المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3- وكذلك نلاحظ هذه الظاهرة في المقابلات الآتية: ربي رب سوف س، - اللغة العربية معناها ومبناها

[تمام حسان]

الفصل: 3- وكذلك نلاحظ هذه الظاهرة في المقابلات الآتية: ربي رب سوف س،

3-

وكذلك نلاحظ هذه الظاهرة في المقابلات الآتية:

ربي رب

سوف س، سف، سو

يشفيني يشفين

همو هم

كتابكمو كتابكم

كتابي -كتابيه كتابي

لم يكن لم يك

فَخِذ فَخْذ

يأمركم "بالتحريك" يأمركم "بالاختلاس"

إن ضم هذه الظواهر المبعثرة في العربية الفصحى تحت عنوان واحد ليجعلها أسهل فهمًا وأوغل في طرق النمطية اللغوية.

ص: 304

12-

‌ النبر:

سبق أن شرحنا قواعد النبر الأَوَّلِي والثانوي، أو بعبارة أخرى: نبر القاعدة أو النبر كما يقع في إطار نظام الصرف صامتًا صمت القاعدة الصرفية. ولقد ذكرنا من قبل كيف يصادف النظام والقواعد التي يتكون منها بعض المشاكل عند التطبيق وذكرنا أن الظواهر السياقية ليست أكثر من حلول صوتية لهذه المشكلات، ونظام النبر الذي شرحنا من قبل يصادف بعض المشكلات في التطبيق كذلك، وتأتي حلول هذه المشكلات في صورة حل صوتي المشكلة هو اختلاف في البنية المقطعية بين ما قررته القاعدة وما تطلبه سياق الكلام. وهنا فقط يعتبر النبر ظاهرة سياقية لأنَّ كل القواعد التي ذكرنا للنبر ليست واحدة منها حلًّا صوتيًّا لمشكلة معينة في موقع معين، وإنما هي نظام النبر في صرف اللغة العربية الفصحى كما يلاحظها المرء عند قراءة

ص: 304

القرآن، وهو الشكل العربي الوحيد للفصحى الذي يشتمل على عنصر التواتر المتعمد. ومن أمثلة هذه الحلول لمشكلات تطبيق النبر ما يأتي:

1-

ذكرنا في الكلام عن ظاهرة "التوصّل" أن الكلمة المبدوءة بالساكن إذا وقعت في بداية الكلام توصّل المتكلم إلى الساكن الذي في أولها بواسطة همزة الوصل، وفي هذه الحالة تتغيّر بنية المقطع الأقصر وهو الحرف الساكن الذي بدأت به الكلمة وكان على صورة "ص"، وتصبح مقطعًا متوسطًا مقفلًا على صورة "ص ح ص"، فالصاد الأولى هي همزة الوصل، والحاء حركتها، والصاد الثانية هي الساكن الذي توصلنا إلى النطق به والذي كان بمفرده مقطعًا مستقلًّا بحسب القاعدة التي في نظام اللغة. والمقطع على صورته الأخيرة "ص ح ص" مقطع كلامي لا لغوي.

فإذا جاءت الكلمة وسطًا في الكلام تطلبت حلًّا من طراز آخر، فإذا كان لدينا كلمة "المؤلف" فإنها تبدأ بالهمزة في بداية الكلام في نحو قولك:"المؤلف يقول"، وهنا يكون أول مقطع كلامي منها مكونًا من الهمزة والحركة واللام "ص ح ص"، ولكن هذه الكلمة في وسط الكلام تختلف عن ذلك. فإذا نظرنا إلى الفعل الماضي "قال" مبنيًّا على الفتح وجدناه مكونا من مقطعين أحدهما "قا" وهو يساوي "ص م" والثاني "ل" وهو يساوي "ص ح"، فإذا وضعنا كلمتي:"قال" و"المؤلف" معًا تغيَّرت البنية المقطعية في كلٍّ منهما بحسب مطالب السياق، ويصبح التركيب المقطعي الكلامي مخالفًا للتركيب المقطعي اللغوي الذي شرحناه، وتكون الصورة الكلامية للمقاطع في الكلمتين هي:

قا+ لل + م + ؤل + لف

والمقطع الثاني هنا هو موضع الظاهرة الموقعية حيث امتد المقطع الكلامي من نهاية كلمة سابقة إلى بداية كلمة لاحقة وحلَّ محل مقطعين من مقاطع نظام اللغة هما لَ، لْ"، أي: المقطع الأخير من "قال" والأول من "المؤلف".

