الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزوج من حقه أن يطلق، فماذا لها
؟
المطلق غارم لأنه دفع الصداق وتحمل النفقات.
وغرمه قد يمنعه من تكرار الطلاق. أو حتى مجرد التفكير فيه.
أما الزوجة فماذا تفعل إن فسدت الحياة الزوجية، وأذهب الله المودة والرحمة من قلبها؟
شرع الإسلام لها فداء نفسها من طوق لا تطيقه. وغلّ لا تقوى عليه. وزواج لا تؤدي حق الله فيه وهذا ما جاء في كتب الشريعة بعنوان "الخلع"
قال ابن الأثير (الخلع) من خلع الثوب. كما في النهاية وإن كان القرن لم يستخدما الخلع إلا مرة واحدة في حديثه سبحانه وتعالى مع موسى عليه السلام.
{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} 12 طه) .
واستعمل القرآن كلمة {افْتَدَتْ بِهِ} أي افتدت به نفسها {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (229 سورة البقرة)
فالرجل له أن يطلق وهو غارم وتكاليف الطلاق كبيرة وهي تعدل ثلث تكاليف الزواج وضياع الأسرة أكبر.
والمرأة تفتدي نفسها إذا أصبحت الحياة الزوجي أغلالاً وإذا فسدت الحياة الزوجية وخلت من المؤدة والرحمة فكل خسارة مادية بعد المودة والرحمة هينة.
والآن مع بعض أحكام القرآن الكريم وفقه الفداء أو الخلع
* في فقه الأحناف "الخلع إزالة ملك النكاح المتوفقة على قبول الزوجة بلفظ الخلع أو ما في معناه "الدر المختار حـ 3 ص 439"
* أما في القرآن الكريم فلقد حرم الله على الزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا عن طيب نفس منها {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (4 النساء)
الهنيء ما يصاغ مضغه. والمريء ما يفيد الجسد.
* ومرة ثانية حرم القرآن مال المرأة على زوجها مع الاحتفاظ بالاستثناء في الآية الأولى أعني "طيب النفس"
{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (226 سورة البقرة) شرع الله الطلاق وجعله تسريحاً بإحسان ومن إحسان التسريح أن يكون بدون عوض. وهذا ما يتفق مع النفوس الكريمة.
وقد خاطب الله به النبي صلى الله عليه وسلم عند ما خير زوجاته {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (الأحزاب)
فالتسريح بإحسان. والسراح الجميل يقتضيان عدم أخذ مال على طلاقها.
ولكن النفوس تختلف، والمثالية ثمنها كبير لا تقوى عليه الجموع من الناس، والتشريع للخاص والعام فلا بُدَّ أن يتسع للجميع.
ومن ناحية المرأة قد تكون بالغت في طلب الطلاق وأرهقت الزوج فلا يتصور أن يتنازل عن غرمه عندما تطلب الطلاق، من هنا شرع القرآن أن تفدي نفسها بمالها - كما قلت: كل شيء بعد خسارة المودة والرحمة أمر سهل.
* ثالثاً:
وحرم القرآن أن يعضل الزوج زوجته بأن يسيء معاملتها ويضيق عليها حتى يرغمها إلى طلب فداء نفسها من قيد الزواج به {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} "19 النساء"
وإذا حرم القرآن أخذ بعض ما أتاها فإن أخذ كل ما أتاها حرام باب أولى. وأشد في التحريم أن يأخذ أكثر مما آتاها "تفسير المنار حـ 4 صـ 456 للسيد رشيد رضا"
وفي موضع رابع في القرآن الكريم
جاء التحريم في محاولة يرغب فيها بعض أصحاب النفوس الصغيرة أن يجعله على المرأة خستين.
خسة أن يستبدل بها زوجة أخرى سواء معها أو يطلقها، وخسة أن يأخذ مالها ليدفعه مهراً لزوجة أخرى أمران أحلاهما مرٌّ.
أما ان يجمع الأمرين {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} "20 النساء"
وهذا استفهام إنكاري وتوبيخ على أخذ مال المرأة ظلماً.
ثم يستنكر عليه مرة ثانية {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} "21 النساء"
كل هذه الآيات تفيد تحريم إكراه الزوجة على أن تفتدي نفسها بمالها.
والكاره في كل هذه الأحوال هو الرجل. أو المنتفع في هذه الأحوال هو الرجل.
وقد شاهدت في بعض البلاد العربية ما يقوم به بعض الذين يعملون في مهنة المحاماة من جعل الانتصار القضائي على المرأة ولها حقوقها فن من فنون المهنة مع أنها مهنة شريفة: يحاول أن ينتصر لموكله فيجرد المرأة من حقوقها التي شرعها الله.
مؤخر الصداق.
النفقة والمتعة.
وينسى أن بعد القضاء في الدنيا قضاء آخر يوم يقول الحق - سبحانه
…
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}
ويقول سبحانه لكثير من المدافعين عن الباطل {هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} (النساء 109)
كما حرم الله أن يجعلها تعيش مكرهة مظلومة لا تملك الصبر على البقاء، لا تملك المال للفداء {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} "231 سورة البقرة" إن بعد الدنيا حساباً كبيراً.