الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَرْطِهَا.
وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ، فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا لَا جُحُودًا، دُعِيَ إِلَى فِعْلِهَا، فَإِنْ أَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا، وَجَبَ قَتْلُهُ، وَعَنْهُ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَتْرُكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْوَجِيزِ " و" الْحَاوِي "، وَاقْتَصَرَ الْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ: لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِدُونِهِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَقَيَّدَهُ فِي " الْفُرُوعِ " بِالْقَرِيبِ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَإِنَّ الْوَقْتَ يُقَدَّمُ، وَاخْتَارَ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ إِنِ انْتَبَهَ قَبْلَ طُلُوعِهَا، وَمَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَالْحَاقِنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالطَّهَارَةِ إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ التَّأْخِيرُ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ، لَمْ يَأْثَمْ فِي الْأَصَحِّ، وَيَسْقُطُ إِذَنْ بِمَوْتِهِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، فَلَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا، مَا لَمْ يَظُنَّ مَانِعًا مِنْهَا، كَمَوْتٍ وَقَتْلٍ، وَحَيْضٍ، وَكَذَا مَنْ أُعِيرَ سُتْرَةً أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَمُتَوَضِّئٌ عَدِمَ الْمَاءَ فِي السَّفَرِ، وَطَهَارَتُهُ لَا تَبْقَى إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَلَا يَرْجُو وُجُودَهُ، وَمُسْتَحَاضَةٌ لَهَا عَادَةٌ بِانْقِطَاعِ دَمِهَا فِي وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِفِعْلِهَا فَيَتَعَيَّنُ الْفِعْلُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَأْثَمُ مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّرْكِ إِجْمَاعًا، وَمَتَى فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا فَهِيَ أَدَاءٌ.
[مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ]
(وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ) إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُهُ كَالنَّاشِئِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ فَعَلَهَا، لِأَنَّهُ لَا يَجْحَدُهَا إِلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَإِنِ ادَّعَى الْجَهْلَ كَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ عُرِّفَ وُجُوبَهَا، وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فَإِنْ قَالَ أُنْسِيتُهَا قِيلَ: لَهُ صَلِّ الْآنَ، وَإِنْ قَالَ: أَعْجَزُ عَنْهَا لِعُذْرٍ، أُعْلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ (فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا) وَكَسَلًا (لَا جُحُودًا (دُعِيَ إِلَى فِعْلِهَا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ يُعْتَدُّ سُقُوطُهُ بِمِثْلِهِ كَالْمَرَضِ، وَنَحْوِهِ، وَالدَّاعِي لَهُ الْإِمَامُ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَيُهَدَّدُ فَيَقُولُ لَهُ: إِنْ صَلَّيْتَ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ (فَإِنْ أَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا وَجَبَ قَتْلُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] فَمَتَى تَرَكَ الصَّلَاةَ لَمْ يَأْتِ بِشَرْطِ التَّخْلِيَةِ فَيَبْقَى عَلَى إِبَاحَةِ الْقَتْلِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ، وَهُوَ مُرْسَلٌ
ثَلَاثًا، وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَيِّدٌ، وَلِأَنَّهَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، فَقُتِلَ تَارِكُهَا كَالشَّهَادَتَيْنِ، وَمُرَادُهُ حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَقِيلَ: عَنْهُمَا، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَعَنْهُ: يَجِبُ قَتْلُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَضِقْ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَهِيَ أَظْهَرُ لِمَفْهُومِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَّا إِلَّا الْأُولَى مِنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ، لِأَنَّ وَقْتَهُمَا مَعَ الْعُذْرِ وَاحِدٌ، وَحَسَّنَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا لَمْ يَكْفُرْ، وَلَمْ يُقْتَلْ بِحَالٍ.
(وَعَنْهُ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَتْرُكَ ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ (وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ) قَدَّمَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " لِأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الثَّلَاثَ لِشُبْهَةٍ، فَإِذَا تَرَكَ الرَّابِعَةَ انْتَفَت الشبهة فَيُقْتَلُ، وَالْأَصَحُّ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ عَنْهَا، وَقِيلَ: بَلْ عَنْهُنَّ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " و" الْوَاضِحِ " و" تَبْصِرَةِ الْحُلْوَانِيِّ " رِوَايَةٌ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُتِلَ وُجُوبًا بِضَرْبِ عُنُقِهِ (وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا فِي الْأَشْهَرِ، وَيُضَيَّقَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُقْتَلُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ، فَتَقَدَّمَتْهُ الِاسْتِتَابَةُ كَالْمُرْتَدِّ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُضْرَبُ، وَيَنْبَغِي الْإِشَاعَةُ عَنْهُ بِتَرْكِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ، وَلَا يَنْبَغِي السَّلَامُ عَلَيْهِ، وَلَا إِجَابَةُ دَعْوَتِهِ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ) كَغَيْرِهِ وَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِالصَّلَاةِ، نَقَلَ صَالِحٌ: تَوْبَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَصَوَّبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِأَنَّ كُفْرَهُ بِالِامْتِنَاعِ كَإِبْلِيسَ، وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، وَصِحَّتُهَا قَبْلَ الشَّهَادَتَيْنِ، كَمُرْتَدٍّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى رَاجَعَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَقْضِ مُدَّةَ امْتِنَاعِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ خِلَافَهُ (وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ) يُضْرَبُ بِهِ عُنُقُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيِ: الْهَيْئَةَ مِنَ الْقَتْلِ.
قُتِلَ بِالسَّيْفِ، وَهَلْ يُقْتَلُ حَدًّا أَوْ لِكُفْرِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَهَلْ يُقْتَلُ حَدًّا أَوْ لِكُفْرِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا، وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى بُرَيْدَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَى عُبَادَةُ مَرْفُوعًا:«مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْمِلَّةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ.
وَلِأَنَّهُ يَدْخُلُ بِفِعْلِهَا فِي الْإِيمَانِ، فَيَخْرُجُ بِتَرْكِهَا مِنْهُ، كَالشَّهَادَتَيْنِ، فَعَلَيْهَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْكُفَّارِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: يُدْفَنُ مُنْفَرِدًا، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا تُرِكَ بِمَكَانِهِ، وَلَا يُدْفَنُ، وَلَا كَرَامَةَ، وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ وَيُصَلِّي فِي الْأَشْهَرِ، وَالثَّانِيَةُ: يُقْتَلُ حَدًّا قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ بَطَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَهِيَ أَصْوَبُ الْقَوْلَيْنِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِلْعُمُومَاتِ، مِنْهَا قَوْلُهُ عليه السلام:«أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ:«إِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَتِي لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَحْكُمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ، فَلَمْ يَكْفُرْ