المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌773 - (17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌757 - (1) باب قيام الناس في عرقهم على قدر أعمالهم ودنو الشمس إليهم وخطبته صلى الله عليه وسلم وتعليمه الناس

- ‌758 - (2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده، وما جاء في عذاب القبر، وسماع الميت قرع النعال، وفي إثبات الحساب، والأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌ كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌759 - (3) باب اقتراب الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج، والخسف بالجيش الذي يوم البيت، ونزول الفتن كمواقع القطر

- ‌760 - (4) باب ذكر حكم تواجه المسلمين بسيفيهما، وهلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، وإخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون إلى يوم القيامة، وذكر الفتنة التي تموج كموج البحر

- ‌761 - (5) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وفتح القسطنطينية وخروج الدجال، ونزول عيسى وقيام الساعة والروم أكثر الناس وإقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

- ‌762 - (6) باب فتوحات المسلمين قبل الدجال والآيات التي تكون قبل الساعة ولا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز وفي سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة وعدم إنبات الأرض مع كثرة المطر وكون الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان

- ‌763 - (7) باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة، وحتى يمر الرجل على القبر فيتمنى أن يكون صاحبه، وأنه يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، وذكر القحطاني والجهجاه، وقتال الترك، وذكر الخليفة الذي لا يعد المال عند قسمته

- ‌764 - (8) باب ذكر قتل عمار، وأغيلمة من قريش تكون فتنة لمن في زمنها، وإذا هلك كسرى…إلخ، وفتح مدينة جانبها في البحر، وقتال اليهود حتى يقول الحجر: يا مسلم، وذكر دجالين بين يدي الساعة

- ‌765 - (9) باب ذكر ابن صياد

- ‌766 - (10) باب ذكر الدجال وصفته وما معه من الفتن

- ‌767 - (11) باب حرمة المدينة على الدجال وقتله المؤمن وإحيائه هناك، وكون الدجال أهون على الله عز وجل، وقدر مكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه

- ‌768 - (12) باب في ذكر حديث الجساسة وما فيه من ذكر الدجال

- ‌769 - (13) باب في بقية أحاديث الدجال وفضل العبادة في الهرج وقُرب الساعة وذكر ما بين النفختين

- ‌ كتاب الزهد

- ‌770 - (14) باب كون الدنيا سجن المؤمن وهوانها عند الله تعالى وما للمرء من ماله وما يحذر من بسط الدنيا ومن التنافس فيها والنهي عن النظر إلى من فوقك في الدنيا

- ‌771 - (15) باب في الابتلاء بالدنيا وكيف يعمل فيها، والخمول فيها والتقلل منها، والتزهيد في الدنيا والاجتزاء بالخشن منها، ورؤية الله في الآخرة ومخاطبة الرب عبده فيها

- ‌772 - (16) باب ضيق معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌773 - (17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب

- ‌ كتاب في أحاديث متفرقة

- ‌774 - (18) باب خلق الملائكة والجان وآدم وأن الفأر مسخ ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين والمؤمن أمره كله خير والنهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وتقديم الأكبر في مناولة الشيء وغيرها والتثبت في الحديث وحكم كتابة العلم وقصة أصحاب الأخدود

- ‌775 - (19) باب في حديث أبي اليسر وحديث جابر الطويل رضي الله تعالى عنهما وحديث الهجرة ويقال له حديث الرحل بالحاء

- ‌ كتاب التفسير

- ‌776 - (20) باب في تفسير قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}

- ‌777 - (21) باب تتابع الوحي قرب وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌778 - (22) باب بيان تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}

- ‌779 - (23) باب تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية

- ‌780 - (24) باب قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

- ‌781 - (25) باب قوله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}

- ‌782 - (26) باب قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}

- ‌783 - (27) باب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}

- ‌784 - (28) باب قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}

- ‌785 - (29) باب في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيتَ النَّاسَ} إلخ

- ‌786 - (30) باب قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}

- ‌787 - (31) باب في قوله تعالى: {وَلَيسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية

- ‌788 - (32) باب في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}

- ‌789 - (33) باب قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [

- ‌790 - (34) باب في قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}

- ‌791 - (35) باب في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} الآية

- ‌792 - (36) باب في بيان سبب نزول سورة براءة والأنفال والحشر، وبيان تسميتها بهذه الأسماء

- ‌793 - (37) باب في نزول تحريم الخمر

- ‌794 - (38) باب نزول قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية

الفصل: ‌773 - (17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب

‌773 - (17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب

7287 -

(2959)(126) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجرٍ. جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ. قَال ابْنُ أيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسماعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الله بْنُ دِينَارٍ؛ أَنهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، لأَصْحَابِ الْحِجْر:

ــ

773 -

(17) باب النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا إلا أن يبكوا، وفضل الساعي على الأرامل والأيتام، والباني للمساجد، وفضل الصدقة على المساكين، وتحريم الرياء ونحوه، ووجوب حفظ اللسان، وعقوبة من يأمر ولا يفعل، والنهي عن هتك الستر عن نفسه، وندب التشميت عند العطاس وكراهية التثاؤب

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأول من الترجمة وهو النهي عن دخول مساكن الذين ظلموا أنفسهم بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:

7287 -

(2959)(126)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (وعلي بن حجر) السعدي المروزي (جميعًا) أي كل من الثلاثة رووا (عن إسماعيل) بن جعفر بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابًا (قال ابن أيوب) في روايته (حدثنا إسماعيل بن جعفر) بصيغة السماع، قال إسماعيل (أخبرني عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم مولى ابن عمر أبو عبد الرحمن المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (7) أبواب (أنَّه سمع عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما (يقول) وهذا السند من رباعياته (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر) أي قال في شأنهم لا أنه خاطبهم، وكان هذا القول في غزوة تبوك، والحجر بكسر الحاء وسكون الجيم هي منازل ثمود مر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند توجهه إلى غزوة تبوك وهي ما بين خيبر وتبوك يشاهد فيها آثارهم حتى اليوم، وثمود قبيلة من العرب الأولى وهم قوم صالح عليه السلام سميت بذلك لقلة مائها، والثمد الماء

ص: 392

"لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْقَومِ الْمُعَذَّبِينَ. إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ. فَإِنْ لَم تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُم".

7288 -

(00)(00) حدثني حَرمَلَةُ بن يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، وَهُوَ يَذْكُرُ الْحِجرَ، مَسَاكِنَ ثَمُودَ. قَال سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله: إِن

ــ

القليل الذي لا مادة له، وقيل ثمود اسم رجل وكانت هذه القبيلة تنزل في وادي القرى إلى البحر والسواحل وأطراف الشام، وكانت أعمارهم طويلة وكانوا يبنون المساكن فتنهدم فاتخذوا من الجبال بيوتًا ينحتونها، ويقال كانت منازلهم أولا بأرض كوشي من بلاد عالج ثم انتقلوا إلى الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى اهـ عمدة القاري [7/ 377](لا تدخلوا) أيها المؤمنون (على) منازل (هؤلاء القوم المعذبين) يعني قوم ثمود (لا أن تكونوا) معتبرين بهم (باكين) عند مشاهدة ما أصابهم من العذاب عند عصيانهم خوفًا من وقوع مثله عليكم، وزاد أحمد في رواية "فإن لم تكونوا باكين فتباكوا" ذكره الحافظ في الفتح [6/ 380](فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم) أي في منازلهم (أن يصيبكم) بفتح الهمزة مفعول من أجله أي خشية أن يصيبكم أو كراهية أن يصيبكم (مثل ما أصابهم) من العذاب، قال الأبي: ومثال ديار ثمود منازل الظالمين لا تدخل إلا للاعتبار، قال عياض: ومن عرف تقصير نفسه وعظيم سلطان ربه لم يأمن فإنه لا يأمن من مكر الله إلا القوم الخاسرون، وفي هذا الحديث دلالة على أن منازل الأقوام المعذبة لا ينبغي أن يدخلها المرء إلا لضرورة أو للاعتبار اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع كثيرة منها في التفسير باب ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين [4702]، وأحمد [2/ 66 و 96]، والبغوي [14/ 361].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

7288 -

(00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب وهو) أي والحال أن ابن شهاب (يذكر الحجر) أي (مساكن ثمود) أي شأنها إذا دخلت فيها (قال) لنا (سالم بن عبد الله) بن عمر (إن

ص: 393

عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ قَال: مَرَرنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحِجْرِ. فَقَال لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدخُلُوا مَسَاكِنَ الذينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُم، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ. حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ" ثُم زَجَرَ فَأسْرَعَ حَتى خَلَّفَهَا

ــ

عبد الله بن عمر قال مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر) منازل قوم ئمود. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم بن عبد الله لعبد الله بن دينار (فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا مساكن) القوم (الذين ظلموا أنفسهم) بالكفر فعذبوا (إلا أن تكونوا باكين حذرًا) أي تجنبا وخشية من (أن يصيبكم مثل ما أصابهم) من العذاب (ثم زجر) وحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته فسار سيرًا عجلًا (فأسرع) الخروج من الحجر (حتى خلفها) بتشديد اللام من التخليف أي حتى جعل الحجر خلفه خارجًا منها، قال القرطبي: قوله (حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم) أي خوفًا من أن تعاقبوا كما عوقبوا لأن أكثر المخاطبين والموجودين في ذلك الوقت كانوا ظالمين لأنفسهم إما بالكفر وإما بالمعاصي وإذا كان سبب العقوبة موجودًا فيهم تعين الخوف من وجود العقوبة فحق المار بموضع المعاقبين أن يجدد النظر والاعتبار ويكثر من الاستغفار ويخاف من نقمة العزيز الجبار وأن لا يطيل اللبث في تلك الديار (قوله ثم زجر فأسرع) أي زجر ناقته فأسرع بها في المشي، ويستفاد منه كراهة دخول أمثال تلك المواضع والمقابر فإن كان ولا بد من دخولها فعلى الصفة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتبار والخوف والإسراع وقد قال صلى الله عليه وسلم:"ولا تدخلوا أرض بابل فإنها ملعونة" أخرجه أبو داود من حديث علي أنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة [490] قال النووي: ففي هذا الحديث الحث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين ومواضع العذاب ومثله الإسراع في وادي محسر لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك فينبغي للمار في مثل هذه المواضع المراقبة والخوف والبكاء والاعتبار بهم وبمصارعهم وأن يستعيذ بالله من ذلك اهـ منه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر هذا بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:

ص: 394

7289 -

(2960)(127) حدَّثني الحكَمُ بْنُ مُوسَى، أَبُو صَالِحٍ. حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إِسحَاقَ. أَخبَرَنَا عُبَيدُ الله، عَن نَافِعٍ؛ أَن عَبدَ الله بنَ عُمَرَ أَخبَرَهُ؛ أَن النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الحِجْرِ، أَرْضِ ثَمُودَ. فَاسْتَقَوا مِن آبَارِهَا. وَعَجَنُوا بِهِ العَجِينَ. فَأمَرَهُم رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا ويعلِفُوا الإِبِلَ العَجِينَ. وَأَمَرَهُم أَن يَستَقُوا مِنَ البئْرِ التِي كَانَت تَرِدُهَا النَّاقَةُ

ــ

7289 -

(2960)(127)(حدثني الحكم بن موسى) بن أبي زهير (أبو صالح) البغدادي، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن الأموي مولاهم البصري ثم الدمشقي، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (أخبرنا عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري، ثقة، من (5)(عن نافع أن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أخبره أن الناس) من المسلمين (نزلوا) أي دخلوا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر) أي في الحجر (أرض ثمود) وديارهم عطف بيان للحجر (فاستقوا) أي أخذوا الماء (من آبارها) في أوانيهم، جمع بئر جمع قلة كحمل وأحمال، وسيأتي في الرواية الثانية بئارها جمع كثرة (وعجنوا) أي خلطوا (به) أي بالمأخوذ من آبارهم (العجين) التي أرادوا خبزها لأنفسهم (فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا) أي أن يريقوا من أراق الرباعي فقلبت الهمزة هاء في المضارع أي أن يريقوا على الأرض (ما استقوا) أي الماء الذي أخذوه في الأواني من تلك الآبار (ويعلفوا الإبل) أي يطعموها (العجين) الذي عجنوه بذلك الماء الذي استقوه من آبار ثمود (وأمرهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن يستقوا) أي أن يأخذوا ما احتاجوا إليه في الأواني (من) ماء (البئر التي كانت تردها) أي تشرب منها (الناقة) أي ناقة صالح عليه السلام، قال الحافظ في الفتح [6/ 38] ويلتحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى إياه على كفره، واختلف في الكراهة المذكورة هل هي للتنزيه أو التحريم؟ وعلى التحريم هل يصح التطهر بذلك الماء أم لا؟ وقال العيني في عمدة القاري [7/ 381] والظاهر لا يمتنع وهذا النهي إنما يتأتى في الآبار والعيون التي تحقق فيها أن المعذبين كانوا يستقون منها، وليس المراد سائر الآبار والعيون التي كانت في تلك المنطقة بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر

ص: 395

7290 -

(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئَارِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ.

7291 -

(2961)(128) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ،

ــ

الصحابة أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة كما سيأتي اهـ من التكملة. قوله (ويعلفوا الإبل العجين) فإن الماء لم تكن فيه نجاسة ظاهرة وإنما منع من شربها لئلا يورث أخلاقهم الباطنة، والإبل غير مكلفة فلم يكن هناك بأس في أن تعلف الإبل ذلك العجين. قوله (أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة) قال الحافظ في الفتح: سئل شيخنا الإمام البلقيني من أين علمت تلك البئر؟ فقال: بالتواتر، إذ لا يشترط فيه الإسلام اهـ والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها بالوحي، ويحمل كلام الشيخ على من سيجيء بعد ذلك اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأنبياء باب وإلى ثمود أخاهم صالحًا [3378].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

7290 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن موسى) بن عبد الله بن موسى (الأنصاري) الخطمي المدني، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا أنس بن عياض) بن ضمرة الليثي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (حدثني عبيد الله) بن عمر، غرضه بيان متابعة أنس بن عياض لشعيب بن إسحاق، وساق أنس (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن عبد الله بن عمر (مثله) أي مثل ما روى شعيب بن إسحاق (غير أنه) أي لكن أن أنسًا (قال) في روايته لفظة (فاستقوا من بئارها واعتجنوا به) بدل قول شعيب من آبارها وعجنوا به العجين.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة وهو فضل الساعي على الأرامل والأيتام ونحوهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7291 -

(2961)(128)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) الحارثي القعنبي المدني البصري، ثقة، من (9)(حدثنا مالك) بن أنس الأصبحي المدني إمام الفروع،

ص: 396

عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ -وَأَحْسِبُهُ قَال- وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ؛ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ"

ــ

ثقة، من (7)(عن ثور بن زيد) الديلي المدني، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن) سالم (أبي الغيث) القرشي العدوي مولاهم مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الساعي) أي الكاسب العامل (على الأرملة والمسكين) القائم بمؤنتهما والمتكفل بحوائجهما (كالمجاهد) أي فضله كفضل المجاهد (في سبيل الله) لإعلاء كلمته ونشر دينه أي يثاب بما قام به ثواب القائم بالجهاد في سبيل الله، والأرملة من لا زوج لها سواء كانت تزوجت أولًا أم لا؟ وقيل هي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق، قال ابن قتيبة: سميت الأرملة لما يحصل لها من الإرمال وهو الفقر وذهاب الزاد بفقد الزوج يقال أرمل الرجل إذا فني زاده، قال المازري: قال ابن السكيت: الأرمل المسكين من رجل وامرأة، وقال ابن الأنباري: في الغالب أنه من النساء لا الرجال، ويقال لمن ماتت زوجته أيم ولا يقال له أرمل لأنه من أرمل الرجل إذا فني زاده، والمرأة هي التي يذهب زادها لفقدها ما كان الرجل ينفقه عليها فليس سبيل الرجل أن يذهب زاده ويفتقر بموتها، وقول جرير:

هذي الأرامل قد قضيت حاجتها

فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر

أراد الفقير الذي نفد زاده ثم بين المعنى بقوله الذكر وكونه كالمجاهد والصائم القائم لأنه يتصرف بذلك في طاعة ربه وامتثال أمره اهـ من الأبي. قال ابن مسلمة (وأحسبه) أي وأحسب مالكًا (قال) الساعي على الأرملة كالمجاهد (وكالقائم) بصلاة الليل الذي (لا يفتر) ولا ينقطع عن قيامه ولا يضعف عنه طول الليل (وكالصائم) صوم النفل في جميع أيامه (لا يفطر) عن صومه في بعض الأيام التي يجوز فيها الصوم. وقوله (وأحسبه قال) هذا الشك من عبد الله بن مسلمة القعنبي كما صرح به البخاري في الأدب. وقوله (لا يفتر) من باب نصر أي لا ينقطع عن قيام الليل ولا يتوانى عنه من الفتور بمعنى الانقطاع.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الأدب باب الساعي على الأرملة [6006] وباب الساعي على المسكين [6007]، والترمذي في البر

ص: 397

7292 -

(2962)(129) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيدٍ الدِّيلِيِّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا الْغَيثِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَافِلُ الْيَتِيمِ، لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ، أَنَا وَهُوَ كَهَاتَينِ فِي الْجَنَّةِ" وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى

ــ

والصلة باب ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم [1969]، والنسائي في الزكاة باب فضل الساعي على الأرملة [2577]، وابن ماجه في التجارات باب الحث على المكاسب [2156]، وأحمد [2/ 361].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة هذا بحديث آخر له أيضًا رضي الله عنه فقال:

7292 -

(2962)(129)(حدثني زهير بن حرب حدثنا إسحاق بن عيسى) بن نجيح بوزن فصيح البغدادي، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا مالك) بن أنس (عن ثور بن زيد الديلي) المدني (قال سمعت أبا الغيث) سالمًا المدني العدوي مولاهم (يحدث عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كافل اليتيم) أي القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك سواء كان ذلك الكافل قريبًا (له) أي لذلك اليتيم بأن يكون جده أو أمه أو جدته أو أخاه أو أخته أو عمه أو عمته أو خاله أو خالته أو غيرهم (أو) كان اليتيم (لغيره) أي لغير الكافل بأن يكون الكافل أجنبيًّا عن اليتيم أي ليس بينه وبينه قرابة فالمراد أن هذه الفضيلة تحصل له سواء كان اليتيم قريبًا له وتحت ولايته الشرعية كجده وعمه مثلًا أو كان أجنبيًّا عنه وإنما كفله في سبيل الله تعالى، قال النووي: هذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية (أنا وهو) أي ذلك الكافل (كهاتين) الإصبعين منزلة (في الجنة) يعني يكون قريبًا مني في الجنة كما أن السبابة قريبة إلى الوسطى، قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم ولا منزلة أفضل من ذلك في الآخرة اهـ فتح الباري [10/ 336] قال إسحاق بن عيسى (وأشار مالك) بن أنس عندما حدثنا هذا الحديث (بالسبابة والوسطى) يعني الإصبعين المعروفين.

ص: 398

7293 -

(2963)(130) حدّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ) أَنَّ بُكَيرًا حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيدَ اللهِ الْخَوْلانِيَّ يَذْكُرُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ

ــ

قوله (كهاتين) قال عياض: هذا إما تمثيل بالمجاورة وقرب المنازل كمجاورة السبابة والوسطى أو تمثيل للتفضيل بين المنزلتين وأن درجة كافل اليتيم تالية لدرجته صلى الله عليه وسلم كتدريج السبابة من الوسطى، وذكر في الرواية أن المشير بالسبابة والوسطى هو مالك، وجاء في الموطأ في الحديث وأشار بالسبابة والوسطى مدرجا ليس منسوبا لأحد، وفي موطأ ابن بكير وأشار أي النبي صلى الله عليه وسلم بالسبابة والوسطى اهـ من الأبي.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف من بين أصحاب الأمهات، ولكنه شاركه أحمد في مسنده 21/ 375، وأخرج البخاري مثله عن سهل بن سعد في الأدب [6005].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو فضل باني المسجد بحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال:

7293 -

(2963)(0 13)) حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري المعروف بالتستري، صدوق، من (10) روى عنه في (10) أبواب كلاهما (قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (أخبرني عمرو وهو ابن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري، ثقة، من (7)(أن بكيرًا) بن عبد الله بن الأشج المخزومي المصري، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (حدثه أن عاصم بن عمر بن قتادة) بن النعمان الأنصاري الأوسي، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (حدثه) أي حدث لبكير (أنه) أي أن عاصمًا (سمع عبيد الله) بن الأسود (الخولاني) المدني ربيب ميمونة، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (يذكر أنه سمع عثمان بن عفان) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته (عند قول الناس فيه) أي في شأنه بيانه في الرواية الآتية أن الناس كرهوا من عثمان أن يغير هيئة المسجد النبوي عما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الشيخين، وقد مر شرح هذا الحديث مبسوطا في كتاب

ص: 399

حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ. وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا -قَال بُكَيرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَال- يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ".

وَفِي رِوَايَةِ هَارُونَ: "بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا فِي الْجَنَّةِ".

7294 -

(00)(00) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. كِلاهُمَا عَنِ الضَّحَّاكِ

ــ

المساجد باب فضل بناء المسجد والحث عليها (حين بنى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم) وزاد فيه وغيره عما كان عليه أولًا أي سمع قوله لهم (إنكم) أيها الناس (قد أكثرتم) القول في تغيير بناء المسجد (وإني) إنما زدت فيه لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى مسجدًا) قال عمرو بن الحارث (قال) لنا (بكير) بن عبد الله عندما حدث لنا هذا الحديث (حسبت) أي ظننت (أنه) أي أن عاصمًا (قال) في الحديث لفظة (يبتغي) أي يطلب ذلك الباني (به) أي ببناء ذلك المسجد (وجه الله) تعالى ورضاه لا الرياء والسمعة والمحمدة أي حسبت أنه زاد هذه الجملة وهي معترضة بين الشرط وجوابه. وقوله (بنى الله له مثله في الجنة) جواب الشرط (وفي رواية هارون) بن سعيد لفظة (بنى الله له بيتًا في الجنة) بدل قول أحمد بن عيسى "مثله" قال النووي: قوله (بنى الله له مثله) الخ يحتمل مثله في القدر والمساحة ولكنه أنفس منه بزيادات كثيرة من عشرة إلى سبعمائة لأن الحسنة بعشرة أمثالها إلى ما فوق، ويحتمل مثله في مسمى البيت وإن كان أكبر منه مساحة وأشرف اهـ، قال الأبي: قلت: احتجاج عثمان بالحديث وهو إنما زاد في المسجد هو بناء على أن الزيادة في المسجد عند الحاجة إليها كبناء المسجد ابتداء اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الصلاة باب من بنى مسجدًا، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في فضل بناء المسجد [318]، وأحمد [1/ 61 و 70]، وابن حبان في صحيحه [3/ 68].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عثمان رضي الله عنه فقال:

7294 -

(00)(00) حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى كلاهما عن الضحاك) بن مخلد بن الضحاك الشيباني أبي عاصم النبيل البصري، ثقة ثبت، من (9)

ص: 400

قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ؛ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ. فَكَرِهَ النَّاسُ ذلِكَ. وَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيئَتِهِ. فَقَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ".

7295 -

(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَفِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ. كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ

ــ

روى عنه في (12) بابا (قال ابن المثنى حدثنا الضحاك بن مخلد) بلفظ السماع (قال أخبرنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم الأنصاري المدني، صدوق، من (6) روى عنه في (9) أبواب (حدثني أبي) جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري الأوسي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن محمود بن لبيد) بن عقبة بن رافع بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي المدني صحابي صغير جل روايته عن الصحابة، روى عن عثمان في (2) ما بين الصلاة والزهد (أن عثمان بن عفان) رضي الله عنه (أراد بناء المسجد) النبوي وتغييره عما كان عليه بالتوسعة وغيرها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمود بن لبيد لعبيد الله الخولاني (فكره الناس) من الصحابة وغيرهم (ذلك) التغيير عن بنائه الأول (وأحبوا أن يدعه) ويتركه (على هيئته) الأولى (فقال) عثمان للناس (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى مسجدًا) صغيرًا كان أو كبيرًا طلبًا (لـ) وجه (الله) تعالى لا للمحمدة (بنى الله) تعالى (له) أي لذلك الباني (في الجنة مثله) أي مثل ذلك المسجد من قصور الجنة، وتقدم بيان معنى المماثلة في الرواية الأولى فراجعه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عثمان رضي الله عنه فقال:

7295 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (حدثنا أبو بكر) الصغير عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله (الحنفي) البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (وعبد الملك بن الصباح) المسمعي أبو محمد الصنعاني، نزيل البصرة، صدوق، من (9) روى عنه في (4) أبواب (كلاهما) رويا (عن عبد الحميد بن

ص: 401

جَعْفَرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا:"بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا فِي الْجَنَّةِ".

7296 -

(2964)(131) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، (وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ)، قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ عُمَيرٍ اللَّيثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "بَينَا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ. فَتَنَحَّى ذلِكَ السَّحَابُ

ــ

جعفر بهذا الإسناد) يعني عن جعفر بن عبد الله عن محمود بن لبيد عن عثمان، غرضه بيان متابعة أبي بكر الحنفي وعبد الملك بن الصباح للضحاك بن مخلد (غير أن) أي لكن أن (في حديثهما) أي في حديث أبي بكر وعبد الملك لفظة (بنى الله له بيتًا في الجنة) بدل قوله في رواية الضحاك: بنى الله له في الجنة مثله.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل الصدقة على المساكين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7296 -

(2964)(131)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لأبي بكر قالا حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (20) بابا (حدثنا عبد العزيز) بن عبد الله (بن أبي سلمة) الماجشون التيمي مولاهم أبو عبد الله المدني، ثقة، من (7) روى عنه في (10) أبواب (عن وهب بن كيسان) القرشي الأسدي مولاهم أبي نعيم المدني ثم المكي، ثقة، من (4) روى عنه في (6) أبواب (عن عبيد بن عمير) بن قتادة (الليثي) أبي عاصم المكي، ثقة مخضرم، من (2) مات قبل ابن عمر سنة (64) أربع وستين، روى عنه في (7) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا رجل) ممن قبلكم (بفلاة) أي بصحراء (من الأرض فسمع صوتًا في سحابة) في السماء، وجملة سمع جواب بينا والفاء رابطة لجوابها أي بينا أوقات كون رجل بفلاة فاجأه سماع صوت هاتف في سحابة يقول صاحب الصوت وهو الملك للسحابة (اسق) يا سحابة ماءك (حديقة فلان) أي بستان فلان كناية عن مالك الحديقة وأمطر عليها، والحديقة القطعة من النخيل وتطلق على الأرض ذات الشجر اهـ نووي (فتنحى) أي قصد (ذلك السحاب) وتحول عن موضعه الأول إلى قرب الحديقة يقال تنحيت الشيء وانتحيته ونحوته إذا

ص: 402

فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ. فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ. فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ. فَقَال لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ؛ قَال: فُلانٌ. لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ. فَقَال لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هذَا مَاؤُهُ يَقُولُ:

ــ

قصدته، ومنه سمي علم النحو لأنه قصد كلام العرب (فأفرغ) ذلك السحاب أي أمطر وكب (ماءه في حرة) أي في أرض ذات حجارة سود كثيرة (فإذا شرجة) أي مسيل وساقية (من تلك الشراج) والمسايل الموجودة في تلك الحرة (قد استوعبت) وجمعت (ذلك الماء) النازل من السحاب (كله) وجرت به إلى تلك الحديقة وسقتها، والشرجة بفتح الشين وسكون الراء مسيل الماء وجمعها شراج بكسرها، ووقع في رواية أحمد في مسنده فإذا هو في أذناب شراج فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء ومثله لابن حبان، والمعنى أن الحرة كانت تخرج منها شراج وشرجة واحدة منها جمعت الماء الذي نزل من السحاب (فتتبع) ذلك الرجل الذي سمع الهاتف أي ذهب مع تلك الشرجة التي جمعت (الماء) ليعلم أين تذهب هذه الشرجة بالماء، وفي رواية أحمد (تبع الماء) فرآها دخلت حديقة في طرف الحرة (فإذا رجل قائم في حديقته) تلك (يحول الماء) أي ينقل الماء من مكان إلى آخر (بمسحاته) أي بمجرفته، قال في القاموس: سحا الطين يسحيه ويسحوه ويسحاه سحوًا إذا قشره وجرفه، والمسحاة ما يسحى به الطين أو التراب، وفي المبارق: المسحاة اسم لآلة عريضة من الحديد مأخوذة من السحو وهو الكشف والإزالة اهـ، وقال غيره: المسحاة بكسر الميم وسكون السين المجرفة من الحديد أو من غيره، وهي الآلة التي يقشر بها الطين، والمراد أنه كان يحول الماء في حديقته من مكان إلى آخر ويفعل ذلك بالمسحاة (فقال) الرجل الذي تتبع الماء (له) أي لصاحب الحديقة القائم فيها وينقل الماء من مكان إلى مكان (يا عبد الله ما اسمك) المخصوص بك (قال) صاحب الحديقة اسمي (فلان) ذاكرًا له (للاسم الذي سمع) هذا السائل مذكورًا (في السحابة) من الهاتف (فقال) صاحب الحديقة (له) أي لهذا السائل الذي سمع صوت الهاتف وهو بالفلاة (يما عبد الله لم تسألني عن اسمي فقال) هذا السائل الفلاني (إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا) الماء الذي تسقيه الحديقة (ماؤه) أي مطره (يقول)

ص: 403

اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ. لاسْمِكَ. فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَال: أَمَّا إِذ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ"

ــ

صاحب ذلك الصوت للسحاب (اسق) يا سحاب مطرك (حديقة فلان) وأمطر عليها ذاكرًا ذلك الآمر للسحاب (لاسمك) الذي ذكرت لي وبينت لي الآن فأمر الهاتف للسحاب بسقي حديقتك أمر عجيب وسببه غريب (فـ) بين لي (ما تصنع فيها) أي في ثمارها من الخير أي فبين أي شيء تنفق فيه ثمارها أي أي شيء تعمل فيها من الخير حتى تستحق هذه الكرامة (قال) صاحب الحديقة (أما إذ قلت هذا) فأما شرطية وإذ ظرف لما مضى من الزمان متعلق بالجواب المحذوف، وقلت بمعنى سألت وهذا مفعوله والتقدير أما وقت سؤالك عن هذا الذي أصنع فيها (فـ) أقول لك (إني أنظر إلى ما يخرج منها) أي من هذه الحديقة من الثمار وأحسب قدره وأقسمه إلى ثلاثة أثلاث (فأتصدق بثلثه) على الفقراء والمساكين (فآكل أنا وعيالي ثلثًا) منها (وأرد) أي وأصرف (فيها) أي في هذه الحديقة أي وأنفق (ثلثه) أي ثلث ما يخرج منها في مؤنة عملها وهذا المصارف هي التي أصرف فيها ثمارها إذا حصلت لي. وقوله (فأتصدق بثلثه) فيه فضيلة الصدقة فوق مقدار الزكاة، وفيه استحباب أن يجعل المرء حصة معلومة من دخله للإنفاق في سبيل الله ويعزله عن استعماله فإنه يعينه على كثير عن أعمال البر والخير.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات، ولكنه شاركه أحمد في مسنده [2/ 296]، وابن حبان [5/ 147].

