الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان أبو الحسن النوري مع جماعة في دعوة، فجرى بينهم مسألة في العلم، وطال البحث وهو ساكت، فقالوا: لم لا تتكلم؟ فرفع رأسه وأنشد: رب ورقاء هتوف بالضحى
…
ذات شجو صدحت في فنن
ذكرت الفا ودهراً صالحاً
…
فبكت حزناً فهاجت حزني
فبكائي ربما أرقها
…
وبكاها ربما أرقني
ولقد أشكو فما تفهمه
…
ولقد تشكو فما تفهمني
غير أني بالجوى أعرفها
…
وهي أيضاً بالجوى تعرفني
قال بعض الحكماء
أحق الناس بالهوان المحدث لمن لا يصغى إلى حديثه.
ومن كلامهم: من البسة الليل ثوب ظلمائه، نزعه عنه النهار بضيائه.
لغويات
من كتاب أدب الكتاب
، يقال لولد كل سبع: جرو، ولولد كل ذي ريش فرخ ولولد كل وحشية طفل، وولد الفرس مهر وفلو، وولد الحمار جحش وعفو، وولد البقرة عجل والأنثى عجلة، وولد الضأن ذكراً أو أنثى سخلة وبهمة، فإذا بلغ أربعة أشهر فهو حمل وخروف، والأنثى خروفة، وولد الماعز سخلة وبهمة إلى أربعة أشهر، فهو جفر والأنثى جفرة، ثم جدي، والأنثى عناق، وولد الأسد شبل، وولد الضبع فرعل، وولد الدب ديسم ولولد الفيل دغفل، ولولد الناقة حوار، ولولد الأروبة غفر، ولولد الأرنب خرنق، ولولد الحية حربش، ولولد النعام دال، ولولد الفار درص، ولولد الضب حسل، ولولد الغزال خشف، ولولد الخنزير خنوص، وولد الذئبة والكلبة والهرة والجرد درص، وولد الثعلب هجرس.
الحزن والعضب
سبب الحزن هجوم ما تكرهه النفس ممن هو فوقها وسبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن هو دونها، والغضب، حركة إلى الخارج والحزن حركة إلى الداخل فيحدث عن الغضب السطوة والإنتقام لبروزه، ويحدث عن الحزن المرض والسقم لكمونه ولهذا يعرض الموت من الحزن ولا يعرض من الغضب.
من التحفة للعلامة قطب الدين الشيرازي: ليست رؤية الكوكب في الأفق أعظم لكونه أقرب إلينا فينافي الاستدارة، بل لأن البخار يرى ما وراءه أعظم مما هو عليه، لأن رؤية الكوكب في البخار إنما يكون بأشعة مستقيمة تخرج من البصر إلى سطح البخار الواقع بين
البصر والمبصر. ثم ينعطف منه إليه، ولهذا تعظم الزاوية الجليدية، ويرى الشيء أعظم، لما تقرر في علم المناظر أن عظم المرئي وصغره إنما هو بعظم الزاوية الجليدية وصغرها، لا لسمك البخار، بل البعد بين البصر والكوكب وهو على الأفق أكثر مما بينهما وهو على سمت الرأس، إذا قصر الخطوط الخارجة من نقطة داخل دائرة غير مركزها إلى محيطها تمام القطر، لما بينه إقليدس بكون الانعطاف عند الأفق من أجزاء أبعد من سهم المخروط البصري بخلافة في وسط السماء ولذلك تعظم الزاوية الجليدية، وتكون رؤية الكوكب بالأفق أعظم من رؤيته في وسط السماء، مع توسط البخار بينهما في الحالين. ومنه يظهر أن الكوكب في وسط السماء كان يرى أعظم مما يرى في الأفق وأصغر مما تراه الآن لولا البخار انتهى.
من تفسير القاضي قوله تعالى: " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " الآيات قال: من أراد أن يعرف أعدا عدوه الساعي في إماتته الموت الحقيقي، فطريقه أن يذبح بقرة نفسه التي هي القوة الشهوية حين زال عنها شره الصبا، ولم يلحقها ضعف الكبر وكانت معجبة رايقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا مسلمة عن دنسها لاشية بها من مقابحها بحيث يصل أثره إلى نفسه، فتحيا حياة طيبة وتعرب عما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل والوهم من التداوي والنزاع.
