الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعْرِفْهُ. فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْ بَابَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» .
باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)
وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - (لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وَهُوَ كَقَوْلِهِ (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) ذُنُوباً (إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ) وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِى غَيْرِ نَوْحٍ وَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْماً إِلَاّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا» . وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ.
ــ
أي تنح وابعد عني وهو من أسماء الأفعال (وإنما الصبر) أي الصبر الكامل ليصح معنى الحصر على الصدمة الأولى تقدم الحديث قريباً وفيه إباحة الزيارة لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليها زيارتها وتقريره حجة كقوله (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببكاء أهله عليه) قوله (من سنته) أي طريقته وعادته وجه الاستدلال بالآية أن الشخص إذا كان نائحاً فأهله يقتدون به فهو صار سبباً لنوح الأهل فما وقى أهله من النار فخالف الأمر فيعذب بذلك وبالحديث أنه ما رعى نفسه حيث ناح ولا رعيته أي أهله لأنهم يتعلمون منه ويقتدون به ويحتمل أنه أراد بالسنة الوصية. قوله (كما قالت عائشة) أي مستدلة بقوله تعالى (ولا تزر - الآية) على أنه لا يعذب به ومعنى هذه الآية لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى أي لا تؤاخذ نفس بغير ذنبها ومعنى الثانية أن لا غياث يومئذ لمن استغاث لكنهما متلازمان. قوله (وما يرخص) إما عطف على أول الترجمة وإما على
1212 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - رضى الله عنهما قَالَ أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْناً لِى قُبِضَ فَائْتِنَا. فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» . فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَاتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ
ــ
كما قالت أي فهو يرخص في عدم العذاب و (الكفل) النصيب وهو أيضاً دليل على أن الميت يعذب بنياحية أهله إذا كان هو ينوح في حياته لنه سن النياحة في أهله والحاصل أن المراد بالبكاء المعذب به الذي معه النوح ثم إنه أراد الجمع بين ما يدل على ان الشخص لا يعذب بفعل غيره وبين ما يدل على نقيضه فقال يعذب إذا كان هو الفاعل لذلك في حياته لنه فعله فصار سنة لأهله وكأنه هو السبب لذلك حيث سنه وعلمهم ذلك ولا يعذب إذا لم يفعل ذلك ولم يكن من طريقته قال ابن بطال: اختلفوا في معنى يعذب الميت ببكاء أهله عليه فقيل معناه أن يوصي الميت بذلك فيعذب حينئذ بفعل نفسه لا بفعل غيره وإليه ذهب البخاري حيث قال إذا كان النوح من سننه وقيل هو أن يمدح الميت في البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية من القتل والغارات وغيرها من الأفعال التي هي عند الله ذنوب وهم يمدحونه بها في البكاء وهو يعذب بذلك وقيل معناه أنه يحزن ببكاء أهله أي يسوءه ما يكره أقاربه وقد روى (أن أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم فإن رأوا خيراً فرحوا به وإن رأوا سيئاً كرهوه) فعلى هذا التوجيه التعذيب من الحي له لا من الله تعالى وقال كل حديث أتى فيه النهي عن البكاء فمعناه النياحة. قوله (عبدان) بفتح المهملة وسكون الموحدة وبالمهملة عبد الله و (محمد) أي ابن مقاتل المروزيان و (عبد الله) أي ابن المبارك و (عاصم) أي الأحول و (أبو عثمان) أي عبد الرحمن بن مل النهدي بفتح النون مر في باب الصلاة كفارة و (أسامة) في باب إسباغ الوضوء. قوله (لتحستب) أي لتجعل الولد في حسابها لله راضية نفسها بحكمه قائلة إنا لله وإنا إليه راجعون و (سعد بن عبادة) بضم المهملة وخفة الموحدة الخزرجي كان
كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ - كَأَنَّهَا شَنٌّ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» .
1213 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا بِنْتاً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ - قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ قَالَ - فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمْ
ــ
سيداً جواداً ذا رياسة غبوراً مات بالشام ويقال إنه قتلته الجن وفيه البيت المشهور
قد قتلنا سيد الخز رج سعد بن عبادة
فرميناه بسهيـ ن فلم نخط فؤادة
(معاذ) بضم الميم (ابن جبل) بالجيم والموحدة المفتوحتين في أول كتاب الإيمان و (أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وسكون التحتانية في باب ما ذكر من ذهاب موسى في كتاب العلم و (زيد بن ثابت) في الصلاة في باب ما يذكر في الفخذ. قوله (تنقعقع) أي تضطرب وتتحرك وهو حكاية حركة يسمع منها صوت و (الشن) القربة اليابسة والجمع الشنان وفي المثل: لا يقعقع لي بالشنان. فإن قلت ما وجه الجمع بينه وبين ما سبق أنه قبض؟ قلت أطلق القبض عليه مجازاً باعتبار أنه كان في النزع ومآله ذلك قوله (ما هذا) أي فيضان العين كأنه استغرب ذلك منه لأنه يخالف ما عهده منه من مقاومة المصيبة بالصبر فقال أنها (رحمة) أي أثر رحمة (جعلها الله في قلوب عباده) أي رحمة على المقبوض تنبعث على المتأمل فيما هو عليه وليس مما توهمت من الجزع وقلة الصبر ونحوه. قوله (عبد الله) أي المسند و (أبو عامر) أي العقدي تقدماً في باب أمور الإيمان و (فليح) بضم الفاء في أول كتاب
رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا. قَالَ «فَانْزِلْ» . قَالَ فَنَزَلَ فِى قَبْرِهَا.
1214 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ - رضى الله عنه - بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - وَإِنِّى لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا. ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمَرَ - رضى الله عنهما - لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَلَا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
ــ
العلم. قوله (لم يقارب) الخطابي: معناه لم يذنب وقال بعضهم لم يقرب أهله أي لم يجامعها وفيه أن للرجل أن يتولى شأن دفن البنت. وبكاءه صلى الله عليه وسلم يدل على أن النهي عن البكاء إنما وقع عن الصياح على الميت والقول المنكر. أقول وفيه الجلوس على القبر ونزول الرجل الأجنبي قبر النساء بإذن الولي والتوسل بالصالحين ي أمثاله فن قلت ما الحكمة فيه إذا فسر المقارفة بالمجامعة؟ قلت لعلها هي أنه لما كان النزول في القبر لمعالجة أمر النساء لم يرد أن يكون النازل فيه قريب العهد بمخالطة النساء لتكون نفسه مطمئنة ساكنه كالناسية للشهوة ويروي أن هذه البنت هي أم كلثوم امرأة عثمان وعثمان في تلك الليلة باشر جارية له فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فلم يعجبه حيث شغل عن المريضة المحتضرة بها فأراد أنه لا ينزل في قبرها معاتبة عليه فكنى به عنه أو حكمة أخرى الله اعلم بها. قال صاحب الاستيعاب في ترجمة أم كلثوم استأذن أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل في قبرها فأذن له وقال اسم أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري الخزرجي شهد المشاهد وقال صلى الله عليه وسلم لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل وقتل يوم حنين عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم وكان يجثو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب ويقول نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوفاء ثم ينثر كنانته بين يديه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه من خلفه ليرى مواقع النيل فكان يتطاول بصدره ليقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في باب ما يذكر في الفخذ. قوله (جالس بينهما) فيه دليل على جواز الجلوس والاجتماع لانتظار الجنازة وأما
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَدْ كَانَ عُمَرُ رضى الله عنه يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ - رضى الله عنه - مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِى. فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِى يَقُولُ وَاأَخَاهُ، وَاصَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِى عَلَىَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله
ــ
جلوسه بينهما - وهما أفضل منه مع أن الأدب أن المفضول لا يجلس بين يدي الفاضلين- فمحمول على عذر إما لأن ذلك الموضع أوق بالجاني وإما لغيره. قوله (ثم حدث) أي ابن عباس (والبيداء) هي المفازة والمراد بها ههنا مفازة خاصة بين مكة والمدينة (والركب) أصحاب الإبل في السفر وهم العشر فما فوقها و (السمرة) بضم الميم شجرة عظيمة من شجر العضاه. صهيب) بضم المهملة (ابن سنان) بالنونين كان من النمر بفتح النون ابن قاسط بالقاف كانوا بأرض الموصل فأغارت الروم على تلك الناحية فسبته وهو غلام صغير فنشأ بالروم فاشتراه عبد الله بن جدعان بضم الجيم وسكون المهملة الأولى التيمي فاعتقه ثم أسلم بمكة وهو من السابقين الأولين المعذبين في لله وهاجر إلى المدينة ومات بها سنة ثمان وثلاثين. قوله (فالحق) بلفظ الأمر من الحقوق (وأصيب) أي جرح الجراحة التي هلك فيها، وكلمة (وا) في را أخاه للندبة والألف في آخره ليس مما يلحق الأسماء الستة لبيان الإعراب بل هو مما يزاد في آخر المندوب أن يكون لتطويل مد الصوت والهاء ليس ضميرا بل هو هاء السكت وشرط المندوب أن يكون معروفاً فلابد من القول بأن الأخوة والصاحبية له كانا معلومين معروفين حتى
عنهما فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها - فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَاباً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» . وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - شَيْئاً.
