المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من دعاء أم الإسكندر للإسكندر: رزقك الله حظا يخدمك به - الكشكول - جـ ٢

[البهاء العاملي]

فهرس الكتاب

- ‌النفوس أربعة

- ‌تعريف القدر

- ‌مواعظ مؤثرة

- ‌وصف الساق

- ‌القول في إن الله واحد

- ‌عدل علي كرم الله وجهه

- ‌مسألة فلكية

- ‌من يستجاب دعاؤه

- ‌الأقوال في المعاد

- ‌تعريف الفلسفة

- ‌تعريف علم الموسيقى

- ‌الخوف والحزن

- ‌وصايا أمير المؤمنين لأولاده

- ‌من غرر الحكم

- ‌قصة يوسف

- ‌بعض ما قيل في النساء

- ‌تعريف السيمياء

- ‌تعريف الدنيا

- ‌تعريف الإخلاص

- ‌وفيات بعض العلماء

- ‌أحكام أن

- ‌الفرق بين الرجاء والأمنية

- ‌تفسير حديث الشقي من شقي في بطن أمه

- ‌نور الكواكب

- ‌بحث في ضمير النكرة

- ‌مواعظ

- ‌البرهان على مساواتة الزوايا الثلاث في المثلث لقائمتين

- ‌من خصال التقوى

- ‌أقوال الحكماء

- ‌قنوت أفلاطون

- ‌‌‌دعاءفيتاغورس

- ‌دعاء

- ‌طرق وزن الأرض

- ‌النفي يتوجه إلى القيد

- ‌القيامة قيامتان

- ‌دعاء الحجاج عند موته

- ‌ظهور النار بخارج المدينة

- ‌إثبات الجزء

- ‌أمثال عربية

- ‌الاستنكار من الألفاظ الغريبة

- ‌الجزء الذي لا يتجزأ

- ‌ذكاء عربي

- ‌البرهان الترسي

- ‌انعكاس نور الشمس على وجه الأرض

- ‌صفة الملائكة

- ‌رأي النصارى في الأقاليم

- ‌أسماء اللبن

- ‌تحريم السحر

- ‌حكم

- ‌الجفر والجامعة

- ‌أسفار التوراة

- ‌قطب الفلك الأعلى

- ‌انطباع الصور في الحواس

- ‌الحب القاتل

- ‌تشريح القدم

- ‌في علم الفلك

- ‌متى يقرأ المنطق

- ‌حكم

- ‌حكم

- ‌بيان اختلاف الخلق في لذاتهم

- ‌تقويم الشمس

- ‌طرق معرفة ارتفاع الأرض وانخفاضها

- ‌هذه كتابة كتبها العارف الواصل الصمداني الشيخ محيي الدين ابن عربي

- ‌لغويات

- ‌دعاء السمات

- ‌حكم

- ‌أشرف الأعداد

- ‌من كتاب أنيس العقلاء

- ‌من صفات الدنيا

- ‌حكم

- ‌توحيد سقراط

- ‌نصائح نبوية

- ‌من كلام أرسطوطاليس

- ‌حقائق الأشياء

- ‌من كلام سقراط

- ‌لغويات

- ‌من كتاب أدب الكتاب

- ‌الحزن والعضب

- ‌وصف المتقين

- ‌نصائح

- ‌وصف القرآن

- ‌خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجود الله سبحانه

- ‌مسيلمة وسجاح

- ‌الحب القاتل

- ‌الوقت باصطلاح الصوفية

- ‌(رأي الصوفية في الجن)

- ‌(لغويات)

- ‌(في كشف الغمة)

- ‌(تعريف القضاء والقدر)

- ‌(لغويات)

- ‌(المجلد الخامس من الكشكول لبهاء الدين العاملي)

- ‌(في تعظيم حق الوالدين:)

- ‌(علم التصوف)

- ‌(لغويات)

- ‌(قال الشريف الرضي:)

- ‌(تعريف السعادة)

- ‌(محاورة بين الحجاج وسعيد بن جبير)

- ‌(عدد من قتلهم الحجاج)

- ‌(من كلام نجم الدين السكبري:)

- ‌(ما جاء في الثياب:)

- ‌(من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام:)

- ‌(من أمثال العرب)

- ‌(من أمثال العرب)

- ‌(الوزارة)

- ‌(تعريف الحكمة)

- ‌(تقسيم النفس، وتعريفها)

- ‌(هل الأرض شفافة

- ‌(في وصف الكتاب:)

- ‌(الشريف الرضي:)

- ‌(لبعض الأعراب:)

- ‌(لبعض الأعراب:)

- ‌(من كلام بعض الحكماء:)

- ‌(حقيقة النفس)

- ‌(حكم مأثورة)

- ‌(تعريف البلاغة)

- ‌(وفاء أعرابي)

- ‌حكم

الفصل: من دعاء أم الإسكندر للإسكندر: رزقك الله حظا يخدمك به

من دعاء أم الإسكندر للإسكندر: رزقك الله حظا يخدمك به ذوو العقول، ولا رزقك عقلا تخدم به ذوي الحظوظ.

قال أبو يزيد البسطامي: ليس الزاهد من لا يملك شيئا، إنما الزاهد من لا يملكه شيء.

قال أرسطو: العاقل يوافق العاقل، وأما الجاهل فلا يوافق العاقل ولا الجاهل. كما أن الخط المستقيم ينطبق على المستقيم. وأما المعوج فلا ينطبق على المعوج ولا المستقيم.

بعث السلطان محمود إلى الخليفة القادر بالله يتهدده بخراب بغداد، وأن يحمل تراب بغداد على الفيلة إلى غزنة. فبعث إليه الخليفة. كتابا فيه " أل م " وليس فيه سوى ذلك، فلم يدر السلطان ما معنى ذلك وتحير العلماء في حل هذا الرمز، وجمعوا كل سورة في القرآن في أولها " ال م " فلم يكن فيها ما يناسب الجواب. وكان في جملة الكتاب شاب لا يعبأ به فقال: إن أذن لي السلطان حللت الرمز، فأذن له، فقال ألم تتهدده بالفيلة؟ قال نعم. قال قد كتب إليك:{ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} فاستحسن السلطان ذلك، فقربه وأجازه.

العرب تسمي المائة سنة من التاريخ حمارا، وسمي مروان بالحمار لأنه كان على رأس المائة من دولة بني أمية.

وفي المحاضرات: أن المأمون مر متنكرا، وإذا برجل يقول: قد سقط المأمون من عيني منذ قتل أخاه، فبعث إليه بدرة وقال له: إن رأيت أن ترضى عني فعلت.

