المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تؤخذ اسكنر بهذا عرفنا أن الفعل يمتاز عن كل ما عداه - اللغة العربية معناها ومبناها

[تمام حسان]

الفصل: تؤخذ اسكنر بهذا عرفنا أن الفعل يمتاز عن كل ما عداه

تؤخذ اسكنر

بهذا عرفنا أن الفعل يمتاز عن كل ما عداه من أقسام الكلم، من حيث استقلاله بصيغ معينة، ومن حيث استقلاله بقبول الجزم لفظًا أو محلًّا، ومن حيث استقلاله بقبول الدخول في جدول إسنادي، ومن حيث تفرّده بقبول إلصاق ضمائر الرفع المتصلة به، ومن حيث التضام مع كلمات أو عناصر لا تضام غير الأفعال، ثم من حيث اقتصاره على أداء وظيفة المسند في السياق، وقصوره عن أداء وظيفة المسند إليه.

ص: 108

د-‌

‌ الضمير:

لا يدل الضمير على مسمى كالاسم، ولا على موصوف بالحدث كالصفة، ولا على حدث وزمن كالفعل، لأن دلالة الضمير تتجه إلى المعاني الصرفية العامة التي أطلقنا عليها معاني التصريف، والتي قلنا: إنها يعبَّر عنها باللواصق والزوائد ونحوها. والمعنى الصرفي العام الذي يعبر عنه الضمير هو عموم الحاضر أو الغائب دون دلالة على خصوص الغائب أو الحاضر، وهذا هو المقصود بقول ابن مالك:

وما لذي غيبة أو حضور

كأنت وهو سمّ بالضمير

والحضور قد يكون حضور تكلم كأنا ونحن، وقد يكون حضور خطاب كأنت وفروعها، أو حضور إشارة كهذه وفروعها، والغيبة قد تكون شخصية كما في هو وفروعه، وقد تكون موصولية كما في الذي وفروعه، وتتبين العلاقة بين هذه الأقسام من الشكل الآتي:

ص: 108

ومعنى ذلك أن الضمائر في اللغة العربية الفصحى تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- ضمائر الشخص.

- ضمائر الإشارة.

- ضمائر الموصول.

وهذه الضمائر جميعًا دلت على معانٍ صرفية عامَّة مما يقول النحاة عنه: إنه "حقه أن يؤدي بالحرف" ولذلك فإن الضمائر لهذا السبب تشبه الحرف شبها معنويا بالإضافة إلى الشبه اللفظي الذي يظهر في بعضها. فلا فارق في الطابع بين معنى الحضور والغيبة. وبين معاني التأكيد والنفي والاستفهام والشرط وابتداء الغاية والمعية والمجاوزة والسببية والظرفية، وغيرها من المعاني التي تؤديها الحروف والأدوات المسماة بأسماء هذه المعاني العامة ومن هنا لا يمكن وصف الضمير بالتعريف أو التنكير في النظام وإنما يكون معرفة حين تعين على ذلك قرائن السياق1. وبهذا تختلف الضمائر من حيث المعنى عن الأسماء والصفات والأفعال.

أما من حيث المبنى فالمعروف أن الضمائر ليست ذات أصول اشتقاقية فلا تنسب إلى أصول ثلاثة ولا تتغير صورها التي هي عليها كما تتقلب الصيغ الصرفية بحسب المعاني ثم هي لا تبقى على صورة واحدة في الأماكن المختلفة من السياق وإنما يلحقها بعض الظواهر الموقعية من الإشباع والأضعاف واختلاف الحركة بحسب مناسبة الحركة التي بجوارها وذلك كالفرق بين له وبه، ولهم وبهم ومنهم وعليهم الخ. ثم إن الضمائر جميعا من المبنيات التي لا تظهر عليها حركات الإعراب ولا تقبل بعض علامات الأسماء كالتنوين ولا تقع موقع المضاف وإن صح فيها أن تقع موقع المضاف إليه والضمائر جميعا مفتقرة إلى القرائن باعتبارها شرطا أساسيا لدلالتها على معين فضمير المتكلم والمخاطب والإشارة قرينتها الحضور وأما ضمير الغائب فقرينته المرجع المتقدم إما لفظا أو رتبة أو هما معا فهذا المرجع هو القرينة التي تدل على المقصود

1 قرينة الحضور بالنسبة للمتكلم والمخاطب والمشار إليه وقرينة المرجع بالنسبة للغائب والمرجع أو الصلة بالنسبة للموصول.

ص: 110

بضمير الغائب، وأما الموصول فقرينته جملة الصلة التي تشرح المقصود به وترتبط به بواسطة ضمير فيها يعود عليه، فافتقار الضمائر على هذه الصورة إلى الحضور مرة، والمرجع مرة أخرى، والوصل مرة ثالثة، تبرر إفراد الضمير بقسمٍ خاصٍّ من أقسام الكلم. وهذه السمات في دلالة الضمائر وصورها هي التي دعت برتراند رسل إلى أن يسميها خواص مركزية ذاتية1 Ego Centric particulars وتمتاز هذه الضمائر عن بقية الأقسام من حيث المبنى والمعنى بالسمات الآتية:

1-

من حيث الصورة الإعرابية: كلها مبنيات لا تظهر عليها الحركات، وإنما تنسب إلى محلها الإعرابي.

2-

من حيث الصيغة: كل الضمائر لا تنتمي إلى أصول اشتقاقية ولا تتصل أسبابها من ثَمَّ بصيغ أخرى، وهذه السمة في الضمائر تقرب بها من حيث المبنى من طابع الظروف2 والأدوات.

3-

من حيث الرتبة: ذكرنا منذ قليل أن الضمائر تكون ذات مراجع متقدمة عليها في اللفظ أو في الرتبة أو فيهما معًا، والأغلب في هذا المرجع أن يكون اسمًا ظاهرًا محدد المدلول، ومن هنا يكون تحديد دلالة هذا الظاهر قرينة لفظية تعيّن الإبهام الذي كان الضمير يشتمل عليه بالوضع؛ لأن معنى الضمير وظيفي وهو الحاضر أو الغائب على إطلاقهما، فلا يدل دلالة معجمية إلّا بضميمة المرجع، وبواسطة هذا المرجع يمكن أن يدل الضمير على معين، وتقدَّم هذا المرجع لفظًا أو رتبةً أو هما معًا ضروري للوصول إلى هذه الدلالة. أما ضمير الموصول فقد يصف اسمًا ظاهرًا متقدِّم الرتبة واللفظ، فيكون الظاهر مرجعًا له، وقد لا يصف ظاهرًا فتكون الصلة أيضًا للمقصود بالموصول فهي تحدده، كما تحدد الصفة الموصوف أي كما يتحدد المنعوت بالنعت على نحو ما رأينا في الكلام عن الاسم المبهم.

4-

من حيث الإلصاق: كما تكون الضمائر المنفصلة مباني تقسيم

1 B Russel Human Knowledge

2 انظر ص119 وما بعدها.

ص: 111

تكون الضمائر المتصلة مباني تصريف، فتقوم بدور اللواصق التي تلصق بغيرها من الكلمات، سواء أكان الضمير مرفوعًا أم منصوبًا أم مجرورًا، أما إلصاق غيرها بها فيتمثل في حرف الإشباع وهاء التنبيه ولام البعد وكاف الخطاب، كما نرى الإشارة والموصول في التثنية يتقبلان الألف والنون رفعًا والياء والنون نصبًا وجرًّا، وقد يقع ضمير الشخص حشوًا في اسم الإشارة فتنفصل به هاء التنبيه عن ضمير الإشارة نفسه، كما يرى في الجدول الآتي:

هأنذا هأنت ذا ها هو ذا

ها نحن أولاء هأنت ذي ها هي ذي

هأنتما ذان ها هما ذان

ها أنتماتان ها هما تان

ها أنتم أولاء ها هم أولاء

هأنتن أولاء ها هن أولاء

وبهذا يختلف الضمير عن الأسماء والصفات، فلا يمكن عدَّه اسمًا من الأسماء، وإنما ينبغي له أن يكون قسمًا قائمًا بذاته من أقسام الكلم يتعدد معناه بين التقسيم والتصريف.

5-

من حيث التضام: الضمائر تضام الأدوات في حالة النداء والقسم والنسخ وفي الاستفهام والتوكيد وهلم جرا، وهي كذلك تضام حروف الجر والعطف والاستثناء إلخ. ولقد رأينا كيف يحتاج الضمير إلى ضميمة توضحه من مرجع أو صلة، ويكون الضمير مضافًا إليه فيضام المضاف، ولكنه لا يكون هو مضافًا أبدًا، فتفترق الضمائر بهذه السمة الأخيرة عن الأسماء والصفات ومن ثَمَّ لا تكون منها وتصبح بذاتها قسمًا مستقلًّا.

6-

من حيث الرسم الإملائي: الضمائر المتصلة لواصق لا تستقل في الكتابة عمَّا لصقت به فهي من وجهة النظر الكتابية المحضة أجزاء كلمات لا كلمات، وهي بذلك تشارك الأدوات في سمة من سماتها حين تكون الأداة على حرف واحد، فإنه تلتصق بالكلمة وتصير كالجزء منها، وذلك نحو باء الجر ولامه وباء القسم وفاء العطف وفاء الجواب ولام القسم وهلم جرا، وبهذا تمتاز الضمائر

ص: 112