الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
81 - أبو عَمْرٍو الدّانِيُّ (440ه
ـ)
قَالَ عالمُ الأندلس عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّاني رحمه الله فِي «الرسالة الوافية» (ص129 - 132):
«ومنْ قولهم: إنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سماواتهِ مستوٍ عَلَى عرشه، ومُسْتَوْلٍ على جميعِ خلقهِ، وبائنٌ منهم بذاتهِ، غيرُ بائنٍ بعلمهِ، بلْ علمهُ محيطٌ بهم، يعلمُ سرَّهم وجهرهم، ويعلمُ ما يكسبونَ عَلَى ما وردَ بِهِ خبرهُ الصَّادقُ، وكتابهُ النَّاطقُ فقالَ تَعَالَى:{الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، واستواؤه جل جلاله عُلُوُّه بغير كيفيةٍ، ولا تحديدٍ، ولا مجاورةٍ ولا مماسةٍ
…
قالَ جل جلاله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} [الحديد: 4]. يعني أَنَّ علمَهُ محيطٌ بهم حيثما كانوا، بدليلِ قولهِ:{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]. وقال عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]. وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]، {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 17]، وقال:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]، وقال:{يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ} [السجدة: 5] وقال: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18]، وقال:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]، وقال:{يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، وقال:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]، وقال مخبرًا عَنْ فرعون:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36] الآية.
وقوله تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: 3] الآية. المعنى: وَهُوَ المعبودُ فِي السَّمَاوَاتِ وفي الأرضِ
…
وقوله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] يعني: أَنَّهُ إلهُ أهلِ السَّمَاءِ، وإلهُ أهلِ الأرضِ.
وقولُهُ سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ *} [النحل: 128]: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] و: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] يعني: أنَّه يحفظهم وينصرهم ويؤيدهم، لا أنَّ ذاته معهم، تعالى الله عنْ ذلكَ علوًا كبيرًا، وقوله عز وجل:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] الآية. يعني: أنَّه تبارك وتعالى عالمٌ بهم وبما خَفِيَ منْ سرِّهم ونجواهم بدليلِ قولهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [المجادلة: 7]، وقوله تعالى:{وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] فابتدأَ الآيةَ بالعِلْمِ، وختمها بالعِلْمِ» (1).
وقال في «أرجوزته» التي في عقودِ الدِّيانةِ:
كَلَّمَ مُوسى عبدَهُ تكليمًا
…
ولم يَزَلْ مُدَبِّرًا حَكِيمًا
كلامُهُ وقولُهُ قديمٌ
…
وهو فوقَ عَرْشِهِ العَظِيمُ
والقولُ في كتابِهِ المُفَضَّلُ
…
بأنَّهُ كلامُهُ المُنَزَّلُ
على رَسُولِهِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ
…
ليسَ بمخلوقٍ ولا بِخَالِقٍ (2)
(1) الرسالة الوافية (ص129 - 132)، طبعة دار الإمام أحمد - الكويت - تحقيق: دغش بن شبيب العجمي.
(2)
الأرجوزة المنبِّهة (ص180)، لأبي عمرو الداني.