قوله تعالى: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً " قال جار الله: قوله: وآتينا داود زبوراً دلالة على وجه تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في الزبور، قال تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " أقول ومن هنا يظهر وجه ضعف عطف قوله وآتينا على ولقد فضلنا إذ المراد بالبعض المفضل نبينا صلى الله عليه وسلم كما قال بعض المفسرين.
الشريف الرضى يرثو أبا إسحاق الصابي:
اعلمت من حملوا على الأعواد
…
أرأيت كيف خبا ضياء النادي
جبل رسى لو حر في البحر اغتدى
…
من وقعه متتابع الأزباد
ما كنت أعلم قبل حطك في الثرى
…
أن الثرى يعلو على الأطواد
بعداً ليومك في الزمان فأنه
…
اقذى العيون وفت في الأعضاد
لو كنت تفدى لافتدتك فوارس
…
مطروا بعارض كل يوم طراد
وإذا تالق بارق لوقيعة
…
والخيل تفحص بالرجال بداد
نثلوا الدروع من القباب واقبلوا
…
يتحدثون على القنا المياد
لكن رماك مجبن الشجعان عن
…
أقدامهم ومضعضع الأنجاد
اعزز علي بأن أراك وقد خلت
…
من جانبيك مقاعد العواد
من للبلاغة والفصاحة إن هما
…
خباك الغمام وعب ذاك الوادي
من للملوك تجر في أعدائها
…
بظبي من القول البليغ حداد
إن الدموع عليك غير بخيلة
…
والقلب بالسلوان غير جواد
ليس الفجائع بالذخاير مثلها
…
يا ماجد الأعتاق والأفراد
ويقول من لم يدر كنهك إنهم
…
نقصوا به عدداً من الأعداد
هيهات أدرج بين برديك الردى
…
رجل الرجال وواحد الآحاد
لا تطلبي يا نفس خلا بعده
…
فلمثله أعيي على المرتاد
ما مطعم الدنيا بحلو بعده
…
أبداً ولا ماء الحمى ببراد
الفضل ناسب بيننا إن لم يكن
…
شرفاً مناسبة ولا ميلاد
لك في الحشا قبر وإن لم تاوه
…
ومن الدموع روائح وغوادي
ما مات من جعل الزمان لسانه
…
يتلو مناقبه مدى الآباد
لا تبعدن وإن قربك بعدها
…
إن المنية غاية الأبعاد
صفح الثرى عن حر وجهك أنه
…
مغرى بكل محاسن الأمجاد
وتماسكت تلك البنان وطالما
…
عبث البلا بأنامل الأجواد
وسقاك فضلك أنه أروى حيا
…
من رائح متعرض أو غادي
هذا آخر ما انتخبته منها، وهي نحو من تسعين بيتاً في غاية الجودة والحسن.
لبعضهم
قلت مستعطفاً لساق سقاني
…
من طلانيل مصر أطيب كاس
أنت أشهى إلى منه ولكن
…
قلبه لين وقلبك قاسي برهان على أن غاية غلظ كل من المتممين بقدر ضعف ما بين المركزين، ومنه يظهر فساد ما قال صاحب المواقف من أن غايته تساوي ما بين المركزين إذ افرضنا اب ح محدب فلك يكون الخارج في تحت وء هـ ر مقعره، فمنء إلى ا، ومن هـ إلى ب، ومن
ر إلى ح يكون حجم ذلك الفلك وح مركزان، وا ح ج قطره، وا ط ى محدب الخارج، وك ل ر مقعره. ومن ك اومن ل إلى ط، ومن إلى ى حجم الخارج، وى مركزه وا ن قطره ون ح ما بين المركزين فنقول: ن ايساوي ن ى لأن كل واحد منهما قد خرج من المركز إلى المحيط فينقص من ن ى ن ح فيبقى ح ى فح ى أقصر من ن بمقدار ن ح الذي هو ما بين المركزين، وأضفنا ح ن إلى ن افيكون ح ن أعظم من ح ى بمقدار ضعف ن ر ح الذي هو ما بين المركزين. وإذا أضفنا ح ى الذي هو غاية الغلط من المتمم الحاوي إلى ح ى صار مساويا لح ا. ولما كان اأعظم من ح ى يضعف ما بين المركزين وقد ساواه بإضافة مقدار المتمم الحاوي إليه يكون ح المتمم الحاوي مساويا بالضعف ما بين المركزين. وبهذه الطريقة نثبت أن المحوى أيضا ضعف ما بين المركزين وينقص من ح اح ى مثل ح ر وى مثل اى فيبقى من ح ابعد نقصان حء ىء الذي هو
المتمم للمحوي وقد كان زائداً عليه بضعف ما بين المركزين فيكون ك ر ضعف ما بين المركزين انتهى.
