الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ تَطُوفَانِ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُمَا لَا تَحِلَّانِ وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا
بَاب وُجُوبِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
1541 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ لَهَا
أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ
ــ
آخر حين يضع قدمه في المسجد لأجل الطواف أي لا يصلون تحية المسجد ولا يشتغلون بغيره وفي بعضها حتى بدل الحين وهو أظهر وإما كون من بمعنى لأجل فهو كثير. فان قلت المفهوم من هذا التركيب أن السلف كانوا يبتدئون بالشيء الآخر إذ نفى النفي إثبات وهو نقيض المقصود قلت " ما كانوا" هو تأكيد للنفي السابق أو ابتداء الكلام (ولا أحد) عطف على فاعل لم ينقضها أي لم ينقض ابن عمر حجته ولا أحد من السلف الماضين وقال هذا الحديث حجة لمن اختار الإفراد بالحج وإن كان ذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه لم يعدل أحد منهم إلى تمتع ولا فران لقوله لم تكن عمرة قوله (مسحوا الركن) متأول بأن المراد طافوا وسعوا وحلقوا حلوا وإنما حذف للعلم به وقد مر تحقيقه قريبا. فان قلت هذا مناف لقوله وإنهما لا يحلان وما الفائدة في ذكره قلت: الأول في الحج والثاني في العمرة وغرضه أنهم كانوا إذا أحرموا بالعمرة يحلان بعد الطواف ليعلم أنهم إذا لم يحلوا بعدها لم يكونوا معتمرين ولا فاسخين للحج إليها وذلك لأن الطواف في الحج للقدوم وفي العمرة للركن. (باب وجوب الصفا) فان قلت الوجوب إنما يتعلق بالأفعال لا بالذوات قلت المضاف إليه محذوف أي وجوب السعي و (جعل) أي كل واحد من الصفا والمروة أو السعي بينهما وفي بعضها جعلا (والشعائر) جمع الشعيرة وهي العلامة أي جعلا من علامات الطاعات وشعارها قوله (أرأيت) أي أخبريني عن هذه الآية إذ مفهومها عدم وجوب السعي بينهما إذ فيه عدم الإثم
حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا أَسْلَمُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
ــ
على الترك فقالت عائشة مفهومها ليس ذلك بل عدم الإثم على الفعل ولو كان على الترك لقيل أن لا يطوف بزيادة لا. قوله (لمناه) بفتح الميم وخفة النون وبالمثناة اسم ضم (والطاغية) فاعلة من الطغيان صفة لها ولو روى لمناه الطاغية بالإضافة وتكون الطاغية صفة للفرقة وهم الكفار لجاز و (المشلل) بضم الميم وفتح المعجمة الخفيفة وشدة اللام الأول المفتوحة اسم موضع قريب لقد بد من جهة البحر. قوله (يتحرج) أي يحترز الحرج ويخاف الإثم فان قلت ما وجه تعلق المناة بكراهة السعي؟ قلت لأنهم ما نصبوها في المسعى بل في المشلل وكان لغيرهم صنمان أحدهما بالصفا والآخر بالمروة اسمهما إسعاف بكسر الهمزة وخفة المهملة ونائلة بالنون والألف والهمز فتحرجوا الطواف بينهما كراهة لذينك الصنمين. قوله (سن) أي شرع وجعله ركنا. فان قلت: الآية لا تدل على الوجوب فلم جزمت عائشة به. قلت إما أنها استفادت الوجوب من فعله مع انضمام " خذوا عني مناسككم" إليه أو فهمت بالقرائن أن فعله للوجوب أو مذهبها أن مجرد فعله يدل على الوجوب كما قال به ابن شريح
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُونَ أَنَّ النَّاسَ إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِي الْقُرْآنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَذْكُرْ الصَّفَا فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فِي الَّذِينَ
ــ
وغيره من العلماء والسعي ركن عند مالك الشافعي وأحمد: وقال أبو حنيفة: واجب ولو تركه صح حجه ويجبر بالدم. قال النووي: هذا من دقيق علمها وثاقب فهمها وكثرة معرفتها بدقائق الألفاظ لأن الآية دلت على رفع الجناح عن الطائف فقط فأخبرت عائشة بأن لا دلالة فيها لا على الوجوب ولا على عدمه وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها وقد يكون الفعل واجبا ويعتقد الانسا أنه يمتنع إيقاعه على صلة مخصوصة وذلك كمن عليه صلاة الظهر فظن أنه لا يجوز فعلها عند الغروب فسال عن ذلك فيقال له في جوابه لا جناح عليك ان صليتها في هذا الوقت فيكون جوابا صحيحا ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر. قوله (ثم أخبرت) أي قال الزهري ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ومر في باب يهوى بالتكبير. قوله (لعلم) بالتنوين أي كلام عائشة لعلم وفي بعضها إن هذا العلم فالعلم صفة و (ما كنت) بلفظ المتكلم خبر وعلى النسخة الأولى بلفظ المخاطب وما موصولة منصوب على الاختصاص أو مرفوع بأنه صفة أو خبر بعد خبر وما نافية وكنت هو بصيغة المتكلم وحاصلة استحسان قولها. قوله (كلاهما) هو على مذهب