الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُفْتَرِشًا يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا وَيَقُومُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُؤَلِّفُ بِمَا صَحَّ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَسُنَّتُهُ عليه السلام أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ.
[الرَّفْعُ مِنَ السُّجُودِ وَصِفَتُهُ]
(ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) إِذَا قَضَى سُجُودَهُ (مُكَبِّرًا) وَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ مَعَ ابْتِدَائِهِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ (وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى) وَيَفْتَحُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَيْهَا، وَاعْتَدَلَ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ» وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْجَدُّ: وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ مَضْمُومَةَ الْأَصَابِعِ، زَادَ فِي " التَّلْخِيصِ " وَيَضُمُّ الْإِبْهَامَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ (ثُمَّ يَقُولُ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (رَبِّ اغْفِرْ لِي ثَلَاثًا) ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " و" الْفُرُوعِ " وَغَيْرُهُمْ لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ لِلْخَبَرِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي أَوْ لَنَا ثَلَاثًا، وَفِي " الشَّرْحِ " إِنْ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لَنَا فَلَا بَأْسَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ ثَلَاثًا، بَلْ قَالَ: يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، قَالَ حَرْبٌ: وَمَذْهَبُهُ إِنْ قَالَ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ جَازَ، وَالْأَمْرُ عِنْدَهُ وَاسِعٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ مَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ فِي نَفْلٍ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ: وَفَرَضَ.
صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ، فَيَعْتَمِدُ بِالْأَرْضِ، وَعَنْهُ: يَجْلِسُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَيْهِ، ثُمَّ يَنْهَضُ، ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) مِنَ التَّكْبِيرِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالْهَيْئَةِ، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا) لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ، وَخَفْضٍ (وَيَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) نُصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ فَكَانَ أَفْضَلَ كَالتَّجَافِي، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ، سَوَاءٌ قُلْنَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لَا (إِلَّا أن يشق عَلَيْهِ فَيَعْتَمِدُ بِالْأَرْضِ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ «عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا نَهَضَ أَنْ لَا يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ» ، وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ واعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ، وَفِي " الْغُنْيَةِ " يُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، وَأَنَّهُ قِيلَ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا فِي رِسَالَةِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ (وَعَنْهُ: يَجْلِسُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ) اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَشَيْخُهُ الْخَلَّالُ، وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنِ الْأُولَى، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، قَالَ
كَالْأُولَى إِلَّا فِي تكبيرة الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِفْتَاحِ، وَفِي الِاسْتِعَاذَةِ رِوَايَتَانِ،
ثُمَّ يَجْلِسُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُؤَلِّفَ: وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَإِلَّا فَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمَنْ سَمَّيْنَا، فَيَجْلِسُ (عَلَى قَدَمَيْهِ، وَأَلْيَتَيْهِ) نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَلَسَ مُفْتَرِشًا لَمْ يَأْمَنِ السَّهْوَ، وَلْيُفَارِقِ الْجِلْسَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ: هُوَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " و" الْفُرُوعِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَالْمُؤَلِّفُ فِي " الْمُغْنِي " احْتِمَالًا، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، وَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ صَرِيحٌ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا لَا أُحْصِيهِ كَثْرَةً أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ، وَهَلْ هِيَ فَصْلٌ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ مِنَ الثَّانِيَةِ، فِيهِ وَجْهَانِ (ثُمَّ يَنْهَضُ) بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، لِأَنَّهُ انْتَهَى تَكْبِيرُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ جُلُوسِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَنْهَضُ مُكَبِّرًا، وَرَدَّهُ فِي " الْمُغْنِي " بِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِجَمْعِهِمَا فِيهِ.
بُشْرَى: رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَامَ الْعَبْدُ يُصَلِّي، أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَوُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَاتِقِهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
(ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) لِقَوْلِهِ عليه السلام لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ لَمَّا وَصَفَ لَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى: «ثُمَّ افْعَلْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» وَفُهِمَ مِنْهُ مُسَاوَاةُ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى، وَسَيَأْتِي (إِلَّا فِي تكبيرة الْإِحْرَامِ) لِأَنَّهَا وضعت لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ (وَالِاسْتِفْتَاحِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَهَضَ إِلَى