الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لخمر الْهوى فَكلما طيبت الثَّوْب فاحت رَائِحَة الْمُسكر من تَحْتَهُ فتباعد مِنْك الصادقون وانحاز إِلَيْك الْفَاسِقُونَ يدْخل عَلَيْك لص الْهوى وَأَنت فِي زَاوِيَة التَّعَبُّد فلايرى مِنْك طردا لَهُ فَلَا يزَال بك حَتَّى يخْرجك من الْمَسْجِد أصدق فِي الطّلب وَقد جاءتك المعونة فَقَالَ رجل لمعروف عَلمنِي الْمحبَّة فَقَالَ الْمحبَّة لَا تَجِيء بالتعليم
هُوَ الشوق مدلولا على مقتل الفنا
…
إِذا لم يعد صبا بلقيا حَبِيبه
لَيْسَ العجيب من قَوْله يحبونه إِنَّمَا الْعجب من قَوْله يُحِبهُمْ لَيْسَ الْعجب من فَقير مِسْكين يحب محسنا إِلَيْهِ إِنَّمَا الْعجب من محسن يحب فَقِيرا مِسْكينا
فصل الْقُرْآن كَلَام الله وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ وَصِفَاته فَتَارَة يتجلى فِي
جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء وجمال الصِّفَات وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات فيستنفد حبه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا بحب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته فَإِذا أَرَادَ مِنْهُ الغيران يعلق تِلْكَ الْمحبَّة بِهِ أَبى قلبه وأحشاؤه ذَلِك كل الإباء كَمَا قيل
يُرَاد من الْقلب نسيانكم
…
وتأبى الطباع على النَّاقِل
فَتبقى الْمحبَّة لَهُ طبعا لَا تكلفا وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله وَقَوي طمعه وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل غلق أرضه بالبذر وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام
وَالْغَضَب والسخط والعقوبة انقمعت النَّفس الأمارة وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَاللَّهْو واللعب والحرص على الْمُحرمَات وانقبضت أَعِنَّة رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الْخَوْف والخشية والحذر وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمر وَالنَّهْي والعهد وَالْوَصِيَّة وإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب شرع الشَّرَائِع انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا وَذكرهَا وتذكرها والتصديق بالْخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنَّهْي وَإِذا تجلى بِصفة السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم انْبَعَثَ من العَبْد قُوَّة الْحيَاء فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره أَو يخفي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحسب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسوق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم وَدفع المصائب عَنْهُم وَنَصره لأوليائه وحمايته لَهُم ومعيته الْخَاصَّة لَهُم انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ وَمَا فِي كل مَا يجريه على عَبده ويقيمه مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ والتوكل معنى يلتئم من علم العَبْد بكفاية الله وَحسن اخْتِيَاره لعَبْدِهِ وثقته بِهِ وَرضَاهُ بِمَا يَفْعَله بِهِ ويختاره لَهُ وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزّ والكبرياء أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ فتعلوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته وَيذْهب طيشه وقوته وحدته
وجماع ذَلِك أَنه سُبْحَانَهُ يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إلهيته تارّة وبصفات ربوبيته تَارَة فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة والشوق إِلَى لِقَائِه والأنس والفرح بِهِ وَالسُّرُور بخدمته والمنافسة فِي قربه والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ واللهج بِذكرِهِ والفرار من الْخلق إِلَيْهِ وَيصير هُوَ وَحده همه دون مَا سواهُ وَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الربوبية التَّوَكُّل عَلَيْهِ والافتقار إِلَيْهِ والاستعانة بِهِ والذل والخضوع والانكسار لَهُ وَكَمَال ذَلِك أَن يشْهد ربوبيته فِي إلهيته وإلهيته فِي ربوبيته وحمده فِي ملكه وعزه فِي عَفوه