(تفسير المفردات) الفلاة من الأرض هي القفر (والحديقة) البستان، وسميت بذلك لأنها أحدق بها حاجز قالوا: وأصله كل ما أحاط به البناء، والحديقة أيضًا القطعة من النخل (تنحى ذلك السحاب) أي اعتمد وقصد والنحو في أصله هو القصد، والحرة أرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار، والشرجة مسيل الماء وهي بفتح الشين وسكون الراء، وتجمع على شراج وشروج، ومن قال شرجة بفتح الراء فقد أخطأ المعروف من اللغة واستوعبت جمعت فتتبع الماء أي تبعه، وفي هذا الحديث دليل على صحة إثبات كرامات الأولياء، وأن الولي قد يكون له مال وضيعة ولا يناقض قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا" أخرجه أحمد [1/ 377]، والترمذي [2328] لما قدمنا من أن المقصود بالنهي إنما هو لمن اتخذها مستكثرًا

ص: 404

7297 -

(00)(00) وحدّثناه أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ كَيسَانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيرَ أَنَّهُ قَال:"وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ فِي الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ".

7298 -

(2965)(132) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَال

ــ

ومتنعمًا ومتمتعًا بزهرة الدنيا لما يخاف عليه من الميل إلى الدنيا والركون إليها، وأما من اتخذها معاشًا يصون بها دينه وعياله فاتخاذها بهذه النية من أفضل الأعمال وهي من أفضل الأموال اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7297 -

(00)(00) وحدثناه أحمد بن عبدة) بن موسى (الضبي) نسبة إلى ضبة، بفتح الضاد وتشديد الباء المفتوحة، بن أن بن طابخة قبيلة مشهورة أبو عبد الله البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (أخبرنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (15) بابا (حدثنا عبد العزيز) بن عبد الله (بن أبي سلمة) الماجشون (حدثنا وهب بن كيسان بهذا الإسناد) يعني عن عبيد بن عمير عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة أبي داود لأبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب (غير أنه) أي لكن أن أبا داود (قال) في روايته لفظة (وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة وهو حرمة الرياء والسمعة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7298 -

(2965)(132)(حدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(أخبرنا روح بن القاسم) التميمي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (11) بابا (عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب) الجهني المدني (عن أبيه) عبد الرحمن الجهني المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

ص: 405

اللهُ تبارك وتعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ. مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ".

7299 -

(2966)(133) حدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ،

ــ

الله تبارك وتعالى في الأحاديث القدسية (أنا أغنى الشركاء عن الشرك) أي عن المشاركة وغيرها (من عمل عملًا) من الأعمال الصالحة (أشرك فيه) أي في ذلك العمل (معي) أي مع طلب رضائي (غيري) أي طلب رضاء غيري (تركته) أي تركت ذلكم العمل (وشركه) أي مع شريكه الذي أشرك بي أي تركته له فلا أقبل منه ذلك العمل.

قوله (أشرك فيه معي غيري) إما أن يشركه في العمل صراحة وهو الشرك الجلي، وإما بأن يطلب من وراء العمل رضاء غير الله تعالى وإن لم يصرح بالشرك وهو الشرك الخفي الذي يسمى رياء أو سمعة أو محمدة.

قوله (تركته وشركه) منصوب على أنه مفعول معه، والشرك ها هنا بمعنى الشريك يعني تركته مع الشريك الذي أراد هو رضاه، ولا أقبله لنفسي فيكون عمله باطلًا لا ثواب فيه، ويحتمل أن يكون الشرك على معناه المصدري يعني تركته على شركه استدراجًا له حتى يستحق العذاب أعاذنا الله منه، قال النووي:(قوله أنا أغنى الشركاء) الخ معناه أنا غني عن المشاركة وغيرها فمن عمل شيئًا لي ولغيري لم أقبله بل أتركه لذلك الغير، والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم به اهـ نووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الزهد باب الرياء والسمعة [4255]، وأحمد [2/ 301]، وابن خزيمة [2/ 67]، وابن حبان [1/ 307]، والبغوي [14/ 324].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

7299 -

(2966)(133)(حدثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر المعجمة آخره مثلثة بن الطلق النخعي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب، قال (حدثني أبي) حفص بن غياث النخعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن إسماعيل بن سميع) مصغرًا الحنفي الكوفي بياع السابري -بفتح المهملة وكسر الموحدة-

ص: 406

عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ. وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ"

ــ

والسابري ثوب رقيق جيد كما في القاموس، صدوق، من (4) روى عنه في (2) بابين البيوع والزهد (عن مسلم البطين) مكبرًا صفة له لكبر بطنه، ابن عمران ويقال ابن عبد الله أبي عبد الله الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم الكوفي، الفقيه أحد الأئمة الأعلام، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته (قال) ابن عباس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع سمع الله به) بصيغة الماضي في الفعلين يعني من عمل عملًا من الأعمال الصالحة يقصد حسن سمعته وشهرته فيما بين الناس ليكرموه ويوقروه ويفضلوه على أقرانه ولم يقصد بعمله ذلك رضا الله سبحانه والتقرب إليه سمع الله به على رؤوس الأشهاد يوم القيامة أي فضحه الله تعالى على سمعته أي على قصده السمعة بعمله لا رضا الله تعالى وعاقبه عليها أو المعنى من أراد بعمله السمعة والشهرة بين الناس في الدنيا أظهر الله عيوبه في عرصات القيامة على رؤوس الأشهاد أو المعنى من سمع وأظهر وأشاع عيوب أخيه في الدنيا أظهر الله عيوبه في عرصات القيامة وأشاعها على رؤوس الأشهاد (ومن راءى راءى الله به) بلفظ الماضي أيضًا فيهما أي من عمل عملًا صالحًا بقصد أن يراه الناس ويصفوه ويمدحوه راءى الله الناس بعيوبه أي أرى الله تعالى الناس عيوبه في الآخرة ليفتضح أمامهم، وقيل أراه الله ثواب ذلك العمل من غير أن يعطيه إياه ليكون حسرة عليه يوم القيامة، وقيل المعنى من أراد بعمله إسماع الناس أسمع الله الناس وكان ذلك حظه منه ومن أراد بعمله إراءة الناس أراه الله الناس فلاحظ له عليه في الآخرة اهـ من الأبي.

وهذا الحديث انفرد به المؤلف من بين أصحاب الأمهات الست، ولكنه شاركه ابن حبان في صحيحه [1/ 312].

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث جندب بن عبد الله رضي الله عنهما فقال:

ص: 407

7300 -

(2967)(134) حدَّثنا أَبُو بَكٍرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، قَال: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْعَلَقِيَّ قَال: قَال رِسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ. وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ".

7301 -

(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا الْمُلائِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أحَدًا غَيرَهُ

ــ

7300 -

(2967)(134)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن سلمة بن كهيل) الحضرمي أبي يحيى الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (12) بابا (قال) سلمة (سمعت جندبًا) بن عبد الله بن سفيان البجلي ثم (العلقي) بفتحتين نسبة إلى علقة وهي بطن من بجيلة، الصحابي الشهير رضي الله عنه، روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من خماسياته (قال) جندب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسمع يسمع الله به) أي من يسمع الناس عمله ويظهره لهم ليقدروه ويوقروه ويعتقدوا قدره يسمع الله به أي يملأ أسماعهم مما انطوى عليه جزاء وفاقًا (ومن يرائي) أي يظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم وليس هو كذلك (يرائي الله به) أي يظهر سريرته على رؤوس الخلائق ليفتضح اهـ مناوي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الرقاق باب الرياء والسمعة [6499]، وفي الأحكام باب من شاق شاق الله عليه [7152]، وابن ماجه في الزهد باب الرياء والسمعة [4260]، وأحمد [4/ 312]، والبغوي [14/ 323].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جندب رضي الله عنه فقال:

7301 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (حدثنا الملائي) بضم الميم وتخفيف اللام المفتوحة عبد السلام بن حرب بن سلمة النهدي الملائي أبو بكر الكوفي، ثقة، من صغار (8) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا سفيان) الثوري (بهذا الإسناد) يعني عن سلمة بن كهيل عن جندب، غرضه بيان متابعة الملائي لوكيع (وزاد) الملائي على وكيع لفظة قال سلمة بن كهيل (ولم أسمع أحدًا) من الصحابة (غيره) أي

ص: 408

يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

7302 -

(00)(00) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ حَرْبٍ - (قَال سَعِيدٌ: أَظُنُّهُ قَال: ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مُوسَى) قَال: سَمِعْتُ لسَلَمَةَ بْنَ كُهَيلٍ قَال: سَمِعْتُ جُنْدُبًا (وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيرَهُ) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بِمِثْلِ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ

ــ

غير جندب (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) مسندًا لهذا الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ في الفتح (قوله ولم أسمع أحدًا) قائل هذا هو سلمة بن كهيل، ومراده أنه لم يسمع من أحد من الصحابة هذا الحديث مسندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا من جندب ثم حقق الحافظ أنه كان في الكوفة في زمن سلمة بن كهيل عدة من الصحابة، ولكنه لم يسمع من أحد منهم بعدما سمع هذا الحديث من جندب رضي الله عنه اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه فقال:

7302 -

(00)(00)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6)(أخبرنا سفيان) بن عيينة (عن الوليد بن حرب قال سعيد) بن عمرو (أظنه) أي أظن سفيان بن عيينة (قال) أخبرنا الوليد (بن الحارث بن أبي موسى) بلا ذكر حرب، والصحيح الوليد بن حرب بن أبي موسى الأشعري الكوفي من ولد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، لقبه ولاد كما سيأتي بيانه عن الأبي، روى عن سلمة بن كهيل في الزهد، ويروي عنه (م) فرد حديث في آخر صحيحه في باب تحريم الرياء وابن عيينة، وقال في التقريب: مقبول، من السادسة (قال) الوليد (سمعت سلمة بن كهيل قال: سمعت جندبًا) بن عبد الله رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الوليد لسفيان الثوري، قال سليمة بن كهيل (ولم أسمع أحدًا) من الصحابة (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره) أي غير جندب بن عبد الله، وأما جندب فقد سمعته (يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) من يسمع يسمع الله به .. الحديث، وساق الوليد بن حرب (بمثل حديث) سفيان (الثوري).

ص: 409

7303 -

(00)(00) وَحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنَا الصَّدُوقُ الأَمِينُ، الْوَلِيدُ بْنُ حَرْبٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

7304 -

(2968)(135) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا بَكْرٌ، (يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ)، عَنِ ابْنِ الْهَادِ،

ــ

وقوله (وأظنه قال ابن الحارث) فسره الأبي بأن سفيان إنما سماه وليد بن الحارث، ولم يقل الوليد بن حرب، ولكن الصحيح الوليد بن حرب بن أبي موسى الأشعري لأنه ليس من الرواة أحد يسمى وليد بن الحارث يروي عن سلمة بن كهيل، أما الوليد بن حرب فهو كوفي معروف من ولد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كما ذكره ابن منجويه في رجال صحيح مسلم بهذا الاسم، ولكن يحتمل أن يكون مراد سعيد بن عمرو أنه يظن أن سفيان ذكر اسم جده مع اسم أبيه، فقال الوليد بن حرب بن الحارث بن أبي موسى فذكر اسم الحارث كاسم جده أبي موسى لا أنه سماه وليد بن الحارث بدل الوليد بن حرب ثم وجدت في تاريخ الإمام البخاري ما يعين هذا الاحتمال حيث قال: وقال مسلم بن إبراهيم هو الوليد بن حرب بن الحارث بن أبي موسى الأشعري، والحارث بن أبي موسى هو اسم لأبي بردة التابعي المشهور كما في التهذيب [12/ 18].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جندب رضي الله عنه فقال:

7303 -

(00)(00)(وحدثناه) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (حدثنا الصدوق الأمين الوليد بن حرب) الأشعري الكوفي (بهذا الإسناد) يعني عن الوليد عن سلمة بن كهيل عن جندب، غرضه بيان متابعة ابن أبي عمر لسعيد بن عمر الأشعثي في الرواية عن ابن عيينة.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السادس من الترجمة وهو حفظ اللسان بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7304 -

(2968)(135)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر يعني ابن مضر) بن محمد بن حكيم مولى شرحبيل بن أبي حسنة أبو محمد المصري، من (8) روى عنه في (9) أبواب (عن) يزيد بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي المدني، ثقة، من (5) روى

ص: 410

عنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ، أَبْعَدَ مَا بَينَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ"

ــ

عنه في (12) بابًا (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد التيمي المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (11) بابا (عن عيسى بن طلحة) بن عبيد الله التيمي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أنه) أي أن أبا هريرة (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد ليتكلم بالكلمة) أي بالكلام المفيد فائدة تامة يحسن سكون المتكلم عليها بحيث لا ينتظر السامع كلامًا آخر لأنه هو المراد منها لأن الكلمة قول مفرد وضع لمعنى ذاتًا أو معنى كزيد وضرب فهي لا تفيد فهي هنا نظير قولهم (لا إله إلا الله) كلمة إيمان (ينزل) ويهوي (بها في) قعر (النار) وفي رواية البخاري "يزل بها" ومعناهما متقارب أي يسقط بها إلى أعماق جهنم بقدر مسافة كانت (أبعد) من (ما بين) أي من المسافة التي بين (المشرق والمغرب) ومعنى هذا الكلام إن الإنسان ليتكلم بكلمة لا يتدبرها ولا يتفكر في قبحها ولا يلقي إليها بالًا مع أنه بسببها يدخل النار، وفيه حض على التدبر والتفكر في الكلمة عند إرادة التكلم بها والله أعلم، وتلك الكلمة كالكلمة التي يتكلم بها عند والٍ جائر يرضيه بها وفيها سخط الله تعالى، وقيل هي كلمة الرفث والخنا، وككلمة التعريض بمسلم بفعل كبيرة أو بمجون، وقال ابن بطال: وهي التي يقولها عند السلطان الجائر بالبغي أو السعي على المسلم فتكون سببًا لهلاكه وإن لم يرد القائل ذلك لكنها ربما أدت إلى ذلك ويكتب على القائل إثمها.

وعبارة التحفة هنا (إن العبد) أي إن الإنسان (ليتكلم بالكلمة) أي الواحدة (لا يرى بها بأسًا) فهو (يهوي بها) أي يسقط بسبب تلك الكلمة، يقال هوى يهوي من باب رمى هويًا بالفتح سقط إلى أسفل كذا في مختار الصحاح (أبعد ما بين المشرق والمغرب) لما فيها من الأوزار التي غفل عنها، والمراد أنه يكون دائمًا في صعود وهوي.

وقال النووي: وفي هذا الحديث حث على حفظ اللسان كما قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت لا وينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام أن يتدبره في نفسه قبل نطقه فإن ظهرت مصلحته تكلم وإلا أمسك اهـ.

ص: 411

7305 -

(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِن الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا، يَهْوي بِهَا فِي النَّارِ، أَبْعَدَ مَا بَينَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ"

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الرقاق باب حفظ اللسان [6477 و 6478]، والترمذي في الزهد باب فيمن تكلم بكلمة يُضحك بها الناس [2314]، وابن ماجه في الفتن باب كف اللسان في الفتنة [4018]، وأحمد [2/ 334 و 379].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7305 -

(00)(00)(وحدثناه محمد بن) يحيى (بن أبي عمر المكي) العدني (حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد (الدراوردي) المدني (عن يزيد) عن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي المدني (عن محمد بن إبراهيم) التيمي المدني، ثقة، من (4)(عن عيسى بن طلحة) بن عبيد الله التيمي المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الدراوردي لبكر بن مضر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة) أي بجنس الكلمة الصادق بالواحدة وما فوقها، حالة كونه (ما يتبين) ولا يتأمل (ما فيها) من قبيح المعنى وسيئه فـ (يهوي بها) أي يسقط بسببها (في) قعر (النار) في مسافة (أبعد) من قدر (ما بين المشرق والمغرب) كالكلمة التي يترتب عليها إضرار المسلم وككلمة القذف به والإهانة له، قال في المبارق: قوله عليه السلام (في النار أبعد) أبعد صفة لمصدر محذوف أي نزولًا أبعد أو صفة لنار على تقدير أن يكون اللام فيه زائدة أي في نار أبعد (ما بين) ما موصولة، والظرف صلتها أي في نار أبعد قعرًا من البعد الذي حصل بين المشرق والمغرب، وفيه حض على قلة الكلام، قال حكيم: خلق الله تعالى أذنين ولسانًا واحدًا ليكون الرجل سماعه ضعف كلامه اهـ منه. قوله (ما يتبين ما فيها) قال القاضي: معناه لا يلقي لها بالًا ولا يتدبر قبحها كالكلمة عند السلطان الجائر يرضيه بها في ظلم الناس مثلًا.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء السابع من الترجمة وهو تركُ الآمر المأمورَ به وارتكابُ الناهي المنهيَّ عنه بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما فقال:

ص: 412

7306 -

(2969)(136) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو كُرَيبٍ -وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيبٍ- (قَال يَحْيَى وإِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) أَبُو مُعَاوَيَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ، قَال: قِيلَ لَهُ: أَلا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ؟ فَقَال: أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ؟

ــ

7306 -

(2969)(136)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (واللفظ لأبي كريب قال يحيى وإسحاق أخبرنا، وقال الآخرون حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التيمي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن شقيق) بن سلمة أبي وائل الأسدي الكوفي (عن أسامة بن زيد) بن حارثة الكلبي المدني حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله تعالى عنهما. وهذه الأسانيد من خماسياته (قال) شقيق بن سلمة (قيل له) أي قال قائل لأسامة بن زيد ولم أر من ذكر اسم القائل (ألا) حرف عرض وهو الطلب برفق ولين أي ألا (تدخل) يا أسامة (على عثمان) بن عفان رضي الله عنه (فتكلمه) أي فتكلم عثمان في بعض الأمور التي أنكرها الناس عليه أي ألا تطلب منه ترك مخالفتهم وموافقتهم فيها لئلا يحصل الافتراق بين المسلمين، والفاء في قوله فتكلمه عاطفة سببية، والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية الواقعة في جواب العرض.

وذكر المهلب أنهم قالوا ذلك عندما نُسب إلى الوليد بن عقبة أنه شرب الخمر فأرادوا أن يكلمه أسامة ليقيم عليه الحد، وكان أسامة من خواصه ولكن لم يبين المهلب مستنده في ذلك، وسياق الرواية الآتية يدفعه ولفظها (ما يمنعك أن تدخل على عثمان فتكلمه فيما يصنع) وظاهره أنهم أرادوا الكلام فيما يتعلق بصنع عثمان رضي الله عنه نفسه لا في صنع غيره، وجزم الكرماني بأن المراد أن يكلمه فيما أنكره الناس على عثمان من تولية أقاربه وغير ذلك مما اشتهر وشاع منه.

(فقال) أسامة للناس (أترون) بضم التاء بمعنى تظنون ويجوز بفتحها من رأى رأيًا أي أتظنون أيها الناس (أني لا أكلمه) أي لا أكلم عثمان (إلا) وأنا (أسمعكم) أي

ص: 413

وَاللهِ، لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَينِي وَبَينَهُ. مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ. وَلَا أَقُولُ لأَحَدٍ، يَكُونُ عَلَى أَمِيرًا: إِنَّهُ خَيرُ النَّاسِ بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَيُلْقَى فِي النَّارِ. فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ. فَيَدُورُ بِهَا كمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى. فَيَجْتَمِعُ إِلَيهِ أَهْلُ

ــ

أسمعكم تكليمي إياه من أسمع الرباعي أي هل تظنون أني أخبركم بكل ما أكلم به عثمان أو هل تظنون أني لا أكلمه إلا بمحضر ومسمع منكم، والاستفهام فيه للإنكار بمعنى النفي يعني ليس الأمر كما تظنون وإنما أكلمه في الخلوة، وقد حصل مني ذلك، قال القاضي عياض: أي أتظنون أني لا أكلمه إلا وأنتم تسمعون فقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أجهر لأن في الإنكار جهارًا فتح أمر لا أحب أن أكون أول من فتحه يعني الإنكار على الأمراء جهارًا لأن فيه ما يخشى عاقبته كما اتفق في الإنكار على عثمان جهارًا إذ نشأ عنه قتله واضطراب الأمر بعده، ففيه التأدب مع الأمراء وتبليغهم ما ينكر عليهم اهـ من الأبي (والله لقد كلمته) وأنكرت عليه (فيما) أي في الحالة التي (بيني وبينه) وهي حالة الخلوة معه (ما دون أن أفتتح) ولفظة ما زائدة أي كلمته من غير أن أفتح وأثير (أمرًا لا أحب أن كون أول من فتحه) وأظهره، والمراد بالأمر ها هنا الفتنة وافتتاحه إثارته وتحريكه، والمعنى أني أعظ الخليفة من غير أن أثير فتنة لا أريد أن أكون أول من أثارها فلا أجاهر بالإنكار على الخليفة في محضر من الناس، وإنما أنكر عليه سرًّا وخلوة وقد فعلت ذلك فلم يقبله مني، قال النووي: وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرًّا وتبليغهم ما يقول الناس فيهم ليكفوا عنه، وهذا كله إذا أمكن ذلك فإن لم يكن الوعظ والإنكار عليه سرًّا فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق اهـ.

