الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَالْمُبْتَدَأَةُ تَجْلِسُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرَ فَمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
و" الْفُرُوعِ " وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:«تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ عُمْرِهَا لَا تُصَلِّي» ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ، فَإِنْ قِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ الطُّهْرِ مِثْلُهُ، وَإِنْ قِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا بِنَاءَ، فَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ إِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ شَهْرُ الْمَرْأَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا زَادَ تُصُوِّرَ أَنَّ حَيْضَهَا سَبْعَةَ عَشَرَ، وَطُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَكْثَرُ، وَقِيلَ: يُزَادُ عَلَى كُلِّ عَدَدٍ لَيْلَةٌ، وَعَنْهُ: لَا تَوْقِيتَ فِيهِ، وَهُوَ عَلَى مَا تَعْرِفُهُ مِنْ عَادَتِهَا، اخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَعَنْهُ: إِلَّا فِي الْعِدَّةِ أَيْ: إِذَا ادَّعَتِ انْقِضَاءَهَا فِي شَهْرٍ كُلِّفَتِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ صُدِّقَتْ (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيِ: الطُّهْرِ، لِأَنَّ التَّحْدِيدَ مِنَ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ دَلِيلًا، وَلِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مَنْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا، لَكِنَّ غَالِبَهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ.
[الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ]
فَصْلٌ (وَالْمُبْتَدَأَةُ) هِيَ الَّتِي رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ، وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَلْتَفِتُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إِلَّا إِلَى الْأَسْوَدِ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " فَإِنْ كَانَ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً، فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَجْلِسُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ خِلَافُهُ (تَجْلِسُ) أَيْ: تَدَعُ بِرُؤْيَتِهِ - نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ - الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَنَحْوَهُمَا،
دُونُ، اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَتَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَإِنْ كَانَ فِي الثَّلَاثِ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ جِبِلَّةٌ وَعَادَةٌ، وَدَمَ الِاسْتِحَاضَةِ لِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ، وَنَحْوِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنَيْهِ، وَالْمَرُّوذِيِّ، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ، وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهَا بِيَقِينٍ، وَمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا نُسْقِطُهَا بِالشَّكِّ، وَلَوْ لَمْ نُجْلِسْهَا الْأَقَلَّ، لَأَدَّى إِلَى عَدَمِ جُلُوسِهَا أَصْلًا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ إِلَّا إِذَا قُلْنَا: أَقَلُّهُ يَوْمٌ، قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّ الْمُبْتَدَأَةَ لَا تَجْلِسُ فَوْقَ الْأَقَلِّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُ ذَلِكَ إِذَا اتَّصَلَ الدَّمُ، وَحَصَلَتْ مُسْتَحَاضَةً فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ (ثُمَّ تَغْتَسِلُ) لِأَنَّهُ آخِرُ حَيْضِهَا حُكْمًا، أَشْبَهَ آخِرَهُ حِسًّا (وَتُصَلِّي) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا هُوَ الْحَيْضُ، وَقَدْ حُكِمَ بِانْقِطَاعِهِ، وَعَدَمَ الْغُسْلِ، وَقَدْ وُجِدَ حَقِيقَةً. وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ أَوْ يُجَاوِزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَإِنَّمَا أَمَرْنَاهَا بِالْعِبَادَةِ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا، فَتَعَيَّنَ تَرْكُ وَطْئِهَا احْتِيَاطًا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ، فَإِنِ انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ أُبِيحَ، لِأَنَّهَا رَأَتِ النَّقَاءَ الْخَالِصَ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ كَالنُّفَسَاءِ، وَعَنْهُ: إِنْ أُمِنَ الْعَنَتُ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ حُرِّمَ الْوَطْءُ إِلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ.
(فَإِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرَ فَمَا دُونُ) هُوَ بِضَمِّ النُّونِ لِقَطْعِهِ عَنِ الْإِضَافَةِ (اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا، فَلَا تَكُونُ طَاهِرَةً بِيَقِينٍ إِلَّا بِالْغُسْلِ (وَتَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ: مِثْلَ جُلُوسِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَغُسْلِهَا عِنْدَ آخِرِهِمَا، وَعِنْدَ الِانْقِطَاعِ (ثَلَاثًا) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِهَا فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» هِيَ صِيغَةُ جَمْعٍ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ، وَلِأَنَّ مَا اعْتُبِرَ لَهُ التَّكْرَارُ اعْتُبِرَ فِيهِ الثَّلَاثُ، كَالْأَقْرَاءِ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَالشُّهُورِ، وَخِيَارِ الْمُصَرَّاةِ، وَمُهْلَةِ الْمُرْتَدِّ، فَعَلَى هَذَا تَجْلِسُ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الثَّالِثِ.