من تأويلات الشيخ العارف العامل مولانا عبد الرزاق الكاشاني رحمه الله عند قوله تعالى في سورة يس " واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " قال أصحاب القرية هم أهل مدينة البدن والرسل الثالثة الروح والقلب والعقل إذ رسل إليهم اثنين أولاً فكذبوهما لعدم التناسب بينهما وبينهم ومخالفتهم إياهما في النور والظلمة فعززنا بالعقل الذي يوافق النفس في المصالح والمناجح ويدعوها وقومها إلى ما يدعو إليه القلب والروح، وتشأمهم بهم وتنفرهم عنهم لحملهم إياهم على الرياضة والمجاهدة ومنعهم عن اللذات والحظوظ، ورجمهم إياهم واستيلاؤهم عليهم رميهم بالدواع الطبيعية والمطالب البدنية، وتعذيبهم عليهم واستعمالهم في تحصيل الشهوات البهيمية والسبعية، والرجل الذي جاء من أقصى المدينة أي من أبعد مكان فيها العشق المنبعث من أعلى وأرفع موضع منها بدلالة شمعون العقل، يسعى بسرعة حركته، ويدعو الكل بالقهر والإجبار إلى متابعة الرسل في التوحيد، ويقول: ما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون وكان اسمه حبيباً وكان نجاراً ينحت في مدينته أصنام مظاهر الصفات من الصور لاحتجابه بحسنها عن جمال الذات وهو المأمور بدخول جنة الذات قائلاً: يا ليت قومي المحجوبين عن مقامي وحالي يعلمون بما غفر لي ربي ذنب عبادة أصنام مظاهر الصفات وتنجيرها، وجعلني من المكرمين بغاية قربي في الحضرة الأحدية.
من إيجاز البيان في تفسير القرآن لأبي القاسم محمود النيشابوري قوله تعالى: " ولا الليل سابق النهار " سئل الرضا رضي الله عنه عند المأمون عن الليل والنهار أيهما
أسبق؟ فقال النهار ودليله أما في القرآن ولا اليل سابق النهار، وأما من الحساب فإن الدنيا خلقت بطالع السرطان والكواكب في إشرافها فتكون الشمس في الحمل عاشر الطالع وسط السماء.
من الجزء الثالث من كتاب الفتوحات المكمية لجمال العارفين الشيخ محيي الدين بن عربي، قال: اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء الوضوء، واختلفوا في صورة طهارتهما هل ذلك بالغسل أو بالمسح أو بالتخيير بينهما؟ ومذهبنا التخيير والجمع أولى، وما من قول إلا وبه قائل، فالمسح بظاهر الكتاب والغسل بالسنة ثم قال بعد كلام طويل يتعلق بالباطن وأما القراءة في قوله تعالى: وأرجلكم بفتح اللام وكسرها من أجل العطف على الممسوح فالخفض، أو على المغسول فالفتح، فمذهبنا أن الفتح في اللازم لا يخرجه عن الممسوح، فإن هذه الواو قد تكون واو مع وواو المعية تنصب فحجة من يقول: بالمسح في هذه الآية أقوى لأنه يشارك القائل بالغسل في الدلالة التي اعتبرها، وهي فتح اللام ولم يشاركه من يقول بالغسل في فتح اللام.
من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: والله لئن أبيت على حسك السعدان مسهداً وأجر في الأغلال مصفداً أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد أو غاصباً شيئاً من الحطام، كيف أظلم أحداً والنفس يسرع إلى البلى قفولها ويطون في الثرى حلولها، والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت، وإن دنياكم لأهون علي من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ونعيم يفنى ولذة لا تبقى نعوذ بالله من سيئات الفعل وقبح الزلل. رأى زيتون الحكيم رجلاً على شاطىء البحر مهموماً محزوناً ويتلهف على الدنيا، فقال له: يا فتى ما تلهفك على الدنيا لو كنت في غاية الغنى وأنت راكب لجة البحر، وقد انكسرت بك السفينة وأشرفت على الغرق أما كانت غاية مطلوبك النجاة وأن يفوت كل ما بيدك، قال: نعم قال: ولو كنت ملكاً على الدنيا وأحاط بك من يريد قتلك أما كان مرادك النجاة من يده، ولو ذهب جميع ما تملك، قال: نعم. قال: فأنت ذلك الغني الآن وأنت ذلك الملك فتسلى الرجل بكلامه.
كتب العلامة المحقق الطوسي إلى صاحب حلب بعد فتح بغداد: أما بعد فقد نزلنا بغداد سنة خمس وخمسين وستمائة فساء صباح المنذرين، فدعونا مالكها إلى طاعتنا فأبى، فحق القول عليه فاخذناه أخذا وبيلا. وقد دعوناك إلى طاعتنا، فإن أتيت فروح وريحان
وجنة نعيم وإن أبيت فلأسلطن منك عليك، فلا تكن كالباحث عن حتفة بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه. والسلام.
من خطب النبي صلى الله عليه وسلم " أيها الناس، إن الأيام تطوى والأعمار تفنى، والأبدان في الثرى تبلى، وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض البريد، يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد وفي ذلك عباد الله ما ألهى عن الشهوات، ورغب في الباقيات الصالحات ".
من كلام بعض العارفين اعملوا لآخرتكم في هذه الأيام التي تسير كأنها تطير، وإن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما.
التفاضل بين كل مربعين بقدر حاصل ضرب مجموع جذريهما المعادل لضعف جذر الأقل مع فضل الجذر الأكثر عليه في التفاضل بين ذينك الجذرين.
لبعضهم
من غاب عنكم نسيتموه
…
وقلبه عندكم رهينة
وجدتكم في الوفاء ممن
…
صحبته صحبة السفينة
ظهر ابليس لعيسى عليه السلام فقال له: الست تقول لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك؟ قال: بلى، قال: فارم نفسك من ذروة هذا الجبل فانه أن قدر لك السلام تسلم، فقال له: يا ملعون أن الله يختبر عباده وليس للعباد أن يختبر ربه.
هذه النماظرة أوردها المحقق الرومي، وقال: انها جرت بين امير المؤمنين عليه السلام ويهودي.
مر بعض العارفين بقوم فقيل: هؤلاء زهاد فقال: وما قدر الدنيا حتى يحمد من يزهد فيها.
ليس قبل الموت شيء الا والموت أشد منه، وليس بعد الموت شيء الا والموت ايسر منه.
إن بقاؤك إلى فناء، وإن فنائك إلى بقاء، فخذ من فنائك الذي لا يبقى لبقاءك الذي لا يفنى، اعمل عمل المرتحل، فإن حادى بالموت يحدوك ليوم ليس بعدوك.
إذا تيسر لأنس به لم يكن مطلب المحب إلا الانفراد والخلوة، وكان ضيق الصدر من معاشرة الخلق؛ متبرماً بهم؛ فإن خالطهم اكان كمنفرد في جماعة؛ مجتمعاً بالبدن منفرداً بالقلب المستغرق بعذوبة الذكر، وحلاوة الفكر.
حكى عن إبراهيم بن أدهم نزل من الجبل، فقيل له: أين أقبلت؟ قال من الأنس بالله.
وروي أن موسى عليه السلام لما كلم ربه تعالى وتقدس، مكث دهراً لا بيسمع كلام أحد من الناس إلا أخذه الغشيان، وما ذلك إلا لأن الحب يوجب عذوبة كلام المحبوب؛ فيخرج من القلب عذوبة كلام ما سواه، بل يتنفر منه كمال التنفر، والأنس بالله ملازمة التوحش من غير الله، بل كان ما يعوق عن الخلوة به يكون من انقل الأشياء على القلب. قال عبد الواحد، مررت براهب فقلت: يا راهب لقد أعجبتك الوحدة، فقال يا هذا لو ذقت حلاوة الوحدة، لاستوحشت إليها من نفسك، قلت يا راهب ما أقل ما تجد في الوحدة؟ قال: الراحة من مداراة الناس، والسلامة من شرهم. قلت يا راهب: متى يذوق العبد حلاوة الأنس بالله قال: إذا صفا الود وخلصت المعاملة، قلت: متى يصفو الود، قال: إذا اجتمع الهم، فصارهما واحداً في الطاعة.
وأطيب الأرض ما للنفس فيه هوى
…
سم الخياط مع الأحباب ميدان
ومن كلام أمير المؤمنين قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر؛ فباشروا روح اليقين، واستلانوا وما استوعره المترفون، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملإ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه.
قال عليه السلام خذ من صحتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن فراغك لشغلك ومن حيلتك لوفاتك، فإنك لا تدري ما اسمك غداً؟ روى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثروا ذكر هادم اللذات، فإنكم إن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم فرضيتم به فاجرتم، وإن ذكرتموه في غنى بغضه إليكم فجدتم به فاثبتم، فإن المنايا قاطعات الأمال، والليالي مدنيات الأمال، وإن المرء بين يومين يوم قد مضى أحصى فيه علمه فختم به، ويوم بقى لا يدري لعله لا يصل إليه، إن العبد عنده خروج نفسه وحلول رمسه يرى جزاء ما أسلف وقلة غناء ما خلف؛ ولعله من باطل جمعه أو من حق منعه.
أبو الحسن التهامي يرئو ابنه:
حكم المنية في البرية جار
…
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا ترى الإنسان فيها مخبراً
…
حتى يرى خبراً من الأخبار
طبعت على كدر وانت ترومها
…
صفواً من الاقذار والاكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
…
متطلب في الماء جذوة نار
والعيش نوم والمنية يقظة
…
والمرء بينهما خيال ساري
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت
…
منقادة بازمة المقدار
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما
…
أعماركم سفر من الأسفار
وتركضوا خيل الشباب وبادروا
…
إن تسترد فإنهن عوار
فالدهر يشرق إن سقى ويغص ان
…
هنى ويهدم ما بنى ببوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالماً
…
خلق الزمان عداوة الأحرار
يا كوكباً ما كان أقصر عمره
…
وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يبتدر
…
بدراً ولك يمهل لوقت شرار
عجل الخسوف عليه قبل اوانه
…
فغطاه قبل مظنة الابدار
فكأن قلبي قبره وكأنه
…
في طيه سر من الأسرار
ان يحتقر صغر فرب مفخم
…
يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها
…
لترى صغاراً وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا انقضى
…
بعض الفتى فالكل في الأدبار
أبكيه ثم أقول معتذراً له
…
وفقت حيث تركت الام دار
جاورت أعدائي وجاور ربه
…
شتان بين جواره وجواري
ولقد جريت كما جريت لغاية
…
فبلغتها وأبوك في المضمار
فإذا نطقت فأنت أول منطقي
…
وإذا سكت فإنت في اضماري
لو كنت تمنع خاض دونك فتية
…
منا بحار عوامل وشفار
قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها
…
سحباً مزورة على اقمار
وترى سيوف الدار عين كأنها
…
خلج تمد بها اكف بحار
من كل من جعل الظبي انصاره
…
وكرمن فاستغنى عن الانصار
واذا هو اعتقل القناة حسبتها
…
صلا تابطه هزبر ضاري
يزادد هما كلما ازددنا غنى
…
والفقر كل الفقر في الاكثار