المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه وتملك - الفوائد لابن القيم - ط العلمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌قَاعِدَة جليلة إِذا أردْت الِانْتِفَاع بِالْقُرْآنِ فاجمع قَلْبك عِنْد تِلَاوَته وسماعه

- ‌فصل وَقد جمعت هَذِه السُّورَة من أصُول الْإِيمَان مَا يَكْفِي ويشفي ويغني عَن

- ‌فَائِدَة جليلة قَوْله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة للْإنْسَان قوتان قُوَّة علمية نظرية وَقُوَّة عملية إرادية وسعادته

- ‌فَائِدَة الرب تَعَالَى يَدْعُو عباده فِي الْقُرْآن إِلَى مَعْرفَته من طَرِيقين أَحدهمَا

- ‌فَائِدَة فِي الْمسند وصحيح أبي الحاتم من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ

- ‌فَائِدَة أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وَأَشْرَفهَا وأعلاها ذاتا وَقدرا

- ‌فَائِدَة قبُول الْمحل لما يوضع فِيهِ مَشْرُوط بتفريغه من ضدّه وَهَذَا كَمَا أَنه

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ إِلَى آخرهَا أخلصت هَذِه السُّورَة للوعد

- ‌فصل طُوبَى لمن أنصف ربّه فَأقر لَهُ بِالْجَهْلِ فِي علمه والآفات فِي عمله

- ‌فَائِدَة الْغيرَة غيرتان غيرَة على الشَّيْء وغيرة من الشَّيْء فالغيرة على

- ‌فصل اياك والمعاصي فانها أزالت عِزَّ اسْجُدُوا

- ‌فَائِدَة من فقد أنسه بِاللَّه بَين النَّاس ووجده فِي الْوحدَة فَهُوَ صَادِق ضَعِيف

- ‌فصل الدُّنْيَا كامرأة بغي لَا تثبت مَعَ زوج إِنَّمَا تخْطب الْأزْوَاج ليستحسنوا

- ‌فصل من أعجب الْأَشْيَاء أَن تعرفه ثمَّ لَا تحبه وَأَن تسمع داعيه ثمَّ

- ‌فَائِدَة مَا أَخذ العَبْد مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا سوء ظَنّه

- ‌فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدُنْيَا بِأَهْلِهَا وخداع الأمل لأربابه وتملك

- ‌فَائِدَة جليلة جمع النبى بَين تقوى الله وَحسن الْخلق لِأَن تقوى الله

- ‌فَائِدَة جليلة بَين العَبْد وَبَين الله وَالْجنَّة قنطرة تقطع بخطوتين خطْوَة عَن

- ‌قَاعِدَة لشهادة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله عِنْد الْمَوْت تَأْثِير عَظِيم فِي تَكْفِير

- ‌فصل جمع النَّبِي فِي قَوْله فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب بَين مصَالح

- ‌فَائِدَة جمع النَّبِي بَين المأثم والمغرم فَإِن المأثم يُوجب خسارة الْآخِرَة

- ‌فَائِدَة قَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا علق سُبْحَانَهُ الْهِدَايَة

- ‌فصل ألْقى الله سُبْحَانَهُ الْعَدَاوَة بَين الشَّيْطَان وَبَين الْملك والعداوة بَين

- ‌فصل لما خرج رَسُول الله من حصر الْعَدو دخل فِي حصر النَّصْر

- ‌فصل يَا مغرورا بالأماني لعن إِبْلِيس وأهبط من منزل الْعِزّ بترك سَجْدَة وَاحِدَة

- ‌فصل كَانَ أول الْمَخْلُوقَات الْقَلَم ليكتب الْمَقَادِير قبل كَونهَا وَجعل آدم وَآخر

- ‌فصل لما سلم لآدَم أصل الْعُبُودِيَّة لم يقْدَح فِيهِ الذَّنب ابْن آدم لَو

- ‌فصل الْقُرْآن كَلَام الله وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ وَصِفَاته فَتَارَة يتجلى فِي

- ‌فصل لما بَايع الرَّسُول أهل الْعقبَة أَمر أَصْحَابه بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة

- ‌فصل علمت كلبك فَهُوَ يتْرك شَهْوَته فِي تنَاول مَا صَاده احتراما لنعمتك وخوفا

- ‌فَائِدَة هجر الْقُرْآن أَنْوَاع أَحدهَا هجر سَمَاعه وَالْإِيمَان بِهِ والإصغاء إِلَيْهِ

- ‌فَائِدَة كَمَال النَّفس الْمَطْلُوب مَا تضمن أَمريْن أَحدهمَا أَن يصير هَيْئَة راسخة وَصفَة

- ‌فَائِدَة جليلة إِذا أصبح العَبْد وَأمسى وَلَيْسَ همه إِلَّا الله وَحده تحمل الله

- ‌فَائِدَة الْعلم نقل صُورَة الْمَعْلُوم من الْخَارِج وإثباتها فِي النَّفس ولعمل نقل

