الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقوال في المعاد
من كتاب تهافت الفلاسفة الأقوال الممكنة في أمر المعاد على خمسة، وقد ذهب إلى كل منها جماعة: الأول ثبوت المعاد الجسماني فقط وأن المعاد ليس إلا لهذا البدن وهو قول نفاة النفس الناطقة المجردة وهم أكثر أهل الإسلام، الثاني ثبوت المعاد الروحاني فقط، وهو قول الفلاسفة الإلهيين: الذي ذهبوا إلى أن الإنسان هو النفس الناطقة فقط وإنما البدن آلة تستعمل وتتصرف فيه لاستكمال جوهرها، الثالث ثبوت المعاد الروحاني والجسماني معاً وهو قول من أثبت النفس الناطقة المجردة من الإسلاميين كالإمام الغزالي والحكيم الراغب وكثير من المتصوفة، الرابع عدم ثبوت شيء منهما وهو قول القدماء والطبيعيين الذين لا يعتد بهم ولا بمذهبهم لا في الملة ولا في الفلسفة، الخامس التوقف وهو المنقول عن جالينوس، فقد نقل عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه إني ما علمت أن النفس هي المزاج فينعدم عند الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باق بعد فساد البدن فيمكن المعاد.
للشيخ الرئيس أبو علي بن سينا
هبطت إليك من المحل الأرفع
…
ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف
…
وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما
…
كرهت فراقك فهي ذات تفجع
أنفت وما أنست فلما واصلت
…
ألفت مجاورة الخراب البلقع
وأظنها نسيت عهوداً بالحمى
…
ومنازلاً بفراقها لم تقنع
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها
…
عن ميم مركزها بذات الأجرع
علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت
…
بين المعالم والطاول الخضع
تبكي وقد ذكرت عهوداً بالحمى
…
بمدامع تهوى ولم تتقطع
وتظل ساجعة على الدمن التي
…
درست بتكرار الرياح الأربع
إذ عاقها الشرك الكثيف وصدها
…
قفص عن الأوج الفسيح المربع
حتى إذا قرب المسير من الحمى
…
ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع
وغدت مفارقة لكل مخلف
…
عنها حليف البرق غير مشيع
سجعت وقد كشف الغطا فأبصرت
…
ما ليس يدرك بالعيون الهجع
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق
…
والعلم يرفع كل من لم يرفع
فلأي شيء أهبطت من شامخ
…
عالٍ إلى قعر الحضيض الأوسع
إن كان أهبطها الإله لحكمةٍ
…
طويت على الفذ اللبيب الأروع
وهبوطها إن كان ضربة لازب
…
لتكون سامعة بما لم تسمع
وتعود عالمة بكل خفية
…
في العالمين فخرقها لم يرقع
وهي التي قطع الزمان طريقها
…
حتى لقد غربت بغير المطلع
فكأنها برق تألق بالحمى
…
ثم انطوى فكأنه لم يلمع
أنعم برد جواب ما أنا فاحص
…
عنه فنار العلم ذات تشعشع
حاصل الأبيات الستة أنها لأي شيء تعلقت بالبدن إن كان لأمر غير تحصيل الكمال فهي حكمة خفية على الأذهان، وإن كان لتحصيل الكمال فلم ينقطع تعلقها به قبل حصول الكمال، فإن أكثر النفوس تفارق أبدانها من دون تحصيل كمال ولا تتعلق ببدن آخر لبطلان التناسخ.
للشيخ ابن الفارض
أرج النسيم سرى من الزوراء
…
سحراً فأحيا ميت الأحياء
أهدى لنا أرواح نجد عرفه
…
فالجو منه معنبر الأرجاء
ورى أحاديث الأحبة مسنداً
…
عن أذخر بأذاخر وسحاء
فسكرت من ريا حواشي برده
…
وسرت حميا البرء في أدواء
يا راكب الوجنا بلغت المنى
…
عج بالحمى إن جزت بالجرعاء
متيماً تلعات وادي ضارج
…
متيامناً عن قاعة الوعساء
فإذا صلت أثيل سلع فالنقى
…
فالرقمتين فلعلع فشظاء
فكذا عن العلمين من شرقية
…
مل عادلاً للحلة الفيحاء
واقرا السلام أهيل ذياك اللوى
…
من مغرم دنف كئيب نائي صب متى قفل الحجيج تصاعدت
…
زفراته بتنفس الصعداء
كلم السهاد جفونه فتبادرت
…
عبراته ممزوجة بدماء
يا ساكني البطحاء هل من عوذة
…
أحيا بها يا ساكني البطحاء
إن ينقضي صبري فليس بمنقض
…
وجدي القديم بكم ولا برحائي
ولئن جفا الوسمي ما حل تربكم
…
فمدامعي تربو على الأنواء
واحسرتي ضاع الزمان ولم أفز
…
منكم أهيل مودتي بلقاء
ومتى يؤمل راحة من عمره
…
يومان يوم قلىً ويوم تنائي
وحياتكم يا أهل مكة وهي لي
…
قسماً لقد كلفت بكم أحشائي
حبيبكم في الناس أضحى مذهبي
…
وهواكم ديني وعقد ولائي
يا لايمي في حب من من أجله
…
قد جد بي وجدي وعز عزائي
هلا نهاك نهاك عن لوم امرىءٍ
…
لم يلف غير منعمٍ بشقائي
لو تدر فيم عذلتني لعذرتني
…
خفض عليك وخلني وبلائي
فلنازلي سرح المربع فالشبيكة
…
فالثنية من شعاب كداء
ولحاضري البيت الحرام وعامري
…
تلك الخيام تلفني وعنائي
ولفتية الحرم المريع وجيرة
…
الحي المنيع وزائري الجثماء
وهم هم صدوا دنوا ودو جفوا
…
غدروا وفوا هجروا رثوا لضنائي
وهم عياذي حيث لم تغن الرقا
…
وهم ملاذي إن عدت أعدائي
وهم بقلبي إن تنائت دارهم
…
عني وسخطي فيهم ورضائي
وعلى مقامي بين ظهرانيهم
…
بالأخشبين أطوف حول حمائي
وعلى اعتناقي للرفاق مسلماً
…
عند استلام الركن بالإيماء
وعلى مقامي بالمقام أقام في
…
جسمي السقام ولات حين شفاء
وتذكري أجياد وردي في الضحى
…
وتهجدي في الليلة الليلاء
سري ولو قلبت بطاح مسيلة
…
قلباً لقلبي ري بالحصباء
أسعد أخي وغنني بحديث من
…
حل الأباحط إن رعيت إخائي
وأعده عند مسامعي فالروح إن
…
بعد المدى ترتاحللأنباء
وإذا عن عذب الورود بأرضه
…
وأحاد عنه وفي نقاه بقائي
وإذا أذى ألم ألم بمهجتي
…
فشذا أعيشاب الحجاز دوائي
أأذا دعن عذب الورود بأرضه
…
وأحاد عنه؟ ففي بقاه بقائي
وربوعه إربي أجل وربيعه
…
طربى والشصار أزمة اللأواء
وجباله لي مربع ورماله لي
…
مرتع وظلاله أفيائي
وترابه ند الذكي وماؤه
…
عذبي الروي وفي ثراه ثرائي
وشعابه لي جنة وقبابه
…
لي جنة وعلى صفاه صفائي
حيا الحيا تلك المنازل والربى
…
وسقى الولي مواطن اللألاء
وسقى المشاعر والمحصب من منى
…
سحاً وجاد مواقف الأنضاء
ورعى الإله بها أصيحابي الأولى
…
سامرتهم بمجامع الأهواء
ورعى ليالي الخيف ما كانت سوى
…
حلم مضى مع يقظة الإغفاء
واهاً على ذاك الزمان وما حوى
…
طيب المكان بغفلة الرقباء
أيام أرتع في ميادين النى
…
جذلاً وأرفل في ذيول حبائي
ما أعجب الأيام توجب للفتى
…
محناً وتمنحه بسلب عطاء
يا هل لماضي عيشنا من أوبة
…
يوماً وأسمح بعده ببقاء
هيهات خاب السعي وانفصمت عرى
…
حبل المنى وانحل عقد رجائي
وكفى غراماً أن أبيت متيماً
…
شوقي أمامي والقضاء ورائي
ولابن الفارض أيضا: ما بين معترك الأحداق والمهج
…
أنا القتيل بلا إثم ولا حرج
ودعت قبل الهوى ولا نظرت
…
عيناي من حسن ذاك المنظر البهج
لله أجفان عين فيك ساهرة
…
شوقا إليك وقلب بالغرام شجى
وأضلع لجلت كادت لقوتها
…
من الجوى كبدي الحرا من العوج
وأدمع هملت لولا التنفس من
…
نار الجوىلا لم أكد أنجو من اللجج
وحبذا فيك أسقام حفيت بها
…
عني تقوم بها عند الهوى حججي
أصبحت فيك كما أمسيت مكتئبا
…
ولم أقل جزعا يا أزمة انفرجي
أهفو إلى كل قلب بالغرام له
…
شغل وكل لسان بالهوى لهج
وكل سمع عن اللاحي به صمم
…
وكل جفن عن الإغفاء لم يعج
لا كان وجد به الآماق جامدة
…
ولا غرام به الأشواق لم تهج
عذب بما شئت غير البعد عنك تجد
…
أوفى محب بما يرضيك مبتهج
وخذ بقية ما أبقيت من رمق
…
لا خير في الحب إن أبقي على المهج
من لي بإتلاف روحي في هوى رشأ
…
حلو الشمائل بالأرواح ممتزج
من مات غراما عاش مرتقيا
…
ما بين أهل الهوى في أرفع الدرج
محجب لو سرى في مثل طرته
…
أغنته غرته الغرا عن السرج
وإن ظللت بليل من ذوائبه
…
أهدى لعيني الهدى صبحا من البلح
وإن تنفس قال المسك معترفا
…
لعارفي طيبيه من نشره أرجى
أعوام إقباله كاليوم في قصر
…
ويوم إعراضه في الطول كالحجج
فإن نأى سائرا يا مهجتي ارتحلي
…
وإن دنا زائرا يا مقلتي ابتهجي
قل للذي لامني يفيه وعنفني
…
دعني وشأني واترك نصحي بذاك الحي لا تعج
فيه خلعت عذاري واطرحت به
…
قبول نصحي والمقبول من حججي
وابيض وجه غرامي في محبته
…
واسود وجه ملامي فيه بالحجج
تبارك الله ما أحلى شمائله
…
فكم أمات توأحيت فيه من مهج
يهوى لذكر اسمه من لج في عذلي
…
سمعي وإن كان عذلي فيه لم يلج
تراه إن غاب عني كل جارحة
…
في كل معنى لطيف رائق بهج
في نغمة العودج والناي الرخيم إذا
…
تألفا بين ألحان من الهزج
ويفي مسارح غزلان الخمائل في
…
برد الأصائل والإصباح في البلج
وفي مساقط أنداء الغمام على
…
بساط نور من الأزهار منتسج