المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

في معناها، ومن هنا كان استتار الضمير جوازًا في "يقوم - اللغة العربية معناها ومبناها

[تمام حسان]

الفصل: في معناها، ومن هنا كان استتار الضمير جوازًا في "يقوم

في معناها، ومن هنا كان استتار الضمير جوازًا في "يقوم -وتقوم مسندًا إلى الغائبة" ومن حيث يطرد معنى الخطاب في الأمر يستتر الضمير معه وجوبًا في نحو:"قم"، ولست بهذ محاولًا أن ألج فيما ولج فيه النحاة من التعليل الغائي، ولكنني ألجأ إلى كبرى الوظائف اللغوية وهي:"أمن اللبس" لأفسّر الظواهر اللغوية "صرفية كانت أو غيرها" في ضوئها، فإذا كانت الحاجة داعية أحيانًا إلى إبراز الضمير كان استتاره جوازًا، وإذا لم تكن داعية فإن استتار الضمير في هذه الحالة يكون واجبًا.

أما التوكيد والنسب فلأولهما النونان ولثانيهما الياء، "وأحكامها" مفصَّلة في المتون.

ص: 160

‌الزيادة:

عندما تكلمت في تفصيل الصيغ الصرفية قلنا: إن الفرق بين كل صيغة منها وبين الأخرى إنما يكمن في أمرين:

1-

توزيع الحركات والعلل، بمعنى أن كل حرف من الحروف الأصلية يصلح من الناحية النظرية الفرضية لأن يكون مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا أو ساكنًا، وهذا المبدأ هو الذي أشار إليه ابن مالك عند كلامه في صيغ الأسماء بقوله:

وغير آخر الثلاثي افتح وضم

واكسر وزد تسكين ثانيه تعم

ولكن الجزم لا يكون للأسماء، والجر لا يكون للأفعال، وهذا النوع من توزيع الحركات والسكنات مسئول عن توليد الصيغ الثلاثية المختلفة.

2-

زيادة حرف واحد أو حرفين أو ثلاثة في أول الكلمة أو وسطها كالألف التي في "فاعل"، والواو التي في "فوعل"، والنون التي في "انفعل"، والتاء التي في "افتعل"، والسين والتاء اللتين في "استفعل"، وهلم جرا. وهذه الزيادة هي الموضوع الذي نريد مناقشته الآن.

يتكلم النحاة أحيانًا عن أن معنى التاء في "افتعل" هو الافتعال، ويسمونها "تاء الافتعال"، وعن أن معنى السين والتاء في "استفعل" هو الطلب مما يشير

ص: 160

إلى أن هؤلاء يعلقون معنى ما بحروف الزيادة، فيجعلون حروف الزيادة لواصق لا زوائد، ولكننا نرى النحاة في الوقت نفسه يفردون بابًا خاصًّا يسمونه:"معاني صيغ الزوائد" مع إضافة كلمة "صيغ" إلى الزوائد، وبذا يجعلون المعاني الوظيفية التي هي فروع على معاني التقسيم مما تفيده الصيغ لا الزوائد، وهذا في رأيي هو المنهج الأمثل لعلاج الموضوع لسببين:

1-

أننا لو أسندنا هذه المعاني الوظيفية إلى الزوائد لخرجنا بها عن طابع الزيادة إلى طابع الإلصاق؛ لأن العنصر الوحيد من عناصر ما دون الصيغة الذي ينفرد بالدلالة على معنًى وظيفي عام هو اللاصقة1، أما الزوائد فلا يمكن أن ننسب إليها بمفردها معاني صرفية عامة، وغاية ما يمكن أن ننسبه إليها هو الدلالة على معنى الجهة في الحدث.

2-

إن استخلاص الزائد وعزله عن الكلمة إن كان مقبولًا في السين والتاء وفي تاء الافتعال فليس مقبولًا في عناصر أخرى كالتضعيف والتكرار الذي يصعب منه نسبة الزيادة إلى أحد المكررين وهلم جرا. ومن هنا لا تستقل هذه العناصر بمعاني مستقلة، وإنما تكون جهات لفهم معنى الحدث كما ذكرنا منذ قليل. لذلك كان المنهج السليم أن ننسب المعنى الوظيفي الصرفي للصيغة إلى الصيغة المزيدة كلها لا إلى زوائدها.

ولقد حدَّد النحاة حروف الزيادة في اللغة العربية الفصحى بحروف "سألتمونيها" وزعموا أن أي حرف من غير هذه الحروف لا ينبغي أن يعدَّ زائدًا في أيّ ظرف من الظروف، ودعاهم هذا إلى القول بأصالة الحروف الأربعة في الكلمات الرباعية والخماسية التي يكون ما صلح منها للزيادة غير مُنْتَمٍ إلى تلك الحروف المعينة للزيادة. ولم يفسر النحاة لنا الصلة القائمة بين عدد من الثلاثيات وبين عدد آخر مما زاد على الثلاثة، واعتبرت حروفه جميعًا أصلية، على حين يشترك الثلاثي وما يقابله مما زاد على الثلاثة في المعنى على صورة ما. انظر مثلًا إلى المقابلات الآتية:

1 انظر هذه الدلالة تحت عنوان: "الزمن والجهة" في هذا الكتاب.

ص: 161

قلب شقلب درج دحرج

غرد زغرد عرد عربد

فقع فرقع بثر بعثر

وكذلك:

زل زلزل رق رقرق

نم نمنم عمس عسعس

أفلا توحي هذه المقابلات بأن حروف الزيادة ليست قاصرة عند حد "سألتمونيها"، وإنما يصبح كل حرف من حروف العربية صالحًا للزيادة؟ وقد عني الصرفيون1 في تحديد مواضع حروف الزيادة وقرائن زيادتها، فعدوا من بين هذه القرائن أمورًا منها:

1-

سقوط بعض الكلمة من أصلها كألف ضارب تسقط من الضرب، وهو عندهم أصل الاشتقاق.

2-

سقوط بعض الكلمة من فرع كسقوط نون سنبل من أسبل ونون حنظل، والماضي عندهم فرع على المصدر.

3-

لزوم خروج الكلمة على أوزان نوعها لو اعتبر الزائد فيها أصليًّا كنون نرجس وهندلع لعدم وجود هذه الأوزان في الرباعي المجرد.

4-

استعمال الرباعي في صورة الثلاثي أحيانًا مع إسقاط الزائد نحو: أيطل وإطل بمعنى واحد.

5-

لزوم عدم النظير في الكلمة لو اعتبرنا الزائد أصليًّا مثل تتفل؛ إذ لا نظير لتتفل -بفتح التاء- في أوزان الكلمات المجردة في العربية.

6-

كون الحرف الزائد دالًّا على معنى كهمزة التعدية.

7-

كونه يلزم الحكم بزيادته في المشتقات كورنتل، فالنون تعتبر زائدة هنا؛ لأنها لو حلت في كلمة مشتقة لحكم بزيادتها كجحفل من الجحفلة.

8-

وقوعه من الكلمة في موضع لو حل به في المشتق لكان زائدًا كنون حنطأو وكنتأو سندأو، فالنون زيدت في فعل.

9-

كون الحرف في موضع تغلب زيادته فيه مع المشتق كهمزة أرنب وأفكل؛ لأنهما يشبهان أحمر، بهذا نعلم الفرق بين اللواصق والزوائد.

1 انظر شذا العرف للحملاوي.

ص: 162