الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
762 - (6) باب فتوحات المسلمين قبل الدجال والآيات التي تكون قبل الساعة ولا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز وفي سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة وعدم إنبات الأرض مع كثرة المطر وكون الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان
7111 -
(2877)(44) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ. قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزوَةٍ. قَال: فَأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ. عَلَيهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ. فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ
ــ
762 -
(6) باب فتوحات المسلمين قبل الدجال والآيات التي تكون قبل الساعة ولا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز وفي سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة وعدم إنبات الأرض مع كثرة المطر وكون الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان
واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو ذكر فتوحات المسلمين قبل الدجال بحديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما فقال:
7111 -
(2877)(44)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (18) بابا (عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الفرسي أبو عمر القبطي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (15) بابا (عن جابر بن سمرة) بن جنادة بضم الجيم السوائي الصحابي ابن الصحابي رضي الله عنهما (عن نافع بن عتبة) بن أبي وقاص القرشي الزهري ابن أخي سعد بن أبي وقاص، الصحابي الصغير، أسلم يوم الفتح رضي الله عنه، روى عنه جابر بن سمرة في الفتن، يروي عنه (م ق) وجابر بن سمرة، انفرد له (م) بحديث واحد وهو هذا الحديث الآتي. وهذا السند من خماسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي (قال) نافع بن عتبة كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة) غزاها ولم أر من عيّن هذه الغزوة باسمها، قال نافع (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب) أي من قبل مغرب المدينة (عليهم) أي على أولئك القوم (ثياب الصوف) هذا لباس أهل البادية (فوافقوه) أي فوافق أولئك القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي صادفوه (عند أكمة) أي عند تلة صغيرة والأكمة القطعة الغليظة
فَإِنَّهُم لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ. قَال فَقَالتْ لِي نَفْسِي: ائْتِهِم فَقُمْ بَينَهُمْ وَبَينَهُ. لَا يَغتَالُونَهُ. قَال: ثُمَّ قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُم. فَأتَيتُهُمْ فَقُمْتُ بَينَهُمْ وَبَينَهُ. قَال فَحَفِظْتُ مِنْهُ أربَعَ كَلِمَاتٍ. أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي. قَال: "تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ، فَيَفْتَحُهَا اللهُ. ثُمَّ فَارِسَ، فَيَفْتَحُهَا اللهُ. ثُم تَغْزُونَ الرُّومَ، فَيَفتَحُهَا اللهُ. ثُم تَغْزُونَ الدَّجَّال، فَيَفْتَحُهُ اللهُ"
ــ
من الرمل، قال القرطبي: أي وقفوا أمامه فوقف لهم أو استدعوا منه ذلك أي الوقوف لهم يعني أنهم وصلوا إليه صلى الله عليه وسلم بقرب الأكمة والأكمة التل الصغير (فإنهم) أي فإن أولئك القوم (لقيام) أي لقائمون قدامه صلى الله عليه وسلم (ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد) بينهم (قال) نافع (فقالت لي نفسي أئتهم) أي ائت هؤلاء القوم وجئهم (فقم بينهم وبينه) صلى الله عليه وسلم فـ (لا يغتالونه) أي لا يقتلون النبي صلى الله عليه وسلم غيلة وهي القتل في غفلة وخفاء وخديعة وهذا خطاب منه لنفسه يعني قلت في نفسي أنه ينبغي لي أن آتيهم وأذهب إليهم فأقوم بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم أعراب جلف فلا يبعد منهم أن يكونوا أرادوا به سوءًا فيغتالوا النبي صلى الله عليه وسلم أي يقتلوه غيلة وخديعة (قال) نافع (ثم قلت) لنفسي (لعله) صلى الله عليه وسلم (نجي) أي متحدث (معهم) سرًّا، والنجي هو المناجي أي المتحدث مع غيره في خلوة، قال نافع (فأتيتهم) أي جئتهم (فقمت بينهم وبينه) صلى الله عليه وسلم كأنه احتاط فقام بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستطيع أن يدافع عنه على احتمال اغتيالهم وتبين له أنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر إليهم شيئًا لا يحب أن يظهره على غيرهم فإنه يمنعه عن القيام هناك فلما لم يمنعه ظهر أن الأمر ليس سرًّا (قال) نافع (فحفظت منه) صلى الله عليه وسلم (أربع كلمات أعدهن) لحفظهن (في) أصابع (يدي) فـ (قال): رسول الله صلى الله عليه وسلم (تغزون) أيتها الأمة (جزيرة العرب فيفتحها الله) تعالى عليكم لأن الخطاب للمسلمين من حيث كونهم أمة وليس للحاضرين فقط، قال القرطبي: هذا الخطاب وإن كان لأولئك القوم الحاضرين فالمراد هم ومن كان على مثل حالهم من الصحابة والتابعين الذين فتحت بهم تلك الأقاليم المذكورة ومن يكون بعدهم من أهل هذا الدين الذين يقاتلون في سبيل الله إلى قيام الساعة ويرجع معنى هذا الحديث إلى معنى الحديث الآخر الذي فيه "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على
قَال: فَقَال نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لَا نَرَى الدَّجَّال يَخرُجُ حَتى تُفْتَحَ الرُّومُ
ــ
الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى قيام الساعة" رواه أحمد والترمذي اهـ من المفهم.
والحاصل أن جزيرة العرب كلها ستفتح للمسلمين ووقع الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وجزيرة العرب أرضهم التي نشؤوا فيها وسميت جزيرة لأنها مجزورة بالبحار والأنهار أي مقطوعة بها من الجزر وهو القطع، وقيل لأنها جزرت بالبحار التي أحدقت بها اهـ مفهم، قال في المرقاة: وقد تقدم تفسيرها ومجمله على ما حُكي عن مالك مكة والمدينة واليمامة واليمن؛ والمعنى تغزون بقية جزيرة العرب أو جميعها بحيث لا يُترك فيها كافر والخطاب للصحابة أو للأمة اهـ منه.
قال القاضي: قال الخليل: سُميت جزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها عن فارس وبحر الحبشة ودجلة والفرات، وقال الأصمعي: جزيرة العرب ما لم يبلغه ملك فارس من أقصى عدن إلى ريف العراق، وعرضها من جدة إلى ساحل البحر إلى أطراف الشام، وقال الشعبي: هي في الطول ما بين قصر أبي موسى بالعراق إلى أقصى اليمن، وفي العرض ما بين رمل قبرص إلى منقطع السماوة، وعن مالك هي المدينة، وعن المغيرة هي مكة والمدينة واليمامة واليمن، وحكى إسماعيل القاضي عن مالك، وقال أيضًا: هي كل بلد لم تملكه الروم ولا فارس اهـ من الأبي.
(ثم) تغزون (فارس فيفتحها الله) تعالى لكم (ثم تغزون الروم فيفتحها الله) تعالى لكم كما وقع ذلك حيث افتتح فارس والشام زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبقية بلاد الروم بعده (ثم تغزون الدجال فيفتحه الله) تعالى لكم، أما هذا الأمر الرابع فمنتظر إن شاء الله تعالى، قال النووي: ويروى (فيفتحها) بضمير المؤنث وضمير المذكر يحتمل أن يعود على الدجال، ومعنى فتحه قتله على يد عيسى عليه السلام، ويحتمل أن يعود على ملكه، وضمير المؤنث يعود على مملكته بأرضه التي يغلب عليها اهـ (قال) جابر (فقال) أبي (نافع يا جابر لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الفتن باب الملاحم [4143]، وأحمد [4/ 237].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو ذكر الآيات
7112 -
(12878)(45) حدثنا أَبُو خَيثَمَةَ، زُهَيرُ بن حَربٍ وَإِسحَاقُ بن إِبرَاهِيمَ وَابنُ أَبِي عُمَرَ المَكِّيُّ -وَاللفظُ لِزُهَيرٍ- (قَال إِسحَاقُ: أَخبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ، عَن أَبِي الطُّفَيلِ، عَن حُذَيفَةَ بنِ أَسِيدٍ الغِفَارِي قَال: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَينَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ. فَقَال: "مَا تَذَاكَرُونَ؟ " قَالُوا: نَذكُرُ السَّاعَةَ. قَال: "إِنَّهَا لَن تَقُومَ حَتى تَرَونَ قَبلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ". فَذَكَرَ الدُّخَانَ،
ــ
التي قبل الساعة بحديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه فقال:
7112 -
(2878)(45)(حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب) الحرشي النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر المكي) العدني (واللفظ لزهير قال إسحاق أخبرنا، وقال الآخران حدثنا سفيان بن عيينة عن فرات) بن أبي عبد الرحمن (القزاز) التميمي أبي محمد البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي المكي، وُلد عام أُحد، وأثبت مسلم وابن عدي صحبته ورؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم، الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه في (10) أبواب (عن حذيفة بن أسيد) بقح الهمزة (الغفاري) الكوفي رضي الله عنه روى عنه في بابين (2) القدر والفتن. وهذا السند من خماسياته، وفيه رواية صحابي عن صحابي، قال النووي: وهذا الإسناد مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال الدارقطني: ولم يرفعه غير فرات عن أبي الطفيل من وجه صحيح قال: ورواه عبد العزيز بن رفيع وعبد الملك بن ميسرة موقوفًا هذا كلام الدارقطني (قلتُ) وقد ذكر مسلم رواية ابن نافع موقوفة كما قال، ولا يقدح هذا في الحديث فإن عبد العزيز بن رفيع ثقة حافظ متفق على توثيقه فزيادته الرفع مقبولة اهـ (قال) حذيفة (اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا) أي نظر إلينا (ونحن نتذاكر) العلم وهو في غرفة له ونحن أسفل منه كما سيأتي في الرواية الآتية (وقال) لنا (ما تذاكرون) أي في أي موضوع تذاكرون (قالوا) فيه التفات، ومقتضى السياق قلنا أي قال المتذاكرون: معنى نحن (ندكر الساعة) أي نتذاكر الساعة وأشراطها (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إنها) أي إن الساعة (لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات) أي علامات (فذكر) النبي صلى الله عليه وسلم في بيان تلك العشر (الدخان) وهذا الحديث يؤيد قول من قال إن الدخان
وَالدَّجَّال، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَريَمَ صلى الله عليه وسلم، ويأجُوجَ وَمَأجُوجَ. وَثَلاثةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَآخِرُ ذلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطرُدُ الناسَ
