الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْأَذَانِ وَهُمَا مَشْرُوعَانِ، لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ دُونَ غَيْرِهَا لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ،
وَهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِتَرْكِهَا، كَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ حَكَاهُ فِي " الشَّرْحِ " وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأُجِيبَ عَمَّا تَقَدَّمَ: عَلَى كُفْرِ النِّعْمَةِ أَوْ عَلَى مَعْنَى قَارَبَ الْكُفْرَ، فَعَلَيْهَا حُكْمُهُ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ السَّابِقَةُ، لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِذَا دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ طُمِسَ قَبْرُهُ، حَتَّى يُنْسَى، وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ تَحْقِيرًا لَهُ، وَزَجْرًا لِأَمْثَالِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ.
فَرْعٌ: الْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: إِنِ اعْتَقَدَ وَجُوبَهَا، وَصَلَّى ظُهْرًا أَرْبَعًا، وَقُلْنَا: هِيَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، لَمْ يَكْفُرْ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا تَرَكَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَالطَّهَارَةِ فَكَتَرْكِهَا، وَكَذَا مُخْتَلَفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَخَالَفَ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ غَيْرِهَا مِنْ زَكَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَحَجٍّ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ تَهَاوُنًا، وَكَسَلًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَيُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَيَأْتِي.
[بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]
[تَعْرِيفُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَشْرُوعِيَّتُهُمَا]
بَابُ الْأَذَانِ.
الْأَذَانُ: هُوَ فِي اللُّغَةِ الْإِعْلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أَيْ: إِعْلَامٌ، وَقَوْلِهِ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] أَيْ: أَعْلِمْهُمْ يُقَالُ: أَذَّنَ بِالشَّيْءِ يُؤَذِّنُ أَذَانًا وَتَأْذِينًا، وَأَذِينًا عَلَى وَزْنِ رَغِيفٍ: إِذَا أَعْلَمَ بِهِ، وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْأُذُنِ، وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ كَأَنَّهُ يُلْقِي فِي آذَانِ النَّاسِ مَا يُعْلِمُهُمْ بِهِ.
وَفِي الشَّرْعِ: الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قُرْبِهِ بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ، وَالْإِقَامَةُ: هِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ أَقَامَ، وَحَقِيقَتُهُ إِقَامَةُ الْقَاعِدِ، وَفِي الشَّرْعِ: الْإِعْلَامُ بِالْقِيَامِ إِلَيْهَا بِذِكْرٍ مَخْصُوصٍ، كَأَنَّ الْمُؤَذِّنَ أَقَامَ الْقَاعِدِينَ، وَأَزَالَهُمْ عَنْ قُعُودِهِمْ. إِعْلَامُ الْأَذَانِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، وَلِقَوْلِهِ: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْمُؤَذِّنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَلِقَوْلِهِ:«مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِمَامَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَمِنَ الْإِقَامَةِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَعَنْهُ: فَضَّلَهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ عَدَمَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهِ إِمَّا خَوْفُ تَغْيِيرِ صِيغَتِهِ، أَوْ تَوَهُّمُ سَامِعٍ أَنَّ ثَمَّ غَيْرَهُ مَوْصُوفًا بِذَلِكَ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " وَقِيلَ: إِنَّمَا تَرَكَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ لَزِمَ إِجَابَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ عَنْ دَعْوَتِهِ، مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي مَطَرٍ، وَبِلَّةٍ» . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ أَفْضَلُ (وَهُمَا مَشْرُوعَانِ) بِالْكِتَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 58] ، وَبِالسُّنَّةِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ النَّاسُ بِهِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ، طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؛ فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؛ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ، فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَيَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ لَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ، وَصَحَّحَهُ، وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فَذَكَرَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ (لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) وَفِي " الْفُرُوعِ " وَالْجُمُعَةِ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِدُخُولِهَا فِي الْخَمْسِ (دُونَ غَيْرِهَا) مِنْ فَائِتَةٍ وَمَنْذُورَةٍ، وَقِيلَ: بَلَى، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ الْمَفْرُوضَاتِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا، وَكَذَا عِيدٌ، وَكُسُوفٌ، وَاسْتِسْقَاءٌ بَلْ يُنَادَى لِذَلِكَ، وَأَلْحَقَ الْقَاضِي بِذَلِكَ التَّرَاوِيحَ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُنَادَى لَهَا كَالْجِنَازَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ.
فَرْعٌ: يُسَنُّ أَذَانٌ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ حِينَ يُولَدُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَغَيْرِهَا، وَيُقِيمُ فِي الْيُسْرَى.
(لِلرِّجَالِ) بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ، وَأَمَّا الْعَدَالَةُ فَسَيَأْتِي (دُونَ النِّسَاءِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ» رَوَاهُ النَّجَّادُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَأَنَسٍ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُ، لِأَنَّ الْأَذَانَ يُشْرَعُ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهَا، وَكَذَا الْإِقَامَةُ، لِأَنَّ مَنْ لَا يُشْرَعُ لَهُ الْأَذَانُ لَا تُشْرَعُ لَهُ الْإِقَامَةُ كَالْمَسْبُوقِ، وَعَنْهُ: يُسَنُّ لَهُنَّ، لِفِعْلِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَنْهُ: مَعَ خَفْضِ الصَّوْتِ، وَالْخُنْثَى كَامْرَأَةٍ.