الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَأَمَّا النَّقْصُ فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا، فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ: «كَانَ لِي مَدْخَلَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ فَإِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي يَتَنَحْنَحُ لِي» ، وَلِلنَّسَائِيِّ مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّها صَوْتٌ لَا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ، وَلَا مَعَ لَفْظِ غَيْرِهِ عَلَى مَعْنًى، لِكَوْنِهَا حُرُوفًا غَيْرَ مُحَقَّقَةٍ، كَصَوْتٍ أُعْقِلَ، وَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهَا مُتَكَلِّمًا، بِخِلَافِ النَّفْخِ، وَالتَّأَوُّهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الْمُحَرَّرِ " الرِّوَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: إِنْ تَنَحْنَحَ لِضَرُورَةٍ أَوْ حاجة فبان حَرْفَانِ فَوَجْهَانِ، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ مَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفَيْنِ، وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهَا.
[النَّقْصُ فِي الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ (وَأَمَّا النَّقْصُ، فَمَتَّى تَرَكَ رُكْنًا) نَاسِيًا أَوْ سَاهِيًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، أَوِ النِّيَّةِ إِذَا قُلْنَا بِرُكْنِيَّتِهَا (فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتِ) الرَّكْعَةُ (الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا) فَقَطْ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا، وَلَمْ يُمْكِنِ اسْتِدْرَاكُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، فَلَغَتْ رَكْعَتَهُ، وَصَارَتِ الَّتِي تَشْرَعُ فِيهَا عِوَضًا عَنْهَا، وَلَا يُعِيدُ الِاسْتِفْتَاحَ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ ذَكَرَ الرُّكْنَ الْمَتْرُوكَ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ سُجُودِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَعَتْ عَنِ الْأُولَى، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ قَدْ صَحَّتْ، وَمَا فَعَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ سَهْوًا لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ ذَكَرَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ هَذَا الْقَوْلَ فَقَرَّبه، إِلَّا أَنَّهُ اخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ وَجْهًا، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، لِأَنَّ الْمَزْحُومَ فِي الْجُمْعَةِ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ، وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ، وَيَسْجُدُ مَعَهُ، وَيَكُونُ السُّجُودُ مِنَ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ التَّرْكُ مِنَ
بَطَلَتِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهُ وَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، عَادَ فَأَتَى بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَهُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأُولَى صَارَتِ الثَّانِيَةُ أَوَّلِيَّتَهُ، وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَتَهُ، وَالرَّابِعَةُ ثَالِثَتَهُ، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةِ، فَإِنْ رَجَعَ عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَمْدًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنَ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ الْمَتْرُوكِ رُكْنُهَا، وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: بَلَى، وَبَعْدَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ (وَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (عَادَ) لُزُومًا (فَأَتَى بِهِ) أَيْ: بِالْمَتْرُوكِ، نُصَّ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْقِيَامِ غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ قَدْرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ؛ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، فَذَكَرَهَا قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي الْحَالِ، وَقَالَ فِي " الْمُبْهِجِ ": مَنْ تَرَكَ رُكْنًا نَاسِيًا فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى شَرَعَ فِي رُكْنٍ آخَرَ بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ لَمْ يُعِدْ مَعَ عِلْمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ، لِأَنَّهُ فعل غير مُتَعَمِّدٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَضَى قَبْلَ ذِكْرِ الْمَتْرُوكِ، وَتَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا لَمْ يُعِدْهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا يَفْعَلُهُ بَعْدُ الْمَتْرُوكِ، فَإِنْ ذَكَرَ الرُّكُوعَ، وَقَدْ جَلَسَ أَتَى بِهِ، وَبِمَا بَعْدَهُ، فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَانَ جَلَسَ لِلْفَصْلِ، أَتَى بِالسَّجْدَةِ فَقَطْ، وَلَمْ يَجْلِسْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُ، وَقِيلَ: بَلَى، ثُمَّ يَسْجُدُ، وَإِلَّا جَلَسَ لِلْفَصْلِ، ثُمَّ يَسْجُدُ (و) يَأْتِي مَعَهُ (بِمَا بَعْدَهُ) لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ فَهُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الَّتِي لَغَتْ بِتَرْكِ رُكْنِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا، فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، فَإِذَا سَلَّمَ قَبْلَ ذِكْرِهَا فَقَدْ سَلَّمَ مِنْ نَقْصٍ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ أَحْدَثَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ، كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ، بَلْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ عُرْفًا لَمْ تَبْطُلْ، وَأَتَى بِرَكْعَةٍ، وَظَاهِرُهُ لَوِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ أَوْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَيَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ نَقَلَهُ حَرْبٌ بِخِلَافِ تَرْكِ الرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ "، و" التَّلْخِيصِ " تَبْطُلُ، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِدْرَاكُهُ، لِكَوْنِهِ خَرَجَ مِنْهَا
رَكَعَاتٍ، وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدَةً، فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَيَأْتِي بِثَلَاثٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالسَّلَامِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ رَكْعَةً، فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ لَخَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " إِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ سَلَامًا أَتَى بِهِ فَحَسْبُ، وَإِنْ كَانَ تَشَهُّدًا أَتَى بِهِ وَبِالسَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا أَتَى بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقِيلَ: يَأْتِي بِالرُّكْنِ، وَبِمَا بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَحْسَنُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةٍ فَقَدْ سَبَقَ.
1 -
تَنْبِيهٌ: إِذَا تَرَكَ رُكْنًا لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ، أَوْ جَهِلَ عَيْنَ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ، بَنَى عَلَى الْأَحْوَطِ، لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا، فَيَكُونُ مَغْرُرًا بِهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ، وَلَا تَسْلِيمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَفْسِيرِهِ، أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَّا عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا قَدْ تَمَّتْ، فَعَلَى هَذَا إِذَا تَرَكَ سَجْدَةً لَا يَعْلَمُ مِنَ الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَةِ، جَعَلَهَا مِنَ الْأُولَى، وَأَتَى بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ لَا يَعْلَمُ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ، سَجَدَ سَجْدَةً، وَحَصَلَتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ لَغَتِ الْأُولَيَانِ، فَإِنْ تَرَكَ رُكْنًا لَا يَعْلَمُ هَلْ هُوَ رُكُوعٌ أَوْ سُجُودٌ جَعَلَهُ رُكُوعًا، وَإِنْ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ، وَالرُّكُوعِ جَعَلَهُ قِرَاءَةً، وَإِنْ تَرَكَ اثْنَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ مِنَ الْفَاتِحَةِ جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَوَالِيَهُمَا جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ.
1 -
(وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدَةً، فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَيَأْتِي بِثَلَاثٍ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَصَحَّحَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ بِشُرُوعِهِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، وَبَقِيَتِ الرَّابِعَةُ
وَعَنْهُ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، وَنَهَضَ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا، وَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ، وَإِنْ شَرَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَاقِصَةً فَيُتِمُّهَا بِسَجْدَةٍ فَتَصِحُّ، وَتَصِيرُ أُولَاهُ، وَيَأْتِي بِالثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَيُسَلِّمُ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ لَهُ رَكْعَتَانِ، وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحَ، لِأَنَّ أَحْمَدَ حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ: هُوَ أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ لَهُ سِوَى تكبيرة الْإِحْرَامِ فَيَبْنِي عَلَيْهَا (وَعَنْهُ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) وَقَالَهُ إِسْحَاقُ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى التَّلَاعُبِ فِي الصَّلَاةِ، وَيُفْضِي إِلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ غَيْرِ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ التَّحْرِيمَةِ وَالرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، وَبَنَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ " الشَّرْحِ " عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ بَطَلَتْ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ، و" التَّلْخِيصِ " رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ بَطَلَتْ بِسَلَامِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: كَمَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ، وَإِنْ ذَكَرَ، وَقَدْ قَرَأَ فِي الْخَامِسَةِ فَهِيَ أُولَاهُ، وَلَغَا مَا قَبْلَهَا، ذَكَرَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرِهِ، وَلَا يُعِيدُ الِافْتِتَاحَ، وَتَشَهُّدُهُ قَبْلَ سَجْدَتَيِ الْأَخِيرَةِ زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَقَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ (وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَنَهَضَ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ "، و" الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، وَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» رَوَاهُ أحمد وأبو دَاوُدُ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي رُكْنٍ، فَلَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ تُفَارِقْ أَلْيَتَاهُ الْأَرْضَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، سَوَاءٌ فَارَقَتْ أَلْيَتَاهُ الْأَرْضَ، أَوْ كَانَ إِلَى الْقِيَامِ أَقَرَبُ، وَيَجِبُ عَلَى مَأْمُومٍ اعْتَدَلَ مُتَابَعَتُهُ (وَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا) وَلَمْ يَقْرَأْ (لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْمَذْهَبِ " و" التَّلْخِيصِ " و" الْكَافِي "
فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِدَالِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ، لِأَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَلِهَذَا جَازَ تَرْكُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ، وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ رُجُوعُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَعَنْهُ: يَمْضِي وُجُوبًا، صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ، فَلَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ كَالْقِرَاءَةِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَقَالَهُ النُّخَعِيُّ، وَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الرُّكُوعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، وَكَذَا حَالُ الْمَأْمُومِينَ إِنْ تَبِعُوهُ، وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ فَلَمْ يَرْجِعْ تَشَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَتَبِعُوهُ، وَقِيلَ: بَلْ يُفَارِقُونَهُ، وَيُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ (وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ) جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه السلام:«إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وَعَنْهُ: إِنْ كَثُرَ نُهُوضُهُ، وَإِنْ قَلَّ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " إِنْ بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ سَجَدَ، لِأَنَّهُ زَادَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: إِذَا لَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا فَلَا سُجُودَ، وَحَكَاهُ فِي " شَرْحِ الْمَذْهَبِ " عَنْ شَيْخِهِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَسْأَلَةٌ: حُكْمُ تَرْكِ الذِّكْرِ فِيهِ كَتَرْكِهِمَا، فَلَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ رُكُوعٍ، فَذَكَرَهُ بَعْدَ زَوَالِهِ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ حَتَّى انْتَصَبَ قَائِمًا، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ يَزِيدُ رُكُوعًا، وَيَأْتِي بِالتَّسْبِيحِ فِي رُكُوعٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ.
فَعَلَى هَذَا إِنْ رَجَعَ بَطَلَتْ لَا سَهْوًا، بَلْ يَسْجُدُ لَهُ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ فِي هَذَا الرُّكُوعِ لَمْ يُدْرِكْهَا، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى