المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الزمن والجهة - اللغة العربية معناها ومبناها

[تمام حسان]

الفصل: ‌ الزمن والجهة

8-

النغمة:

قد تسقط قرينة النغمة لوضوح الكلام بدونها كحالك حين تقرأ قوله تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} فإنك لو وقفت عند لفظ الجلالة: فإنك لا تقف في التلاوة بنغمة الاستفهام ولكن بنغمة الترتيل العادي، ولا يحس السامع غرابة في ذلك كما يحسّها لو سمع منك جملة "هل رأيت محمدًا؟ " بنغمة التقرير التي في "قد رأيت محمدًا" مثلًا.

فالقرائن تتضافر على إيضاح المعنى الوظيفي النحوي، والقرينة تسقط عند إغناء غيرها عنها، وفي إدراك هذه الحقيقة تفسير لكثير مما عده النحاة مسموعًا يحفظ ولا يقاس عليه، أو عده شاذًّا أو قليلًَا أو نادرًا أو خطأ. وكم أبدأ النحاة وأعادوا في قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَان} ونحن ندرك من فهمنا لظاهرة تضافر القرائن وإغناء بعضها عن بعض أن المنافسة الموسيقية الصوتية دعت إلى إهمال العلامة الإعرابية؛ لأن الرتبة واقتران الخبر باللام أوضحا أنَّ لفظ "هذان" لا يمكن فيه إلّا أن يكون اسم إن، ولم يعد للعلامة الإعرابية بعد ذلك من الأهمية ما يحتمّ الاحتفاظ بها، ولا سيما أمام إرادة المناسبة الموسيقية بين أصوات المتلازمين.

ص: 240

2-

‌ الزمن والجهة

1:

ينبغي عند هذا المنعطف في بحثنا هذا أن نفرّق بين الزمن النحوي والزمان على النحو التالي:

أ- الزمن النحوي وظيفة في السياق يؤديها الفعل أو الصفة أو ما نقل إلى الفعل من الأقسام الأخرى للكلم كالمصادر والخوالف، والزمن بهذا المعنى يختلف عمَّا يفهم منه في الصرف؛ إذ هو وظيفة صيغة الفعل مفردة خارج السياق، فلا يستفاد من الصفة التي تفيد موصوفًا بالحدث، ولا يستفاد من المصدر الذي يفيد الحدث دون الزمن، وحين يستفاد

1 انظر الجدول في آخر الكتاب.

ص: 240

الزمن الصرفي من صيغة للفعل يبدو قاطعًا في دلالة كل صيغة على معناها الزمني على النحو الآتي:

- صيغة فَعَلَ وقبيلها: تفيد وقوع الحدث في الزمن الماضي.

- صيغة يفعل وقبيلها: تفيد وقوع الحدث في الحال أو الاستقبال.

- صيغة افعل وقبيلها: تفيد وقوع الحدث في الحال أو الاستقبال.

أما في السياق النحوي فسنرى أن الزمن كما ذكرنا منذ قليل هو وظيفة في السياق يؤديها الفعل وغيره من أقسام الكلم التي تنقل إلى معناه.

ب- زمان الاقتران الذي يكون بين حدثين، وهذا الزمان يستفاد من الظروف الزمانية التي ذكرناها في أقسام الكلم وهي: إذ، وإذا، ولما، وأيان، ومتى. وهذا المعنى وظيفي كالزمن النحوي، ولكن الفرق بينهما هو إفادة الاقتران وعدمها.

جـ- زمان الأوقات: وهو المستفاد من الأسماء التي تنقل إلى معنى الظروف وتستعمل استعمالها، فيكون ذلك لها من باب تعدد المعنى للمبنى الواحد الذي شرحناه تحت عنوان: تعدد المعنى الوظيفي -فيما سبق، ومن هذه الأسماء ما يأتي من جملة ما سبق إيراده عند الكلام في الظرف من أقسام الكلم:

- المصادر المسوقة لبيان الأوقات نحو: آتيك قدوم الحاج.

- صيغة اسم الزمان نحو: آتيك مقدم الحاج.

- بعض الأسماء المبهمة الدالة على أوقات، أو ما أضيف إليها، كأسماء المقادير مثل:"كم ساعة بقيت هناك؟ " وأسماء الأعداد نحو: "خمسة أيام وثلاث ليال"، وأسماء الأوقات كحين ووقت وساعة ويوم إلخ. وكذلك قبل وبعد ودون ولدن وعند وبين ووسط.

- بعض أسماء الأزمنة المعينة كالآن وأمس وسحر ومساء وصحوة وعشية وغدوة، وواضح أن الذي يرتبط بالحدث ارتباطًا وثيقًا من هذه المفاهيم الثلاثة هو الزمن النحوي الذي هو زمن وقوع الحدث والزمان

ص: 241

الاقتراني الظرفي الذي هو زمان اقتران حدثين، والمعنى في كلتا الحالتين معنى وظيفي. أما في الطائفة الثالثة فالزمان مستفاد من اسم الوقت، والمعنى هنا معجمي؛ لأنه معنى اسم مفرد كامل الاسمية على الرغم من أن بعض ما ذكرناه من هذه الأسماء مفتقر إلى الإضافة؛ لأن هذا الافتقار غير متأصّل، فإذا أردنا أن ندرس الزمن النحوي إذًا فينبغي أن نفهمه كما شرحناه في النوع الأول، وفي مقابل ما نراه في زمان الاقتران والأوقات.

وأوضح ما يفرِّق بين الزمن والزمان، أن الزمان كمية رياضية من كميات التوقيت تقاس بأطوال معينة كالثواني والدقائق والساعات والليل والنهار والأيام والشهور والسنين والقرون والدهور والحقب والعصور، فلا يدخل في تحديد معنى الصيغ المفردة، ولا في تحديد معنى الصيغ في السياق، ولا يرتبط بالحدث كما يرتبط الزمن النحوي؛ إذ يعتبر الزمن النحوي جزءًا من معنى الفعل. فزمان الظرف كما قلنا: هو زمان حدثي فعلين لا فعل واحد، وزمان ما نقل إلى استعمال الظرف من الأسماء هو مفهوم الاسم على طريق المطابقة، وليس مفهوم الفعل على طريق التضمن إن صحَّ أن نلجأ إلى مصطلحات المنطق.

وإذا كان النحو هو نظام العلاقات في السياق، فمجال النظر في الزمن النحوي هو السياق وليس الصيغة المنعزلة، وحيث يكون الصرف هو نظام المباني والصيغ، يكون الزمن الصرفي قاصرًا على معنى الصيغة يبدأ بها وينتهي بها، ولا يكون لها عندما تدخل في علاقات السياق. فلا مفرَّ إذًا من النظر إلى الزمن في السياق نظرة تختلف عمَّا يكون للزمن في الصيغة؛ لأن معنى الزمن النحوي يختلف عن معنى الزمن الصرفي من حيث إنَّ الزمن الصرفي وظيفة الصيغة، وإن الزمن النحوي وظيفة السياق تحددها الضمائم والقرائن.

وحين نظر النحاة العرب في معنى الزمن في اللغة العربية كان من السهل عليهم أن يحددوا الزمن الصرفي من أول وهلة، فقسموا الأفعال بحسبه إلى ماضٍ ومضارع وأمر، ثم جعلوا هذه الدلالات الزمنية الصرفية نظامًا زمنيًّا، وفرضوا تطبيقها على صيغ الأفعال في السياق كما يبدو من تسمية الماضي ماضيًّا

ص: 242

حتى حين يكون معناه في السياق الاستقبال. وواضح أن كل نظام مهما افترض لنفسه من الإطلاق لا بُدَّ أن يصادف من مشكلات التطبيق ما يتطلب حلولًا من نوعٍ ما. فلما نسب النحاة المضي دائمًا إلى صيغة "فَعَلَ" وقبيلها، ونسبوا الحال أو الاستقبال دائمًا إلى صيغتي "يفعل" و"افعل" وقبيلهما، نظروا في الجملة الخبرية المثبتة والمؤكَّدة فلم يجدوا هذه الدلالات الزمنية تتأثر تأثرًا كبيرًا بعلاقاتها في السياق. ولكنهم عند نظرهم إلى الجملة المنفية وجدوا المضارع المنفي قد يدل على المضي، وحين نظروا في الجمل الإنشائية وجدوا صيغة "فَعَلَ" تفيد الاستقبال في التحضيض والدعاء والشرط مثلًا، ولما كانت قواعدهم التي وضعوها عزيزة على أنفسهم لم يخطر ببالهم أن يعيدوا النظر في نظام الزمن في ضوء مطالب السياق، وساغ لهم في حرصهم على القواعد أن ينسبوا اختلاف الزمن إلى الأدوات، فقالوا: إن "لم" حرف قلب، وإن "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، ولست أدري لم أحجموا عن نسبة مثل هذا المعنى إلى "إن" الشرطية التي تتحوّل بعدها صيغة "فَعَلَ" إلى معنى الاستقبال، والخلاصة: إن النحاة لم يحسنوا النظر في تقسيمات الزمن في السياق العربي إذ كان عليهم أن يدركوا طبيعة الفرق بين مقررات النظام ومطالب السياق، ثم أن ينسبوا الزمن الصرفي إلى النظام الصرفي، وينسبوا الزمن النحوي إلى مطالب السياق. وهذه المطالب هي التي اصطلحنا على تسميتها بالظواهر الموقعية، وما دام الزمن النحوي وظيفة في السياق يؤديها الفعل والصفة إلخ، فلا بُدَّ أن تلعب القرائن الحالية والمقالية دورها كاملًا في تحديد هذا الزمن.

