الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ، وَرَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَافْتِرَاشُ الذِّرَاعَيْنِ فِي السُّجُودِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: أَوْ عَنْ يَسَارِهِ إِنْ سَهُلَ، قَالَ الْقَاضِي: يَمِينُهُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ جِهَةُ انْصِرَافِهِ غَيْرَهَا.
وَمِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ بَسْطُ يَدَيْهِ، وَرَفْعُهُمَا إِلَى صَدْرِهِ، وَكَشْفُهُمَا أَوْلَى، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ الدُّعَاءَ لِلرَّهْبَةِ بِظَهْرِ الْكَفِّ لِدُعَائِهِ عليه السلام فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْبُدَاءَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَخَتْمُهُ بِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُهُ، وَآخِرُهُ قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَوَسَطُهُ، وَسُؤَالُهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ مَأْثُورٍ، وَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَيُلِحُّ، وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا، وَلَا يَسْأَمُ مِنْ تَكْرَارِهِ فِي أَوْقَاتٍ، وَلَا يُعَجِّلُ، وَيَنْتَظِرُ الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَنِبُ السَّجْعَ، وَسُئِلَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْقُرْآنِ سَجْعٌ؛ فَأَجَابَ بِالْجَوَازِ، قَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ: لَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا كَانَ أَحْسَنَ، وَلَا يُعْتَدُّ فِيهِ، وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، وَيَعُمُّ، وَيُؤَمِّنُ الْمُسْتَمِعُ، وَتَأْمِينُهُ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ، وَخَتْمِهِ بِهِ مُتَّجِهٌ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ خِلَافُهُ، وَشَرْطُهُ الْإِخْلَاصُ، قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مِنَ الْأَدَبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَبْعُدُ إِجَابَتُهُ إِلَّا مُضْطَرًّا أَوْ مَظْلُومًا، «وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
[مَكْرُوهَاتُ الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ (وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ) ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمَا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ:«سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا قَالَ:«إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ» ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا الْفَرِيضَةِ، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ بِهِ خَارِجًا وَجْهُهُ عَنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ الْكَرَاهَةُ، وَيُسْتَثْنَى
وَالْإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ، وَهُوَ أَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْهِ، وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنْهُ مَا إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى، وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِيهِ:«وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَيْهِ يَحْرُسُ» ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَدبرَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِجُمْلَتِهِ، أَوْ يَسْتَدْبِرَهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ يختلف اجتهاده فِيهَا، أَوْ فِي شِدَّةِ خَوْفٍ، فَإِنِ اسْتَدَارَ بِصَدْرِهِ مَعَ وَجْهِهِ لَمْ تَبْطُلْ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُؤَلِّفُ خِلَافًا لِابْنِ تَمِيمٍ، وَغَيْرِهِ (وَرَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ) وِفَاقًا لِمَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُنَّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَذَا يُكْرَهُ تَغْمِيضُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ يُغَيِّرُ هَيْئَةَ الْمُصَلِّي، وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِلنَّوْمِ، فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ فَلَا، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: إِنْ نَظَرَ أَمَتَهُ عُرْيَانَةً غَمَّضَ عَيْنَيْهِ (وَافْتِرَاشِ الذِّرَاعَيْنِ فِي السُّجُودِ) أَيْ: يَمُدُّهُمَا عَلَى الْأَرْضِ مُلْصِقًا لَهُمَا بِهَا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَهُ (وَالْإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الْأَوْلَى، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، وَيَقْعُدُ عَلَى مَقْعَدَتِهِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«نَهَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الِافْتِرَاشِ الْمَسْنُونِ فِعْلًا، وَقَوْلًا، فَكَانَ مَكْرُوهًا، وَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي فِي " شَرْحِهِ الصَّغِيرِ ": تَبْطُلُ بِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَعَنْهُ: هُوَ جَائِزٌ، رَوَى مُهَنًّا عَنْهُ: لَا أَفْعَلُهُ، وَلَا أَعِيبُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهُ، الْعَبَادِلَةُ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ (وَهُوَ أَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْهِ، وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ) كَذَا فَسَّرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي " و" الْفُرُوعِ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَأَمَّا عِنْدَ الْعَرَبِ: فَهُوَ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخْذَيْهِ مِثْلَ إِقْعَاءِ الْكَلْبِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِقْعَاءِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ لَا يَمُدَّ ظَهْرَيْ قَدَمَيْهِ، وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ أَوْ بَيْنَهُمَا عَلَى أَلْيَتَيْهِ أَوْ يَنْصِبَ قَدَمَيْهِ، وَيَجْلِسَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَيْهِمَا، أَوْ يَفْرِشُهُمَا، وَيَجْلِسُ عَلَيْهِمَا، أَوْ يَجْلِسُ عَلَى وَرِكَيْهِ، وَأَلْيَتَيْهِ مَعَ نَصْبِ رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخْذَيْهِ، وَذَكَرَ فِي " الرِّعَايَةِ " رِوَايَةَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ يُسَنُّ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ) لِقَوْلِ طَاوُسٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ قَالَ: قُلْنَا إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً، فَقَالَ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1 -
مَسْأَلَةٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ جَالِسٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى الْجِدَارِ، وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهُ يُزِيلُ مَشَقَّةَ الْقِيَامِ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ، «لِأَنَّهُ عليه السلام لَمَّا أَسَنَّ، وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ، اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ لَوْ أُزِيلَ لَمْ يَصِحَّ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَا بَأْسَ بِالِاسْتِنَادِ إِلَيْهِ، وَحُمِلَ عَلَى الْحَاجَةِ.
1 -
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَهُوَ حَاقِنٌ) أَيْ: بَوْلَهُ سَوَاءٌ خَافَ الْجَمَاعَةَ أَوْ لَا، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهَا مَعَ الْمُدَافَعَةِ، وَلِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ خُشُوعِ الصَّلَاةِ، وَحُضُورِ قَلْبِهِ فِيهَا، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا لَوْ صَلَّى وَقَلْبُهُ مَشْغُولٌ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَعَنْهُ: يُعِيدُ، وَعَنْهُ: إِنْ أَزْعَجَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ إِذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَفِي مَعْنَاهُ الْحَاقِبُ، وَهُوَ الَّذِي احْتَبَسَ غَائِطُهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي " الْفُرُوعِ " أَشْمَلُ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْفَتْحِ: وَفِي مَعْنَاهُمَا مَنْ بِهِ رِيحٌ مُحْتَبِسَةٌ، فَتَجِيءُ الرِّوَايَاتُ، وَحُكْمُ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ الْمُفْرِطِ كَذَلِكَ، قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّمَا جَمَعَ بَيْنهمَا الشَّارِعُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَكَذَا قَالَ: يُكْرَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ بِخُشُوعِهَا كَحَرٍّ، وَبَرْدٍ، لِأَنَّهُ يُقْلِقُهُ (أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْوَجِيزِ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ أَشْبَهُ بِالِاتِّبَاعِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَابْنِهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلِلْبُخَارِيِّ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرَغَ، وَإِنَّهُ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ. وَهَذَا مَا لَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ، فَإِنْ ضَاقَ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا تَائِقًا لِطَعَامٍ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ لَا، لِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ، حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَعَلَى هَذَا إِنْ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ صَحَّتْ إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالطَّعَامِ رُخْصَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهَا صَحَّتْ كَسَائِرِ الرُّخَصِ.
(وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ) «لِأَنَّهُ عليه السلام رَأَى رَجُلًا يَعْبَثُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ
وَالتَّخَصُّرُ وَالتَّرَوُّحُ وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ وَتَشْكِيلُهَا.
وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَدُّ الْآيِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَلْبُ هَذَا لَخَضَعَتْ جَوَارِحُهُ» قَالَ فِي " الْهِدَايَةِ " لِلْحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّ الْعَبَثَ حَرَامٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَمَا ظَنُّكَ بِهِ فِيهَا، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ (وَالتَّخَصُّرُ) هُوَ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْخُضُوعَ وَالْخُشُوعَ، وَيَمْنَعُ مِنْ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ، وَتُكْرَهُ صَلَاةُ الْحَازِقِ مِنْ ضِيقِ الْخُفِّ، وَمَنْ لَا يَعْقِلُ غَالِبًا، كَخَوْفٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ إِزْعَاجٍ، وَتَخْبِيطٍ، وَنَحْوِهِ (وَالتَّرَوُّحِ) بِمِرْوَحَةٍ، وَنَحْوِهَا، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَطَاءٌ، لِأَنَّهُ مِنَ الْعَبَثِ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ " و" الْفُرُوعِ " إِلَّا لِحَاجَةٍ كَغَمٍّ شَدِيدٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَتُكْرَهُ كَثْرَتُهُ، لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ (وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ) لِمَا رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا تُفقِّعْ أَصَابِعَكَ، وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. (وَتَشْبِيكُهَا) لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الَّذِي يُصَلِّي، وَهُوَ مُشَبِّكٌ أَصَابِعَهُ: تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
1 -
مَسَائِلُ: يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ مَا يُلْهِيهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي كِتَابٍ، وَأَنْ يَلُفَّ شَعْرَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ يُصَلِّيَ وَهُوَ مَعْقُوصُ الشَّعْرِ، وَلَوْ فَعَلَهُمَا لِعَمَلٍ قَبْلَ صَلَاتِهِ، أَوْ مَكْتُوفَ