1215 -
حَدَّثَنَا
ــ
يصح وقوعهما للندبة. قوله (رحم الله عمر) هو من الآداب الحسنة على منوال قوله تعالى (عفا الله عنك) جعلت قولها تمهيداً ودفعاً لما يوحش من نسبته إلا ما لا يليق به. قوله (حسبكم) أي كافيكم فإن قلت كيف جزمت عائشة رضي الله عنها بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحدث به. قلت: لعلها سمعت صريحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصاص العذاب بالكافر أو فهمت بالقرائن الاختصاص فإن قلت الآية عامة للمؤمن والكافر ثم إن زيادة العذاب عذاب فكما أن أصل العذاب لا يكون بفعل غيره فكذا زيادته فلا يتم استدلالها بالآية. قلت: العادة فارقة بين الكافر والمؤمن فإنهم كانوا يوصون بالنياحة بخلاف المؤمنين فلفظ الميت وإن كان مطلقاً مقيد بالموصى وهو الكافر عرفا وعادة. قوله (هو أضحك وأبكى) فإن قلت ما الغرض له من هذا الكلام في هذا المقام. قلت: لعل غرضه أن الكل بخلق الله تعالى وإرادته والأولى فيه أن يقال بظاهر الحديث وإن له أن يعذبه بلا ذنب ويكون البكاء عليه علامة لذلك أو يعذبه بذنب غيره سيما وهو السبب في وقوع الغير فيه ولا يسئل عما يفعل وتخصص آية الوزارة بيوم القيامه. الطيبي: غرضه تقرير قول عائشة أي إن بكاء الإنسان وضحكه من الله يظهره فيه فلا أثر له في ذلك فعند ذلك سكت ابن عمر وأذعن. فإن قلت كيف لم يؤثر في حق المؤمن وقد أثر في حق الكافر؟ قلت: المؤمن لا يرضى بالمعصية سواء صدر منه أو من غيره بخلاف الكافر. قوله (شيئاً) أي بعد ذلك يعني مارد كلامه
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِى عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ «إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِى قَبْرِهَا» .
1216 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ - وَهْوَ الشَّيْبَانِىُّ - عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ رضى الله عنه جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ وَاأَخَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ» .
ــ
الخطابي: الرواية إذا ثبتت لم يكن إلى دفعها سبيل بالظن وقد رواه عمر وابنه رضي الله عنهما وليس فيما حكت عائشة من المرور على يهودية ما يدفع روايتهما لجواز أن يكون الخبران صحيحين معاولا منافاة بينهام وأما احتجاجهما بالآية فإنهم كانوا يوصون أهلهم بالنياحة وكان ذلك مشهوراً منهم فالميت إنما تلزمه العقوبة بما تقدم من وصيته إليهم به. النووي: أنكرت عائشة روايتهما ونسبتهما إلى النسيان والاشتباه وأولت الحديث بأن معناه يعذب بذنبه في حال بكاء أهله لا بسببه لحديث اليهودية. قوله (عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم مر مراراً و (عمرة) بفتح المهملة و (علي بن مسهر) بضم الميم ككون المهملة وكسر الهاء وبالراء و (الشيباني) بفتح المعجمة تقدماً في باب مباشرة الحائض و (أبو بردة) بضم الموحدة عامر بن أبي موسى الأشعري. قوله (علمت) هو صريح في أن الحكم ليس خاصاً بالكافر قال القرافي: الأولى أن يقال سماع صوت البكاء هو نفس العذاب كما أنا معذبون ببكاء الأطفال فيبقى الحديث على ظاهره بلا تخصيص وتكلف. أقول: له وجه آخر