الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَامه إِلَى الْآخِرَة وقلب فارغ من محبَّة الله والشوق إِلَيْهِ والأنس بِهِ وبدن معطل من طَاعَته وخدمته ومحبة لَا تتقيد برضاء المحبوب وامتثال أوامره وَوقت معطل عَن اسْتِدْرَاك فارطه أَو اغتنام بر وقربة وفكر يجول فِيمَا لَا ينفع وخدمة من لَا تقربك خدمته إِلَى الله وَلَا تعود عَلَيْك بصلاح دنياك وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وَهُوَ أسبر فِي قَبضته وَلَا يملك لنَفسِهِ حذرا وَلَا نفعا وَلَا موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشورا
وَأعظم هَذِه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إِضَاعَة إِضَاعَة الْقلب وإضاعة الْوَقْت فإضاعة الْقلب من إِيثَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة وإضاعة الْوَقْت من طول الأمل فَاجْتمع الْفساد كُله فِي إتباع الْهوى وَطول الأمل وَالصَّلَاح كُله فى اتِّبَاع لهدى والاستعداد للقاء وَالله الْمُسْتَعَان
الْعجب مِمَّن تعرض لَهُ حَاجَة فَيصْرف رغبته وهمته فِيهَا إِلَى الله ليقضيها لَهُ وَلَا يتَصَدَّى للسؤال لحياة قلبه من موت الْجَهْل والإعراض وشفائه من دَاء الشَّهَوَات والشبهات وَلَكِن إِذا مَاتَ الْقلب لم يشْعر بمعصيته
فصل لله سُبْحَانَهُ على عَبده أَمر أمره بِهِ وَقَضَاء يَقْضِيه عَلَيْهِ ونعمة ينعم
بهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَكّ من هَذِه الثَّلَاثَة وَالْقَضَاء نَوْعَانِ إِمَّا مصائب وَإِمَّا معائب وَله عَلَيْهِ عبودية فِي هَذِه الْمَرَاتِب كلهَا فَأحب الْخلق إِلَيْهِ من عرف عبوديته فِي هَذِه الْمَرَاتِب ووفاها حَقّهَا فَهَذَا أقرب الْخلق إِلَيْهِ وأبعدهم مِنْهُ من جهل عبوديته فِي هَذِه الْمَرَاتِب فعطلها علما وَعَملا فعبوديته فِي الْأَمر وامتثاله اخلاصا واقتداءا برَسُول الله وَفِي النَّهْي اجتنابه خوفًا مِنْهُ وإجلالا ومحبة وعبوديته فِي قَضَاء المصائب الصَّبْر عَلَيْهَا ثمَّ الرِّضَا بهَا وَهُوَ أَعلَى مِنْهُ ثمَّ الشُّكْر عَلَيْهَا وَهُوَ أَعلَى من الرِّضَا وَهَذَا إِنَّمَا يأتى مِنْهُ إِذا تمكن حبه من قلبه وَعلم حسن اخْتِيَاره لَهُ وبره بِهِ ولطفه بِهِ
وإحسانه إِلَيْهِ بالمصيبة وَإِن كره الْمُصِيبَة وعبوديته فِي قَضَاء المعائب الْمُبَادرَة إِلَى التَّوْبَة مِنْهَا والتنصل وَالْوُقُوف فِي مقَام الِاعْتِذَار والانكسار عَالما بِأَنَّهُ لَا يرفعها عَنهُ إِلَّا هُوَ وَلَا يَقِيه شَرها سواهُ وَأَنَّهَا إِن استمرت أبعدته من ربه وطردته من بَابه فيراها من الضّر الَّذِي لَا يكشفه غَيره حَتَّى انه ليراها أعظم من ضرّ الْبدن فه عَائِذ بِرِضَاهُ من سخطه وبعفوه من عُقُوبَته وَبِه مِنْهُ مستجير وملتجىء مِنْهُ اليه بِعلم أَنه إِن تخلى عَنهُ وخلى بَينه وَبَين نَفسه فعده أَمْثَالهَا وَشر مِنْهَا وَأَنه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى الإقلاع وَالتَّوْبَة إِلَّا بتوفيقه وإعانته وَأَن ذَلِك بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ لَا بيد العَبْد فَهُوَ أعجز وأضعف وَأَقل من أَن يوفق نَفسه أَو يَأْتِي بمرضاة سَيّده بِدُونِ إِذْنه ومشيئته وإعانته فَهُوَ ملتجىء إِلَيْهِ متضرع ذليل مِسْكين مُلْقٍ نَفسه بَين يَدَيْهِ طريح بَابه مستخذله أذلّ شَيْء وأكسره لَهُ وأفقره وأحوجه إِلَيْهِ وأرغبه فِيهِ وأحبه لَهُ بدنه متصرف فِي أشغاله وَقَلبه ساجد بَين يَدَيْهِ يعلم يَقِينا انه لَا خبر فِيهِ وَلَا لَهُ وَلَا بِهِ وَلَا مِنْهُ وَأَن الْخَيْر كُله لله وَفِي يَدَيْهِ وَبِه وَمِنْه فَهُوَ ولي نعْمَته ومبتدئه بهَا من غير اسْتِحْقَاق ومجريها عَلَيْهِ مَعَ تمقته إِلَيْهِ بإعراضه وغفلته ومعصيته فحظه سُبْحَانَهُ الْحَمد وَالشُّكْر وَالثنَاء وحظ العَبْد الذَّم وَالنَّقْص وَالْعَيْب قد اسْتَأْثر بالمحامد والمدح وَالثنَاء وَولى العَبْد الْمَلَامَة والنقائص ولعيوب فَالْحَمْد كُله لَهُ وَالْخَيْر كُله فِي يَدَيْهِ وَالْفضل كُله لَهُ وَالثنَاء كُله لَهُ والْمنَّة كلهَا لَهُ فَمِنْهُ الْإِحْسَان وَمن العَبْد الْإِسَاءَة وَمِنْه التودد إِلَى العَبْد بنعمه وَمن العَبْد التبغض إِلَيْهِ بمعاصيه وَمِنْه النصح لعَبْدِهِ وَمن العَبْد الْغِشّ لَهُ فِي مُعَامَلَته
وَأما عبودية النعم فمعرقتها وَالِاعْتِرَاف بهَا أَولا ثمَّ العياذ بِهِ أَن يَقع فِي قلبه نسبتها وإضافتها إِلَى سواهُ وَإِن كَانَ سَببا من الْأَسْبَاب فَهُوَ مسببه ومقيمه فالنعمة مِنْهُ وَحده بِكُل وَجه وَاعْتِبَار ثمَّ الثَّنَاء بهَا عَلَيْهِ ومحبته عَلَيْهَا وشكره بِأَن يستعملها فِي طَاعَته وَمن لطائف التَّعَبُّد بِالنعَم أَن يكثر قليلها عَلَيْهِ ويستقل كثير شكره عَلَيْهَا وبعلم أَنَّهَا وصلت إِلَيْهِ من سَيّده من غير ثمن بذله فِيهَا وَلَا وَسِيلَة مِنْهُ توسل