المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجود الله سبحانه - الكشكول - جـ ٢

[البهاء العاملي]

فهرس الكتاب

- ‌النفوس أربعة

- ‌تعريف القدر

- ‌مواعظ مؤثرة

- ‌وصف الساق

- ‌القول في إن الله واحد

- ‌عدل علي كرم الله وجهه

- ‌مسألة فلكية

- ‌من يستجاب دعاؤه

- ‌الأقوال في المعاد

- ‌تعريف الفلسفة

- ‌تعريف علم الموسيقى

- ‌الخوف والحزن

- ‌وصايا أمير المؤمنين لأولاده

- ‌من غرر الحكم

- ‌قصة يوسف

- ‌بعض ما قيل في النساء

- ‌تعريف السيمياء

- ‌تعريف الدنيا

- ‌تعريف الإخلاص

- ‌وفيات بعض العلماء

- ‌أحكام أن

- ‌الفرق بين الرجاء والأمنية

- ‌تفسير حديث الشقي من شقي في بطن أمه

- ‌نور الكواكب

- ‌بحث في ضمير النكرة

- ‌مواعظ

- ‌البرهان على مساواتة الزوايا الثلاث في المثلث لقائمتين

- ‌من خصال التقوى

- ‌أقوال الحكماء

- ‌قنوت أفلاطون

- ‌‌‌دعاءفيتاغورس

- ‌دعاء

- ‌طرق وزن الأرض

- ‌النفي يتوجه إلى القيد

- ‌القيامة قيامتان

- ‌دعاء الحجاج عند موته

- ‌ظهور النار بخارج المدينة

- ‌إثبات الجزء

- ‌أمثال عربية

- ‌الاستنكار من الألفاظ الغريبة

- ‌الجزء الذي لا يتجزأ

- ‌ذكاء عربي

- ‌البرهان الترسي

- ‌انعكاس نور الشمس على وجه الأرض

- ‌صفة الملائكة

- ‌رأي النصارى في الأقاليم

- ‌أسماء اللبن

- ‌تحريم السحر

- ‌حكم

- ‌الجفر والجامعة

- ‌أسفار التوراة

- ‌قطب الفلك الأعلى

- ‌انطباع الصور في الحواس

- ‌الحب القاتل

- ‌تشريح القدم

- ‌في علم الفلك

- ‌متى يقرأ المنطق

- ‌حكم

- ‌حكم

- ‌بيان اختلاف الخلق في لذاتهم

- ‌تقويم الشمس

- ‌طرق معرفة ارتفاع الأرض وانخفاضها

- ‌هذه كتابة كتبها العارف الواصل الصمداني الشيخ محيي الدين ابن عربي

- ‌لغويات

- ‌دعاء السمات

- ‌حكم

- ‌أشرف الأعداد

- ‌من كتاب أنيس العقلاء

- ‌من صفات الدنيا

- ‌حكم

- ‌توحيد سقراط

- ‌نصائح نبوية

- ‌من كلام أرسطوطاليس

- ‌حقائق الأشياء

- ‌من كلام سقراط

- ‌لغويات

- ‌من كتاب أدب الكتاب

- ‌الحزن والعضب

- ‌وصف المتقين

- ‌نصائح

- ‌وصف القرآن

- ‌خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجود الله سبحانه

- ‌مسيلمة وسجاح

- ‌الحب القاتل

- ‌الوقت باصطلاح الصوفية

- ‌(رأي الصوفية في الجن)

- ‌(لغويات)

- ‌(في كشف الغمة)

- ‌(تعريف القضاء والقدر)

- ‌(لغويات)

- ‌(المجلد الخامس من الكشكول لبهاء الدين العاملي)

- ‌(في تعظيم حق الوالدين:)

- ‌(علم التصوف)

- ‌(لغويات)

- ‌(قال الشريف الرضي:)

- ‌(تعريف السعادة)

- ‌(محاورة بين الحجاج وسعيد بن جبير)

- ‌(عدد من قتلهم الحجاج)

- ‌(من كلام نجم الدين السكبري:)

- ‌(ما جاء في الثياب:)

- ‌(من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام:)

- ‌(من أمثال العرب)

- ‌(من أمثال العرب)

- ‌(الوزارة)

- ‌(تعريف الحكمة)

- ‌(تقسيم النفس، وتعريفها)

- ‌(هل الأرض شفافة

- ‌(في وصف الكتاب:)

- ‌(الشريف الرضي:)

- ‌(لبعض الأعراب:)

- ‌(لبعض الأعراب:)

- ‌(من كلام بعض الحكماء:)

- ‌(حقيقة النفس)

- ‌(حكم مأثورة)

- ‌(تعريف البلاغة)

- ‌(وفاء أعرابي)

- ‌حكم

الفصل: ‌وجود الله سبحانه

صوتا، يا أيها الناس اتقوا الله، ثم طار وأتى من الغد وفعل ذلك، ثم ما رؤي بعدها ومات رجل من بعض أكوار الأهواز، فسقط طاير على جنازته، وصاح بالفارسية، إن الله قد غفر لهذا الميت ومن حضر جنازته انتهى.

‌وجود الله سبحانه

غن التصديق بوجوده تعالى من أجلى البديهيات، كما قال، " أفي الله شك فاطر السموات والأرض " كذلك تصور كنه الحقيقة أو ما ما يقرب من الكنه من أمحل المحالات " ولا يحيطون به علما " كيف وسيد البشر صلوات الله عليه وآله يقول:" ما عرفناك حق معرفتك " وقال عليه السلام " إن ن الله اجتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه لأنتم ": وما أحسن قول ابن أب الحديد:

تاه الأنام بسكرهم

فلذاك صاحي القوم عربد

تالله لا موسى الكليم

ولا المسيح ولا محمد

كلا ولا جبريل وهو

إلى محدل القدس يصعد

علموا ولا النفس البسيطة

ولا العقل المجرد

من كنه ذاتك غير أنك

أو حدى الذات سرمد

فليخسأ الحكماء عن

حرم له الأملاك سجد

من أنت يارسطو ومن

أفلاط قبلك يا مبلد

ومن ابن سينا حين هذب

ما أتيت به وشيد

ما أنتم إلا الفراش

رأى السراج وقد توقد

فدنا فأحرق نفسه

ولو اهتدى رشدا لأبعد

والحاصل أن كل ما يتصوره العالم الراسخ فهو عن كنه الحقيقة بفراسخ. وكل ما وصل إليه النظر العميق، فهو غاية مبلغة من التدقيق، وسرادقات الذات عن ذلك بمراحل وأميال، لا يستطيع سلوكها بريد الوهم والخيال. وللله در من قال:

فيك يا أغلوطة الفكر

تاه عقلي وانقضى عمري

سافرت فيك العقول فما

ربحت إلا أذى السفر

رجعت حسرى وما اطلعت

لا على عين ولا أثر

ص: 219

فلا يلتفت إلى هذيان من يزعم أنه وصل إلى كنه الحقيقة، بل احثوا التراب بفيه، فقد ضل وغوى، وكذب وافترى. فإن الأمر أجل وأرفع وأعلى من أن يحيط به عقل بشر.

وأما ما ينقل عن سيد الأولياء وسند الأصفياء أمير المؤمنين كرم الله وجهه من قوله: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فالمراد غير ذلك لنا في قول سيد البشر: ما عرفناك حق معرفتك. وقول الحكماء: جل جناب الحق عن أن يكونت شريعة لكل وارد، وأن يطلع عليه إلا واحد بعد واحد، لا يريدون به الاطلاع التام ولا يزاحم التمام.

لبعضهم:

لو صادف نوح دمع عيني غرقا

أو حل بمهجتي الخليل أحترفا

أو حملت الجبال حبي لكم

مالت وتململت وخرت صعقا

رأيت في كتاب خط قديم أن الحب سر روحاني، يهوي من عالم الغيب إلى القلب، ولذلك سمي هوى، ومن هوى يهوي إذا سقط، ويسمى الحب بالحب لوصوله إلى حبة القلب التي هي منبع الحياة، وإذا اتصل بها سرى مع الحياة في جميع أجزاء البدن، وأثبت في كل جزء صورة المحبوب كما حكي أن الحلاج لما قطعت أطرافه كتب في مواضع الدم: ألله ألله، وفي ذلك قال:

هو ما قد لي عضواً ولا مفصل

إلا وفيه لكم ذكر

وهكذا حكي عن زليخا: أنها فصدت يوماً فارتسم من دمها على الأرض: يوسف يوسف.

قال صاحب الكتاب: ولا تعجب من هذا، فإن عجائب بحر المحبة كثير.

قال حكيم لرجل كان مولعاً بحب جارية لها مشتغلاً بها عما يهمه من امور معاده: يا هذا هل تشك في أنك لا بد أن تفارقها؟ فقال: نعم قال: فاجعل تلك المرارة المتجرعة في ذلك اليوم في يومك هذا، وأربح ما بينهما من الخوف المنتظر وصعوبة معالجة ذلك بعد الإستحكام واشتداد الإلفة.

مر الجنيد برجل، فرآه يحرك شفتيه، فقال: بم اشتغالك يا هذا؟ قال: بذكر الله، فقال: إنك اشتغلت بالذكر عن المذكور.

ومر الشلبي بمءذن وهو يؤذن، فقال: اشتدت الغفلة فكررت الدعوة.

ص: 220

لبعضهم:

غيري جنى وأنا المعذب فيكن

فأنني سبابة المتندم

وعلى هذا المنوال لبعض الأعراب:

وحملتني ذنب أمرئ وتركته

كذي العر تكوي غيره وهو راتع

العر قروح يخرج في مشافر الإبل وقوائمه.

قال في كتاب مجمع الأمثال: إن الإبل إذا فشا فيها العر أخذ بعير صحيح، وكوي بين يدي الإبل بحيث ينظر إليه فتبرأ كلها بإذن الله تعالى منه قول النابغة: وحملتني ذنب أمرئ البيت.

دعت أعرابية في الموقف فقالت: سبحانك ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله وأوحشه على من لم تكن أنيسه؟ بنى أردشير بناءاً عجيبة، فقيل لبعض الحكماء: هل تجد فيه عيباً؟ فقال: ما رأيت مثله: ولكن فيه عيب واحد قال: وما هو؟ قال إن لك منه خرجة لا تعود بعدها إليه ودخلة إليه لا تخرج بعدها منه فبكى أردشير. من كلامه

لبعضهم:

رأيت العشف حوشيتم عيوناً

تسيل دماً وأكباداً تشظى

ألا يا معشر العشاق توبوا

" فقد أنذرتكم ناراً تلظى "

من كتاب رياض النعيم عن إبراهيم بن نفطويه النحوي قال: دخلت على محمد بن دواد الإصفهاني صاحب المهذب في مرضه الذي مات فيه، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: حب من تعلم أورثني ما ترى، قلت: ما منعك منه مع القدرة عليه؟ فقال: إن الاستمتاع على وجهين النظر المباح واللذة المحظورة، أما النظر المباح فقد أوصلني إلى ما ترى، وأما اللذة المحظورة، فقد منعني منها ما بلغني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من عشق وكتم وعف غفر الله له وأدخله الجنة، قال: ثم أنه أنشدني أبياتاً لنفسه فلما انتهى إلى قوله:

إن يكن عيب خده من عذاري

فعيوب العيون شعر الجفون

فقلت له: أنت تنفي القياس في الفقه وتثبت في الشعر.

وقال: غلبة الهوى وملكة النفوس دعوا إليه، قال: ومات في ليلته؛ وقد ذكرت شرذمة من أحوال محمد بن داود الإصفهاني في المجلد الأول من الكشكول، فمن شاء وقف عليه. لبعضهم:

ص: 221

أمر بالحجر القاسي فألثمه

لأن قلبك قاس يشبه الحجرا

قال رجل لأحمد بن خالد الوزير: لقد اعطيت ما لم يعطه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وكيف ذلك يا أحمق؟ قال: لأن الله تعالى يقول لنبيه: " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " وأنت فظ غليظ ونحن لا ننفض من حولك.

لما قتل جعفر بن يحيى البرمكي قال أبو نواس: والله مات الكرم والجود والفضل والأدب، فقيل: ألم تكن تهجوه حال حياته؟ فقال ذلك والله لشقائي وركوني إلى أهوائي، وكيف يكون في الدنيا مثله في الجود والأدب، ولما سمع قولي فيه:

لقد غرني من جعفر حسن بابه

ولم أدر أن اللوم حشو إهابه

ولست إذا أطنبت في مدح جعفر

بأول إنسان خرى في ثيابه

بعث إليّ بعشرين ألف درهم، وقال: إغسل ثيابك بها،

قيل لبعض الظرفاء: ما أهزل برزونك؟ قال: نعم يده مع أيدينا.

ضرب رجل أعور بحجر فأصاب العين الصحيحة من أعور، فوضع الأعور يده على عينيه، وقال: أمسينا والحمد لله.

حجب بعض الأمراء أبا الينا ثم كتب إليه يعتذر منه، فقال: يحجبني مشافهة، ويعتذر إلي مكاتبة.

مدح بعض الشعراء صاحب شضرطة، فقال: أما إني أعطيك شيئا من مالي فلا يكون أبدا، ولكن اجن جناية حتى لا اعاقبك بها.

قيل لمؤاجر في شهر رمضان: هذا شهر الكساد. فقال: أبقى الله اليهود والنصارى. قال الشيخ في الشفا: المعاد منه ما هو مقبول من الشرع ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق الشريعة وتصديق خبر النبوة وهو الذي للبدن عند البعث وخيرات البدن وشروره معلوم لا يحتاج أن يعلم، وقد بسطت بالشريعة الحقة التي أتانا بها سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن منه ما هو مدرك بالعقل والقياس البرهاني، وقد صدقه النبوة وهو السعادة والشقاوة التابعتان للأنفس، وإن كانت الأوهام تقصر عن تصورها الآن لما توضحه من العلل، والحكماء الإلهيون رغبتهم في إصابة هذه السعادة أعظم من رغبتهم في إصابة هذه السعادة البدنية انتهى.

دخلت غرة على عبد الملك، فقال لها: أنت غرة كثيرة؟ فقالت: أن غرة بنت جميل قال: أتروين قول كثير؟ .

ص: 222

لقد زعمت أني تغيرت بعدها

ومن ذا الذي يا عزلا يتغير

تغير جسمي والخليقة كالتي

عهدت وما يخبر بسرك مخبر

فقالت: أروي ذلك، واكن أروي قوله:

كأني انادي صخرة حين أدبرت

من الصم لو تمشي بها العصم زلت

صفوح فما تلقاك إلا بنجلة

فمن مل منها ذلك النجل ملت

قال: فأمرها بالدخول على زوجته عاتكة، فلما دخلت قالت لها عاتكة: خبريني عن قول كثير فيك:

قضى كل ذي دين فوفى عزيمه

وعزة ممطول معنى غريمها

من هذا الدين؟ فقلت: وعدته قبلة، فقالت عاتكة: أنجزي وعدك وعلي إثمه.

قال بعض الفضلاء: ذهب لذات الدنيا بأجمعها، ولم يبق منها إلا حك الجرب والوقيعة في الثقلاء.

سئل بعض الأعراب ممن راى مسيلمة: كيف وجدته: فقال ما هو نبي صادق ولا متنبئ حاذق.

قال بعض الأمراء لجنده: يا كلاب، فقال له احدهم: لا تقل ذلك فإنك أميرنا

لبعضهم:

فتى لرغيفه قرط وشلف

وإكليلان من خرز وشذر

إذا كسر الرغيف بكى عليه

بكا الخنسا إذا فجعت بصخر

قال أبو العينا: أخجلني ابن صغير لعبد الرحمن بن خاقان قلت له: وددت أن لي ابناً مثلك، فقال: هذا بيدك، قلت: كيف ذلك؟ قال: إحمل أبي على امرأتك تلد لك ابناً مثلي.

قال رجل لابن عمر: إن المختار كان يزعم أنه يوحي إليه فقال: صدق إن الله تعالى يقول: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ".

قيل لحكيم ظريف: هل يولد لابن خمس وتسعين ولد؟ فقال نعم: إن كان في جيرانه ابن خمس وعشرين سنة.

رأيت في بعض الكتب: أن الوجه في تسمية الشيخ العارف كمال الدين بالكبرى أن مشايخ زمانه كانوا يقولن في شأنه: قد قامت عليه قيامه العشاق فأتت عليه الطامة الكبرى، فاشتهر بذلك وغلب عليه حتى عرف به.

ص: 223

في بعض التواريخ المعتمدة عليها أن معن بن زائدة كان يتصيد، فعطش فلم يكن في تلك الحال مع غلمانه ماء، فبينما هو كذلك إذ مر به جاريتان من حي هناك، في جيد كل واحدة قربة من الماء، فشرب منهما، وقال لغلمانه: هل معكم شيء من نفقتنا؟ فقالوا: ليس معنا شيء، فدفع لكل منهما عشرة أسهم من سهامه كان نصالها من تبر، فقالت إحداهما للاخرى: ويحك ما هذه الشمايل إلا لمعن بن زايدة، فليقل كل منا في ذلك شيئاً، فقالت إحداهما:

يركب في السهام نصار تبر

ويرميها العدى كرماً وجودا

فللمرضى علاج من جراح

وأكفان لمن سكن اللحودا

وقالت الاخرى

ومحارب من فرط جود بنانه

عمت مكارمه الأقارب والعدا

صيغت نصال سهامه عن عسجد

كيلا يعوقه القتال عن الندىفي كشف الغمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: جعت يوماً بالمدينة فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، إذاً أنا بامرأة قد جمعت مدراً، فظننتها تريد بله فقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فملئت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت يداي ثم أتيت الماء، فأصبت منه ثم أتيتها، فقمت بكفي هكذا بين يديها، وبسط الراوي كفيه، فعدت لي ستة عشر تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأكل معي منها.

قولهم: إن سر الحقيقة مما لا يمكن أن يقال له محملان: إحداهما - أنه مخالف لظاهر الشريعة في نظر العلماء: فلا يمكن قوله: وعلى هذا جرى قول زين العابدين عليه السلام.

يار ب جوهر علم لو أبوح به

لقيل لي أنت ممن تعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسملون دمي

يرون أقبح ما يأتونه حسنا

الثاني: إن العبارات قاصرة عن أدائه وغير وافية ببيانه فكل عبارة قربته إلى الذهن من وجه أبعدته عنه من وجوه.

كلما أقبل فكري

فيك شبراً فر ميلا

وعلى هذا جرى قول بعضهم:

وإن قميصاً خيط من نسج تسعة

وعشرين حرفاً من معاليك قاصر

ص: 224

ومن هذا يظهر أن قولهم: إفشاء سر الربوبية كفر، له محملان أيضاً، فعلى محمل الأول يراد بالكفر ما يقابل الإسلام، وعلى المحمل الثاني يراد بالكفر ما يقابل الإظهار إذ الكفر في اللغة الستر، فيكون معنى الكلام أن كلما يقال في كشف الحقيقة، قفهو سبب لإخفائها وستر لها في الحقيقة.

الصاحب

غزال له وجه ينال به المنى

يرى الفرض كل الفرض قتل صديقه

فإن هو لم يكفف عقارب صدغه

فقولوا له يمسح بترياق ريقه

وله أيضاً

ما في زمانك من ترجو مودته

ولا صديق إذا جار الزمان وفى

فعش وحيداً ولا تركن إلى أحد

ها قد نصحتك فيما قلته وكفى

وإني لتعروني لذكراك هزة

لها بين جلدي والعظام دبيب

وما هو إلا أن أراها فجاءة

فأبهت حتى لا أكاد اجيب

ويضمر قلبي حبها ويعينها

علي فيما لي في الفؤاد نصيب

السبب في تسمية الأيام التي في آخر البرد بأيام العجوز، ما يحكى أن عجوزاً كاهنة في العرب، كانت تخبر قومها ببرد يقع، وهم لا يكترثون بقولها حتى جاء فأهلك زرعهم فقيل: أيام العجوز وبرد العجوز، وقال جار الله في كتاب ربيع الأبرار: قيل الصواب أنها أيام العجز أي آخر البرد، وقيل: إن عجوزاً طلبت من أولادها أن يزوجوها، فشرطوا عليها أن تبرز إلى الهواء سبع ليال، ففعلت وماتت.

لبعضهم:

وإني وإن أخرت عنكم زيارتي

لعذر فإني في المحبة أول

فما الود تكرار الزيارات دائماً

ولكن على ما في القلوب المعول

الحاجري: هبت فعلمت أنها من نجد

ريح لنسيمها أريج الند

ص: 225

لكن أنا قد قلت لواش عندي

هذي النسمات للكثيب الفرد

يا عاذل كم تطيل في العذل علي

دعني وتهتكي فقد راق لدي

خذ رشدك وانصرف ودعني والغي

ما أحسن ما يقال قد جن بمي

وله

حيا وسقى الحمى سحاب هامي

ما كان ألذ عامه من عام

يا مي وما ذكرت أيامكم

إلا وتظلّمت على أيامي

سئل الصادق عليه السلام لم يكلب الناس على الأكل في أيام الغلاء؟ فقال: لأنهم بنوا الأرض وإذا قحطت قحطوا، وإذا أخصبت أخصبوا.

في كتاب ربيع الأبرار: من عجايب بغداد أنه موطن الخلفاء، ولم يمت بها خليفة أبداً.

وفيه: طول ثقيل عند رجل، فما أمسى وأظلم البيت لم يأته بالسراج، فقال الرجل: أين السراج؟ فقال صاحب البيت: إن لله تعالى يقول: " وإذا أظلم عليهم قاموا "، فقام وخرج.

لبعضهم:

دع الأيام تفعل ما تشاء

وطب نفسا إذا نزل البلاء

ولا تجزع لحادثة الليالي

فما الحوادث الدنيا بقاء

إذا ما كنت ذا قلب قنوع. . فأنت ومالك الدنيا سواء

قال جامع الكتاب: لا والله، فإن صاحب القناعة ومالك الدنيا غير متساويين كما قاله صاحب الأبيات، بل صاحب القناعة أقل حزنا، وأطيب نفسا، وأقر عينا. ولله در من قال:

ومن سره أن لا يرى ما يسوءه

فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا

الوجه المشهور في قوس قزح لم يرتضه المولى الفاضل كمال الدين حسين الفارسي؛ وتصدي لتخطئة القائلين به في أواخر تنقيح المناظر، وأورد هو في الكتاب المذكور وجهاً لطيفاً في غاية الدقة والمتانة وعساك تجده في بعض مجلدات الكشكول.

لأصحاب النفوس القدسية، التصرف في الأجرام الأرضية والسماوية للتأييدات

ص: 226