الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ - رضى الله عنه - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَامُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ.
1316 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ
ــ
كتاب الزكاة
وهي في اللغة النماء والتطهير والمال ينمي بها من حيث لا يرى وهي مطهرة لمؤديها من الذنوب وقيل ينمي أجرها عند الله وهي من الأسماء المشتركة بين العين والمعنى لأنها قد تطلق أيضاً على القدر المخرج من النصاب للمستحق وسميت صدقة لأنها دليل لتصديق صاحبها وصحة أيمانه ظاهراً وباطناً والغرض من إيجاب الزكاة مواساة الفقراء والمواساة لا تكون إلا من مال له بال وهو النصاب ثم جعلها الشارع في الأموال النامية من المعدنيات والنبات والحيوان أما المعدني ففي جوهري الثمنية وهو الذهب والفضة وأما النباتي ففي القوت وأما الحيواني ففي النعم ورتب مقدار الواجب بحسب المؤنة والنصب فأقلها تعباً وهو الركاز أكبرها واجباً وفيه الخمس ويليه النبات فإن سقى بالسماء ونحوه ففيه العشر وإلا فنصفه ويليه النقد وفيه ربع العشر ثم الماشية. قوله (حديث النبي صلى الله عليه وسلم أي على الوجه الذي تقدم في قصة هرقل مع تعريف صلة الرحم وتعريف العفاف
الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِىٍّ عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذاً - رضى الله عنه - إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِى أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» .
1317 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
ــ
ونحوه من الفوائد الشريفة. قوله (الضحاك بن مخلد) بفتح الميم وسكون المنقطة وفتح اللام وإهمال الدال مر في أول كتاب العلم و (زكريا بن إسحق) المكي و (يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي) منسوباً إلى الصيف ضد الشتاء مولى عثمان رضي الله عنه و (أبو معبد) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح الموحدة وبالمهملة مر في باب الذكر بعد الصلاة. قوله (فأعلمهم) من الأعلام فإن قلت: توقف الصلاة على الكلمة ظاهر لأن الصلاة لا تصح إلا بعد الإسلام فما وجه توقف الزكاة على الصلاة والحال أنهما سواء في كونهما ركنين من أركان الإسلام فرعين من فروع الدين قلت: قال الخطابي أخر ذكر الصدقة لأنها إنما تجب على قوم من الناس دون آخرين وإنما تلزم بمضي الحول على المال قال وفيه أن صدقة بلد لا تنقل إلى بلد آخر وإنما تصرف إلى فقراء البلد الذي به المال وأن للطفل إذا كان غنياً وجبت الزكاة في ماله كما إذا كان فقيراً جاز له أخذها وأنه لا يعطي غير المسلم شيئاً من الصدقة وقد يستدل به من لا يرى على المديون زكاة ما في يده إذا لم يفضل عن الدين الذي عليه قدر نصاب لأنه ليس بغني إذا كان مستحقاً عليه إخراج ماله إلى غريمه. قوله (فقرائهم) فإن قلت: مصارف الزكاة غير منحصرة فيهم فما الفائدة في تخصيص ذكرهم قلت أما للمطابقة بينه وبين الأغنياء وأما لأن الغالب فيهم هم الفقراء فإن قلت: لم ما ذكر الصوم والحج وهما أيضاً ركنا الإسلام؟ قلت: اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر ولهذا كرر في القرآن ذكرهما كثيراً ولهذا
عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ. قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «أَرَبٌ مَالَهُ، تَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» وَقَالَ بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
ــ
أيضاً إذا وجب أداؤهما على المكلف لا يسقطان عنه أصلا بخلاف الصوم فإنه قد يسقط بالفدية والحج فإن الغير قد يقوم مقامه لزمانة أو لأنه حينئذ لم يسرع وجوبه. قوله (محمد بن عثمان بن عبد الله ابن موهب) بفتح الميم وسكون الواو وفتح الهاء وبالموحدة و (موسى بن طلحة) بن عبيد الله القرشي الكوفي مات سنة أربع ومائة: قوله (ماله) قال ابن بطال: هو استفهام وتكرار الكلمة للتأكيد (أرب بفتح الراء وتنوين الموحدة معناه الحاجة وهو مبتدأ خبره محذوف استفهم أولاً ثم رجع إلى نفسه فقال له أرب ورواه بعضهم بكسر الراء وفتح الباء وظاهره الدعاء والمعنى التعجب من حرص السائل قال النضر بن شميل: يقال أرب الرجل في الأمر إذا بلغ فيه جهده وقال ابن الأنباري: معناه سقطت آرابه أي أعضاؤه ومفرده الأرب فقيل هذه كلمة لا يراد بها وقوع الأمر كما تقول تربت يداك وإنما تستعمل عند التعجب وقيل لما رأى الرجل يزاحم دعا عليه دعاء لا يستجاب في المدعو عليه وقال الأصمعي: أرب في الشيء إذا صار ماهراً فيه فيكون المعنى التعجب نم حسن فطنته والتهدي إلى موضع حاجته وأما ما رواه بعضهم بكسر الراء وتنوين الباء ومعناه هو أرب أي حاذق فطن فليس بمحفوظ عند أهل الحديث وفي رواية قال الناس ماله ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرب ماله وماصلة أي حاجة ما أو أمر ماله. قوله (يصل الرحم) صلة الرحم هي مشاركة ذوي القرابة في الخيرات فإن قلت لم خصص هذا الأمر من بين سائر واجبات الدين قلت نظراً إلى حال السائل كأنه كان قطاعاً للرحم مبيحاً لذلك فأمره به لأنه هو المهم بالنسبة إليه قوله (يهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء وبالزاي مر في باب الغسل بالصاع و (عثمان) بن عبد الله بن موهب الأعرج
أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو.
1318 -
حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ «تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» . قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ
ــ
الطلحي كان بالعراق. قوله (قال أبو عبد الله) أي البخاري (أخشى أن يكون محمد) بن عثمان (غير محفوظ) لشيعته إذا الصواب هو عمرو بن عثمان قال الكلاباذي روى شعبة عن عمرو بن عثمان ووهم في اسمه فقال محمد بن عثمان في أول الزكاة قال الغساني هذا مما عد على شعبة أنه وهم فيه حيث قال محمد يدل عمرو وقد ذكر البخاري هذا الحديث من رواية شعبة في كتاب الأدب فقال حدثني عبد الرحمن حدثنا بهن حدثنا شعبة حدثنا ابن عثمان بن عبد الله غير مسمى ليكون أقرب إلى الصواب وقد خرجه مسلم في مسنده عن عمرو بن عثمان ن موسى بن طلحة عن أيوب. قوله (عفان بن مسلم) روى البخاري عنه بدون الواسطة في باب ثناء الناس على الميت و (يحيى بن سعيد بن حيان) بتشديد التحتانية و (أبو زرعة) بضم الزاي وسكون الراء هرم بفتح الهاء وسكون الراء تقدماً في سؤال جبريل في كتاب الإيمان مع مباحث كثيرة تتعلق بشرح هذا الحديث. قوله (المكتوبة) هو اقتباس من قوله تعالى (أن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) وأما تقييد الزكاة بالمفروضة فقد تقدم ثمت و (ولى) أي أدبر فإن قلت: فقد زاد المبشرون بالجنة على العشرة لأنه صلى الله عليه وسلم نص على أنه من أهل الجنة قلت النص قد ورد في حق كثير مثل الحسن والحسين وأزواج
سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا».
1319 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى حَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو زُرْعَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
1320 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَاّ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَىْءٍ نَاخُذُهُ عَنْكَ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ «آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ» . وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ
ــ
الرسول صلى الله عليه وسلم فالمراد من العشرة الذين جاء فيهم لفظ البشارة بالجنة كبشره بالجنة أو الذين بشروا بها دفعة واحدة مع أن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد. قوله (يحيى) أي القطان و (أبو حيان) بشدة التحتانية يحيى بن سعيد بن حيان التيمي المذكور آنفاً ذكره ثمت باسمه وههنا بكنيته وهذا الطريق مرسل لأن أبا زرعة تابعي لا صحابي فليس له أن يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بطريق الإرسال قوله (أبو جمرة) بفتح الجيم وبالراء مر مع مباحث الحديث في باب أداء الخمس من الإيمان. قوله (إن هذا الحي) وفي بعضها أنا فهذا الحي منصوب على الاختصاص أي أعني هذا الحي فإن قلت لم ترك ذكر الصيام وقد ذكره ثمت؟ قلت: قال القاضي عياض وغيره: أما عدم ذكر الصوم في هذه الرواية فهو إغفال من الراوي وليس من الاختلاف الصادر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل من اختلاف الرواة الصادر عن تفاوتهم في الضبط. قوله (سليمان) أي ابن حرب ضد الصلح مر في
عَنْ حَمَّادٍ «الإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ» .
