الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن كثرة مران القاضي في مثل هذه القضايا تجعل من طبعه الأناة وعدم التسرع في الحكم. فالطبيب الجراح أضبط لأعصابه من والد المريض الذي يرى ولده تحت المشرط.
ولكثرة ما نشاهده في الناس من عدم الصبر في مثل هذه القضايا، وسرعة الانفعال، بل وعدم علمهم بالأحكام الشرعية، فليست كل أسرة لديها الدارس الفاهم من جهة الرجل، والدارس الفاهم من جهة المرأة.
وشدة التصاق الحكمين بالزوجين قد يُحرك أموراً قديمة في النفس، وأسباب أخرى كثيرة قرأتها في صفحات المجتمع الذي عشت فيه بمصر والبلاد العربية التي خالطت أهلها.
تجعلني أؤكد ضرورة أن يكون التفريق بيد القاضي، وليس وللحكمين سوى الشهادة بعد مهمتهما الأولى وهي محاولة الصلح.
وقد ذكر صاحب المفصل في أحكام المرأة دراسة واسعة في هذا الموضوع يحسن للدارس أن يرجع إليها. ولكنني عبرت عن الرأي الذي أرتاح له في عصرنا لما عمَّتْ به البلوى.
وللشاعر العربي الأستاذ محمد مصطفى حمام شعر في الموضوع
لا تخافوا شقاقا في بيوتكمو
…
بل اضمروا الحبُّ يبقى الحبُّ منتصراً
فإن تعاظمكم خلف وأعضلكم
…
فخالفوا آمر التفريق إن أمرا
واستخلصوا حكما من أهلكم وخذوا
…
من أهلها حكماً واسترحموا القدرا
ولستُ أرضى سوى الأهلين محكمة
…
وليبق سري وسرُّ البيت مدَّخرا
فإن قضى الله تفريقا فنازلة
…
إن تلق صبرا فطوبى للذي صبرا
وربما كان في التفريق منفعة
…
قد يبرأ الجسم من عضو قد انبترا
الطلاق عزيمة
لست من الذي يخلطون بين الفتوى والورع، فالورع خاص بمن يفتى به.
وخصوصاً في مثل موضوع الطلاق.
فيحكمون على الطلاق بالوقوع. وعلى البيت بالخراب، وعلى الأولاد بالشتات لمجرد كلمة تخرج من الأب في ساعة انفعال كلمة يعرف معناها ولكنه لا يدرك - ساعتها - أبعادها كما أنني لست مع الذين لا يوقعون الطلاق الكامل الأركان، المستوفى الشروط، الصادر من عقل كامل لمجرد أنه في غير ساحة القضاء - كما يحدث في بعض البلاد.
وأرجو الله أن يوفق المجتهدين من علماء الفقه والفقه المقارن أن يجتهدوا في هذه الأمور فإن الجموع البشرية الأن تختلف عنها منذ نصف قرن، فكيف بأيام أئمتنا المجتهدين رضي الله عنهم.
لقد قرأت كتاباً يدرس في إحدى كليات الشريعة في بلد عربي لا يكاد مؤلفه يسمع كلمة (ط ل ق) حتى يوقع الطلاق. حتى قال بالحرف الواحد: لو قال: الحقي بأهلك وقع الطلاق لأنه كناية عن الطلاق. صحيح أنا لست من أهل الاجتهاد، ولم أبلغ نصابهم.
ولكنني زوج وأب وبشر قد ينفعل وقد يخطئ.
والذي أؤمن به أن الطلاق كما أن الزواج عزيمة {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (235 سورة البقرة)
فالزواج عزيمة
بحث عن الزوجة. وخطبة لها، واتفاق مع وليها، وصداق ثم زفاف. والطلاق عزيمة كذلك
فالطلاق عزيمة كذلك.
أعني الطلاق الذي شرعه الله. وليس طلاق (الحشاشين والسفهاء) الذي يخالف شرع الله ويحسبونه على الإسلام.
الطلاق عزيمة. لا بُدَّ أن يسبقه ما سبق