الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَاهِيًا، أَوْ جَاهِلًا، وَيَسْجُدُ لَهُ
وَإِنْ قَهْقَهَ أَوْ نَفَخَ، أَوِ انْتَحَبَ، فَبَانَ حَرْفَانِ، فَهُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعَاطِسِ، وَيَرُدُّهُ إِشَارَةٌ لِفِعْلِهِ عليه السلام، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَلَا يَجِبُ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: فِي فَرْضٍ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي نَفْسِهِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا لِرَدِّهِ عليه السلام عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَوْ صَافَحَ إِنْسَانًا يُرِيدُ السَّلَامَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ.
[الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]
(وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا يَنْقَسِمُ إِلَى أَقْسَامٍ:.
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَكَلَّمَ عَمْدًا عَالِمًا أَنَّهُ فِيهَا، مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا لِأَمْرٍ يُوجِبُ ذَلِكَ، بَطَلَتْ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ:«كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُدَ قَالَ:«فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِيهَا» وَأَبْعَدَ فِي " الرِّعَايَةِ " فَحَكَى قَوْلًا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَكَلَّمَ سَاهِيًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ لَهَا فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ لِلْعُمُومِ (وَعَنْهُ: لَا تَبْطُلُ إِذَا كَانَ سَاهِيًا) قَدَّمَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَنَصَرَهُ فِي " التَّحْقِيقِ "، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمَ سَاهِيًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ تَمَّتْ، فَيُسَلِّمُ، وَيَتَكَلَّمُ (أَوْ جَاهِلًا) ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَأْمُرْ مُعَاوِيَةَ حِينَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ جَهْلًا بِتَحْرِيمِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَالسَّاهِي مِثْلُهُ، لِأَنَّ مَا عُذِرَ فِيهِ بِالْجَهْلِ عُذِرَ فِيهِ بِالنِّسْيَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ أَوِ الْإِبْطَالِ بِهِ، قَالَ الْقَاضِي فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْجَامِعِ ": لَا أَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا فِي الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، وَأَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْحَدِيثَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ بِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا تَبْطُلُ بِحَالٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " احْتِمَالًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا» فَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْإِعَادَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُخَرَّجَ هَذَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي النَّاسِي، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِمِثْلِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ جَاهِلًا، وَقَدْ ذُكِرَ.
(وَيَسْجُدُ لَهُ) لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ عَمْدَهُ يُبْطِلُهَا، فَوَجَبَ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ كَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ.
لَا يُقَالُ: لَمْ يَأْمُرْ مُعَاوِيَةَ بِالسُّجُودِ فَكَيْفَ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا، وَالْإِمَامُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ سَهْوَهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَخْرُجَ الْحُرُوفُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، كَمَا لَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ أَوْ تَثَاؤُبٌ، فَبَانَ حَرْفَانِ، أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ حَالَ قِرَاءَتِهِ إِلَى كَلِمَةٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ لَمْ تَبْطُلْ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ كَالنَّاسِي.
الثَّانِي: أَنْ يَنَامَ فَيَتَكَلَّمَ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنِ الْجَوَابِ عَنْهُ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِهِ، لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ، وَلِعَدَمِ صِحَّةِ إِقْرَارِهِ، وَعِتْقِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُكْرَهَ عَلَى الْكَلَامِ فَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " الْإِبْطَالَ بِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى زِيَادَةِ رُكْنٍ أَوْ رَكْعَةٍ، وَذَكَرَ فِي " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ كَالنَّاسِي لِقَوْلِهِ عليه السلام:«رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْقَاضِي: هُوَ