الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثَال تولد الطَّاعَة ونموها وتزايدها كَمثل نواة غرستها فَصَارَت شَجَرَة ثمَّ أثمرت فَأكلت ثَمَرهَا وغرست نَوَاهَا فَكلما أثمر مِنْهَا شَيْء جنيت ثمره وغرست نَوَاه وَكَذَلِكَ تداعي الْمعاصِي فليتدبّر اللبيب هَذَا الْمِثَال فَمن ثَوَاب الْحَسَنَة الْحَسَنَة بعْدهَا وَمن عُقُوبَة السَّيئَة السَّيئَة بعْدهَا لَيْسَ الْعجب من مَمْلُوك يتذلل لله ويتعبّد لَهُ وَلَا يمل من خدمته مَعَ حَاجته وَفَقره إِلَيْهِ إِنَّمَا الْعجب من مَالك يتحبب إِلَى مَمْلُوكه بصنوف إنعامه ويتودد إِلَيْهِ بأنواع إحسانه مَعَ غناهُ عَنهُ كفى بك عزّا أَنَّك لَهُ عبد
…
وَكفى بك فخرا أَنه لَك رب
فصل اياك والمعاصي فانها أزالت عِزَّ اسْجُدُوا
وأخرجت إقطاع أَسْكَنَ يَا لَهَا لَحْظَة أثمرت حرارة القلق ألف سنة مازال يكْتب بِدَم النَّدَم سطور الْحزن فِي الْقَصَص ويرسلها مَعَ أنفاس الأسف حَتَّى جَاءَهُ توقيعُ فَتَابَ عَلَيْه فَرح إِبْلِيس بنزول آدم من لجنة وَمَا علم أَن هبوط الغائص فِي اللجة خلف الدّرّ صعُود كم بَين قَوْله لآدَم {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَة} وَقَوله لَك {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} مَا جرى على آدم هُوَ المُرَاد من وجوده لَو لم تذنبوا يَا آدم لَا تجزع من قولي لَك اخْرُجْ مِنْهَا فلك ولصالح ذريتك خلفتها يَا آدم كنت تدخل عليَّ دُخُول الْمُلُوك على الْمُلُوك وَالْيَوْم تدخل عليَّ دُخُول العبيد على الْمُلُوك يَا آدم لَا تجزع من كأس زلل كَانَت سَبَب كيسك فقد استخرج مِنْك دَاء الْعجب وألبست خلعة الْعُبُودِيَّة وَعَسَى أَنْ تكْرهُوا يَا آدم لم أخرج إقطاعك إِلَى غَيْرك إِنَّمَا نحيّتك عَنهُ لَا كمل عِمَارَته لَك وليبعث إِلَى العمّال نَفَقَة تَتَجَافَى جنُوبهم تالله مَا نَفعه عِنْد مَعْصِيَته عز
اسجدوا وَلَا شرف وَعَلَّمَ آدَمَ وَلَا خصيصة لِمَا خلقت بيَدي وَلَا فَخر {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} وَإِنَّمَا انْتفع بذل {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} لما لبس درع التَّوْحِيد على بدن الشُّكْر وَقع سهم الْعَدو مِنْهُ فِي غير مقتل
فجرحه فَوضع عَلَيْهِ جَبَّار الانكسار فَعَاد كَمَا كَانَ فَقَامَ الجريح كَأَن لم يكن بِهِ قلبة فصل
نَجَائِب النجَاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبّت عواصف الأقدار فِي بيداء الأكوان فتقلب الْوُجُود وَنجم الْخَيْر فَلَمَّا ركدت الرّيح إِذا أَبُو طَالب غريق فِي لجة الْهَلَاك وسلمان على سَاحل السَّلامَة والوليد بن
الْمُغيرَة يقدم قومه فِي التيه وصهيب قد قدم بقافلة الرّوم وَالنَّجَاشِي فِي أَرض
الْحَبَشَة يَقُول لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وبلال يُنَادي الصَّلَاة خير من النّوم
وَأَبُو جهل فِي رقدة الْمُخَالفَة لما قضى فِي الْقدَم بسابقة سلمَان عرج بِهِ دَلِيل التَّوْفِيق عَن طَرِيق آبَائِهِ فِي التمجس فَأقبل يناظر أَبَاهُ فِي دين الشّرك فَلَمَّا علاهُ بِالْحجَّةِ لم يكن لَهُ جَوَاب إِلَّا الْقَيْد وَهَذَا جَوَاب يتداوله أهل الْبَاطِل من يَوْم حرفوه وَبِه أجَاب فِرْعَوْن مُوسَى لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي وَبِه أجَاب الْجَهْمِية الإِمَام أَحْمد لما عرضوه على السِّيَاط وَبِه أجَاب أهل الْبدع شيخ الْإِسْلَام حِين استدعوه السجْن وَهَا نَحن على الْأَثر فَنزل بِهِ ضيف وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ فنال بإكرامه مرتبَة سلمَان منا أهل الْبَيْت فَسمع أَن ركبا على نِيَّة السّفر فَسرق نَفسه من أَبِيه وَلَا قطع فَركب رَاحِلَة الْعَزْم يَرْجُو إِدْرَاك مطلب السَّعَادَة فغاص فِي بَحر الْبَحْث ليَقَع بدرّة الْوُجُود فَوقف نَفسه على خدمه الأدلاء وقُوف الأذلاء فَلَمَّا أحس الرهبان بانقراض دولتهم سلمُوا إِلَيْهِ أَعْلَام الْأَعْلَام على نبوة نَبينَا وَقَالُوا إِن زَمَانه قد أظل فاحذر أَن تضل فَرَحل مَعَ رفْقَة لم يرفقوا بِهِ فشروه بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَة فأتباعه يَهُودِيّ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا رأى الْحرَّة توقد حرا شوقه وَلم يعلم رب الْمنزل بوجد النَّازِل فَبينا هُوَ يكابد سَاعَات الِانْتِظَار قدم البشير بقدوم البشير وسلمان فِي رَأس نَخْلَة وَكَاد القلق يلقيه لَوْلَا أَن الحزم أمْسكهُ كَمَا جرى يَوْم إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلبهَا فَعجل النُّزُول لتلقي ركب الْبشَارَة ولسان حَاله يَقُول
خليليَّ من نجد قفا بِي على الرِّبَا
…
فقد هَب من تِلْكَ الديار نسيم فصاح بِهِ سَيّده مَالك انْصَرف إِلَى شغلك فَقَالَ
كَيفَ انصرافي ولي فِي داركم شغل
ثمَّ أَخذ لِسَان حَاله يترنم لَو سمع الأطروش خليليَّ لَا وَالله مَا أَنا مِنْكُمَا
…
إِذا علم من آل ليلى بداليا
فَلَمَّا لَقِي الرَّسُول عَارض نُسْخَة الرهبان بِكِتَاب الأَصْل فوافقه يَا مُحَمَّد أَنْت تُرِيدُ أَبَا طَالب وَنحن نُرِيد سلمَان أَبُو طَالب إِذا سُئِلَ عَن اسْمه قَالَ عبد منَاف وَإِذا انتسب افتخر بِالْآبَاءِ واذاذكرت الْأَمْوَال عبد الْإِبِل وسلمان إِذا سُئِلَ عَن اسْمه قَالَ عبد الله وَعَن نسبه قَالَ ابْن الْإِسْلَام وَعَن مَاله قَالَ الْفقر وَعَن حانوته قَالَ الْمَسْجِد وَعَن كَسبه قَالَ الصَّبْر وَعَن لِبَاسه قَالَ التَّقْوَى والتواضع وَعَن وساده قَالَ السهر وَعَن فخره قَالَ سلمَان منا وَعَن قَصده قَالَ يُرِيدُونَ وَجهه وَعَن سيره قَالَ إِلَى الْجنَّة وَعَن دَلِيله فِي الطَّرِيق قَالَ إِمَام الْخلق وهادئ الْأَئِمَّة
إِذا نَحن ادلجن وَأَنت إمامنا
…
كفى بالمطايا طيّب ذكراك حَادِيًا