وإذا كان الزمن النحوي وظيفة في السياق فإنَّ علينا أن ننظر في هذا السياق لنكشف عن الزمن، وإن الذي يمكننا أن ننظر إليه من أنواع السياق هو أنواع مباني الجملة العربية. فالجملة العربية تنقسم إلى قسمين رئيسيين هما: الجملة الخبرية والجملة الإنشائية، وتحت كلٍّ منهما تفريعات على نحو ما يبدو فيما يلي:

ص: 243

وأول ما يخطر ببالنا هنا أن الجملة المثبتة تحتفظ لصيغتي فَعَلَ ويفعل بزمنهما الذي أعطاه إياهما النظام الصرفي، فيظل "فَعَلَ" ماضيًا، ويظل "يفعل" حالًا أو استقبالًا بحسب ما يضامه من الأدوات كالسين وسوف، ثم بحسب ما يعرض للزمن في هاتين الصيغتين من معاني الجهة التي تفصح عنها اصطلاحات البعد والقرب والانقطاع والاتصال والتجدد والانتهاء والاستمرار والمقاربة والشروع والعادة والبساطة، أي: الخلو من معنى الجهة، أو بعبارة أخرى: عدم الجهة، فيكون معنى الجهة هنا معنى عدميًّا، ويتضح ذلك فيما يأتي:

الزمن الجهة صيغة فعل صيغة يفعل

الماضي البعيد المنقطع كان فعل

الماضي القريب المنقطع كان قد فعل

الماضي المتجدد كان يفعل

الماضي المنتهي بالحاضر قد فعل

الماضي المتصل بالحاضر ما زال يفعل

الماضي المستمر ظل يفعل

الماضي البسيط فعل

الماضي المقارب كاد يفعل

الماضي الشروعي طفق يفعل

الحال العادي يفعل

الحال التجددي يفعل

الحال الاستمراري يفعل

الاستقبال البسيط يفعل

الاستقبال القريب سيفعل

الاستقبال البعيد سوف يفعل

الاستقبال الاستمراري سيظل يفعل

ص: 245

فالاختلاف بين زمن وزمن هنا هو في الواقع اختلاف في الجهة لا في المضي والحال والاستقبال، فهناك تسع جهات مختلفة للماضي، وثلاث للحال، وأربع للاستقبال، وبذلك يكون زمن الجملة الخبرية المثبتة في اللغة العربية يقع في ست عشرة صورة يظل "فَعَلَ" فيها على مضيه دائمًا، ويدل "يفعل" فيها على الحال أو الاستقبال دائمًا، وبحسب القرينة أو الضميمة. ومن الملاحظ أن تعبيرات الجهة في معنى الزمن هنا تأتي من الأدوات سواء أكانت هذه الأدوات حرفية كما في قد والسين وسوف، أم نواسخ كما في كان ومازال وظلّ وكاد وطفق، أو يكون الزمن مصحوبًا بعدم الجهة كما فعل ويفعل الواردين في بعض الحالات.

أما في الجملة الخبرية المؤكدة فيظل الفعلان على معناهما الزمني الصرفي، ولكن أدوات التوكيد تطرأ على الجملة على النحو الآتي:

الزمن الجهة صيغة فعل صيغة يفعل

الماضي البعيد المنقطع لقد كان فعل

الماضي القريب المنقطع إنه كان قد فعل

الماضي المتجدد لقد كاد يفعل

الماضي المنتهي بالحاضر لقد فعل

الماضي المتصل بالحاضر إنه ما زال يفعل

الماضي المستمر لقد ظل يفعل

الماضي البسيط إنه يفعل

الماضي المقارب لقد كاد يفعل

الماضي الشروعي لقد طفق يفعل

الحال العادي إنه يفعل

الحال التجددي إنه يفعل

الحال التجددي إنه يفعل

المستقبل البسيط ليفعلن

المستقبل القريب ليفعلن

المستقبل البعيد لسوف يفعل

المستقبل الاستمراري لسوف يظل يفعل

ص: 246

وبهذا نرى أن تأكيد الإثبات يمكن أن يتمَّ باللامزم فقط، أو بها مع قد قبل الفعل، أو بوضع إن واسمها الضمير قبل الفعل المراد تأكيده، أو باللام قبل الفعل ونون التوكيد بعده. ويتضح من ذلك أن الجملة الخبرية المؤكدة والجملة الخبرية المثبتة لا فرق بينها من حيث الزمن، وإنما يكون الفرق في التأكيد وعدمه، أما صيغة "فَعَلَ" فتظل دائمًا للماضي، وأما صيغة يفعل فإنها تظل دائمًا وسيلة للتعبير عن الحال أو الاستقبال بحسب ما تعين عليه القرائن.

وأما الجملة الخبرية المنفية: فإن الغالب فيها هو استعمال المضارع للدلالة على المضي؛ لأنه هو الذي يضام أكثر أدوات النفي "لم ولما وليس وما ولا ولن"، فكل هذه الأدوات تأتي لنفي المضارع ولا ينفي صيغة "فعل" منها إلا "ما"، وإذا دخلت "لا" على"فعل" لم تكن للنفي، وإنما تكون للدعاء، كما يمكن أن يرى من الفرق في المعنى بين "فلا نامت أعين الجبناء" و"فما نامت أعين الجبناء"، وكذلك بين قولنا:"لا فُضَّ فوك" و"ما فض فوك"، فإذا عرفنا ذلك سهل علينا تصور أن نفي الماضي لا يكون لصيغة "فعل" إلّا في حالة واحدة فقط هي نفي "قد فعل" الذي يكون "ما فعل"، وأما فيما عدا ذلك فنفي الماضي يتمُّ دائمًا بواسطة إدخال الأداة على صيغة "يفعل" كما يتضح بالجدول التالي:

الزمن الجهة فعل يفعل

الماضي البعد المنقطع لم يكن فعل

الماضي القريب المنقطع لم يكن قد فعل

الماضي المتجدد ما كان يفعل، لم يكن يفعل أو كان لا يفعل

الماضي المنتهي بالحاضر ما فعل

الماضي المتصل بالحاضر لما يفعل

الماضي المتصل بالحاضر لما يفعل

الماضي المستمر لم يفعل

الماضي البسيط لم يفعل

الماضي المقارب لم يكد يفعل

ص: 247

الزمن الجهة فعل يفعل

الماضي الشروعي ما فعل

الحال العادي ليس يفعل

الحال التجددي ما يفعل

الحال الاستمراري ما يفعل

المستقبل البسيط لا يفعل

المستقبل القريب لن يفعل

المستقبل البعيد ما كان ليفعل

المستقبل الاستمراري لن يفعل

بهذا نرى أن الزمن وظيفة في السياق لا ترتبط بصيغة معينة دائمًا، وإنما تختار الصيغة التي تتوافر لها الضمائم والقرائن التي تعين على تحميلها معنى الزمن المعين المراد في السياق، فلا يهم إن كان الزمن الماضي آتيًا من صيغة "فعل" أو صيغة "يفعل" ما دام يمكن بالتفريق بالضمائم والقرائن بين الأزمنة المختلفة أن نختار من بين الصيغتين أصلحهما للدلالة على المعنى الزمني المراد في سياق بعينه. وهكذا نرى أن الجملة الخبرية المثبتة والمؤكَّدة لا فرق فيها بين دلالة الصيغة على الزمن في نظام الصرف وبين هذه الدلالة في السياق، ولعل هذا هو ما غرَّر بالنحاة فلم يعنوا برصد الفروق الزمنية الدقيقة إلّا في أضيق الحدود. أما في الجملة الخبرية المنفية فقد رأينا أن أكثر ما يكون نفي الماضي إنما يكون إلى أدوات النفي مع أنّ الأداة لا يمكن أن تفيد زمنًا، وإنما يمكنها أن تفيد "الجهة" وهي تفيدها فعلًا في حالة الجملة المنفية.

وبعد الفراغ من الكلام في الجمل الخبرية الثلاث أحب أن ألقي نظرة على جمل الإنشاء، وأن أبدأ منها بالجملة الاستفهامية، ولعل الجملة الاستفهامية هي الوحيدة بين الجمل الإنشائية التي تتوافق فيها دلالة الصيغة صرفيًّا ونحويًّا على طول الخط، فيدل فيها "فعل" على الماضي، ويدل "يفعل" على الحال أو الاستقبال بحسب الضمائم والقرائن على نحو ما يبدو في الاستفهام في حيز الإثبات فيما يلي:

ص: 248

الزمن الجهة صيغة فعل صيغة يفعل

الماضي البعيد المنقطع هل كان فعل

الماضي القريب المنقطع هل كان قد فعل

الماضي المتجد هل كان يفعل

الماضي المنتهي بالحاضر أقد فعل

الماضي المتصل بالحاضر أقد فعل

الماضي المتصل بالحاضر أما زال يفعل

الماضي المستمر هل ظل يفعل

الماضي البسيط هل فعل

الماضي المقارب هل كاد يفعل

الماضي الشروعي هل طفق يفعل

الحال العادي هل يفعل

الحال التجددي هل يفعل

الحال الاستمراري هل يفعل

الاستقبال البسيط هل يفعل

الاستقبال القريب أسيفعل

الاستقبال البعيد أسوف يفعل

الاستقبال الاستمراري أسيظل يفعل

والملاحظ أن الجملة الاستفامة هنا قد بنيت على الإثبات، بمعنى أنها اتخذت الجملة المثبتة نقطة ابتداء لها، فكثر فيها استعمال "هل" لأنها تدخل على الفعل، وقلَّ فيها استعمال الهمزة لأنها تدخل على الأداة كالسين وقد وما، ومن الاستفهام ما يبنى على جملة النفي فيكون للإنكار ونحوه، وتكون الأداة فيه هي الهمزة كما يبدو فيما يلي:

ص: 249

الزمن الجهة فعل يفعل

الماضي البعيد المتقطعب ألم يكن فعل

الماضي القريب المنقطع ألم يكن قد فعل

الماضي المتجدد ألم يكن يفعل

الماضي المتجدد ألم يكن يفعل

الماضي المنتهي بالحاضر أما فعل

الماضي المتصل بالحاضر ألما يفعل

الماضي البسيط ألم يفعل

الماضي المقرب ألم يكد يفعل

الماضي الشروعي أليس يفعل

الحال العادي أما يفعل

الحال التجددي أما يفعل

الحال الاستمراري أما يفعل

الاستقبال البسيط ألا يفعل

الاستقبال القريب ألن يفعل

الاستقبال البعيد ألن يفعل

الاستقبال الاستمراري ألن يفعل

فالاستفهام من جملة الإثبات يتم بوضع الأداة قبلها، والاستفهام من جملة النفي يتمّ بوضع الأداة قبلها كذلك، ويبقى كل من الجملتين بعد أن توضع الأداة على حاله التي كان عليها قبل وضع الأداة، وذلك من حيث الدلالة الزمنية، وتوزيع الصيغ عليها.

وجمل الإنشاء فيما عدا الاستفهام قاصرة على إفادة الحال أو الاستقبال بحسب القرائن، ولا دلالة فيها على المضي، فالحال أو الاستقبال هما معنى الأمر

ص: 250

بالصيغة والأمر باللام والنهي والعرض والتحضيض والتمني والترجي والدعاء والشرط، مع أن المضي لا تخطر في معنى هذه الجمل نجد صيغة "فعل" تستعمل باطراد لتدل على الحال أو الاستقبال في التحضيض نحو: هلا فعلت، ولولا فعلت، ولو ما فعلت، وألا فعلت، وفي التمني نحو:"تمنيت أن لو قد حدث كذا" غير أن "فَعَلَ" بعد ليت ربما دلّ على زمن ماضٍ نحو: "ليته فعل كذا"، وكذلك يدل "فعل" "عسى" في الترجي على الحال أو الاستقبال "مع الاعتراف بأن عسى قد تحول عن معنى الفعل إلى معنى "الأداة". ويدل "فَعَلَ" أيضًا في الدعاء على الحال أو الاستقبال نحو:"رحم الله فلانًا" و"لا أصاب الشر فلانًا". وكذلك القول في جملة الشرط إذ يدل "فعل" على الحال أو الاستقبال بحسب القرينة نحو:

إن قام زيد الآن قمت.

إن قام زيد غدًا قمت.

إن يقم زيدًا الآن أقم.

إن يقم غدًا أقم.

ويتضح ذلك مما يلي:

نوع الجملة الزمن الجهة فعل يفعل أفعل

الأمر بالصيغة الحال كل الجهات افعل "الآن"

الاستقبال كل الجهات افعل "غدًا"

الأمر باللام الحال كل الجهات ليفعل "الآن"

الاستقبال كل الجهات ليفعل "غدًا"

النهي الحال كل الجهات لا تفعل "الآن"

الاستقبال كل الجهات لا تفعل "غدًا"

ص: 251

نوع الجملة الزمن الجهة فعل يفعل افعل

العرض الحال كل الجهات ألا تفعل "الآن"

الاستقبال كل لجهات ألا تفعل "غدًا"

التحضيض الحال كل الجهات هلا فعلت "الآن"

الاستقبال كل الجهات هلا فعلت "غدًا"

التمني الحال كل الجهات تمنيت أن

أتمنى أن

الاستقبال كل الجهات تمنيت أن.... أتمنى أن

الترجي الحال كل الجهات عساه يفعل "الآن" لعله يفعل "الآن"

الاستقبال كل الجهات عساه يفعل "غدًا" لعله يفعل "غدًا"

الدعاء الحال كل الجهات رحمه الله يرحمه الله اللهم رحمه

الاستقبال كل الجهات رحمه الله يرحمه الله اللهم رحمه

الشرط الحال كل الجهات إن قام زيد "الآن" إن يقم زيد "الآن"

الاستقبال كل الجهات إن قام زيد "غدًا" إن يقم زيد "غدًا"

على أن معنى المضي قد يطرأ على التحضيض والتمني بواسطة النواسخ، فيكون الزمن هنا وظيفة الناسخ أكثر مما هو وظيفة سياق التحضيض أو التمني، وذلك نحو:

هلا كنت قد فعلت!

تمنيت أن لو كنت قد فعلت!

وليس منه "كنت أتمنى أن لو فعلت" ولا "كنت أتمنى أن تفعل" لأن ذلك خبر لا إنشاء.

لقد سبق أن ذكرنا في الكلام عن تقسيم الكلم أن الزمن جزء من معنى الفعل، ولكنه ليس جزءًا من معنى الصفة، فالفعل "ضرب" مثلًا فيه عنصران: الضرب المستفاد من الاشتقاق والمضي المستفاد من الصيغة، فإذا علمنا أن

ص: 252

الضرب حدث، وأن المضي زمن، فقد علمنا أن "ضرب" فعل ماض. أما "ضارب" فهي تدل على موصوف بالضرب على معنى صفة الفاعل، أي: إن الكلمة لا تدل على "الضرب" نفسه، فلا تدل على "حدث"، وهي أيضًا لا تدل على "زمن"، وإنما قصارى ما تفيده هو الموصوف بالحدث على معنى صفة الفاعل كما ذكرنا. ولكننا نلاحظ أن هذه الكلمة ذاتها صالحة لأن تدخل في علاقات سياقية كعلاقة الإسناد والتعدية في قولك:"أضارب أخوك زميله"؛ حيث أخوك فاعل وزميله مفعول به لضارب، فكلمة ضارب في هذا التركيب محتملة للحال والاستقبال دون تعيين لأحدهما بواسطة قرينة لفظية، ولكنها لا بُدَّ أن تتعين لأحدهما هنا بقرينة حالية، وإلا كان في الكلام ليس، فالذي يعين هذه الجملة الوصفية للحال ما يأتي:

1-

قرينة حالية: كأن تقال الجملة أثناء وقوع الضرب، فتكون القرينة هي المقام.

