الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَبْعَةً، وَقَدْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَقِلُّ، وَيَطُولُ شَهْرُهَا وَيَقْصُرُ بِحَسَبِ مَا رَكَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الطِّبَاعِ، وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِبِرِّ الْأُمِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَبِبِرِّ الْأَبِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
[يَمْنَعُ الْحَيْضُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ]
(وَيَمْنَعُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ: فِعْلَ الصَّلَاةِ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا (و) يَمْنَعُ (وُجُوبَهَا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا، وَعَلَى أَنَّ قَضَاءَ مَا فَاتَ مِنْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ:«إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» ، وَلِمَا رَوَتْ مُعَاذَةُ قَالَتْ:«سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؛ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؛ فَقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، فَقَالَتْ: كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَمَعْنَى قَوْلِهَا: أَحَرُورِيَّةٌ؛ الْإِنْكَارُ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ حَرُورَاءَ، وَهِيَ مَكَانٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءَ الصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ، وَلِفَرْطِ تَعَمُّقِهِمْ حَتَّى مَرَقُوا مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ لِتَكَرُّرِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ، فَإِنْ أَحَبَّتِ الْقَضَاءَ فَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ الْمَنْعُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُكْرَهُ، لَكِنَّهُ بِدْعَةٌ، كَمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إِلَّا رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ،
الصِّيَامِ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَمَسَّ الْمُصْحَفِ، وَاللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّوَافَ وَالْوَطْءَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهَا نُسُكٌ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ، فَيُعَايَا بِهَا، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ شَيْخُنَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الطَّهَارَةِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمُ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ حَدَثٌ يُوجِبُ الطَّهَارَةَ، وَاسْتِمْرَارُهُ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا كَالْبَوْلِ، وَلَا يَمْنَعُ غَسْلَهَا كَجَنَابَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، بَلْ يُسَنُّ.
(وَفِعْلَ الصِّيَامِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تَصُمْ، وَلَمْ تُصَلِّ، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الصَّوْمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي ذِمَّتِهَا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَزِمَتْهُ عِبَادَةٌ وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا، وَتَقْضِيهِ هِيَ، وَكُلُّ مَعْذُورٍ بِالْأَمْرِ السَّابِقِ، لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَقْضِيهِ مُسَافِرٌ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
(وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «لَا تَقْرَأِ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ» وَقَدْ سَبَقَ وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ كَرَاهَتَهَا لَهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ، وَجَبَتْ.
(وَمَسَّ الْمُصْحَفِ) لِلنَّصِّ.
(وَاللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ، وَلَا جُنُبٍ»
فِي الْفَرْجِ، وَسُنَّةَ الطَّلَاقِ، وَالِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ، وَيُوجِبُ الْغُسْلَ وَالْبُلُوغَ وَالِاعْتِدَادَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقِيلَ: لَا بِوُضُوءٍ، وَقِيلَ: وَيَمْنَعُ دُخُولَهُ، وَحَكَى رِوَايَةً لِخَوْفِهَا تَلْوِيثَهُ فِي الْأَشْهَرِ، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ: تَمُرُّ وَلَا تَقْعُدُ، وَالْمَذْهَبُ حَيْثُ أَمِنَتْ تَلْوِيثَهُ.
(وَالطَّوَافَ) لِقَوْلِهِ عليه السلام لِعَائِشَةَ: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهَا، وَمِنْ لَوَازِمِهِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: بِلَا عُذْرٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يَصِحُّ مِنْهَا، وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ.
(و) يَمْنَعُ (الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام:«اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ بِهِ شَبَقٌ بِشَرْطِهِ.
(وَسُنَّةَ الطَّلَاقِ) لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَقُلِ الْبُخَارِيُّ: " أَوْ حَامِلًا " وَلِأَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا فِيهِ كَانَ مُحَرَّمًا، وَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَسَيَأْتِي، وَهَذَا مَا لَمْ تَسْأَلْهُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ أَوِ الْخُلْعَ، وَفِيهِ وَجْهٌ.
(وَالِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فَأَوْجَبَ الْعِدَّةَ بِالْقُرُوءِ، وَشَرْطُهُ فِي الْآيَةِ عَدَمُ الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى، {وَاللائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: 4] ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.
(وَيُوجِبُ الْغُسْلَ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي، وَصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ سَبَقَ فِي الْغُسْلِ الِاخْتِلَافُ فِيهِ، هَلْ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ أَوْ الِانْقِطَاعِ؛
(وَالْبُلُوغَ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرُوِيَ أَيْضًا مُرْسَلًا وَمَوْقُوفًا، فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَتِرَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ حَصَلَ بِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ أَحْكَامَ الْبُلُوغِ تَثْبُتُ بِابْتِدَائِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ " و" الْبُلْغَةِ " (و) يُوجِبُ (الِاعْتِدَادَ بِهِ) لِمَا سَبَقَ قَالَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا (وَالنِّفَاسُ مِثْلُهُ) فِيمَا يَجِبُ بِهِ وَيَحْرُمُ، وَمَا يَسْقُطُ عَنْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ احْتُبِسَ لِأَجْلِ الْوَلَدِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَثَبَتَ حُكْمُهُ، لَكِنْ لَوْ ضَرَبَتِ الْحَامِلُ بَطْنَهَا، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأُسْقِطَتْ
بِهِ، وَالنِّفَاسُ مِثْلُهُ إِلَّا فِي الِاعْتِدَادِ، وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ، أُبِيحَ فِعْلُ الصِّيَامِ وَالطَّلَاقُ، وَلَمْ يُبَحْ غَيْرُهُمَا حَتَّى تَغْتَسِلَ؛ فإذا تطهرن فأتوهن.
وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَنُفِسَتْ لَمْ تُصَلِّ، وَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ (إِلَّا فِي الِاعْتِدَادِ) لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْقُرُوءِ، وَالنِّفَاسُ لَيْسَ بِقُرْءٍ، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْبُلُوغِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِحُصُولِهِ بِالْحَمْلِ قَبْلَهُ، وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِهِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، وَيَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِ الظِّهَارِ فِي قَوْلٍ.
(وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ) انْقِطَاعًا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا (أُبِيحَ) لَهَا (فِعْلُ الصِّيَامِ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا يَمْنَعُ فِعْلَهُ، كَالْجُنُبِ (و) أُبِيحَ (الطَّلَاقُ) لأن تحريمه لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ.
الثَّانِي: لَا يُبَاحَانِ لِمَفْهُومِ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْأَوَّلُ: أَصَحُّ، وَأَلْحَقَ الْقَاضِي بِهِمَا الْقِرَاءَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (وَلَمْ يُبَحْ غَيْرُهُمَا حَتَّى تَغْتَسِلَ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ، وَحَكَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِجْمَاعَ التَّابِعِينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ لِحِلِّ الْوَطْءِ شَرْطَيْنِ: انْقِطَاعَ الدَّمِ، وَالْغُسْلَ فَقَالَ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ: حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهُنَّ (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) أَيْ: اغْتَسَلْنَ بِالْمَاءِ فَأْتُوهُنَّ كَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ بِالتَّخْفِيفِ فِي الْأُولَى، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ بِتَشْدِيدِهَا، وَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى تَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ، وَالتَّطَهُّرُ: تَفَعُّلٌ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَتَكَلَّفُهُ، وَيَرُومُ تَحْصِيلَهُ، فَيَقْتَضِي اتِّخَاذَ الْفِعْلِ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَانْقِطَاعُ الدَّمِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إِلَيْهَا، وَلَا صُنْعَ لَهَا فِيهِ، لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي عَلَى قِرَاءَةِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَنْتَهِي النَّهْيُ عَنِ الْقُرْبَانِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، إِذِ الْغَايَةُ تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا، لِكَوْنِهَا بِحَرْفِ حَتَّى، لِأَنَّهُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ النَّهْيُ عَنِ الْقُرْبَانِ مُطْلَقٌ، فَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ، وَبَعْدَهُ يَزُولُ التَّحْرِيمُ الْمُطْلَقُ، وَتَصِيرُ إِبَاحَةُ وَطْئِهَا مَوْقُوفًا عَلَى الْغُسْلِ، وَظَهَرَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْأَكْثَرِ أَكْثَرُ فَائِدَةً، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ، وَقَالَهُ دَاوُدُ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرِهِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ،