الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف علم الموسيقى
علم الموسيقى علم يعرف منه النغم والإيقاع وأحوالها وكيفية تأليف اللحون واتخاذ الآلات الموسيقارية، وموضوعه الصوت من وجه تأثره في النفس باعتبار نظامه والنغمة صوت لابث زماناً تجري فيه الألحان مجرى الحروف من الألفاظ، وبسائطها سبعة عشر، وأوتارها أربعة وثمانون، والإيقاع اعتبار زمان الصوت ولا مانع شرعاً من تعلم هذا العلم، وكثير من الفقهاء كان مبرزاً فيه. نعم الشريعة المطهرة على الصادع بها أفضل السلام منعت من عمله، والكتب المصنفة فيه إنما تفيد أموراً علمية فقط، وصاحب الموسيقى العلمي يتصور الأنغام من حيث أنها مسموعة على العموم من أي آلة اتفقت وصاحب العمل إنما يأخذها على أنها مسموعة من الآلات الطبيعية كالحلوق الإنسانية أو الصناعية كالآلات الموسيقارية، هذا وما يقال من أن الألحان الموسيقية مأخوذة من نسب الاصطكاكات الفلكية فهو من جملة رموزهم إذ لا اصطكاك في الأفلاك، ولا قرع فلا صوت.
شعر
تفانى الرجال على حبها
…
وما يحصلون على طائل
الخوف والحزن
في معرفة ارتفاع المرتفعات من دون الاصطرلاب تضع مرآة على الأرض بحيث ترى رأس المرتفع فيها ثم تضرب ما بين المرآة ومسقط حجرة في قدر قامتك، وتقسم الحاصل على ما بين المرآة وموقفك، فالخارج ارتفاع المرتفع.
طريق آخر تنصب مقياساً فوق قامتك، ودون المرتفع ثم تبصر رأسها بخط
شعاعي وتضرب ما بين موقفك ومسقط حجر المرتفع في فضل المقياس على قامتك واقسم الحاصل على ما بين موقفك وقاعدة المقياس، وزد على الخارج قدر قامتك فالمجتمع قدر ارتفاعه.
الصلاح الصفدي
أراد الغمام إذا ما هي
…
يعبر عن عبرتي وانتحابي
فجاءت دموي في فيضها
…
بما لم يكن في حساب السحاب
وله في التورية
لقد شب جمر القلب من فيض عبرتي
…
كما أن رأسي شاب من موقف البين
فإن كان ترضى لي مشيبي والبكا
…
تلقيت ما ترضاه بالرأس والعين
من النهج: واتقوا عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم وترحلوا فقد جدبكم السير، واستعدوا للموت فقد أظلكم، وكونوا قوماً صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا فإن الله لم يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصير المدة، وإن غايباً يحدوه الجديدان الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة وإن قادماً يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة، فتزودوا في الدنيا ما تحرزون به نفوسكم غداً فاتقى عبد ربه نصح نفسه قدم توبته غلب شهوته. فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له، والشيطان موكل به يزين المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها حتى تهجم منيته عليه، أغفل ما يكون عنها فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجا، وأن تؤديه أيامه إلى شقوة نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا يقصر به عن طاعة ربه غاية ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة.
في تفسير القاضي في قوله تعالى: " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال الخوف على المتوقع، والحزن على الواقع، وفيه نظر لقوله تعالى:" إني ليحزنني أن تذهبوا به " ويمكن أن يدفع بأن المراد أنه يحزنني قصد ذهابكم به وبهذا يندفع اعتراض ابن مالك على النحاة بالآية الكريمة في قولهم: إن لام الإبتداء تخلص المضارع للحال كما لا يخفى.
صورة كتاب كتبه الغزالي من طوس إلى الوزير السعيد نظام الملك، جواباً على كتابه الذي استدعاه فيه إلى بغداد يعده فيه بتقويض المناسب الجليلة إليه، وذلك بعد تزهد الغزالي، وتركه تدريس النظامية.