ــ
دخان يأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام وأنه لم يأت بعد وإنما يكون قريبًا من الساعة وفُسِّر به قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، على ما ذهب إليه غير ابن مسعود وهم جماعة من السلف وهو مروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس والحسن وابن أبي مليكة، وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن من أشراط الساعة دخان يمكث في الأرض أربعين يومًا" وأنكر هذا القول ابن مسعود وقال: إنه عبارة عما نال قريشًا من القحط حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابن مسعود على هذا جماعة ويؤيد قول ابن مسعود قوله تعالى:{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12]، وقوله تعالى:{إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)} [الدخان: 15]، ويمكن أن يجمع بين القولين بأنهما دخانان جمعًا بين هذه الآثار (و) ذكر (الدجال) أي الكذاب الذي يدعي الألوهية. وسيأتي بسط الكلام فيه في بابه (و) ذكر (الدابة) وهي المرادة في قوله تعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} بكلام يفهمونه، وذكر المفسرون أنها دابة عظيمة تخرج من صدع في الصفا لا يفوتها أحد فتسم على المؤمن فينير وجهه وتكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر فيسود وجهه وتكتب بين عينيه كافر، وذكروا أنها آخر الآيات ويغلق عندها باب التوبة والعلم والعمل (و) ذكر منها (طلوع الشمس من مغربها) واعلم أن الأشياء العشرة معدودة هنا على غير ترتيبها ولذلك ذكر طلوع الشمس من مغربها قبل نزول عيسى ابن مريم وقبل خروج يأجوج ومأجوج ودلت الأحاديث الأخرى على أن طلوع الشمس من مغربها إنما سيكون قبل نفخة الصور وحينئذ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل اهـ مرقاة [1/ 185] (ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام و) خروج (يأجوج ومأجوج و) ذكر منها (ثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب) قال ابن الملك: قد وُجد الخسف في مواضع لكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرًا زائدًا على ما وُجد كان يكون أعظم مكانًا وقدرًا كذا في المرقاة (وآخر ذلك) المذكور من العلامات العشر (نار تخرج من اليمن تطرد الناس)
إِلَى مَحْشَرِهِم.
7113 -
(00)(00) حدثنا عُبَيدُ اللهِ بن مُعَاذٍ العَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيلِ، عَن أبِي سَرِيحَةَ، حُذَيفَةَ بنِ أَسِيدٍ. قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي غُرفَةٍ وَنَحْنُ أَسفَلَ مِنهُ. فَاطَّلَعَ إِلَينَا فَقَال: "مَا تَذْكُرُونَ؟ " قُلْنَا: الساعَةَ. قَال: "إِن الساعَةَ لَا
ــ
وتسوقهم (إلى محشرهم) وهو أرض الشام، وهذه النار غير النار التي سيأتي ذكرها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فإنها تخرج من أرض الحجاز وتضيء أعناق الإبل ببصرى، وسيأتي الكلام عليها هناك، أما النار المذكورة هنا فتخرج من اليمن، ووقع في الرواية الآتية أنها تخرج من قعرة عدن، ووقع في حديث ابن عمر عند أحمد مرفوعًا "تخرج نار قبل يوم القيامة من حضرموت فتسوق الناس" وأما قوله (فتطرد الناس إلى محشرهم) فالمراد منه أن الناس يخرجون من بيوتهم فرارًا منها وهجرة إلى مواضع أخرى، والمراد من المحشر أرض يجتمع فيها معظمهم بعد الفرار منها وحمل بعضهم هذا الحديث على المجاز فقالوا هو كناية عن الفتنة الشديدة اهـ من التكملة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الملاحم باب أمارات الساعة [4311]، والترمذي في الفتن باب ما جاء في الخسف [2183]، وابن ماجه في الفتن باب أشراط الساعة [4095].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه فقال:
7113 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ، ثقة، من (9)(حدثنا شعبة عن فرات) بن أبي عبد الرحمن (القزاز) البصري ثم الكوفي (عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة الليثي (عن أبي سريحة) بفتح السين (حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة الغفاري الكوفي رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لسفيان بن عيينة (قال) حذيفة كان النبي صلى الله عليه وسلم في غرفة) أي علية له (ونحن أسفل منه فاطلع) أي نظر (إلينا) من فوق (فقال ما تذكرون) أي أي شيء تذكرونه وتتحدثون عنه (قلنا) نذكر (الساعة) أي القيامة (قال) لنا (إن الساعة لا
تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ، وَخَسفٌ بِالمَغرِب، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأَرضِ، ويأجُوجُ وَمَأَجُوجُ، وَطُلُوعُ الشمسِ مِن مَغرِبِهَا، وَنَارٌ تَخرُجُ مِنْ قَعرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ الناسَ".
