الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ، صَحَّ فِي النَّفْلِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْفَرْضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ وَهُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسَائِلُ: الْأُولَى: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ، وَقِيلَ: بَلَى، فَعَلَى الْأُولَى لَوْ عَيَّنَهُ فَبَانَ غَيْرُهُ بَطَلَتْ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُتِمُّهَا مُنْفَرِدًا.
الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَأْمُومِ، وَقِيلَ: بَلَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ عَيَّنَ مَأْمُومًا وَأَخْطَأَ، فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَجْهَانِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا جَهِلَ مَا قَرَأَ بِهِ إِمَامُهُ لَمْ يَضُرَّ فِي الْأَشْهَرِ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا أَحْرَمَ بِجَمَاعَةٍ، فَانْفَضُّوا قَبْلَ رُكُوعِهِمْ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: يُتِمُّهَا وَحْدَهُ، وَكَذَا إِنْ أَحْرَمَ ظَنًّا أَنَّهُ يَأْتِيهِ مَأْمُومٌ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَرْجُو مَجِيءَ أَحَدٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ نَوَى زِيدٌ الِاقْتِدَاءَ بِعَمْرٍو، وَلَمْ يَنْوِ عَمْرٌو الْإِمَامَةَ صَحَّتْ صَلَاةُ عَمْرٍو وَحْدَهُ.
[إِنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ]
(وَإِنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ لَمْ تَصِحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " و" الْفُرُوعِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الِائْتِمَامَ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ نَقَلَ نَفْسَهُ مُؤْتَمًّا، فَلَمْ يَجُزْ كَنِيَّةِ إِمَامَتِهِ فَرْضًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ رَكْعَةً أَوْ لَا، وَفارق نَقْلُهُ إِلَى الْإِمَامَةِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ كَمَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ، وَلِأَنَّهُ نَقَلَ نَفْسَهُ إِلَى الْجَمَاعَةِ، فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: لَا، وَمَتَى فَرَغَ قَبْلَ إِمَامِهِ، فَارَقَهُ وَسَلَّمَ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَإِنِ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ جَازَ (وَإِنْ) أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ (نَوَى الْإِمَامَةَ صَحَّ فِي النَّفْلِ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَتَهَجَّدُ وَحْدَهُ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَحْرَمَ مَعَهُ، فَصَلَّى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْفَرْضِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْرَمَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَكَمَالِ الْعَدَدِ، ثُمَّ انْفَضُّوا، فَأَحْرَمَ بِالظُّهْرِ، ثُمَّ تَكَامَلَ الْعَدَدُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَنَوَى الْجُمْعَةَ، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ فِي فَرْضٍ، وَلَا
أَصَحُّ عِنْدِي. فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ لِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَفْلٍ، قَدَّمَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي " الْفُرُوعِ " اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي ابْتِدَائِهَا أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ) فِيهِمَا (وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْهُ، وَاخْتَارَهَا المؤلف والشيخ تَقِيُّ الدِّينِ، «لِأَنَّهُ عليه السلام أَحْرَمَ وَحْدَهُ فَجَاءَ جَابِرٌ وَجَبَّارٌ فَصَلَّى بِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " قُلْتُ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ مُسَاوَاةُ الْفَرْضِ لِلنَّفْلِ فِي النِّيَّةِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، فَصَحَّ كَحَالَةِ الِاسْتِخْلَافِ.
(فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ، وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ، وَتَطْوِيلِ إِمَامٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (جَازَ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ:«صَلَّى مُعَاذٌ بِقَوْمِهِ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَتَأَخَّرَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؛ مَرَّتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ، وَكَالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَهُ الدُّخُولُ مَعَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَكَمَسْبُوقٍ مُسْتَخْلَفٍ أَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ، فَعَلَى هَذَا إِنْ فَارَقَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجُمْعَةِ لِعُذْرٍ، أَتَمَّهَا جُمْعَةً كَمَسْبُوقٍ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى فَكَمَزْحُومٍ فِيهَا حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمْعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي قِيَامٍ أَتَى بِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَبِعْدَهَا لَهُ الرُّكُوعُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ، لَمْ يَقْرَأْ، وَعَنْهُ: بَلَى، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ.
1 -
فَرْعٌ: لَوْ سَلَّمَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ، ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ، فَيُحْمَلُ فِعْلَ مَنْ فَارَقَ مُعَاذًا عَلَى ظَنِّ الْجَوَازِ، لَكِنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ الْأَصَحُّ، كَمَا لَوْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إِمَامِهِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، وَلَا تَبْطُلُ، كَمَا إِذَا نَوَى الْمُنْفَرِدُ الْإِمَامَةَ بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ قَدْ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الْمَسْبُوقُ إِذَا سَلَّمَ
صَحَّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِمَامُهُ، وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَصِيرُ مَأْمُومًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِحَالٍ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْإِمَامُ كَالْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ.
1 -
فَرْعٌ: تَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إِمَامِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لَا عَكْسَهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُتِمُّهَا مُنْفَرِدًا، وَعَنْهُ: لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومٍ، وَيُتِمُّونَهَا فُرَادَى، وَالْأَشْهَرُ: أَوْ جَمَاعَةً، اخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": إِنْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَالْحَدَثِ والكلام، فَرِوَايَتَانِ، وَاسْتَثْنَى فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " إِذَا صَلَّى بِهِمْ مُحْدِثًا، وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، اسْتِحْسَانًا (وَإِنْ) أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ (نَوَى الْإِمَامَةَ لِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ صَحَّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْمَنْصُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ لِمَّا طُعِنَ، أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَأَتَمَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَمَا عَابَهُ عَائِبٌ، وَلَا أَنْكَرَهُ مُنْكِرٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِفِعْلِ عَلِيٍّ رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَو لَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ كَتَعَمُّدِهِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام:«إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلِيُعِدِ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ ابْتَدَأَ، وَمِنْ غَيْرِهِمَا يَبْنِي، لِأَنَّ نَجَاسَتَهُمَا أَغْلَظُ، وَعَنْهُ: يَبْنِي مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ لِخَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلَسٌ أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ» .
فَعَلَى هَذَا إِذَا احْتَاجَ إِلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْبِنَاءُ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،