المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة في المسند وصحيح أبي الحاتم من حديث عبد الله بن مسعود قال - الفوائد لابن القيم - ط العلمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌قَاعِدَة جليلة إِذا أردْت الِانْتِفَاع بِالْقُرْآنِ فاجمع قَلْبك عِنْد تِلَاوَته وسماعه

- ‌فصل وَقد جمعت هَذِه السُّورَة من أصُول الْإِيمَان مَا يَكْفِي ويشفي ويغني عَن

- ‌فَائِدَة جليلة قَوْله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة للْإنْسَان قوتان قُوَّة علمية نظرية وَقُوَّة عملية إرادية وسعادته

- ‌فَائِدَة الرب تَعَالَى يَدْعُو عباده فِي الْقُرْآن إِلَى مَعْرفَته من طَرِيقين أَحدهمَا

- ‌فَائِدَة فِي الْمسند وصحيح أبي الحاتم من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ

- ‌فَائِدَة أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وَأَشْرَفهَا وأعلاها ذاتا وَقدرا

- ‌فَائِدَة قبُول الْمحل لما يوضع فِيهِ مَشْرُوط بتفريغه من ضدّه وَهَذَا كَمَا أَنه

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ إِلَى آخرهَا أخلصت هَذِه السُّورَة للوعد

- ‌فصل طُوبَى لمن أنصف ربّه فَأقر لَهُ بِالْجَهْلِ فِي علمه والآفات فِي عمله

- ‌فَائِدَة الْغيرَة غيرتان غيرَة على الشَّيْء وغيرة من الشَّيْء فالغيرة على

- ‌فصل اياك والمعاصي فانها أزالت عِزَّ اسْجُدُوا

- ‌فَائِدَة من فقد أنسه بِاللَّه بَين النَّاس ووجده فِي الْوحدَة فَهُوَ صَادِق ضَعِيف

- ‌فصل الدُّنْيَا كامرأة بغي لَا تثبت مَعَ زوج إِنَّمَا تخْطب الْأزْوَاج ليستحسنوا

- ‌فصل من أعجب الْأَشْيَاء أَن تعرفه ثمَّ لَا تحبه وَأَن تسمع داعيه ثمَّ

- ‌فَائِدَة مَا أَخذ العَبْد مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا سوء ظَنّه

- ‌فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدُنْيَا بِأَهْلِهَا وخداع الأمل لأربابه وتملك

- ‌فَائِدَة جليلة جمع النبى بَين تقوى الله وَحسن الْخلق لِأَن تقوى الله

- ‌فَائِدَة جليلة بَين العَبْد وَبَين الله وَالْجنَّة قنطرة تقطع بخطوتين خطْوَة عَن

- ‌قَاعِدَة لشهادة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله عِنْد الْمَوْت تَأْثِير عَظِيم فِي تَكْفِير

- ‌فصل جمع النَّبِي فِي قَوْله فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب بَين مصَالح

- ‌فَائِدَة جمع النَّبِي بَين المأثم والمغرم فَإِن المأثم يُوجب خسارة الْآخِرَة

- ‌فَائِدَة قَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا علق سُبْحَانَهُ الْهِدَايَة

- ‌فصل ألْقى الله سُبْحَانَهُ الْعَدَاوَة بَين الشَّيْطَان وَبَين الْملك والعداوة بَين

- ‌فصل لما خرج رَسُول الله من حصر الْعَدو دخل فِي حصر النَّصْر

- ‌فصل يَا مغرورا بالأماني لعن إِبْلِيس وأهبط من منزل الْعِزّ بترك سَجْدَة وَاحِدَة

- ‌فصل كَانَ أول الْمَخْلُوقَات الْقَلَم ليكتب الْمَقَادِير قبل كَونهَا وَجعل آدم وَآخر

- ‌فصل لما سلم لآدَم أصل الْعُبُودِيَّة لم يقْدَح فِيهِ الذَّنب ابْن آدم لَو

- ‌فصل الْقُرْآن كَلَام الله وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ وَصِفَاته فَتَارَة يتجلى فِي

- ‌فصل لما بَايع الرَّسُول أهل الْعقبَة أَمر أَصْحَابه بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة

- ‌فصل علمت كلبك فَهُوَ يتْرك شَهْوَته فِي تنَاول مَا صَاده احتراما لنعمتك وخوفا

- ‌فَائِدَة هجر الْقُرْآن أَنْوَاع أَحدهَا هجر سَمَاعه وَالْإِيمَان بِهِ والإصغاء إِلَيْهِ

- ‌فَائِدَة كَمَال النَّفس الْمَطْلُوب مَا تضمن أَمريْن أَحدهمَا أَن يصير هَيْئَة راسخة وَصفَة

