الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذهِ المسألةِ أدلَّةٌ مِنَ الكتابِ والسنَّةِ يطولُ بذكرهَا الكتاب.
ومُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللهُ في جِهَةِ العُلُوِّ بعدَ هذهِ الآياتِ والأحاديثِ مُخَالِفٌ لكتابِ اللهِ، مُنْكِرٌ لِسنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (1).
103 - القرطبيُّ (677ه
ـ)
قالَ الإمامُ القرطبيُّ رحمه الله في تفسيرِ قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]: «هذهِ مسألةُ الاستواءِ، وللعلماءِ فيها كلامٌ وإجراءٌ .. والأكثرُ مِنَ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ أنَّه إذا وجبَ تنزيهُ الباري سبحانهُ عَنِ الجهةِ و [التحيزِ] فمنْ ضرورةِ ذلكَ ولواحقهِ اللازمةِ عليهِ عندَ عامةِ العلماءِ المتقدمينَ وقادتهم مِنَ المتأخرينَ تنزيههُ تبارك وتعالى عَنِ الجهةِ، فليسَ بجهةِ فوق عندهم، لأنَّه يلزمُ منْ ذلكَ عندهم متَّى اختصَّ بجهةٍ أنْ يكونَ في مكانٍ أو حَيِّزٍ، ويلزمُ على المكانِ والحَيِّزِ الحركةُ والسكونُ للمُتَحَيِّزِ، والتغيرُ والحدوثُ. هذا قول المُتَكَلِّمِينَ. وقدْ كانَ السَّلفُ الأولُ رضي الله عنهم لا يقولونَ بنفيِّ الجهةِ ولا ينطقونَ بذلكَ، بلْ نطقوا هم والكآفَّةُ بإثباتها لله تعالى كمَا نطقَ كتابهُ وأخبرتْ رسلهُ. ولم ينكرْ أحدٌ مِنَ السَّلفِ الصَّالحِ أنَّه استوى على عرشهِ حقيقةً وخصَّ العرشَ بذلكَ لأنَّه أعظمُ مخلوقاتهِ، وإنَّما جهلوا كيفيةَ الاستواءِ فإنَّه لا تُعلم حقيقتهُ» (2).
وقالَ فِي «الأسنى» - بعد أن حكى أربعةَ عَشَرَ قولًا فِي معنى الاسْتِوَاءِ -:
(1) الاقتصاد فِي الاعتقاد (ص80 - 94).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (7/ 219).
وفي قولهِ رحمه الله: «وإنْ كنتُ لا أقولُ بهِ» ، غايةُ العجبِ؛ لأنَّهُ اعترفَ بتظافرِ الآياتِ القرآنيةِ عليهِ ودلالةِ الأخبارِ النبويةِ إليهِ وتعويلِ السَّلف الصالحِ الأخيارِ عليهِ، فكيفَ يليقُ مِنْ مثلهِ أنْ يقولَ: وإنْ كنتُ لا أقولُ بهِ ولا أختارهُ، مَعَ الدلالاتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ وكونهِ معتقدَ الرَّعيلِ الأوَّلِ؟!
104 -
الشيخ الفقيهُ الصالحُ تقيُّ الدين المقدسي ُّ (608 - ؟)
قال الذهبي رحمه الله: «رأيت له مُصَنَّفًا في الصِّفاتِ، ولمْ يصحَّ عنهُ ما كانَ يلطخ بهِ مِنَ التَّجسيمِ، فإنَّ الرجلَ كانَ أتقى لله وأخوفَ منْ أنْ يقولَ على الله ذلكَ، ولا ينبغي أنْ يُسْمَعَ فيهِ قولُ الخصومِ.
وكانَ الواقعُ بينهُ وبينَ شيخنا العلامة شمس الدين ابن أبي عمر وأصحابه، وهو فكانَ حنبليًّا خشنًا متحزقًا على الأشعريةِ. وبلغني أنَّ بعضَ المتكلِّمينَ قالَ لهُ: أنتَ تقولُ إنَّ الله استوى على العرشِ؟ فقالَ: لا والله ما قلتهُ، لكنَّ الله قالهُ، والرسولُ صلى الله عليه وسلم بلَّغَ، وأنا صَدَّقتُ، وأنتَ كَذَّبْتَ. فأَفْحَمَ الرَّجلَ» (3).
(1) وأهلُ الحديثِ الفرقةُ الناجيةُ يقولون به.
(2)
الأسنى فِي شرح أسماء الله الحسنى (2/ 132).
(3)
تاريخ الإسلام - حوادث ووفيات 671 - 680هـ (ص324).