قَال شُعبَةُ: وَحَدَّثَنِي عَبدُ العَزِيزِ بن رُفَيعٍ، عَن أَبِي الطُّفَيلِ، عَن أَبِي سَرِيحَةَ، مِثلَ ذلِكَ. لَا يَذكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَقَال أحَدُهُمَا، فِي الْعَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم. وَقَال الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلقِي النَّاسَ فِي الْبَحرِ
ــ
تكون) أي لا تقع ولا تقوم (حتى تكون) وتحصل قبلها (عشرة آيات) أي علامات تدل على قربها وتلك الآيات (خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعرة عدن) بضم القاف وسكون العين، كذا وقع في بعض النسخ بتاء التأنيث وهو بضم القاف كما ذكرنا وهي الوهدة أي الأكمة، ووقع في أكثر النسخ قعر عدن بفتح القاف وبدون تاء التأنيث ويبدو أنه هو الصحيح، ومثله وقع في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه أيضًا وقعر كل شيء أقصاه أي من أقصى عدن وآخره، وفي المشكاة من قعر عدن قال في المرقاة أي أقصى أرضها وهو غير منصرف باعتبار البقعة والبلدة، ومنصرف باعتبار الموضع، وفي المشارق عدن مدينة مشهورة باليمن، وفي القاموس محركة جزيرة باليمن اهـ (ترحل الناس) أي تسوق الناس، ضبطه أكثر الشراح بفتح التاء وسكون الراء من باب فتح يعني تأخذهم بالرحيل وتزعجهم عن مكانهم وتجعلهم يرحلون أمامها، وضبطه بعضهم (تُرحل) بضم التاء وتشديد الحاء من باب فعل المضعف وهو أوضح (قال شعبة) بالسند السابق (وحدثني عبد العزيز بن رُفيع) بفاء مصغرًا الأسدي المكي، ثقة، من (4) روى عنه في (7) أبواب، وهو معطوف على فرات في المعنى (عن أبي الطفيل عن أبي سريحة) حذيفة بن أسيد. غرضه بيان متابعة عبد العزيز لفرات القزاز، وساق عبد العزيز (مثل ذلك) أي مثل ما روى فرات القزاز حالة كون عبد العزيز (لا يذكر) في سنده (النبي صلى الله عليه وسلم أي لا يرفع الحديث إليه بل وقفه على حذيفة، قال شعبة (وقال) لي (أحدهما) أي أحد شيخي فرات وعبد العزيز (في) بيان الآية (العاشرة نزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم وقال الآخر) منهما فيها (وريح تُلقي الناس) وترميهم (في البحر) يعني تهب ريح شديدة فتُلقي الناس في البحر فإما أن تكون علامة
7114 -
(00)(00) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ)، حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ. قَال: سَمِعْتُ أبَا الطُّفَيلِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ. قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غُرْفَةٍ. وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بِمِثْلِهِ.
قَال شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَال: تَنْزِلُ مَعَهُمْ إِذَا نَزَلُوا. وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيثُ قَالُوا.
قَال شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ. وَلَمْ يَرْفَعْهُ. قَال: أحَدُ هذَينِ الرَّجُلَينِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَقَال الآخَرُ: رِيحٌ تُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ
ــ
مستقلة، وإما أن تكون مصحوبة بالنار التي سبق ذكرها، وإلى الثاني مال الشيخ علي القاري في المرقاة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث حذيفة رضي الله عنه فقال:
7114 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن بشار حدثنا محمد يعني ابن جعفر حدثنا شعبة عن فرات قال) فرات (سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة) حذيفة بن أسيد رضي الله تعالى عنهما. غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لمعاذ بن معاذ (قال) أبو سريحة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن تحتها) أي تحت الغرفة حالة كوننا (نتحدث) أي نذاكر الحديث (وساق) محمد بن جعفر (الحديث) السابق (بمثله) أي بمثل حديث معاذ بن معاذ (قال شعبة) بالسند المذكور (وأحسبه) أي أحسب فراتًا المذكور (قال تنزل) تلك النار (معهم) أي مع الناس (إذا نزلوا وتقيل معهم حيث قالوا) من القيلولة يعني أنها تلزمهم كل حين ولا تفارقهم (قال شعبة) بالسند المذكور (وحدثني رجل) نسيت اسمه (هذا الحديث عن أبي الطفيل) معطوف في المعنى على قوله عن فرات (عن أبي سريحة ولم يرفعه) أي لم يرفع هذا الرجل الحديث، قال شعبة (قال أحد هذين الرجلين) يعني هذا الرجل المبهم وفراتًا القزاز في بيان العاشرة (ونزول عيسى ابن مريم وقال الآخر) منهما (ريح تلقيهم في البحر).
