورٌ.
وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ عَنْ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: أَدْنَى مَا يَكُونُ فِيهَا أَنَّ اللَّاعِبَ بِهَا يُعْرَضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ قَالَ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَصْحَابِ الْبَاطِلِ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ الشِّطْرَنْجِ فَقَالَ هِيَ شَرٌّ مِنْ الْمَيْسِرِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ مَالِكٍ رضي الله عنه وَقَدْ
سُئِلَ عَنْ الشِّطْرَنْجِ: الشِّطْرَنْجُ مِنْ النَّرْدِ: أَيْ وَمَرَّ فِي النَّرْدِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ وَلِيَ مَالًا لِيَتِيمٍ فَوَجَدَهَا فِي تَرِكَةِ وَالِدِ الْيَتِيمِ فَأَحْرَقَهَا وَلَوْ كَانَ اللَّعِبُ بِهَا حَلَالًا لَمَا جَازَ إحْرَاقُهَا لِكَوْنِهَا مَالَ يَتِيمٍ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ اللَّعِبُ بِهَا حَرَامًا أَحْرَقَهَا فَتَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْخَمْرِ إذَا وُجِدَتْ فِي مَالِ يَتِيمٍ تَجِبُ إرَاقَتُهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ حَبْرِ الْأُمَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
وَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: مَا تَقُولُ فِي اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ مَلْعُونٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ الْجَرَّاحُ وَسُفْيَانُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ} [المائدة: 3] هِيَ الشِّطْرَنْجُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ رضي الله عنه: مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ إلَّا مُثِّلَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ الَّذِي كَانَ يُجَالِسُهُمْ، فَاحْتُضِرَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ فَقِيلَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ شَاهَك ثُمَّ مَاتَ فَغَلَبَ عَلَى لِسَانِهِ مَا كَانَ يَعْتَادُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِنْ اللَّعِبِ بِهَا، فَقَالَ ذَلِكَ اللَّغْوَ الْبَاطِلَ عِوَضَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ الَّتِي أَخْبَرَ الصَّادِقُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ كَانَتْ آخِرَ كَلَامِهِ فِي الدُّنْيَا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَيْ مِنْ غَيْرِ عَذَابٍ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَإِنَّمَا أَوَّلْنَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ عُذِّبَ، فَلَيْسَ لِلْإِخْبَارِ فَائِدَةٌ بِأَنَّ خَتْمَ الْكَلَامِ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ يَقْتَضِي دُخُولَ الْجَنَّةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ مَزِيَّةً اقْتَضَتْ تَخْصِيصَهُ بِذَلِكَ، وَتِلْكَ الْمَزِيَّةُ هِيَ إمَّا دُخُولُهُ لَهَا مَعَ النَّاجِينَ مِنْ غَيْرِ عَذَابٍ أَوْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُخَفِّفُ عَنْهُ مِمَّا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الْعَذَابِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَوَانِ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ لَوْ لَمْ يُخْتَمْ لَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ.
وَنَظِيرُ مَا ذُكِرَ عَنْ هَذَا الْمَخْتُومِ لَهُ بِقَوْلِهِ شَاهَكَ مَا جَاءَ عَنْ إنْسَانٍ كَانَ يُجَالِسُ شَرَبَةَ الْخَمْرِ، فَلَمَّا اُحْتُضِرَ لُقِّنَ الشَّهَادَةَ فَقَالَ لِمَنْ يُلَقِّنُهُ اشْرَبْ وَاسْقِنِي ثُمَّ مَاتَ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَهَذَا مِصْدَاقُ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ:«يَمُوتُ كُلُّ إنْسَانٍ عَلَى مَا عَاشَ عَلَيْهِ وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» . فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ الْغَنِيَّ الْمَنَّانَ بِفَضْلِهِ أَنْ يَتَوَفَّانَا وَأَنْ يَبْعَثَنَا عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ إلَى أَنْ نَلْقَاهُ وَهُوَ رَاضٍ عَنَّا بِكَرْمِهِ هُوَ الْجَوَادُ الرَّحِيمُ آمِينَ.
وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ: الشِّطْرَنْجُ حَرَامٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَا عِنْدَنَا إنْ فَوَّتَ بِهِ صَلَاةً عَنْ وَقْتِهَا أَوْ لَعِبَ بِهِ عَلَى عِوَضٍ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ كُرِهَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَحَرُمَ عِنْدَ غَيْرِهِ.
فَإِنْ قُلْت: كَوْنُ الشِّطْرَنْجِ كَبِيرَةً عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ خَلَا عَنْ الْقِمَارِ وَتَضْيِيعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَغَيْرِهِمْ، لِأَنَّ إلْحَاقَهُ بِالْمَيْسِرِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ مَالِكٍ وَكَوْنُهُ شَرًّا مِنْهُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ وَإِحْرَاقُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَهُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ كَبِيرَةً، وَكَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ إنَّ الْبَأْسَ كُلَّهُ فِيهِ وَإِنَّهُ فُجُورٌ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ وَكِيعٍ وَسُفْيَانَ الِاسْتِقْسَامَ بِالْأَزْلَامِ فِي الْآيَةِ بِاللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا ظَوَاهِرُ فِي أَنَّهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِتَحْرِيمِهِ كَبِيرَةٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ كَبِيرَةً عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِحِلِّهِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا مَرَّ فَالْكَبِيرَةُ إنَّمَا جَاءَتْ الْمُنْضَمَّ إلَيْهِ لَا مِنْ ذَاتِهِ.