(لغويات)

قال ابن خالويه النحوي: من كلام العرب الذي غلب فيه المؤنث على المذكر: تقول صمت عشرا، ولا تقل عشرة، مع أن الصوم لا يكون إلا بالنهار وكذا تقول: سرت عشرا، لا عشرة. . والنفس مؤنثة. وتقول ثلاثة أنفس على لفظ الرجال، ولا يقال ثلاث أنفس.

الباخرزي:

(وطمعت منها بالوصال لأنها

تبني الأمور على خلاف مرادي)

(قالت وقد فتشت عنها كل من

لاقيته من حاضر أو بادي)

ص: 253

(أنا في فؤادك فارم طرفك نحوه

ترني فقلت لها فأين فؤادي)

قال بعض العلماء: حججت في بعض السنين، فبينما أنا أطوف بالبيت إذا بأعرابي متوشح بجلد غزال ويقول:

(أما تستحي يا رب أنت خلقتني

أناجيك عريانا وأنت كريم؟)

قال وحججت في العام القابل، فرأيت الأعرابي وعليه ثياب وحشم وغلمان، فقلت له: أنت الذي رأيتك في العام الماضي وأنت تنشد ذلك البيت!

فقال: نعم، خدعت كريما فانخدع.

كان بعضهم في أيام صغره ينشد أشد ورعا منه أيام كبره. وقد أنشأ في هذا المعنى يقول:

(عصيت هوى نفسي صغيرا وعندما

أتتني الليالي بالمشيب وبالكبر)

(أطعت الهوى عكس القضية ليتني

خلقت كبيرا ثم عدت إلى الصغر)

من كتاب تعبير الرؤيا للكلبي: جاء رجل إلى الصادق عليه السلام وقال: رأيت أن في بستاني كرما يحمل بطيخا، فقال له: احفظ امرأتك لا تحمل من غيرك.

وأتاه رجل فقال: كنت في سفر، فرأيت كأن كبشين ينتطحان على فرج امرأتي، وقد عزمت على طلاقها لما رأيت. فقال: صلوات الله عليه: أمسك أهلك، إنها لما سمعت بقرب قدومك أرادت نتف المكان، فعالجته بالمقراض.

وجد بعض الأعراب رجلا مع أمه فقتلها، فقيل له: هلا قتلت الرجل وتركت أمك؟ فقال: كنت أحتاج كل يوم إلى أن أقتل رجلا.

شهد رجل عند ابن شبرمة، فرد شهادته وقال: بلغني أن جارية غنت فقلت، لها أحسنت، فقال: قلت ذلك حين ابتدأت أوجين سكتت؟ قال: حين سكتت، قال: إنما استحسنت سكوتها أيها القاضي، فقبل شهادته.

قال أبو العيناء يوما لبعض الصبيان: في أي باب من أبواب النحو أنت؟ قال: في باب الفاعل والمفعول به. فقال: أنت في باب أبويك إذن.

وقالت له فتاة يوما: يا أعمى، فقال ما أستعين على قبح وجهك بشيء أنفع منه.

من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه:

(يعيب الرجال زمانا مضى

وما لزمان مضى من غير)

ص: 254

(فقل للذي ذم صرف الزمان

ظلمت الزمان فذم البشر)

كانت علية بنت المهدي أخت هارون الرشيد من أجمل الناس وأظرفهم، وأعقلهم. وأشعرهم، وأمهرهم في صناعة الموسيقى والألحان. وكانت عفيفة، حسنة الدين، لا تغني ولا تشرب إلا أيام اعتزالها الصلاة، فإذا طهرت لازمت الصلاة. وتلاوة القرآن. ومن كلامها: ما حرم الله تعالى شيئا إلا وجعل فيما حلل عوضا عنه، فبأي شيء يحتج عاصيه. وهي التي كانت تهوى غلاما للرشيد وحكايتها فيه مشهورة. وقد أوردتها في المجلد الأول من الكشكول، وفي أولها أبيات رائعة فمن ذلك قولها:

(وضع الحب على الحور فلو

أنصف المعشوق فيه لسمج)

(ليس يستحسن في فن الهوى

عاشق يحسن تأليف الحجج)

للرشيد في جواريه الثلاث:

(ملك الثلاث الآنسات عناني

وحللن من قلبي بكل مكان)

(ما لي تطاوعني البرية كلها

وأطيعهن وهن في عصياني)

(ما ذاك إلا حكم سلطان الهوى

وبه غلبن أعز من سلطاني)

مما قله أمير المؤمنين علي في مرثية النبي [صلى الله عليه وسلم َ -] :

(كنت السواد لناظري

فبكى عليك الناظر)

(من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر)

قالت امرأة بعض الأجواد لزوجها: أما ترى أصحابك إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت رفضوك. فقال هذا من كرم نفوسهم، يأتوننا في حال القوة منا على الإحسان إليهم، ويتركوننا في حال الضعف عنهم.

وفد بعض الشعراء على زبيدة فقال في مدحها:

(أزبيدة ابنة جعفر

طوبى لزائرك المثاب)

(تعطيه من رجليك ما

تعطي الأكف من الرغاب)

فوثب الخدم لضربه، فقالت كفوا عنه، فما قصد ما فهمتوه، إنه لما رأى الناس يقولون شمال فلان أندى من كل يمين، أراد أن ينسج على هذا المنوال.

ومن شعر السهروردي:

(وكم قلت للقوم أنتم على

شفا حفرة من كتاب الشفا)

ص: 255

(فلما استهانوا بتوبيخنا

فزعنا إلى الله حتى كفى)

(فماتوا على دين رسطاطليس

ومتنا على ملة المصطفى)

قيل لأعرابي على مائدة بعض الخلفاء - وقد حضر فالوذج وهو يأكل منه - يا هذا، إنه لم يشبع منه أحد إلا مات، فأمسك يده ساعة، ثم ضرب بالخمس وقال: استوصوا بعيالي خيرا.

حكى الأصمعي قال: نزلت في بعض الأحياء، فنظرت إلى قطع من القديد منظومة في خيط، فأخذت في أكلها، فلما استوفيتها أقبلت المرأة صاحبة الخباء وقالت: أين ما كان في الخيط؟ فقلت: أكلته، فقال: ليس هذا مما يؤكل، إنني امرأة أخفض الجواري، وكلما خفضت جارية علقت خفضتها في هذا الخيط.

كان الجاحظ قبيح الصورة جدا، حتى قال الشاعر فيه:

(لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا

ما كان إلا دون قبح الجاحظ)

قال يوما لتلامذته: ما أخجلني إلا امرأة أتت بي إلى صائغ، فقالت: مثل هذا، فبقيت حائرا في كلامها، فلما ذهبت سألت الصائغ، فقال: استعملتني أن أصنع لها صورة جني فقلت: لا أدري كيف صورته، فأتت بك. .