7115 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بن المُثَنى. حَدَّثَنَا أَبُو النعمَانِ، الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعِجلِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن فُرَاتٍ. قَال: سَمِعتُ أَبَا الطُّفَيلِ يُحَدِّثُ، عَن أَبِي سَرِيحَةَ قَال: كُنا نَتَحَدَّثُ. فَأشرَفَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. بِنَحْو حَدِيثِ مُعَاذٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ.
وَقَال ابنُ الْمُثَنَّى: حَديثَ أَبُو النُّعمَانِ، الْحَكَمُ بْنُ عَبدِ اللهِ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَنْ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ. بِنَحْوهِ. قَال: وَالعَاشِرَةُ نُزُولُ عِيسَى ابنِ مَريَمَ.
قَال شُعْبَةُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَبْدُ العَزِيزِ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه فقال:
7115 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله) القيسي أو الأنصاري أو (العجلي) البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (2) بابين التوبة والفتن (حدثنا شعبة عن فرات قال سمعت أبا الطفيل يُحدّث عن أبي سريحة) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي النعمان لمعاذ بن معاذ ومحمد بن جعفر (قال) أبو سريحة (كنا نتحدث) أي نتذاكر الحديث (فأشرف) واطلع (علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فوقنا، وساق أبو النعمان (بنحو حديث معاذ وابن جعفر وقال ابن المثنى حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله) لم يذكر لفظة العجلي (حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن رُفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة) رضي الله تعالى عنهما. غرضه بيان متابعة عبد العزيز لفرات القزاز، وساق عبد العزيز (بنحوه) أي بنحو حديث فرات (قال) عبد العزيز (والعاشرة نزول عيسى ابن مريم قال شعبة ولم يرفعه) أي لم يرفع (عبد العزيز) الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل أوقفه على أبي سريحة والله أعلم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو عدم قيام الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
7116 -
(2879)(46) حدثني حَرْمَلَةُ بن يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيَّبِ؛ أَن أَبَا هُرَيرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال. ح وَحَدَّثَنِي عَبدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ الليثِ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنّهُ قَال: قَال ابْنُ المُسَيَّبِ: أَخبَرَنِي أَبُو هُرَيرَةَ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى تَخْرُجَ نَارٌ مِن أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصرَى"
ــ
7116 -
(2879)(46)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن ابن شهاب أخبرني) سعيد (بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) وهذا السند من سداسياته (ح وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) الفهمي المصري، ثقة، من (11)(حدثنا أبي) شعيب بن الليث، ثقة، من (10)(عن جدي) ليث بن سعد، ثقة عالم، قرين مالك، من (7)(حدثني عقيل) مصغرًا (بن خالد) بن عقيل مكبرًا الأموي المصري، ثقة، من (6)(عن ابن شهاب أنه) أي أن ابن شهاب (قال قال) لنا سعيد (بن المسيب) المخزومي المدني (أخبرني أبو هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة عقيل ليونس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) أي تكشف وتظهر لمن بالحجاز أعناقها هكذا الرواية (تضيء أعناق) وهو مفعول تضيء يقال أضاءت النار وأضاءت غيرها و (بصرى) مدينة معروفة بالشام وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل والله أعلم اهـ نووي، وبصرى أيضًا على ثلاث مراحل من المدينة المنورة والمقصود بالخبر أن هذه النار يبلغ ضوءها إلى بصرى حتى تنور أعناق الإبل القائمة هناك. والظاهر أن هذه العلامة قد وقعت فإنه ذكر غير واحد من المحدثين والمؤرخين أنها خرجت نار من المدينة المنورة بهذه الصفات في ليلة الأربعاء الثالث من جمادى الآخرة سنة (654) والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفتن باب خروج النار [7118].
قال القاضي: وفي الحديث الأول بقعر عدن، وفي الآخر من اليمن فلعلها ناران
7117 -
(2880)(47) حدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُهَيلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ، أَوْ يَهَابَ".
قَال زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِسُهَيلٍ: فَكْم ذلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَال: كَذَا وَكَذَا مِيلًا
ــ
يجتمعان في اليمن ثم يمران على الحجاز فيكون ابتداء خروجها من اليمن وظهورها بالحجاز مقبلة إلى الشام فإذا قاربت الشام أضاءت ما بينها وبين بصرى حتى تُرى بسبب ضوءها أعناق الإبل ببصرى والله أعلم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو ذكر سكنى المدينة وعمارتها بحديث لآخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
7117 -
(2880)(47)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (حدثنا الأسود بن عامر) الشامي أبو عبد الرحمن الملقب بشاذان، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (10) أبواب (عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبلغ المساكن) أي مساكن المدينة (إهاب) بكسر الهمزة (أو يهاب) بفتح الياء وقيل بكسرها، والشك من الراوي، اسم موضع بقرب المدينة يعني أن المدينة تتوسع جدًّا حتى تصل مساكنها إلى ذلك الموضع وهذا لا يكون إلا بكثرة رغبة الناس بالسكون فيها والله أعلم اهـ نووي، قال الأبي: وبلوغ المساكن إليها معجزة وقعت، وقال الطبري: وقعت في زمان بني أمية ثم تقاصرت حتى أقفرت الآن اهـ (قال زهير) بن معاوية بالسند السابق (قلت لسهيل) بن أبي صالح (فكم) مسافة (ذلك) الموضع المذكور من إهاب أو يهاب (من المدينة) المنورة (قال) سهيل مسافتها (كذا وكذا ميلًا) نحو ثلاثة عشر ميلا أو خمسة عشر ميلا والميل الواحد أربعة آلاف خطوة بخطوة البعير، ولم أر في شيء من الكتب تعيين هذا المكان بالضبط ولا على تعيين جهته من المدينة، وإعراب هذا اللفظ كذا وكذا كناية عن العدد لفظه مركب ومعناه مبهم مرفوع على كونه خبرًا لمبتدأ محذوف كما قدرناه وعلامة رفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون البناء الأصلي، ميلًا تمييز له منصوب به لأنه من تمييز الذات، والجملة الاسمية في محل
7118 -
(2881)(48) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، (يَعْنِي ابنَ عَبْدِ الرحْمَنِ)، عَن سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيسَتِ السَّنَةُ بِأنْ لَا تُمْطَرُوا. وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمطَرُوا وَتُمطَرُوا، وَلَا تُنْبِتُ الأَرضُ شَيئًا"
ــ
النصب مقول قال، وقد ذكرنا هذا الإعراب في الدرر البهية في باب الكلام فراجعه.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى من بين الأئمة الستة.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة وهو عدم إنبات الأرض مع وجود المطر بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:
7118 -
(1 288)(48)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله القاري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليست السنة) أي القحط والجدب الجيب (بأن لا تمطروا) من السماء أي ليس القحط العجيب عدم إمطار السماء بل هو قحط عادي لا يتعجب منه (ولكن السنة) أي القحط العجيب (أن تمطروا وتمطروا) مرات كثيرة (و) الحال أنه إلا تنبت الأرض شيئًا) من النبات يعني أن القحط العجيب قحط الأرض من النبات مع وجود المطر لا قحط السماء من المطر لأن هذا عادي، وفي رواية حماد بن سلمة عند أحمد "إن السنة ليس بأن لا يكون فيها مطر" والمراد بالسنة هنا القحط ومنه قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} وليس المراد نفي كونه سنة من حيث اللغة ولكن المراد أن عدم إنبات الأرض بسبب عدم المطر قحط عادي لا عجب فيه ولا غرابة وإنما العجب من قحط ينشأ من عدم إنبات الأرض بالرغم مع كون السماء تمطر وتمطر وفيه إشارة إلى أن مثل ذلك سيقع بقرب من القيامة.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف ولكنه شاركه أحمد [2/ 342 و 358 و 363].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السادس من الترجمة وهو كون الفتنة من المشرق من حيث تطلع قرنا الشيطان بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
7119 -
(2882)(49) حدثنا قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمدُ بن رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا الليثُ، عَن نَافِعٍ. عَنِ ابنِ عُمَرَ؛ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُستقْبِلُ المَشرِقِ يَقُولُ:"أَلا إِن الْفِتنَةَ ههُنَا. أَلا إِن الفِتْنَةَ ههُنَا، مِنْ حَيثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشيطَانِ"
ــ
7119 -
(2882)(49)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد المصري (ح وحدثني محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذان السندان من رباعياته (أنه) أي أن ابن عمر (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل) بوجهه جهة (المشرق) أي سمعه (يقول ألا) أي انتبهوا واستمعوا مني ما أقول (إن الفتنة) والحروب واقعة (ها هنا) أي في هذه الجهة (ألا إن الفتنة) واقعة (ها هنا) أي في هذه الجهة بالتكرار مرتين تأكيدًا، وقوله (من حيث) يدل من اسم الإشارة (من حيث يطلُع) بضم اللام من باب قتل أي إن الفتنة والحروب واقعة في المكان الذي يطلع ويظهر ويقوى فيه (حزب) أي جماعة (الشيطان) وهم كفار مضر وربيعة لأنهم لم يؤمنوا في حياته صلى الله عليه وسلم، قال القسطلاني: وإنما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذا وقع فكان وقعة الجمل ووقعة صفين ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان رضي الله عنه وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم اهـ منه، قال الداودي: للشمس قرن حقيقة، ويحتمل أن يريد بالقرن قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال وهذا أوجه وقيل إن الشيطان يقرن بالشمس عند طلوعها ليقع سجود عبدتها له، قيل ويحتمل أن يكون للشمس شيطان تطلع الشمس بين قرنيه اهـ فتح الباري [13/ 46] وذكر السيوطي أن المراد من قرن الشيطان حزبه وأعوانه يعني من هذا الجانب يعني المشرق يخرج أعوان الشيطان الذين يوقعون الفتنة للمسلمين اهـ مرقاة [11/ 456].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الفتن باب قوله صلى الله عليه وسلم الفتنة من قبل المشرق [7092 و 7093]، والترمذي في الفتن باب بدون ترجمة 22681]، وأحمد [2/ 22 و 92 و 11].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
7120 -
(00)(00) وحدثني عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِي وَمُحَمدُ بْنُ المُثَنَّى. ح وَحَدثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ. كُلُّهُمْ عَن يَحْيَى القَطَّانِ. قَال الْقَوَارِيرِي: حَدثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ. حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عِنْدَ بَابِ حَفصَةَ، فَقَال بِيَدِهِ نَحوَ الْمَشْرِقِ "الْفِتنَةُ ههُنَا مِنْ حَيثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشيطَانِ" قَالهَا مَرتَينِ أَوْ ثَلاثًا.
وَقَال عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَابِ عَائِشَةَ
ــ
7120 -
(00)(00)(وحدثني عبيد الله بن عمر) بن ميسرة (القواريري) البصري (ومحمد بن المثنى ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري النيسابوري (كلهم) أي كل من الثلاثة رووا (عن يحيى القطان قال القواريري حدثني يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني (حدثني نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لليث بن سعد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند باب) حجرة (حفصة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (فقال) أي أشار (بيده) الشريفة، عبّر عن الفعل بالقول وهو شائع في كلامهم (نحو المشرق) أي جهته، فقال (الفتنة) واقعة (ها هنا) أي في جهة المشرق واقعة (من حيث) أي من المكان الذي (يطلع) ويظهر فيه (قرن الشيطان) أي حزبه وأعوانه، قال ابن عمر (قالها) أي قال هذه الكلمة النبي صلى الله عليه وسلم يعني كلمة الفتنة ها هنا .. الخ (مرتين أو) قالها (ثلاثًا) بالشك من الراوي، وقال الحافظ في الفتح: كان المشرق يومئذ أهل كفر من ربيعة ومضر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية فكان الأمر كما أخبر، وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سببًا للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة اهـ منه (وقال عبيد الله بن سعيد) اليشكري (في روايته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب عائشة) رضي الله تعالى عنها، فلا تعارض لأن القيام عند البابين في زمن قريب ممكن لأن حجرتهما متصلتان.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
7121 -
(00)(00) وحدثني حَرْمَلَةُ بن يَحيَى. أخبَرَنَا ابنُ وَهبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ المَشرِق "هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ ههُنَا. هَا إِن الْفِتنَةَ ههُنَا. هَا إِنَّ الفِتنَةَ ههُنَا. مِن حَيثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشيطَانِ".
7122 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَن عِكرِمَةَ بنِ عَمارٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن بَيتِ عَائِشَةَ فَقَال: "رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ ههُنَا، مِن حَيثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشيطَانِ" يَعْنِي المَشرِقَ
ــ
7121 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم لنافع (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو مستقبل المشرق ها) أي انتبهوا (أن الفتنة) واقعة (ها هنا) أي في هذه الجهة يعني جهة المشرق (ها إن الفتنة ها هنا ها إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع) أي في المحل الذي (يطلع) ويظهر فيه (قرن الشيطان) أي حزبه وأعوانه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في هذا الحديث فقال:
7122 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار) العجلي الحنفي أبي عمار اليمامي، صدوق، من (5) روى عنه في (9)(عن سالم) بن عبد الله (عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عكرمة لابن شهاب (قال) ابن عمر (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال رأس الكفر) أي قوته ونشاطه (من ها هنا) أي صادرة من هذه الجهة (من حيث يطلع) ويظهر (قرن الشيطان) أي حزبه وأعوانه (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بههنا (المشرق) أي جانبه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
7123 -
(00)(00) وحدثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، (يَعْنِي ابْنَ سُلَيمَانَ)، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ قَال: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُشِيرُ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ويقُولُ "هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ ههُنَا. هَا إِن الْفِتْنَةَ ههُنَا! ثَلاثًا "حَيثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيطَانِ".