2-

قرينة لفظية: بواسطة الظرف كأن قال: "أضارب أخوك زميله الآن؟ " فتكون القرينة في المقال.

والذي يعين هذه الجملة للاستقبال أمران أيضًا:

1-

قرينة حالية: كأن تقال الجملة وقد شاع في الناس أن الأخ عازم على ضرب زميله، ولكن الضرب لم يقع، فالمقام هنا قرينة حالية.

2-

قرينة لفظية: بواسطة ذكر الظرف كأن قال: "أضارب أخوك زميله غدًا؟ فتكون القرينة في المقال. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}

ص: 253

أما إذا أضيف الوصف إلى ما بعده ففي معناه من جهة الزمن احتمالان:

1-

الدلالة على الماضي: بقرينة حالية أو مقالية كقولك: "أبو بكر قاهر المرتدين" أو "هذا ضارب زيد أمس" على الترتيب.

2-

الدلالة على مطلق الوصف كقولك في الله تعالى: "واهب النعم"، وفي "زيد" من قولك:"قام زيد" إنه "فاعل الفعل"، وفي هذه الحالة يكون الوصف خلوًّا من معنى الزمن.

ويخلو الوصف من معنى الزمن عند استعماله عَلَمًا كما في "طاهر" و"صالح" و"هانئ"، وكذلك إذا دخل في إضافة وصفية نحو:"ساحر النظرة" و"طويل الجيد"، أو إضافة الجزء إلى الكل مثل:"قائم السيف" و"مرفوض الكلام" و"سماعة الهاتف" و"بلَّاعة الحوض"، والمقصود بالوصف هنا ما أحصيناه من قبل عند تقسيم الكلم وهو: صفة الفاعل وصفة المفعول وصفة المبالغة وصفة التفضيل والصفة المشبهة، فكل هذه الصفات تخضع للقرينة في إفادة الزمن.

والمصدر كذلك حين يدخل في علاقات سياقية كالإسناد والتعدية يفيد معنى الزمن بحسب القرينة، وحين يدخل المصدر في هذه العلاقات السياقية فإما أن يكون على معنى الإنشاء، وإما أن يكون على معنى الإضافة. فإذا كان على معنى الإنشاء صار شبيهًا بالأمر من مادته الاشتقاقية فيصير "ضربًا زيدًا" شبيهًا بقولك:"اضرب زيدًا"، ولكنه ليس هو هو، فهو يشبهه من حيث:

1-

إسناده إلى مخاطب.

2-

وهذا المخاطب لا يظهر في الكلام.

3-

والمصدر صالح للحال أو الاستقبال، ويتعين أحدهما بالقرينة الحالية أو المقالية، ولكن المصدر في هذه الحالة يختلف عن فعل الأمر من

ص: 254

مادته، بأن الأمر للطلب المحض، وهذا المصدر للإفصاح، فهو قريب الشبه من "نزال" و"تراك" إلخ. مما اعتبرناه على معنى خوالف الإخالة، فحين قال الشاعر:

فندلًا زريق المال ندل الثعالب

لم يكن المعنى الذي قصد إليه مساويًا تمامًا لمعنى "اندل"، وإنما أراد بذلك معنى إفصاحيًّا آخر انفعاليًّا فيه من الحث والحض على العجلة والخفة في محاولة الهرب ما عززه الشاعر بقوله:"ندل الثعالب"، وهي معانٍ لا توجد في صيغة الأمر المجردة.

أما على معنى الإضافة فإن المصدر يحتمل الماضي والحال والاستقبال جميعًا ويتعين أحدها له بالقرينة الحالية أو المقالية أيضًا فتقول: "أعجبني ضرب زيد عمرًا" فيدل على المضي بقرينة "أعجبني"، وتقول:"يعجبني ضرب زيدًا عمرًا الآن أو غدًا، فيحدد الظرف معنى الزمن بالحال أو الاستقبال، وتقول: "ضرب زيد عمرًا شديد" فتحتاج إلى القرينة الحالية لتدل على الزمن، فإذا كان هذا الضرب قد حدث فالزمن ماضٍ، وإذا كان حادثًا فهو الحاضر، أو متوقعًا فهو المستقبل.

بهذا نعلم أن الصفات والمصادر ليست لها دلالة صرفية على الزمن كما يدل الفعل، أي: إن النظام الزمني في الصرف يأخذ في اعتباره الأفعال دون الصفات والمصادر، أما في الاستعمال حيث يكون النص مسرح القرائن فإن القرائن الحالية والمقالية تضيف إلى الصفات والمصادر معاني جديدة لم تكن لها في الصرف، ونحن نرى ذلك مظهرًا من مظاهر تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد، وهو موضوع سبق أن شرحناه في الكلام عن النظام الصرفي. ويأتي التعدد هنا من أن الصفات والمصادر تكون أحيانًا من قبيل المسند إليه وأحيانًا من قبيل المسند، ثم هي أحيانًا من قبيل المتعدي، وأحيانًا من قبيل المفعول به الذي يتعدّى المتعدى إليه، وتكون أحيانًا حالًا وأحيانًا أخرى نعتًا، وهي مع كل هذه التقلب في المعنى باقية على مبناها، فتظل الصفات صفات والمصادر مصادر، لا يختلف النظر إليها.

ص: 255

نخلص من كل ما تقدَّم من كلام في الزمن النحوي إلى النتائج الآتية:

1-

الأزمنة في اللغة العربية الفصحى ثلاثة، ولكنها تتفرع عند اعتبار الجهة إلى ستة عشر زمنًا نحويًّا كما رأينا من قبل، وكما يبدو من الجدول الذي تراه أدنى هذا الكلام.

2-

تظهر الفروق الزمنية الدقيقة في الجمل الخبرية الثلاث "الإثبات والنفي والتأكيد"، وتظهر كذلك في جملة الاستفهام من الجمل الإنشائية، فهذه الجمل تشتمل على الزمن الماضي معبرًا عنه بصيغة فعل أو صيغة يفعل، كما تشتمل على الحال والاستقبال، أما بقية الجمل العربية فلا تحتمل إلّا الحال والاستقبال فقط.

3-

يبدو أن استعمال صيغة "يفعل" للدلالة على الماضي مقصور على أسلوب النفي، سواء أكان هذا النفي في الخبر أم في الاستفهام.

4-

ويبدو أيضًا أن استعمال صيغة "فعل" بمعنى الحال أو الاستقبال إنما يكون في التحضيض والتمني والترجي والدعاء والشرط.

5-

تأتي تعبيرات الجهة "التي تتفرع الأزمنة على أساسها ستة عشر فرعًا كما ذكرنا" بواسطة إضافة الأدوات الحرفية والنواسخ إلى الأفعال، وذلك مثل: قد والسين وسوف واللام ونون التوكيد وما ولا ولم ولما ولن وإن وأخواتها وكان وأخواتها وكاد وأخواتها، فهذه كلها عناصر لإفادة الجهة المحددة لمعنى الزمن.

6-

أما الظروف الزمانية وما بمعناها من الأسماء ونحوها، فهي تخصص الزمن النحوي عن طريق معنى الاحتواء للحدث الواحد، أو معنى الاقتران للحدثين، وذلك عندما يعبر بالصيغة الواحدة عن أزمنة مختلفة كالحال والاستقبال، فيدل "الآن" مثلًا على الحال، ويدل "غدًا" على الاستقبال.

7-

كما تلعب القرينة المقالية دورها تحديد الزمن "بواسطة استخدام الظروف الزمانية مثلًا" تلعب القرينة الحالية دورًا مشابهًا في تحديد الزمن أيضًا بواسطة المعلومات الخارجية المستمدة من التاريخ أو الجغرافيا أو نحوهما.

ص: 256

أرجو عند هذا الحد أن أكون قد بينت الزمن النحوي في اللغة العربية الفصحى كيف يكون صرفيًّا وكيف يكون نحويًّا سياقيًّا، ثم كيف يكون مطلقًا وهو صرفي فتدل الصيغة بشكلها عليه دلالة لا تتخلف، وكيف يكون مقيدًا بالجهة وهو نحوي فيكون وظيفة في السياق لا ترتبط بصيغة بعينها، فتصلح كل صيغة بحسب الجهة أن تدل على زمنٍ ما قد لا ينسب إليها على مستوى النظام الصرفي. ولكن ما الجهة؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال فيما يلي:

ذكرنا عند تقسيم الكلم أن الفعل يدل باشتقاقه على الحدث، ويدل بصيغته على الزمن، ولكن هذا الذي قلناه عن الفعل كان على المستوى الصرفي؛ حيث يرتبط الزمن بالصيغة المفردة التي ليست داخلة في سياق. وذكرنا منذ قليل أن صيغة الفعل أو الصفة أو المصدر وهي في السياق ليست بمفردها قرينة على الزمن المراد، وإنما تظاهرها في ذلك قرائن أخرى حالية ومقالية في السياق، نختار من بينها الجهة لنجعلها موضوع كلامنا هنا.

والجهة aspect تخصيص لدلالة الفعل ونحوه، إما من حيث الزمن وإما من حيث الحدث، فهناك جهات في اللغة العربية لتقييد معنى الزمن، وقد رأينا ذلك فيما سبق من تفريعات زمنية نحوية، ورأينا أن المباني الدالة على الجهات الزمنية هي في جملتها أدوات ونواسخ قد عددنا منها: قد ولم ولما ولن ولا وما والسين وسوف وكان وما زال وظل وكاد وطفق، وفوق كل ذلك تلعب الظروف الزمانية دورها الهام جدًّا في هذا المجال بتخصيص الزمن النحوي بواسطة الدلالة على توقيت الحدث الواحد الذي يدل عليه الفعل ونحوه في الجملة، أو بواسطة الدلالة على الاقتران الزماني بين حدثين مدلول عليهما بعنصرين مختلفين في الجملة، ويتمّ النوع الأول من نوعي التخصيص الزمني بواسطة الأسماء ونحوها مما ينقل إلى استعمال الظروف، ويدل على أوقات؛ كالآن واليوم وغدًا وبعد سنة ومنذ يومين وأمس، كما يتم النوع الثاني من التخصيص بواسطة الظروف الزمانية نفسها، وهي: إذ وإذا وإذًا ومتى وأيان، فكل واحد من هذه الظروف الزمانية يدل على اقتران زمني

ص: 257

بين حدثين. وقد سبق أن عرفنا كيف تبلغ هذه الظروف غاية أهميتها في تخصيص أزمنة الصفات والمصادر بصفة خاصة، كما أنها تبلغ مستوى أعلى من الأهمية في استعمالات العناوين الصحفية المعاصرة؛ حيث يستعمل المضارع للدلالة على الماضي والحال والاستقبال، ولا يتعين واحد من هذه إلّا بواسطة قرينة حالية؛ كعلم القارئ بالحدث قبل قراءة الصحيفة بالاستماع إليه في الإذاعة، أو قرينة لفظية هي الظرف الذي يعين زمن المضارع المستعمل. انظر مثلًا في نماذج العناوين الآتية:

1-

طائراتنا تقصف مواقع العدو. "لا ذكر للظرف اتكالًا على انتشار النبأ بالإذاعة".

2-

طائراتنا تقصف مواقع العدو أمس.

3-

الرئيس يتفقد اليوم مواقع العمل في السد العالي.

4-

المجلس الوطني الفلسطيني ينعقد غدًا بالقاهرة.

تلك هي الجهات -أي: القرائن المعنية- للزمن، وقد رأينا من بين هذه القرائن ما هو حالي وما هو مقالي.

وهناك جهات أخرى لتخصيص معنى الحدث بخصوصه، أو قد تكون لتقييد إسناد الحدث إلى المسند إليه، فالجهات التي تفيد تخصيص معنى الحدث دون نظر إلى إسناده يتمّ التعبير عنها بواسطة عناصر صرفية في المبنى؛ كالتضعيف لإفادة المبالغة في مثل كسَّر، وكالتكرار لإفادة معناه في نحو: زلزل ودمدم وهدهد.

ونستطيع فيما يلي أن نورد طائفة من هذه التعبيرات عن الجهة:

الجهة المبنى المثال

التعدية الهمزة أكرم

التعدية التضعيف كرَّم

تكرار الحدث تكرار المبنى زلزل

ص: 258

الجهة المنبى المثال

المشاركة تاء التفاعل تقاتلا

الطلب السين والتاء استخرج

المطاوعة نون الانفعال انكسر

الاتخاذ تاء الافتعال اختار

التكلف تاء التفعل تشجع

التبادل تاء الافتعال اقتتلوا

أما جهات تقييد علاقة الإسناد فهي ما جمعناه تحت عنواني: "التخصيص" و"النسبة" عند كلامنا في التعليق النحوي، فما سميناه القرائن المعنوية كالتعدية والسببية والمعية والظرفية المكانية وهلم جرّا، هي في الواقع جهات في فهم علاقة الإسناد في التركيب، فليست مسلطة على الزمن ولا على الحدث في إفادتها التقييد، وإنما هي قيود في الإسناد، وإليك أمثلة لها:

الجهة المبنى الباب المثال

التعدية الاسم المنصوب مطلقًا المفعول به ضرب زيد عمرًا

السببية المصدر المنصوب المفعول لأجله جئت رغبة في رؤيتك

المعية الاسم المنصوب بعد الواو المفعول معه سرت والنيل

الظرفية المكانية1 ظرف المكان المفعول فيه جلست حيث جلس زيد

التقوية2 المصدر المنصوب المفعول المطلق قمت قيامًا

الملابسة الوصف المنصوب الحال جئت ماشيًا

الإخراج الاسم بعد إلا ونحوها المستثنى قام الناس إلا زيدًا

1 يدخل في التعبير عن الظرفية ما يفيدها من حروف الجر.

2 يدخل في التعبير عن جهة تقوية علاقة الإسناد التوكيد بالحرف كاللام ونون التوكيد وإن وغيرها.

ص: 259

الجهة المبنى الباب المثال

التفسير الاسم الجامد منصوبا أو مجرورا بمن التمييز اشتريت قنطارًا قطنًا

الخلاف الاسم المنصوب بعد ضمير المتكلم المختص نحن العرب نكرم الضيف

الاستعلاء على حرف النسبة مشيت على الرصيف

الواسطة الباء حرف النسبة ضربته بالعصا

المجاوزة عن حرف النسبة عدَّ عن ذا

بهذا نرى أن الجهات تقع في ثلاثة أنواع:

1-

جهات في فهم معنى الزمن وقد سبقت، ومنها: ظروف الزمان وبعض الأدوات والنواسخ.

2-

جهات في فهم معنى الحدث وقد سبقت أمثلتها، ومنها: المعاني المنسوبة إلى حروف الزيادة في الصيغ.

3-

جهات في فهم معنى علاقة الإسناد، ومنها: ظروف المكان والمنصوبات وحروف الجر.

ص: 260