الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَدْنَى الْكَمَالِ،
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ. فَإِذَا قَامَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعَظِيمِ، وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَعَنْهُ: الْأَفْضَلُ وَيَحْمَدُهُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، قَالَ أَحْمَدُ: جَاءَ هَذَا وَهَذَا، وَالْوَاجِبُ مَرَّةً (ثَلَاثًا) وَهُوَ أَدْنَى (الْكَمَالِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ» هَذَا مُرْسَلٌ، لِأَنَّ عَوْنًا لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ. فَالْكَمَالُ لِلْمُنْفَرِدِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا، وَقِيلَ: بِقَدْرِ قِيَامِهِ، وَقِيلَ: سَبْعٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَقِيلَ: عَشْرٌ، وَالْإِمَامُ إِلَى عَشْرٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ مَا لَمْ يُؤَثِّرْ مَأْمُومٌ، وَقِيلَ: مَا لم يشق، وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ قَدْرَ قِرَاءَتِهِ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ خَمْسًا لِيُدْرِكَ الْمَأْمُومُ ثَلَاثًا، وَأَمَّا الْوَسَطُ فَقَالَ أَحْمَدُ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ التَّسْبِيحُ التَّامُّ سَبْعٌ، وَالْوَسَطُ خَمْسٌ، وَأَدْنَاهُ ثَلَاثٌ.
[الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ وَصِفَتُهُ]
(ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لمن حمده) إِنْ كَانَ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبُرَيْدَةَ:«يَا بُرَيْدَةُ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فَقُلْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَرْتِيبَ هَذَا الذِّكْرِ وَاجِبٌ، فَلَوْ قَالَ: مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَ لَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَغَيُّرِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْأَوَّلَ صِيغَةٌ تَصْلُحُ لِلدُّعَاءِ، مَعْنَى سَمِعَ أَجَابَ، وَالثَّانِي صِيغَةُ شَرْطٍ وَجَزَاءٍ، فَافْتَرَقَا، أَشْبَهَ مَا
قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَوْ نَكَّسَ التَّكْبِيرَ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَيَرْفَعُهُمَا مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ فِي رِوَايَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ، وَعَنْهُ: بَعْدَ اعْتِدَالِهِ، نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ رَأَى أَحْمَدَ يَفْعَلُهُ، وَقِيلَ: يَرْفَعُهُمَا الْمَأْمُومُ مَعَ رَأْسِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَقِّهِ ذِكْرٌ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ، وَالرَّفْعُ إِنَّمَا جُعِلَ هَيْئَةً لِلذِّكْرِ، وَكَذَا الْمُنْفَرِدُ، إِنْ قُلْنَا: لَا يَقُولُ بَعْدَ الرَّفْعِ شَيْئًا (فَإِذَا قَامَ) أَيِ: اعْتَدَلَ قَائِمًا (قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) هَذَا مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ إِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا، وَبِهَا أُفَضِّلُ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَكُونُ أَكْثَرَ حُرُوفًا، وَيَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ مُقَدَّرًا أَوْ مُظْهَرًا، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: رَبَّنَا حَمِدْنَاكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لِأَنَّ الْوَاوَ لَمَّا كَانَتْ لِلْعَطْفِ، وَلَا شَيْءَ هَا هُنَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، دَلَّ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُقَدَّرًا، وَهُوَ قَوْلُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَبِلَا (وَاوٍ) أَفْضَلُ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَكْثَرُ فِعْلِهِ عليه السلام:«اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» ، وَعَنْهُ: يَقُولُ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، وَلَا يَتَخَيَّرُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": وَكَيْفَمَا قَالَ جَازَ، وَكَانَ حَسَنًا، لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا عَطَسَ حَالَ رَفْعِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ لَهُمَا لَا يُجْزِئُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّصْهُ لِلرَّفْعِ، وَصَحَّحَ الْمُؤَلِّفُ الْإِجْزَاءَ كَمَا لَوْ قَالَهُ ذَاهِلًا، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الْآخَرِ.
فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا لَمْ يَزِدْ عَلَى: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ،
ثُمَّ يُكَبِّرُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
«مِلْءَ السَّمَاءِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» أَيْ: حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ، وَلِمُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ:«وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا» وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَالْأَصْحَابُ، لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْأَخْبَارِ (السَّمَاوَات) لِمَا رَوَى عَلِيٌّ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْوَجِيزِ " كَـ " الْمُقْنِعِ "، وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ، إِذِ الْأَصْلُ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا سِيَّمَا وَقَدْ عَضَّدَهُ قَوْلُهُ عليه السلام:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَعَنْهُ: يَقْتَصِرُ الْمُنْفَرِدُ عَلَى التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فَقَطْ حَطًّا لَهُ عَنْ رُتْبَةِ الْإِمَامِ، وَرَفْعًا لَهُ عَنْ رُتْبَةِ الْمَأْمُومِ، لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ، وَعَنْهُ: يُسَمِّعُ فَقَطْ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ، وَخَصَّهَا فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " بِالْفَرِيضَةِ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ عَامٌّ، وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ: إِنْ شَاءَ قَالَ: أَهْل الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَأَنَا أَقُولُهُ، فَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ".
(فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا لَمْ يَزِدْ عَلَى: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