الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
758 - (2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده، وما جاء في عذاب القبر، وسماع الميت قرع النعال، وفي إثبات الحساب، والأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت
7038 -
(2838)(5) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِن أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ. يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبعَثَكَ اللهُ إِلَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
ــ
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والثالث حديث المقداد بن الأسود ذكره للاستشهاد، والرابع حديث عياض بن حمار ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله أعلم.
758 -
(2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده، وما جاء في عذاب القبر، وسماع الميت قرع النعال، وفي إثبات الحساب، والأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو عرض مقعد المرء عليه عند الموت بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
7038 -
(2838)(5)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم) أيها الناس (إذا مات عرض عليه مقعده) أي مقره ومنزله في الآخرة (بالغداة والعشي) أي في الصباح والمساء (إن كان من أهل الجنة فمن) مقاعد (أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن) مقاعد (أهل النار) ثم (يقال) له (هذا) القبر (مقعدك) ومقرك (حتى ببعثك الله) تعالى (إليه) أي إلى ذلك المقعد الأخروي (يوم القيامة) أي لا تصل إليه إلى يوم البعث. قال القرطبي: قوله (إذا مات أحدكم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عرض عليه مقعده) الخ هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غير الشهداء، فإنه قد تقدم أن أرواحهم في حواصل طير تسرح في الجنة وتأكل من ثمارها، وغير الشهداء إما مؤمن وإما غير مؤمن فغير المؤمن هو الكافر فهذا يرى مقعده من النار غدوًا وعشيًّا، وهذا هو المعني بقوله تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 46] وأما فإما أن لا يدخل النار أو يدخلها بذنوبه فالأول يرى مقعده من الجنة لا يرى غيره رؤية خوف، وأما المؤمن المؤاخذ بذنوبه فله مقعدان مقعد في النار زمن تعذيبه ومقعد في الجنة بعد إخراجه فهذا يقتضي أن يعرضا عليه بالغداة والعشي إلا إن قلنا إنه أراد بأهل الجنة كل من يدخلها كيف كان فلا يحتاج إلى ذلك التفسير والله أعلم.
وهذا الحديث وما في معناه يدل على أن الموت ليس بعدم وإنما هو انتقال من حال إلى حال ومفارقة الروح للبدن ويجوز أن يكون هذا العرض على الروح وحده ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن والله أعلم بحقيقة ذلك، والمراد بالغداة والعشي وقتهما وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء اهـ من المفهم.
قال النووي: والغرض من ذكر هذه الأحاديث إثبات عذاب القبر على مذهب أهل السنة وقد تظاهرت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة في مواطن كثيرة ولا يمتنع في العقل أن يعيد الله تعالى الحياة في جزء من الجسد ويعذبه وإذا لم يمنعه العقل وورد الشرع به وجب قبوله واعتقاده اهـ بأدنى تصرف والتفصيل فيه.
قوله (إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) قال العيني: يعني إن كان الميت من أهل الجنة فمقعده من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه كما أشرنا إليه في حلنا أولًا. قال الطيبي: يجوز أن يكون المعنى إن كان من أهل الجنة فسيبشر بما لا يكتنه كنهه لأن هذا المنزل الطليعة تباشير السعادة الكبرى لأن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل على الفخامة اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 113]، والبخاري في مواضع كثيرة منها في الجنائز باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي [1379]، والترمذي
7039 -
(00)(00) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عُرِضَ عَلَيهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. إِن كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَالْجَنَّةُ. وَإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَالنَّارُ" قَال: "ثُمَّ يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي تُبْعَثُ إِلَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
7040 -
(2839)(6) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَأَبُو بَكرٍ بْنُ أبِي شَيبَةَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ. قَال ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. قَال: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضرَةَ،
ــ
في الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر [1072]، والنسائي في الجنائز باب وضع الجريدة على القبر [2071]، وابن ماجه في الزهد باب ذكر القبر والبلى [4324].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
7039 -
(00)(00)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري عن سالم عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم لنافع (قال) ابن عمر (قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة) تعرض عليه (وإن كان من أهل النار فالنار) تعرض عليها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم يقال) له و (هذا) المقعد الذي عرض عليك (مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة).
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو إثبات عذاب القبر بحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال:
7040 -
(2839)(6)(حدثنا يحيى بن أيوب) البغدادي المقابري (وأبو بكر بن أبي شيبة جميعًا) أي كلاهما رويا (عن) إسماعيل بن إبراهيم الأسدي البصري المعروف بـ (ابن علية قال) يحيى (ابن أيوب: حدثنا ابن علية) بصيغة السماع (قال) ابن علية: أخبرنا غير الجريري (وأخبرنا) سعيد بن إياس (الجريري) البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن أبي نضرة) العبدي العوقي -بفتح المهملة والواو ثم القاف-
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ. قَال أَبُو سَعِيدٍ: وَلَمْ أَشْهَدْهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلكِنْ حَدَّثَنِيهِ زَيدُ بْنُ ثَابِتٍ قَال: بَينَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذ حَادَتْ بِهِ فَكَادَت تُلْقِيهِ. وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَو خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ (قَال: كَذَا كَانَ يَقُولُ الْجُرَيرِيُّ) فَقَال: "مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذهِ الأَقْبُرِ"؟ فَقَال رَجُلٌ: أَنَا. قَال: طفَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ؟ " قَال: مَاتُوا فِي الإِشرَاكِ. فَقَال: "إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبتَلَى فِي قُبُورِهَا،
ــ
المنذر بن مالك بن قطعة البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) رضي الله عنه (عن زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري المدني كاتب الوحي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال أبو سعيد) الخدري (ولم أشهده) أي لم أشهد هذا الحديث الآتي ولم أسمعه (من النبي صلى الله عليه وسلم ولكن حدثنيه) أي حدثني هذا الحديث الآتي (زيد بن ثابت) عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال) زيد بن ثابت (بينما النبي صلى الله عليه وسلم ماش (في حائط) أي في بستان (لبني النجار) راكبًا (على بغلة) مملوكة (له) صلى الله عليه وسلم (ونحن) معاشر الأنصار ماشون (معه) صلى الله عليه وسلم (إذ حادت) ومالت البغلة (به) صلى الله عليه وسلم عن الطريق ونفرت، قال في المصباح: حاد يحيد حيدة وحيددًا تنحى وبعد اهـ، وإذ فجائية رابطة لجواب بينما أي بينا أوقات مشينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب على بغلة له فاجأنا ميل بغلته وحيدتها عن الطريق ونفورها لسماعها عذاب القبر (فكادت) البغلة أي قربت أن (تلقيه) صلى الله عليه وسلم عن ظهرها وتسقطه على الأرض (وإذا) بالألف فجائية أيضًا معطوفة على إذ، أي وإذا (أقبر) جمع قبر (ستة أو خمسة أو أربعة) بالشك مرئية لنا أي وفاجأنا أيضًا رؤية أقبر معدودة بالعدد المذكور (قال) ابن علية (كذا كان يقول) لنا سعيد (الجريري) بالشك والتشكيك في عدد الأقبر (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يعرف) منكم (أصحاب هذه الأقبر فقال رجل) منا لم أر من ذكر اسمه (أنا) أعرف أصحابها فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمتى مات هؤلاء) أي أصحاب هذه القبور (قال) الرجل (ماتوا في الإشراك) أي ماتوا مشركين (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن هذه الأمة) المحمدية (تبتلى) وتمتحن (في قبورها) بسؤال الملكين وغيره
فَلَوْلا أَنْ لَا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ" ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَينَا بِوَجْهِهِ، فَقَال: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النارِ. فَقَال: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَال: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. قَال:"تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ فِتنَةِ الدَّجَّالِ
ــ
(فلولا) مخافة (أن لا تدافنوا) أصله تتدافنوا فحذفت إحدى التاءين، وفي الكلام حذف كما قدرناه أي فلولا مخافة عدم دفن بعضكم بعضًا إذا سمعتم عذاب القبر أي فلولا مخافتي ذلك موجودة (لدعوت الله) سبحانه (أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه) أي أن أسمعكم صوت من يعذب فيه، يعني أنكم لو سمعتم صوت العذاب الذي يعذب به الموتى في القبر لأمسكتم عن دفن الموتى في القبور فلولا هذه الخشية لدعوت الله أن يسمعكم صوت العذاب لتعرضوا عن الدنيا وتقبلوا إلى آخرتكم.
