الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
المناسبة:
ومما يعود في الذوق العربي أيضًا إلى كراهية التنافر ما يسمونه ظاهرة المناسبة vowel harmony فالمعروف أن الفتحة وألف المدم من قبيل صوتي واحد، وأن الكسرة وياء المد من قبيل آخر، وأن الضمة وواو المد من قبيل ثالث، فكل حركة من هذه الحركات الثلاث تناسب ما كان من قبيلها. ولقد لاحظ النحاة أن موقعا ما قد يتطلب حركة معينة بحكم النظام، أي: بحسب القاعدة، ولكن هذه الحركة المطلوبة قد تتنافر مع ما يجاورها، أو على الأقل لا تناسبه، ومن هنا يبدو السياق وقد اتخذ في مكان هذه الحركة حركة أخرى تتناسب مع ما يجاورها.
ولقد سجل النحاة تحت عنوان: المناسبة حركة واحدة هي الكسرة قبل ياء المتكلم من نحو: "هذا كتابي" ولكننا نستطيع أن نضيف إلى ذلك عددًا من حركات المناسبة في مواقع أخرى، ومن هذه الحركات ما يلي:
1-
بناء الماضي على الضم لمناسبة واو الجماعة في نحو: ضربوا، فهذه الضمة لا يمكن تفسيرها إلّا تحت عنوان المناسبة.
2-
تحريك عين المضارع المسند إلى واو الجماعة بالضمِّ في جميع حالاته الإعرابية نحو: يضربون ولن يضربوا ولم يضربوا، فهذه الضمة للمناسبة أيضًا.
3-
تحريك لام فعل الأمر بالضمِّ عند إسناده إلى الواو نحو: اضربوه، وذلك للمناسبة كذلك.
4-
تحريك لام الفعل المضارع المسند إلى ياء المخاطبة بالكسر لمناسبة الياء في جميع الحالات الإعرابية نحو: تضربين ولن تضربي ولم تضربي.
5-
تحريك لام فعل الأمر عند إسناده إلى ياء المخاطبة بكسرة لمناسبة الياء نحو: اضربي.
6-
تحريك أواخر هذه الأفعال جميعًا بالفتحة عند إسنادها إلى ألف الاثنين نحو قولك: ضربا - يضربان - لن يضربا -لم يضربا - اضربا.
7-
إذا كان الفعل معتل الآخر بالألف، فإن الفتحة التي على عين الكلمة والتي تعتبر الألف مد لها تبقى بعد حذف الألف في بعض تصريفات الفعل لتكون قرينة على الألف المحذوفة، ويسميها النحاة حينئذ "حركة الدليل"، ومن تعبيراتهم المحفوظة في ذلك قولهم:"والفتحة قبلها دليل عليها". فهذه الألف في الحقيقة حركة لمناسبة الألف؛ لأنه لا يوجد فعل معتل الآخر بالألف دون أن تكون عين الكلمة فيه مفتوحة لمناسبة هذه الألف، ولا تُسَمَّى هذه الفتحة "حركة الدليل" إلّا بعد حذف الألف، أما والألف موجودة فهي للمناسبة.
8-
مما يدخل تحت المناسبة أيضًا إعراب المجاورة كما في "جحر ضب خرب"؛ حيث يتضح المعنى بقرينة معنوية هي قرينة الصلاحية للإسناد وعدمها، فيصبح اعتبار المناسبة الموسيقية للحركات أهمّ من المحافظة على إعراب القاعدة.
9-
ومما يُعَدُّ من قبيل المناسبة أيضًا ما يسميه النحاة: "الاتباع على اللفظ" فليس لهذا النوع من الاتباع مبرر من القاعدة، ولهذا السبب لا يمكن تفسير الاتباع على اللفظ إلّا في ضوء المناسبة الصوتية الموسيقية بين صوتين حين تتضافر القرائن على بيان المحل، فلا يحتاج إلى حركة التابع بين القرائن الدالة عليه.