الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثال على الوحدة التشريعية
إن سورة النساء تقدم لنا نموذجاً تشريعياً على قانون الأحوال الشخصية، فالفكرة التشريعية التي نبحثها تكتمل في الآيات (22 - 25)، ومن المحتمل أن تكون قد نزلت كلها مرة واحدة.
ولكنا مبالغة في الدقة لن ندرس هنا غير الآية (23) فقط، وهي قوله تعالى:
فهذا نص أساسي يقرر في نفثة واحدة من الوحي تشريع الزواج بجميع تفاصيله، وشروطه القانونية الضرورية، وهو ينظم بصورة ما المحرمات من النساء، مستهلاً بذلك على حكمين جوهريين هما: الاستيعاب والحصر الكامل للحالات المشار إليها، وتصنيفها في نظام منطقي، وعليه فتعداد ثلاث عشرة حالة، وتصنيفها الواضح يستوجب ملابسات نفسية وزمنية متنافية مع خصائص الوحي.
والحق أن النبي لم يفكر في الحالات المذكورة ولم ينظمها أيضاً، بينما ترينا مناقشة النص تصنيفاً للحالات المحرمة بدرجة القرابة العصبية والترتيب النزولي:
الأم والبنت، والأخت وبنت الأخ وبنت الأخت من القرابة المباشرة - والمرضعة- وأخت الرضاعة من القرابة الرضاعية، ولا يحل لمرء أن يتزوج أم امرأته، أو ابنتها أو أختها: فدرجة القرابة هنا مقيسة بالنسبة للمرأة.
ويمكن أن نلحظ أيضاً في هذا التصنيف أفضلية رباط الذكر على رباط الأنثى، فابنة الأخ تذكر قبل ابنة الأخت، والقرابة المتصلة بالزوج قبل القرابة المتصلة بالزوجة مع أسبقية رباط الذكورة ..
ولما كنا قد سلمنا بأن النبي صلوات الله عليه لم يجمع في نفسه هذه المحرمات قبل نزولها، وما كان له أن ينظمها خلال ومضة الوحي، إذ هو أمر يتنافى مع ظروف حالة تلقيه للوحي، ومع نتائج المقياس الأول، فإن المسألة تظل معلقة فيما إذا وجب تفسيرها طبقاً للأسلوب الديكارتي.
وإنا لمضطرون هنا- كما اضطررنا هنالك- إلى أن نبحث عن تفسير للظاهرة خارج هذا النطاق.
***