ثم قال أسامة أيضًا (ولا أقول) أنا (لأحد) من الناس (يكون علي أميرًا) أي كان علي أميرًا، وجملة الكون صفة لأحد (إنه خير الناس) وأفضلهم، قال القاضي عياض: فيه ذم المداهنة والمواجهة بما يبطن خلافه بخلاف أمره سرًّا لأنه من المداراة، والمداراة محمودة لأنه ليس فيها قدح في الدين وإنما هي ملاطقة في الكلام أي لا أقول ذلك (بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق) أي فتخرج (أقتاب بطنه) أي أمعاء بطنه ومصارينه ويجرها (فيدور بها) أي يتجول ويطوف بها في النار (كما يدور الحمار بالرحى) أي بالطاحونة (فيجتمع إليه أهل

ص: 414

النَّارِ. فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَا لَكَ، أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى. قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ"

ــ

النار فيقولون) له (يا فلان ما لك) أي أي ذنب لك (ألم تكن) في الدنيا (تأمر) الناس (بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول) ذلك الرجل (بلى) أي ليس الشأن عدم أمري ونهيي بل (قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه) أي والحال أني لا أفعله (وأنهى عن المنكر و) الحال أني (آتيه) أي أفعل المنكر.

قوله (فتندلق أقتاب بطنه) والاندلاق الخروج بسرعة يقال اندلق السيف من غمده إذا خرج من غير أن يسله أحد (والأقتاب) جمع قتب بكسر القاف وسكون التاء قاله الكسائي، وقال الأصمعي: جمع قتبة بكسر القاف وسكون التاء وبه سمي الرجل قتيبة لأنه تصغيرها فالأقتاب على كلا القولين الأمعاء، وقيل هي ما استدار من البطن وهي الحوايا، وأما الأمعاء فهي الأقصاب واحدها قصب بضم القاف وسكون الصاد، ويقال اندلق الشيء من باب انفعل الخماسي ثلاثية دلق، والاندلاق خروج الشيء بسرعة من مكانه فكل شيء يبرز خارجًا فقد اندلق، ومنه اندلق السيف إذا شق جفنه فخرج بسرعة ودلقت الخيل إذا خرجت بسرعة.

(قوله كنت آمرًا بالمعروف ولا آتيه) إلخ إنما عذب على كونه لم يعمل بما علمه من الأمر والنهي، وإنما أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإن لم يمتثل هو فذلك واجب أداؤه وطاعة يستحق الثواب عليها إذ لا يشترط عند أهل السنة في الأمر بالمعروف أن يعمل الآمر بذلك المعروف ولا من شرط النهي عن المنكر عندهم أن ينكف الناهي عن ذلك المنكر بل يجب عليه أن يأمر وإن لم يمتثل وينهى وإن لم ينته اهـ سنوسي. قال الأبي (فإن قلت) أسامة إنما سألوه أن ينهى عثمان فأخبرهم أنه قد فعل لكن سرًّا ولم يداهنه فما وجه إتيانه بالحديث واستدلاله به. (قلت) الحديث كم دل بالنص على عقوبة من نهى عن المنكر وفعله فهو أيضًا يدل باللزوم على عقوبة من لم ينه فكأنه قال لم لا أنهى وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحديث، وقيل الأمر بالمعروف باليد على الأمراء، وباللسان على العلماء، وبالقلب على عوام الناس.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في بدء الخلق باب صفة النار وأنها مخلوقة [3267] وفي الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر [7098]، وأحمد

ص: 415

7307 -

(00)(00) حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ. قَال: كُنَّا عِنْدَ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ. فَقَال رَجُلٌ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فِيمَا يَصْنَعُ؟ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.

7308 -

(2970)(137) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. (قَال عَبْدٌ: حَدَّثَنِي. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ. قَال: قَال سَالِمٌ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُل أُمَّتِي مُعَافَاةٌ

ــ

[5/ 205 و 209]، والحاكم في المستدرك [4/ 89]، والبغوي [14/ 351].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسامة رضي الله عنه فقال:

7307 -

(00)(00)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (قال) أبو وائل (كنا عند أسامة بن زيد) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة جرير لأبي معاوية (فقال رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه (ما يمنعك) يا أسامة (أن تدخل على عثمان) بن عفان رضي الله عنه وأنت من بطانته (فتكلمه) أي فتعظه (فيما يصنع) ويفعل من ترك إقامة الحد على الوليد بن عقبة وإيثار أقاربه بالولاية (وساق) جرير (الحديث) السابق (بمثله) أي بمثل ما روى أبو معاوية عن الأعمش.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثامن من الترجمة وهو النهي عن هتك الستر عن نفسه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

7308 -

(2970)(137)(حدثني زهير بن حرب ومحمد بن حاتم) بن ميمون البغدادي (وعبد بن حميد) الكسي (قال عبد) بن حميد (حدثني وقال الآخران حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا) محمد (بن) عبد الله بن مسلم بن شهاب (أخي) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري الصغير المدني، صدوق، من (6) يروي عنه في (5) أبواب (عن عمه) الزهري الكبير محمد بن مسلم بن شهاب (قال) ابن شهاب (قال) لنا (سالم) بن عبد الله بن عمر (سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) وهذا السند من سداسياته (كل أمتي معافاة)

ص: 416

إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ. وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلانُ، قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا. وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ"

ــ

قال النووي: كذا في معظم النسخ المعتمدة في مسلم (معافاة) بالتاء المثناة من فوق مراعاة للفظ الأمة، ووقع في رواية البخاري (معافى) بلا تاء التأنيث نظرًا إلى لفظ كل، وعلى كلا التقديرين هو اسم مفعول من المعافاة المشتقة من العافية وهي السلامة، وهي إما بمعنى عفا الله عنهم، أو بمعنى سلمهم الله وأعطاهم العافية من العذاب أي كلهم معفو لهم بالسلامة من العذاب (إلا المجاهرين) أي إلا المستهزئين بالذنوب يصبحون يخبرون بها ويتحدثون بمعاصيهم وقد سترهم الله تعالى عليها فاستثناهم الله من معافاته كذا في الأبي. وقوله (إلا المجاهرين) كذا وقع منصوبًا في أكثر الروايات عند البخاري ومسلم، ووقع في رواية النسفي للبخاري إلا المجاهرون بالرفع، وصوابه عند البصريين بالنصب لكون المستثنى منه مذكورًا وهو أمتي، وأول بعضهم رواية الرفع بأن إلا بمعنى لكن مخففة والمجاهرون مبتدأ خبره محذوف تقديره لكن المجاهرون لا يعافون، والمجاهر هو الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها لغير ضرورة ولا حاجة أو ارتكب المعصية علنًا بمحضر من الناس، ودل الحديث على كون المجاهرة بالمعصية أشد وأشنع من ارتكابها في الخلوات، قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها. قال السنوسي: والمجاهرون هم الذين جاهروا وأظهروا بمعاصيهم ولم يستتروا بستر الله تعالى فيها فاستثناهم الله تعالى من معافاته لكن فضله سبحانه وتعالى ورحمته وسعت كل شيء اهـ سنوسي (وإن من الإجهار) والإظهار بالمعاصي (أن يعمل العبد بالليل) أي في الليل في خلوته (عملًا) سيئًا (ثم يصبح) أي يدخل في الصباح و (قد ستره ربه) تبارك وتعالى على عمله السيء (فيقول) في الصباح مستهزئًا بعمله (يا فلان قد عملت البارحة) أي في هذه الليلة القريبة إلينا (كذا وكذا) من الذنوب كقوله زنيت ببنت فلان وسرقت مال فلان (وقد بات يستره ربه) أي وقد وإن ربه ساترًا له طول ليله، وجملة بات حال من فاعل يقول. وقوله (فيببت يستره ربه) جملة مستأنفة ذكرها توطئة لما بعدها وهو قوله (ويصبح يكشف ستر الله عنه)

ص: 417

قَال زُهَيرٌ: "وَإِنَّ مِنَ الْهِجَارِ".

7309 -

(2971)(138) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ، (وَهُوَ ابْنُ غِيَاثٍ)، عَنْ سُلَيمَانَ

ــ

أي ويكون في الصباح كاشفًا ستر الله عن نفسه بإخباره للناس سخرية وأضحوكة (قال زهير) بن حرب في روايته (وإن من الهجار) بتقديم الهاء على الجيم، وفي هذه الكلمة خمس روايات: الأولى (وإن من الإجهار) وهذه رواية الفارسي من أجهر الرباعي. والثانية (وإن من الجهار) وهي رواية ابن ماهان من جهر الثلاثي. والثالثة (وإن من المجاهرة) وهي رواية للبخاري من جاهر الرباعي، وكل من هذه الألفاظ الثلاثة صحيح لأن جهر وأجهر وجاهر بمعنى واحد. والرابعة (وإن الهجار) وهي رواية مسلم عن زهير ذكرها في آخر الحديث من الهجر بضم الهاء وسكون الجيم بمعنى الفحش والخنا أي الكلام الباطل، قال النووي: قيل إنها خلاف الصواب وليس كذلك بل هو صحيح ويكون الهجار لغة في الإهجار الذي هو الفحش والخنا والكلام الذي لا ينبغي، ويقال في هذا أهجر إذا أتى به كذا قال الجوهري وغيره اهـ منه، والصحيح هو الأول يعني من الهجر بمعنى الفحش. والخامسة (وإن من المجانة) وهي رواية للبخاري أيضًا من المجون بمعنى الهذيان والكلام الفاضي، وقد اختارها صاحب المشكاة وأنكرها ابن بطال وزعم أنه تصحيف لكن قال الحافظ في الفتح [10/ 487] بل الذي يظهر رجحان هذه الرواية لأن الكلام المذكور بعده لا يرتاب أحد أنه من المجاهرة فليس في إعادة ذكره كبير فائدة، وأما الرواية بلفظ المجانة فتفيد معنى زائدًا وهو أن الذي يجاهر بالمعصية من جملة المجان (جمع مجنون) والمجانة مذمومة شرعًا وعرفًا اهـ منه، فالجملة خمس ثلاثة في مسلم واثنتان في البخاري.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب باب ستر المؤمن على نفسه [6069].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء التاسع من الترجمة وهو تشميت العاطس وكراهة التثاؤب بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:

7309 -

(2971)(138)(حدثني محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا حفص وهو ابن غياث) بن طلق النخعي الكوفي، ثقة، من (8)(عن سليمان) بن

ص: 418

التَّيمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَال: عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلانِ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ. فَقَال الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ أَنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِي. قَال:"إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللهَ. وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللهَ".