7124 -
(00)(00) حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ (وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبَانَ). قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ
ــ
7123 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا إسحاق يعني ابن سليمان) القيسي الكوفي أبو يحيى الرازي، ثقة، من (9) روى عنه في (5) أبواب (أخبرنا حنظلة) بن أبي سفيان الأسود بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الأموي المكي، ثقة، من (6) روى عنه في (9) أبواب (قال) حنظلة (سمعت سالمًا) بن عبد الله (يقول سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حنظلة لعكرمة بن عمار وابن شهاب (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده) الشريفة (نحو المشرق) أي جهة المشرق، والإشارة لا تسمع فحقها التأخير لأن المسموع هو القول الذي ذكره بقوله (ويقول) وهذا التركيب فيه تقديم وتأخير فحقه أن يقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ها إن الفتنة ها هنا ها إن الفتنة ها هنا ثلاثًا حيث يطلع قرنا الشيطان) أي حزبا الشيطان يعني مضر وربيعة والحال أنه صلى الله عليه وسلم يشير بيده قبل المشرق وهذا نوع من البلاغة ليرد البليغ كل شيء إلى محله.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
7124 -
(00)(00)(حدثنا عبد الله بن عمر) بن محمد (بن أبان) بن صالح بن عمير الأموي مولاهم مولى عثمان المعروف بالجعفي أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (وواصل بن عبد الأعلى) بن هلال الأسدي أبو القاسم الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (وأحمد بن عمر) بن حفص بن جهم بن واقد الكندي (الوكيعي) ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب الصوم وصفة النار والفتن (واللفظ لابن أبان قالوا حدثنا) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي،
عَن أَبِيهِ. قَال: سَمِعْتُ سَالِمَ بن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُم لِلْكَبِيرَةِ، سَمِعْتُ أَبِي، عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إن الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ ههُنَا" وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ "مِنْ حَيثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيطَانِ" وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. وَإِنَّمَا قَتَلَ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ، مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، خَطَأً فَقَال عز وجل لَهُ:{وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40]
ــ
صدوق، من (9) روى عنه في (25) بابا (عن أبيه) فضيل بن غزوان -بسكون الزاي مع فتح المعجمة- بن جرير الضبي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (قال) فضيل (سمعت سالم بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (يقول) وهو يعظ أهل العراق. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة فضيل بن غزوان لمن روى عن سالم (يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة) بفتح اللام فعل تعجب وكذا قوله (وأركبكم للكبيرة) أي شيء عجيب أكثر سؤالكم عن الصغائر والهفوات مما يدل على ورعكم وخشيتكم من الله تعالى حتى تسألون عن الصغيرة وشيء عجيب أكثر ارتكابكم الكبائر واقترافكم للموبقات كإثارة الفتن والتفريق بين المسلمين والخروج على الأئمة وكان ذلك معروفًا من أهل العراق (سمعت أبي) ووالدي (عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الفتنة تجيء) أي تأتي (من ها هنا) أي من هذه الجهة (و) الحال أنه صلى الله عليه وسلم قد (أومأ) وأشار (بيده) الشريفة (نحو المشرق) أي جهته وتجيء (من حيث يطلع) ويظهر (قرنا الشيطان) أي حزبا الشيطان من كفار مضر وربيعة (وأنتم) أيها المسلمين سوف (يضرب بعضكم رقاب بعض) منكم أي يقتل بعضا منكم بتأويل باطل وظن مخطئ (وإنما قتل موسى) بن عمران عليه السلام الرجل (الذي قتل من آل فرعون) وقومه (خطأ) أي قتل خطأ من غير أن يقصد قتله (فقال الله عز وجل له) أي لموسى فيما حكاه عنه في كتابه الكريم {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] والمعنى أن موسى عليه السلام إنما قتل القبطي خطأ ولم يتعمد قتله ومع ذلك أخذه الغم من أجل ذلك كما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم وأنتم يا أهل العراق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقتلون المسلمين عن قصد وعمد بتأويل باطل وظن مخطئ ومع ذلك لا تغتمون على هذه المقاتلة ولا تمتنعون منها والواجب عليكم أن تكفوا عن هذه المقاتلة وترتدعوا عنها في مستقبلكم فيتوب الله عليكم. وفي نسخة: (قال أحمد بن عمر في روايته عن سالم لم يقل سمعت).
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة: الأول حديث نافع بن عتبة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث حذيفة بن أسيد ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثالث حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والرابع حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة، والخامس حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة، والسادس حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***