الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليقبلوا شهادة الله تعالى بطهارته، وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده، فليقبلوا إقرار إبليس بطهارته إنتهى كلام الإمام.
قيل للحسن البصري: كيف ترى الدنيا؟ فقال: شغلني توقع بلائها عن الفرح برخائها فأخذه أبو العتاهية فقال:
تزيده الأيام إن أقبلت
…
شدة خوف لتصاريفها
كأنها في حال إسعافها
…
تسمعه رقعة تخويفها
من كلام الحسن يا ابن آدم أنت أسير الدنيا رضيت من لذتها بما ينقضي، ومن نعيمها بما يمضي؛ ومن ملكها بما ينفد، ولا تزال تجمع لنفسك الأوزار، ولأهلك الأموال فإذا مت حملت أوزارك إلى قبرك. وتركت أموالك لأهلك.
بعض ما قيل في النساء
عيرت امرأة ديوجانس الحكيم بقبح المنظر فقال لها: يا هذه إن منظر الرجال بعد المخبر، ومخبر النساء بعد المنظر فخجلت.
ورأى يوماً امرأة قد حملها السيل فقال لأصحابه: هذا موضع المثل دع الشر يغسله الشرور ورأى امرأة تحمل ناراً فقال: الحامل أشر من المحمول.
ورأى يوماً امرأة متزينة يوم عيد، فقال هذه إنما خرجت لترى لا لترى. ورأى جارية تعلم الكتابة فقال: هذا سم يسقى سماً.
قال بعض أصحاب الإسكندر إنه دعاهم ليلة ليريهم النجوم، ويعرفهم خواصها وأحوال مسيرها فأدخلهم إلى بستان، وجعل يمشي معهم ويشير بيده إليها حتى سقط في بئر هناك فقال: من تعاطى علم ما فوقه بلي بجهل ما تحته.
قيل لدعبل الشاعر: ما الوحشة عندك؟ فقال النظر إلى الناس ثم أنشد:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم
…
الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها
…
على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا
لبعضهم
تشك دهرك ما صححت به
…
إن الغنى هو صحة الجسم
هبك الخليفة كنت منتفعاً
…
بغضارة النيا مع القسم
لبعضهم
لقد عرفتك الحادثات نفوسها
…
وقد أدبت إن كان ينفعك الأدب
ولو طاب الإنسان من صرف دهره
…
دوام الذي يخشى لأعياه ما طلب
لبعضهم وهو ابن عبيد
يا أيها السائل عن منزلي
…
نزلت في الخان على نفسي
كان عمر بن عبد العزيز يقول في دعائه اللهم أغنني بالإفتقار إليك ولا تفقرني بالإستغناء عنك.
الخنس والكنس التي أقسم الله سبحانه بهم في كتابه العزيز هم الخمسة المتحيرة من خنس
إذا رجع، ومن كنس الوحش إذا دخل كناسه، وهو بيته، لأنها تختفي تحت ضوء الشمس، وقد يقال: إن الكنس بمعنى المقيمات في الكناس، وفي الآية الكريمة إشعار بما يتعرض للخمس المتحيرة من الرجوع والإقامة والإستقامة، فالخنس إشعار بالرجوع والكنس إشعار بالإقامة، والجواري إشعار بالإستقامة. كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة أن قبلك رجلين، يعني بكر بن عبد الله، وأياس بن معاوية، فول أحدهما قضاء البصرة قال: فلما عرض الكتاب عليهما امتنع كل منهما من قبوله فأحضرهما وألح عليهما في ذلك، فقال بكر: والله الذي لا إله إلا هو إني لا أحسن القضاء وإن أياساً أولى به مني، فإن كنت صادقاً فكيف أتولاه؟ وإن كنت كاذباً فكيف تولى كذاباً، فقال أياس: إنكم أوقفتم الرجل على شفير جهنم، فافتدى منكم بيمين يكفرها، فقال أما إذا اهتديت لهذا فأنت أحق، فولاه القضاء.
دخل أياس الشام، وهو غلام صغير، فقدم خصماً له إلى بعض القضاة وكان الخصم شيخاً، فصال عليه أياس بالكلام، فقال له القاضي: خفض عليه فإنه شيخ كبير، فقال أياس: الحق أكبر منه، قال: اسكت قال: فمن ينطق بحجتي إن سكت قال: ما أراك تقول حقاً فقال: لا إله إلا الله، فدخل القاضي على عبد الملك فأخبره فقال: إقض حاجته وأخرجه من الشام لا يفسد أهلها.
أسباب تخفيف الشدائد وتسهيل المصائب
لتسهيل المصايب وتخفيف الشدائد أسباب: إذا قارنت حزماً وصادفت عزماً هونت
وقعها وقللت تأثيرها وضرها.
فمنها إشعار النفس ما تعلمه من حلول الفناء، والمصير إلى الإنقضاء، إذ ليس للدنيا حال يدوم، ولا لمخلوق بقاء معلوم، ومنها أن تستشعر أن كل يومٍ يمر منها شطر، ويذهب منها جانب حتى تتخلى، وأنت عنها غافل، قال الشاعر:
تسل عن الهموم فليس شيء
…
يقيم فما همومك بالمقيمة
لعل الله ينظر بعد هذا
…
إليك بنظرة منه رحيمة
ومنه أن تعلم أن فيما وقي من الرزايا، وكفى من الحوادث والبلايا، ما هو أعظم من رزيته، وأشد من بليته.
ومنها أن تعلم أن طوارق الإنسان من دلائل فضله، ومحنه من شواهد نبله.
فعن أمير المؤمنين رضي الله عنه حذق المرء محسوب من رزقه، وقال الشاعر:
محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى
…
كالنار مخبرة بفضل العنبر
وقلما تكون محنة فاضل إلا على يد جاهل وبلية كامل إلا من جهة ناقص قال الشاعر:
فلا غرو أن يمنى أديب بجاهل
…
فمن ذنب التنين تنكسف الشمس
ومنها علمه بأنه يعتاض من الإرتياض بنوائب دهره، والإرتماض بمصائب عصره صلابة عود، واستقامة عمود، وتجارباً لا يغتر معه برخاء، وثباتاً لا يتزلزل بعده لكل شدة، وبأساً قال الشاعر:
نوائب الدهر أدبتني
…
وإنما يوعظ الأديب
لم يمض بؤس ولا نعيم
…
إلا ولي فيهما نصيب
ومنها التأسي بالأنبياء والأولياء السلف والصالحين، فإنه لم يخل أحدهم مدة عمره عن تواتر البلايا، وتفاقم الرزايا، وليشعر نفسه أن ينخرط بذلك في سلك أولئك الأقوام، وناهيك به من مقام يسمو على كل مقام.
سئل الحسن بن علي رضي الله عنهما: من أعظم الناس قدراً؟ فقال: من لم يبال بالدنيا بيد من كانت.