7310 -

(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، (يَعْنِي الأَحْمَرَ)، عَنْ سُلَيمَانَ التَّيمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ

ــ

طرخان (التيمي) البصري، ثقة، من (5)(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أنس (عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان) من المسلمين لم أو من ذكر اسمهما (فشمت) أي شمت النبي صلى الله عليه وسلم (أحدهما) أي أحد الرجلين (ولم يشمت) النبي صلى الله عليه وسلم (الآخر فقال الذي لم يشمته) النبي صلى الله عليه وسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم (عطس فلان) يعني ذلك الأحد (فشمته) بتشديد الميم لأنه من التشميت وتشديد التاء بإدغام لام الكلمة في تاء الضمير أي فشمت فلانًا (وعطست أنا فلم تشمتني) فلم شمته وتركتني فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن هذا) الذي شمته (حمد الله) تعالى على عطاسه فاستحق التشميت والدعاء له (وإنك) عطست و (لم تحمد الله) على عطاسك فلم تستحق التشميت، إنما التشميت لمن حمد الله تعالى على عطاسه، قال الأبي: لم يذكر في الحديث أنه أرشده إلى الحمد. قال الطيبي: وعلى من سمعه أن يرشده إلى الحمد. قال مكحول: كنت إلى جانب عمر فعطس رجل من ناحية المسجد، فقال عمر: يرحمك الله إن حمدت. وقال الشعبي: إذا سمعت الرجل يعطس من وراء جدار فحمد الله فشمته. وقال إبراهيم: إذا كنت وحدك فعطست وحمدت فقل يغفر الله لي ولكم اهـ منه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

7310 -

(00)(00)(وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد يعني الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق، من (8)(عن سليمان التيمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا السند أيضًا من رباعياته، غرضه بيان متابعة أبي خالد لحفص بن غياث، وساق أبو خالد (بمثله) أي بمثل حديث حفص بن غياث.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الأدب [6221]، وأبو داود

ص: 419

7311 -

(2972)(139) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ، (وَاللَّفْظُ لِزُهَيرٍ)، قَالا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ،

ــ

في الأدب [5039]، والترمذي في الأدب [2742]، وابن ماجه في الأدب [3757]، وأحمد [3/ 117].

وقد سبق للمؤلف في كتاب السلام برقم (5606) وقد بسطنا الكلام على العطاس هناك فراجعه.

قال النووي: قوله (فشمت أحدهما) إلخ يقال شمت بالشين المعجمة والمهملة لغتان مشهورتان، المعجمة أفصح، قال ثعلب: معناه بالمعجمة أبعد الله عنك الشماتة أي فرح الأعداء بمصيبتك، وبالمهملة هداك الله إلى ما هو القصد والهدى من السمت وهو الاستواء والاستقامة والهداية، والعطاس هو خروج ما اختنق في الدماغ من الأبخرة، وأول من عطس آدم عليه السلام كما ذكرناه في الحدائق مع بيان سببه.

قال القاضي: قال بعض شيوخنا: وإنما أمر العاطس بالحمد لما حصل له من المنفعة بالعطاس بخروج أبخرة فاسدة مضرة من دماغه بسبب العطاس التي تصاعدت من المعدة إلى الدماغ.

وقد اختلف أهل المذاهب في حكم التشميت عند حمد العاطس فهو واجب على الكفاية عند الحنفية قاله العزيزي، وفرض كفاية عند مالك، وسنة عند الشافعي، وواجب عند الظاهرية قاله النووي. وفي العزيزي: الكافر لا يشمت بالرحمة بل يقال يهديكم الله ويصلح بالكم اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث أبي موسى رضي الله عنهما فقال:

7311 -

(2972)(139)(حدثني زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لزهير قالا حدثنا القاسم بن مالك) المزني أبو جعفر الكوفي، صدوق فيه لين، من صغار الثامنة، له في (خ) فرد حديث، وفي (م) حديثان في الصلاة وفي العطاس (عن عاصم بن كليب) بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري، ثقة، من (2) روى عنه في (5)

ص: 420

قَال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى، وَهُوَ فِي بَيتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ. فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي. وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا. فَلَمَّا جَاءَهَا قَالتْ: عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ، وَعطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا. فَقَال: إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ، فَلَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَمْ أُشَمِّتْهُ. وَعَطَسَتْ، فَحَمِدَتِ اللهَ، فَشَمَّتُّهَا. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَا تُشَمِّتُوهُ"

ــ

أبواب (قال) أبو بردة (دخلت على) والدي (أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه (وهو) أي أبو موسى (في بيت) زوجته (بنت الفضل بن عباس) رضي الله عنهما، وهذه البنت اسمها أم كلثوم بنت الفضل بن عباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبي موسى الأشعري تزوجها بعد فراق الحسن بن علي لها وولدت لأبي موسى ابنه موسى، ومات عنها فتزوجها بعده عمران بن طلحة ففارقها، وماتت بالكوفة، ودفنت بظاهرها اهـ نووي (فعطست) أنا (فلم يشمتني) والدي (وعطست) زوجته أم كلثوم (فشمتها فرجعت إلى) بيت (أمي) وهي ضرة لبنت الفضل بن عباس، ولعل اسم أمه أم عبد الله (فأخبرتها) أي أخبرت أمي بما جرى بيني وبين والدي من عدم التشميت لي مع تشميته لعطاس زوجته (فلما جاءها) أي فلما جاء والدي أبو موسى إياها في نوبتها (قالت) له أمي (عطس عندك ابني) أبو بردة (فلم تشمته وعطست) زوجتك بنت الفضل (فشمتها) فلم ميزت بينهما في التشميت فكأنها غارت لابنها (فقال) أبي في جواب أمي (إن ابنك عطس فلم يحمد الله) تعالى على نعمة العطاس (فلم أشمته) أنا فإنما التشميت لمن حمد الله بعد عطاسه. وهذا يدل على أن التشميت إنما هو بعد الحمد، ولهذا قال مالك: لا تشمته حتى تسمعه حمد وإن بعد منك، وإن رأيت من يليه شمته فشمته، واستحب له أن يرفع صوته بالحمد اهـ من الأبي (وعطست) بنت الفضل (فحمدت الله) بعد عطاسها (فشمتها) بتشديد الميم والتاء مع ضمها لأنها للمتكلم، وإنما فرقت بينهما بالتشميت لها وتركه في عطاسه لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه).

ص: 421

7312 -

(2973)(140) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيُرٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَال لَهُ:"يَرْحَمُكَ اللهُ" ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الرَّجُلُ مَزْكُومٌ"

ــ

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم من بين أصحاب الأمهات، لكنه شاركه أحمد [4/ 412]، والبغوي [12/ 312].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس بحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنهما فقال:

7312 -

(2973)(140)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا وكيع حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي الحنفي اليمامي أصله من البصرة، صدوق، من (5) روى عنه في (9)(عن إياس بن سلمة) بن عمر (بن الأكوع) الأسلمي أبي سلمة المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) سلمة بن عمر بن الأكوع الأسلمي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (واللفظ له حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم) بن مسلم بن مقسم الليثي مولاهم البغدادي، ثقة، من (9)(حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي (حدثني إياس بن سلمة) بن عمر (بن الأكوع أن أباه) أي أن أبا إياس (حدثه) أي حدث لإياس (أنه) أي أن أبا إياس (سمع النبي صلى الله عليه وسلم و) قد (عطس رجل) لم أر من ذكر اسمه (عنده) صلى الله عليه وسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (له) أي لذلك الرجل (يرحمك الله ثم عطس) ذلك الرجل مرة (أخرى فقال له) أي لذلك الرجل العاطس (رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم) أي لعل هذا الرجل مأخوذ بالزكام، قال النووي: يعني أنك لست ممن يشمت بعد هذا لأن هذا الذي بك مرض (فإن قيل) إذا وإن مريضًا فكان الأولى أن يدعى له لأنه أحق بالدعاء من غيره (فالجواب) أنه يستحب أن يدعى له بالعافية لا بدعاء العاطس (قلت) مذهب مالك من تكرر منه العطاس يشمته ثلاثًا ثم يمسك لحديث أبي داود شمت أخاك ثلاثًا فإن زاد فهو مزكوم، ووقع في الموطأ على الشك، قال: لا أدري

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أفي الثانية أو في الثالثة، وحديث أبي دواد هذا يرفع الشك، وأما حديث مسلم هذا فلم يذكر فيه أنه تكرر، وظاهره أنه متى عرف أن العاطس مزكوم أو تكرر فلا يشمته ولعل الراوي لم يحضر إلا بعد الثالثة أو لم يجعل باله إلا حينئذ اهـ من الأبي.

قال القاضي عياض: لا خلاف أن العاطس مأمور بالحمد، واختلف في كيفية حمده فقيل يقول الحمد لله، وقيل يزيد رب العالمين، وقيل يقول الحمد لله على كل حال، وخيره الطبري فيما شاء من ذلك، وأما التشميت فاختلف في حكمه فمشهور مذهب مالك وهو قول جماعة أنه فرض كفاية كرد السلام، وقال ابن مزين وأهل الظاهر: هو فرض عين لحديث إذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وقال عبد الوهاب وجماعة هو مستحب قالوا: وقوله حق على كل مسلم معناه في حكم الأدب وكرم الأخلاق كقولهم حق الإبل أن تحلب على المار، واختلف في كيفية التشميت فقيل يقول: يرحمك الله، وقيل يقول: الحمد لله يرحمك الله، وقيل يقول: يرحمنا الله وإياكم اهـ من الأبي.

وقال القاضي أيضًا: واختلف في صفة رد العاطس، فقيل يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وقيل يقول: يغفر الله لنا ولكم. قال الأبي: هذا القول على التخيير حكاه ابن رشد عن مالك، واختار عبد الوهاب يهديكم الله ويصلح بالكم، قال ابن رشد: والذي أقول به أن يقول: يغفر الله لنا ولكم، إذ لا يعلم سلامة أحد من ذنب وصاحب الذنب محتاج إلى المغفرة، وإن جمع بينهما فقال: يغفر الله لنا ولكم، ويهديكم ويصلح بالكم كان أحسن إلا في الذمي فليقل يهديكم الله ولا يقول: يغفر الله لأن اليهود والنصارى لا يغفر لهما الذنوب إلا بعد الإيمان.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب كم مرة يشمت العاطس [5037]، والترمذي في الأدب باب ما جاء كم يشمت العاطس [2743]، وابن ماجه في الأدب باب تشميت العاطس [3758]، وأحمد [4/ 46 و 50]، وابن حبان [1/ 403].