ص: 305

2-

ذكرنا في الكلام عن ظاهرة "الكمية" أن الكلمات التي تنتهي بالألف أو الواو أو الياء إذا وقعت إحداها قبل كلمة مبدوءة بالساكن، فَقَدَ حرف المد في نهايتها كميته وأصبح بمقدار الحركة من ناحية "المدة" التي يستغرقها النطق بحرف المد. ومعنى ذلك أن البنية المقطعية قد اختلفت بمطالب الكلام عمَّا كانت عليه حسب مقررات القاعدة، فكلمة "القاضي" تنتهي بمقطع "ضي" وهو في كمية "ص م"، وكلمة "الفاضل" تبد بمقطع "لْ" وكميتها "ص"، وعندما نقول عبارة:"القاضي الفاضل" يتطلب نظام بنية الكلمتين أن يكون المقطعان على صورة "ضي ل" ولكن الياء بحسب ظاهرة الكمية أو كما قال النحاة العرب بحسب التخلص من التقاء الساكنين تفقد كميتها وتصير بمقدار الكسرة، ويصبح المقطعان مقطعًا واحدًا على صورة "ضِلْ" ويتم نطق الكلمتين على صورة "القاضلفاضل" وكذلك الأمر في:

يدعو الله= يدعلَّاه

الفتى العربي= الفَتَلْعَرَيى

3-

كذلك يتطلب السياق الاستعمالي أحيانًا بعض الظواهر الموقعية مثل: هاء السكت والإشباع وألف الندبة وإطلاق القافية، وغير ذلك مما يأتي عنه تغيّر في البنية المقطعية عمَّا قررته لها القاعدة. وكل هذا التغيّر في البنية المقطعية صالح لأن يغير مواقع النبر في الكلام عمَّا كان عليه في الكلمات المفردة.

4-

والزوائد والملحقات كذلك تغيّر البنية المقطعية ومواقع النبر، ويكفي أن نلاحظ الفرق بين موقعي النبر في "ضرب" وفي "ضربهما" حيث يقع على المقطع الأول في المثال الأول وعلى الثالث في الثاني.

5-

يضاف إلى ما تقدَّم من التفريق بين نبر القاعدة ونبر الاستعمال أنه يمكن أن نقسِّم نبر الاستعمال إلى عادي وتأكيدي، ولا يمكن هذا التقسيم في النوع الأول. والفرق بين هذين النوعين من النبر يمكن تلخيصه من وجهة نظر علم الأصوات اللغوية في أمور:

ص: 306

أ- إن ضغط الهواء الناشئ عن حركة الحجاب الحاجز أثناء ضغطه على الرئتين من أسفل أكبر في حالة النبر التأكيدي منه في حالة النبر العادي.

ب- إن هذا الضغط الأكبر يمر بين الأوتار الصوتية كمية من الهواء أكبر من كميته في النبر العادي، وهذه بدورها تسبب علوًّا في الصوت كما هو معروف من تحليل علوّ الصوت وانخفاضه.

6-

ولا شك أن الاعتبار الإيقاعي في نبر السياق الاستعمالي أوضح منه في نبر النظام الصرفي؛ لأن نبر النظام الصوتي نبر الكلمة المفردة والصيغة المفردة، والكلمة ربما قصرت بحيث لا تشتمل إلا على مقطع واحد منبور فلا تَتَّسِم بسمة الإيقاع، وأما السياق الاستعمالي فإنه يحرص على إظهار موسيقي اللغة بحفظ المسافات المتساوية أو المتناسبة بين مواقع النبر، مما يعطي اللغة موسيقاها الخاصة التي تعرف بها بين اللغات، وإن مجرد الاستماع إلى شخص أجنبي يتكلم العربية فيطيل الحركة ويقصر المد ويضع النبر في غير موضعه ليكشف عن قيمة النبر والكمية في تكوين موسيقى اللغة.

ولا شك أن الإيقاع إذا كان يعطي للغة موسيقاها الخاصة فإنه لا يحدد معنى وظيفيًّا ولا معجميًّا ولا دلاليًّا في السياق الكلامي، ولو أن وظيفة النبر اقتصرت على إعطاء الكلام هذا الإيقاع الخاص ما استطعنا أن نربط ربطًا مباشرًا بين النبر وبين المعنى، والمعروف أن هناك لغات تعطي النبر معنى صرفيًّا ومعجميًّا فتفرق به بين الفعل وبين الاسم، وقد اتحدا في الصورة الكتابية؛ فاللغة الإنجليزية مثلًا تفرق بالنبر هذا النوع من التفريق في مثل الحالات الآتية:

موضع النبر اسم موضع النبر فعل

المقطع الأول contract المقطع الثاني contrac

المقطع الأول interest المقطع الثاني interest

المقطع الأول contrast المقطع الثاني contrast

ص: 307