- ‌فَائِدَة جليلة إِذا أصبح العَبْد وَأمسى وَلَيْسَ همه إِلَّا الله وَحده تحمل الله

- ‌فَائِدَة الْعلم نقل صُورَة الْمَعْلُوم من الْخَارِج وإثباتها فِي النَّفس ولعمل نقل

- ‌قَاعِدَة الْإِيمَان لَهُ ظَاهر وباطن وَظَاهره قَول اللِّسَان وَعمل الْجَوَارِح وباطنه

- ‌قَاعِدَة التَّوَكُّل على الله نَوْعَانِ أَحدهمَا توكل عَلَيْهِ فِي جلب حوائج العَبْد

- ‌فَائِدَة الْجَاهِل يشكو الله إِلَى النَّاس وَهَذَا غَايَة الْجَهْل بالمشكو والمشكو

- ‌قَاعِدَة جليلة قَالَ الله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة جليلة قَوْله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة لَا تتمّ الرَّغْبَة فِي الْآخِرَة إِلَّا بالزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا يَسْتَقِيم الزّهْد

- ‌قَاعِدَة أساس كل خير أَن تعلم أَن مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم

- ‌فَائِدَة جليلة كل من آثر الدُّنْيَا من أهل الْعلم واستحبها فَلَا بُد أَن

- ‌فصل فَهَذَا حَال الْعَالم الْمُؤثر الدُّنْيَا على الْآخِرَة وَأما العابد الْجَاهِل

- ‌فَائِدَة عَظِيمَة أفضل مَا اكتسبته النُّفُوس وحصلته الْقُلُوب العَبْد ونال بِهِ

- ‌فَائِدَة جليلة إِنَّمَا يجد الْمَشَقَّة فِي ترك المألوفات والعوائد من تَركهَا لغير

- ‌قَاعِدَة جليلة قَالَ الله تَعَالَى

- ‌فصل عشرَة أَشْيَاء ضائعة لَا ينْتَفع بهَا علم لَا يعْمل بِهِ وَعمل لَا

- ‌فصل لله سُبْحَانَهُ على عَبده أَمر أمره بِهِ وَقَضَاء يَقْضِيه عَلَيْهِ ونعمة ينعم

- ‌فصل من ترك الِاخْتِيَار وَالتَّدْبِير فِي رَجَاء زِيَادَة أَو خوف نُقْصَان أَو طلب

- ‌فصل عَلامَة صِحَة الْإِرَادَة أَن يكون هم المريد رضَا ربه واستعداده للقائه

- ‌فصل إِذا اسْتغنى النَّاس بالدنيا فاستغن أَنْت بِاللَّه وَإِذا فرحوا بالدنيا

- ‌فصل الزّهْد أَقسَام زهد فِي الْحَرَام وَهُوَ فرض عين وزهد فِي الشُّبُهَات وَهُوَ

- ‌فَائِدَة جليلة قَالَ سهل بن عبد الله ترك الْأَمر عِنْد الله أعظم من

- ‌فصل مبْنى الدّين على قاعدتين الذّكر وَالشُّكْر قَالَ تَعَالَى

- ‌فصل تكَرر فِي الْقُرْآن جعل الْأَعْمَال الْقَائِمَة بِالْقَلْبِ والجوارح سَبَب الْهِدَايَة

- ‌فصل وَأما الأَصْل الثَّانِي وَهُوَ اقْتِضَاء الْفُجُور وَالْكبر وَالْكذب للضلال فكثير

- ‌فصل وكما يقره سُبْحَانَهُ بَين الْهدى والتقى والضلال والغي فَكَذَلِك يقرن بَين

- ‌فصل وَالْهدى وَالرَّحْمَة وتوابعها من الْفضل والإنعام كُله من صفة الْعَطاء

- ‌فصل إِذا رَأَيْت النُّفُوس المبطلة الفارغة من الْإِرَادَة والطلب لهَذَا الشَّأْن قد

- ‌فصل إياك وَالْكذب فَإِنَّهُ يفْسد عَلَيْك تصور المعلومات على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَيفْسد

- ‌فصل فِي قَوْله تَعَالَى

- ‌فصل لَا ينْتَفع بِنِعْمَة الله بِالْإِيمَان وَالْعلم إِلَّا من عرف نَفسه ووقف بهَا

- ‌فصل الصَّبْر عَن الشَّهْوَة أسهل من الصَّبْر على مَا توجبه الشَّهْوَة فَإِنَّهَا إِمَّا

- ‌فصل للأخلاق حد مَتى جاوزته صَارَت عُدْوانًا وَمَتى قصّرت عَنهُ كَانَ نقصا ومهانة

- ‌فصل قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رضي الله عنه يَا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كَيفَ

