الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في تفسير النيسابوري عند قوله تعالى: " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " ما صورته قيل علامة قبول التوبة هجران إخوان السوء وقرناء الشر ومجانبة البقعة التي باشر فيها الذنوب والخطايا، وإن يبدل بإخوان إخواناً، وبالأخدان أخداناً والبقعة بقعة، ثم يكثر الندامة والبكاء على ما سلف منه، والأسف على ما ضيع من أيامه، ولا يفارقه حسرة ما فرط وهمل في البطلات، ويرى نفسه مستحقة لكل عذاب وسخط.
خطبة النبي صلى الله عليه وسلم
قال سيد المرسلين، وأشرف الأولين والآخرين صلوات الله عليه وآله أجمعين في خطبة خطبها وهو على ناقته العضباء.
أيها الناس كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذي يشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل حائجة، طوبى لمن أنفق ما اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالف أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن ذلت نفسه، وحسنت خليقته، وصلحت سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة.
بسط الكلام مع الأحباب مطلوب وإطالة سمعه معهم أمر مرغوب، على أن القرب من الحبيب يبسط اللسان، وينشط الجنان، وعلى هذا المنوال جري قول موسى على نبينا وعليه السلام:" هي عصاي " الآية، ولبعضهم هنا سؤال، هو أن تكليم العبد للرب سبحانه ميسر كل وقت لكل واحد، كما في الدعاء ونحوه، فإنه أقرب إلينا من حبل الوريد وأما العكس؛ فهو منال عزيز لا يفوز به إلا صفوة الصفوة، فكان ينبغي لموسى أن لا يطيل الكلام، بل يختصر فيه، ويسكت ليفوز بسماع الكلام مرة اخرى، فإنه أعظم اللذتين كما عرفت. والجواب: أن تكليم موسى للحق جلا وعلا في ذلك الوقت، ليس من قبل التكليم الميسر كل وقت، لأنه جواب عن سؤاله تعالى ومكالمة له سبحانه كما يتكلم جليس الملك مع الملك وفرق بين تكليم الجليس للملك، وبين سماع الملك كلام شخص محجوب عن بساط القرب يصيح خارج الباب؛ وهذا هو الميسر لكل أحد، على أن موسى عليه السلام لم يكن على يقين من أنه إن اختصر وسكت، فاز بالمخاطبة مرة اخرى، ألا ترى كيف أجمل في آخر كلامه بقوله " ولي فيها مآرب آخرى "، لرجاء أن يسأل عن تلك المآرب فيبسط الكرم مرة اخرى
ولا يبعد أن يكون عليه السلام قد فهم أن سؤال الحق تعالى له إنما هو لمحض رفع الدهشة عنه، فأخذ يجري في كلامه مظهر ارتفاع الدهشة أو أن السؤال إنما هو لتقريره على أنها عصا، كمن يريد تعجب الحاضرين من قلب النحاس ذهباً، فيقول: ما هذا فيقول: نحاس فيخرجه لهم ذهباً، فأخذ موسى في ذكر خواص العصا لتأكيد الإقرار بأنها عصا، فيكون بسط الكلام لهذا أيضاً لا للإستلذاذ وحده، كما هو مشهور.
استماح أعرابي خالد بن عبيد الله، وألح في سؤاله، وأطنب في الإبرام، فقال خالد: أعطوه بدرة يضعها في حرامه، فقال الأعرابي: واخرى لاستها يا سيدي لئلا تبقى فارغة، فضحك وأمر له بها أيضاً.
وأيضاً في شرح النهج لكمال الددين ابن ميثم، إن قلت: كيف يجوز تجاوز الإنسان في تفسير القرآن وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، وفي النهي عن ذلك آثار كثيرة.
قلت: الجواب عنه من وجوه: الأول -: أنه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم: إن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً، وبقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: إلا أن يوتي الله عبداً فهماً في القرأن، ولو لم يكن سوى الترجمة المنقولة، فما فائدة ذلك الفهم؟ الثاني -: لو لم يكن غير المنقولة لاشتراط أن يكون مسموعاً من الرسول صلى الله عليه وآله، وذلك مما يصادف إلا في بعض القرآن، فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود وغيرهم، من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ويقال: هو تفسير بالرأي.
الثالث -: أن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات، وقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها، وسماع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم محال، فكيف يكون الكل مسموعاً؟ الرابع - أنه صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس بذلك: فقال: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل ومحفوظاً مثله، فلا معنى لتخصيص ابن عباس بذلك.
الخامس: قوله تعالى: " لعلمه الذين يستنبطونه منهم "، فأثبت للعلماء استنباطاً، ومعلوم أنه وراء المسموع، فإذن الواجب أن يحمل النهي عن التفسير بالراي أحد معنيين: أحدهما - أن يكون لإنسان في شيءٍ رأي وله إليه ميل بطبعه، فيتأول القرآن على وفق طبعه ورأيه حتى لو لم يكن له ذلك الميل لما خطر ذلك التأويل بباله، سواء كان ذلك الرأي مقصداً صحيحاً؛ أو غير صحيح، وذلك كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي، فيستدل على تصحيح غرضه من القرآن بقوله تعالى:" إذهب إلى فرعون إنه طغى " ويشير إلى أن قلبه هو المراد بفرعون، كما يستعمله بعض الوعاظ تحسناً للكلام، وترغيباً للمستمع وهو ممنوع.