- ‌قَاعِدَة الْإِيمَان لَهُ ظَاهر وباطن وَظَاهره قَول اللِّسَان وَعمل الْجَوَارِح وباطنه

- ‌قَاعِدَة التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ أَحدهمَا توكل عَلَيْهِ فِي جلب حوائج العَبْد

- ‌فَائِدَة الْجَاهِل يشكو الله إِلَى النَّاس وَهَذَا غَايَة الْجَهْل بالمشكو والمشكو

- ‌قَاعِدَة جليلة قَالَ الله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة جليلة قَوْله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة لَا تتمّ الرَّغْبَة فِي الْآخِرَة إِلَّا بالزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا يَسْتَقِيم الزّهْد

- ‌قَاعِدَة أساس كل خير أَن تعلم أَن مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم

- ‌فَائِدَة جليلة كل من آثر الدُّنْيَا من أهل الْعلم واستحبها فَلَا بُد أَن

- ‌فصل فَهَذَا حَال الْعَالم الْمُؤثر الدُّنْيَا على الْآخِرَة وَأما العابد الْجَاهِل

- ‌فَائِدَة عَظِيمَة أفضل مَا اكتسبته النُّفُوس وحصلته الْقُلُوب العَبْد ونال بِهِ

- ‌فَائِدَة جليلة إِنَّمَا يجد الْمَشَقَّة فِي ترك المألوفات والعوائد من تَركهَا لغير

- ‌قَاعِدَة جليلة قَالَ الله تَعَالَى

- ‌فصل عشرَة أَشْيَاء ضائعة لَا ينْتَفع بهَا علم لَا يعْمل بِهِ وَعمل لَا

- ‌فصل لله سُبْحَانَهُ على عَبده أَمر أمره بِهِ وَقَضَاء يَقْضِيه عَلَيْهِ ونعمة ينعم

- ‌فصل من ترك الِاخْتِيَار وَالتَّدْبِير فِي رَجَاء زِيَادَة أَو خوف نُقْصَان أَو طلب

- ‌فصل عَلامَة صِحَة الْإِرَادَة أَن يكون هم المريد رضَا ربه واستعداده للقائه

- ‌فصل إِذا اسْتغنى النَّاس بالدنيا فاستغن أَنْت بِاللَّه وَإِذا فرحوا بالدنيا

- ‌فصل الزّهْد أَقسَام زهد فِي الْحَرَام وَهُوَ فرض عين وزهد فِي الشُّبُهَات وَهُوَ

- ‌فَائِدَة جليلة قَالَ سهل بن عبد الله ترك الْأَمر عِنْد الله أعظم من

- ‌فصل مبْنى الدّين على قاعدتين الذّكر وَالشُّكْر قَالَ تَعَالَى

- ‌فصل تكَرر فِي الْقُرْآن جعل الْأَعْمَال الْقَائِمَة بِالْقَلْبِ والجوارح سَبَب الْهِدَايَة

- ‌فصل وَأما الأَصْل الثَّانِي وَهُوَ اقْتِضَاء الْفُجُور وَالْكبر وَالْكذب للضلال فكثير

- ‌فصل وكما يقره سُبْحَانَهُ بَين الْهدى والتقى والضلال والغي فَكَذَلِك يقرن بَين

- ‌فصل وَالْهدى وَالرَّحْمَة وتوابعها من الْفضل والإنعام كُله من صفة الْعَطاء

- ‌فصل إِذا رَأَيْت النُّفُوس المبطلة الفارغة من الْإِرَادَة والطلب لهَذَا الشَّأْن قد

- ‌فصل إياك وَالْكذب فَإِنَّهُ يفْسد عَلَيْك تصور المعلومات على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَيفْسد

- ‌فصل فِي قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل لَا ينْتَفع بِنِعْمَة الله بِالْإِيمَان وَالْعلم إِلَّا من عرف نَفسه ووقف بهَا

- ‌فصل الصَّبْر عَن الشَّهْوَة أسهل من الصَّبْر على مَا توجبه الشَّهْوَة فَإِنَّهَا إِمَّا

- ‌فصل للأخلاق حد مَتى جاوزته صَارَت عُدْوانًا وَمَتى قصّرت عَنهُ كَانَ نقصا ومهانة

- ‌فصل قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رضي الله عنه يَا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كَيفَ

- ‌فصل أصل الْأَخْلَاق المذمومة كلهَا الْكبر والمهانة والدناءة وأصل الْأَخْلَاق

- ‌فصل الْمطلب الْأَعْلَى مَوْقُوف حُصُوله على همة عالية وَنِيَّة صَحِيحَة فَمن فقدهما

- ‌فصل من كَلَام عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ رجل عِنْده

- ‌فصل لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء والطمع فِيمَا عِنْد

- ‌فصل لَذَّة كل أحد على حسب قدره وهمّته وَشرف نَفسه فَأَشْرَف النَّاس نفسا

- ‌فصل ذكر ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كَانَ

- ‌فصل الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب مَوْقُوف على هجر العوائد وَقطع الْعَوَائِق فالعوائد

- ‌فصل وَأما الْعَوَائِق فَهِيَ أَنْوَاع المخالفات ظَاهرهَا وباطنها فَإِنَّهَا تعوق

- ‌فصل وَأما العلائق فَهِيَ كل مَا تعلق بِهِ الْقلب دون الله وَرَسُوله من

- ‌فصل لما كمل الرَّسُول مقَام الافتقار إِلَى الله سُبْحَانَهُ أحْوج الْخَلَائق

- ‌فصل من عَلَامَات السَّعَادَة والفلاح أَن العَبْد كلما زيد فِي علمه زيد فِي

- ‌فصل من أَرَادَ علو بُنْيَانه فَعَلَيهِ بتوثيق أساسه وإحكامه وَشدَّة الاعتناء بِهِ

- ‌فصل أَرْكَان الْكفْر أَرْبَعَة الْكبر والحسد وَالْغَضَب والشهوة فالكبر يمنعهُ

- ‌فصل عَظِيم النَّفْع

- ‌فصل السّنة شَجَرَة والشهور فروعها وَالْأَيَّام أَغْصَانهَا والساعات أوراقها

- ‌فصل إِذا بلغ العَبْد أعْطى عَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِ خالقه ومالكه فَإِذا أَخذ

- ‌فصل خلق بدن ابْن آدم من الأَرْض وروحه من ملكوت السَّمَاء وَقرن بَينهمَا

- ‌فصل بَين رِعَايَة الْحُقُوق مَعَ الضّر ورعايتها مَعَ الْعَافِيَة بون بعيد إِن عَبدِي

- ‌فصل معرفَة الله سُبْحَانَهُ نَوْعَانِ معرفَة إِقْرَار وَهِي الَّتِي اشْترك فِيهَا النَّاس

- ‌فصل الدَّرَاهِم أَرْبَعَة دَرَاهِم اكْتسب بِطَاعَة الله وَأخرج فِي حق الله فَذَاك خير

- ‌فصل الْمُوَاسَاة لِلْمُؤمنِ أَنْوَاع مواساة بِالْمَالِ ومواساة الجاه ومواساة

- ‌فصل الْجَهْل بِالطَّرِيقِ وآفاتها وَالْمَقْصُود يُوجب التَّعَب الْكثير مَعَ الْفَائِدَة

- ‌فصل إِذا عزم العَبْد على السّفر إِلَى الله تَعَالَى وإرادته عرضت لَهُ الخوادع

- ‌فصل النعم ثَلَاثَة نعْمَة حَاصِلَة يعلم بهَا العَبْد ونعمة منتظرة يرجوها ونعمة

- ‌قَاعِدَة جليلة مبدأ كل علم نَظَرِي وَعمل اخْتِيَاري هُوَ الخواطر والأفكار فَإِنَّهَا

- ‌فصل فَإِذا دفعت الخاطر الْوَارِد عَلَيْك انْدفع عَنْك مَا بعده وَإِن قبلته صَار

- ‌فَائِدَة من النَّاس من يعرف الله بالجود والإفضال وَالْإِحْسَان وَمِنْهُم من يعرفهُ

- ‌فَائِدَة من الْآفَات الْخفية الْعَامَّة أَن يكون العَبْد فِي نعْمَة أنعم الله بهَا

- ‌فصل وَمن أعز أَنْوَاع الْمعرفَة معرفَة الرب سُبْحَانَهُ بالجمال وَهِي معرفَة خَواص

- ‌فصل وَقَوله فِي الحَدِيث إِن الله جميل يحب الْجمال يتَنَاوَل جمال الثِّيَاب

- ‌فصل وقابلهم فِي الْفَرِيق الثَّانِي فَقَالُوا قد ذمّ الله سُبْحَانَهُ جمال الصُّور

- ‌فصل لَيْسَ للْعَبد شَيْء أَنْفَع من صدقه ربه فِي جَمِيع أُمُوره مَعَ صدق

- ‌فَائِدَة جليلة فِي الْقدر

- ‌فصل من أعظم الظُّلم وَالْجهل أَن تطلب التَّعْظِيم والتوقير من النَّاس وقلبك

- ‌فَائِدَة عِنْد العارفين أَن الِاشْتِغَال بِالْمُشَاهَدَةِ عَن الْبر فِي السّير فِي السِّرّ

- ‌فَائِدَة كل ذِي لب يعلم أَنه لَا طَرِيق للشَّيْطَان عَلَيْهِ إِلَّا من ثَلَاث

- ‌فَائِدَة طَالب النّفُوذ إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة بل وَإِلَى كل علم وصناعة

- ‌فَائِدَة من الذَّاكِرِينَ من يبتديء بِذكر اللِّسَان وَإِن كَانَ على غَفلَة ثمَّ لَا

- ‌فصل أَنْفَع النَّاس لَك رجل مكّنك من نَفسه حَتَّى تزرع فِيهِ خيرا أَو

- ‌فصل اللَّذَّة المحرّمة ممزوجة بالقبح حَال تنَاولهَا مثمرة للألم بعد

- ‌فصل لله على العَبْد فِي كل عُضْو من أَعْضَائِهِ أَمر وَله عَلَيْهِ فِيهِ

- ‌فصل أَقَامَ الله سُبْحَانَهُ هَذَا الْخلق بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَالعطَاء وَالْمَنْع

- ‌فصل التَّوْحِيد أصلف شَيْء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شَيْء يخدشه ويدنّسه

- ‌فَائِدَة ترك الشَّهَوَات لله وَإِن أنجى من عَذَاب الله وَأوجب الْفَوْز برحمته

- ‌فَائِدَة الْإِنَابَة هِيَ عكوف الْقلب على الله عز وجل كاعتكاف الْبدن فِي الْمَسْجِد

- ‌فَائِدَة الشهقة الَّتِي تعرض عِنْد سَماع الْقُرْآن أَو غَيره لَهَا أَسبَاب أَحدهَا يلوح

- ‌قَاعِدَة جليلة أصل الْخَيْر وَالشَّر من قبل التفكّر فَإِن الْفِكر مبدأ الْإِرَادَة

- ‌قَاعِدَة الطّلب لقاح الْإِيمَان فَإِذا اجْتمع الْإِيمَان والطلب أثمر الْعَمَل

- ‌قَاعِدَة للْعَبد بَين يَدي الله موقفان موقف بَين يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة وموقف بَين

- ‌قَاعِدَة اللَّذَّة من حَيْثُ هِيَ مَطْلُوبَة للْإنْسَان بل وَلكُل حَيّ فَلَا تذم من

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى عَن يُوسُف نبيه أَنه قَالَ

- ‌فَائِدَة قَول الله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة جليلة لَا يزَال مُنْقَطِعًا عَن الله حَتَّى تتصل إِرَادَته ومحبته بِوَجْه

- ‌قَاعِدَة جليلة قد فكّرت فِي هَذَا الْأَمر فَإِذا أَصله أَن تعلم أَن النعم

- ‌فصل وَسبب الخذلان عدم صَلَاحِية الْمحل وأهليته وقبوله للنعمة بِحَيْثُ لَو

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى

الفصل: ‌فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه وتملك

تريهم نُجُوم اللَّيْل مَا يتبعونه

على عاتق الشعري وهام النعائم

إِذا اطردت فِي معرك الْجد قصفوا

رماح العطايا فِي صُدُور المكارم

‌فصل من أعجب الْأَشْيَاء أَن تعرفه ثمَّ لَا تحبه وَأَن تسمع داعيه ثمَّ

تتأخر عَن الْإِجَابَة وَأَن تعرف قدر الرِّبْح فِي مُعَامَلَته ثمَّ تعْمل غَيره وَأَن تعرف قدر غَضَبه ثمَّ تتعرّض لَهُ وَأَن تذوق ألم الوحشة فِي مَعْصِيَته ثمَّ لَا تطلب الْأنس بِطَاعَتِهِ وَأَن تذوق عصرة الْقلب عِنْد الْخَوْض فِي غير حَدِيثه والْحَدِيث عَنهُ ثمَّ لَا تشتاق إِلَى انْشِرَاح الصَّدْر بِذكرِهِ ومناجاته وَأَن تذوق الْعَذَاب عِنْد تعلق الْقلب بِغَيْرِهِ وَلَا تهرب مِنْهُ إِلَى نعيم الإقبال عَلَيْهِ والإنابة إِلَيْهِ وأعجب من هَذَا علمك أَنَّك لابد لَك مِنْهُ وَأَنَّك أحْوج شَيْء إِلَيْهِ وَأَنت عَنهُ معرض وَفِيمَا يبعدك عَنهُ رَاغِب

‌فَائِدَة مَا أَخذ العَبْد مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا سوء ظَنّه

بربه وَأَنه لَو أطاعه وآثره لم يُعْطه خيرا مِنْهُ حَلَالا وَالثَّانيَِة أَن يكون عَالما بذلك وَأَن من ترك لله شَيْئا أعاضه خيرا مِنْهُ وَلَكِن تغلب شَهْوَته صبره وهواه عقل فَالْأول من ضعف علمه وَالثَّانِي من ضعف عقله وبصيرته قَالَ يحي بن معَاذ من جمع الله عَلَيْهِ قلبه فِي الدُّعَاء لم يردهُ قلت إِذا اجْتمع عَلَيْهِ قلبه وصدقت ضَرُورَته وفاقته وَقَوي رجاؤه فَلَا يكَاد يرد دعاؤه

‌فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدُنْيَا بِأَهْلِهَا وخداع الأمل لأربابه وتملك

الشَّيْطَان وقياد النُّفُوس رَأَوْا الدولة للنَّفس الأمارة لجأوا إِلَى حصن التضرّع والالتجاء كَمَا

ص: 47

يأوي العَبْد المذعور إِلَى حرم سَيّده سَيّده شهوات الدُّنْيَا كلعب الخيال وَنظر الْجَاهِل مَقْصُور على الظَّاهِر فَأَما ذُو الْعقل فَيرى مَا ووراء السّتْر لَاحَ لَهُم المشتهَى فَلَمَّا مدوا أَيدي التَّنَاوُل بِأَن لابصار البصائر خبط الفخ فطاروا بأجنحة الحذر وصوبوا إِلَى الرحيل الثَّانِي ياليت قومِي يعلمُونَ تلمح الْقَوْم الْوُجُود ففهموا الْمَقْصُود فَأَجْمعُوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير فِي سَوَاء السَّبِيل فَالنَّاس مشتغلون بالفضلات وهم فِي قطع الفلوات وعصافير الْهوى فِي وثاق الشبكة ينتظرون الذّبْح وَقع ثعلبان فِي شبكة فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر أَيْن الْمُلْتَقى بعد هَذَا فَقَالَ بعد يَوْمَيْنِ فِي الدباغة تالله مَا كَانَت الْأَيَّام الا مناما فليستيقظوا وَقد حصلوا على الظفر مَا مضى من الدُّنْيَا أَحْلَام وَمَا بَقِي مِنْهَا أماني وَالْوَقْت ضائع بَينهمَا

كَيفَ يسلم من لَهُ زَوْجَة لَا ترحمه وَولد لَا يعذرهُ وجار لَا يأمنه وَصَاحب لَا ينصحه وَشريك لَا ينصفه وعدو لَا ينَام عَن معاداته وَنَفس أَمارَة بالسوء وَدُنْيا متزيّنة وَهوى مرد وشهوة غالبة لَهُ وَغَضب قاهر وَشَيْطَان مزين وَضعف مستول عَلَيْهِ فَإِن تولاه الله وجذبه إِلَيْهِ انقهرت لَهُ هَذِه كلهَا وان تخلى عَنهُ ووكله إِلَى نَفسه اجْتمعت عَلَيْهِ فَكَانَت الهلكة

لما أعرض النَّاس عَن تحكيم الْكتاب وَالسّنة والمحاكمة إِلَيْهِمَا واعتقدوا عدم الِاكْتِفَاء بهما وَعدلُوا إِلَى الآراء وَالْقِيَاس وَالِاسْتِحْسَان وأقوال الشُّيُوخ عرض لَهُم من ذَلِك فَسَاد فِي فطرهم وظلمة فِي قُلُوبهم وكدر فِي أفهامهم ومحق فِي عُقُولهمْ وعمتهم هَذِه الْأُمُور وغلبت عَلَيْهِم حَتَّى رَبِّي فِيهَا الصَّغِير وهرم عَلَيْهَا الْكَبِير فَلم يروها مكرا فجاءتهم دولة أُخْرَى قَامَت فِيهَا الْبدع مقَام السّنَن وَالنَّفس مقَام الْعقل والهوى مقَام الرشد والظلال مقَام الْهدى وَالْمُنكر مقَام الْمَعْرُوف وَالْجهل مقَام الْعلم والرياء مقَام الْإِخْلَاص وَالْبَاطِل مقَام الْحق وَالْكذب مقَام الصدْق والمداهنة مقَام النَّصِيحَة وَالظُّلم مقَام الْعدْل فَصَارَت الدولة

ص: 48

وَالْغَلَبَة لهَذِهِ الْأُمُور وَأَهْلهَا هم الْمشَار إِلَيْهِم وَكَانَت قبل ذَلِك لأضدادها وَكَانَ أَهلهَا هم الْمشَار إِلَيْهِم

فَإِذا رَأَيْت دولة هَذِه الْأُمُور قد أَقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت فبطن الأَرْض وَالله خير من ظهرهَا وقلل الْجبَال خير من السهول ومخالطة الْوَحْش أسلم من مُخَالطَة النَّاس

اقشعرّت الأَرْض وأظلمت السَّمَاء وَظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر من ظلم الفجرة وَذَهَبت البركات وقلّت الْخيرَات وهُزلت الوحوش وتكدرت الْحَيَاة من فسق الظلمَة وَبكى ضوء النَّهَار وظلمة اللَّيْل من الْأَعْمَال الخبيثة وَالْأَفْعَال الفظيعة وشكا الْكِرَام الكاتبون والمعقبات إِلَى رَبهم من كَثْرَة الْفَوَاحِش وَغَلَبَة الْمُنْكَرَات والقبايح وَهَذَا وَالله مُنْذر بسيل عَذَاب قد انْعَقَد غمامه ومؤذن بلَيْل بلَاء قد ادلهمّ ظلامه فاعزلوا عَن طَرِيق هَذَا السَّبِيل بتوبة نصوح مَا دَامَت التَّوْبَة مُمكنَة وبابها مَفْتُوح وكأنكم بِالْبَابِ وَقد أغلق وبالرهن وَقد غلق وبالجناح وَقد علق {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون}

اشْتَرِ نَفسك الْيَوْم فَإِن السُّوق قَائِمَة وَالثمن مَوْجُود والبضائع رخيصة وَسَيَأْتِي على تِلْكَ السُّوق والبضايع يَوْم لَا تصل فِيهَا إِلَى قَلِيل وَلَا كثير ذَلِكَ يَوْم التغابن يَوْم يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ

إِذا أَنْت لم ترحل بزاد من التقى

وأبصرت يَوْم الْحَشْر من قد تزودا

نَدِمت على أَن لَا تكون كمثله

وَأَنَّك لم ترصد كَمَا كَانَ أرصدا

الْعَمَل بِغَيْر إخلاص وَلَا اقْتِدَاء كالمسافر يمْلَأ جرابه رملا يثقله وَلَا يَنْفَعهُ إِذا حملت على الْقلب هموم الدُّنْيَا وأثقالها وتهاونت بأوراده الَّتِي هِيَ قوته وحياته كنت كالمسافر الَّذِي يحمل دَابَّته فَوق طاقتها وَلَا يوفيها عَلفهَا فَمَا أسْرع مَا تقف بِهِ

ومشتت العزمات ينْفق عمره

حيران لَا ظفر وَلَا إخفاق

ص: 49

هَل السَّائِق العجلان يملك أمره

فَمَا كل سير اليعملات وحيد

رويدا بأخفاف المطى فَإِنَّمَا

تداس جباه تحتهَا وخدود

من تلمح حلاوة الْعَافِيَة هان عَلَيْهِ مرَارَة الصَّبْر الْغَايَة أول فِي التَّقْدِير آخر فِي الْوُجُود مبدأ فِي نظر الْعقل مُنْتَهى فِي منَازِل الْوُصُول ألفت عجز الْعَادة فَلَو علت بك همّتك رَبًّا الْمَعَالِي لاحت لَك أنوار العزائم إِنَّمَا تفَاوت الْقَوْم بالهمم لَا بالصور تَزُول همة الكساح دلاه فِي جب الْعذرَة بَيْنك وَبَين الفائزين جبل الْهوى نزلُوا بَين يَدَيْهِ وَنزلت خَلفه فاطو فضل منزل تلْحق بالقوم الدُّنْيَا مضمار سباق وَقد انْعَقَد الْغُبَار وخفي السَّابِق وَالنَّاس فِي الْمِضْمَار بَين فَارس وراجل وَأَصْحَاب حمر معقرة

سَوف ترى إِذا انجلى الْغُبَار

أَفرس تَحْتك أم حمَار

فِي الطَّبْع شَره وَالْحمية أوفق لص الْحِرْص لَا يمشي إِلَّا فِي ظلام الْهوى حَبَّة المشتهى تَحت فخ التّلف فتفكر الذّبْح وَقد هان الصَّبْر قُوَّة الطمع فِي بُلُوغ الأمل توجب الِاجْتِهَاد فِي الطّلب وَشدَّة الحذر من فَوت المأمول الْبَخِيل فَقير لَا يُؤجر على فقره الصَّبْر على عَطش الضّر وَلَا الشّرْب من شرعة منّ تجوع الْحرَّة وَلَا تَأْكُل ثدييها لَا تسْأَل سوى مَوْلَاك فسؤال العَبْد غير سَيّده تشنيع عَلَيْهِ غرس الْخلْوَة يُثمر الْأنس استوحش مِمَّا لَا يَدُوم مَعَك واستأنس بِمن لَا يفارقك عزلة الْجَاهِل فَسَاد وَأما عزلة الْعَالم فمعها حذاؤها وسقاؤها إِذا اجْتمع الْعقل وَالْيَقِين فِي بَيت العرلة واستحضر الْفِكر وَجَرت بَينهم مُنَاجَاة

أَتَاك حَدِيث لَا يمل سَمَاعه

شهى إِلَيْنَا نثره ونظامه

إِذا ذكرته النَّفس زَالَ عناؤها

وَزَالَ عَن الْقلب الْمَعْنى ظلامه

إِذا خرجت من عَدوك لَفْظَة سفه فَلَا تلحقها بِمِثْلِهَا تلقّحها ونسل الْخِصَام نسل مَذْمُوم حميتك لنَفسك أثر الْجَهْل بهَا فَلَو عرفتها حق مَعْرفَتهَا أعنت الْخصم عَلَيْهَا إِذا اقتدحت نَار الانتقام من نَار الْغَضَب ابتدأت بإحراق القادح أوثق

