الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
[البقرة: 223] وقوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً
[النبأ: 19، 20] وقوله تعالى: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ
[الأنعام: 25] وقوله تعالى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ
[البقرة: 235] وقوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
[يس: 9] ومن هذا النوع آيات التشبيه كلها كقوله تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ
[المائدة: 64] وقوله تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا
[القمر: 14] وقوله تعالى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ
[الرحمن: 27] وقوله تعالى: وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
[الزمر: 67] وما كان ذلك دالا بظاهره على الجهة كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ
[الفجر: 22] وقوله تعالى: اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ
[الأعراف:
54] وقوله تعالى: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ
[الأنعام: 3] ولهذا فإن المشبهة لما ضاقت حواصلهم عن إساغة هذه الأسرار، وأغشى أبصارهم نور هذه اللطائف، وقصرت أعناقهم عن التطلع إلى محاسنها، وقعوا فى متاهات عظيمة، وارتكبوا فى محارات وخيمة، وأوقعوا نفوسهم فى مهاو ومهالك، لأجل اعتقادهم لظواهرها، فمن ثم انسلخوا عن الدين وهم لا يشعرون، فنعوذ بالله من الخذلان، وجهل يؤدى إلى خسران، ولو لم يكن لهذا العلم من الشرف إلا أن كل من عرف حقائقه واستولى على معانيه، وأحرز دقائقه، فإنه يسلم لا محالة من اقتحام ورط التشبيه، والتضمخ برذائله، لكان هذا من أعظم المناقب، وأعلى المراتب، وأسنى الرغائب، مع ما حاز من شريف الخصال، ورفيع القدر والمنال، ولهذا فإنك ترى الشيخ العالم النحرير محمود بن عمر الزمخشرى، ما فاق فى تفسيره على كل تفسير إلا لتقرير أساسه عليه واستناده فيما أتى من الحقائق والغوامض إليه.
النوع الثانى من الأخبار النبوية
فأما التشبيهات المفردة فهى كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم كأن الموت فيها على غير ما كتب، وكأن الحق فيها على غير ما وجب، وكأن الذى تشيع من الأموات سفر، عما قليل إلينا راجعون، وقوله. كأنا مخلدون بعدهم، وقوله صلى الله عليه وسلم: العلم الذى لا ينفق منه صاحبه كالكنز الذى لا ينفق منه وقوله عليه السلام. مثل أهل بيتى كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أصحابى كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم
وقوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا» وقوله عليه السلام: «المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائر أعضائه بالسهر والحمى» وقوله صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان كالرأس من الجسد» وقوله صلى الله عليه وسلم «الناس كأسنان المشط فى الاستواء» وقوله صلى الله عليه وسلم:
«مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين» وقوله: «مثل هذه الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم ينغمس فيه كل يوم خمس مرات، ما عسى أن يبقى عليه من الدرن» وقوله صلى الله عليه وسلم أمتى كالمطر، لا يدرى أوله خير أم آخره. وقوله عليه السلام:«التائب من الذنب كمن لا ذنب له» . وفى الحديث «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استبشر فكأن وجهه قطعة قمر» . وفى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه «كان إذا دخل رمضان كان أجود من الريح العاصف» . وفى حديث آخر «كالريح العاصف» وقوله عليه السلام فكأنكم بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل. وأما التشبيهات المركبة فهى كثيرة فى كلامه عليه السلام كقوله: إنه لم يبق من الدنيا إلا كإناخة راكب أو صر حالب، لأن التقدير فيما هذا حاله إلا كراكب أناخ راحلته أو صر حالب، والصر: وضع الخيط على ثدى الناقة لئلا يرضعها ولدها، والمراد لم يبق من الدنيا فى القلة إلا مقدار صرة، لأنه عن قريب ينقضه للحلب. وكقوله عليه السلام: فكأن قد كشف القناع، وارتفع الارتياب، وتقرير وجه التشبيه أنه شبه وضوح الأمر فى الآخرة وتحقيق الحال فيها بشىء كان مغطى فكشف قناعه، فظهر حاله، وبان أمره واتضحت حقيقته. وأكثر ما ذكرناه فى أحاديث التشبيهات المفردة يمكن إيرادها فى المركبة وهذا كقوله: مثل الصلاة كمثل نهر جار، فإن هذا يمكن أن يكون من المركبة، لأن التركيب قد قررناه من قبل أن كل ما كان من وصفين أو أكثر من ذلك، فهو مركب.
فأنت إذا تصفحت ما ورد من الأحاديث، وجدت أكثرها مركبا. وأما التشبيهات التى أضمر فيها أداة التشبيه فهى واسعة أيضا وهذا كقوله عليه السلام:«إن من فى الدنيا ضيف وما فى يده عارية، والضيف مرتحل، والعارية مردودة» فالإضمار لأداة التشبيه فى هذا سهل متيسر من غير تكلف كأنه قال الناس كالضيف فى الدنيا لسرعة انتقالهم، وما فى أيديهم من الأموال عارية، وعن قريب ترد العارية، ويأخذها مالكها. ولا يكاد يخفى التشبيه على من له أدنى ذوق وفطانة وكقوله عليه السلام «الدنيا دار التواء، لا دار انتواء، ومنزل ترح، لا منزل فرح» فأداة التشبيه يمكن إظهارها من غير تكلف، ولا تعسر كما ترى. وقد يخفى تقدير أداة التشبيه بعض خفاء فيحتاج إلى مزيد تفطن ومزيد خبرة ودقة