الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ
وَلَا يُشْرَعُ فِي الْعَمْدِ، وَيُشْرَعُ لِلسَّهْوِ فِي زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَشَكٍّ، لِلنَّافِلَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ أَنَّهُ يُشْرَعُ كَالْأَوَّلِ، فَإِذَا قُلْنَا لَا يَسْجُدُ فَسَجَدَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ.
[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]
[تَعْرِيفُ السَّهْوِ وَحُكْمُهُ]
بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ.
قَالَ صَاحِبُ " الْمَشَارِقِ " السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ: النِّسْيَانُ فِيهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْغَفْلَةُ، وَقِيلَ: النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا قَدْ كَانَ مَذْكُورًا، وَالسَّهْوُ: ذُهُولٌ وَغَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا، وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ.
فَعَلَى هَذَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ النِّسْيَانِ، وَلَا مِرْيَةَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يُحْفَظُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ، وَسَلَّمَ مِنْ ثَلَاثٍ فَسَجَدَ، وَفِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْخَمْسَةُ يَعْنِي حَدِيثَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ بُحَيْنَةَ.
(وَلَا يُشْرَعُ فِي الْعَمْدِ) ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ» فَعَلَّقَ السُّجُودَ عَلَى السَّهْوِ لِأَنَّهُ شُرِعَ جُبْرَانًا، وَالْعَامِدُ لَا يُعْذَرُ، وَلَا يَنْجَبِرُ خَلَلُ صَلَاتِهِ بِسُجُودِهِ، بِخِلَافِ السَّاهِي، وَلِذَلِكَ أُضِيفَ السُّجُودُ إِلَى السَّهْوِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْجُدُ لِتَرْكِ الْقُنُوتِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ
وَالْفَرْضِ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ، فمَتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا عَمْدًا بَطَلَتِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لَهُ، وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً، فَلَمْ يَعْلَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَبْرُ بِسَهْوِهِ تَعَلَّقَ بِعَمْدِهِ كَجُبْرَانِ الْحَجِّ، وَجَوَابُهِ بِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ رُكْنٍ.
(وَيُشْرَعُ لِلسَّهْوِ فِي زِيَادَةٍ، وَنَقْصٍ، وَشَكٍّ) لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا وَرَدَ بِهِ فِي ذَلِكَ، فَدَلَّ أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ، لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
(لِلنَّافِلَةِ، وَالْفَرْضِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، فَشُرِعَ لَهَا السُّجُودُ كَالْفَرِيضَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، لِأَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي صُلْبِهَا، فَفِي جَبْرِهَا أَوْلَى، وَلَا فِي سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ شُرِعَ كَانَ الْجَبْرُ زَائِدًا عَلَى الْأَصْلِ أَوْ شُكْرًا، وَنَظَرَ إِلَى شَيْءٍ يُلْهِي، وَعَنْهُ: يَسْجُدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: اسْتِحْبَابًا، وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوٍ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ حَكَاهُ إِسْحَاقُ، لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى التَّسَلْسُلِ، وَكَذَا إِنْ سَهَا بَعْدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَكَثْرَةِ سَهْوٍ، حَتَّى يَصِيرَ كَوَسْوَاسٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى.
1 -
(فَأَمَّا الزِّيَادَةُ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ تَفْصِيلِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَحُكْمِهَا، ثُمَّ هِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: زِيَادَةُ أَقْوَالٍ، وَزِيَادَةُ أَفْعَالٍ، وَزِيَادَةُ الْأَفْعَالِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ (فَمَتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ قِيَامًا) أَيْ: يَقُومُ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ (أَوْ قُعُودًا) أَيْ: يَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ (أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا عَمْدًا بَطَلَتِ الصَّلَاةُ) إِجْمَاعًا، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ بِهَا يُخِلُّ بِنُظُمِ الصَّلَاةِ، وَيُغَيِّرُ هَيْئَتهَا، فَلَمْ تَكُنْ صَلَاةً، وَلَا فَاعِلُهَا مُصَلِّيًا (وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سُجِدَ لَهُ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَإِذَا زَادَ الرَّجُلَ أَوْ نَقَصَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ سَهْوٌ، فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ: سَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَجَدَ، بَلْ هِيَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى، فَشُرِعَ لَهَا السُّجُودُ لِيَنْجَبِرَ النَّقْصُ، لَكِنْ مَتَى ذَكَرَ عَادَ إِلَى تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: إِنْ زَادَ
حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، سَجَدَ لَهَا، وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ فِي الْحَالِ، وَتَشَهَّدَ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَسَجَدَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ اثْنَانِ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَقِيبَ رَكْعَةٍ جُلُوسًا يَسِيرًا، زَادَ جَمْعٌ: بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَهَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَيَبْطُلُ عَمْدُهُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " إِنْ جَلَسَ عَنْ قِيَامٍ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ، ثُمَّ ذَكَرَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ، قَالَ الْقَاضِي: سَوَاءٌ كَانَ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ أَطْوَلَ، لِأَنَّ صِفَتَهَا تُخَالِفُ صِفَةَ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَسْجُدُ، لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، وَلَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، إِلَّا إِذَا قُلْنَا تُجْبَرُ الْهَيْئَاتُ بِالسُّجُودِ، وَلِهَذَا عُلِّلَ بِتَغَايُرِ الْقَعُودَيْنِ فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَقِيلَ: إِنْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ، عَادَ، فَسَلَّمَ، وَبَطَلَ فَرْضُهُ، وَتَصِيرُ نَفْلًا، وَفِيهِ نَظَرٌ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَكَانَ مَوْضِعُ جُلُوسِهِ لِلْفَصْلِ، أَوِ التَّشَهُّدِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَتَى بِذَلِكَ، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ قَبْلَ السُّجُودِ، سَجَدَ كَذَلِكَ، وَإِنْ جَلَسَ لِلْفَصْلِ فَظَنَّهُ التَّشَهُّدَ، وَطَوَّلَهُ، لَمْ يَجِبِ السُّجُودُ، وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ سَهْوًا فَفَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ قَامَ أَوْ سَجَدَ فِيهَا إِكْرَامًا لِإِنْسَانٍ بَطَلَتْ.
(وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً) لِخَامِسَةٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ رَابِعَةٍ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ ثَالِثَةٍ فِي الْفَجْرِ (فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا سَجَدَ لَهَا) لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى خَمْسًا، فَلَمَّا انْفَتَلَ، قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ خَمْسًا فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتِيِ السَّهْوِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَإِنْ عَلِمَ) بِالزِّيَادَةِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ (جَلَسَ فِي الْحَالِ) بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْلِسْ لَزَادَ فِي الصَّلَاةِ عَمْدًا، وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لَهَا (وَتَشَهَّدَ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ) لِأَنَّهُ رُكْنٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (وَسَلَّمَ) لِتَكْمُلَ صَلَاتُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيُسَلِّمُ، وَفِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ إِنْ كَانَ تَشَهَّدَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
1 -
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَامَ إِلَى ثَالِثَةٍ نَهَارًا، وَقَدْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا، رَجَعَ إِنْ شَاءَ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَلَا يَسْجُدُ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا، وَكَمَا لَوْ قَامَ إِلَى ثَالِثَةٍ فِي الْفَجْرِ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ شُرِعَتْ رَكْعَتَيْنِ أَشْبَهَتِ الْفَجْرَ (وَإِنْ سُبِّحَ بِهِ) وَفِي " الْفُرُوعِ " نُبِّهَ، وَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ (اثْنَانِ) ثِقَتَانِ فَأَكْثَرَ، وَيَلْزَمُهُمْ تَنْبِيُهُهُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ " النَّظْمِ " احْتِمَالًا فِي الْفَاسِقِ كَأَذَانِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَفِي الْمُمَيِّزِ خِلَافٌ (لَزِمَهُ الرُّجُوعُ) إِلَيْهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ سَبَّحَا بِهِ إِلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا يَعْمَلُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ غُلِبَ عَلَى ظَنِّهِ صَوَابُهُمَا أَوْ خَطَؤُهُمَا، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عليه السلام رَجَعَ إِلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَمَرَ عليه السلام بِتَذْكِيرِهِ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَعَلَيْهَا يَعْمَلُ بِيَقِينِهِ أَوِ الْتحَرِي لَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى ثِقَةٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي زِيَادَةٍ، لَا مُطْلَقًا، وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: يَرْجِعُ إِلَى وَاحِدٍ يَظُنُّ صِدْقَهُ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ: إِنْ ظَنَّ صِدْقَهُ عَمِلَ بِظَنِّهِ، لَا بِتَسْبِيحِهِ، لَكِنْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي تَنْبِيهِهَا فَائِدَةٌ، وَلَمَا كُرِهَ تَنْبِيهُهَا بِالتَّسْبِيحِ، وَنَحْوِهِ، وظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِمَا، وَلَوْ تَيَقَّنَ صَوَابَ نَفْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ رِوَايَةً، كَالْحَاكِمِ يحكم بِالشَّاهِدَيْنِ، وَيَتْرُكُ يَقِينَ نَفْسِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِمَا
صَلَاتُهُ، وَصَلَاةُ مَنِ اتَّبَعَهُ عَالِمًا، فَإِنْ فَارَقَ أَوْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ.
وَالْعَمَلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حِينَئِذٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُمَا إِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَالْيَقِينُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " بِأَنَّهُ عَلِمَ خَطَأَهُمَا فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا فِيهِ، وَكَذَا يَقُولُ فِي الشَّاهِدَيْنِ، مَتَّى عَلِمَ الْحَاكِمُ كَذِبَهُمَا أَوْ غَلَطَهُمَا لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَا أَظُنُّ أَبَا الْخَطَّابِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَمُرَادُهُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي: يَتْرُكُ الْإِمَامُ الْيَقِينَ، وَمُرَادُهُ الْأَصْلُ، قَالَ: كَالْحَاكِمِ يَرْجِعُ إِلَى الشُّهُودِ، وَيَتْرُكُ الْأَصْلَ وَالْيَقِينَ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ، وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا بِرُؤْيَةٍ لِهِلَالٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا، وَيَتْرُكُ الْأَصْلَ وَالْيَقِينَ، وَهُوَ بَقَاءُ الشَّهْرِ.
فَرْعٌ: إِذَا اخْتَلَفَ الْجَمَاعَةُ عَلَيْهِ سَقَطَ قَوْلُهُمْ، كَالْبَيِّنَتَيْنِ إِذَا تَعَارَضَتَا، وَيَعْمَلُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَفِي وَجْهٍ - وَذَكَرَ فِي " الْوَسِيلَةِ " أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ - أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَنْ وَافَقَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ الْخَطَأَ، وَيَرْجِعُ مُنْفَرِدًا إِلَى يَقِينٍ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّ مَنْ فِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ تَحَفُّظًا قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ فِي الطَّوَافِ.
(فَإِنْ لَمْ يَرْجِعِ) الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) نُصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَمْدًا (وَصَلَاةُ مَنِ اتَّبَعَهُ عَالِمًا) عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ، كَمَا لَوِ اقْتَدَى بِمَنْ يَعْلَمُ حَدَثَهُ (فَإِنْ فَارَقَ) وَسَلَّمَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ، أَشْبَهَ مَنْ فَارَقَ إِمَامَهُ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ، وَعَنْهُ: يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وُجُوبًا، وَعَنْهُ: اسْتِحْبَابًا، وَعَنْهُ: يَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا، وَعَنْهُ: يُخْبَرُ الْمَأْمُومُ فِي انْتِظَارِهِ أَوِ اتِّبَاعِهِ، وَعَنْهُ: تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، وَمَعْنَى الْإِبْطَالِ أَنَّهَا تَخْرُجُ أَنْ تَكُونَ فَرْضًا بَلْ يُسَلِّمُ عَقِبَ الرَّابِعَةِ، وَتَكُونَ لَهُمْ نَفْلًا، ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ " عَنِ الْأَصْحَابِ (أَوْ كَانَ) مُتَّبِعُهُ (جَاهِلًا) وَسَاهِيًا (لَمْ تَبْطُلْ) عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