وَإِن نَحن أضللنا الطَّرِيق وَلم نجد
…
دَلِيلا كفانا نور وَجهك هاديا
الذُّنُوب جراحات وَرب جرح وَقع فِي مقتل لَو خرج عقلك من سُلْطَان هَوَاك عَادَتْ الدولة لَهُ دخلت دَار الْهوى فقامرت بعمرك إِذا عرضت نظرة لَا تحل فَاعْلَم أَنَّهَا مسعر حَرْب فاستتر مِنْهَا بحجاب قل للْمُؤْمِنين فقد سلمت من الْأَثر وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤمنِينَ الْقِتَال بَحر الْهوى إِذا مد أغرق وأخوف المنافذ على السابح فتح الْبَصَر فِي المَاء
مَا أحد أكْرم من مُفْرد
…
فِي قَبره أَعماله تونسه
منعما فِي الْقَبْر فِي رَوْضَة
…
لَيْسَ كعبده قَبره محبسه
على قدر فضل الْمَرْء يَأْتِي خطوبه
…
وَيعرف عِنْد الصَّبْر فِيمَا يُصِيبهُ
وَمن قل فِيمَا يتقيه اصطباره
…
فقد قل مِمَّا يرتجيه نصِيبه
كم قطع زرع قبل التَّمام فَمَا ظن الزَّرْع المستحصد اشْتَرِ نَفسك فالسوق قَائِمَة وَالثمن مَوْجُود لابد من سنة الْغَفْلَة ورقاد الْهوى وَلَكِن كن خَفِيف النّوم فحراس الْبَلَد يصيحون دنا الصَّباح نور الْعقل يضيء فِي ليل الْهوى فتلوح جادة الصَّوَاب فيتلمح الْبَصِير فِي ذَلِك النُّور عواقب الْأُمُور أخرج بالعزم من هَذَا
الفناء الضيّق المحشو بالآفات إِلَى ذَلِك الفناء الرحب الَّذِي فِيهِ مَالا عين رَأَتْ فهناك لَا يتعذّر مَطْلُوب وَلَا يفقد مَحْبُوب يَا بَائِعا نَفسه بهوى مَنْ حُبُّه ضنا وَوَصله أَذَى وَحسنه إِلَى فَنًّا لقد بِعْت أنفس الْأَشْيَاء بِثمن بخس كَأَنَّك لم تعرف قدر السّلْعَة وَبلا خسة الثّمن حَتَّى إِذا قدمت يَوْم التغابن تبيّن لَك ان الْغبن فِي عقد التبايع لَا إِلَه إِلَّا الله سلْعَة الله مشتريها وَثمنهَا الجنّة والدلال الرَّسُول ترْضى بِبَيْعِهَا بِجُزْء يسير مِمَّا لَا يُسَاوِي كُله جنَاح بعوضة
إِذا كَانَ شَيْء لَا يُسَاوِي جَمِيعه
…
جنَاح بعوضة عِنْد من صرت عَبده
وَيملك جُزْء مِنْهُ كلك مَا الَّذِي
…
يكون على ذَا الْحَال قدرك عِنْده
وبعت بِهِ نفسا قد استامها بِمَا
…
لَدَيْهِ من الْحسنى وَقد زَالَ وده
يَا مخنت الْعَزْم أَيْن أَنْت وَالطَّرِيق طَرِيق تَعب فِيهِ آدم وناح لأَجله نوح وَرمي فِي النَّار الْخَلِيل وأضجع للذبح إِسْمَاعِيل وَبيع يُوسُف بِثمن بخس ولبث فِي السجْن بضع سِنِين وَنشر بِالْمِنْشَارِ زَكَرِيَّا وَذبح السَّيِّد الحصور يحيى وقاسى الضّر أَيُّوب وَزَاد على الْمِقْدَار بكاء دَاوُد وَسَار مَعَ الْوَحْش عِيسَى وعالج الْفقر وأنواع الْأَذَى مُحَمَّد تزها أَنْت باللهو واللعب
فيا دارها بالحزن ان مزارها
…
قريب وَلَكِن دون ذَلِك أهوال
الْحَرْب قَائِمَة وَأَنت أعزل فِي النظارة فَإِن حركت ركابك فللهزيمة من لم يُبَاشر حر الهجير فِي طلاب الْمجد لم يَقِل فِي ظلال الشّرف
تَقول سليمى لَو أَقمت بأرضنا
…
وَلم تدارني للمقام أَطُوف
قيل لبَعض الْعباد إِلَى كم تتعب نَفسك فَقَالَ راحتها أُرِيد يَا مكر مَا بجلة