بسم الله الرحمن الرحيم: ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات. إعلم أن الخلق في توجههم إلى ما هو قبلتهم ثلاث طوايف: إحداها العوام الذين قصروا نظرهم على العاجل من الدنيا، فمنعهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ما ذئبان ضاريان في زريبة غنم بأكثر فساداً من حب المال والسرف في دين المرء المسلم، وثانيها الخواص، وهم المرجحون للآخرة العالمون بأنها خير وأبقى العاملون لها الأعمال الصالحة فنسب إليهم التقصير بقوله صلى الله عليه وسلم: الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا، وهما حرامان على أهل الله تعالى. وثالثها الأخص وهم الذين علموا أن كل شيء فوقه شيء آخر فهو من الآفلين والعاقل لا يحب الآفلين، وتحققوا أن الدنيا والآخرة من بعض مخلوقات الله تعالى وأعظم أمورهما الأجوفان: المطعم، والمنكح، وقد شاركهم في ذلك كل البهائم والدواب فليست مرتبة سنية فأعرضوا عنهما وتعرضوا لخالقهما وموجدهما ومالكهما، وكشف عليهم معنى والله خير وأبقى وتحقق عندهم حقيقة لا إله إلا الله وأن كل من توجه إلى ما سواه فهو غير خال عن شرك خفي فصار جميع الموجودات عندهم قسمين: الله، وما سواه، واتخذوا ذلك كفتي ميزان وقلبهم لسان الميزان.
فكلما رأوا قلوبهم مائلة إلى الكفة الشريفة حكموا بثقل كفة الحسنات، وكلما رأوها مايلة إلى الكفة الخسيسة حكموا بثقل كفة السيئات، وكما أن الطبقة الأولى عوام بالنسبة إلى الطبقة الثانية كذلك الطبقة الثانية عوام بالنسبة إلى الطبقة الثالثة فرجعت الطبقات الثلاث إلى طبقتين، وحينئذ أقول: قد دعاني صدر الوزراء من المرتبة العليا إلى المرتبة الدنيا وأنا أدعوه من المرتبة الدنيا إلى المرتبة العليا التي هي أعلى عليين: والطريق إلى الله تعالى من بغداد ومن طوس، ومن كل المواضع واحد ليس بعضها أقرب من بعض فأسأل الله تعالى أن يوقظه من نوم الغفلة لينظر في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده والسلام.
وفي الكشاف إن الفاتحة تسمى المثاني: لأنها تثنى في كل ركعة هذا كلامه، ومثل ذلك قال الجوهري في الصحاح: وفي توجيه هذا الكلام وجوه: الأول أن المراد بالركعة الصلاة من تسمية الكل باسم الجزء، الثاني أنها تثنى في كل ركعة بأخرى في الأخرى، ويرد على هذين الوجهين التنفل بركعة عند من يجوزه وأما صلاة الجنازة فخارجة بذكر الركعة. الثالث أن في السببية نحو إن امرأة دخلت النار في هرة، والمعنى أنها تثنى بسبب كل ركعة ركعة لا بسبب السجود كالطمأنينة، ولا بسبب ركعتين ركعتين كالتشهد في الرباعية ولا بسبب صلاة صلاة كالتسليم.
والحق أن هذا بعيد جداً والجواب هو الأول، وبه صرح صاحب الكشاف في سورة الحجر والتنفل بركعة لا يجوزه صاحب الكشاف، وهو عند مجوزيه نادر لا يخل بالكلية الإدعائية إذ ما من عام إلا وقد خص.
الصلاح الصفدي وفيه حسن تعليل:
لا تحسبوا أن حبيب بكا
…
لي رقة يا بعد ما تحسبون
فما بكى من رقة إنما
…
أراد أن يسقي سيف الجفون
آخر
إذا كان وجه العذر ليس ببين
…
فإن اطراح العذر خير من العذر
كان أبو سعيد الإصفهاني شاعراً ظريفاً مطبوعاً، وكان ثقيل السمع إذا خاطبه أحد، قال له: إرفع صوتك فإن ما بأذني ما بروحك، وهو معدود من جملة شعراء الصاحب بن عباد، ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر، وشعره في نهاية من الجودة.
من ملح العرب قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: اللهم اغفر لأمي، فقلت: ما لك لا تذكر أباك؟ فقال: إن أبي رجل يحتال لنفسه، وإن أمي امرأة ضعيفة.
قيل لبعض الحكماء: لم تركت الدنيا؟ قال: لأني أمنع من صافيها وأمتنع من كدرها.
وقيل لعارف: خذ حظك من الدنيا فإنك فانٍ، فقال: الآن وجب أن لا آخذ حظي منها، لله در من قال:
هبك بلغت كل ما تشتهيه
…
وملكت الزمان تحكم فيه
هل قصارى الحياة إلا ممات؟
…
يسلب المرء كل ما يقتنيه
لبعضهم
متى وعسى يثني الزمان عنانه
…
بعثرة حال والزمان عثور
فتدرك آمال وتقضي مآرب
…
ويحدث من بعد الأمور أمور
من كلام الإسكندر إن العقل على باطن العقل أشد تحكماً من سلطان السيف على ظاهر الأحمق. برهان لطيف لكاتب هذه الأحرف، على أن غاية غلظ كل من المتممين بقدر ضعف ما بين المركزين أقول إذا تماست دائرتان من داخل صغرى وعظمى، فغاية البعد بين محيطيهما بقدر ضعف ما بين مركزيهما، كدائرتي اب ج ام هـ المتماستين على نقطة وقطر العظمى اهـ وقطر الصغرى اح وما بين المركزين ر ح، فخط ح هـ ضعف خط ر ح لأنا إذا توهمنا حركة الصغرى لينطبق مركزها على مركز العظمى، ونسميها حينئذ دائرة ح فقد تحرك على قطر العظمى بقدر حركة مركزها، فخطوط اط ر ح ح ي متساوية، وخطا اط ي هـ متساويان أيضاً، لأنهما الباقيان بعد إسقاط نصفي قطر الصغرى من نصفي قطر الظمى، فخط ر ح الذي كان يساوي خط اط يساوي ي هـ أيضاً، وقد كان يساوي خط ح ي، فخط ح هـ ضعف خط ر ح وذلك ما أردناه والتقريب ظاهر كما لا يخفى.
برهان على امتناع اللا تناهي لكاتب هذه الأحرف، وسميته اللام ألف، لو أمكن عدم تناهي الأبعاد لفرضنا مثلث اب ح القائم زاوية ا، وأخرجنا ضلعي اح ب ح المتقاطعين على ح إلى غير النهاية في جهتي م وهـ، وفرضنا تحرك خط م ح ب على خط اح هـ إلى غير النهاية، لاشك أن زاوية ب الحادة تعظم بذلك آناً فآناً، فيحصل فيها زيادات غير متناهية بالفعل، وهي مع ذلك أصغر من زاوية القائمة، إذ لا يمكن أن يساويها لأن زوايا المثلث يساوي قائمتين فتأمل.
لما مات عبد الملك بن الزيات وزير المتوكل بعد أن عذب بأنواع العذاب وجد في جيبه رقعة فيها هذه الأبيات لأبي العتاهية:
هو السبيل فمن يوم إلى يوم
…
كأنه ما تريك العين في النوم
لا تعجلن رويداً إنها دول
…
دنياً تنقل من قوم إلى قوم
إن المنايا وإن طال الزمان بها
…
تحوم حولك حوماً أي ما حوم
حكى ثمامة بن أشرس قال: بعثني الرشيد إلى دار المجانين، لأصلح ما فسد من أحوالهم، فرأيت فيهم شاباً حسن الوجه، كأنه صحيح العقل، فكلمته، فقال: يا ثمامة إنك تقول: إن العبد لا ينفك عن نعمة يجب الشكر عليها أو بلية يجب الصبر لديها؟ فقلت: نعم
هكذا قلت، فقال: لو سكرت ونمت، وقام إليك غلامك، وأولج فيك مثل ذراع البكر فقل لي: هذه نعمة يجب الشكر عليها أو بلية يجب الصبر لديها، قال ثمامة: فتحيرت ولم أدر ما أقول له.
فقال: وهنا مسألة أخرى أسألك عنها، فقلت: هات قال: متى يجد النائم لذة النوم؟ إن قلت إذا استيقظ فالمعدوم لا يوجد له لذة، وإن قلت قبل النوم فهو كذلك، وإن قلت حال النوم فلا شعور له، قال ثمامة: فبهت ولم أستطع له جواباًز فقال: مسألة أخرى قلت: وما هي؟ قال: إنك تزعم أن لكل أمة نذير فمن نذير الكلاب؟ قلت: لا أدري الجواب، فقال: أما الجواب عن السؤال الأول فيجب أن تقول الأقسام ثلاثة: نعمة يجب الشكر عليها، وبلية يجب الصبر لديها، وبلية يمكن التحرز منها كيلا ينضم العار إليها وهي هذه.
وأما المسألة الثانية فالجواب عنها أنها محال لأن النوم داء، ولا لذة مع وجود الداء.
وأما المسألة الثالثة وأخرج من كمه حجراً وقال: إذا عوى عليك كلب فهذا نذيره ورماني بالحجر فأخطأني، فلما رآه قد أخطأني قال: فاتك النذير أيها الكلب الحقير. فعلمت أنه مصاب في عقله فتركته وانصرفت ولم أر مجنوناً بعدها.
كان البهلول جالساً والصبيان يؤذونه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ويكررها فلما طال أذاهم له حمل عصاة، وكر عليهم وهو يقول:
أمر على الكتيبة لا أبالي
…
أفيها كان حتفي أم سواها؟
فتساقط الصبيان بعضهم على بعض فقال: هزم القوم وولوا الدبر أمرنا أمير المؤمنين أن لا نتبع مولياً ولا ندفف على جريح ثم جلس وطرح عصاه وقال:
وألقت عصاها واستقر بها النوى
…
كما قر عيناً بالإياب المسافر
من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه
إني رأيت وفي الأيام تجربة
…
للصبر عاقبة محمودة الأثر
لا تضجرن ولا يدخلك معجزة
…
فالنجح يهلك بين العجز والضجر
قال بعض الحكماء: إنكاء ما يكون لعدوك أن لا تريه أنك تتخذه عدواً.
لبعضهم
الدهر خداعة خلوب
…
وصفوه بالقذا مشوب
فلا تغرنك الليالي
…
فبرقها الخلب الكذوب
وأكثر الناس فاعتزلهم
…
قوالب ما لها قلوب إسماعيل المفري
إلى كم تمادي في غرور وغفلة؟
…
وكم هكذا نوم إلى غير يقظة؟
لقد ضاع عمر ساعة منه تشتري
…
بملء السما والأرض أية ضيعة
أترضى من العيش الرغيد تعيشه؟
…
مع الملأ الأعلى بعيش البهيمة
فيا درة بين المزابل ألقيت
…
وجوهره بيعت بأبخس قيمة
أفانٍ بباق تشتريه سفاهة؟
…
وسخطاً برضوان وناراً بجنة؟
فأنت صديق أم عدو لنفسه؟
…
فإنك ترميها بكل مصيبة
ولو فعل الأعداء بنفسك بعض ما
…
فعلت لمستهم لها بعض رحمة
لقد بعتها هوناً عليك رخيصة
…
وكانت بهذا منك غير حقيقة
كلفت بها دنياً كثيراً غرورها
…
تقابلنا في نصحها بالخديعة
إذا أقبلت ولت وإن هي أحسنت
…
أساءت وإن ضاءت فثق بالكدورة
وعيشك فيها ألف عامٍ وتنقضي
…
كعيشك فيها بعض يوم وليلة
عليك بما يجدي عليك من التقى
…
فإنك في سهوٍ عظيم وغفلة
تصلي بلا قلب صلاة بمثلها
…
يصير الفتى مستوجباً للعقوبة
تخاطبه إياك نعبد مقبلاً
…
على غيره فيها لغير ضرورة
ولو رد من ناجاك للغير طرفه
…
تميزت عن غيظٍ عليه وغيرة
تصلي وقد أتممتها غير عالم
…
تزيد احتياطاً ركعة بعد ركعة
فويلك تدري من تناجيه معرضاً
…
وبين يدي من تنحني غير مخبت
ذنوبك في الطاعات وهي كثيرة
…
إذا عددت تكفيك عن كل ذلة
تقول مع العصيان ربي غافر
…
صدقت ولكن غافر بالمشية
وربك رازق كما هو غافر
…
فلم لم تصدق فيهما بالسوية
فكيف ترجي العفو من غير توبةٍ؟
…
ولست ترجي الرزق إلا بحيلة
فها هو بالأرزاق كفل نفسه
…
ولم يتكفل للإنام بجنة
وما زلت تسعى في الذي قد كفيته
…
وتهمل ما كلفته من وظيفة
تسيء به ظناً وتحسن تارة
…
على حسب ما يقضي الهوا في القضية
وجد في عضد قابوس وشمكير رقعة بخطه فيها مكتوب إن كان
الغدر طباعاً فالثقة بكل أحد عجز، وإن كان الموت لابد آتياً فالركون إلى الدنيا حمق، وإذا كان القضاء حقاً فالحزم باطل.
ومن كلام بعض الحكماء: إذا طلبت العز فاطلبه بالطاعة، وإذا أردت الغنى فاطلبه بالقناعة، فمن أطاع الله عز نصره، ومن لزم القناعة زال فقره.
في شرح الشهاب للراوندي: ورد في الأخبار كراهة النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنه وقت قسمة الأرزاق.
قال بعض الفلاسفة: الدنيا دار فجايع، من عجل فيها فجع بنفسه ومن أجل فيها فجع بأحبته.
ومن كلام بعض الحكماء: من ودك لأمر، ملك عند انقضائه، ومن كلامهم إنما للأنس المجلس الخاص لا المحفل الغاص، ومن كلامهم أيضاً: ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف.
لبعضهم
يا طالب الدنيا يغرك وجهها
…
ولتندمن إذا رأيت قفاها
من التلويحات عن أفلاطون الإلهي أنه قال: ربما خلوت بنفسي كثيراً عند الرياضيات وتأملت أحوال الموجودات المجردة عن الماديات، وخلعت بدني جانباً وصرت كأني مجرد بلا بدن عري عن الملابس الطبيعية، فأكون داخلاً في ذاتي، لا أتعقل غيرها ولا أنظر فيما عداها، وخارجاً عن ساير الأشياء، فحينئذ أرى في نفسي من الحسن والبهاء والسناء والضياء والمحاسن الغريبة العجيبة الأنيقة ما أبقى منه متعجباً حيران باهتاً، فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الأعلى الروحاني الكريم الشريف، وأني ذو حياة فعالة. ثم ترقيت بذهني من ذلك العالم إلى العوالم الإلهية، والحضرة الربوبية، فصرت كأني موضوع فيها معلق بها، فأكون فوق العوالم العقلية النورية. فأرى كأني واقف في ذلك الموقف الشريف، وأرى هناك من البهاء والنور ما لا تقدر الألسن على وصفه، ولا الأسماع على قبول نعته، فإذا استغرقني ذلك الشأن، وغلبني ذلك النور والبهاء ولم أقوى على احتماله، هبطت من هناك إلى عالم الفكرة، فحينئذ حجبت الفكرة عني ذلك النور فأبقى متعجباً أني كيف انحدرت من ذلك العالم {وعجبت كيف رأيت نفسي مخمتلية نوراً} وهي مع البدن كهيئتها فعندها تذكرت قول مطريوس حيث أمرنا بالطلب والبحث عن جوهر النفس الشريف، والإرتقاء إلى العالم العقلي.