قوله (من عذاب القبر) بيان مقدم للموصول المتأخر وهو قوله (الذي أسمع منه) ليس المعنى أنهم لو سمعوا تركوا التدافن لئلا يصيب موتاهم العذاب كما زعمه بعضهم بأن المخاطبين وهم الصحابة كانوا عالمين أن عذاب الله ليس مردودًا بحيلة بل معناه أنهم لو سمعوه لتركوا دفنه استهانة به أو لعدم قدرتهم عليه لدهشتهم وحيرتهم منه أو ألقوهم في الصحاري البعيدة حذرًا من الفضيحة اللاحقة بهم اهـ مبارق.
(ثم أقبل علينا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بوجهه) الشريف (فقال) لنا (تعوذوا) واستجيروا (بالله) العظيم (من عذاب النار قالوا) أي قال الحاضرون معه، ففي الضمير التفات من التكلم إلى الغيبة، أي قلنا (نعوذ بالله من عداب النار فقال) لنا ثانيًا (نعوذوا بالله من عذاب القبر قالوا) أي قلنا (نعوذ بالله من عذاب القبر) ثم (قال) لنا ثالثًا (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها) كالقتل والعذاب (وما بطن) منها كالعداوة والبغضاء والحسد (قالوا) أي قلنا (نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) ثم (قال) لنا رابعًا (تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا) أي قلنا (نعوذ بالله من فتنة الدجال) وشره.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد في مسنده [5/ 190]، والطبراني في المعجم الكبير [5/ 122].
7041 -
(2840)(7) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبرِ".
7042 -
(2841)(8) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَوْنٍ بْنِ أَبِي جُحَيفَةَ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، (وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ)، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيفَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ثابت بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:
7041 -
(2840)(7)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن لا تدافنوا) أي لولا مخافة عدم تدافنكم (لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي في الجنائز باب عذاب القبر [2058].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث زيد بحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما فقال:
7042 -
(2841)(8)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر كلهم) أي كل من وكيع ومعاذ بن معاذ ومحمد بن جعفر رووا (عن شعبة عن عون بن أبي جحيفة) وهب بن عبد الله السوائي بضم المهملة الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (ح وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعًا عن يحيى) بن سعيد بن فروخ التميمي البصري (القطان واللفظ لزهير حدثنا يحيى بن سعيد) القطان (حدثنا شعبة حدثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن عبد
عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ. فَسَمِعَ صَوْتًا. فَقَال: "يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا".
7043 -
(2842)(9) حدَّثنا عَبدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ
ــ
الله السوائي الكوفي مشهور بكنيته، ويقال له وهب الخير الصحابي المعروف من صغار الصحابة رضي الله عنه مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبلغ الحلم، روى عنه في (3) أبواب (عن البراء) بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي أبي عمارة الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (6) أبواب (عن أبي أيوب) الأنصاري خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة النجاري المدني رضي الله عنه، روى عنه في (6) أبواب. وهذه الأسانيد كلها من سباعياته، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من الصحابة روى بعضهم عن بعض (قال) أبو أيوب (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من بيته أو من المسجد (بعدما غربت الشمس فسمع صوتًا فقال) هذا صوت عذاب (يهود تعذب في قبورها).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجنائز [1375] والنسائي في الجنائز [2059].
قوله (يهود تعذب في قبورها) وقد وقعت هذه القصة عند الطبراني بشيء من التفصيل ولفظه: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حين غربت الشمس، ومعي كوز من ماء فانطلق لحاجته حتى جاء فوضأته، فقال:"ألم تسمع؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أسمع أصوات اليهود يعذبون في قبورهم". وقال الكرماني: صوت الميت من العذاب يسمعه غير الثقلين فكيف سمع ذلك، ثم أجاب بقوله هو في الضجة المخصوصة وهذا غيرها، أو سماع رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل المعجزة اهـ من عمدة القاري [4/ 229].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث زيد بن ثابت بحديث آخر لأنس بن مالك رضي الله عنهما فقال:
7043 -
(2842)(9)(حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا شيبان بن
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَال: قَال نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ" قَال: "يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ " قَال: "فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ" قَال: "فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ. قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مقْعَدا مِنَ الْجَنَّةِ" قَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا"
ــ
عبد الرحمن) التميمي أبو معاوية البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن قتادة حدثنا أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا وُضع في قبره) قال الأبي: خرج القبر مخرج الغالب وإلا فالغريق ومن في الفلاة ومن ترك في بيت حتى صار له كالقبر يسألون أيضًا (وتولى) أي أدبر وذهب (عنه) أي عن قبره (أصحابه) الدافنون له (أنه) أي إن ذلك الميت (ليسمع قرع نعالهم) أي صوتها عند المشي والدوس بها لو كان حيًّا فإنه قبل أن يقعده الملك لا حس فيه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يأتيه ملكان فيقعدانه) أي يجلسانه حقيقة بأن يوسع اللحد حتى يقعد فيه أو مجاز عن الإيقاظ والتنبيه بإعادة الروح إليه اهـ مناوي، قال القاضي: هذا مما يشكك به من ينكر التعذيب ويقول نحن لا نشاهده ونحن نقول إنه مختص بالمقبور دون المنبوذ، وصفة إقعاده مغيبة عن العيون وكذلك ضربه بالمطارق فلا يبعد التوسيع له في قبره وإقعاده اهـ.
(فيقولان له ما كنت تقول) وتعتقد (في هذا الرجل) الظاهر فيكم يعني بالرجل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحاورانه بهذه العبارة التي ليس فيها تعظيم امتحانًا للمسؤول لئلا يتلقى تعظيمه من عبارة السائل ثم يثبت الله الذين آمنوا اهـ نووي.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأما المؤمن فيقول) في جواب سؤاله (أشهد أنه) أي أن هذا الرجل الظاهر بيننا (عبد الله ورسوله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيقال له) أي للميت من جهة الملكين (انظر إلى مقعدك من النار) أي لو لم تؤمن ولم تقم بحجتك (قد أبدلك الله به) قد عوض الله لك عنه (مقعدًا من الجنة) لما قمت بحجتك (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فيراهما) أي فيرى المقعدين (جميعًا) من الجنة ومن
قَال قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا. ويمْلأُ عَلَيهِ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
ــ
النار (قال قتادة وذكر لنا) بالبناء للمجهول (أنه يفسح) أي يوسع (له في قبره سبعون ذراعًا) يحتمل أن يكون هذا على ظاهره ويكون معناه أنه ترفع الموانع عن بصره فيبصر مما يجاوره مقدار سبعين ذراعًا حتى لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه متى رد روحه فيه إليه، ويحتمل أن يكون ذلك كله استعارة عن سعة رحمة الله تعالى له وإكرامه إياه كما يقال: برد الله مضجعه ووسع قبره، والأول أولى والله أعلم.
(ويملأ عليه خضرًا إلى يوم يبعثون) أي يملأ الله له في قبره خضرًا أي نعمًا غضة ناعمة، وأصله من خضرة الشجر، والخضر بكسر الضاد اسم جنس للنبات الرطب الأخضر اهـ مفهم، والمعنى يملأ له قبره نعمًا خضرًا إلى يوم القيامة.
قوله (انظر إلى مقعدك من النار) قال العيني: وفي رواية أبي داود فيقال له هذا بيتك كان في النار ولكن الله عز وجل عصمك ورحمك فأبدلك به بيتًا في الجنة فيقول لهم دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له اسكت اهـ.
قوله (إنه يفسح له في قبره) هكذا في البخاري، قال العيني: كلمة في زائدة إذ الأصل يفسح له قبره اهـ.
قوله (ويملأ) قبره (عليه) أي له (خضرًا) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي ريحانًا ونحوه ويستمر كذلك (إلى يوم يبعثون) اهـ مناوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجنائز باب الميت يسمع خفق النعال [1338] وباب ما جاء في عذاب القبر [1374]، وأبو داود في الجنائز باب المشي في النعل بين القبور [3231] وفي السنة باب في المسألة في القبر وعذاب القبر [1374]، والنسائي في الجنائز باب المسألة في القبر [2050] وباب مسألة الكافر [2051].
قوله صلى الله عليه وسلم (إن العبد إذا وُضع في قبره) وزاد أبو داود في السنة [4/ 238] قبله من طريق سعيد عن قتادة عن أنس إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلًا لبني النجار فسمع صوتًا ففزع فقال: "من أصحاب هذه القبور؟ " قالوا: يا رسول الله أناس ماتوا في الجاهلية، فقال:"تعوذوا بالله من عذاب النار ومن فتنة الدجال" قالوا:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومما ذاك يا رسول الله؟ قال: "إن المؤمن إذا وُضع في قبره .. " فذكر الحديث فأفاد هذا الطريق سبب هذا الحديث قوله (إنه ليسمع قرع نعالهم) هذا الحديث حجة لمن أثبت السماع للموتى وهو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها ذهبت إلى نفي سماع الموتى وتأولت في حديث قليب بدر ووافقها طائفة من العلماء على ذلك ورجحه القاضي أبو يعلى من أكابر الحنابلة، وذكر ابن الهمام أن أكثر مشايخ الحنفية على أن الميت لا يسمع استدلالًا بقوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} ولذلك قالوا لو حلف لا يكلم فلانًا فكلمه ميتًا لا يحنث، وقد دل حديث الباب صريحًا على أن الميت يسمع قرع نعال أصحابه وكذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما سيأتي قريبًا إنه خاطب الكفار من قتلى بدر وقال للصحابة:"ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" أخرجه الشيخان، وقال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الروم [3/ 438] والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححًا له عن ابن عباس مرفوعًا "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم وإن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام "وثبت عنه صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول المسلم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا هذا الخطاب لكانوا بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف بزيارة الحي له.
قوله (إنه ليسمع قرع نعالهم) قال العيني في عمدة القاري [4/ 163] فيه جواز لبس النعل لزائر القبور الماشي بين ظهرانيها، وذهب أهل الظاهر إلى كراهة ذلك وبه قال يزيد بن زريع وأحمد بن حنبل، وقال ابن حزم في المحلى: ولا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين وهما اللذان لا شعر عليهما فإن كان فيهما شعر جاز ذلك، واحتج هؤلاء بحديث بشير بن الخصاصية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يمشي بين القبور في نعلين فقال:"ويحك يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك" رواه الطحاوي وأخرجه أبو داود وابن ماجه بأتم منه وأخرجه الحاكم وصححه، وقال الجمهور: بجواز ذلك وهو قول الحسن وابن سيرين والنخعي والثوري وأبي حنيفة ومالك والشافعي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، وأجيب عن حديث ابن الخصاصية بأنه إنما اعترض عليه وأمره بالخلع احترامًا للمقابر، وقيل لاختياله في مشيه، وقال الطحاوي: إن أمره صلى الله عليه وسلم بالخلع لا لكون المشي بين القبور بالنعال مكروهًا ولكن لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قذرًا فيهما يقذر القبور أمر بالخلع، وقال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لأنه فعل أهل النعمة والسعة فأحب أن يكون دخول المقبرة على التواضع.
قوله (يأتيان ملكان) ووقع في حديث أبي هريرة عند الترمذي وحسّنه "أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير" وفي رواية لابن حبان يقال لهما منكر ونكير، وزاد الطبراني في الأوسط من طريق أخرى عن أبي هريرة "أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما مثل الرعد" وذكر بعض الفقهاء أن اسم اللذين يسألان المذنب منكر ونكير، وأن اسم اللذين يسألان المطيع مبشر وبشير اهـ فتح الباري [3/ 237].
قوله (فيقعدانه) به استدل الجمهور على أن سؤال الميت وعذابه في القبر يكون على روحه مع الجسد لا على الروح فقط وإن أحاديث هذا الباب تدل على ثبوت عذاب القبر، وفيه مذاهب؛ الأول: مذهب الخوارج وهو إنكار عذاب القبر مطلقًا، وبه قال بعض المعتزلة، مثل ضرار بن عمرو وبشر المريسي ومن وافقهما وهو قول مردود بالنصوص المتواترة معنى، وقد فصلها العلامة العيني في عمدة القاري [4/ 116 و 162]، والتفتازاني في شرح المقاصد [5/ 111 - 116] والشريف الجرجاني في شرح المواقف [8/ 317] ورد كل منهم على ما استدل به المنكرون لعذاب القبر.
(الثاني: أن عذاب القبر إنما يقع على الكفار دون المؤمنين وهو مذهب بعض المعتزلة كالجياني حكاه عنهم الحافظ في فتح الباري [3/ 233]. وحديث عذاب القبر لمن كان لا يستتر من بوله ولمن كان يمشي بالنميمة يرد عليهم وكذلك بعض الأحاديث الأخرى.
(الثالث: إن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد وهو مذهب ابن حزم وابن هبيرة كما نقل عنهما الحافظ في الفتح [3/ 235] وحديث الباب حجة عليهم
7044 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ
ــ
لأنه لا معنى لإقعاد الروح وإنما يقع الإقعاد على الجسد.
(الرابع: أن السؤال في القبر يقع على البدن فقط وأن الله تعالى يخلق فيه إدراكًا بحيث يسمع ويعلم ويلذ ويألم وهو قول ابن جرير وجماعة من الكرامية كما نقل عنهم الحافظ.
(الخامس: أن الميت لا يشعر بالتعذيب ولا بغيره إلا بين النفختين وحاله كحال النائم والمغشي عليه لا يحس بالضرب ولا بغيره إلا بعد الإفاقة وهذا مذهب أبي الهذيل ومن تبعه حكاه الحافظ أيضًا ورد عليه بحديث الباب.
(السادس: مذهب جمهور أهل السنة وهو أنه تعاد الروح إلى الجسد أو إلى بعضه عند السؤال أو العذاب كما ثبت في الحديث ولو كان على الروح فقط لم يكن للبدن بذلك اختصاص ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تفرقت أجزاؤه لأن الله تعالى قادر على أن يعيد الحياة إلى جزء من الجسد ويقع عليه السؤال كما هو قادر على أن يجمع أجزاءه.
وقال الحافظ: والحامل للقائلين بأن السؤال يقع على الروح فقط أن الميت قد يشاهد في قبره حال المسألة لا أثر فيه من إقعاد ولا غيره ولا ضيق في قبره ولا سعة وكذلك غير المقبور كالمصلوب والمثلج وجوابهم أن ذلك غير ممتنع في القدرة بل له نظير في العادة وهو النائم فإنه يجد لذة وألمًا لا يدركه جليسه بل اليقظان قد يدرك ألمًا أو لذة لما يسمعه أو يفكر فيه ولا يدرك ذلك جليسه وإنما أتى الغلط من قياس الغائب على الشاهد وأحوال ما بعد الموت على ما قبله، والظاهر أن الله تعالى صرف أبصار العباد وأسماعهم عن مشاهدة ذلك ويستره عنهم إبقاء عليهم لئلا يتدافنوا وليست للجوارح الدنيوية قدرة على إدراك أمور الملكوت إلا من شاء الله تعالى.
قال الحافظ: وقد ثبتت الأحاديث بما ذهب إليه الجمهور كقوله (أنه ليسمع خفق نعالهم) وقوله (وتختلف أضلاعه لضمة القبر) وقوله (يسمع صوته إذا ضربه بالمطراق) وقوله (يضرب بين أذنيه) وقوله (فيقعدانه) وكل ذلك من صفات الأجساد اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
7044 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن منهال الضرير) أبو عبد الله التميمي
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا انْصَرَفُوا".
7045 -
(00)(00) حدّثني عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. أَخْبَرَنَا عَبدُ الْوَهَّابِ، (يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ)، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ الْعَبدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ" فَذَكَرَ بِمِثلِ حَدِيثِ شَيبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ.
7046 -
(2843)(10) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا
ــ
المجاشعي البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا يزيد بن زريع) التيمي أبو معاوية البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (9) أبواب (عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن أبي عروبة لشيبان بن عبد الرحمن (قال) أنس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت إذا وُضع في قبره إنه ليسمع خفق نعالهم) أي صوت دوسها (إذا انصرفوا) ورجعوا من عند قبره.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
7045 -
(00)(00)(حدثني عمرو بن زرارة) بن واقد الكلابي النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (أخبرنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء) الخفاف العجلي البصري، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (عن سعيد) بن أبي عروبة (عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. غرضه بيان متابعة عبد الوهاب ليزيد بن زريع (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا وُضع في قبره وتولى) وأدبر (عنه أصحابه فذكر) عبد الوهاب عن سعيد (بمثل حديث شيبان عن قتادة).
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث زيد بن ثابت بحديث البراء بن عازب رضي الله عنهما فقال:
7046 -
(2843)(10)(حدثنا محمد بن بشار بن عثمان العبد) البصري (حدثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلَّقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] قَال: "نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبرِ. فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: ربِّيَ اللهُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]
ــ
محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن علقمة بن مرثد) الحضرمي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (10) أبواب (عن سعد بن عبيدة) مصغرًا السلمي أبو حمزة الكوفي زوج بنت أبي عبد الرحمن السلمي، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه في (6) أبواب. وهذا السند من سداسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27](قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم توكيد لفظي لقال الأول أو قال البراء كما تدل عليه الرواية الآتية (نزلت) هذه الآية (في عذاب القبر) وسؤاله (فيقال له) أي للميت بعد الدفن (من ربك) أي مالكك ومعبودك (فيقول) المؤمن في الجواب (ربي الله ونبيّي محمد صلى الله عليه وسلم فذلك) أي فمصداق ذلك (قوله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} أي على القول الحق وهي كلمة التوحيد (في الحياة الدنيا) بإقرارها واعتقاد معناها (وفي الآخرة) عند السؤال عنها قاله الطبري، وقال العيني: والقول الثابت هو كلمة التوحيد لأنها راسخة في قلب المؤمن، وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} لا إله إلا الله {وَفِي الْآخِرَةِ} قال المسألة في القبر، قال القرطبي: والمعنى أي يثبتهم في هذه الدار على التوحيد والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى يميتهم عليها وفي الآخرة عند المساءلة في القبر كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو المقصود وإن كان من قول البراء فهذا لا يقوله أحد من قبل نفسه ورأيه فهو محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وسكت البراء عن رفعه لعلم المخاطب بذلك والله تعالى أعلم، وقد قيل عن البراء أنه قال هما سؤال القبر وسؤال القيامة يعني يُرشد المؤمن فيهما إلى الصواب ويُصرف الكافر عن الجواب اهـ من المفهم.
7047 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَأَبُو بَكرٍ بْنُ نَافِعٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ، (يَعْنُونَ ابْنَ مَهْدِيٍّ)، عَنْ سُفْيَانَ،
ــ
قال العيني في عمدة القاري [4/ 228](فإن قلت) المساءلة هل هي عامة على جميع الأمم أم على أمته صلى الله عليه وسلم فذهب الحكيم الترمذي إلى أنها تختص بهذه الأمة، وقال: كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل فإن أطاعوا فذاك وإن أبوا اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب فلما أرسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين أمسك عنهم العذاب وقبل الإسلام ممن أظهر سواء أسر الكفر أم لا فلما ماتوا قيض الله لهم فتان القبر ليستخرج سرهم بالسؤال وليميز الله الخبيث من الطيب ويثبت الذين آمنوا ويضل الظالمين، ثم قال العيني: ويؤيده حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعًا "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها الحديث أخرجه مسلم، ويؤيده أيضًا قول الملكين: ما تقول في هذا الرجل محمد، وحديث عائشة أيضًا عند أحمد بلفظ: وأما فتنة القبر فبي يفتنون وعني يسألون. وذهب ابن القيم إلى عموم المساءلة وقال: ليس في الأحاديث ما نفى المساءلة عمن تقدم من الأمم وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بكيفية امتحانهم في القبور لا أنه نفي ذلك عن غيرهم، قال: والذي يظهر أن كل نبي مع أمته كذلك فيعذب كفارهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة عليهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر [1369] وفي تفسير سورة إبراهيم باب يثبت الله الذين آمنوا [4699]، والترمذي في تفسير سورة إبراهيم [3120]، وأبو داود في السنة باب في المسألة في القبر وعذاب القبر [4750]، وابن ماجه في الزهد باب ذكر القبر والبلى [4323]، والنسائي [6/ 101].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
7047 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (9) أبواب (قالوا حدثنا عبد الرحمن يعنون بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(عن سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة إمام حجة، من (7) روى عنه في
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]، قَال: نَزَلتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ.
7048 -
(2844)(11) حدّثني عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ. حَدَّثَنَا بُدَيلٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال:"إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَكَانِ يُصْعِدَانِهَا".
قَال حَمَّادٌ: فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا، وَذَكَرَ الْمِسْكَ
ــ
(24)
بابًا (عن أبيه) سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن خيثمة) بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة خيثمة لسعد بن عبيدة قوله تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} قال: البراء (نزلت) هذه الآية (في عذاب القبر).
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث زيد بن ثابت بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
7048 -
(2844)(11)(حدثني عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجشمي مولاهم (القواريري) البصري، ثقة، من (10)(حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (حدثنا بديل) بن ميسرة العقيلي البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن عبد الله بن شقيق) العقيلي مصغرًا البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة فيه حذف من الراوي تقديره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خرجت روح المؤمن) من جسده وأخذت (تلقاها) أي استقبلها (ملكان يصعدانها) أي يطلعانها إلى السماء (قال حماد فذكر) لنا بديل بالسند إلى أبي هريرة مرفوعًا (من طيب ريحها) أي من طيب رائحتها ما يتعجب منه (وذكر) بديل أيضًا في شبه رائحتها (المسك) قال الطيبي في شرح المشكاة [3/ 344] يحتمل أن يكون فاعل فذكر؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصحابي يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف طيب ريحها (وذكر المسك) ولكن لم يُعلم أن ذلك كان على طريقة التشبيه أو الاستعارة أو غير ذلك.
قَال: "وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ طَيِّبَة جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ. صَلَّى اللهُ عَلَيكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ. فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عز وجل. ثُمَّ يَقُولُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ".
قَال: "وَإنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ -قَال حَمَّادٌ: وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا، وَذَكَرَ لَعْنًا- وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَث مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ. قَال فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا
ــ
وحاصل المعنى قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خرجت روح المؤمن من جسدها تلقاها ملكان فيصعدانها إلى السماء" قال حماد بسنده إلى أبي هريرة فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدحها طيب رائحتها وذكر في شبه رائحتها المسك (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويقول أهل السماء) إذا طلعت إليهم (روح طيبة) أي صالحة (جاءت) وطلعت (من قبل الأرض) وجهتها (صلى الله) تعالى (عليك) أيتها الروح الطيبة وأنعم عليك (و) أنعم (على جسد كنت) أنت (تعمرينه) أي جعلتيه معمورًا بالعمل الصالح بضم الميم يعني الجسد الذي كنت مقيمة فيه فصار معمورًا بك ففيه استعارة تصريحية تبعية شبه تدبيرها البدن بالعمل الصالح بعمارة من يتولى مدينة وعمرها بالعدل (فينطلق به) أي بذلك المؤمن، وحق العبارة أن يقال فينطلق بها أي بتلك الروح ولكن ذكره نظرًا إلى كونها بمعنى المؤمن (إلى ربه عز وجل انطلاقًا يليق به سبحانه وتعالى نثبته ونعتقده لا نكيفه ولا نمثله ليس كمثله شيء (ثم يقول) الرب جل جلاله للملائكة (انطلقوا به) أي بهذا المؤمن إلى عليين مسكن الأبرار (إلى آخر الأجل) أي إلى نهاية مدة الدنيا، قال علي القاري في المرقاة [4/ 21] والمراد بالأجل هنا مدة البرزخ، وقال الطيبي: يُعلم من هذا أن لكل أحد أجلين أولًا وآخرًا ويشهد له قوله تعالى: {قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} أي أجل الموت وأجل القيامة، والحاصل أن الملائكة يؤمرون بإمساكها إلى القيامة حتى تدخل الجنة اهـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإن الكافر إذا خرجت روحه، قال حماد) بسنده إلى أبي هريرة (وذكر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نتنها) أي من نتن روح الكافر وعفونتها ما يُتعجب منه وذكر الخراء في شبهها (وذكر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعنًا) لها من أهل السماء (ويقول أهل السماء روح خبيثة) أي خسيسة (جاءت من قبل الأرض، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيقال) للملائكة من جهة الرب (انطلقوا) أي اذهبوا
بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ".
قَال أَبُو هُرَيرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَيْطَةً، كَانَتْ عَلَيهِ، عَلَى أَنْفِهِ، هَكَذَا.
7049 -
(2845)(12) حدّثني إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ الْهُذَلِيُّ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ. قَال: قَال أَنَسٌ:
ــ
(به) أي بهذا الكافر إلى سجين مسكن الفجار (إلى آخر الأجل) أي إلى نهاية مدة الدنيا (قال أبو هريرة) رضي الله عنه (فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر روح الكافر (ريطة) أي ملاءة (كانت عليه) أي على جسده الشريف أي جعل ريطة عليه (على أنفه) الشريف (هكذا) أي أخذ طرفها وجعله على أنفه لئلا تدخل نتن تلك الروح الخبيثة أنفه كأنه يرى رائحتها، قال النووي: والريطة ثوب رقيق، وقيل هي الملاءة التي ليست لفقتين بل هي من لفقة واحدة، واللفق شقة من شقتي الملاءة اهـ مفهم، قال النووي: وكان سبب ردها على أنفه بسبب ما ذكر من نتن ريح الكافر والله أعلم اهـ.
قوله (وذكر من نتنها وذكر لعنًا) قال القاضي: كذا هو في كل النسخ وكان الوقشي يقول: لعله وذكر الخراء ويكون في مقابلة قوله وذكر المسك، قال: ويدل عليه رده صلى الله عليه وسلم الريطة على أنفه وهذا إنما ذهب إليه لمقابلة الطيب بالنتن وهو مرجح لو ساعدته الرواية وإنما الرواية ما ذكرنا وتكون لفظة لعنًا صحيحة وتكون في مقابلة قول الملائكة صلى الله عليك إلى آخره وليس من شرط المقابلة أن تكون في كل الألفاظ اهـ من الأبي.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات.
ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث زيد بن ثابت بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنهم فقال:
7049 -
(2845)(12)(حدثني إسحاق بن عمر بن سليط) بوزن أمير (الهذلي) أبو يعقوب البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (14) بابا (قال) ثابت (قال أنس) بن
كُنْتُ مَعَ عُمَرَ. ح وَحَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَينَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فَتَرَاءَينَا الهِلالَ. وَكُنْتُ رَجُلًا حَدِيدَ الْبَصَرِ. فَرَأَيتُهُ. وَلَيسَ أَحَدٌ يَزعُمُ أَنَّهُ رَآهُ غَيرِي. قَال فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ: أَمَا تَرَاهُ؟ فَجَعَلَ لَا يَرَاهُ. قَال: يَقُولُ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُستَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرِينَا مَصَارعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالأَمْسِ. يَقُولُ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ"
ــ
مالك رضي الله عنه كنت مع عمر) بن الخطاب رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (ح وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي بفتح المهملة والموحدة مولاهم أبو محمد الأبلي بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام، صدوق، من (9) روى عنه في (10) أبواب (واللفظ له) أي لشيبان (حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال كنا مع عمر) بن الخطاب (بين مكة والمدينة فتراءينا) أي فطلبنا (الهلال) لنراها (وكنت رجلًا حديد البصر) أي قوي البصر نافذه، ومنه قوله تعالى:{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} قال أنس (فرأيته) أي رأيت الهلال (وليس أحد) من رفقتنا (يزعم) ويقول (أنه رأه) أي رأى الهلال، وقوله (غيري) صفة لأحد مرفوع بضمة مقدرة أي ليس أحد غيري يزعم أنه رآه (قال) أنس (فجعلت) أي شرعت (أقول لعمر أما تراه) أي أما ترى الهلال في موضع كذا وكذا يا أمير المؤمنين (فجعل) أي فكان عمر (لا يراه، قال) أنس (يقول) لي (عمر سأراه) أي سأرى الهلال إذا كبر (وأنا) أي والحال أني (مستلق) أي مضطجع بظهري (على فراشي) بلا كلفة (ثم أنشأ) أي شرع عمر (يحدثنا عن) قصة قتلى (أهل بدر) من المشركين أي أراد إنشاء حديث قصتهم (فقال) معطوف على أنشأ بهذا التأويل لئلا يلزم علينا عطف شيء على نفسه (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُرينا) أي يُبصرنا (مصارع) أي مساقط قتلى (أهل بدر) من المشركين (بالأمس) أي في الأمس من اليوم الذي قتلوا والأمس اسم لليوم الذي قبل يومك الذي كنت فيه، حالة كونه (يقول) في إراءتنا له (هذا) المكان (مصرع فلان غدًا إن شاء الله) تعالى أي مسقطه ومقتله بإذن الله تعالى هذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم الظاهرة يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراهم قبل غزوة بدر بيوم المواضع التي يقتل فيها
قَال فَقَال عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ، مَا أَخطَؤُوا الْحُدُودَ التِي حَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتى انْتَهَى إِلَيهِمْ فَقَال: "يَا فُلانَ بْنَ فُلانٍ، ويا فُلانَ بْنَ فُلانٍ، هَل وَجَدتُم مَا وَعَدَكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللهُ حَقًّا".
قَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ تُكَلِّمُ أَجسَادًا لَا أَروَاحَ فِيهَا؟ قَال:"مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ. غَيرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ شَيئًا"
ــ
رؤساء المشركين في اليوم التالي (قال) أنس (فقال عمر) رضي الله عنه (فوالذي) أي فأقسمت بالإله الذي (بعثه بالحق) أي بالدين الحق (ما أخطئوا) أي ما أخطأ قتلى المشركين وما خالفوا في مصارعهم (الحدود) أي الأماكن المحددة (التي حد) ها وعينها (رسول الله صلى الله عليه وسلم لمصرعهم وقتلهم يعني أنهم قتلوا في عين تلك المواضع التي أرانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها قبل يوم وهذا من معجزاته الباهرة والبراهين الساطعة على كونه رسولًا مبلغًا من رب العالمين (قال) عمر (فجعلوا) أي جعل أولئك القتلى وطرحوا (في بئر) بدر وقليبه، حالة كونهم مرميًا (بعضهم على بعض) آخر (فانطلق) أي ذهب (رسول الله صلى الله عليه وسلم من مركزه (حتى انتهى) ووصل (إليهم) أي إلى أولئك القتلى بعدما طُرحوا في البئر (فقال) مخاطبًا لهم (يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان) بنصب فلان في الموضعين على أنه منادي شبيه بالمضاف ونصب ابن فيهما على أنه صفة للمنادى (هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقًّا) أي صدقًا من تعذيبكم على شرككم (فإني قد وجدت ما وعدني الله) من النصر على المشركين (حقًّا) أي صدقًا فـ (قال عمر) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكلم) وتخاطب (أجسادًا لا أرواح فيها، قال): رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر (ما أنتم) أيها الحاضرون (بأسمع) أي بأكثر سماعًا (لما أقول) وأتكلم به (منهم) متعلق بأسمع أي من هؤلاء الأجساد التي لا أرواح فيها (غير أنهم) أي لكن أن هؤلاء الأجساد (لا يستطيعون) ولا يقدرون (أن يردوا على شيئًا) من الجواب، قال المازري: قال بعض الناس: الميت يسمع عملًا بظاهر هذا الحديث، ثم أنكره المازري وادعى أن هذا خاص بهؤلاء القتلى، ورد عليه القاضي عياض وقال: يُحمل
7050 -
(2846)(13) حدَّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ قَتلَى بَدْرٍ ثَلاثًا. ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عَلَيهِمْ فَنَادَاهُم فَقَال:"يَا أَبا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا شَيبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، أَلَيسَ قَدْ وَجَدْتُم مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا"
ــ
سماعهم على ما يُحمل عليه سماع الموتى في أحاديث عذاب القبر وفتنته التي لا مدفع لها وذلك بإحيائهم أو بإحياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون في الوقت الذي يريد الله تعالى هذا كلام القاضي وهو الظاهر المختار الذي تقتضيه أحاديث السلام على القبور اهـ نووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 299]، وأبو داود [2681]، والنسائي في الجنائز باب أرواح المؤمنين [2074].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سابعًا لحديث زيد بن ثابت بحديث آخر لأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال:
7050 -
(2846)(13)(حدثنا هداب بن خالد) بن الأسود القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من (8)(عن ثابت) بن أسلم (البناني) البصري (عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر) من المشركين في مصارعهم (ثلاثًا) من الليالي (ثم أتاهم) وهم في مصارعهم (فقام عبيهم فناداهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة) بنصب المنادى في الكل لأن المختار في العلم الموصوف بابن مضاف إلى علم آخر فتحه كما قاله في الكافية (أليس فد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا).
قوله (ترك قتلى بدر ثلاثًا) وفي حديث أبي طلحة عند البخاري في المغازي رقم [3976] أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه
فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ يَسْمَعُوا وَأَنى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قَال:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ. وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنَّ يُجِيبُوا" ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا. فَأُلقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ
ــ
أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آباءهم.
قوله (يا أمية بن خلف) استشكل بأن أمية بن خلف لم يكن في القليب لأنه كان ضخما فانتفخ فألقوا عليه من الحجارة والتراب ما غيبه وستره، أخرج ذلك ابن إسحاق من حديث عائشة لكن يجمع بينهما بأنه كان قريبًا من القليب فنودي فيمن نودي لكونه كان من جملة رؤسائهم اهـ فتح الباري [7/ 302].
(فسمع عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (قول النبي صلى الله عليه وسلم ونداءه إياهم (فقال يا رسول الله كيف يسمعوا وأنى يجيبوا) لك، قال النووي: هكذا هو في عامة النسخ المعتمدة كيف يسمعوا وأنى يجيبوا من غير نون وهي لغة صحيحة وإن كانت قليلة الاستعمال وسبق بيانها في هذا الكتاب مرات (و) الحال أنهم (قد جيفوا) بفتح الجيم وتشديد الياء أي أنتنوا وصاروا جيفًا يقال جيف الميت وجاف وأجاف وأروح وأنتن بمعنى اهـ من النووي والأبي.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده ما أنتم) أيها الحاضرون (بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا) لي فبهذا استدل من قال بسماع الموتى وتأولته عائشة رضي الله تعالى عنها بقولها ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق أخرجه البخاري في المغازي برقم [3979] وقال قتادة: أحياهم الله تعالى حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقيمة وحسرة وندمًا أخرجه البخاري أيضًا برقم [3976] باب قتل أبي جهل في المغازي.
(ثم أمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بهم) أي بسحبهم وجرهم إلى القليب (فسحبوا) أي جروا من مصارعهم (فألقوا في قليب بدر) قال النووي: وفي الرواية الأخرى في طوى من أطواء بدر، والقليب والطوى بمعنى وهي البئر المطوية بالحجارة، قال أصحابنا: وهذا السحب إلى القليب ليس دفنا لهم ولا صيانة وحرمة بل لدفع رائحتهم المؤذية اهـ والقليب يؤنث ويجمع على أقلبة وقلب وقُلُب كما في القاموس وهي
7051 -
(2847)(14) حدّثني يُوسُفُ بْنُ حَمَّاد المَعْنِيُّ. حَدَّثَنَا عَبدُ الأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ. ح وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. قَال: ذَكَرَ لَنَا أَنسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ
ــ
البئر الغير المطوية بالحجارة وهي الركى أيضًا وقد تسامح من أطلق على القليب طويًا اهـ ط. وظاهر هذا الحديث أنهم ألقوا في القليب بعد مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم ويعارضه ما ذكر في حديث أبي طلحة الآتي بعد هذا حيث ذكر قذفهم في طوى قبل المخاطبة، وكذلك أخرج البخاري عن ابن عمر (وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال:(هل وجدتم .. ) الخ، وظاهره أنهم كانوا في القليب حين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم أر أحدًا من الشراح تعرض لهذا التعارض ويمكن أن يجُمع بينهما بأن بعضهم كان مقذوفًا في القليب قبل المخاطبة وبعضهم كان خارجها فألقي فيها بعد المخاطبة كما قدمنا عن الحافظ في أمية بن خلف والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 299]، وأبو داود [2681].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثامنًا لحديث زيد بن ثابت بحديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهما فقال:
7051 -
(2847)(14)(حدثني يوسف بن حماد المعنى) بفتح الميم وسكون العين المهملة ثم نون وتشديد الياء نسبة إلى معن أحد أجداده أبو يعقوب البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي أبو محمد البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك عن أبي طلحة) الأنصاري زيد بن سهل بن الأسود بن حرام النجاري المدني الصحابي المشهور رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته وفيه رواية صحابي عن صحابي (ح وحدثنيه محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي، صدوق، من (10) روى عنه في (11) بابا (حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسان القيسي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة)
قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَظَهَرَ عَلَيهِمْ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا. (وَفِي حَدِيثِ رَوْحٍ، بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا) مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيشٍ. فَأُلْقُوا فِي طَويٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ
ــ
الأنصاري زوج أم سليم أم أنس رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته أيضًا، غرضه بيان متابعة روح لعبد الأعلى (قال) أبو طلحة (لما كان) وحصل (يوم) وقعة (بدر وظهر) أي غلب (عليهم) أي على المشركين (نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر) نبي الله صلى الله عليه وسلم أصحابه (بـ) سحب (بضعة) بكسر الباء كلمة تصدق على ما بين العقود من الآحاد من واحد إلى تسعة أي بسحب أربعة (وعشرين رجلًا) من المشركين، هذا رواية عبد الأعلى عن سعيد (وفي حديث روح) بن عبادة وروايته عن سعيد لفظة (بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش) ورؤسائهم وساداتهم جمع صنديد بمعنى الرئيس والسيد (فأُلقوا) أي قذفوا (في طويّ) بفتح الطاء وكسر الواو وتشديد الياء أي في بئر مطوية بالحجارة، قال القرطبي: الطوي البئر المطوية كائنة (من أطواء بدر) من آبار بدر (وساق) قتادة أي ذكر (الحديث) عن أبي طلحة (بمعنى حديث ثابت عن أنس) المذكور قبل هذا الحديث، غرضه بيان متابعة قتادة لثابت ولكنها متابعة في الشاهد.
قوله (بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش) فالمذكور في حديث أنس السابق أربعة منهم وسمى الحافظ الباقين في الفتح [7/ 302] على سبيل الاحتمال فذكر فيهم عبيدة بن العاص والد أبي أُحيحة، وسعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن أبي سفيان، والوليد بن عتبة، والحارث بن عامر، وطعيمة بن عدي، ونوفل بن خويلد، وزمعة بن الأسود، وأخاه عقيلًا، والعاص بن هشام أخا أبي جهل، وأبا قيس بن الوليد أخا خالد بن الوليد، ونبيه ومنبه ابني الحجاج السهمي، وعلي بن أمية بن خلف وعمرو بن عثمان عم طلحة أحد العشرة المبشرة، ومسعود بن أبي أمية أخا أم سلمة، وقيس بن الفاكه بن المغيرة، والأسود بن عبد الأسود أخا أبي سلمة وأبا العاص بن قيس السهمي، وأميمة بن رفاعة فهؤلاء العشرون تضم إلى الأربعة المذكورة في حديث أنس فتكمل العدة أربعة وعشرين رجلًا اهـ والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب من غلب العدو
7052 -
(2848)(10) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حُوسِبَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عُذِّبَ" فَقُلْتُ: أَلَيسَ قَدْ قَال اللهُ عز وجل:
ــ
فأقام على عرصتهم ثلاثًا [3065] وفي المغازي باب قتل أبي جهل [3976].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو إثبات الحساب بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
7052 -
(2848)(10)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر) السعدي المروزي، ثقة، من (9)(جميعًا) أي كلاهما رويا (عن إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري (قال أبو بكر حدثنا ابن علية) بصيغة السماع (عن أيوب) السختياني (عن عبد الله) بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المكي، ثقة، من (3) روى عنه في (20) بابا (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، قال النووي: هذا السند مما استدرك به الدارقطني على البخاري ومسلم وقال: اختلفت الرواية فيه عن ابن أبي مليكة، فروي عنه عن عائشة، ورُوي عنه عن القاسم عنها وهذا استدراك ضعيف لأنه محمول على أنه سمعه من القاسم عن عائشة وسمعه أيضًا منها بلا واسطة فرواه بوجهين وقد سبقت نظائر هذا (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حوسب يوم القيامة) حساب مناقشة ومطالبة واستقصاء فيه كما قال في اللفظ الآخر (من نوقش المحاسبة) والمناقشة الاستقصاء في المطالبة بالجليل والحقير والصغير والكبير وترك المسامحة في شيء من ذلك، قال الهروي: انتقشت منه حقي أي استقصيته منه، وأصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه يقال قد نقشها وانتقشها اهـ قسط (عذب) ظاهره عذب عذاب النار جزاء عن سيئات ما أظهره حسابه ويدل على ذلك قوله في الآخر (هلك) أي بالعذاب في النار، ويحتمل أن يكون عذاب من يناقش نفس المناقشة وما يلازمها من التوبيخ واللوم ثم يغفر الله تعالى له، قالت عائشة (فقلت) له صلى الله عليه وسلم (أليس) الشأن (قد قال الله عز وجل في كتابه العزيز {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]، أي
{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]؟ فَقَال "لَيسَ ذَاكِ الْحِسَابُ. إِنَّمَا ذَاكَ الْعَرْضُ. مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ"
ــ
حسابًا سهلًا هينًا بأن يُجازى على الحسنات ويتجاوز عن السيئات (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس ذاك) بكسر الكاف لأنه خطاب مؤنث أي ليس الحساب المذكور في الآية (الحساب) مع المناقشة فاسم الإشارة اسم ليس ولفظ الحساب بالنصب على أنه خبر ليس وبالرفع على أنه خبر اسم الإشارة وهو مبتدأ وليس اسمها ضمير الشأن على مذهب من يجوز ذلك والأول أوضح (إنما ذاك) الحساب المذكور في الآية هو (العرض) أي عرض أعمال المؤمن عليه بأن تعرض عليه أعماله فيعرف الطاعة منها والمعصية ثم يثاب على الطاعة ويتجاوز عن المعصية ولا يطالب بالعذر فيه حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنها في الآخرة لأنه (من نوقش) واستقصي (الحساب) بضم النون وكسر القاف مبنيًّا للمفعول والحساب نصب بنزع الخافض أي من استقصي أمرُهُ في الحساب (يوم القيامة عذب) بالبناء للمجهول خبر المبتدأ الذي هو من الموصولة أي من استقصي في محاسبته وحوقق عذب في النار أو أن نفس عرض الذنوب عليه والتوقيف على قبح ما سلف منه والتوبيخ عليه عذاب.
والحاصل أن الحساب المذكور في الآية هو الحساب بمعنى عرض الأعمال على المؤمن وإثابته على حسناته ومسامحته عن سيئاته فيدخل الجنة، والحساب المذكور في الحديث بمعنى المناقشة والتشديد عليه ليعذب على سيئاته ولو صغيرة ما لم يتب عنها في الدنيا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في تفسير إذا السماء انشقت باب فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا [4939] وفي الرقاق باب من نوقش الحساب عُذّب [6437 و 6536]، وأبو داود في الجنائز باب عيادة النساء [3093]، والترمذي في صفة القيامة باب من نوقش عُذّب [2426] وفي سورة إذا السماء انشقت [3337]، وكذا النسائي في التفسير.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
7053 -
(00)(00) حدّثني أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمادُ بْنُ زَيدٍ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
7054 -
(00)(00) وحدّثني عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشرٍ بْنِ الْحَكَم الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى، (يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ)، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ الْقُشَيرِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيسَ اللَّهُ يَقُولُ: حِسَابا يَسِيرًا؟ قَال: "ذَاكَ الْعَرْضُ. وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ"
ــ
7053 -
(00)(00)(حدثني أبو الربيع العتكي) سليمان بن داود الزهراني البصري (وأبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين البصري (قالا حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا أيوب) السختياني البصري، غرضه بيان متابعة حماد لابن علية، وساق حماد (بهذا الإسناد) يعني عن ابن أبي مليكة عن عائشة (نحوه) أي نحو ما حدّث إسماعيل بن علية.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
7054 -
(00)(00)(وحدثني عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي) أبو محمد النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (13) بابا (حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطان حدثنا أبو يونس القشيري) حاتم بن أبي صغيرة مسلم البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا ابن أبي مليكة عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي يونس لأيوب السختياني (عن النبي صلى الله عليه وسليم ليس أحد) من الناس (يُحاسب) أي يُناقش ويستقصى في حسابه (إلا هلك) أي ألا عُذب بالنار، قالت عائشة (قلت يا رسول الله أليس الله يقول) في كتابه العزيز (حسابًا يسيرًا، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) الحساب اليسير المذكور في الآية هو (العرض) أي عرض الأعمال على المؤمن وإثابته على حسناته والمسامحة له عن سيئاته إدخاله الجنة (ولكن من نوقش) واستقصي في (الحساب هلك) بالعذاب فلا ينجو من النار ولكن الله يعفو ويغفر مما دون الشرك لمن يشاء.