جلس كسرى يوما للمظالم، فتقدم إليه رجل قصير وجعل يقول: أن مظلوم وهو لا يلتفت إليه، فقال الوزير: أنصف الرجل، فقال: إن القصير لا يظلمه أحد. فقال: أصلح الله الملك، إن الذي ظلمني أقصر مني.

قال حائك للأعمش: ما تقول في الصلاة خلف الحائك؟ قال: لا بأس بها على غير وضوء. قال: فما تقول في شهادته؟ قال: تقبل مع عدلين يشهدان معه.

لبعضهم:

(والله والله وحق الهوى

وعيشنا الماضي وودي القديم)

(ما خطر السلوان في خاطري

أعوذ بالله السميع العليم)

ولي أعرابي اليمن، فجمع اليهود فقال: ما تقولون في عيسى؟ قالوا: قتلناه وصلبناه، فقال: لا تخرجوا من السجن حتى تؤدوا ديته.

عزم الحجاج على قتل رجل فهرب واستخفى منه، ثم جاء إليه بعد أيام وقال: أيها

ص: 256

الأمير اضرب عنقي، فقال له الحجاج: وكيف جئت؟ قال: أصلح الله الأمير، إني أرى كل ليلة أنك تقتلني، فأردت أن أقتل مرة واحدة، فعفا عنه.

لما خرج سقراط ليقتل بكت زوجته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: لأنك تقتل مظلوما، فقال: يا هذه، أو كنت تحبين أن أقتل ظالما؟

لغز في باب:

(ما اسم إذا عكسته

فعكسه كطرده)

(يباع لكن حفظ مال

المشتري في رده)

في المكارم: أن النبي [صلى الله عليه وسلم َ -] قال لأبي ذر: إن أكثر من يدخل النار المتكبرون، فقال رجل وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله؟ قال: نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب النعم، وجالس المساكين.

قيل لبعض العباد - وكان شيخا هرما -: يا شيخ هل بقي منك ما تحب له الحياة؟ فقال نعم: الإنابة إلى الله، والبكاء من الذنوب السوالف.

وجد مكتوبا علت صخرة في جبال بيت المقدس: كل عاص مستوحش، وكل طائع مستأنس، وكل قانع عزيز، وكل حريص ذليل.

في كتاب الروضة عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال: إن الله ليحفظ من يحفظ صديق أبيه.

كان أبو القيس يهوى جارية وكانت مولعة بهجره وتعذيبه حتى أدنف وأشرف على التلف، فلما احتضر بلغها ذلك، فأتت إليه، وأخذت بعضادتي الباب وقالت: كيف حالك؟ فلما رآها وسمع كلامها أنشد:

(ولما رأتني في السياق تعطفت

علي وعندي من تعطفها شغل)

(أتت وحياض الموت بيني وبينها

وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل)

ثم وضع رأسه على قدميها، ومات، رحمه الله تعالى.

كان رجل جارا لفيروز الديلمي، فأراد بيع داره لدين ركبه، فلما سامها وأحضر المشتري الثمن قال البائع: هذا ثمن الدار، فأين ثمن الجار؟ فقال نعم، جوار فيروز يباع بأضعاف ثمن الدار. فلما بلغ ذلك فيروز بعث إليه ضعف ثمن الدار وقال: بعها على نفسك بورك لك فيها.

ص: 257

نجد بالتجربة أن الأرض في الصيف حارة الظاهر باردة الباطن، وفي الشتاء بالعكس ولذا كانت مياه العيون والآبار حارة في الشتاء باردة في الصيف؛ لأن الحرارة والبرودة يهرب كل منهما عن الآخر، فإذا استولى الحر على ظاهر الأرض هرب البرد إلى باطنها، وبالعكس.

علي بن الجهم:

(وارحمتاه للغريب في البلد النازح

ماذا بنفسه صنعا)

(فارق أحبابه فما انتفعوا

بالعيش من بعده وما انتفعا)

من كلام بعض الأعراب: الصبر مر لا يتجرعه إلا حر.

ومن كلامهم: الصبر على ما تحب أشد على النفس من الصبر على ما تكره.

من كلامهم: كن حلو الصبر عند مرارة النازلة.

قال كسرى لبرزجمهر: ما علامة الظفر بالأمور المطلوبة المستعصية؟ قال: ملازمة الطلب، والمحافظة على الصبر، وكتمان السر.

لبعضهم:

(وإذا تكامل للفتى من عمره

خمسون وهو إلى التقى لا يجنح)

(عكفت عليه المحزنات فما له

متأخر عنها ولا متزحزح)

(وإذا رأى الشيطان صورة وجهه

حيا وقال فديت من لا يفلح)

قيل لابن المهلب: مالك لا تبني لك في البصرة دارا؟ فقال: أنا لا أدخلها إلا أميرا أو أسيرا، فإن كنت أسيرا فالسجن داري، وإن كنت أميرا فدار الإمارة داري.

قال طاوس: رأيت رجلا يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب، وهو يدعو ويبكي، فجئته وقد فرغ من الصلاة فإذا هو علي بن الحسين صلوات الله عليه، فقلت له: يا بن رسول الله رأيتك على حالة كذا وكذا، ولك ثلاثة، أرجو أن يؤمنك من الخوف أحدها: أنك ابن رسول الله [صلى الله عليه وسلم َ -] ، والثاني شفاعة جدك، والثالث رحمة الله. فقال: يا طاوس، أما أني ابن رسول الله، فلا تؤمنني، وقد سمعت الله يقول:{فلا أنساب بينهم يومئذ} وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني؛ لأن الله تعالى يقول {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} ولا أعلم أني محسن.

ص: 258

السموأل بن عاديا:

(إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

فكل رداء يرتديه جميل)

(وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمتها

فليس إلى حسن الثناء سبيل)

(تعيرنا أنا قليل عديدنا

فقلت لها: إن الكرام قليل)

(وما ضرنا أنا قليل وجارنا

عزيز وجار الأكثرين ذليل)

(وإنا لقوم لا نرى القتل سبة

إذا ما رأته عامر وسلول)

(يقرب حب الموت آجالنا لنا

وتكرهه آجالهم فتطول)

(وما مات منا سيد في فراشه

ولا طل منا حيث كان قتيل)

(تسيل على حد الظبات نفوسنا

وليست على غير الظبات تسيل)

(إذا مات منا سيد قام سيد

قئول بما قال الكرام فعول)

(وننكر إن شئنا على الناس قولهم

ولا ينكرون القول حين نقول)

(وما أخمدت نار لنا دون طارق

ولا ذمنا في النازلين نزيل)

(وأسيافنا في كل شرق ومغرب

بها من قراع الدار عين فلول)

(معودة ألا تسل نصالها

فتغمد حتى يستباح قبيل)

من كلام المعلم الأول أرسطو: الإنسان حقير بالجثة عظيم بالحكمة، شريف بالعقل. والعقل أعظم وأعلى من سائر المخلوقات.

الشيخ المقتول: هو أبو الفتح شهاب الدين يحيى، ابن أخت الشيخ شهاب الدين السهروردي، وكان مرتاضا سياحا، أعزه الملك الظاهر فحسده فقهاء حلب، وأفتوا بقتله فقتل سنة 586.

اختلفوا في أن الإنسان هل يمكنه تغيير خلقه أم لا، فالغزالي في الإحياء والمحقق الطوسي في الأخلاق على الأول، ويعضه قول النبي [صلى الله عليه وسلم َ -]" حسنوا أخلاقكم " وبعض الأكابر على الثاني، وعليه قول بعضهم:

(لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها)

وفي الديون المنسوب إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام:

(وكل جراجة فلها دواء

وسوء الخلق ليس له دواء)

ص: 259

تظلم أهل الكوفة عند المأمون من وال كان عليهم، فقال المأمون: كفوا فلا أعلم أعدل منه في عمالي ولا أقوم، فقال المتظلم: إذا كان هذا الوصف، فاجعل لكل بلد فيه نصيبا ليستووا في العدل، فضحك المأمون وعزله.

(إذا أنت لم تطرب ولم تدر ما الهوى

فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا)

بعض الشعراء في عامل يقال له أبو علي طالت مدة ولايته:

(وقالوا العدل للعمال حيض

لحاه الله من حيض بغيض)

(فإن يك هكذا فأبو علي

من اللائي يئسن من المحيض)

قال بعض الحكماء: إذا وليت ولاية، فإياك أن تستعين في ولايتك بأقاربك، فتبتلى بما ابتلى به عثمان بن عفان، واقض حقوقهم بالمال لا بالولاية.

قال المنصور العباسي لجنده: صدق القائل: أجع كلبك يتعبك، فقال بعض الجند: نعم ولكن ربما يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك.

زعمت العرب أن من ضل في مفازة فنزع ثوبه ولبسه مقلوبا اهتدى إلى الطريق.

من كلام أنوشروان:

حصن البلد بالعدل، فهو سرير لا يغرقه ماء، ولا تحرقه نار، ولا يهدمه منجنيق.

لبعضهم:

(ألا يا دولة السفل

أطلت المكث فانتقلي)

(ويا ريب الزمان أفق

نقضت الشرط في الدول)

كتب بعض العمال إلى وال ولاه ولاية يقال له الشيز، يستعفي منها ويطلب العزل:

(ولاية الشيز عزل

والعزل فيها ولاية)

(فولني العزل عنها

إن كنت بي ذا عناية)

كان عبد الملك قبل ولايته ملازما للمسجد الحرام، مواظبا على الصلاة وتلاوة القرآن، حتى سموه حمامة المسجد. فلما جاء خبر ولايته كان المصحف في حجره، فوضعه وقال: هذا فراق بيني وبينك.

ابن عبد الجليل الأندلسي:

(أتراه يترك العذلا

وعليه شب واكتهلا)

ص: 260

(علق بالبيض ما علقت

نفسه السلوان مذعقلا)

(غير راض عن سجية من

ذاق طعم الحب ثم سلا)

(أيها اللوام ويحكم

إن لي عن لومكم شغلا)

(ثقلت عن لومكم أذني

لم يجد فيه الهوى ثقلا)

(تسمع النجوى وإن خفيت

وهي ليست تسمع العذلا)

(نظرت عيني لشقوتها

نظرات صادفت أجلا)

(غادة لما مثلت لها

تركتني في الهوى مثلا)

(أبطل الحق الذي بيدي

سحر عينيها وما بطلا)

(حسبت أني سأحرقها

مذ رأت رأسي قد اشتعلا)

(يا سراة الحي مثلكم

يتلافى الحادث الجللا)

(قد نزلنا في جواركم

فشكرنا ذلك النزلا)

(ثم واجهنا ظباءكم

فلقينا الهول والوهلا)

كان أمير المؤمنين عليه السلام يقذف بابنه محمد بن الحنفية في المهالك، ويقدمه في الحروب، ولا يسمح في ذلك بالحسن والحسين عليهما السلام، حتى إنه كان يقول: هو ولدي وهما أبناء رسول الله [صلى الله عليه وسلم َ -]، فقيل لمحمد: كيف يسمح بك أبوك في الحروب ويبخل بهما؟ فقال أنا يمينه، وهما عيناه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه.

قال كميل بن زياد: سألت مولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما الحقيقة؟ فقال: مالك والحقيقة! قلت: أولست صاحب سرك؟ قال بلى، قلت: ومثلك يخيب سلائلا؟ فقال: الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة. قلت: زدني بيانا، فقال: محو الرسوم مع صحو المعلوم. قلت زدني بيانا، قال نور يشرق مع صبح الأزل، فتلوح على هياكل التوحيد آثاره، قلت زدني، بيانا، فقال: أطفئ السراج فقد طلع الصبح.

أهدى بعضهم موسى لمن يدعى موسى وكتب معه، وفيه تورية:

(بعثت إلى موسى بموسى هدية

ولم يحظ في التأليف بينهما العبد)

(فهذا له حد ولا نصل عنده

وذاك له نصل وليس له حد)

ذو الرمة:

ص: 261

(وقفت على ربع لمية ناقتي

وما زلت أبكي عنده وأخاطبه)

(وأسقيه حتى كاد مما أبثه

تكلمني أحجاره وملاعبه)

الباخرزي:

(يوم دعانا إلى حث الكؤوس به

ثلج سقيط وغيم غير منجاب)

(وأطنب البرد حتى الشمس ما طلعت

إلا مزملة في فرو سنجاب)

لبعضهم:

(لقد ظلم القمري إذا ناح باكيا

وليس له من مثل ما ذقته ذوق)

(فها أنا ذا شوق ولا طوق لي به

وها هو ذا طوق وليس له شوق)

لبعضهم:

(وقالوا في العزوبة ألف هم

فقلت لهم وفي التزويج أيضا)

(فذا في حيص بيص بغير أهل

وذا في أهله في حيص بيصا)

عاد بعضهم بعض العارفين مبتلى بأمراض عديدة وآلام شديدة، فقال له يسليه: يا هذا من لم يصبر على البلاء فليس صادقا في دعوى المحبة. فقال العارف: ليس كما قلت، ولكن من لم يجد لذة في البلاء فليس صادقا في دعوى المحبة.

قال بعض العارفين: إذا أشرب القلب حب الدنيا لم تنجح فيه كثرة المواعظ، كما أن الجسد إذا استحكم فيه الداء لم ينجع فيه كثرة الدواء.

لبعضهم:

(رب ورقاء هتوف بالضحى

ذات شجو صدحت في فنن)

(ذكرت إلفا ودهرا ماضيا

فبكت حزنا فهاجت حزني)

(فبكائي ربما أرقها

وبكاها ربما أرقني)

(قد أثارت في فؤادي لهبا

كاد لولا أدمعي يحرقني)

(أتراها بالبكا مولعة

أم سقاها البين ما جرعني)

(فمتى تسعدني أسعدها

ومتى أسعدها تسعدني)

(ولقد تشكو فما أفهمها

ولقد أشكو فما تفهمني)

(غير أني بالجوى أعرفها

وهي أيضا بالجوى تعرفني)

ص: 262

سئل الصادق عليه السلام عن قوله: {إلا من أتى الله بقلب سليم} قال: القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه.

قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر: لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

قال الإمام في المباحث المشرقية: زعم بعض الحكماء أن السبب في حدوث الحوادث الجوية كالهالة وقوس قزح هو اتصالات فلكية، وقوى روحانية، اقتضت وجودها ولا يكون من قبيل الخيالات. ثم قال: وهذا الوجه يؤيده أن أصحاب التجارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث في الجو تدل على حدوث حوادث في الأرض، ولولا أنها موجودات مستندة إلى تلك الاتصالات والأوضاع لم يستمر هذا الاستدلال.

من وصية النبي عليه السلام لأبي ذر: " يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا، يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك، يا أبا ذر، من طلب علما ليصرف وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة، يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر لمن عصيت، يا أبا ذر دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك، يا أبا ذر، لو نظرت إلى الأجل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره ".

قال المنصور لبعض الخوارج وقد أتي به أسيرا: عرفني أي أصحابي أشد إقداما في الحرب؟ فقال: إني لا أعرفهم بوجوههم، فإني لم أر في الحرب إلا قفاهم.

لبعضهم:

(خذ الوقت أخذ اللص واسرقه واختلس

فوائده بالطيب أو بالتطايب)

(ولا تتعلل بالأماني فإنها

عطايا أحاديث النفوس الكواذب)

لما أسرت أم علقمة الخارجية وأتى بها إلى الحجاج، وقد كان قد وقع بينها وبين الحجاج حروب شديدة، فقال لها: يا عدوة الله، تخبطين الناس بسيفك خبط عشواء؟ فقال: ويحك، أعلي ترعد وتبرق ولقد خفت الله خوفا صيرك في عيني أصغر من ذباب، وكانت منكسة، فقال: ارفعي رأسك وانظري إلي، قالت: أكره النظر إلى من لا ينظر الله إليه، فقال: يا أهل الشام ما تقولون في دمها؟ فقالوا جميعا: حلال أيها الأمير، فقالت: ويحك، لقد كان جلساء أخيك فرعون خيرا من جلسائك حيث استشارهم في موسى وهرون، فقالوا:" أرجه وأخاه " وهؤلاء الفسقة أمروا بقتلي، فأمر بها فقتلت.

ص: 263

سأل شقيق البلخي رجلا: كيف يفعل فقراؤكم؟ قال: إن وجدوا أكلوا، وإن فقدوا صبروا. قال: هكذا كلاب بلخ. قال: فأنتم، قال إن وجدنا آثرنا، وإن فقدنا شكرنا.

أكل أعرابي مع معاوية، وجعل يمزق جديا على الخوان تمزيقا عنيفا، ويأكله أكلا ذريعا، فقال له معاوية: إنك تمزقه كأن أمه نطحتك؟ فقال: وإنك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك.

مرت أعرابية بقوم يشربون، فسقوها، فلما شربت أقداحا وجدت خفة وطربا، فقالت: أيشرب نساؤكم في العراق من هذا؟ فقالوا ربما شربن، فقالت. فما يدري أحدكم من أبوه، زنين إذن ورب الكعبة.

لبعضهم:

(مهفهف القد هضيم الحشا

يكاد ينقد من اللين)

(كأن في أجفانه منتضى

سيف علي يوم صفين)

لبعضهم:

(غنينا بنا عن كل من لا يريدنا

وإن كثرت أوصافه ونعوته)

(ومن صد عنا حسبه الصد والقلا

ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته)

لبعضهم:

(قالت متى الظعن يا هذا فقلت لها

إما غدا زعموا أولا فبعد غد)

(فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت

وردا وعضت على العناب بالبرد)

ابن المعلم من أبيات طويلة:

(هو الحمى ومغانيه مغانيه

فاجلس وعانى خليلي ما نعانيه)

(ما في الصحاب أخو وجد نطارحه

حديث وجد ولا خل نجاريه)

(إليك عن كل قلب في أماكنه

ساه وعن كل دمع في مآقيه)

(ما واجب القلب في المعنى كقاعده

وجامد الدمع في المعنى كجاريه)

(نجدد الحب والأشجان تخلقه

وننشر الدمع والأحزان تطويه)

(وموجع القلب إذ أسمعته شجني

حاشاه حاشاه من قلبي وما فيه)

(لم أدر حين بدا والكأس في يده

من كأسه السكر من عينيه أم فيه)

ص: 264

(ينأى ويقرب والأيام تبعده

عن المتيم والأحلام تدنيه)

(يا مالكا غير ذلي ليس يقنعه

وفاتكا غير قتلي ليس يرضيه)

(أهدى السلام نحيي من قتلت أسى

فميت الحب محييه محييه)

سوف - في لغة اليونانيين - اسم للعلم، وأسطا اسم للغلط، فسوفسطا. أي علم الغلط.

وفيلا: اسم للمحب، ففيلسوف معناه محب العلم. ثم عرب هذان اللفظان، واشتق منهما السفسطة، والفلسفة، ونسب إليهما فقيل سوفسطائي وفلسفي. وكان الأولى سفسطي، وفلسفي، وسوفسطائي، وفيلسوفي.

قال رجل للحسن: ما أعظمك في نفسك! فقال: من قول الله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} .