ثم استدل المؤلف على الجزء العاشر من الترجمة وهي كراهية التثاؤب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 423

7313 -

(2974)(141) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ)، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ"

ــ

7313 -

(2974)(141)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد) الثقفي (وعلي بن حجر السعدي) المروزي (قالوا حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التثاؤب من الشيطان) قال في المصباح: يقال تثاءب بالهمزة تثاؤبًا على وزن تقاتل تقاتلًا وتثاوب بالواو عامي، وفي المناوي: تثاءب بهمزة بعد الألف وبالواو غلط اهـ وهو التنفس الذي ينفتح منه الفم، قال بعض الشافعية: وإنما ينشأ عن امتلاء وثقل النفس وكدورة الحواس ويورث الغفلة والكسل وسوء الفهم، وكذلك كرهه الله تعالى وأحبه الشيطان وضحك منه، والعطاس لما وإن سببًا لخفة الدماغ واستفراغ الفضلات وصفاء الروح وتقوية الحواس وإن أمره بالعكس، ولكونه من الشيطان، قيل إنه ما تثاءب نبي قط اهـ من الأبي. وفي المبارق: التثاؤب فتح الحيوان فمه لما عراه من ثقل وامتلاء طعام، وهذا يكودق سببًا للكسل عن الطاعات والحضور فيها، ولذا صار منسوبًا إلى الشيطان. قوله (من الشيطان) قال النووي: أي من كسله وتسببه، وقيل نسب إليه لأنه يرضيه، وفي البخاري "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب" قالوا: لأن العطاس يدل على النشاط وخفة البدن والتثاؤب بخلافه اهـ (فإذا تثاءب أحدكم) أيها الناس، قال النووي: وقع ها هنا في بعض النسخ تثاءب بالمد مخففًا، وفي أكثرها تثاوب بالواو، وكذا وقع في الروايات الثلاث بعد هذه تثاوب بالواو، قال القاضي: قال ثابت: ولا يقال تثاءب بالمد مخففًا بل تثأب بتشديد الهمزة، قال ابن دريد: أصله من تثأب الرجل بالتشديد فهو متثئب إذا استرخى وكسل، قال الجوهري: يقال تثاءبت بالمد مخففًا على وزن تفاعلت ولا يقال تثاوبت بالواو اهـ منه (فليكظم) بكسر الظاء من باب ضرب أي فليمنع ويرد تثاؤبه (ما استطاع) أي مدة استطاعة ردّه أو

ص: 424

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقدر استطاعته وقدرته على كظمه ورده بوضع يده على فمه لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه وضحكه منه وأمره بالتفل ليطرح ما عسى أن يكون الشيطان ألقاه في فيه أو لما مسه من ريقه إن كان دخله، قال الأبي: وفي المدونة وكان مالك إذا تثاءب سد فاه بيده ونفث في غير الصلاة، وما أدري ما فعله في الصلاة اهـ.

قوله (التثاؤب من الشيطان) والتثاؤب مهموز يقال ثئب الرجل بالبناء للمجهول وتثاءب إذا أصابه كسل وفترة كما في القاموس، ثم استعير للفعل المخصوص الذي يفتح فيه المرء فمه لإدخاله الهواء أو لإخراجه، والاسم ثوباء، قال ابن بطال: إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة للرضا والإرادة أي إن الشيطان يحب أن يرى الرجل متثائبًا لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه وليس المراد أن الشيطان فعل التثاؤب اهـ والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المآكل والمشارب، ومعنى (إذا تثاءب أحدكم) أي إذا أراد أن يتثاءب أو كاد أن يتثاءب (فليكظم ما استطاع) أي فليأخذ في أسباب رده مثل أن يمسك شفته السفلى بثناياه أو بطريق آخر، والتجربة أن عدم الالتفات إلى التثاؤب والاشتغال بعمل ينافي الكسل يفيد في كظم التثاؤب، ومن أقوى طرق رد التثاؤب أن يستحضر هذا الحديث، وقال بعض الشافعية: ومن المجرب في دفع التثاؤب أن يضع ظهر كف يده اليسرى على الفم عند إرادة التثاؤب، ومن المجرب في دفع الضحك إذا غلبك أن تنظر إلى أظفار يدك، وقد بينوا حكمة ذلك فراجع إلى كتبهم والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في كتاب الأدب باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب [6223]، وأبو داود في الأدب باب ما جاء في التثاؤب [5028]، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة [370] وفي الأدب باب ما جاء إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب [2746 و 2747]، وأحمد [2/ 428]، وابن خزيمة [2/ 61]، وابن حبان [1/ 401 و 4/ 44]، والبغوي [12/ 306].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما فقال:

ص: 425

7314 -

(2975)(142) حدّثني أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا سُهَيلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَال: سَمِعْتُ ابْنًا لأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يُحَدِّثُ أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ. فَإِنَّ الشَّيطَانَ يَدْخُلُ"

ــ

7314 -

(2975)(142)(حدثني أبو غسان المسمعي مالك بن عبد الواحد) البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثنا سهيل بن أبي صالح) السمان، صدوق، من (6) روى عنه في (13) بابا (قال) سهيل (سمعت ابنًا لأبي سعيد الخدري) سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي المدني رضي الله عنه، اسم ذلك الابن عبد الرحمن بن أبي سعيد كما صرح به عبد العزيز بن محمد عن سهيل في الرواية الآتية، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (يحدث) ذلك الابن (أبي) أبا صالح السمان (عن أبيه) أبي سعيد الخدري (قال) أبوه أبو سعيد الخدري. وهذا السند من خماسياته، وفيه رواية تابعي عن تابعي (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه) أي فليغط فمه بكفه (فإن الشيطان يدخل) فمه عند انفتاحه سترًا على فعله المذموم الجالب للكسل والنوم، وفي المناوي: يضع ظهر كف يساره ندبًا اهـ، وفي الحفني: تحصل السنة بوضع الظهر أو البطن من اليمنى أو اليسرى اهـ.

قال العلماء: الأمر بكظم التثاؤب ورده ووضع اليد على الفم لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله في فمه وضحكه منه قاله النووي. قوله (فليمسك بيده على فمه) قال الحافظ: يتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب فيغطي بالكف ونحوه، وما إذا وإن منطبقًا حفظًا له عن الانفتاح بسبب ذلك، وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه مما يحصل ذلك المقصود، ثم ذكر أن المصلي يفعل ذلك أيضًا وإنه يستثنى عن النهي من أن يغطي الرجل فاه في الصلاة، وهذا النهي مروي عند ابن ماجه رقم [953] في باب ما يكره في الصلاة اهـ. قوله (فإن الشيطان يدخل) أي من فمه إلى باطن بدنه مع التثاؤب يعني يتمكن على الوسوسة منه في تلك الحالة ويغلب عليه أو يدخله حقيقة ليشغله عن صلاته فيخرج منها أو يترك الشروع فيها، والأمر عام لكنه للمصلي آكد اهـ دهني. وقال الحافظ في الفتح [10/ 612] قوله (فإن الشيطان يدخل) يحتمل أن يراد به

ص: 426

7315 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَن أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِك بِيَدِهِ. فَإِنَّ الشَّيطَانَ يَدْخُلُ".

7316 -

(00)(00) حدّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ــ

الدخول حقيقة وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم لكنه لا يتمكن منه ما دام ذاكرًا لله تعالى، والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة، ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه يعني بالوسوسة، وقد ورد عند البخاري في حديث أبي هريرة [6226](فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان) وذلك لأنه يفرح بما يورث الكسل ويشوه صورة الإنسان، وورد عند ابن ماجه في باب ما يكره في الصلاة في حديث أبي هريرة "فليضع يده على فيه ولا يعوي فإن الشيطان يضحك" وهو نهي عن إخراج الصوت عند التثاؤب شبهه بعواء الكلب تنفيرًا عنه واستقباحًا له فإن الكلب يرفع رأسه ويفتح فاه ويعوي، والمتثائب إذا أفرط في التثاؤب شابهه اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:

7315 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد الدراوردي المدني (عن سهيل) بن أبي صالح (عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه) أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد العزيز لبشر بن المفضل (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تثاوب أحدكم فليمسك بيده) فمه ولا يفتح فمه (فإن الشيطان يدخلـ) ـه.

ثم ذكر المتابعة ثانيًا فقال:

7316 -

(00)(00)(حدثني أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن سهيل بن أبي صالح عن) عبد الرحمن (بن أبي سعيد الخدري عن أبيه) أبي سعيد الخدري (قال) أبو سعيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا

ص: 427

"إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ، فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ. فَإِن الشيطَانَ يَدْخُلُ".

7317 -

(00)(00) حدّثناه عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بِمِثْلِ حَدِيثِ بِشْرٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ

ــ

السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لبشر بن المفضل وعبد العزيز إلا أنه زاد لفظة "فليكظم ما استطاع"(إذا تثاوب أحدكم في الصلاة فليكظم) أي فليدفع تثاؤبه بـ (ما استطاع فإن الشيطان يدخل) فاه.

ثم ذكر المتابعة ثالثًا فقال:

7317 -

(00)(00)(حدثناه عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير) بن عبد الحميد (عن سهيل عن أبيه) أبي صالح السمان (وعن) عبد الرحمن (بن أبي سعيد) الخدري كلاهما (عن أبي سعيد) الخدري (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة جرير لبشر بن المفضل وعبد العزيز، وساق جرير (بمثل حديث بشر وعبد العزيز) بن محمد.

ثم أحاديث هذا الباب مطلقة في الأمر بكظم التثاؤب سواء كان في حالة الصلاة أو في غيرها، وقد وردت بعض الأحاديث مقيدة بالصلاة كما أخرج الترمذي حديث أبي هريرة بلفظ "التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاؤب أحدكم فليكظم ما استطاع" وكذا أخرجه النسائي فحمل بعض العلماء الشافعية المطلق على المقيد، فزعم أن النهي منحصر في حالة الصلاة، ولكن ذهب أكثرهم إلى أن أصل الأمر مطلق ولكنه يتأكد في حالة الصلاة أكثر منه في غيرها، وقال الحافظ في الفتح: ومما يؤمر به المتثائب إذا كان في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى يذهب عنه لئلا يغير نظم قراءته، وأسند ابن أبي شيبة نحو ذلك عن مجاهد وعكرمة والتابعين المشهورين، ومن الخصائص النبوية ما أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ من مرسل يزيد بن الأصم قال: ما تثاءب النبي صلى الله عليه وسلم قط، وأخرج الخطابي من طريق مسلمة بن عبد الملك بن مروان قال: ما تثاءب نبي قط، ومسلمة أدرك بعض الصحابة، وهو صدوق، ويؤيد ذلك ما ثبت أن التثاؤب من الشيطان وهم معصومون منه، ووقع في الشفاء لابن سبع أنه صلى الله عليه وسلم وإن لا يتمطى لأنه من الشيطان والله أعلم.

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة عشر حديثًا، عشرة منها للاستدلال وسبعة للاستشهاد: الأول منها حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والرابع حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد، والخامس حديث عثمان ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والسادس حديث أبي هريرة الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع حديث أبي هريرة الرابع ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس، والثامن حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد، والتاسع حديث جندب بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والعاشر حديث أبي هريرة الخامس ذكره للاستدلال به على الجزء السادس وذكر فيه متابعة واحدة، والحادي عشر حديث أسامة بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء السابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني عشر حديث أبي هريرة السادس ذكره للاستدلال به على الجزء الثامن، والثالث عشر حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الجزء التاسع وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع عشر حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد، والخامس عشر حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستشهاد، والسادس عشر حديث أبي هريرة السابع ذكره للاستدلال به على الجزء العاشر من الترجمة، والسابع عشر حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 429