ص: 50

غضبك بسلسلة الْحلم فَإِنَّهُ كلب إِن أفلت أتلف من سبقت لَهُ سَابِقَة السَّعَادَة دلّ على الدَّلِيل قبل الطّلب إِذا أَرَادَ الْقدر شخصا بذر فِي أَرض قلبه بذر التَّوْفِيق ثمَّ سقَاهُ بِمَاء الرَّغْبَة والرهبة ثمَّ أَقَامَ عَلَيْهِ بأطوار المراقبة واستخدم لَهُ حارس الْعلم فَإِذا الزَّرْع قَائِم على سوقه إِذا طلع نجم الهمة فِي ظلام ليل البطالة وَردفهُ قمر الْعَزِيمَة أشرقت أَرض الْقلب بِنور رَبهَا إِذا جن اللَّيْل تغالب النّوم والسهر فالخوف والشوق فِي مقدم عَسْكَر الْيَقَظَة والكسل والتواني فِي كَتِيبَة الْغَفْلَة فَإِذا حمل الْعَزْم حمل على الميمنة وانهزمت جنود التَّفْرِيط فَمَا يطلع الْفجْر إِلَّا وَقد قسمت السهْمَان وَبَردت الْغَنِيمَة لأَهْلهَا سفر اللَّيْل لَا يطيقه إِلَّا مُضْمر المجاعة النجائب فِي الأول وحاملات الزَّاد فِي الْأَخير لَا تسأم من الْوُقُوف على الْبَاب وَلَو طردت وَلَا تقطع الِاعْتِذَار وَلَو رددت فَإِن فتح الْبَاب للمقبولين دُونك فاهجم هجوم الْكَذَّابين وادخل دُخُول الطفيلية وابسط كف وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا يَا مستفتحا بَاب المعاش بِغَيْر إقليد التَّقْوَى كَيفَ توسع طَرِيق الْخَطَايَا وتشكو ضيق الرزق وَلَو وقفت عِنْد مُرَاد التَّقْوَى لم يفتك مُرَاد الْمعاصِي سد فِي بَاب الْكسْب وَإِن العَبْد ليحرم الرزق بالذنب يُصِيبهُ

تالله مَا جِئتُكُمْ زَائِرًا

إِلَّا وجدت الأَرْض تطوي لي

وَلَا انثنى عزمي عَن بَابَكُمْ

إِلَّا تعثرت بأذيالي

الْأَرْوَاح فِي الأشباح كالأطيار فِي الأبراج وَلَيْسَ مَا أعد للاستفراخ كمن هيء للسباق من أَرَادَ من الْعمَّال أَن يعرف قدره عِنْد السُّلْطَان فَلْينْظر مَاذَا يوليه من الْعَمَل وَبِأَيِّ شغل يشْغلهُ كن من أَبنَاء الْآخِرَة وَلَا تكن من أَبنَاء الدُّنْيَا فَإِن الْوَلَد يتبع الْأُم الدُّنْيَا لَا تَسَاوِي نقل أقدامك إِلَيْهَا فَكيف تعدو خلفهَا الدُّنْيَا جيفة والأسد لَا يَقع على الْجِيَف الدُّنْيَا مجَاز وَالْآخِرَة وَطن والأوطار إِنَّمَا تطلب فِي الأوطان

الِاجْتِمَاع بالإخوان قِسْمَانِ أَحدهمَا اجْتِمَاع على مؤانسة الطَّبْع وشغل الْوَقْت فَهَذَا

ص: 51

مضرّته أرجح من منفعَته وَأَقل مَا فِيهِ أَنه يفْسد الْقلب ويضيع الْوَقْت الثَّانِي الِاجْتِمَاع بهم على التعاون على أَسبَاب النجَاة والتواصي بِالْحَقِّ وَالصَّبْر فَهَذَا من أعظم الْغَنِيمَة وأنفعها وَلَكِن فِيهِ ثَلَاث آفَات احداها تزين بَعضهم لبَعض الثَّانِيَة الْكَلَام والخلطة أَكثر من الْحَاجة الثَّالِثَة أَن يصير ذَلِك شَهْوَة وَعَادَة يَنْقَطِع بهَا عَن الْمَقْصُود وَبِالْجُمْلَةِ فالاجتماع والخلطة لقاح أما للنَّفس الأمارة وَأما للقلب وَالنَّفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقَاح فَمن طلب لقاحه طابت ثَمَرَته وَهَكَذَا الْأَرْوَاح الطيّبة لقاحها من الْملك والخبيثة لقاحها من الشَّيْطَان وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ بِحِكْمَتِهِ الطَّيِّبَات للطيبين والطيبين للطيبات وَعكس ذَلِك قَاعِدَة

لَيْسَ فِي الْوُجُود الْمُمكن سَبَب وَاحِد مُسْتَقل بالتأثير بل لَا يُؤثر سَبَب الْبَتَّةَ إِلَّا بانضمام سَبَب آخر إِلَيْهِ وَانْتِفَاء مَانع يمْنَع تَأْثِيره هَذَا فِي الْأَسْبَاب المشهودة بالعيان وَفِي الْأَسْبَاب الغائبة والأسباب المعنوية كتأثير الشَّمْس فِي الْحَيَوَان والنبات فَإِنَّهُ مَوْقُوف على أَسبَاب أخر من وجود مَحل قَابل وَأَسْبَاب أخر تنضم إِلَى ذَلِك السَّبَب وَكَذَلِكَ حُصُول الْوَلَد مَوْقُوف على عدَّة أَسبَاب غير وَطْء الْفَحْل وَكَذَلِكَ جَمِيع الْأَسْبَاب مَعَ مسبباتها فَكل مَا يخَاف ويرجى من الْمَخْلُوقَات فأعلى غاياته أَن يكون جُزْء سَبَب غير مُسْتَقل بالتأثير وَلَا يسْتَقلّ بالتأثير وَحده دون توقف تَأْثِيره على غَيره إِلَّا الله الْوَاحِد القهّار فَلَا يَنْبَغِي أَن يُرْجَى وَلَا يخَاف غَيره وَهَذَا برهَان قَطْعِيّ على أَن تعلق الرَّجَاء وَالْخَوْف بِغَيْرِهِ بَاطِل فَإِنَّهُ لَو فرض أَن ذَلِك سَبَب مُسْتَقل وَحده بالتأثير لكَانَتْ سببيته من غَيره لَا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ من نَفسه قُوَّة يفعل بهَا فَإِنَّهُ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَهُوَ الَّذِي بِيَدِهِ الْحول كُله وَالْقُوَّة كلهَا فالحول وَالْقُوَّة الَّتِي يُرْجَى لأجلهما الْمَخْلُوق وَيخَاف إِنَّمَا هما لله وَبِيَدِهِ فِي الْحَقِيقَة فَكيف يخَاف ويرجى من لَا حول لَهُ وَلَا قُوَّة بل خوف الْمَخْلُوق ورجاؤه أحد أَسبَاب الحرمان ونزول الْمَكْرُوه بِمن يرجوه ويخافه فَإِنَّهُ على قدر خوفك من

ص: 52

غير الله يُسَلط عَلَيْك وعَلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان وَهَذَا حَال الْخلق أجمعه وَإِن ذهب عَن أَكْثَرهم علما وَحَالا فَمَا شَاءَ الله كَانَ وَلَا بُد وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وَلَو اتّفقت عَلَيْهِ الخليقة

التَّوْحِيد مفزع أعدائه وأوليائه فَأَما أعداؤه فينجيهم من كرب الدُّنْيَا وشدائدها {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هم يشركُونَ} وَأما أولياؤه فينجيهم بِهِ من كربات الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وشدائدها وَلذَلِك فزع إِلَيْهِ يُونُس فنجّاه الله من تِلْكَ الظُّلُمَات وفزع إِلَيْهِ أَتبَاع الرُّسُل فنجوا بِهِ مِمَّا عذب بِهِ الْمُشْركُونَ فِي الدُّنْيَا وَمَا أعد لَهُم فِي الْآخِرَة وَلما فزع إِلَيْهِ فِرْعَوْن عِنْد مُعَاينَة الْهَلَاك وَإِدْرَاك الْغَرق لَهُ لم يَنْفَعهُ لِأَن الْإِيمَان عِنْد المعاينة لَا يقبل هَذِه سنة الله فِي عباده فَمَا دفعت شَدَائِد الدُّنْيَا بِمثل التَّوْحِيد وَلذَلِك كَانَ دُعَاء الكرب بِالتَّوْحِيدِ ودعوة ذِي النُّون الَّتِي مَا دَعَا بهَا مكروب إِلَّا فرّج الله كربه بِالتَّوْحِيدِ فَلَا يلقى فِي الكرب الْعِظَام إِلَّا الشّرك وَلَا يُنجي مِنْهَا إِلَّا التَّوْحِيد فَهُوَ مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فَائِدَة اللَّذَّة تَابِعَة للمحبة تقوى بقوتها وتضعف بضعفها فَكلما كَانَت الرَّغْبَة فِي المحبوب والشوق إِلَيْهِ أقوى كَانَت اللَّذَّة بالوصول إِلَيْهِ أتم والمحبة والشوق تَابع لمعرفته وَالْعلم بِهِ فَكلما كَانَ الْعلم بِهِ أتم كَانَت محبته أكمل فَإِذا رَجَعَ كَمَال النَّعيم فِي الْآخِرَة وَكَمَال اللَّذَّة إِلَى الْعلم وَالْحب فَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته وَدينه أعرف كَانَ لَهُ أحب وَكَانَت لذته بالوصول إِلَيْهِ مجاورته وَالنَّظَر الي جهه وَسَمَاع كَلَامه أتم وكل لَذَّة ونعيم وسرور وبهجة بِالْإِضَافَة إِلَى ذَلِك كقطرة فِي بَحر فَكيف يُؤثر من لَهُ عقل لَذَّة ضَعِيفَة قَصِيرَة مشوبة بالآلام على لَذَّة عَظِيمَة دائمة أَبَد الآباد وَكَمَال العَبْد بِحَسب هَاتين القوتين الْعلم وَالْحب وَأفضل الْعلم الْعلم بِاللَّه وَأَعْلَى الْحبّ الْحبّ لَهُ وأكمل اللَّذَّة بحسبهما وَالله الْمُسْتَعَان

ص: 53