الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
57 - أبو الحسن الأشعريُّ (324ه
ـ)
قالَ الإمامُ أبو الحسن الأشعريُّ رحمه الله فِي كتابِ «الإبانةِ فِي أصولِ الدِّيانةِ» فِي بابِ الاسْتِوَاءِ: إنْ قالَ قائلٌ: «ما تقولونَ في الاستواءِ؟ قِيلَ لهُ: نقولُ: إنَّ اللهَ عز وجل مستوٍ عَلَى عرشهِ، كَمَا قَالَ:{الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، وقدْ قَالَ الله عز وجل:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وقالَ:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]، وقالَ عز وجل:{يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5]، وقالَ حكايةً عنْ فرعونَ:{يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأََظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36 - 37]، كذَّبَ موسى عليه السلام فِي قولهِ: إنَّ الله عز وجل فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. وقال عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]، فالسَّماواتُ فوقَهَا العرشُ. فلمَّا كَانَ العرشُ فَوْقَ السَّمَاوَات قَالَ:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، لأنَّهُ مستوٍ عَلَى العرشِ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ، وكُلُّ مَا عَلا فهو سماء. فالعرشُ أعلى السَّماوات وليسَ إِذَا قَالَ:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، يعني جميعَ السَّمَاوَاتِ، وإنَّما أرادَ العرشَ الَّذِي هُوَ أعلى السَّمَاوَاتِ. ألَا ترى أنَّ الله عز وجل ذكرَ السَّمَاوَاتِ فقال:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16]، ولم يُرِدْ أنَّ القمرَ يملأهنَّ جميعًا وأنَّهُ فيهنَّ جميعًا.