المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌761 - (5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌757 - (1) باب قيام الناس في عرقهم على قدر أعمالهم ودنو الشمس إليهم وخطبته صلى الله عليه وسلم وتعليمه الناس

- ‌758 - (2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده، وما جاء في عذاب القبر، وسماع الميت قرع النعال، وفي إثبات الحساب، والأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌ كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌759 - (3) باب اقتراب الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج، والخسف بالجيش الذي يوم البيت، ونزول الفتن كمواقع القطر

- ‌760 - (4) باب ذكر حكم تواجه المسلمين بسيفيهما، وهلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، وإخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون إلى يوم القيامة، وذكر الفتنة التي تموج كموج البحر

- ‌761 - (5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

- ‌762 - (6) باب فتوحات المسلمين قبل الدجال والآيات التي تكون قبل الساعة ولا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز وفي سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة وعدم إنبات الأرض مع كثرة المطر وكون الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان

- ‌763 - (7) باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة، وحتى يمر الرجل على القبر فيتمنى أن يكون صاحبه، وأنه يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، وذكر القحطاني والجهجاه، وقتال الترك، وذكر الخليفة الذي لا يعد المال عند قسمته

- ‌764 - (8) باب ذكر قتل عمار، وأغيلمة من قريش تكون فتنة لمن في زمنها، وإذا هلك كسرى…إلخ، وفتح مدينة جانبها في البحر، وقتال اليهود حتى يقول الحجر: يا مسلم، وذكر دجالين بين يدي الساعة

- ‌765 - (9) باب ذكر ابن صياد

- ‌766 - (10) باب ذكر الدجال وصفته وما معه من الفتن

- ‌767 - (11) باب حرمة المدينة على الدجال وقتله المؤمن وإحيائه هناك، وكون الدجال أهون على الله عز وجل، وقدر مكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه

- ‌768 - (12) باب في ذكر حديث الجساسة وما فيه من ذكر الدجال

- ‌769 - (13) باب في بقية أحاديث الدجال وفضل العبادة في الهرج وقُرب الساعة وذكر ما بين النفختين

- ‌ كتاب الزهد

- ‌770 - (14) باب كون الدنيا سجن المؤمن وهوانها عند الله تعالى وما للمرء من ماله وما يحذر من بسط الدنيا ومن التنافس فيها والنهي عن النظر إلى من فوقك في الدنيا

- ‌771 - (15) باب في الابتلاء بالدنيا وكيف يعمل فيها، والخمول فيها والتقلل منها، والتزهيد في الدنيا والاجتزاء بالخشن منها، ورؤية الله في الآخرة ومخاطبة الرب عبده فيها

- ‌772 - (16) باب ضيق معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌773 - (17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب

- ‌ كتاب في أحاديث متفرقة

- ‌774 - (18) باب خلق الملائكة والجان وآدم وأن الفأر مسخ ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين والمؤمن أمره كله خير والنهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وتقديم الأكبر في مناولة الشيء وغيرها والتثبت في الحديث وحكم كتابة العلم وقصة أصحاب الأخدود

- ‌775 - (19) باب في حديث أبي اليسر وحديث جابر الطويل رضي الله تعالى عنهما وحديث الهجرة ويقال له حديث الرحل بالحاء

- ‌ كتاب التفسير

- ‌776 - (20) باب في تفسير قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}

- ‌777 - (21) باب تتابع الوحي قرب وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌778 - (22) باب بيان تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}

- ‌779 - (23) باب تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية

- ‌780 - (24) باب قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

- ‌781 - (25) باب قوله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}

- ‌782 - (26) باب قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}

- ‌783 - (27) باب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}

- ‌784 - (28) باب قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}

- ‌785 - (29) باب في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيتَ النَّاسَ} إلخ

- ‌786 - (30) باب قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}

- ‌787 - (31) باب في قوله تعالى: {وَلَيسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية

- ‌788 - (32) باب في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}

- ‌789 - (33) باب قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [

- ‌790 - (34) باب في قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}

- ‌791 - (35) باب في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} الآية

- ‌792 - (36) باب في بيان سبب نزول سورة براءة والأنفال والحشر، وبيان تسميتها بهذه الأسماء

- ‌793 - (37) باب في نزول تحريم الخمر

- ‌794 - (38) باب نزول قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية

الفصل: ‌761 - (5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

‌761 - (5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

7099 -

(2871)(38) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرحْمَنِ الْقَارِيَّ)، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَقُومُ الساعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ

ــ

761 -

(5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

واستدل المؤلف على الجزء الأول من الترجمة وهو عدم قيام الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب بحديث أبي هريرة الأول رضي الله عنه فقال:

7099 -

(2871)(38)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن طريف الثقفي البلخي (حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاريّ) بتشديد التحتانية نسبة إلى قارة قبيلة من العرب المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن سهيل) بن أبي صالح السمان، صدوق، من (6) روى عنه في (13) بابا (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان، ثقة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة) أي القيامة (حتى يحسر) بكسر السين المهملة من باب ضرب أي حتى ينكشف (الفرات) أي ماؤه ويذهب (عن جبل من ذهب).

قوله (يحسر الفرات) بكسر السين على وزن يضرب أي ينكشف ومنه حسرت المرأة عن وجهها أي كشفت، والحاسر الذي لا سلاح معه وكان هذا إنما يكون إذا أخذت الأرض تقئ ما في جوفها كما تقدم في كتاب الزكاة اهـ مفهم، والفرات نهر مشهور في العراق والمراد من حسره أنه ينكشف لذهاب مائه فيظهر في محله جبل من ذهب، وفي رواية حفص بن عاصم الآتية عن كنز من ذهب فيحتمل أن يكون ما يظهر جبلًا حقيقة فيه كنز من ذهب، ويحتمل أن يكون كنزًا سمى في هذه الرواية جبلًا لكثرة ما فيه من ذهب، وأخرج ابن ماجه في خروج المهدي رقم [4584] عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال

ص: 114

يَقْتَتِلُ الناسُ عَلَيهِ. فَيُقتَلُ، مِن كُلِّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، ويَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم: لَعَلِّي أكُونُ أَنا الذِي أَنْجُو"

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلًا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئًا لم أحفظه" فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوًا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي" وقد ذكر البوصيري في زوائده على ابن ماجه أن إسناده صحيح رجاله ثقات فهذا إن كان المراد بالكنز فيه الكنز الذي في حديث الباب دل على أنه إنما يقع عند ظهور المهدي وذلك قبل نزول عيسى عليه السلام وقبل خروج النار جزمًا أفاده الحافظ في الفتح [13/ 81].

(يقتتل الناس عليه) أي على ذلك الذهب (فيُقتل من كل مائة تسعة وتسعون) والباقي واحد، وفي رواية أبي سلمة عند ابن ماجه رقم [4095](فيُقتل من كل عشرة تسعة) وفي رواية شاذة والمحفوظ ما رواه المؤلف رحمه الله تعالى وسيأتي شاهده من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه ولو صحت رواية ابن ماجه حُملت على التقريب وإلغاء الكسر في نسبة المقتولين إلى العشرة لأن نسبة تسعة وتسعين في مائة حينما تذكر بالنسبة إلى العشرة تكون تسعة وكسرًا والعرب من عادتهم إلغاء الكسر وهذا التوجيه أولى مما ذكره ابن حجر من أنه يمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى قسمين (ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو) فيأخذ المال، مقتضى الظاهر ينجو بصيغة الغائب، قال في المبارق: هذا من قبيل قوله: أنا الذي سمتني أمي حيدرة. فنظر إلى المبتدأ وحمل الخبر عليه ولم ينظر إلى الموصول الذي هو غائب والمعنى يقاتل كل رجل راجيًا أن يكون هو الناجي من القتل فيأخذ المال اهـ منه، وعبارة القسطلاني والأصل أن يقول أنا الذي أفوز به فعدل إلى قوله أنجو لأنه إذا نجا من القتل تفرد بالمال وملكه اهـ والمعنى يقتحم كل رجل القتال مع ما يرى من شدته لأنه يرجو أن يكون هو الناجي فيفوز بالكنز دون غيره.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفتن باب خروج النار [7119]، وأبو داود في الملاحم باب حسر الفرات عن كنز [4313 و 4314]، والترمذي في صفة الجنة بدون ترجمة [2569 و 2570]، وابن ماجه في الفتن باب أشراط الساعة [4095].

ص: 115

7100 -

(00)(00) وحدثني أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن زُرَيعٍ. حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ سُهَيلٍ، بِهذَا الإِسنَادِ، نَحوَهُ. وَزَادَ: فَقَال أَبِي: إِن رَأَيتَهُ فَلَا تَقْرَبَنَّهُ.

7101 -

(00)(00) حدثنا أَبُو مَسعُودٍ، سَهلُ بن عُثمَانَ. حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بن خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، عَن عُبَيدِ اللهِ،

ــ

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7100 -

(00)(00)(وحدثني أمية بن بسطام) بن المنتشر العيشي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا يزيد بن زريع) مصغرا التيمي العيشي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (حدثنا روح) بن القاسم التميمي العنبري البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابا (عن سهيل) بن أبي صالح السمان. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة روح ليعقوب بن عبد الرحمن القاري، وساق روح (بهذا الإسناد) يعني عن أبيه عن أبي هريرة (نحوه) أي نحو حديث يعقوب (و) لكن (زاد) روح لفظة، قال سهيل (فقال) لي (أبي) أبو صالح السمان (أن) أدركت ذلك الكنز و (رأيته فلا تقربنه) أي فلا تقربن ذلك الكنز لأنه حرام عليك لأنه مال مشترك بين المسلمين فلا يحل إلا بإقطاع الإمام، قال القرطبي: النهي على أصله من التحريم لأنه ليس ملكا لأحد وليس بمعدن ولا ركاز فحقه أن يكون في بيت المال ولأنه لا يوصل إليه إلا بقتل النفوس فيحرم على كل أحد أخذه اهـ من المفهم، وفي رواية حفص الآتية (فمن حضره فلا يأخذ منه شيئًا) قيل والسبب في منع الأخذ من هذا الكنز ما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال كما تقدم في الرواية السابقة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7101 -

(00)(00)(حدثنا أبو مسعود سهل بن عثمان) بن فارس الكندي العسكري نزيل الري، ثقة، من (10) لم يرو عنه غير (م) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عقبة بن خالد) بن عقبة (السكوني) بفتح السين وضم الكاف نسبة إلى سكون بوزن صبور بطن من كندة، وينسبون إلى السكون بن أشرس كما في الأنساب للسمعاني أبو مسعود الكوفي، صدوق، من (8) روى عنه في (6) أبواب (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص

ص: 116

عَن خُبَيبِ بنِ عَبدِ الرحْمَنِ، عَنْ حَفصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أنْ يَحْسِرَ عَن كَنْزٍ مِن ذَهَبٍ. فَمَن حَضَرَهُ فَلَا يَأخُذ مِنْهُ شَيئًا".

7102 -

(00)(00) حدثنا سَهْلُ بن عُثمَانَ. حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بن خَالِدٍ، عَن عُبَيدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبدِ الرحمَنِ الأَعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أَن يَحْسِرَ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ فَمَن حَضَرَهُ فَلَا يَأخُذْ مِنهُ شَيئًا"

ــ

العمري المدني (عن خبيب بن عبد الرحمن) بن خبيب بن يساف بفتح أوله وثانيه مخففًا الأنصاري المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (7) أبواب (عن حفص بن عاصم) بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة حفص بن عاصم لأبي صالح السمان (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك) أي يقرب (الفرات أن يحسر) أي أن ينكشف (عن كنز من ذهب فمن حضره) أي حضر ذلك الكنز (فلا يأخذ منه شيئًا) بالجزم على النهي، وإنما نهى عن الأخذ منه لما ينشأ عن الأخذ من الفتنة والقتال عليه القسطلاني.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7102 -

(00)(00)(حدثنا سهل بن عثمان) الكندي العسكري (حدثنا عقبة بن خالد) السكوني الكوفي (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي المدني (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لحفص بن عاصم (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الفرات أن يحسر) أي ينكشف (عن جبل من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئًا).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما فقال:

ص: 117

7103 -

(2872)(39) حدثنا أَبُو كَامِلٍ، فُضَيلُ بن حُسَينٍ وَأبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ (وَاللفْظُ لأَبِي مَعْنٍ). قَالا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا عَبدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي أَبِي، عَن سُلَيمَانَ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ. قَال: كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. فَقَال: لَا يَزَالُ الناسُ مُختَلِفَةً أعنَاقُهُم فِي طَلَبِ الدُّنْيَا. قُلتُ: أَجَلْ. قَال: إِني سَمِعْتُ

ــ

7103 -

(2872)(39)(حدثنا أبو كامل) الجحدري (فضيل بن حسين) البصري (وأبو معن الرقاشي) زيد بن يزيد الثقفي البصري، ثقة، من (11) لم يرو عنه غير (م) روى عنه في (6) أبواب (واللفظ لأبي معن قالا حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي البصري، ثقة ثبت، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم الأنصاري المدني، صدوق، من (6) روى عنه في (9) أبواب (أخبرني أبي) جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري الأوسي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن سليمان بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة المدني أحد الفقهاء السبعة، ثقة، من (3) روى عنه في (14) بابا (عن عبد الله بن الحارث بن نوفل) بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي أبي محمد المدني، أمير البصرة، له رؤية ولأبيه وجده صحبة، حنكه النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة، من (2) روى عنه في (6) أبواب (قال) عبد الله (كنت واقفًا) يومًا (مع أُبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني سيد القراء وكاتب الوحي رضي الله عنه روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من سباعياته (فقال) أُبي (لا يزال الناس مختلفة أعناقهم) جمع عنق وهو ما بين الرأس والكتف أي مختلفة أعناقهم (في طلب الدنيا) قال النووي: قال العلماء المراد بالأعناق الرؤساء والكبراء وقبل الجماعات يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة، قال القاضي: وقد يكون المراد بالأعناق نفسها وعبّر بها عن أصحابها لا سيما وهي التي بها التطلع والتشوف للأشياء اهـ وكنى باختلافها عن تطلع أعناق الرجال وتشوفها لحطام الدنيا، ولفظ رواية الصلت بن عبد الله عند أحمد "ألا ترى الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا" وهو في التفسير الأخير أظهر اهـ. قال عبد الله بن الحارث (قلت) لأبي (أجل) أي نعم مختلفة أعناقهم في طلبها (قال) أُبي (سمعت

ص: 118

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَإِذَا سَمِعَ بِهِ الناسُ سَارُوا إِلَيهِ. فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكنَا الناسَ يَأخُذُونَ مِنْهُ لَيُذهبَنَّ بِهِ كُلِّهِ. قَال فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيهِ. فَيُقْتَلُ، مِنْ كُلِّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ".