7055 -
(00)(00) وحدّثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنِي يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُثمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ" ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثلِ حَدِيثِ أَبِي يُونُسَ.
7056 -
(2849)(16) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاثٍ، يَقُولُ:"لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ"
ــ
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:
7055 -
(00)(00)(وحدثني عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم العبدي (حدثني يحيى وهو القطان عن عثمان بن الأسود) بن موسى بن باذان الجمحي مولاهم، روى عن ابن أبي مليكة في عذاب القبر وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد، ويروي عنه (ع) ويحيى القطان والثوري والفضل بن موسى وخلق، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وابن سعد وقال: كثير الحديث، وقال العجلي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة خمسين ومائة (150) أو قبلها (عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب هلك) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عثمان بن الأسود لأبي يونس القشيري (ثم) بعد هذه الكلمات (ذكر) عثمان بن الأسود (بمثل حديث أبي يونس) القشيري.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو حسن الظن بالله تعالى عند الموت بحديث جابر رضي الله عنه فقال:
7056 -
(2849)(16)(حدثنا يحيى بن يحيى) النيسابوري (أخبرنا يحيى بن زكرياء) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الوادعي أبو سعيد الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (12) بابا (عن الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي ثم الواسطي، صدوق، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث) ليال (يقول لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسن) من الإحسان (بالله) تعالى (الظن) قال العلماء: هذا تحذير من القنوط وحث على الرجاء عند الخاتمة، وقد
7057 -
(00)(00) وحدّثنا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوَيةَ. كُلُهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
7058 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو دَاوُدَ، سُلَيمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ
ــ
سبق في الحديث الآخر قوله سبحانه وتعالى: "أنا عند ظن عبدي بي" قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفًا راجيًا ويكونان سواء، وقيل يكون الخوف أرجح فإذا دنت أمارات الموت غلب الرجاء أو محضه لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذا الحال فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والإذعان له ويؤيده الحديث المذكور بعده كل يبعث كل عبد على ما مات عليه" ولهذا عقبه مسلم للحديث الأول اهـ نووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الجنائز باب ما يستحب منه حسن الظن بالله عند الموت [3113].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
7057 -
(00)(00)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (18) بابا (ح وحدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (وأبو معاوية كلهم) أي كل من جرير وأبي معاوية وعيسى بن يونس رووا (عن الأعمش) غرضه بسوق هذه الأسانيد الثلاثة بيان متابعة هؤلاء الثلاثة ليحيى بن زكرياء وساقوا (بهذا الإسناد) يعني عن أبي سفيان عن جابر (مثله) أي مثل ما روى يحيى بن زكرياء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
7058 -
(00)(00)(وحدثني أبو داود سليمان بن معبد) بن كوسجان بجيم بعد
حَدَّثَنَا أبُو النعْمَانِ، عَارِمٌ. حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأنَصَارِيِّ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَبلَ مَوتِهِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ، يَقُولُ:"لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ عز وجل".
7059 -
(2850)(17) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَعُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُبعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ"
ــ
المهملة المروزي السنجي بكسر المهملة بعدها نون ساكنة ثم جيم نسبة إلى سنج قرية من قرى مرو النحوي، ثقة، من (11) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا أبو النعمان) وقيل أبو الفضل محمد بن الفضل السدوسي (عارم) البصري لقبه، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا مهدي بن ميمون) الأزدي أبو يحيى البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا واصل) بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي البصري، صدوق، من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي الزبير) المكي (عن جابر بن عبد الله الأنصاري) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي الزبير لأبي سفيان (قال) جابر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول لا يموتن أحدكم (لا وهو يُحسن الظن بالله عز وجل.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
7059 -
(2855)(17)(وحدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن أبي سفيان) طلحة بن نافع (عن جابر) بن عبد الله. وهذا السند من خماسياته (قال) جابر (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يُبعث) أي يُحشر يوم القيامة (كل عبد) أي كل إنسان (على ما) أي على العمل الذي (مات عليه) يوم موته خيرًا كان أو شرًّا أي يُبعث على الحالة التي مات عليها، قال القاضي عياض: ولله در مسلم في ذكر هذا الحديث عقب الذي قبله ويدل على سعة فهمه وعلمه لأنه أورده كالتفسير له ثم جاء بعده بآخر لقوله فيه بُعثوا على
7060 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ نَافِع، حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَن الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثلَهُ. وَقَال: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ يَقُل: سَمِعْتُ.
7061 -
(2851)(18) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
ــ
أعمالهم ليُفهم أن هذا الحديث وإن كان مفسرًا لما قبله فليس مقصورًا عليه وإنما هو عام فيه وفي غيره بدليل هذا الآخر الآتي ثم وصل به ابتداء أحاديث الفتن وقدم فيها حديث الجيش الذي يُخسف بهم ثم قال يبعثهم الله تعالى على نياتهم اهـ من الأبي. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد [3/ 133 و 366].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
7060 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (عن سفيان) الثوري (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي سفيان عن جابر. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لجرير بن عبد الحميد، وساق سفيان (مثله) أي مثل حديث جرير (و) لكن (قال) سفيان في روايته لفظة (عن النبي صلى الله عليه وسلم بالعنعنة (ولم يقل) سفيان لفظة (سمعت) كما قالها جرير.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر الأول بحديث ابن عمر رضي الله عنه فقال:
7061 -
(2851)(18)(وحدثني حرملة بن يحيى) بن عبد الله (التجيبي) المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب العدوي أبو عمارة المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من سداسياته
"إِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعَمَالِهِمْ"
ــ
(إذا أراد الله بقوم عذابًا) أي هلاكًا في الدنيا لسوء صنيعهم وشدة مخالفتهم لرسولهم (أصاب) ذلك (العذاب) أي عمَّ جميع (من كان فيهم) أي في أولئك القوم من المطيع والعاصي (ثم بُعثوا) عند النفخة الثانية أي حُشروا إلى موقف القيامة (على أعمالهم) أي كل على عمله وحالته التي كان عليها في الدنيا. قوله (أصاب العذاب من كان فيهم) المراد من العذاب الدنيوي فإنه يعم المطيع والعاصي وهو معنى قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} فالعذاب يصيب المطيع أيضًا إما لكونه لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر على ما ينبغي وإما لتعجيل ثوابه في الآخرة. قوله (ثم بعثوا على أعمالهم) معناه أن العذاب الدنيوي وإن عمّ المطيع والعاصي ولكن المجازاة في الآخرة إنما تكون على حسب الأعمال فيستحق العاصي العقوبة والمطيع الثواب والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم أيضًا من بين أصحاب الأمهات.
وصلنا إلى هذا المحل بعون الله تعالى وتوفيقه في تاريخ يوم الثلاثاء العاشر من شهر رجب الفرد 10/ 7 / 1428 هـ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة عشر: الأول حديث ابن عمر الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث زيد بن ثابت ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث حديث أنس الأول ذكره للاستشهاد، والرابع حديث أبي أيوب ذكره للاستشهاد، والخامس حديث أنس الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والسادس حديث البراء ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد، والثامن حديث عمر بن الخطاب ذكره للاستشهاد، والتاسع حديث أنس الثالث ذكره للاستشهاد، والعاشر حديث أبي طلحة ذكره للاستشهاد، والحادي عشر حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني عشر حديث جابر الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث عشر حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع عشر حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *