المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَاءٌ نَجِسٌ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ لَمْ - المبدع في شرح المقنع - ط العلمية - جـ ١

[برهان الدين ابن مفلح الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّف]

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌[مُقَدِّمَةٌ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[أَقْسَامُ الْمِيَاهِ]

- ‌[الْمَاءُ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرُ]

- ‌[الْمَاءُ الطَّاهِرُ غَيْرُ الْمُطَهِّرِ]

- ‌[الْمَاءُ النَّجِسُ]

- ‌بَابُ الْآنِيَةِ

- ‌[التَّوَضُّؤُ مِنَ الْآوَانِي الَّتِي لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهَا]

- ‌[ثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا]

- ‌[اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ]

- ‌[جُلُودُ الْمَيْتَةِ]

- ‌[لَبَنُ الْمَيْتَةِ وَإِنْفَحَتُهَا وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا]

- ‌بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[مَا يُقَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ إِلَى الْخَلَاءِ]

- ‌[دُخُولُ الْخَلَاءِ وَمَعَهُ شَيْءٌ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ]

- ‌[تَقْدِيمُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى فِي الدُّخُولِ وَالْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ]

- ‌[مَا يُقَالُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ]

- ‌[مَنْعُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إِلَّا عِنْدَ وُجُودِ سُتْرَةٍ]

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى]

- ‌[الِاسْتِجْمَارُ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ طَاهِرٍ يُنَقِّي]

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ إِلَّا الرِّيحَ]

- ‌بَابُ السِّوَاكِ

- ‌[فضل السواك وأوقات استحبابه]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ] [

- ‌سُنَنُ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِضُ الْوُضُوءِ]

- ‌صِفَةُ الْوُضُوءِ

- ‌[الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ]

- ‌ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْمُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[حُكْمُ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ]

- ‌[حُكْمُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْجَبَائِرِ]

- ‌[حُكْمُ الْمَسْحِ عَلَى الْقَلَانِسِ وَخُمُرِ النِّسَاءِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ على الخفين والجبيرة ونحوهما]

- ‌[مدة المسح للمُقِيم وَالْمُسَافِر]

- ‌[شُرُوطُ الْمَسْحِ عَلَى حَوَائِلِ الرِّجْلِ]

- ‌[يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ دُونَ أَسْفَلِهِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ الْمُحَنَّكَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ]

- ‌ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ

- ‌ الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ

- ‌خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ

- ‌ زَوَالُ الْعَقْلِ

- ‌ مَسُّ الذَّكَرِ

- ‌[مَسُّ الْمَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ]

- ‌[غُسْلُ الْمَيِّتِ]

- ‌[أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ]

- ‌ الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ

- ‌ خُرُوجُ الْمَنِيِّ

- ‌[مُوجِبَاتُ الغسل] [

- ‌[الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ]

- ‌[إِسْلَامُ الْكَافِرِ]

- ‌ الْمَوْتُ

- ‌[الْحَيْضُ]

- ‌[النِّفَاسُ]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ]

- ‌الْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ

- ‌[الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[الْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ]

- ‌[الْغُسْلُ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ]

- ‌غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ

- ‌[الْغُسْلُ لِلْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ]

- ‌[الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[الْغُسْلُ لِلْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالطَّوَافِ]

- ‌ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[تَعْرِيفُ التيمم]

- ‌[شُرُوطُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[التَّيَمُّمُ لِجَمِيعِ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ]

- ‌[لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ]

- ‌فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ

- ‌[مَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ]

- ‌[الْمُتَيَمِّمُ إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا]

- ‌[تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِمَنْ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ]

- ‌بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌[إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ]

- ‌ غَسْلُ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ]

- ‌[حُكْمُ النَّجَاسَةِ إِذَا اسْتَحَالَتْ]

- ‌[بَوْلُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌[النَّجَاسَةُ فِي أَسْفَلِ الْخُفِّ أَوِ الْحِذَاءِ]

- ‌لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِلَّا الدَّمُ

- ‌[لَا يَنْجُسُ الْآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ]

- ‌[حُكْمُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ]

- ‌بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ

- ‌سِبَاعُ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ، وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ نَجِسَةٌ

- ‌[سُؤْرُ الْهِرِّ وَالسِّنَّوْرِ وَمَا دُونَهُمَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْحَيْضِ]

- ‌[يَمْنَعُ الْحَيْضُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعُ بِالْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[أَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ وَأَكْثَرُهُ]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُهُ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ]

- ‌[الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ]

- ‌[الِاسْتِحَاضَةُ]

- ‌إِنِ اسْتُحِيضَتِ الْمُعْتَادَةُ

- ‌[إِنْ تَغَيَّرَتِ الْعَادَةُ بِزِيَادَةٍ]

- ‌الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ

- ‌الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْسِلُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌ النِّفَاسِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[تَعْرِيفُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُهَا]

- ‌[مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُمَا]

- ‌[حُكْمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ]

- ‌[مَا يَتَحَلَّى بِهِ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الصِّفَاتِ]

- ‌[عَدَدُ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ]

- ‌[مَا يَقُولُ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ]

- ‌[التَّرَسُّلُ فِي الْأَذَانِ وَالْحَدْرُ فِي الْإِقَامَةِ]

- ‌[الْأَذَانُ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا]

- ‌لَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا

- ‌[الْأَذَانُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ]

- ‌[الْأَذَانُ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ أَوْ قَضَاءِ فَوَائِتَ]

- ‌أَذَانِ الْفَاسِقِ

- ‌[أَذَانُ الْمُمَيِّزِ]

- ‌[مَا يَقُولُهُ مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ]

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌ دُخُولُ الْوَقْتِ

- ‌[الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ]

- ‌[الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَأَوْقَاتُهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ]

- ‌[مَنْ أَدْرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مِنْ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا]

- ‌[مَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ]

- ‌مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ

- ‌[مَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌[تَعْرِيفُ الْعَوْرَةِ وَحُكْمُ سَتْرِهَا]

- ‌[عَوْرَةُ الرَّجُلِ وَالْأَمَةِ]

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي ثَوْبَيْنِ]

- ‌[صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ]

- ‌[انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ]

- ‌مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا ثَوْبًا نَجِسًا

- ‌مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ

- ‌ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ

- ‌[السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ

- ‌[لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ وَافْتِرَاشُهُ لِلرِّجَالِ]

- ‌[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ]

- ‌[طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ مِنَ النَّجَاسَاتِ]

- ‌إِنْ صَلَّى عَلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ مِنْ بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجِسٌ

- ‌[إِذَا بَسَطَ عَلَى النَّجَاسَاتِ شَيْئًا طَاهِرًا]

- ‌[الْأَمَاكِنُ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا]

- ‌بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ

- ‌[حُكْمُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[مَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي السَّفَرِ]

- ‌[إِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ]

- ‌بَابُ النِّيَّةِ

- ‌[تَعْرِيفُ النِّيَّةِ وَحُكْمُهَا]

- ‌[النِّيَّةُ تَكُونُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[اسْتِصْحَابُ حُكْمِ النِّيَّةِ إِلَى آخِرِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مِنْ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ حَالَهُمَا]

- ‌[إِنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ]

- ‌[إِنْ سَبَقَ اثْنَانِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[إِنْ أَحْرَمَ إِمَامًا لِغَيْبَةِ إِمَامِ الْحَيِّ]

- ‌[الْخُرُوجُ إِلَى الصَّلَاةِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ]

- ‌[تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ]

- ‌[وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ]

- ‌[النَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ]

- ‌[دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ]

- ‌[قِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]

- ‌[قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ]

- ‌[قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ]

- ‌[الصَّلَوَاتُ الَّتِي يَجْهَرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَصِفَتُهُ]

- ‌[الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوعِ وَصِفَتُهُ]

- ‌[السُّجُودُ وَصِفَتُهُ]

- ‌[الرَّفْعُ مِنَ السُّجُودِ وَصِفَتُهُ]

- ‌[التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَصِفَتُهُ]

- ‌[الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ]

- ‌[التَّعَوُّذُ بِاللَّهِ مِنْ أَشْيَاءَ قَبْلَ السَّلَامِ]

- ‌[السَّلَامُ في الصلاة وَصِفَتُهُ]

- ‌[التَّشَهُّدُ الثَّانِي وَصِفَتُهُ]

- ‌[الذِّكْرُ وَالِاسْتِغْفَارُ ثَلَاثًا عَقِيبَ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَكْرُوهَاتُ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[رَدُّ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَي المصلي]

- ‌تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ سُوَرٍ فِي الْفَرْضِ

- ‌[سُتْرَةُ الْمُصَلِّي]

- ‌[النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ مِنْهُ في الصلاة]

- ‌ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ

- ‌[وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌[تَعْرِيفُ السَّهْوِ وَحُكْمُهُ]

- ‌[الْعَمَلُ الْمُسْتَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ]

- ‌إِنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ

- ‌[الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْقَهْقَهَةُ وَالنَّفْخُ وَالِانْتِحَابُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[النَّقْصُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الشَّكُّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ]

- ‌لَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ

- ‌[مَحَلُّ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[يَكْفِي لِجَمِيعِ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ]

الفصل: فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَاءٌ نَجِسٌ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ لَمْ

فَصْلٌ

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَاءٌ نَجِسٌ

وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهُوَ يَسِيرٌ، فَهَلْ يَنْجُسُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ طَاهِرٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ لِصَرْفِ النِّيَّةِ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ خَارِجَهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: اغْتِرَافُ مُتَوَضِّئٍ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَنْوِ غَسْلَهَا فِيهِ كَجُنُبٍ، وَالْمَذْهَبُ طَهُورٌ لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي طَهُورٍ مُسْتَعْمَلٍ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ، فَإِنْ كَثُرَ الْوَاقِعُ وَتَفَاحَشَ مُنِعَ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ الْمَجْدُ: الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ قَدْرًا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنْ كَانَ الْوَاقِعُ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ خَلًّا غَيَّرَهُ، مُنِعَ. وَنَصُّهُ فِيمَنِ انْتَضَحَ مِنْ وَضُوئِهِ فِي إِنَائِهِ: لَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ فَكَمَّلَهُ بِمَائِعٍ آخَرَ لَمْ يُغَيِّرْهُ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَرَجَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ " لِأَنَّ الْمَائِعَ قَدِ اسْتُهْلِكَ، وَإِنْ بَلَغَ بَعْدَ خَلْطِهِ قُلَّتَيْنِ أَوْ كَانَا مُسْتَعْمَلَيْنِ فَطَاهِرٌ. وَقِيلَ: طَهُورٌ.

[الْمَاءُ النَّجِسُ]

فَصْلٌ

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَاءٌ نَجِسٌ) .

هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَا يَسْلِبُ الْمَاءَ صِفَتَيْهِ: طَهَارَتَهُ وَتَطْهِيرَهُ (وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ) فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّطْهِيرِ فَيَنْجُسُ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَحَكَى ابْنُ الْبَنَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ مِنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ الرَّائِحَةِ، وَهُوَ شَاذٌّ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَثِيرِ التَّغَيُّرِ وَيَسِيرِهِ.

مَسْأَلَةٌ: يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إِلَّا ضَرُورَةً، لِدَفْعِ عَطَشٍ أَوْ لِقُمَّةٍ، وَيَجُوزُ سَقْيُهُ الْبَهَائِمَ قِيَاسًا عَلَى الطَّعَامِ إِذَا تَنَجَّسَ، وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: لَا يَجُوزُ قُرْبَانُهُ بِحَالٍ بَلْ يُرَاقُ (فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَهُوَ يَسِيرٌ فَهَلْ يَنْجُسُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا يَنْجُسُ.

قَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ:«سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» .

رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى

ص: 36

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَفْظُهُ لِأَحْمَدَ، وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَكْفِي شَاهِدًا عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ نُجُومَ أَهْلِ الْحَدِيثِ صَحَّحُوهُ، وَلِأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِإِرَاقَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، وَلَمْ يُعْتَبَرِ التَّغْيِيرُ.

وَعُمُومُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ الْجَارِي وَالرَّاكِدَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَفِي ثَانِيَةٍ: أَنَّ الْجَارِيَ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ، اخْتَارَهَا الْمُوَفَّقُ، وَجَمَعَ، وَرَجَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ ".

وَفِي أُخْرَى: تُعْتَبَرُ كُلُّ جِرْيَةٍ بِنَفْسِهَا، اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً نَجُسَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْجِرْيَةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا إِلَى قَرَارِ النَّهْرِ، وَيَمْنَةً وَيَسْرَةً مَا بَيْنَ حَافَّتَيِ النَّهْرِ زَادَ فِي " الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ ": مَا قَرُبَ مِنَ النَّجَاسَةِ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا، وَلِابْنِ عَقِيلٍ: مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَقَدْرُ مِسَاحَتِهَا فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا، وَيَمِينَهَا وَيَسَارَهَا، انْتَهَى. فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مُمْتَدَّةً فَهَلْ تُجْعَلُ كُلُّ جِرْيَةٍ مِنْهَا كَنَجَاسَةٍ مُفْرَدَةٍ، أَوْ كُلُّهَا نَجَاسَةَ وَاحِدَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لَعَلَّهُ سَقَطَ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغْيِيرِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْمُنَى، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وِفَاقًا لِمَالِكٍ، لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ؛، وَهِيَ بِئْرٌ تُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ، وَالنَّتْنُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ.

» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ صَحِيحٌ، قُلْتُ: وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ، وَطَعْمِهِ، وَلَوْنِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

فَرْعٌ: يَسِيرُ النَّجَاسَةِ مِثْلُ كَثِيرِهَا فِي التَّنَجُّسِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا الطَّرْفُ أَيْ: لَا تُشَاهَدُ بِالْبَصَرِ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لَا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَهَا الطَّرْفُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ: إِنْ مَضَى زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ زَادَ فِي " الشَّرْحِ " إِلَّا أَنَّ مَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، كَالدَّمِ، حُكْمُ الْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِهِ حُكْمُهُ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ.

(وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا) وَلَمْ يُغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ (فَهُوَ طَاهِرٌ) بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ مَا لَمْ

ص: 37

النَّجَاسَةُ بَوْلًا، أَوْ عَذِرَةً مَائِعَةً، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: لَا يَنْجُسُ، وَالْأُخْرَى: يَنْجُسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ، فَلَا يَنْجُسُ. وَإِذَا انْضَمَّ إِلَى الْمَاءِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَكُنْ بَوْلَ آدَمِيٍّ أَوْ عَذِرَتَهُ لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَبِئْرِ بُضَاعَةَ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى نَجَاسَتِهِ إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: مَا إِذَا حُرِّكَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ لَمْ يَتَحَرَّكِ الْآخَرُ، وَقِيلَ: عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فِي مِثْلِهَا، وَمَا دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِنْ بَلَغَ أَلْفَ قُلَّةٍ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بَوْلًا) أَيْ: بَوْلَ آدَمِيٍّ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْعَذِرَةِ، فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَخُصَّ فِي " التَّلْخِيصِ " الْخِلَافُ بِهِ فَقَطْ، وَقَالَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ (أَوْ عَذِرَةً مَائِعَةً) لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا تَتَفَرَّقُ فِي الْمَاءِ وَتَنْتَشِرُ، فَهِيَ كَالْبَوْلِ بَلْ أَفْحَشُ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ حُكْمَ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ إِذَا ذَابَتْ كَذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَالْأَوْلَى التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرَّطْبَةِ وَالْمَائِعَةِ (فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: لَا يَنْجُسُ) اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَلِأَنَّ نَجَاسَةَ الْآدَمِيِّ لَا تَزِيدُ عَلَى نَجَاسَةِ بَوْلِ الْكَلْبِ، وَهُوَ لَا يُنَجِّسُهَا، فَهَذَا أَوْلَى (وَالْأُخْرَى يَنْجُسُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَالْمَرُّوذِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَالشَّرِيفُ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ، وَأَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» .

لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَهُوَ خَاصٌّ فِي الْبَوْلِ. وَخَبَرُ الْقُلَّتَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يَنْجُسُ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا سَبَقَ، وَهُوَ الْمَاءُ إِذَا كَانَ كَثِيرًا، وَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ بَوْلًا أَوْ عَذِرَةً مَائِعَةً، فَإِنَّهُ يَنْجُسُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْمَاءُ حَدًّا يَشُقُّ نَزْحُهُ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ، مِثْلُ الْمَصَانِعِ الَّتِي جُعِلَتْ مَوْرِدًا لِلْحَاجِّ بِطَرِيقِ مَكَّةَ يَصْدُرُونَ عَنْهَا وَلَا يَنْفُذُ مَا فِيهَا أَنَّهَا لَا تَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغْيِيرِ، قَالَ فِي

ص: 38

النَّجِسِ مَاءٌ طَاهِرٌ كَثِيرٌ طَهَّرَهُ إِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ تَغَيُّرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ كَثِيرًا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

" الْمُغْنِي ": لَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ تَقْدِيرَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمَصَانِعِ الَّتِي بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَقَالَ الشِّيرَازِيُّ: الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُقَدِّرُونَهُ بِبِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ سِتَّةُ أَشْبَارٍ فِي مِثْلِهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدَّرْتُهَا فَوَجَدْتُهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا؛ قَالَ: لَا، وَقَالَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا، فَقَالَ: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إِلَى الْعَانَةِ قُلْتُ: فَإِذَا نَقَصَ، قَالَ: دُونَ الْعَوْرَةِ.

تَنْبِيهَاتٌ - الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ مَائِعٍ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ يَنْجُسُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ "، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " لِأَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ فَلَمْ يَرْفَعِ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ كَالْيَسِيرِ، وَفِي أُخْرَى: كَالْمَاءِ يَنْجُسُ إِنْ قَلَّ أَوْ تَغَيَّرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ثَالِثَةٍ: مَا أَصْلُهُ الْمَاءُ كَالْخَلِّ التَّمْرِيِّ، فَهُوَ كَالْمَاءِ، وَغَيْرِهِ يَنْجُسُ مُطْلَقًا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَبَنٌ كَزَيْتٍ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ النَّجِسِ عَيْنِيَّةٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ، فَنَفْسُهُ أَوْلَى، وَأَنَّهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

الثَّالِثُ: إِذَا غَيَّرَتْ نَجَاسَةٌ بَعْضَ الطَّهُورِ الْكَثِيرِ، فَفِي نَجَاسَتِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجْهَانِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ طَهُورٌ.

(وَإِذَا انْضَمَّ إِلَى الْمَاءِ النَّجِسِ مَاءٌ طَاهِرٌ) أَيْ: طَهُورٌ (كَثِيرٌ طَهَّرَهُ، إِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ تَغَيُّرٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ كَثِيرًا فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرُ، طَهُرَ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ تَطْهِيرِ الْمَاءِ النَّجِسِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ النَّجِسُ دُونَ قُلَّتَيْنِ، فَتَطْهِيرُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ " عُرْفًا، وَاعْتَبَرَ الْأَزَجِيُّ، وَالسَّامِرِيُّ الِاتِّصَالَ فِيهِ بِقُلَّتَيْنِ طَهُورِيَّتَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُصَبَّ فِيهِ، أَوْ يَجْرِي إِلَيْهِ مِنْ سَاقِيَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَيَزُولُ بِهِمَا تَغَيُّرُهُ إِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ طَهُرَ بِمُجَرَّدِ الْمُكَاثَرَةِ، لِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهَا، وَعَمَّا اتَّصَلَ بِهَا، وَلَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغْيِيرِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ النَّجِسَ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ عِلَّةُ نَجَاسَتِهِ الْمُلَاقَاةُ لَا التَّغْيِيرُ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قُلَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بِالنَّجَاسَةِ، فَتَطْهِيرُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ. أَوْ مُتَغَيِّرًا بِهَا فَتَطْهِيرُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ إِذَا زَالَ التَّغَيُّرُ، وَبِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، لِأَنَّ عِلَّةَ

ص: 39

فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرُ طُهْرٍ، وَإِنْ كُوثِرَ بِمَاءٍ يَسِيرٍ، أَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَأَزَالَ التَّغَيُّرَ، لَمْ يَطْهُرْ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَطْهُرَ. وَالْكَثِيرُ مَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ، وَالْيَسِيرُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التَّنْجِيسِ زَالَتْ، كَالْخَمْرَةِ إِذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَطْهُرُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ، الثَّالِثُ: الزَّائِدُ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ فَتَطْهِيرُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا فَتَطْهِيرُهُ بِالْأَمْرَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَبِثَالِثٍ: وَهُوَ أَنْ يُنْزَحَ مِنْهُ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ، وَيَبْقَى بَعْدَ النَّزْحِ قُلَّتَانِ، هَذَا إِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِغَيْرِ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مُجْتَمِعًا مِنْ مُتَنَجِّسٍ كُلُّ مَا دُونَ قُلَّتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُمَا قَبْلَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ، ثُمَّ زَالَ لَمْ يَطْهُرْ، لِأَنَّ عِلَّةَ التَّنَجُّسِ فِي الْقَلِيلِ مُجَرَّدُ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَيُعْتَبَرُ زَوَالُ التَّغَيُّرِ فِي الْكُلِّ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا بِغَيْرِ بَوْلِ آدَمِيٍّ وَعَذِرَتِهِ، فَإِنْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ، وَإِنْ تَغَيَّرْ، وَكَانَ مِمَّا يَشُقُّ نَزْحُهُ، فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ، أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ قُلَّتَانِ، أَوْ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَشُقُّ نَزْحُهُ فَبِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ، كَمَصَانِعِ مَكَّةَ مَعَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ (وَإِنْ كُوثِرَ) ، أَوْ كَانَ كَثِيرًا فَأُضِيفَ إِلَيْهِ (بمَاءٍ يَسِيرٍ) طَهُورٍ، (أَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ) كَالتُّرَابِ، وَالْخَلِّ، وَنَحْوِهِمَا، لَا مِسْكٍ وَنَحْوِهِ، (فَأَزَالَ التَّغَيُّرَ) لَمْ يَطْهُرْ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَعَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى (وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَطْهُرَ) ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَلِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ زَالَتْ، وَهِيَ التَّغَيُّرُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ زَالَ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: التُّرَابُ لَا يَطْهُرُ، لِأَنَّهُ يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَقِيلَ بِهِ فِي النَّجِسِ الْكَثِيرِ فَقَطْ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الْإِيضَاحِ " رِوَايَتَيْنِ فِي التُّرَابِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا اجْتَمَعَ مِنْ نَجِسٍ وَطَهُورٍ وَطَاهِرٍ قُلَّتَانِ بِلَا تَغَيُّرٍ فَكُلُّهُ نَجِسٌ، وَقِيلَ: طَاهِرٌ، وَقِيلَ: طَهُورٌ، وَإِنْ أُضِيفَتْ قُلَّةٌ نَجِسَةٌ إِلَى مِثْلِهَا، وَلَا تَغَيُّرَ لَمْ تَطْهُرْ فِي الْمَنْصُوصِ كَنَجَاسَةٍ أُخْرَى، وَفِي غَسْلِ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وَأَرْضِهَا رِوَايَتَانِ.

(وَالْكَثِيرُ مَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ) هُمَا تَثْنِيَةُ قُلَّةٍ، وَهِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا ارْتَفَعَ وَعَلَا، وَمِنْهُ قُلَّةُ الْجَبَلِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْجَرَّةُ الْكَبِيرَةُ، سُمِّيَتْ قُلَّةً لِعُلُوِّهَا وَارْتِفَاعِهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ يُقِلُّهَا بِيَدِهِ أَيْ: يَرْفَعُهَا، وَالتَّحْدِيدُ وَقَعَ بِقِلَالِ هَجَرَ، وَفِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ

ص: 40

مَا دُونَهُمَا، وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ. وَعَنْهُ: أَرْبَعُمِائَةٌ وَهَلْ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهَا مَشْهُورَةُ الصِّفَةِ مَعْلُومَةُ الْمِقْدَارِ لَا يَخْتَلِفُ كَالصِّيعَانِ، وَلِأَنَّ خَبَرَ الْقُلَّتَيْنِ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى رَفْعِهِمَا النَّجَاسَةَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى نَجَاسَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُمَا، فَلِذَلِكَ جَعَلْنَاهُمَا حَدًّا لِلْكَثِيرِ (وَالْيَسِيرُ مَا دُونَهُمَا) أَيْ: دُونَ الْقُلَّتَيْنِ (وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، و" الْفُرُوعِ "، وَذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ: رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ، فَرَأَيْتُ الْقُلَّةَ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ، أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا، وَالِاحْتِيَاطُ إِثْبَاتُ الشَّيْءِ، وَجَعْلُهُ نِصْفًا، لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ مُنْكَرٍ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُهُمَا خَمْسُ قِرَبٍ بِقِرَبِ الْحِجَازِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ تِسْعُمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِتَحْدِيدِ الْمَاءِ بِالْقِرَبِ، وَالرِّطْلُ الْعِرَاقِيُّ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " الْقَدِيمِ، وَعَزَاهُ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ ذَكَرَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَقِيلَ: وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " الْجَدِيدِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَعَلَى هَذَا هُوَ سُبْعُ الرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ وَنِصْفُ سُبْعِهِ، فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ بِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةَ رِطْلٍ وَسَبْعَةَ أَرْطَالٍ وَسُبْعَ رِطْلٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأُوقِيَّةٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ، وَبِالْقُدْسِيِّ: ثَمَانُونَ رِطْلًا وَسُبْعَا رِطْلٍ، وَنِصْفُ سُبْعٍ، وَبِالْحَلَبِيِّ: تِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَسُبْعَا رِطْلٍ، وَبِالْمِصْرِيِّ: أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ، وَمِسَاحَتُهُمَا مُرَبَّعًا: ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا، وَمُدَوَّرًا: ذِرَاعٌ طُولًا، وَذِرَاعَانِ وَنِصْفُ ذِرَاعٍ عُمْقًا، وَالْمُرَادُ بِهِ: ذِرَاعُ الْيَدِ، صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ (وَعَنْهُ: أَرْبَعُمِائَةٍ) رَوَاهُ عَنْهُ الْأَثْرَمُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، لِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ: رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ، وَأَظُنُّ الْقُلَّةُ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ. رَوَاهُ الْجَوْزَجَانِيُّ، وَعَلَى هَذَا هُمَا بِالدِّمَشْقِيِّ: خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَثُلُثَا رِطْلٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ، وَفِي ثَالِثَةٍ: هُمَا قِرْبَتَانِ وَثُلُثٌ، جَعْلًا لِلشَّيْءِ ثُلُثًا.

(وَهَلْ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ) صَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "،

ص: 41

تَحْدِيدٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَ " الشَّرْحِ "، و" الْفُرُوعِ " لِأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا جُعِلَ نِصْفًا احْتِيَاطِيًّا، وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا دُونَ النِّصْفِ (أَوْ تَحْدِيدٌ) ؛ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، لِأَنَّ مَا جُعِلَ احْتِيَاطِيًّا يَصِيرُ وَاجِبًا كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ (عَلَى وَجْهَيْنِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ إِلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَلَامُهُ فِي " الْمُغْنِي "، و" الْمُحَرَّرِ " يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِالْأَوْلَى. قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهُوَ الْأَشْبَهُ إِنْ قِيلَ: الْقِرْبَةُ تِسْعُمِائَةٍ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ لَا تَرْدِيدَ فِي كَوْنِ الْقُلَّةِ قِرْبَتَيْنِ، وَإِنَّمَا التَّرْدِيدُ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قِيلَ: هِيَ مِائَةٌ تَقْرِيبًا حَسُنَ مَجِيءُ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: الْأَصَحُّ أَنَّ الْخَمْسَمِائَةٍ تَقْرِيبٌ، وَالْأَرْبَعَمِائَةٍ تَحْدِيدٌ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إِذَا نَقَصَتِ الْقُلَّتَانِ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ، وَوَقَعَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ، فَعَلَى الْأُولَى طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَسِيرٌ لَا أَثَرَ لَهُ، وَعَلَى الثَّانِي: نَجِسٌ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ عَنْ قُلَّتَيْنِ.

مَسَائِلُ: إِذَا وَقَعَ نَجَاسَةٌ فِي قَلِيلٍ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُ، وَقُلْنَا: يَنْجُسُ بِهَا، فَانْتُضِحَ مِنْهُ عَلَى ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ، نَجُسَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَهُ اسْتِعْمَالٌ كَثِيرٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ، أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ، أَوْ رَوْثَةٍ، أَوْ جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إِنَاءٍ، وَثَمَّ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ، فَوَجْهَانِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً، فَرَخَّصَ فِيهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا هِيَ.

(وَإِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ) فَهُوَ طَاهِرٌ، لِأَنَّهَا مُتَيَقَّنَةٌ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمُكْثِهِ، أَوْ بِمَا لَا يَمْنَعُ، وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْمَاءِ، بَلْ يَجْرِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، (أَوْ كَانَ نَجِسًا فَشَكَّ فِي طَهَارَتِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) أَيِ: الْأَصْلِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ عَلَى حَالٍ، فَانْتِقَالُهُ عَنْهَا يَفْتَقِرُ إِلَى عَدَمِهَا، وَوُجُودُ الْأُخْرَى، وَبَقَاؤُهَا وَبَقَاءُ الْأُولَى لَا يَفْتَقِرُ إِلَّا إِلَى مُجَرَّدِ الْبَقَاءِ، فَيَكُونُ أَيْسَرَ مِنَ الْحُدُوثِ وَأَكْثَرَ، وَالْأَصْلُ إِلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ، وَذَكَرَ السَّبَبَ قَبْلُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلْزَمُ قَبُولُ خَبَرِهِ، لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِ نَجَاسَتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَعْتَقِدُهُ الْمُخْبَرُ، وَقِيلَ: يَقْبَلُ، كَالرِّوَايَةِ، وَيَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، كَعَبْدٍ وَأُنْثَى، وَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ فَقَطْ، وَقَالَ آخَرُ: إِنَّمَا وَلَغَ فِي هَذَا، حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، لِأَنَّ صِدْقَهَا مُمْكِنٌ،

ص: 42

بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَإِنِ اشْتَبَهَ الْمَاءُ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ لَمْ يَتَحَرَّ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَيَتَيَمَّمُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ إِرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَإِنْ عَيَّنَا كَلْبًا وَوَقْتًا يَضِيقُ عَنْ شُرْبِهِ مِنْهُمَا؛ تَعَارَضَا، وَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَغَ فِي هَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: نَزَلَ وَلَمْ يَشْرَبْ، قَدَّمَ قَوْلَ الْمُثْبِتِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرِيرًا فَيُقَدِّمُ قَوْلَ الْبَصِيرِ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ: إِذَا أَصَابَهُ مَاءٌ، وَلَا أَمَارَةَ تَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ، كُرِهَ سُؤَالُهُ عَنْهُ نَقَلَهُ صَالِحٌ لِقَوْلِ عُمَرَ: يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ لَا تُخْبِرْنَا، فَلَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ، وَقِيلَ: بَلَى كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنِ الْقِبْلَةِ، وَقِيلَ: الْأَوْلَى السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ، وَقِيلَ: بِلُزُومِهِمَا، وَأَوْجَبَ الْأَزَجِيُّ إِجَابَتَهُ إِنْ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ.

(وَإِنِ اشْتَبَهَ الْمَاءُ الطَّاهِرُ) أَيِ: الطَّهُورُ (بِالنَّجِسِ) تَنْقَسِمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إِلَى صُوَرٍ، مِنْهَا: أَنْ يَزِيدَ عَدَدَ النَّجِسِ، أَوْ يَتَسَاوَيَانِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَمِنْهَا أَنْ يَزِيدَ عَدَدُ الطَّاهِرِ عَلَى عَدَدِ النَّجِسِ، قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُتَوَاطِئِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ بَعْضُ مَحَالِّهِ، وَهُوَ مَجَازٌ شَائِعٌ (لَمْ يَتَحَرَّ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمُبَاحُ بِالْمَحْظُورِ فِي مَوْضِعٍ لَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، كَمَا لَوِ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَوْلًا، لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّطْهِيرِ، وَالثَّانِيَةُ: لَهُ التَّحَرِّي إِذَا زَادَ عَدَدُ الطَّهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ شَاقْلَا، وَالنَّجَّادِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ إِصَابَتُهُ الطَّهُورَ، وَجِهَةُ الْإِبَاحَةِ تَرَجَّحَتْ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهُ فِي نِسَاءِ بَلَدٍ كَبِيرٍ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ الْكُلِّ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ، وَعَلَى هَذَا هَلْ يَكْتَفِي بِمُطْلَقِ الزِّيَادَةِ، أَوْ كَوْنِ الطَّهُورِ أَكْثَرَ عُرْفًا، أَوْ كَوْنِ النَّجَسِ تُسْعَ الطَّهُورِ؛ فِيهِ أَوْجُهٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجِسَ إِعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ؛ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ، ثَالِثُهَا: يَلْزَمُ إِنْ شُرِطَتْ إِزَالَتُهَا لِصَلَاةٍ، وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِلَا تَحَرٍّ، فَبَانَ طَهُورًا لَمْ يَصِحَّ، وَيُعَايَا بِهَا، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: يَصِحُّ (وَيَتَيَمَّمُ) فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ حُكْمًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِ، ثُمَّ عَلِمَ النَّجِسَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ إِرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي

ص: 43

اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَوَضَّأَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً. وَإِنِ اشْتَبَهَتِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

" الْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ - لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ - إِعْدَامُهُمَا بِخَلْطٍ أَوْ إِرَاقَةٍ، جَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي بِئْرٍ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، وَالثَّانِيَةُ: تُشْتَرَطُ الْإِرَاقَةُ، لِيَكُونَ عَادِمًا لِلْمَاءِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو الْبَرَكَاتِ، وَهَذَا إِذَا أَمِنَ الْعَطَشَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ طَهُورٌ بِيَقِينٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَالْمُحَرَّمُ بِغَصْبٍ كَالنَّجِسِ فِيمَا ذَكَرْنَا.

فَرْعٌ: إِذَا احْتَاجَ إِلَى شُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ لَمْ يَجُزْ بِلَا تَحَرٍّ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ فَعَلَ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: أَوْ تَطَهَّرَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِتَحَرٍّ، ثُمَّ وَجَدَ مَاءً طَهُورًا، وَجَبَ غَسْلُ ثِيَابِهِ وَأَعْضَائِهِ، وَقِيلَ: يُسَنُّ، وَيُرِيقُ النَّجِسَ إِنْ عَلِمَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ، وَإِنْ خَافَ الْعَطَشَ تَوَضَّأَ بِالطَّاهِرِ، وَحَبَسَ النَّجِسَ، وَقِيلَ: يَحْبِسُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ، وَهُوَ أَوْلَى كَمَا لَوْ خَافَ احْتِيَاجَهُمَا لِلْعَطَشِ.

فَرْعٌ: إِذَا تَوَضَّأَ بِمَاءٍ، ثُمَّ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ أَعَادَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، خِلَافًا " لِلرِّعَايَةِ "، وَنَصُّهُ: حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَتَهُ، وَذُكِرَ فِي " الْفُصُولِ "، وَالْأَزَجِيِّ: إِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ وُضُوءُهُ قَبْلَ نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ؟ لَمْ يُعِدْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.

(وَإِنِ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ؛ تَوَضَّأَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) قَالَ فِي " الْوَجِيزِ " مَعَ عَدَمِ طَهُورٍ مُشْتَبَهٍ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُضُوءًا كَامِلًا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، و" الْمُحَرَّرِ " لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ مِنْهُمَا وُضُوءًا وَاحِدًا، فَيَأْخُذُ مِنْ هَذَا غُرْفَةً، وَمِنْ هَذَا غُرْفَةً مُطْلَقًا، فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا مَعَ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وُضُوءًا وَاحِدًا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى أَحَدِهِمَا لِلشُّرْبِ تَحَرَّى وَتَوَضَّأَ بِالطَّهُورِ عِنْدَهُ، وَتَيَمَّمَ لِيَحْصُلَ لَهُ الْيَقِينُ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "(وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً) قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ ":

ص: 44