قَال أَبُو كَامِلٍ فِي حَدِيثِهِ: قَال: وَقَفْتُ أنا وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي ظِلِّ أُجُمِ حَسانَ.

7104 -

(2873)(40) حدثنا عُبَيدُ بْنُ يَعِيشَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (وَاللفْظُ لِعُبَيدٍ)، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بنِ سُلَيمَانَ،

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوشك الفرات) ويقرب (أن يحسر) وينكشف (عن جبل من ذهب فإذا سمع به) أي بإنكشافه عن ذهب (الناس ساروا) أي ذهبوا (إليه) أي إلى ذلك الذهب (فيقول من عنده) أي من عند ذلك الذهب والله (لئن تركنا الناس) حالة كونهم (يأخذون منه) أي من ذلك الذهب (ليذهبن به) بضم الياء على صيغة المبني للمجهول (كله) بالجر على كونه تأكيدًا للضمير المجرور العائد إلى الذهب يعني أن الكنز كله يذهب به الآخرون ولا يتركوا لنا شيئًا أي لئن تركنا الناس على أخذه ليأخذون كله ولا يبقون لنا شيئًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيقتتلون عليه) أي على ذلك الكنز (فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون) رجلًا (قال أبو كامل) الجحدري (في حديثه) أي في روايته (قال) عبد الله بن الحارث (وقفت أنا وأُبي بن كعب في ظل أجم) أي حصن (حسان) بن ثابت، والأجم بضم الهمزة والجيم الحصن وجمعه آجام كأطم وآطام في الوزن، والمعنى يعني أن أُبي بن كعب رضي الله عنه حدّث بهذا الحديث حينما كنا واقفين في ظل حصن حسان.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد [5/ 139].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

7104 -

(2873)(40)(حدثنا عبيد بن يعيش) بفتح الياء وكسر العين المهملة على وزن المضارع المحاملي الكوفي، ثقة، من (15) روى عنه في (3) أبواب (وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (واللفظ لعبيد قالا حدثنا يحيى بن آدم بن سليمان)

ص: 119

مَولَى خَالِدِ بنِ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ، عَن سُهَيلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنَعَتِ العِرَاقُ دِرهَمَهَا وَقَفِيزَهَا. وَمَنَعَتِ الشَّأمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا. وَمَنَعَت مِصْرُ إِردَبَّهَا وَدِينَارَهَا. وَعُدْتُم مِن حَيثُ بَدَأْتُم. وَعُدْتُم مِن حَيثُ بَدَأتم. وَعُدتُمْ مِن حَيثُ بَدَأتم"

ــ

الأموي مولاهم (مولى خالد بن خالد) أبو زكرياء الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن سهيل بن أبي صالح) السمان، صدوق من (6)(عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا (منعت العراق) أي أهلها (درهمها وقفيزها) أي أبت وامتنعت من صرف زكاة نقودهم وحبوبهم وثمارهم تتبعًا لليهود والنصارى لسيطرتهم واستيلائهم على المسلمين في كل البلدان لنشرهم نظامهم ورفض المسلمين شريعتهم، والقفيز مكيال معروف في العراق يسع اثني عشر صاعًا وهو ثمانية مكاكيك يعني أنهم أبوا عن صرف زكاتهم تتبعًا بنظام النصارى وعملًا به (ومنعت الشام) أي أهلها (مديها) أي عن أن يصرفوا مديها (ودينارها) في الزكاة تمسكًا بنظام النصارى لغلبتهم على المسلمين كما هو شأن أغلب المسلمين اليوم في صلواتهم، والمدي بضم الميم وسكون الدال على وزن قفل مكيال معروف لأهل الشام يسع خمسة عشر مكوكًا والمكوك صاع ونصف فيكون المدى اثنين وعشرين صاعًا ونصف صاع (ومنعت مصر) أي أهلها (إردبها) بكسر الهمزة وسكون الراء وفتح الدال وتشديد الباء مكيال معروف لأهل مصر يسع أربعة وعشرين صاعًا (ودينارها وعدتم) الواو زائدة في وجوب إذا المقدرة أي إذا أبيتم من صرف زكاة أموالكم في نقودها وحبوبها وثمارها ورفضتم أصول دينكم عدتم أي رجعتم (من حيث بدأتم) أي رجعتم إلى الحالة كنتم عليها حيث بدأتم هذا الدين من الغرابة أي رجع دينكم إلى الغرابة كما كان عليها في حال بدايته وهو بمعنى حديث "بدأ الدين غريبًا وسيعود غريبًا"، وقوله (وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم) مرتين توكيد لفظي للمرة الأولى، قال القاضي عياض: وهذا الحديث بمعنى "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا" قال الأبي: وقوله (وعدتم من حيث بدأتم) يحتمل أن يكون الجواب والواو زائدة كواو الثمانية عند الفقهاء، وواو وفتحت عند المفسرين، ويحتمل أن لا تكون زائدة بل عاطفة والجواب محذوف تقديره يكون كذا وكذا على حسب ما يقتضيه المقام من التقديرات

ص: 120

شَهِدَ عَلَى ذلِكَ لَحمُ أَبِي هُرَيرَةَ وَدَمُهُ.

7105 -

(2874)(41) حدثني زُهَيرُ بن حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بن مَنصُورٍ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بن بِلالٍ. حَدَّثَنَا سُهَيلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقٍ

ــ

كأن يقال هنا إذا منعت العراق درهمها وقفيزها .. الخ اقتربت الساعة وقامت القيامة وانتهى أجل الدنيا اهـ من الأبي بزيادة وتصرف والله تعالى أعلم بكلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وحاصل معناه أن الإسلام بدأ في قلة من العدد والعُدد وسيعود إلى تلك الحالة في آخر الزمان. قال أبو هريرة مبالغة في تقرير هذا الحديث (شهد على) كون (ذلك) الحديث الذي حدثته لكم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (لحم أبي هريرة ودمه) وعظمه وعصبه وجميع أجزائه والله سبحانه وتعالى أعلم، وقال القرطبي: معناه أي صدق بهذا الحديث وشهد بصدقه كل جزء من أبي هريرة ومعناه أن هذا الحديث حق في نفسه ولا بد من وقوعه اهـ مفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الخراج باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة [3035]، وأحمد في مسنده [2/ 262].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو فتح القسطنطينية مع ما معه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7105 -

(2874)(41)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا معلى بن منصور) الحنفي أبو يعلى الرازي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابًا (حدثنا سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو) قال: النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي حتى ينزل الروم (بدابق) والأعماق بفتح الهمزة وبالعين المهملة قال الحموي في معجم البلدان [1/ 222] إنها كورة قرب دابق بين حلب وأنطاكية والدابق بفتح الباء الموحدة وكسرها وهو الصحيح، قال الحموي في معجم البلدان [3/ 416] إنها قرية قرب حلب

ص: 121

فَيَخْرُجُ إِلَيهِمْ جَيشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. مِن خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. فَإِذَا تَصَافُّوا قَالتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَينَنَا وَبَينَ الذِينَ سُبُوْا مِنَّا نُقَاتِلهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا. وَاللهِ، لَا نُخَلِّي بَينَكُمْ وَبَينَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ

ــ

من أعمال عزاز بينها وبين حلب أربعة فراسخ عندها مرج معشب نزه كان ينزله بنو مروان إذا غزا الصائفة إلى ثغر مصيصة وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان، وفي صحاح الجوهري: الأغلب في الدابق التذكير والصرف لأنه في الأصل اسم نهر وقد يؤنث ولا يُصرف والشك من الراوي اهـ دهني؛ أي حتى ينزل الروم بأحد هذين الموضعين لقتال المسلمين في آخر الزمان (فيخرج إليهم) أي إلى الروم (جيش) من المسلمين لدفاع الروم (من المدينة) أي من مدينة حلب لأن الأعماق ودابقًا موضعان بقريب حلب وقيل المراد من المدينة دمشق وقال في الأزهار: وأما ما قيل من أن المراد بالمدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضعيف لأن المراد بالجيش الخارج إلى الروم جيش المهدي بدليل آخر الحديث ولأن المدينة المنورة تكون خرابًا في ذلك الوقت؛ أي يخرج إليهم جيش كائن (من خيار) وأفاضل (أهل الأرض يومئذ) أي في ذلك الوقت لأنهم جيش المهدي (فإذا تصافوا) أي تصاف كل من الفريقين وقاموا صفًّا صفًّا للقتال (قالت الروم) ونادوا بقولهم (خلوا بيننا) أي فضوا بيننا (وبين الذين سبوا منا) أولادنا أولًا (نقاتلهم) أي نقتلهم قتلًا ذريعًا فاشيًا. وقوله (سبوا) رواه بعضهم بفتح السين والباء على صيغة المبني للفاعل ومرادهم على هذه الرواية أننا لا نريد أن نقاتل إلا الرجال الذين غزوا بلادنا وسبوا ذرارينا وإنما يريدون بتلك المقالة مخاتلة المسلمين ومخادعة بعضهم عن بعض ويبغون بها تفريق كلمتهم فإنهم يظهرون الصداقة لمن لم يسب منهم أحدًا، ورواه الآخرون (سُبوا) بضم السين والباء على صيغة المبني للمجهول ومعناه أننا إنما نريد أن نقاتل الذين كانوا منا أولًا فسباهم المسلمون حتى أسلموا بعد إقامتهم بدار الإسلام وجعلوا يقاتلوننا من هناك، وصوّب القاضي رواية من بناه للفاعل لكن قال النووي: كلاهما صحيح لأنهم سبوا أولًا ثم سبوا الكفار وهذا موجود في زماننا بل معظم عساكر الإسلام في بلاد الشام ومصر سُبوا أولًا ثم هم اليوم بحمد الله تعالى يسبون الكفار وقد سبوا في زماننا مرارا كثيرا يسبون في المرة الواحدة من الكفار ألوفًا كثيرة (فيقول المسلمون لا) نخليكم (والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا) المسلمين (فيقاتلونهم) أي

ص: 122

فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيهِمْ أَبدًا. وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ. وَيَفْتَتِحُ الثلُثُ. لَا يُفتنُونَ أَبدًا. فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ. فَبَينَمَا هُمْ يَقتَسمُونَ الْغَنَائِمَ، قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيتُونِ، إذْ صَاحَ فِيهِمُ الشيطَانُ: إنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ

ــ

فيقاتل المسلمون الروم (فينهزم ثلث) من جش المسلمين (لا يتوب الله عليهم) أي على أولئك المنهزمين (أبدًا) يعني أن ثلثًا من جماعة المسلمين ينهزمون أمام أهل الروم الكفار فلا يلهمون التوبة عن فرارهم من الزحف ويموتون، وفي صحيفة أعمالهم هذا الذنب، قال القرطبي: لأنهم فروا من الزحف حيث لا يجوز لهم الفرار فلا يتوب الله عليهم أي لا يلهمهم إياها ولا يعينهم عليها بل يصرون على ذنبهم ذلك ولا يندمون عليه، ويجوز أن يكون معنى ذلك أنه تعالى لا يقبل توبتهم وإن تابوا ويكونون هؤلاء ممن شاء الله تعالى أن لا تقبل توبتهم لعظيم جرمهم اهـ من المفهم، وقال علي القاري في المرقاة [1/ 147] وهذا كناية عن موتهم على الكفر وتعذيبهم على التأبيد (ويُقتل ثلثهم) أي ثلث المسلمين هم (أفضل الشهداء عند الله) يوم القيامة (ويفتح) أي يغلب (الثلث) الباقي من المسلمين الكفار حالة كون أولئك الثلث (لا يفتنون) في دينهم (أبدًا) بالبناء للمفعول يعني أنهم لا يقعون في فتنة الكفر أبدا وتحسن عاقبتهم والله أعلم، وقيل لا تقع بينهم فتنة الاختلاف وغيره اهـ دهني (فيفتتحون) أي يفتح هذا الثلث الباقي مدينة (قسطنطينية) بضم القاف وسكون السين وضم الطاء الأولى وكسر الثانية بعدها ياء ساكنة ثم بعدها نون هذا هو المشهور في ضبطها، وضبطها بعضهم بزيادة ياء مشددة بعد النون وهي مدينة عظيمة من أعظم بلاد الروم ولعل المراد من الروم النصارى لأن أهل الروم كانوا يومئذ نصارى، قال ابن ملك: قيل في بعض النسخ (فيفتحون) بتاء واحدة وهو الأصوب لأن الافتتاح أكثر ما يُستعمل بمعنى الاستفتاح فلا يقع موقع الفتح اهـ دهني (فبينما هم) أي المسلمون (يقتسمون الغنائم) أي غنائم القسطنطينية، والحال أنهم (قد علقوا سيوفهم بالزيتون) أي بشجره (إذ صاح) ونادى (فيهم) أي في المسلمين (الشيطان) بقوله (أن المسيح قد خلفكم في أهليكم) أي في دياركم والمراد بالمسيح الدجال سُمي بذلك لأن عينه اليسرى ممسوحة اهـ مبارق، قال القرطبي: كذا الرواية الجيدة (خلفكم) مخففة اللام بغير ألف أي خلفكم بشر يقال خلفك الرجل في أهلك بخير أو بشر، وقد تقدم قوله

ص: 123

فَيَخْرُجُونَ. وَذلِكَ بَاطِلٌ. فَإذَا جَاؤُوا الشَّأمَ خَرَجَ. فَبَينَمَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتالِ، يُسَوُّونَ الصفُوفَ، إذْ أُقِيمَتِ الصلاة. فَينْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأمَّهُمْ. فَإِذَا رَآه عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ. فَلَوْ تَرَكَهُ لانَذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ. وَلكِنْ يقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ. فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ"

ــ

صلى الله عليه وسلم "من خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا" متفق عليه، وقد رواه بعضهم خالفكم والأول أجود لأن خالف يتعدى بإلى وخلف يتعدى بفي ورد خالف إلى خلف يجوز اهـ من المفهم (فيخرجون) من القسطنطينية (وذلك) أي والحال أن خبر خروج الدجال (باطل) أي كذب (فإذا جاؤوا) أي جاء المسلمون من القسطنطينية (الشام) أي إلى الشام أي إلى إيلياء قرية بيت المقدس بدليل ما بعده (خرج) الدجال يحتمل أن يكون مجيئهم إلى الشام وخروج الدجال متصلًا بفتح القسطنطينية ويحتمل أن يكون ذلك بعد الفتح بكثير (فبينما هم) أي المسلمون (يُعدون) أي يستعدون ويتأهبون (للقتال) أي لقتال الدجال وأتباعه من اليهود والنصارى، وقد (يسوون الصفوف) أي لصلاة الصبح (إذ أقيمت الصلاة) أي أقام المؤذن لصلاة الصبح (فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء في مطر خفيف ينزل وقتئذ (فأمهم) عيسى عليه السلام أي فاقتدى عيسى بإمام المسلمين وهو المهدي، وفي المبارق: أي قصد عيسى المسلمين الاقتداء بهم لأخذ سنة رسولهم منهم لا أنه يؤمهم ويقتدون به كذا قاله الطيبي، وقيل الضمير المنصوب في أمهم يعود إلى الدجال وأتباعه يعني قصدهم عيسى بعد فراغهم من صلاة الصبح بإهلاكهم كذا في المبارق، وقد بسطنا الكلام في هذا المقام في كتاب الإيمان في شرحنا هذا فراجعه (فإذا رآه) أي رأى (عدو الله) وهو الدجال عيسى عليه السلام (ذاب) عدو الله واسترخى ولان جسمه (كما يذوب الملح في الماء فلو تركه) عيسى بلا قتل (لانذاب) عدو الله (حتى يهلك) ويموت (ولكن يقتله الله) تعالى أي يقتل الدجال (بيده) أي بيد عيسى عليه السلام (فيريهم) أي فيري المسلمين عيسى (دمه) أي دم الدجال (في حربته) أي في رمحه.

قوله (فلو تركه لانذاب) .. الخ يعني أنه كان من الممكن أن يهلك الدجال من غير أن يقتله عيسى عليه السلام لكونه ينذاب أمامه كما ينذاب الملح في الماء ولكن أراد الله أن يقتله بيد عيسى عليه السلام فيريهم دمه في حربته ليزداد كونه ساحرًا في قلوب المؤمنين.

ص: 124

7106 -

(2875)(42) حدثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ الليثِ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي الليثُ بْنُ سَعدٍ. حَدثَنِي مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، عَن أَبِيهِ، قَال: قَال الْمُسْتَوْرِدُ القُرَشِيُّ، عِندَ عَمرِو بنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقُومُ الساعَةُ وَالرُّومُ أكثَرُ الناس". فَقَال لَهُ عَمْرٌو: أبصِرْ مَا تَقُولُ. قَال: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال:

ــ

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو قيام الساعة والروم أكثر الناس بحديث المستورد بن شداد رضي الله عنه فقال:

7106 -

(2875)(42)(حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث) الفهمي المصري، ثقة، من (11)(حدثني عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري، ثقة، من (9)(أخبرني الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة، من (7)(حدثني موسى بن عُلي) بضم أوله مصغرًا بن رباح بالموحدة اللخمي المصري وُلي إمرة مصر للمنصور ست سنين، صدوق، من (7) روى عنه في (3) أبواب (عن أبيه) علي بن رباح بن قصير ضد الطويل اللخمي المصري، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب، قيل سبب تسميته عُليًّا بالتصغير أن بني أمية إذا سمعوا بمولود يُسمى عليًّا قتلوه فبلغ ذلك رباحًا فقال هو علي بضم العين ذكره الحافظ في التهذيب (قال) عُلي بن رباح (قال المستورد) بن شداد (القرشي) الفهري رضي الله عنه (عند عمرو بن العاص) بن وائل بن سهم القرشي رضي الله عنه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من سداسياته (تقوم الساعة والروم أكثر الناس) ولعل المراد من الروم النصارى لأن أهل الروم يومئذ نصارى وقد تحقق ذلك باتساع دينهم في الآفاق ويكثرون بقرب من القيامة، قال القاضي عياض: هذا الحديث ظهر صدقه فإنهم اليوم أكثر إلا من يأجوج ومأجوج فإنهم عمروا من الشام إلى منقطع أرض الأندلس واتسع دين النصرانية اتساعًا لم تتسعه أمة اهـ (فقال له) أي للمستورد (عمرو) بن العاص (أبصر) أي تيقن بقلبك (ما تقول) يا مستورد وفكر فيه وتثبت، كأنه نبه المستورد ليتثبت في نقل الحديث (قال) المستورد (أقول) أنا (ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أزد عليه (قال) عمرو لمستورد: والله

ص: 125

لَئِنْ قُلتَ ذلِكَ، إِن فِيهِمْ لَخِصَالًا أَربَعًا: إِنَّهُم لأَحْلَمُ الناسِ عِندَ فِتنَةٍ. وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعدَ مُصِيبَةٍ. وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ. وَخَيْرُهُمْ لِمسكِينٍ ويتِيمٍ وَضَعِيفٍ. وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ

ــ

(لئن قلت ذلك) الذي قلت فيهم وهو قيام الساعة وهم أكثر الناس فذلك أحق بهم، وذلك (إن فيهم لخصالًا أربعًا) محمودة فلذلك كانوا أكثر الناس، قال الأبي: وهو مدح لتلك الأوصاف لا أنها مدح لهم من حيث اتصافهم بها، ويحتمل أنه إنما ذكرها من حيث أنها سبب لكثرتهم، قال الطبري: وهذه الخلال الأربع الحميدة لعلها كانت في الروم التي أدرك وأما اليوم فهم أنجس الخليقة، وعلى الضد من تلك الأوصاف، ويستنبط منه أنه لا بأس بمدح الأوصاف الحسنة وإن وجدت في الكفار ويحسن ذكرها على سبيل الاعتبار ولحض المسلمين على الأخذ بها فإنهم أحق بها وأهلها والحكمة ضالة ثم فصل تلك الخصال بقوله (إنهم) أي إن الروم (لأحلم الناس عند فتنة) أي لأصبر الناس عند حصول شدة ومهلكة (وأسرعهم إفاقة) من الحزن (بعد) حصول (مصيبة) وتجرعها (وأوشكهم) أي أسرعهم (كرة) أي رجوعًا إلى العدو (بعد فرة) أي بعد فرار منهم. وقوله (وأوشكهم) اسم تفضيل من وشك بوزن كرم بمعنى أسرع، والكرة بعد الفرة رجوع الجيش وصولته بعد انهزامه، وفراره يعني أنهم يسرعون في الهجوم بعد فرارهم (وخيرهم) أي خير الناس وأرحمهم وأشفقهم (لمسكين) وفقير (و) و (يتيم) لا أب له بإصلاح أموره (و) و (ضعيف) في الخلقة كالزمن والأقطع والأعرج أو بالمرض (و) لهم أيضًا خصلة (خامسة) لهذه الأربع (حسنة جميلة) كأنه تذكر صفة خامسة بعدما عد الأربعة فذكرها وإنما وصف هذه الخصلة الخامسة بكونها حسنة جميلة مع أن ما قبلها كان حسنًا أيضًا لأنها في نظره أحسن الجميع أو المراد أنها حسنة أيضًا وبين تلك الخامسة بقوله (وأمنعهم) أي أمنع الناس (من ظلم الملوك) أي أنهم يمنعون الملوك من الظلم أو أنهم يحمون الناس من ظلم الملوك، وذكر أحمد في مسنده ولم يذكر (وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة) وجعل هذه الخامسة رابعة.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد في مسنده [4/ 230].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث المستورد رضي الله عنه فقال:

ص: 126

7107 -

(00)(00) حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التجِيبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدثَنِي أَبُو شُرَيحٍ؛ أن عَبْدَ الْكَرِيم بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ؛ أن الْمُسْتَوْرِدَ الْقُرَشِيَّ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقُومُ الساعَةُ وَالرُّومُ أكثَرُ الناسِ". قَال: فَبَلَغَ ذلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَال: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تُذكَرُ عَنْكَ أَنكَ تَقُولهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال لَهُ الْمُسْتَورِدُ: قُلْتُ الذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَقَال عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذلِكَ،

ــ

7107 -

(00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى التجيبي) المصري (حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا أبو شريح) عبد الرحمن بن شريح بن عبيد الله المعافري بفتح الميم والمهملة الإسكندراني، ثقة، من (7) روى عنه في (4) أبواب (أن عبد الكريم بن الحارث) بن يزيد الحضرمي أبي الحارث المصري روى عن المستورد مرسلًا، ثقة، من (6) روى عنه في (2) بابين الجهاد والفتن (حدثه) أي حدّث لأبي شريح (أن المستورد) بن شداد (القرشي) الفهري الصحابي الشهير رضي الله عنه (قال) المستورد (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الكريم لعلي بن رباح، قال النووي: وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: عبد الكريم لم يدرك المستورد فالحديث مرسل (قلت) لا استدراك على مسلم في هذا لأنه ذكر الحديث بحروفه في الطريق الأول من رواية عُلي بن رباح عن أبيه عن المستورد متصلًا وإنما ذكر الطريق الثاني متابعة وقد سبق أنه يحتمل في المتابعة ما لا يحتمل في الأصول، وقد سبق أيضًا أن مذهب الشافعي والمحققين أن الحديث المرسل إذا رُوي من جهة أخرى متصلًا احتج به وكان صحيحًا اهـ منه. أي قال المستورد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (تقوم الساعة والروم أكثر الناس، قال) عبد الكريم (فبلغ ذلك) الحديث الذي قاله المستورد (عمرو بن العاص فقال) عمرو للمستورد (ما هذه الأحاديث التي تُذكر) بالبناء للمفعول أي تُروى (عنك أنك تقولها) وترويها (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له) أي لعمرو (المستورد قلت) أي حدثت أنا الحديث (الذي سمعت) بأذني (من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غيره وما كذبت عليه صلى الله عليه وسلم (قال) المستورد (فقال) لي (عمرو) والله (لئن قلت) وحدثت (ذلك)

ص: 127

إِنَّهُم لأَحْلَمُ النَّاسِ عِندَ فِتنَةٍ. وَأجبَرُ الناسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ. وَخَيرُ الناسِ لِمَسَاكِينِهِم وَضُعَفَائِهِمْ.

7108 -

(2876)(43) حدثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. كِلاهُمَا عَنِ ابنِ عُلَيَّةَ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ حُجْرٍ)، حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بن إِبْرَاهِيمَ، عَن أَيوبَ، عَنْ حُمَيدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ العَدَوي، عَن يُسَيرِ بْنِ جَابِرٍ

ــ

الحديث الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم حقيق بذلك أي بكونهم أكثر الناس وقت قيام الساعة وذلك (إنهم) أي إن الروم (لأحلم الناس) وأصبرهم (عند) وقوع (فتنة) وبلية (وأجبر الناس عند مصيبة) أي أنهم يجبرون ما أصابهم من نقص عند مصيبة ويتلافون ذلك، كذا رواية الجمهور وهو من جبرت العظم والرجل إذا شددت مقافره، وقد فُسّر معنى هذه الرواية في الرواية الأولى التي قال فيها (وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة) ووقع لبعضهم (أصبر الناس) بدل أجبر الناس، والأول أصح وأحسن لمطابقة الرواية الأولى يعني (وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة) وهذا بمعنى أخبر، ولبعضهم (أخبر الناس) بالخاء المعجمة بمعنى أنهم أخبر بعلاج المصيبة (وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال بحديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:

7108 -

(2876)(43)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر) بن إياس السعدي المروزي، ثقة، من (9) روى عنه في (11) بابا (كلاهما) رويا (عن) إسماعيل (بن علية) الأسدي البصري (واللفظ لابن حجر) قال ابن حجر (حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم المعروف بابن علية (عن أيوب) السختياني (عن حميد بن هلال) العدوي البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي قتادة العدوي) البصري مختلف في صحبته اسمه تميم بن نذير، ويقال ابن الزبير، وقيل نذير بن قنفذ، وقيل تميم بن يزيد، روى عن عمران بن حصين في الإيمان، ويسير بن جابر في الفتن، ويقال أسير بن جابر، ويروي عنه (م دس) وحميد بن هلال وإسحاق بن سويد، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، له عندهم حديثان (عن يسير بن جابر) ويقال فيه أسير أبو الخباز العبدي الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (3) أبواب له رؤية، مات سنة (85)

ص: 128

قَال: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ. فَجَاءَ رَجُلٌ لَيسَ لَهُ هِجِّيرَى إلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ الساعةُ. قَال: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَال: إِن الساعَةَ لَا تَقُومُ، حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثُم قَال بِيَدِهِ هَكذَا - (وَنَحَّاهَا نَحوَ الشَّأمِ) - فَقَال: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلامِ ويجْمَعُ لَهُم أَهْلُ الإِسْلامِ. قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟

ــ

خمس وثمانين (قال) يسير (هاجت) وعصفت (ريح) شديدة (حمراء بالكوفة) أحمرت بها السحاب ويبست بها الشجر وانكشفت الأرض فظهرت حمرتها (فجاء رجل) إلى عبد الله بن مسعود لم أر من ذكر اسمه (ليس له) أي لذلك الرجل (هجيري) بكسر الهاء وتشديد الجيم في آخرها ألف مقصورة، وضبطه أبو الفتح الشاشي التميمي هجيرًا على وزن فعيلًا بالتنوين، وضبطه العذري هجيرًا على وزن خمير (قلت) وكلاهما لغة صحيحة، قال الجوهري: الهجير مثل الفسيق الدأب والعادة والديدن وكذلك الهجِّيرى والإهجِيرى، يقال ما زال ذلك هجيراه وإهجيراه وإجرياه أي دأبه وعادته، قال غيره: وهجيرى أفصحها أي فجاء رجل إلى ابن مسعود ليس له دأب وعادة وديدن في محاورته مع ابن مسعود إذا استغرب شيئًا (إلا) قوله (يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة) وقامت القيامة يعني أن هذا الرجل كلما رأى شيئًا استغربه جاء إلى عبد الله بن مسعود، وقال: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، فلما رأى الريح الحمراء تهيج زعم أن القيامة جاءت فأتى عبد الله بن مسعود وأخبره بزعمه. وهذا السند من سباعياته (قال) يسير (فقعد) ابن مسعود (وكان) عبد الله أولًا (متكئًا) أي معتمدًا على شيء (فقال) عبد الله (إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة) يعني أن القيامة لا تقوم حتى يقع قتال شديد يكثر فيه القتل بحيث لا يكون لمورث من يرث ماله ولا يفرح المنتصرون بما غنموا من الأموال لأن حزنهم على قتلاهم أشد من ذلك (ثم قال) عبد الله أي أشار (بيده هكذا) أي رفعها (ونحاهما) أي وجهها (نحو الشام) أي جهة الشام (فقال) عبد الله (عدو) مبتدأ خبره (يجمعون) وسوغ الابتداء بالنكرة قصد الإبهام أو وصفه بصفة محذوفة أي عدو عظيم يجمعون ها هنا أي في الشام جيشًا وسلاحًا (لأهل الإسلام) أي لقتالهم، وفي المشكاة لأهل الشام (ويجمع) أيضًا (لهم) أي لقتال الأعداء (أهل الإسلام) جيشًا وسلاحًا، قال يسير (قلت) لابن مسعود (الروم) بالنصب على أنه مفعول مقدم لـ (تعني)

ص: 129

قَال: نَعَمْ. وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ ردَّةٌ شَدِيدَةٌ. فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةَ. فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَينَهُمُ الليلُ. فَيَفِيءُ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ. كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ. وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ. ثُم يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ. لَا تَرْجِعُ إلا غَالِبَةً. فَيَقتَتِلُونَ. حَتَّى يَحْجُزَ بَينَهُمُ الليلُ. فَيَفِيءُ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ. كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ

ــ

أي تعني وتقصد يا عبد الله بالعدو الذي يجمع الجيش والسلاح لقتال أهل الإسلام الروم (قال) عبد الله (نعم) أعني بالعدو الروم (و) قال عبد الله أيضًا (تكون عند ذاكم القتال) الواقع في الشام أي تقع من الجانبين (ردة شديدة) وكرة كثيرة وعطفة قوية، قوله (ردة شديدة) بفتح الراء وتشديد الدال أي عطفة قوية ورجوع قوي بعد الفر أو صولة شديدة كما في النهاية (فيشترط المسلمون) ضبطوه على وجهين إما من الافتعال أو من التفعل (شرطة) بضم الشين طائفة من الجيش تتقدم (للموت) أي للقتال أي يقتطع المسلمون من عسكرهم شرطة أي طائفة للموت والمراد من اشتراطها للموت أنهم يعزمون على أن هذه الطائفة (لا ترجع إلا غالبة) فإما أن تنتصر على عدوها أو تموت، قال القرطبي: والشُرطة بضم الشين وهي هنا أول طائفة من الجيش تقاتل، ومنه الشرطان نجمان من المنازل لتقدمهما أول الربيع وقيل إنهم سموا بذلك لعلامات تميزوا بها والأشراط العلامات وهذا هو الأعرف (فيقتتلون) أي فيقاتل الفريقان المسلمون والروم من أول النهار (حتى يحجز) ويحول (بينهم الليل) أي ظلامه أي يحول بينهم وبين القتال الليل بسبب ظلمته والحاجز هو الفاصل بين شيئين (فيفيء) يرجع (هولاء) الفريق من المسلمين من المعركة إلى معسكرهم (وهولاء) الفريق من الكفار إلى مركزهم أي يرجعون إلى معسكرهم (كل غير غالب) أي حالة كون كل فريق غير غالب لخصمه، واستشكل قوله كل غير غالب على ما سيأتي من قوله (وتفنى الشرطة) لأن الشرطة إذا فنيت صارت مغلوبة والأخرى غالبة، والجواب عنه بأن عدم الغلبة إنما هو بالنسبة على العسكرين جميعًا وإن هلاك الشرطة لا يستلزم كون العسكر كله مغلوبًا (ثم يشترط المسلمون) أي يقتطع المسلمون (شرطة) أي طائفة من الجيش (للموت) أي تتقدم للقتال حتى تموت (لا ترجع) إلى المعسكر (إلا غالبة فيقتتلون) أي فيقتتل الفريقان في اليوم الثاني من أوله إلى آخره (حتى يحجز) ويحول (بينهم) وبين القتال (الليل) أي ظلامه (فيفيء) أي فيرجع (هؤلاء) الفريق من المسلمين (وهولاء) الفريق من الكفار إلى معسكرهم (كل غير غالب)

ص: 130

وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ. ثُمَّ يَشْتَرِطُ المسلِمُونَ شُرطَةً لِلمَوتِ. لَا تَرْجِعُ إلا غَالِبَةً. فَيَقتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا. فَيَفِيءُ هؤُلاءِ وَهؤُلاءِ. كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ. وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ. فَإِذَا كَانَ يَومُ الرَّابع، نَهَدَ إِلَيهِم بَقِيَّةُ أهلِ الإِسلامِ. فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّبَرَةَ عَلَيهِمْ. فَيَقْتُلُونَ مَقتَلَةً -إِمَّا قَال: لَا يُرَى مِثلُهَا، أمَّا قَال: لَم يُرَ مِثلُهَا- حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِم، فَمَا يُخَلِّفُهُم حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا

ــ

خصمه (وتفنى الشرطة) أي شرطة الطرفين في هذا اليوم الثاني أيضًا، قال الأبي انظر ما معنى وتفنى الشرطة فإن كان معناه وتنعدم فكيف الجمع بين ذلك وبني قوله ويرجع كل غير غالب إلا أن يكون المراد الجيش الذي هي منه إذ ليس من انعدام الشرطة أن يكون الجيشُ مغلوبًا اهـ منه كما مر آنفًا (ثم يشترط المسلمون) في اليوم الثالث أي يقطع المسلمون من الجيش (شرطة) أي طائفة منهم فيرسلون (للموت) أي للحرب حتى تموت (لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون) من أول النهار (حتى يمسوا) أي حتى يدخلوا في المساء (فيفيء هولاء وهولاء) إلى معسكرهم (كل) من الفريقين (غير غالب) لخصمه (وتفنى الشرطة) أي شرطة اليوم الثالث (فإذا كان اليوم الرابع) بإدخال أل على اليوم كما في نسخة القرطبي ليحصل التوافق بين الصفة والموصوف أي فإذا دخل اليوم الرابع من اليوم الأول (نهد) أي قام وتقدم (إليهم) أي إلى الكفار (بقية أهل الإسلام) والنهود في الأصل الارتفاع، ومنه نهود الثديين لأنه متقدم في الصدر أي بقيتهم من الأشراط الثلاثة التي هلكت أي هجموا على الكفار جملة (فيجعل الله الدبرة) أي الدائرة والهزيمة (عليهم) أي على الروم الكفار (الدبرة) بفتح الدال وسكون الموحدة كذا لكفافتهم، ورواه العذري (الدائرة) ومعناهما متقارب، قال الأزهري: الدائرة الدولة تدور على الأعداء والدبرة النصر والظفر يقال لمن الدبرة أي الدولة وعلى من الدبرة أي الهزيمة اهـ من المفهم، وقيل هي الحادثة (فيقتلون) أي فيُقتل المسلمون والروم (مقتلة) عظيمة، قال يسير بن جابر (إما قال) ابن مسعود فيقتتلون مقتلة عظيمة (لا يرى مثلها) أي نظيرها ومثيلها في المستقبل بلفظ لا (وإما قال) عبد الله فيقتتلون مقتلة عظيمة (لم ير مثلها) في الزمن الماضي بلفظ لم أي يتقاتلون قتلًا ذريعًا (حتى إن الطائر) من الطيور (ليمر بجنباتهم) أي بجوانب قتلاهم ونواحيهم (فما يخلّفهم) ذلك الطائر أي فما يقدر ذلك الطائر أن يجعل قتلاهم خلفه ووراءه بمروره عليهم مرة واحدة (حتى يخر) ويسقط ذلك الطائر (ميتًا)

ص: 131

فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ، كَانُوا مِائَةً. فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنهُمْ إلا الرَّجُلُ الوَاحِدُ. فَبِأيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أيُّ مِيَراثٍ يُقَاسَمُ؟ فَبَينَمَا هُمْ كَذلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأسٍ، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذلِكَ

ــ

لطول مصارعهم وبُعد مسافتها أو لنتن رائحتهم، وقوله (بجنباتهم) بفتح الجيم والنون هو رواية الجمهور جمع جنبة وهي الجانب، ووقع لبعضهم (بجثمانهم) أي بأشخاصهم والجثمان والآل والطلل والشخص كلها بمعنى فتُقال على الجالس والنائم، قوله (يخلفهم) من التخليف لأنه من فعل المضعف معناه يجعلهم خلفه أي يجاوزهم والمعنى أنه يكثر القتلى وتكون نعوشهم مبثوثة إلى مسافة بعيدة جدًّا بحيث لو أراد طائر أن يطير في سائر نواحيهم فإنه لا يستطيع ذلك في طيرانه الواحد ولو فعل ذلك خر ميتًا وذلك لكون الحرب تجاوزت إلى مسافة بعيدة مترامية الأطراف أو لعدم تحمله لنتن القتلى (فيتعاد) قال في المرقاة: بصيغة المعلوم وقيل بصيغة المجهول من باب تفاعل الخماسي أصله يتعادد أي فيعد (بنو الأب) الواحد من المسلمين كذا في الأبي، الذين (كانوا) أولًا (مائة) لمعرفة من قتل ومن بقي منهم (فلا يجدونه) قال في المرقاة: الضمير المنصوب عائد إلى مائة بتأويله بالمعدود أو العدد أي فلا يجدون عددهم (بقي منهم إلا الرجل الواحد) وقيل إن بني الأب بمعنى القوم، والقوم مفرد اللفظ جمع المعنى فيصح عود ضمير منهم إلى بني الأب نظرًا إلى المعنى وخلاصة المعنى أنهم يشرعون في عد أنفسهم فيشرع كل جماعة في عد أقاربهم فلا يجدون من مائة إلا واحدًا، وزبدته أنه لم يبق من مائة إلا واحد اهـ من المرقاة باختصار، يعني أن جماعة من الذين حضروا ذلك القتال وكانوا أبناء لأب واحد أو جد واحد وأرادوا أن يعدوا أنفسهم لمعرفة من قتل ومن بقي منهم فعدّوا لا يجدون ممن بقي منهم إلا واحدًا من مائة ويجدون باقيهم مقتولين، قال عبد الله أيضًا (فبأي غنيمة يفرح) على صيغة المبني للمفعول (أو) قال أي ميراث والثك من الراوي (أي ميراث يقاسم) لأن الباقي منهم واحد من مائة (فبينما هم) أي المسلمون كائنون (كذلك) أي متقاسمي الغنائم وعدَّ من بقي (إذ سمعوا ببأس) أي بحرب عظيم (هو أكبر) وأشد (من ذلك) الحرب الذي فرغوا منه وهو قتال الروم، والبأس ها هنا بمعنى الفتنة والمصيبة يعني أنهم سمعوا في تلك الحالة أنه نزلت عليهم مصيبة أعظم مما فرغوا منها وهي مصيبة خروج الدجال، قال النووي: هكذا هو في نسخ بلادنا (ببأس هو أكبر) وكذا حكاه القاضي عن محققي رواتهم، وللعذري وغيره (إذ سمعوا بناس هم أكثر) بنون وسين مهملة، والأول هو الصواب، وتؤيده رواية أبي داود (إذ سمعوا بأمر أكبر من

ص: 132

فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ؛ إِن الدَّجَّال قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ. فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيدِيهِمْ. ويُقْبِلُونَ. فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولهِمْ. هُم خَيرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأرضِ يَوْمَئذٍ. أَوْ مِنْ خَيرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئذٍ".

قَال ابْنُ أَبِي شَيبَةَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أُسَيرِ بْنِ جَابِرٍ.

7109 -

(00)(00) وحدَّثني مُحَمدُ بْنُ عُبَيدٍ الغُبَرِيُّ

ــ

ذلك) أي بأمر هائل فظيع (فجاءهم الصريخ) فعيل من الصراخ وهو الصوت عند الأمر الهائل أي جاءهم صوت المستصرخ أي المستغيث يقول (إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم) أي قد أعقبهم في أولادهم وأهاليهم (فيرفضون) أي يرمون (ما في أيديهم) من مال الغنيمة ويتركونه ويلقونه فزعًا على الأهل والعيال (ويقبلون) أي يتوجهون بأنفسهم إلى جهة الدجال لقتاله (فيبعثون عشرة فوارس) جمع فارس راكب فرس أي عشرة من الفرسان حالة كونهم (طليعة) لهم وجاسوسًا على الدجال، والطليعة من يبعث ليتطلع على حال العدو كالجاسوس ويستكشفه فعيلة بمعنى فاعلة يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند السابق (إني لأعرف أسماءهم) أي أسماء أولئك الفوارس العشرة (وأسماء آبائهم وألوان خيولهم) جمع لون هل هي بياض أو سواد أو حمرة (هم) أي أولئك الفوارس (خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) أي يوم إذ بعثوهم طليعة لهم على الدجال، وقوله (على ظهر الأرض) احتراز من الملائكة، وقوله (يومئذ) احتراز من العشرة المبشرة وأضرابهم اهـ دهني (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي (من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) بالشك من الراوي أو ممن دونه بزيادة من، قال المؤلف (قال) لنا أبو بكر (بن أبي شيبة في روايته) لنا (عن أسير بن جابر) بالهمزة بدل الياء في يسير في رواية علي بن حجر.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد في مسنده [1/ 384 و 435].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

7109 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن عبيد) بن حساب (الغبري) نسبة إلى غبر

ص: 133

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زيدٍ، عَن أَيُّوبَ، عَن حُمَيدِ بنِ هِلالٍ، عَن أَبِي قَتَادَةَ، عَن يُسَيرِ بنِ جَابِرٍ قَال: كُنْتُ عِندَ ابنِ مَسعُودٍ فَهَبَّت رِيحٌ حَمرَاءُ. وَسَاقَ الحَدِيثَ بِنَحْوهِ.

وَحَدِيثُ ابنِ عُلَيَّةَ أَتَمُّ وَأَشبَعُ.

7110 -

(00)(00) وحدّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ (يَعْنِي ابنَ الْمُغِيرَةِ). حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ (يَعْنِي ابنَ هِلالٍ) عَن أَبِي قَتَادَةَ، عَن أُسَيرِ بنِ جَابِر، قَال: كُنْتُ فِي بَيتِ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسعُودٍ. وَالبَيتُ مَلآنُ. قَال: فَهَاجَت رِيحٌ حَمرَاءُ بِالْكُوفَةِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابنِ عُلَيَّةَ

ــ

بن غنم البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (عن أيوب بن حميد بن هلال عن أبي قتادة) العدوي (عن يسير بن جابر قال كنت عند ابن مسعود) رضي الله عنه (فهبت) أي عصفت (ريح حمراء) شديدة. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة حماد لابن علية (وساق) حماد (الحديث بنحوه) أي بنحو حديث ابن علية (و) لكن (حديث ابن علية أتم) سندًا وأصح (وأشبع) متنًا وأطول من حديث حماد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثانيًا فقال:

7110 -

(00)(00)(وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا سليمان يعني ابن المنيرة) القيسي البصري، ثقة، من (7)(حدثنا حميد يعني ابن هلال عن أبي قتادة عن أسير بن جابر قال كنت في بيت عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سليمان بن المغيرة لابن علية ولكنها متابعة ناقصة (والبيت) أي والحال أن بيت عبد الله (ملان) أي مملوءة بالحاضرين عنده (قال) أسير (فهاجت) أي هبت وعصفت (ريح حمراء بالكوفة فذكر) سليمان (نحو حديث ابن علية) والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث أبي بن كعب ذكره للاستشهاد، والثالث حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد،

ص: 134

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والرابع حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والخامس حديث المستورد ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس حديث ابن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 135