قيل في أصحاب الكشف:

(لله تحت قباب العز طائفة

أخافهم في لباس الفقر إجلالا)

(غبر ملابسهم شم معاطسهم

جروا على فلك الأفلاك أذيالا)

مثل لظهور آثار القدرة الإلهية في جميع المخلوقات:

(لا تقل داؤها بشرقي نجد

كل نجد للعامرية دار)

(ولها منزل على كل أرض

وعلى كل دمنة آثار)

قصيدة عائشة بنت الباعوني تمدح بها الحبيب. الأعظم، صلى الله عليه وعلى آله وكرم وعظم:

(سعد إن جئت ثنيات اللوى

حي عن الحي من آل لؤي)

(واجر ذكرى فإذا أصغوا له

صف لهم ما قد جرى من مقلتي)

(وبشرح الحال فانشر ما انطوى

في سقام قد طواني أي طي)

(في هوى أقمار تم نصبوا

حسنهم أشراك صيد للفتى)

(عرب في ربع قلبي نزلوا

وأقاموا في السويدا من حشي)

(أطلقوا دمعي ولكن قيدوا

بهواهم عن سواهم سودي)

ص: 265

(ذبت حتى كاد شخصي يختفي

عن جليسي فكأني رسم في)

(وجنوبي قد تجافت مضجعي

وجفوني قد تجافاها الكرى)

(قال لي الآسي وقد شف الضنى

وتمادى الداء من فرط الهوى)

(لا شفا إلا بترياق اللقا

وبرشف الشهد من ذاك اللمى)

(آه واحر غليلي في الهوى

وبغير الراي ما لي قط ري)

(أترى هل يسعفوني بالمنى

قبل موتي وأرى ذاك المحي)

(ما قلوني لا ولكن قد شووا

بالجفا والصد قلبي أي شي)

(وإذا هبت صبا من نحوهم

بلبلت لبي صبابات لدي)

(بان عذري وغدا متضحا

وكمال الحسن إحدى حجتي)

(غاض سلواني فهل من رحمة

هي أقصى القصد من آل قصي)

(ولعمري كل حسن في الورى

قاصر عن حسن جد الحسني)

(خير مبعوث محت أنواره

بصباح الرشد عنا ليل مي)

(صاحب الجاه الذي لا يحتمى

بسواه يوم تطوى الأرض طي)

(وبه أسري إلى معراجه

لاختصاص من ورافهم النهي)

(وأراه الله من آياته

ما أراه فكأي وكأي)

(وله كم معجزات ظهرت

وتبدى نورها في كل حي)

هذا آخر ما وقع عليه الاختيار من هذه القصيدة، وفيها أبيات رايقة أخرى أوردت بعضها في المجلد الأول من الكشكول.

حسام الدين الحاجري:

(لمع البرق اليماني

فشجاني ما شجاني)

(ذكر دهر وزمان

بالحمى أي زمان)

(يا وميض البرق هل ترجع

أيام التداني)

(وترى يجتمع الشمل

فأحظى بالأماني)

(أي سهم فوق البين

مصيبا فرماني)

(أبعد الأحباب عني

فأراني ما أراني)

ص: 266

(يا خليلي إذا لم

تسعداني فذراني)

(هذه أطلال سعدي

والحمى والعلمان)

(أين أيام التصابي

وزمان العنفوان)

(والأماني في أمان

من صروف الحدثان)

إسماعيل بن بشر:

(بأبي غزالا أسقم الجسم

الصحيح وأنحله)

(قصر النهار بوصله

والهجر منه طوله)

(فأحببته يا من عرفت

به الصبابة والوله)

(من كان قاضي نفسه

فالحق في يده وله)

أظنه لابن المسلمي:

(كلما أنشد حاديهم وغنى

هام قلبي نحوهم شوقا وحن)

(وإذا فكر قلبي في الذي

مر من أيامه هام وجن)

(أترى عصر الصبا أين مضى

آه ما أحلى لياليه وأهنى)

(يا زمان البين لا كنت ولا

كان قلبي إنه قلب مغنى)

(أي معنى لحياتي بعدهم

بعدهم والله ما للعيش معنى)

(سادتي بالله عودوني ولو

ساعة فالعمر قد قارب يفنى)

(وارحموا من قد مضت أيامه

في الترجي والمنى خسرا وغبنا)

(بعتموه ثوب سقم وعنى

وأخذتم قلبه في البيع رهنا)

(يتمنى القلب منكم نظرة

آه من أين لقلبي ما تمنى)

(أيها السائق إن جزت على

أثلاث في ربى حزوى ولبنى)

(فقل الصب المعنى بعدكم

غيركم من دهره ما يتمنى)

(كل شيء بعدكم قد خانه

وعليه كل شيء يتجنى)

(أبعدتنا عنكم أيدي النوى

فتفرقنا كأنا ما اجتمعنا)

من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام:

ص: 267

(إذا أظمأتك أكف اللئام

كفتك القناعة شبعا وريا)

(فكن رجلا رجله في الثرى

وهامة همته في الثريا)

(أبيا بوجهك عن باخل

تراه بما في يديه أبيا)

(فإن إراقة ماء الحياة

دون إراقة ماء المحيا)

ومنه:

(وفي قبض كف الطفل عند ولاده

دليل على الحرص المركب في الحي)

(وفي بسطها عند الممات مواعظ

ألا فانظروني قد خرجت بلا شي)

حركة النبض عند الحكماء من مقولة الأين، وعند بعضهم من مقولة الوضع، وعند بعضهم من مقولة الكم، والقول الأوسط أوسط الأقوال.

ولله در أبو نواس:

(حامل الهوى تعب

يستخفه الطرب)

(لا تلمه في وله

ليس ما به لعب)

(كلما انقضى سبب

منك جاءه سبب)

(تعجبين من سقمي

صحتي هي العجب)

قيل لبعض الحكماء: أتدخر المال وأنت ابن سبعين سنة، قال: يموت الرجل فيخلف مالا لعدوه خير من أن يحتاج في حياته لصديقه.

من كلامهم: إذا أثريت فكل رجل رجلك، وإذا افتقرت أنكرك أهلك.

قيل لأفلاطون: لم لا يجتمع العلم والمال؟ فقال: لعز الكمال.

كان سقراط فقيرا، فقال له بعض الملوك: ما أفقرك؟ فقال أيها الملك، لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجع لنفسك عن التوجع لي.

عن محمد بن الحنفية قال: من كرمت نفسه عليه هانت الدنيا في عينيه.

قال بعض الحكماء: لا تصحب من هو أغنى منك، فإنك إن ساويته في الإنفاق أضر بك، وإن زاد عليك استذلك.

لما مات حاتم أراد أخوه أن يتشبه به، فقالت أمه: لا تتعبن، فلن تناله، قال: وما

ص: 268

يمنعني وهو أخي وشقيقي؟ فقالت: إنه كان كلما أرضعته لا يرضى أن يرضع حتى آتيته بمن يشاركه فيرضع معه الثدي الآخر. وكنت إذا أرضعتك ودخل رضيع بكيت حتى يخرج.

قال النظام: مما يدل على لؤم الذهب والفضة كثرتهما عند اللئام؛ لأن الشيء يصير إلى شكله.

قال الراغب في المحاضرات: فرق الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام مذ كان بخراسان أمواله كلها في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: ما هذا المغرم! فقال بل هو المغنم.

بعضهم:

(لو ضرط الموسر في مجلس

قالوا له يرحمك الله)

(أو عطس المفلس في مجلس

سب وقالوا له ماساه)

(فمضرط المفلس عرنينه

ومعطس الموسر مفساه)

الحكماء عندهم أن وجود العالم على هذا النظام خير محض، وإيجاده كمال تام. والواجب جل وعلا هو المبدأ الفياض، والجواد المطلق فلا تنفك ذاته عن هذا الخير المحض والكمال التام؛ لأن انفكاكها عنه نقص، وهو منزه، عن النقائص. وهذا هو الذي دعاهم إلى القول بقدم العالم.

والمتكلمون يقولون: إنه يصح منه إيجاد العالم وتركه، وليس الإيجاد لازما لذاته، وهذا هو معنى القدرة والاختيار عند المتكلمين. وأما كونه تعالى قادرا بمعنى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، هو متفق عليه بين الحكماء والمتكلمين، ولا نزاع فيه بين العقلاء.

بعضهم:

(هم رحلوا يوم الخميس عشية

فودعتهم لما استقلوا وودعوا)

(ولما تولوا ولت النفس معهم

فقلت ارجعي قالت إلى أين أرجع)

يستغرب أن الصاعقة تذيب الذهب والفضة في الصرة، ولا تحرق الخرقة المصرورين فيها. قال لمحقق الشريف في شرح المواقف قد أخبرنا أهل التواتر بأن الصاعقة وقعت بشيراز على قبة الشيخ الكبير أبي عبد الله بن خفيف، فأذابت قنديلا فيها ولم تحرق شيئا فيها. والسبب في ذلك: أن تلك النار لغاية لطافتها تنفذ في المتحلل، وهي سريعة الحركة

ص: 269

جدا، فلا تبقى فيها حتى تذيبها. وأما الأجسام المندمجة فتنفذ فيها في زمان أطول، فتبقى فيها قدرا يعتد به فتذيبها.

جاء فاعل في القرآن بمعنى المفعول في موضعين الأول قوله تعالى {لا عاصم} أي لا معصوم. والثاني في قوله تعالى: {ماء دافق} أي مدفوق وجاء اسم المفعول بمعنى الفاعل في ثلاثة مواضع: الأول قوله تعالى {حجابا مستورا} أي ساترا. والثاني قوله تعالى: {كان وعده مأتيا} أي آتيا. والثالث قوله تعالى: {جزاء موفورا} أي وافرا.

قال الراغب في المحاضرات: إن بقزوين قرية أهلها متناهون في التشيع، مر بهم رجل فسألوه عن اسمه فقال: عمر، فضربوه ضربا شديدا. فقال: ليس اسمي عمر، بل عمران، فقالوا: هذا أشد من الأول، فإنه عمر، وفيه حرفان من اسم عثمان، فهو أحق بالضرب، فضربوه أشد من الأول.

سئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبة فقال: هي التي لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء.

قيل لبعض العارفين: ما الفرق بين المحبة والهوى فقال: الهوى يحل في القلب والمحبة يحل فيها القلب.

محمد بن غالب:

(أحسن إذا أحسن الزمان

وصح منه لك الضمان)

(بادر بإحسانك الليالي

فليس من غدرها أمان)

قال بعض الأعراب لابن عباس: من يحاسب الناس يوم القيامة؟ فقال: يحاسبهم الله تعالى، فقال الأعرابي: نجونا إذا ورب الكعبة. فقيل له وكيف؟ فقال: إن الكريم لا يدقق في الحساب.

سمع المأمون أبا العتاهية يقول:

(وإني لمحتاج إلى ظل صاحب

يروق ويصفو إن كدرت عليه)

فقال المأمون: خذ مني الخلافة وأعطني مثل هذا الصاحب.

قال رجل لبعض الناسكين: صف لنا التقوى، فقال: إذا دخلت أرضا فيها شوك كيف كنت تعمل؟ فقال: أتوقى وأتحرى، قال: فافعل في الدنيا كذلك، فهي التقوى، أخذه ابن المعتز فقال:

ص: 270

(كن مثل ماش فوق أرض

الشوك تحذر ما ترى)

(لا تحقرن صغيرة

إن الجبال من الحصا)

قال رجل لبعض الظرفاء: ابتلاك الله بحب فلانة، وكانت قبيحة الشكل، فقال: يا أحمق، لو ابتليت بحبها لكانت أحسن في عيني من الحور العين.

قال مالك بن دينار لراهب: عظني، فقال إن قدرت أن تجعل بينك وبين الناس سورا فافعل.

كان بعضهم يقول: اللهم احفظني من صديقي، فقيل له: في ذلك، فقال: لأني أتحرز من العدو، ولا أقدر أن أتحرز من الصديق.

قال في الكشاف: قيل لإبراهيم بن أدهم: مالنا ندعو ولا نجاب؟ فقال لأنه دعاكم فلم تجيبوه، ثم قرأ:{والله يدعو إلى دار السلام} . {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات} .

سئل سقراط: ما سبب فرط نشاطك وقلة حزنك؟ فقال: لأني لا أقتني ما إذا فقدته حزنت عليه.

لبعضهم:

(كم تدعي بطريق القوم معرفة

وأنت منقطع والقوم قد وصلوا)

(فانهض إلى ذروة العلياء مبتدرا

عزما لترقى مكانا دونه زحل)

(فإن ظفرت به قد حزت مكرمة

بقاؤها ببقاء الله متصل)

(وإن قضيت بهم وجدا فأحسن ما

يقال عنك قضى من وجده الرجل)

من وصية للنبي [صلى الله عليه وسلم َ -] : إن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسخ، قيل يا رسول الله فهل لذلك علامة؟ فقال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله.

ابن مسعود: من اشتاق إلى الجنة نازع في الخيرات، ومن خاف النار ترك الشهوات. ومن ترقب الموت زهد في الدنيا وهانت عليه المصيبات.

قال بعض العارفين: من استثقل سماع الحق كان للعمل به أشد استثقالا.

قيل لأعرابي: ما تقرأ في صلاتك؟ قال: هجو أبي لهب ونسبة الرب، أي سورة الإخلاص.

ص: 271

خرج بعض ملوك الفرس يتصيد، فرأى في طريقه أعور، فأمر بضربه وحبسه تشاؤما برؤيته، واتفق أنه صاد صيدا كثيرا، فلما عاد أمر بإطلاق الأعور، فقال أيأذن لي الملك في الكلام؟ قال: تكلم، قال: لقيتني فضربتني وحبستني، ولقيتك فاصطدت ورجعت سالما، فأينا أشأم على صاحبه؟ فضحك الملك وأمر له بجائزة.

قال رجل لابن سيرين: رأيت كأن بيدي خاتما، وأنا أختم أفواه الرجال وفروج النساء. فقال: أمؤذن أنت؟ قال: نعم، قال: أنت تؤذن في رمضان قبل طلوع الفجر فيمتنع الناس لأذانك.

وقال آخر: رأيت كأني أطأ مصحفا، فقال انفض خفك، فنفضه فكان فيه درهم، فقال هذا هو.

وقال له آخر: كأن عيني اليمنى دارت من قفاي فقابلت عيني اليسرى. فقال: ألك ولدان؟ قال: نعم. قال: إن أحدهما يفجر بالآخر، فلما استكشف كان كما قال.

قوله تعالى: {وكان تحته كنز لهما} ذهب بعض المفسرين إلى أن الكنز لم يكن ذهبا ولا فضة، ولكنه كان كتب العلم. وهذا القول نقله الزمخشري في الكشاف، والبيضاوي في تفسيره.

وفي الكافي في باب فضل اليقين عن الرضا صلوات الله عليه. قال: الكنز الذي قال الله عز وجل: {وكان تحته كنز لهما} كان فيه: بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها، ويبغي لمن غفل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه، ولا يستبطئه في رزقه.

قال الراوي: قلت: جعلت فداك، أريد أن أكتبه، قال فعرج والله إلى الدواة ليضعها بين يدي، فتناولت يده فقبلتها، وأخذت الدواة فكتبته.

في شرح النهج لابن أبي الحديد قال: انتبه معاوية فرأى عبد الله بن الزبير جالسا تحت رجليه على سريره، فقعد، فقال له. يداعبه: يا أمير المؤمنين لو شئت أن أفتك بك لفعلت: فقال: لقد شجعت بعدنا يا أبا بكر، قال: وما الذي تنكره من شجاعتي وقد وقفت في الصف إزاء علي بن أبي طالب؟ قال: لا جرم أنه قتلك وإياي بيسرى يديه، وبقيت اليمنى فارغة طالبة من يقتله بها.

الجنب يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث، صرح به صاحب الكشاف

ص: 272

في قوله تعالى: {ولا جنبا إلا عابري سبيل} وعلله بأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الاجتناب.

قيام العرض الواحد الشخصي بمحل منقسم بحيث ينقسم ذلك العرض بانقسامه، ويوجد كل جزء من ذلك العرض في كل جزء من ذلك المحل لا خلاف بينهم في جوازه.

ذهب بعض الأطباء إلى أن شعر الميت وظفره يطولان بعد الموت. قال العلامة في شرح القانون: لا شك أنهما يطولان بعد الموت أزيد مما كانا.

وقال قوم: إنهما لا يطولان، ولكن لما تحلل ما حولهما ظن أنهما طالا.

علي بن الجهم:

(بلاء ليس يشبهه بلاء

عداوة غير ذي حسب ودين)

(أباحك منه عرضا لم يصنه

ويرتع منك في عرض مصون)

العفيف التلمساني:

(سأل الربع عن ظباء المصلى

ما على الربع لو أجاب سؤاله)

(ومحال من المحيل جواب

غير أن الوقوف فيه علاله)

(هذه سنة المحبين من قبل

على كل منزل لا محاله)

(يا ديار الأحباب لا زالت الأدمع

في قرب ساحتيك مذاله)

(وتمشى النسيم وهو عليل

في مغانيك ساحبا أذياله)

البهاء زهير:

(تراكم قد بدت منكم

أمور ما عهدناها)

(نبشتم بيننا أشياء

كنا قد طويناها)

(وعرضتم بأقوال

وما نجهل معناها)

(وقبحتم بأفعال

وحسنتم مسماها)

(وكم جاءت لنا عنكم

حكايات رددناها)

(وأشياء رأيناها

وقلنا ما رأيناها)

(دعوا تلك المقالات

وإياكم وإياها)

ص: 273

(فلا والله لا يحسن

بين الناس ذكراها)

(قرأنا سورة السلوان

عنكم ودرسناها)

(ومازلتم بنا حتى

خسرنا وفعلناها)

(فرجل تطلب السعي

إليكم قد قطعناها)

(وعين تتمنى أن

تراكم قد غضضناها)

(ونفس كلما اشتاقت

للقياكم زجرناها)

(وكانت بيننا طرق

وها نحن سددناها)

(فلو أنكم جنات

عدن ما دخلناها)

لبعضهم:

(بالله قل لي خبرك

فلي ثلاث لم أرك)

(وناظري إلى الطريق

لم يزل متنظرك)

(يا أيها المعرض عن

أحبابه ما أصبرك)

(بين جفوني والكرى

مذ غبت عني معترك)

(خذلت قلبا طالما

علي ظلما نصرك)

(كيف تغيرت ومن

هذا الذي قد غيرك)

(قد كان لي صبر يطيل

الله فيه عمرك)

(وحاسد قال وما

أبقى لنا وما ترك)

(مازال يسعى جهده

يا ظبي حتى نفرك)

لما نصب الحجاج المنجنيق لرمي الكعبة جاءت صاعقة فأحرقت المنجنيق، فتقاعد أصحابه عن الرمي، فقال الحجاج: لا عليكم من ذلك، فإن هذا كنار القربان دلت على أن فعلكم متقبل.

قال العلامة الكاشي في الاصطلاحات: إن الاسم في اصطلاحهم ليس هو اللفظ، بل هو ذات المسمى باعتباره صفة وجودية، كالعليم والقدير، أو سلبية كالقدوس والسلام.

وفيه أن الدبور صولة داعية هوى النفس واستيلاؤها، شبهت بريح الدبور التي تأتي من جهة المغرب؛ لانتسابها إلى جهة الطبيعة التي هي مغرب النور، ويقابلها القبول، وهي

ص: 274