الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ-
الفعل:
عرَّف النحاة الفعل بأنه ما دلَّ على حدث وزمن، ودلالته على الحدث تأتي عن اشتراكه مع مصدره في مادة واحدة، والمعروف أن المصدر اسم الحدث، فما شاركه في مادة اشتقاقه كالفعل والصفة والميميات لا بُدَّ أن يكون على صلة من نوعٍ ما بمعنى الحدث؛ كالدلالة على اقتران الحدث بالزمان، أو على موصوف بالحدث، أو على مكان الحدث أو زمانه أو آلته. وأما معنى الزمن فإنه يأتي على المستوى الصرفي من شكل الصيغة، وعلى المستوى النحوي من مجرى السياق، ومعنى إتيان الزمن على المستوى الصرفي من شكل الصيغة أنَّ الزمن هنا وظيفة الصيغة المفردة، ومعنى أن الزمن يأتي على المستوى النحوي من مجرد السياق أن الزمن في النحو وظيفة السياق وليس وظيفة صيغة الفعل؛ لأن الفعل الذي على صيغة فعل قد يدل في السياق على المستقبل، والذي على صيغة المضارع قد يدل فيه على الماضي. فقول النحاة:"والزمن جزء منه" قول مقبول على مستوى الصرف فقط، ويمكن من الناحية الصرفية أن نمثِّل العلاقة بين الحدث والزمن على النحو الآتي:
والفعل من حيث المبنى الصرفي ماضٍ ومضارع وأمر، فهذه الأقسام الثلاثة تختلف من حيث المبنى وهي فوق ذلك تختلف من حيث المعنى الصرفي
الزمني أيضًا، فأما من حيث المبنى: فلكلٍّ منها صيغته الخاصة ما بين مجرَّدة أو مزيدة من الثلاثي أو الرباعي، كما أن كل واحد منها يمتاز عن صاحبه بسمات خاصة، فالماضي يستبين بقبول تاء الفاعل وتاء التأنيث، والمضارع يبدأ بأحد حروف المضارعة، ويقبل لام الأمر ونوني التوكيد والإناث، ويضامّ السين وسوف ولم ولن، والأمر يضام النونين دون غيرهما من هذه القرائن. وأما من حيث المعنى: فإن هذه الأفعال الثلاثة تختلف في دلالتها بصيغها على الزمن على النحو التالي:
هذا هو النظام الزمني الصرفي في اللغة الفصحى، ومنه يبدو أن صيغة فعل ونحوها مقصورة على الماضي، وأن صيغتي يفعل وأفعل ونحوهما، إما أن يكونا للحال أو للاستقبال، فلا يتحدد لأيٍّ منهما أحد المعنيين إلّا بقرينة السياق، لأن السياق يحمل من القرائن اللفظية والمعنوية والحالية ما يعين على فهم الزمن في مجال أوسع من مجرد المجال الصرفي المحدود. وهكذا يكون نظام الزمن جزءًا من النظام الصرفي، وأما الزمن السياقي النحوي: فإنه جزء من الظواهر الموقعية السياقية؛ لأن دلالة الفعل على زمنٍ ما تتوقف على موقعه وعلى قرينته في السياق، وتتضح العلاقة بين هذين النوعين من أنواع الزمن من الشكل الآتي:
وللأفعال في جملتها سمات من المبنى والمعنى يمكن تمييزها بها عن غيرها، ومن ثَمَّ تكون قسمًا مستقلًّا من أقسام الكلم في العربية الفصحى، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
1-
من حيث الصورة الإعرابية: يختص الفعل بقبول الجزم "وهو المضارع من بين الأفعال"، فلا يشاركه فيه قسم آخر من أقسام الكلم، والمعروف أن الجزم حالة إعرابية تختلف عن البناء على السكون، وهذا البناء على السكون ليس سمة خاصّة لأي قسم من أقسام الكلم، وإذا كان الماضي لا يجزم لفظًا فإنه يجزم محلًّا حين يكون شرطًا، ولا جزم لفعل الأمر من أي نوع.
2-
من حيث الصيغة الخاصة: هناك صيغ محفوظة قياسية مبوبة إلى ستة أبواب للفعل الثلاثي، وهناك صيغ أخرى محفوظة قياسية للأفعال مما زاد على الثلاثة، ثم هناك صيغ من كل ذلك لما بني للمعلوم، وصيغ أخرى لما بني للمجهول، ومن هنا يمكن لنا أن نميز الفعل بهذه الصيغ من غيره من أقسام الكلم بمجرد معرفة الصيغة، وبهذا تمتاز الأفعال عن بقية الأقسام.
3-
من حيث الجدول: الأفعال تقبل الدخول في جميع أنواع الجداول، فإذا وصفنا الفعل في جدول إلصاقي فإننا نستطيع أن نخبر بهذا الجدول مدى تقبل الفعل للتاءين أو لحروف المضارعة أو النونين أو ما يلصق به أي نوع من الإلصاق؛ كالضمائر المتصلة وسين التنفيس وهلم جرا. وإذا وضعنا الفعل في الجدول التصريفي أمكننا أن نعرف ما إذا كان الفعل متصرفًا أو غير متصرف، وما إذا كان المتصرف منه تامّ التصرف أو ناقص التصرف، أما إذا وضعنا الفعل في جدولٍ إسنادي فإننا سنتعلم من الجدول طريقة إسناد الفعل إلى الضمائر المختلفة، وما يترتب على ذلك في بعض الإسنادات من إعلال أو إبدال أو نقل أو حذف أو غير ذلك، ولا يقبل الدخول في جميع أنواع الجداول على هذا النحو إلّا الفعل، وبذا يمتاز الفعل عن بقية أقسام الكلم.
4-
من حيث الإلصاق وعدمه: تمتاز الأفعال من هذه الناحية بقبول طائفة من اللواصق التي لا تلصق بغيرها، ومنها الضمائر المتصلة في حالة الرفع، والسين ولام الأمر وحروف المضارعة وتاء التأنيث، وقد أشرنا إلى ذلك أكثر من مرة قبل قليل.
5-
من حيث التضام: تختص الأفعال بقبول التضامّ مع قد وسوف ولم ولن ولا الناهية، وحين يكون الفعل لازمًا يكون وصوله إلى المفعول به بواسطة ضميمة مختارة من حروف الجر.
6-
من حيث الدلالة على الحدث: تدل الأفعال على الحدث دلالة تضمنية، لأن الحدث جزء معناها، فهي تدل إلى جانبه على الزمن، فتختلف عن الأسماء التي تدل على مسمى، وعن المصدر من بين الأسماء من حيث تكون دلالة المصدر على الحدث دلالة مطابقة لا تضمن، فالحدث هو كل معنى المصدر ولكنه جزء معنى الفعل، وكذلك يختلف الفعل بهذا عن الصفة التي تدل على موصوف بالحدث لا على الحدث نفسه.
7-
من حيث الدلالة على الزمن: سبق أن ذكرنا أن الأفعال تدل على الزمن بصيغتها دلالة وظيفية صرفية مطَّردة، وبهذا يختلف الفعل عن الصفة التي لا تتصل بمعنى الزمن إلّا من خلال علاقات السياق، فدلالة الصفة على الزمن وظيفة السياق لا وظيفة الصفة، وكذلك تختلف الأفعال في دلالتها على الزمن عن الأدوات الفعلية الناسخة مثل: كان وكاد وأخواتهما؛ لأن الزمن وحده هو معنى هذه النواسخ، فلا يقترن فيها بمعنى الحدث، وإذا اقترن بشيء من المعاني الأخرى، فإنه يقترن ببعض معاني الجهة كالمقاربة والشروع والاستمرار وهلم جرا.
8-
من حيث التعليق: يبدو الفعل في السياق في صورة المسند، ولا يكون مسندًا إليه أبدًا، فهو بذلك عكس الاسم تمامًا، ومختلف عن الصفة، كما يبدو من الشكل الآتي: