الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ، أَوْ كَانَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ الْكَعْبُ، أَوِ الْجَوْرَبُ خَفِيفًا يَصِفُ الْقَدَمَ، أَوْ يَسْقُطُ مِنْهُ إِذَا مَشَى، أَوْ شَدَّ لَفَائِفَ لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خِلَافًا، لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ مُسَافِرًا، وَذَكَرَ فِي الْخِلَافِ و" الرِّعَايَةِ " رِوَايَةً أُخْرَى: أَنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ، كَمَنْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَمْ يُحْرِمْ بِالصَّلَاةِ، وَقِيلَ: إِنْ مَضَى وَقْتُ صَلَاةٍ.
[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى حَوَائِلِ الرِّجْلِ]
(وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ إِلَّا عَلَى مَا يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ) وَهُوَ الْقَدَمُ كُلُّهُ (وَيَثْبُتُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ، أَوْ كَانَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ الْكَعْبُ، أَوِ الْجَوْرَبُ خَفِيفًا يَصِفُ الْقَدَمَ، أَوْ يَسْقُطُ مِنْهُ، أَوْ شَدَّ لَفَائِفَ لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى حَوَائِلِ الرِّجْلِ شُرُوطٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، وَإِلَّا فَحُكْمُ مَا اسْتَتَرَ الْمَسْحُ، وَمَا ظَهَرَ الْغَسْلُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى جَمْعِهِمَا، فَوَجَبَ الْغَسْلُ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَسَوَاءٌ كَانَ ظُهُورُهُ لِقِصَرِ الْحَائِلِ، أَوْ سَعَتِهِ، أَوْ صَفَائِهِ، أَوْ خَرْقٍ فِيهِ، وَإِنْ صَغُرَ حَتَّى مَوْضِعِ الْخَرَزِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَرْقَ إِذَا انْضَمَّ، وَلَمْ يَبْدُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، لَكِنْ مَالَ الْمَجْدُ إِلَى الْعَفْوِ عَنْ خَرْقٍ لَا يَمْنَعُ مُتَابَعَةَ الْمَشْيِ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ خِفَافِ الصَّحَابَةِ، وَبَالَغَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَالَ: يَجُوزُ عَلَى الْمُخَرَّقِ مَا لَمْ يُظْهِرْ أَكْثَرَ الْقَدَمِ، فَإِنْ ظَهَرَ أَكْثَرُهُ فَهُوَ كَالنَّعْلِ، أَوِ الزَّرْبُولِ الَّذِي لَمْ يَسْتُرِ الْقَدَمَ مِمَّا فِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ، بِأَنْ لَا يُخْلَعَ بِمُجَرَّدِ خَلْعِ الرِّجْلِ، إِنَّمَا يُخْلَعُ بِالرِّجْلِ الْأُخْرَى أَوْ بِالْيَدِ، وَقَالَ: إِنَّهُ يُغْسَلُ مَا ظَهَرَ مِنَ الْقَدَمِ، وَيُمْسَحُ النَّعْلُ، أَوْ يُمْسَحُ الْجَمِيعُ، مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَادِيثَ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِنَفْسِهِ، إِذِ الرُّخْصَةُ وَرَدَتْ فِي الْخُفِّ الْمُعْتَادِ، وَمَا لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَسْقُطُ لِزَوَالِ شَرْطِهِ، وَلَا عَلَى اللَّفَائِفِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا، لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا بِنَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهَا نَعْلٌ أَوْ لَا، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ، بِشَرْطِ قُوَّتِهَا وَشَدِّهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ مَسْحُ لِفَافَةٍ تَحْتَ خُفٍّ مُخَرَّقٍ كَجَوْرَبٍ تَحْتَ مُخَرَّقٍ، أَمَّا إِذَا ثَبَتَ الْخُفُّ وَنَحْوُهُ بِنَفْسِهِ، لَكِنْ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ بِدُونِ شَدِّهِ، فَيَجُوزُ مَسْحُهُ مَعَ شَدِّهِ، صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا، اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الزَّرْبُولُ الَّذِي لَهُ أُذُنٌ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُمْكِنَ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ، فَلَوْ تَعَذَّرَ لِضِيقِهِ، أَوْ نَعْلٍ جَدِيدَةٍ، أَوْ تَكْسِيرِهِ كَرَقِيقِ الزُّجَاجِ لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا، فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْمَغْصُوبِ، وَالْحَرِيرِ، لِأَنَّ لُبْسَهُ مَعْصِيَةٌ، فَلَا تُسْتَبَاحُ بِهِ الرُّخْصَةُ، وَبَنَاهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَفِي ثَالِثٍ: إِنْ لَبِسَهُ لِحَاجَةٍ كَالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ الَّتِي يَخْشَى فِيهَا سُقُوطَ أَصَابِعِهِ، أَجْزَأَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الْفُصُولِ "، و" النِّهَايَةِ ".
وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا فَلَمْ يُحْدِثْ حَتَّى لَبِسَ عَلَيْهِ آخَرَ، جَازَ الْمَسْحُ.
وَيَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْخَشَبِ، وَالزُّجَاجِ، وَالنُّحَاسِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشِّيرَازِيِّ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمَجْدُ، وَالْقَاضِي، وَزَعَمَ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ، لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ، أَشْبَهَ الْجُلُودَ، وَالْأَوْلَى أَنْ نَقُولَ: الرُّخْصَةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْخِفَافِ الْمُتَعَارَفَةِ لِلْحَاجَةِ.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ طَاهِرَ الْعَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَبِسَ جِلْدَ كَلْبٍ، أَوْ مَيْتَةٍ فِي بَلَدِ ثَلْجٍ، وَخَشِيَ سُقُوطَ أَصَابِعِهِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَا يُشْتَرَطُ، لِلْإِذْنِ فِيهِ إِذًا، وَنَجَاسَةُ الْمَاءِ حَالَ الْمَسْحِ لَا تَضُرُّ، كَالْجُنُبِ إِذَا اغْتَسَلَ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَا تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَالْمَجْدُ: يُشْتَرَطُ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ، وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ نَادِرَةٌ، وَإِذًا يَتَيَمَّمُ لِلرِّجْلَيْنِ، فَإِنْ كَانَ طَاهِرَ الْعَيْنِ، وَبِبَاطِنِهِ، أَوْ بِالْقَدَمِ نَجَاسَةٌ لَا تُزَالُ إِلَّا بِالْمَاءِ فَقِيلَ: هُوَ كَالْوُضُوءِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَقِيلَ: إِنْ تَعَذَّرَ الْخَلْعُ، وَقُلْنَا بِجَوَازِ الْمَسْحِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَالْإِعَادَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ مَسَّ الْمُصْحَفِ، وَالصَّلَاةَ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ إِزَالَتِهِ النَّجَاسَةَ.
(وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا فَلَمْ يُحْدِثْ حَتَّى لَبِسَ عَلَيْهِ آخَرَ، جَازَ الْمَسْحُ) أَيْ: إِذَا جَمَعَ بَيْنَ مَلْبُوسَيْنِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَهُ مَسْحُ الْأَعْلَى بِشَرْطِ لُبْسِهِ قَبْلَ الْحَدَثِ، لِأَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ، أَشْبَهَ الْمُنْفَرِدَ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْحَدَثَ إِذَا تَقَدَّمَ لَبِسَ الْفَوْقَانِيَّ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّهُ لَبِسَهُمَا عَلَى حَدَثٍ، وَكَذَا لَوْ مَسَحَ، ثُمَّ لَبِسَ آخَرَ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَيْرِهِ بَلْ عَلَى مَا تَحْتَهُ، وَلَوْ نَزَعَ الْفَوْقَانِيَّ بَعْدَ مَسْحِهِ عَلَيْهِ بَطَلَ وُضُوءُهُ، وَلَهُ مَسْحُ مَا تَحْتَهُ فِي