الثاني - أن يتسرع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهاره بالسماع، والنقل
فيما يتعلق بغرايب القرآن وما فيها من الألفاظ المبهمة وما يتعلق به من الإختصار والحذف والإضمار، والتقديم والتأخير والمجاز، فمن لم يحكم ظاهر التفسير، وبارد إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه، ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي، مثاله قوله تعالى:" وآتينا ثمود الناقة مبصرة، فظلموا بها " والناظر إلى ظاهر العربية ربما يظن أن المراد الناقة كانت مبصرة، ولم يكن عمياً، والمعنى أية مبصرة أنهم اذا ظلموا غيرهم انتهى.
وفد حاجب بن زرارة على أنوشيروان، فأستأذن عليه، فقال للحاجب: سله من هو؟ فقال: رجل من العرب، فلما مثل بين يديه قال له أنوشيروان: من أنت؟ قال: سيد العرب. قال: أليس زعمت أنك أحدهم؟ فقال: إني كنت كذلك، ولكن لما أكرمني الملك بمكالمته صرت سيدهم، فأمر بحشو فيه دراً.
استماح أعرابي خالد بن عبيد الله، وألح في سؤاله، وأطنب في الإبرام، فقال خالد: أعطوه بدرة يضعها في حرامه، فقال الأعرابي: واخرى لاستها يا سيدي لئلا تبقى فارغة، فضحك وأمر له بأخرى أيضاً.
قال بعض الخلفاء: إني لأبغض فلان له إلي ذنب، فقال بعض الحاضرين: أوله خيراً تحبه، فأنعم عليه، فما لبث أن صار من خواصه.
سئل بعض الجند عن نسبه، فقال: أنا ابن أخت فلان، فسمع ذلك أعرابي، فقال: الناس ينتسبون طولاً، وهذا الفتى ينتسب عرضاً.
لبعضهم:
قالوا حبيبك محموم فقلت لهم
…
نفسي الفداء له من كل محذور
فليت علته بي غير أن له
…
أجر العليل وأني غير مأجور
قال بعض الحكماء: إصنع المعروف إلى من يشكره، واطلبه ممن ينساه. وقال: النعم وحشية فأشكلوها بالشكر. أثنى بعضهم على زاهد، فقال الزاهد: يا هذا لو عرفت مني ما أعرفه من نفسي لأبغضتني.
شعر:
إذا كان ربي عالماً بسريرتي
…
فما الناس في عيني بأعظم من ربي
خطب معاوية خطبة عجيبة فقال: أيها الناس هل من خلل؟ فقال: رجل من عرض الناس: نعم خلل كخلل المنخل، فقال: وما هو؟ فقال: إعجابك بها ومدحك إياها.
من أمثال العرب، قالوا: شتم جديٌ على سطح ذئباً مر به. فقال الذئب: لم تشتمني أنت وإنما شتمني مكانك.
من كلام الحكماء: لا تكن ممن يرى الغذاة في عين أخيه، ولا يرى الجذع المعترض في حلق نفسه، ومن كلامهم إذا رأيت من يغتاب الناس، فأجهد جهدك أن لا يعرفك، فإن أشقى الناس به معارفوه.
وقال جار الله الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في الباب السابع والتسعين منه: مر رجل بأديب فقال: كيف طريق بغداد؟ فقال: من هنا، ثم مر به آخر، فقال: كيف طريق كوفة؟ فقال: من هنا وقال له: بادر مسرعاً من ذلك المار الألف واللام أنت تحتاج إليهما وهو مستغن عنهما فخذهما فإنك أحوج إليهما منه.
وقال بعضهم: الدنيا مدورة، ومدارها على ثلاث مدورات: الدرهم، والدينار والرغيف.
قال امرأة لرجل أحسن إليها: أذل الله كل عدو لك إلا نفسك، وجعل نعمته عليك هبة لك لا عارية عندك. وأعاذك من بطر الغنى وذل الفقر، وفرغك الله لما خلقك له ولا شغلك بما تكفل به.
وجد يهودي مسلماً يأكل شوياً في شهر رمضان، فأخذ يأكل معه، فقال له المسلم: يا هذا إن ذبيحتنا لا تحل على اليهود، فقال: أنا في اليهود مثلك في المسلمين.
إستأذن سالم بن قتيبة في تقبيل يد المهدي، فقال: إنا نصونها عن غيرك، ونصونك عنها.
دعا رجل آخر إلى منزله، وقال: لنأكل معك خبزاً، وملحاً، فظن الرجل أن ذلك كناية عن طعام لذيذ أعده صاحب المنزل، فمضى معه فلم يزد على الخبز والملح، فبينما يأكلان إذ وقف سائل، فزجره صاحب المنزل مراراً فلم ينزجر، فقال له: إذهب وإلا خرجت وكسرت رأسك، فقال: المدعو: يا هذا إنصرف فإنك لو عرفت من صدق وعيده ما عرفت من صدق وعده ما تعرضت له.
أنشد الفرزدق لسليمان بن عبد الملك قصيدته التي يقول فيها:
فبتن بجانبي مصرعات
…
وبت أفض أغلاق الختام
فقال له: ويحك با فرزدق أقررت عندي بالزنا ولابد من حدك، فقال: كتاب الله يدرؤ عني الحد قال: وأين؟ قال: " والشعراء يتبعهم الغاوون " إلى قوله: " أنهم يقولون ما لا يفعلون " فضحك وأجازه.
قال كاتب الأحرف ومن هذه القصة أخذ الصفي قوله:
نحن الذي أتى الكتاب مخبراً
…
بعفاف أنفسنا وفسق الألسن
لبعضهم:
يا هند ما في زماني
…
مساعف أو مساعد
قولي صدقت وإلا
…
فكذبيني بواحد
كتب ملك الهند إلى الرشيد: يتهدده في كتاب طويل، فكتب إليه الرشيد: الجواب ما تراه ما لا تقرأه.
من كلامهم: نوائل الملوك للشرف لا للعلف، لا تستمع ببرد الضلال، مع حر البلبال، قال هشام لبعض نساك الشام: عظني، فقرأ الناسك " ويل للمطففين " الآيات، ثم قال: هذا لمن طفف المكيال والميزان، فما ظنك بمن أخذ كله، فبكى هشام من كلامه.
دخل الشعبي على عبد الملك، وعنده ليلى الأخيلية، وقال: إن هذه لم يخجلها أحد في كلام، فقال الشعبي: إن قومها يسمون ولا يكتنون، فقال: ولم لا نكتني؟ فقال: لو فعلت لزمتني الغسل، فأخجلها وكانت قبيلتها يكسرون نون المضارع.
ودخل ثمامة دار المأمون وفيها روح بن عبادة، فقال له روح: المعتزلة حمقى، وذلك أنهم يزعمون أن التوبة بأيديهم، وأنهم يقدرون عليها متى شاؤوا وهم مع ذلك دائبون يسألون الله تعالى أن يتوب عليهم فما معنى مسألتهم إياه ما هو بأيديهم والأمر فيه إليهم لولا الحمق؟ فقال له ثمامة: ألست تزعم أن التوبة من الله وهو يطلبها من العباد أجمع في كلامه وعلى لسان أنبيائه، فكيف يطلب الله تعالى من العباد شيئاً ليس بأيديهم، ولا يجدون إليه سبيلاً فأجب حتى أجيب.
قال محمد بن شبيب غلام النظام: دخلت إلى دار الأمير بالبصرة، وأرسلت حماري فأخذه صبي يلعب عليه، فقلت له: دعه، فقال: إني أحفظه لك، فقلت: إني لا أريد حفظه قال: يضيع إذن، قلت: لا ابالي بضياعه، فقال: إن كنت لا تبالي بضياعه فهبه لي، فانقطعت من كلامه.
ومن كلامهم: الكريم شجاع القلب، والبخيل: شجاع الوجه، ولا تطلب المفقود حتى تفقد الموجود.
قال رجل للفرزدق: متى عهدك بالزنا يا أبا فراس؟ فقال: منذ مالت امك يا أبا فلان.
قيل لعاشق: لو كان لك دعوة مستجابة ما كنت تدعو؟ قال: تسوية الحب بيني وبين ما احب حتى يمتزج قلبانا سراً وعلانية.
بعث ملك في طلب اقليدس الحكيم، فامتنع وكتب إليه إن الذي منعك أن تجيئنا، منعنا أن نجيئك.
قال رجل ليوسف عليه السلام: إني لأحبك، فقال: وهل أوتيت إلا من المحبة، أحبني أبي فالقيت في الجب، واستعبدت، وأحبتني امرأة العزيز فلبثت في السجن بضع سنين.
ومن كلام بعض الحكماء: ثلاثة لا تسخف بهم: السلطان، والعالم، والصديق، فمن استخف بالسلطان ذهب دنياه، ومن استخف بالعالم ذهب دينه، ومن استخف بالصديق ذهب مروته.
ومن كتاب المدهش في حوادث سنة 241 ماجت النجوم، وتطايرت شرقاً وغرباً كالجرادة من قبل غروب الشمس إلى الفجر، وفي السنة التي بعدها رجمت السويد وهي ناحية من نواحي مصر بحجارة، فوزن منها حجر كان عشرة أرطال، وزلزلت الري وجرجان، وطبرستان، ونيشابور، وإصفهان، وقم، وكاشان، ودامغان في وقت واحد، فهلك في دامغان خمسة وعشرون ألفاً، وتقطعت الجبال، ودنا بعضهم من بعض، حتى سار جبل من يمن، وعليه مزارع قوم فأتى مزارع قوم آخرين، ووقع طاير أبيض بحلب، وصاح أربعين