قُلْت: نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ قَدْ يُفِيدُ الِانْضِمَامُ مِنْ الْقَبِيحِ مَا لَمْ يُفِدْهُ الِانْفِرَادُ فَلَا يَبْعُدُ جَعْلُ هَذَا الِانْضِمَامِ مُقْتَضِيًا لِمَزِيدِ التَّغْلِيظِ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُ بِتَسْمِيَتِهِ كَبِيرَةً نَظَرًا لِذَلِكَ. فَإِنْ قُلْت: لَوْ اسْتَغْرَقَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى أَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِذَلِكَ، فَمَا وَجْهُ تَأْثِيمِهِ مَعَ أَنَّهُ الْآنَ غَافِلٌ وَالْغَافِلُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَيَسْتَحِيلُ تَأْثِيمُهُ؟ . قُلْت: مَحَلُّ عَدَمِ تَكْلِيفِ النَّاسِي وَالْغَافِلِ حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ النِّسْيَانُ وَالْغَفْلَةُ وَالْجَهْلُ عَنْ تَقْصِيرِهِ وَإِلَّا كَانَ مُكَلَّفًا آثِمًا؛ أَمَّا فِي الْغَفْلَةِ فَلِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الشِّطْرَنْجِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِاسْتِغْرَاقِهِ فِي اللَّعِبِ بِهِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذِهِ الْغَفْلَةَ نَشَأَتْ عَنْ تَقْصِيرِهِ بِمَزِيدِ إكْبَابِهِ وَمُلَازَمَتِهِ عَلَى هَذَا الْمَكْرُوهِ حَتَّى ضَيَّعَ بِسَبَبِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الْجَهْلِ فَلِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ فَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَلَمْ يُجَهَّزْ وَلَا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَثِمَ جَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ، لِأَنَّ تَرْكَهُ الْبَحْثَ عَنْ أَحْوَالِ جَارِهِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ تَقْصِيرٌ شَدِيدٌ فَلَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِعِصْيَانِهِ وَتَأْثِيمِهِ.
فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ عِنْدَنَا بَيْنَ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ؟ قُلْت: فَرَّقَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِي النَّرْدِ مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ، وَفِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَأَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالْحُزَّةِ وَالْقِرْقِ انْتَهَى، وَالْحُزَّةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَزَايٍ مُشَدَّدَةٍ قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرُ ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ وَيُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَقَدْ تُسَمَّى الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي مِصْرَ الْمِنْقَلَةُ، وَفَسَّرَهَا سُلَيْمٌ فِي تَقْرِيبِهِ بِأَنَّهَا خَشَبَةٌ يُحْفَرُ فِيهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حُفْرَةً أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ جَانِبٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ
مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيُلْعَبُ بِهَا وَلَعَلَّهَا نَوْعَانِ فَلَا تَخَالُفَ، وَالْقِرْقُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ خَطِّ الْقَاضِي الرُّويَانِيِّ فَتْحَهُمَا وَتُسَمَّى شِطْرَنْجَ الْمَغَارِبَةِ أَنْ يُخَطَّ عَلَى الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلَ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلَ عَلَى رَأْسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الشَّامِلِ أَنَّ اللَّعِبَ بِهِمَا كَهُوَ بِالنَّرْدِ. وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ كَالشِّطْرَنْجِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى إخْرَاجِ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ كَالنَّرْدِ وَمَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى الْفِكْرِ فَهُوَ كَالشِّطْرَنْجِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ مَلِيحٌ مُوَافِقٌ لِفَرْقِ الْجُمْهُورِ بَيْنَ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ؛ ثُمَّ نَازَعَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِأَنَّ الْمَحَامِلِيَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الْحُزَّةَ كَالنَّرْدِ، وَسُلَيْمًا نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الْحُزَّةَ وَالْقِرْقَ كَالنَّرْدِ وَبِأَنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهَا كَالنَّرْدِ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ رُوَاةُ طَرِيقَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَتَعْلِيقُهُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ.
وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ تَحْرِيمَهَا هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةَ الرَّافِعِيِّ عَنْ تَعْلِيقِ أَبِي حَامِدٍ وَمَا بَحَثَهُ وَأَقَرَّهُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ الْقِرْقُ السَّابِقُ حِلُّهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى الْفِكْرِ لَا عَلَى شَيْءٍ يُرْمَى وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ هَذَا الْبَحْثَ. انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ بِمَا مَرَّ عَنْ سُلَيْمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي مَعْنَى النَّرْدِ سَوَاءٌ، إذْ لَوْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا الْفِكْرَ لَمْ يَكُونَا كَالنَّرْدِ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ جَدْوَى لِأَنَّ الضَّابِطَ إذَا عُرِفَ وَتَقَرَّرَ أُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، فَمَتَى كَانَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْفِكْرِ وَالْحِسَابِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الْحِلَّ كَالشِّطْرَنْجِ، وَمَتَى كَانَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ فَلَا وَجْهَ إلَّا الْحُرْمَةُ كَالنَّرْدِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ، وَأَنَّهُ فِسْقٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةَ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ. اهـ. وَتَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِمَا تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الطَّابُ وَالدَّكُّ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْقَصَبَاتُ الْأَرْبَعُ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا خَلَا عَنْ الْقِمَارِ وَالسُّخْفِ، لَكِنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إلَيْهِمَا. وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ وَمِثْلُهُ الْكُنْحُفَةُ وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ يَقْتَضِي أَيْضًا وَيُلْحَقُ بِاللَّعِبِ بِالنَّرْدِ اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ وَبِالصَّدْرِ وَالسُّلْفَةِ وَالثَّوَاقِيلِ