1321 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ
ــ
كتاب الإيمان في باب المعاصي و (أبو النعمان) في أول العلم وهما رويا شهادة بدون الواو فإن قلت ما وجه على تقدير الواو؟ قلت أما أن عطف تفسيري للإيمان وأما أن الإيمان ذكر تمهيداً للأربعة لأنه هو الأصل لها لا سيما والوفد كانوا مؤمنين عند السؤال فابتداء الأربعة من الشهادة أو الإيمان واحد والشهادة آخر منها وأما لزوم كون المأمور بها خمساً لا أربعاً فقد مر الأجوبة عنها في ذلك الباب قال ابن بطال: الواو في الرواية الأولى كالمقحمة يقال فلان حسن وجميل أي حسن جميل و (عبد القيس) قبيلة وربيعة بطن منهم و (مضر) قريش و (هذا الحي) رفع خبرانا و (هكذا) أي كما يعقد الذي يعد واحدة: قوله (الحكم) بالموحدتين و (ابن أبي حمزة) بالمهملة وبالزاي تقدماً في قصة هرقل (وكان أبو بكر) أي خليفة. قوله (على الله) أي كالواجب عليه ومر تحقيقه مع فوائد كثيرة في باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة) ولفظ (فرق) بالتشديد والتخفيف ومعناه من أطاع في الصلاة وجحد الزكاة أو منعها فإن قلت ما وجه الجمع بين إثبات كفرهم حيث قال كفر من كفر وكونهم مقيمين للصلاة؟ قلت لم يقل أن الكافرين هم الذين أراد قتالهم فمعناه كان مناظرة الشيخين واتفاقهما على قتال مانعي الزكاة حين كان الخليفة أبا بكر وحين ارتد بعض العرب أو أطلق لفظ الكفر على مانع الزكاة تغليظاً عليه الخطابي هذا الحديث مشكل لأن أول هذه القصة دل على كفرهم والتفريق بين الصلاة والزكاة يوجب أن يكونوا
وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقاً كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَاّ
ــ
ثابتين على الدين مقيمين الصلاة ثم أنهم كانوا مؤولين في منع الزكاة محتجين بقول الله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) فإن التطهير ونحوه معدوم في غيره صلى الله عليه وسلم وكذا صلاة غيره ليست سكناً ومثل هذه الشبهة يوجب العذر لهم والوقوف عن قتالهم والجواب أن المخالفين كانوا صنفين صنف ارتدوا كأصحاب مسيلمة وهم الذين عناهم بقوله وكفر من كفر وصنف أقروا بالصلاة وأنكروا الزكاة وهؤلاء على الحقيقة أهل البغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم خصوصاً بل أضيف الاسم على الجملة إلى الردة إذا كانت أعظم خطباً وصار مبدأ قتال أهل البغي مؤرخاً بأيام علي رضي الله عنه إذا كانوا منفردين في عصره لم يختلطوا بأهل الشرك فإن قيل لو كان منكر الزكاة باغياً لا كافراً لكان في زماننا أيضاً كذلك لكن كافر بالإجماع قلنا الفرق أنهم إنما عذروا فيما جرى منهم لقرب العهد بزمان الشريعة الذي كان يقع فيه تبديل الأحكام ولوقوع الفترة بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان القوم جهالاً بأمور الدين قد أضلتهم الشبهة وأما اليوم فقد شاع أمر الدين واستفاض العلم بوجوب الزكاة حتى عرفه الخاص والعام فلا يعذر أحد بتأويله وكان سبيلها سبيل الصلوات الخمس ونحوها فوفي الصنف الثاني عرض الخلاف ووقعت المناظرة فقال عمر بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره وقال أبو بكر إن الزكاة حق المال أي هي داخلة تحت الاستثناء بقوله إلا بحقه ثم قاسه على الصلاة لأن قتال الممتنع عن الصلاة كان بالإجماع ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفوق عليه والعموم يخص بالقياس مع أن هذه الروية مختصرة من الروايات المصرحة بالزكاة فيها بقوله (حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) وأما اختصاره فلأنه قصد به حكاية ما جرى بين الشيخين ولم يقصد ذكر جميع القصة اعتماداً على علم المخاطبين بها أو اكتفاء بما هو الغرض منه في تلك الساعة وقال: الخطاب في كتاب الله تعالى ثلاثة أقاسم خطاب عام لقوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة) وخاص بالرسول كقوله تعالى (فتهجد به نافلة لك) حيث قطع التشريك بقول نافلة لك وخاطب مواجه للنبي صلى الله عليه وسلم وهو وجميع أمته في المراد منه سواء كقوله تعالى (أقم الصلاة فعلى القائم بعده بأمر الأمة أن يحتذى حذوه في أخذها منهم وأما التطهير والتزكية والدعاء من الإمام لصاحبها فإن الفاعل فيها قد ينال ذلك كله