الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْئًا مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ: الْإِحْرَامُ، وَالتَّسْمِيعُ، وَالتَّحْمِيدُ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، مَرَّةً مَرَّةً، وَسُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، وَالْجُلُوسُ لَهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى) لِقَوْلِهِ: «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْتِمُ صَلَاتَهُ بِالتَّسْلِيمِ» ، وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَلِأَنَّهَا نُطْقٌ مَشْرُوعٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهَا، فَكَانَ رُكْنًا كَالطَّرَفِ الْآخَرِ (وَالتَّرْتِيبُ) أَيْ: بَيْنَ الْأَرْكَانِ، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً، وَعَلَّمَهَا لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ مُرَتَّبًا بِثُمَّ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ، فَكَانَ التَّرْتِيبُ رُكْنًا فِيهَا كَغَيْرِهَا.
(وَمَنْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ عليه السلام نَفَى الصَّلَاةَ مَعَ الْجَهْلِ، وَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ عُذْرًا، وَإِذَا انْتَفَى مَعَ الْجَهْلِ، فَمَعَ الْعَمْدِ أَوْلَى، وَتَرْكُهُ سَهْوًا يَأْتِي.
[وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ]
(وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَسَمَّى أَبُو الْفَرَجِ الْوَاجِبَ سُنَّةً اصْطِلَاحًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَمَا سَمَّى الْمَبِيتَ، وَرَمْيَ الْجِمَارِ، وَطَوَافَ الصَّدْرِ سُنَّةً، وَهُوَ وَاجِبُ (التَّكْبِيرِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُكَبِّرُ، وَقَالَ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَعَنْهُ: رُكْنٌ لَا يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَعَنْهُ: يَسْقُطُ فِي حَقِّ مَأْمُومٍ فَقَطْ، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُعَلِّمِ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، قُلْنَا: وَلَمْ يُعَلِّمْهُ التَّشَهُّدَ، وَلَا السَّلَامَ، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْلِيمِهِ مَا أَسَاءَ فِيهِ (وَالتَّسْمِيعُ) وَهُوَ قَوْلُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي حَقِّ إِمَامٍ، وَمُنْفَرِدٍ (وَالتَّحْمِيدُ) وَهُوَ قَوْلُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِي حَقِّ الْكُلِّ (فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ لِمَا سَبَقَ مِنَ النُّصُوصِ فِعْلًا لَهُ، وَأَمْرًا بِهِ (وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ مَرَّةً مَرَّةً) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالزَّائِدُ عَلَى الْمَرَّةِ سُنَّةٌ (وَسُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ،
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِهَا، وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فِي رِوَايَةِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ (وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ لَهُ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ عليه السلام فَعَلَهُ، وَدَاوَمَ عَلَى فِعْلِهِ، وَأَمَرَ بِهِ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ حِينَ نَسِيَهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ لِسُقُوطِهَا بِالسَّهْوِ، وَانْجِبَارِهَا بِالسُّجُودِ كَوَاجِبَاتِ الْحَجِّ، وَيُسْتَثْنَى منه غير مَأْمُوم قَامَ إِمَامُهُ عَنْهُ سَهْوًا فَيُتَابِعُهُ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: 56] ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَلَا مَوْضِعَ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَوْلَى مِنَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَعَنْهُ: رُكْنٌ، قَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْفُرُوعِ " وَصَحَّحَهَا فِي " الْمَذْهَبِ " و" الْوَسِيلَةِ " وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهَا الْمَشْهُورَةُ، وَأَنَّهَا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ لِحَدِيثِ كَعْبٍ، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، قَالَ الْمَرْوَزِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَقَالَ: مَا أَجْتَرِئُ أَنْ أَقُولَ مِثْلَ هَذَا، وَفِي رِوَايَةٍ: هَذَا شُذُوذٌ. لِقَوْلِهِ: «إِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدَ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ» ، وَكَخَارِجِ الصَّلَاةِ (فِي مَوْضِعِهَا) أَيْ: فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ (وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فِي رِوَايَةٍ) قَالَ الْقَاضِي: وَهِيَ أَصَحُّ جَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُسَلِّمُهُمَا، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَ لَهَا تَحْلِيلَانِ، فَكَانَتْ وَاجِبَةً كَالْأُولَى، وَعَنْهُ: أَنَّهَا رُكْنٌ كَالْأُولَى، صَحَّحَهُ فِي " الْمَذْهَبِ " وَقَدَّمَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَهِيَ ظَاهِرُ " الْهِدَايَةِ " و" الْمُحَرَّرِ " لِعُمُومِ قَوْلِهِ: وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ، فَعَلَى هَذَا هُمَا مِنَ الصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، اخْتَارَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَصَحَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "
صَلَاتُهُ، وَمَنْ تَرَكَهُ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَعَنْهُ: إِنَّ هَذِهِ سُنَنٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ، وَعَنْهُ: فِي النَّفْلِ، وَعَنْهُ: هُمَا وَاجَبَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهَا الْمَشْهُورَةُ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْوَسِيلَةِ " قَالَ الْقَاضِي: الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ فِي الْجِنَازَةِ وَالنَّافِلَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً (مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ أَشْبَهَتِ الْأَرْكَانَ (وَمَنْ تَرَكَهُ سَهْوًا) أَوْ جَهْلًا، نُصَّ عَلَيْهِ (سَجَدَ لِلسَّهْوِ)«لِأَنَّهُ عليه السلام لَمَّا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ سَجَدَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ، وَلَوْلَا أَنَّهُ وَاجِبٌ لَمَا سَجَدَ لِجَبْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي الصَّلَاةِ زيادة محرمة لِجَبْرِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَغَيْرُ التَّشَهُّدِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِلْعِبَادَةِ وَاجِبٌ يُجْبَرُ إِذَا تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا كَالْحَجِّ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ سَهْوًا، لِأَنَّهُ عليه السلام بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ (وَعَنْهُ: أَنَّ هَذِهِ سُنَنٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا) لِعَدَمِ تَعْلِيمِهَا لِلْمُسِيءِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا تَرَكَ شَيْئًا، وَلَمْ يَدْرِ أَفَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ، لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ لِلشَّكِّ فِي صِحَّتِهِ، وَإِذَا اعْتَقَدَ الْفَرْضَ سُنَّةً، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَصَلَّاهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهَا عَلَى اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَعْرِفَ الرُّكْنَ مِنَ الشَّرْطِ، وَالْفَرْضَ مِنَ السُّنَّةِ، وَرَدَّ الْمَجْدُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَحِّحِ الِائْتِمَامَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ نَفْلٌ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مَعَ شِدَّةِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَالسُّنَّةُ، وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَرْضِيَّةِ، وَالنَّفْلِيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ لَا تَفَاصِيلِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى يَعْتَقِدُ الصَّلَاةَ فَرِيضَةً، فَأَتَى بِأَفْعَالٍ تَصِحُّ مَعَهَا الصَّلَاةُ، بَعْضُهَا فَرْضٌ، وَبَعْضُهَا نَفْلٌ، وَهُوَ يَجْهَلُ الْفَرْضَ مِنَ السُّنَّةِ، أَوْ يَعْتَقِدُ الْجَمِيعَ فَرْضًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ إِجْمَاعًا.
فَرْعٌ: الْخُشُوعُ - وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ سُنَّةٌ - ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَمْعٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