- ‌فصل أصل الْأَخْلَاق المذمومة كلهَا الْكبر والمهانة والدناءة وأصل الْأَخْلَاق

- ‌فصل الْمطلب الْأَعْلَى مَوْقُوف حُصُوله على همة عالية وَنِيَّة صَحِيحَة فَمن فقدهما

- ‌فصل من كَلَام عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ رجل عِنْده

- ‌فصل لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء والطمع فِيمَا عِنْد

- ‌فصل لَذَّة كل أحد على حسب قدره وهمّته وَشرف نَفسه فَأَشْرَف النَّاس نفسا

- ‌فصل ذكر ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كَانَ

- ‌فصل الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب مَوْقُوف على هجر العوائد وَقطع الْعَوَائِق فالعوائد

- ‌فصل وَأما الْعَوَائِق فَهِيَ أَنْوَاع المخالفات ظَاهرهَا وباطنها فَإِنَّهَا تعوق

- ‌فصل وَأما العلائق فَهِيَ كل مَا تعلق بِهِ الْقلب دون الله وَرَسُوله من

- ‌فصل لما كمل الرَّسُول مقَام الافتقار إِلَى الله سُبْحَانَهُ أحْوج الْخَلَائق

- ‌فصل من عَلَامَات السَّعَادَة والفلاح أَن العَبْد كلما زيد فِي علمه زيد فِي

- ‌فصل من أَرَادَ علو بُنْيَانه فَعَلَيهِ بتوثيق أساسه وإحكامه وَشدَّة الاعتناء بِهِ

- ‌فصل أَرْكَان الْكفْر أَرْبَعَة الْكبر والحسد وَالْغَضَب والشهوة فالكبر يمنعهُ

- ‌فصل عَظِيم النَّفْع

- ‌فصل السّنة شَجَرَة والشهور فروعها وَالْأَيَّام أَغْصَانهَا والساعات أوراقها

- ‌فصل إِذا بلغ العَبْد أعْطى عَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِ خالقه ومالكه فَإِذا أَخذ

- ‌فصل خلق بدن ابْن آدم من الأَرْض وروحه من ملكوت السَّمَاء وَقرن بَينهمَا

- ‌فصل بَين رِعَايَة الْحُقُوق مَعَ الضّر ورعايتها مَعَ الْعَافِيَة بون بعيد إِن عَبدِي

- ‌فصل معرفَة الله سُبْحَانَهُ نَوْعَانِ معرفَة إِقْرَار وَهِي الَّتِي اشْترك فِيهَا النَّاس

- ‌فصل الدَّرَاهِم أَرْبَعَة دَرَاهِم اكْتسب بِطَاعَة الله وَأخرج فِي حق الله فَذَاك خير

- ‌فصل الْمُوَاسَاة لِلْمُؤمنِ أَنْوَاع مواساة بِالْمَالِ ومواساة الجاه ومواساة

- ‌فصل الْجَهْل بِالطَّرِيقِ وآفاتها وَالْمَقْصُود يُوجب التَّعَب الْكثير مَعَ الْفَائِدَة

- ‌فصل إِذا عزم العَبْد على السّفر إِلَى الله تَعَالَى وإرادته عرضت لَهُ الخوادع

- ‌فصل النعم ثَلَاثَة نعْمَة حَاصِلَة يعلم بهَا العَبْد ونعمة منتظرة يرجوها ونعمة

- ‌قَاعِدَة جليلة مبدأ كل علم نَظَرِي وَعمل اخْتِيَاري هُوَ الخواطر والأفكار فَإِنَّهَا

- ‌فصل فَإِذا دفعت الخاطر الْوَارِد عَلَيْك انْدفع عَنْك مَا بعده وَإِن قبلته صَار

- ‌فَائِدَة من النَّاس من يعرف الله بالجود والإفضال وَالْإِحْسَان وَمِنْهُم من يعرفهُ

- ‌فَائِدَة من الْآفَات الْخفية الْعَامَّة أَن يكون العَبْد فِي نعْمَة أنعم الله بهَا

- ‌فصل وَمن أعز أَنْوَاع الْمعرفَة معرفَة الرب سُبْحَانَهُ بالجمال وَهِي معرفَة خَواص

- ‌فصل وَقَوله فِي الحَدِيث إِن الله جميل يحب الْجمال يتَنَاوَل جمال الثِّيَاب

- ‌فصل وقابلهم فِي الْفَرِيق الثَّانِي فَقَالُوا قد ذمّ الله سُبْحَانَهُ جمال الصُّور

- ‌فصل لَيْسَ للْعَبد شَيْء أَنْفَع من صدقه ربه فِي جَمِيع أُمُوره مَعَ صدق

- ‌فَائِدَة جليلة فِي الْقدر

- ‌فصل من أعظم الظُّلم وَالْجهل أَن تطلب التَّعْظِيم والتوقير من النَّاس وقلبك

- ‌فَائِدَة عِنْد العارفين أَن الِاشْتِغَال بِالْمُشَاهَدَةِ عَن الْبر فِي السّير فِي السِّرّ

- ‌فَائِدَة كل ذِي لب يعلم أَنه لَا طَرِيق للشَّيْطَان عَلَيْهِ إِلَّا من ثَلَاث

- ‌فَائِدَة طَالب النّفُوذ إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة بل وَإِلَى كل علم وصناعة

- ‌فَائِدَة من الذَّاكِرِينَ من يبتديء بِذكر اللِّسَان وَإِن كَانَ على غَفلَة ثمَّ لَا

- ‌فصل أَنْفَع النَّاس لَك رجل مكّنك من نَفسه حَتَّى تزرع فِيهِ خيرا أَو

- ‌فصل اللَّذَّة المحرّمة ممزوجة بالقبح حَال تنَاولهَا مثمرة للألم بعد

- ‌فصل لله على العَبْد فِي كل عُضْو من أَعْضَائِهِ أَمر وَله عَلَيْهِ فِيهِ

- ‌فصل أَقَامَ الله سُبْحَانَهُ هَذَا الْخلق بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَالعطَاء وَالْمَنْع

- ‌فصل التَّوْحِيد أصلف شَيْء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شَيْء يخدشه ويدنّسه

- ‌فَائِدَة ترك الشَّهَوَات لله وَإِن أنجى من عَذَاب الله وَأوجب الْفَوْز برحمته

- ‌فَائِدَة الْإِنَابَة هِيَ عكوف الْقلب على الله عز وجل كاعتكاف الْبدن فِي الْمَسْجِد

- ‌فَائِدَة الشهقة الَّتِي تعرض عِنْد سَماع الْقُرْآن أَو غَيره لَهَا أَسبَاب أَحدهَا يلوح

- ‌قَاعِدَة جليلة أصل الْخَيْر وَالشَّر من قبل التفكّر فَإِن الْفِكر مبدأ الْإِرَادَة

- ‌قَاعِدَة الطّلب لقاح الْإِيمَان فَإِذا اجْتمع الْإِيمَان والطلب أثمر الْعَمَل

- ‌قَاعِدَة للْعَبد بَين يَدي الله موقفان موقف بَين يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة وموقف بَين

- ‌قَاعِدَة اللَّذَّة من حَيْثُ هِيَ مَطْلُوبَة للْإنْسَان بل وَلكُل حَيّ فَلَا تذم من

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

- ‌فَائِدَة قَوْله تَعَالَى عَن يُوسُف نبيه أَنه قَالَ

- ‌فَائِدَة قَول الله تَعَالَى

- ‌فَائِدَة جليلة لَا يزَال مُنْقَطِعًا عَن الله حَتَّى تتصل إِرَادَته ومحبته بِوَجْه

- ‌قَاعِدَة جليلة قد فكّرت فِي هَذَا الْأَمر فَإِذا أَصله أَن تعلم أَن النعم

- ‌فصل وَسبب الخذلان عدم صَلَاحِية الْمحل وأهليته وقبوله للنعمة بِحَيْثُ لَو

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى

الفصل: ‌فائدة في المسند وصحيح أبي الحاتم من حديث عبد الله بن مسعود قال

على غَضَبه وَمَا فِيهَا من الْإِكْرَام والتقريب والعناية دَال على محبّته وَمَا فِيهَا من الإهانة والإبعاد والخذلان دَال على بغضه ومقته وَمَا فِيهَا من ابْتِدَاء الشَّيْء فِي غَايَة النَّقْص والضعف ثمَّ سوقه إِلَى تَمَامه ونهايته دَال على وُقُوع الْمعَاد وَمَا فِيهَا من أَحْوَال النَّبَات وَالْحَيَوَان وَتصرف الْمِيَاه دَلِيل على إِمْكَان الْمعَاد وَمَا فِيهَا من ظُهُور آثَار الرَّحْمَة وَالنعْمَة على خلقه دَلِيل على صحّة النبوّات وَمَا فِيهَا من الكمالات الَّتِي لَو عدمتها كَانَت نَاقِصَة دَلِيل على أَن معطي تِلْكَ الكمالات أَحَق بهَا فمفعولاته من أدل شَيْء على صِفَاته وَصدق مَا أخْبرت بِهِ رسله عَنهُ فالمصنوعات شاهدة تصدق الْآيَات المسموعات منبّهة على الِاسْتِدْلَال بِالْآيَاتِ المصنوعات قَالَ تَعَالَى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} أَي أَن الْقُرْآن حق فَأخْبر أنّه لَا بُد من أَن يُرِيهم من آيَاته المشهودة مَا يبيّن لَهُم أَن آيَاته المتلوّة حق ثمَّ أخبر بكفاية شَهَادَته على صِحَة خَبره بِمَا أَقَامَ من الدَّلَائِل والبراهين على صدق رَسُوله فآياته شاهدة بصدقه وَهُوَ شَاهد بِصدق رَسُوله بآياته وَهُوَ الشَّاهِد والمشهود لَهُ وَهُوَ الدَّلِيل والمدلول عَلَيْهِ فَهُوَ الدَّلِيل بِنَفسِهِ على نَفسه كَمَا قَالَ بعض العارفين كَيفَ أطلب لدَلِيل على من هُوَ دَلِيل على كل شَيْء فَأَي دَلِيل طلبته عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ أظهر مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ الرُّسُل لقومهم {أَفِي اللَّهِ شَكّ} فَهُوَ أعرف من كل مَعْرُوف وَأبين من كل دَلِيل فالأشياء عُرفت بِهِ فِي الْحَقِيقَة وَإِن كَانَ عُرف بهَا فِي النّظر وَالِاسْتِدْلَال بأفعاله وَأَحْكَامه عَلَيْهِ

‌فَائِدَة فِي الْمسند وصحيح أبي الحاتم من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ

قَالَ رَسُول الله مَا أصَاب عبدا هم وَلَا حزن فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك ابْن أمتك ناصيتي بِيَدِك مَاض فِي حكمك عدل فِي قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو علّمته أحدا من خلقك أَو استأثرت

ص: 21

بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي وَنور صَدْرِي وجلاء حزني وَذَهَاب همّي وغمّي إِلَّا أذهب الله همه وغمه وأبدله مَكَانَهُ فَرحا قَالُوا يَا رَسُول الله أَفلا نتعلّمهن قَالَ بلَى يَنْبَغِي لمن سمعهن أَن يتعلّمهن فتضمّن هَذَا الحَدِيث الْعَظِيم أمورا من الْمعرفَة والتوحيد والعبوديّة مِنْهَا أَن الدَّاعِي بِهِ صدَّر سُؤَاله بقوله إِنِّي عَبدك ابْن عَبدك ابْن أمتك وَهَذَا يتَنَاوَل مَن فَوْقه من آبَائِهِ وأمهاته إِلَى أَبَوَيْهِ آدم وحوّاء وَفِي ذَلِك تملّق لَهُ واستخذا بَين يَدَيْهِ واعتراف بِأَنَّهُ مَمْلُوكه وآباؤه مماليكه وَأَن العَبْد لَيْسَ لَهُ غير بَاب سيّده وفضله وإحسانه وَأَن سيّده إِن أهمله وتخلّى عَنهُ هلك وَلم يُؤوه أحد وَلم يعْطف عَلَيْهِ بل يضيع أعظم ضَيْعَة فتحت هَذَا الِاعْتِرَاف أَنِّي لَا غنى بِي عَنْك طرفَة عين وَلَيْسَ لي من أعوذ بِهِ وألوذ بِهِ غير سيّدي الَّذِي أَنا عَبده وَفِي ضمن ذَلِك الِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ مربوب مدبّر مَأْمُور مَنْهِيّ إِنَّمَا يتصرّف بِحكم العبوديّة لَا بِحكم الِاخْتِيَار لنَفسِهِ فَلَيْسَ هَذَا شَأْن العَبْد بل شَأْن الْمُلُوك والأحرار وَأما العبيد فتعرفهم على مَحْض العبوديّة فَهَؤُلَاءِ عبيد الطَّاعَة المضافون إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي قَوْله {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِم سُلْطَان} وَقَوله {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْض هونا} وَمن عداهم عبيد الْقَهْر والربوبية فأضافتهم إِلَيْهِ كإضافة سَائِر الْبيُوت إِلَى ملكه وَإِضَافَة أُولَئِكَ كإضافة الْبَيْت الْحَرَام إِلَيْهِ اضافة نَاقَته إِلَيْهِ وداره الَّتِي هِيَ الْجنَّة إِلَيْهِ وَإِضَافَة عبودية رَسُوله إِلَيْهِ بقوله {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا على عَبدنَا} {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} وَفِي التَّحْقِيق بِمَعْنى قَوْله أَنِّي عَبدك الْتِزَام عبوديته من الذل والخضوع والإنابة وامتثال أَمر سيّده وَاجْتنَاب نَهْيه ودوام الافتقار اليه واللجأ إِلَيْهِ والاستعانة بِهِ والتوكّل عَلَيْهِ وعياذ العَبْد بِهِ ولياذه بِهِ وَإِن لم لَا يتعلّق قلبه بِغَيْرِهِ محبّة وخوفا ورجاء وَفِيه أَيْضا أَنِّي عبد من جَمِيع الْوُجُوه صَغِيرا وكبيرا حيّا وميّتا ومطيعا وعاصيا معافى ومبتلى بِالروحِ وَالْقلب وَاللِّسَان والجوارح وَفِي أَيْضا أَن مَالِي وَنَفْسِي ملك لَك فَإِن العَبْد وَمَا

ص: 22

يملك لسيّده وَفِيه أَيْضا أَنَّك أَنْت الَّذِي مننت عليَّ بِكُل مل أَنا فِيهِ من نعْمَة فَذَلِك كلّه من إنعامك على عَبدك وَفِيه أَيْضا أَنِّي لَا أتصرّف فِيمَا خوّلتني من مَالِي وَنَفْسِي إِلَّا بِأَمْرك كَمَا لَا يتصرّف العَبْد إِلَّا بِإِذن سيّده وَأَنِّي لَا أملك لنَفْسي ضرّا وَلَا نفعا وَلَا موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشورا فَإِن صحّ لَهُ شُهُود ذَلِك فقد قَالَ أَنِّي عَبدك حَقِيقَة ثمَّ قَالَ ناصيتي بِيَدِك أَي أَنْت المتصرّف فيَّ تصرّفي كَيفَ تشَاء لست أَنا المتصرّف فِي نَفسِي وَكَيف يكون لَهُ فِي نَفسه تصرّف من نَفسه بيد ربه وسيده وناصيته بِيَدِهِ وَقَلبه بَين أصبعين من أَصَابِعه وَمَوته وحياته وسعادته وشقاوته وعافيته وبلاؤه كُله إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ لَيْسَ إِلَى العَبْد مِنْهُ شَيْء بل هُوَ فِي قَبْضَة سَيّده أَضْعَف من مَمْلُوك ضَعِيف حقير ناصيته بيد سُلْطَان قاهر مَالك لَهُ تَحت تصرّفه وقهره بل الْأَمر فَوق ذَلِك وَمَتى شهد العَبْد أَن ناصيته ونواصي الْعباد كلهَا بيد الله وَحده يصرفهم كَيفَ يَشَاء لم يخفهم بعد ذَلِك وَلم يرجهم وَلم ينزلهم منزلَة المالكين بل منزلَة عبيد مقهورين مربوبين المتصرّف فيهم سواهُم والمدبّر لَهُم غَيرهم فَمن شهد نَفسه بِهَذَا المشهد صَار فقره وضرورته إِلَى ربه وَصفا لَازِما لَهُ وَمَتى شهد النَّاس كَذَلِك لم يفْتَقر إِلَيْهِم وَلم يعلّق أمله ورجاءه بهم فاستقام توحيده وتوكّله وعبوديته وَلذَا قَالَ هود لِقَوْمِهِ {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم} وَقَوله مَاض فيَّ حكمك عدل فِي قضاؤك تضمّن هَذَا الْكَلَام أَمريْن أَحدهمَا مضاء حكمه فِي عَبده وَالثَّانِي يتضمّن حَمده وعدله وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهَذَا معنى قَول نبيّه هود {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} ثمَّ قَالَ {إِنَّ رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم} أَي مَعَ كَونه مَالِكًا قاهراً متصرّفا فِي عباده نواصيهم بِيَدِهِ فَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم وَهُوَ الْعدْل الَّذِي يتصرّف بِهِ فيهم فَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم فِي قَوْله وَفعله وقضائه وَقدره وَأمره وَنَهْيه وثوابه وعقابه فخبره كُله صدق وقضاؤه كلّه عدل وَأمره كُله مصلحَة وَالَّذِي نهى عَنهُ كُله ومفسدة وثوابه لمن يسْتَحق الثَّوَاب بفضله وَرَحمته وعقابه لمن يسْتَحق الْعقَاب بعدله وحكمته وَفرق بَين

ص: 23

الحكم وَالْقَضَاء وَجعل المضاء للْحكم وَالْعدْل لقَضَاء فَإِن حكمه سُبْحَانَهُ يتَنَاوَل حكمه الديني الشَّرْعِيّ وَحكمه الكوني القدري والنوعان نافذان فِي العَبْد ان ماضيان فِيهِ وَهُوَ مقهور تَحت الْحكمَيْنِ قد مضيا فِيهِ ونفذا فِيهِ شَاءَ أم أَبى لَكِن الحكم الكوني لَا يُمكنهُ مُخَالفَته وَأما الديني الشَّرْعِيّ فقد يُخَالِفهُ

وَلما كَانَ الْقَضَاء هُوَ الْإِتْمَام والإكمال وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بعد مضيه ونفوذه قَالَ عدل فيَّ قضاؤك أَي الحكم الَّذِي أكملته وأتممته ونفّذته فِي عَبدك عدل مِنْك فِيهِ وَأما الحكم فَهُوَ مَا يحكم بِهِ سُبْحَانَهُ وَقد يَشَاء تنفيذه وَقد لَا ينفذهُ فَإِن كَانَ حكما دينيا فَهُوَ مَاض فِي العَبْد وَإِن كَانَ كونيا فَإِن نفذه سُبْحَانَهُ مضى فِيهِ وَإِن لم ينفّذه انْدفع عَنهُ فَهُوَ سُبْحَانَهُ يقْضِي مَا يقْضِي بِهِ وَغَيره قد يقْضِي بِقَضَاء وَيقدر أَمر وَلَا يَسْتَطِيع تنفيذه وَهُوَ سُبْحَانَهُ يقْضِي ويمضي فَلهُ الْقَضَاء والإمضاء وَقَوله عدل فيَّ قضاؤك يتَضَمَّن جَمِيع أقضيته فِي عَبده من كل الْوُجُوه من صِحَة وسقم وغنى وفقر ولذّة وألم وحياة وَمَوْت وعقوبة وَتجَاوز وَغير ذَلِك قَالَ تَعَالَى وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فِيمَا كسبت أَيْدِيكُم وَقَالَ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْأِنْسَانَ كفور} فَكل مَا يقْضى على العَبْد فَهُوَ عدل فِيهِ

فَإِن قيل فالمعصية عنْدكُمْ بِقَضَائِهِ وَقدره فَمَا وَجه الْعدْل فِي قَضَائهَا فَإِن الْعدْل فِي الْعقُوبَة عَلَيْهَا ظَاهر قيل هَذَا سُؤال لَهُ شَأْن وَمن أَجله زعمت طَائِفَة أَن الْعدْل هُوَ الْمَقْدُور وَالظُّلم مُمْتَنع لذاته قَالُوا لِأَن الظُّلم هُوَ التصرّف فِي ملك الْغَيْر وَالله لَهُ كل شَيْء فَلَا يكون تصرّفه فِي خلقه إِلَّا عدلا وَقَالَت طَائِفَة بل الْعدْل أَنه لَا يُعَاقب على مَا قَضَاهُ وَقدره فلمّا حسن مِنْهُ الْعقُوبَة على الذَّنب عُلم أنّه لَيْسَ بِقَضَائِهِ وَقدره فَيكون الْعدْل هُوَ جَزَاؤُهُ على الذَّنب بالعقوبة والذم إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَة وصعب على هَؤُلَاءِ الْجمع بَين الْعدْل وَبَين الْقدر فزعموا أَن من أثبت الْقدر لم يُمكنهُ أَن يَقُول بِالْعَدْلِ وَمن قَالَ بِالْعَدْلِ لم يُمكنهُ أَن يَقُول بِالْقدرِ كَمَا صَعب عَلَيْهِم الْجمع بَين التَّوْحِيد وَإِثْبَات الصِّفَات فزعموا أَنه لَا يُمكنهُم إِثْبَات التَّوْحِيد إِلَّا بإنكار الصِّفَات فَصَارَ توحيدهم تعطيلا

ص: 24

وعدلهم تَكْذِيبًا بِالْقدرِ وَأما أهل السّنة فهم مثبتون للأمرين وَالظُّلم عِنْدهم هُوَ وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه كتعذيب الْمُطِيع وَمن لَا ذَنْب لَهُ وَهَذَا قد نزّه الله نَفسه عَنهُ فِي غير مَوضِع من كِتَابه وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَإِن أضلّ من شَاءَ وَقضى بالمعصية والغي على من شَاءَ فَذَلِك مَحْض الْعدْل فِيهِ لِأَنَّهُ وضع الإضلال والخذلان فِي مَوْضِعه اللَّائِق بِهِ كَيفَ وَمن أَسْمَائِهِ الْحسنى الْعدْل الَّذِي كل أَفعاله وَأَحْكَامه سداد وصواب وَحقّ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قد أوضح السبل وَأرْسل الرُّسُل وَأنزل الْكتب وأزاح الْعِلَل ومكّن من أَسبَاب الْهِدَايَة وَالطَّاعَة بالأسماع والأبصار والعقول وَهَذَا عدله ووفّق من شَاءَ بمزيد عناية وَأَرَادَ من نَفسه أَن يُعينهُ ويوفّقه فَهَذَا فَضله وخذل من لَيْسَ بِأَهْل لتوفيقه وفضله وخلى بَينه وَبَين نَفسه وَلم يرد سُبْحَانَهُ من نَفسه أَن يوفّقه فَقطع عَنهُ فَضله وَلم يحرمه عدله وَهَذَا نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا يكون جَزَاء مِنْهُ للْعَبد على إعراضه عَنهُ وإيثار عدوه فِي الطَّاعَة والموافقة عَلَيْهِ وتناسي ذكره وشكره فَهُوَ أهل أَن يَخْذُلهُ ويتخلى عَنهُ وَالثَّانِي أَن لَا يَشَاء لَهُ ذَلِك ابْتِدَاء لما يعلم مِنْهُ أَنه لَا يعرف قدر نعْمَة الْهِدَايَة وَلَا يشكره عَلَيْهِ وَلَا يثني عَلَيْهِ بهَا وَلَا يُحِبهُ فَلَا يشاؤها لَهُ لعدم صَلَاحِية مَحَله قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} وَقَالَ {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسمعهم} فَإِذا قضى على هَذِه النُّفُوس بالضلال وَالْمَعْصِيَة كَانَ ذَلِك مَحْض الْعدْل كَمَا إِذا قضى على الحيّة بِأَن تقتل وعَلى الْعَقْرَب وعَلى الْكَلْب الْعَقُور كَانَ ذَلِك عدلا فِيهِ وَإِن كَانَ مخلوقا على هَذِه الصّفة وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِي هَذَا فِي كتَابنَا الْكَبِير فِي الْقَضَاء وَالْقدر

وَالْمَقْصُود أَن قَوْله مَاض فِي حكمك عدل فِي قضاؤك رد على الطَّائِفَتَيْنِ القدريّة الَّذين يُنكرُونَ عُمُوم أقضية الله فِي عَبده وَيخرجُونَ أَفعَال الْعباد عَن كَونهَا بِقَضَائِهِ وَقدره ويردون الْقَضَاء إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى الجبريّة الَّذين يَقُولُونَ كل مَقْدُور عدل فَلَا يبْقى لقَوْله عدل فِي قضاؤك فَائِدَة فَإِن الْعدْل عِنْدهم كل مَا يُمكن

ص: 25

فعله وَالظُّلم هُوَ الْمحَال لذاته فَكَأَنَّهُ قَالَ مَاض ونافذ فيّ قضاؤك وَهَذَا هُوَ الأول بِعَيْنِه وَقَوله أَسأَلك بِكُل اسْم إِلَى آخِره توسل إِلَيْهِ بأسمائه كلهَا مَا علم العَبْد مِنْهَا وَمَا لم يعلم وَهَذِه أحب الْوَسَائِل إِلَيْهِ فَإِنَّهَا وَسِيلَة بصفاته وأفعاله الَّتِي هِيَ مَدْلُول أَسْمَائِهِ وَقَوله أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي وَنور صَدْرِي الرّبيع الْمَطَر الَّذِي يحيي الأَرْض شبّه الْقُرْآن بِهِ لحياة الْقُلُوب بِهِ وَكَذَلِكَ شبهه الله بالمطر وَجمع بَين المَاء الَّذِي تحصل بِهِ الْحَيَاة والنور الَّذِي تحصل بِهِ الإضاءة وَالْإِشْرَاق كَمَا جمع بَينهمَا سُبْحَانَهُ فِي قَوْله أنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا توقدون عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حلية وفى قَوْله {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} ثمَّ قَالَ {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} وَفِي قَوْله اللَّهُ نور السَّمَوَات وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ الْآيَات ثمَّ قَالَ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يزجي السَّحَاب ثمَّ يؤلف بَينه الْآيَة فتضمّن الدُّعَاء أَن يحيي قلبه بربيع الْقُرْآن وَأَن ينوّر بِهِ صَدره فتجتمع لَهُ الْحَيَاة والنور قَالَ تَعَالَى {أَو من كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا}

وَلما كَانَ الصَّدْر أوسع من الْقلب كَانَ النُّور الْحَاصِل لَهُ يسري مِنْهُ إِلَى الْقلب لِأَنَّهُ قد حصل لما هُوَ أوسع مِنْهُ وَلما كَانَت حَيَاة الْبدن والجوارح كلهَا بحياة الْقلب تسري الْحَيَاة مِنْهُ إِلَى الصَّدْر ثمَّ إِلَى الْجَوَارِح سَأَلَ الْحَيَاة لَهُ بِالربيعِ الَّذِي هُوَ مادّتها وَلما كَانَ الْحزن والهم وَالْغَم يضاد حَيَاة الْقلب واستنارته سَأَلَ أَن يكون ذهابها بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهَا أَحْرَى أَن لَا تعود وَأما إِذا ذهبت بِغَيْر الْقُرْآن من صِحَة أَو دنيا أَو جاه أَو زَوْجَة أَو ولد فَإِنَّهَا تعود بذهاب ذَلِك وَالْمَكْرُوه الْوَارِد على الْقلب إِن كَانَ من أَمر مَاض أحدث الْحزن زَان كَانَ من مُسْتَقْبل أحدث الْهم وَإِن كَانَ من أَمر حَاضر أحدث الْغم وَالله أعلم

ص: 26